نبيل عبد السلام: نقيب المحامين يستطيع التأثير في البيئة التشريعية بالوطن العربي
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
قال المستشار نبيل عبد السلام، المحامي بالنقض والدستورية والإدارية العليا ومحاكم الجنايات، ومقرر لجنة الحريات بالنقابة العامة للمحامين، إن إصلاح أحوال المحامين يبدأ بإصلاح نقابتهم.
وأكد "عبد السلام"، خلال كلمته في الندوة التثقيفية القانونية التي أقيمت بنادي النصر الرياضي بمصر الجديدة، بحضور المستشار أشرف لطفي، رئيس النادي وعدد من فقهاء القانون والمحامين، حول قانون المحاماة ودور ورسالة المحامين ونقابتهم وضرورة الاهتمام بشباب المحامين تثقيفًا وتدريبًا وتطويرًا لمهاراتهم، على أهمية أن تتضمن أي مبادرة إصلاحية لأحوال المحامين ونقابتهم تعديل قانون المحاماة كونه هو الذي ينظم عمل المحامي ويضبط أدائه لمهام وظيفته، وينظم علاقة نقابة المحامين بأبنائها بواجباتهم نحوهم وواجباتهم نحو نقابتهم، وينظم كذلك علاقة المحامين ونقابتهم بالدولة ومؤسساتها.
وأوضح أن قانون المحاماة تعرض الفترة الأخيرة إلى تقطيع وتمزيق ما يستوجب التدخل تشريعياً للبناء على الجيد فيه واستبعاد المواد التي أحالته جسداً ميتاً لا يبنى عليها ويتحتم تغييرها واستبعادها، حيث أنه وبحسبان قانون المحاماة فإن نقابة المحامين معنية بكل قضايا الوطن والمواطنين.
وأشار إلى أن قانون المحاماة يمثل تعديله مطلبا ملحا لإصلاح حال المحامين ونقابتهم، إذ أنه وبنص القانون فإن نقابة المحامين تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة ومحاموها يمارسون عملهم بحرية واستقلال، داعيا إلى تشكيل لجنة تأسيسية من فقهاء القانون فى أقسامه المختلفة للاطلاع لوضع التعديلات التشريعية اللازمة للقانون، خاصة فيما يتعلق بمدد المكوث في المنصب التي استحالت تأبيداً وتكريساً للأشخاص في النقابة، وكذلك دورية الإجتماعات وتشكيل المجلس وتشكيل اللجان ودور النقيب بحسبانه الممثل الوحيد والحصري للنقابة والمحامين في الدولة وخارجها، وكذلك التغييرات التشريعية المطلوبة فيما يخص الموائمة مع قانون الإجراءات الجنائية رقم 1 لسنة 2024 المعني بمثول المحامي الابتدائي أمام محاكم الجنايات أول درجة.
ولفت إلى أنه حال إجراء هذه التعديلات التشريعية فإن نقيب المحامين يستطيع التأثير في البيئة القانونية والتشريعية بمصر والوطن العربي كونه نقيباً للمحامين العرب، مؤكدا أن إصلاح أحوال المحامين ونقابتهم يبدأ بترتيب البيت من الداخل والتفاف شيوخ المحامين حول نقابتهم وقضاياها، داعياً إلى الاهتمام والرعاية والتدريب لشباب المحامين المقيدين بجداول النقابة، بداية من المحامي الجزئي الذي يمثل اللبنة الأولى في بناء نسيج العائلة القانونية، ولا يليق النظر إليه وقتياً بحسبانه يمثل صوتاً انتخابياً ينتهي دوره ويتوقف الاهتمام به بعد موسم الانتخابات.
واختتم أن المحاماة رسالة تستدعي أن يؤمن أبناؤها بهذه الرسالة ليكونوا قدوة لغيرهم من المجتمع في احترام القانون والتزام أحكامه، مؤكداً أن إصلاح أحوال المحاماة والمحامين ونقابتهم لن يأتي إلا بإيمان عميق من شيوخها وشبابها، محذراً أن الشأن النقابي والمهني مسئولية جميع المحامين، ولا ينبغي أن تكون حدود عالم شيوخ المحامين جدران مكاتبهم، وأن تكون نقابتهم ومهنتهم الأولوية الأولى وشغلهم الشاغل، لأن الإصلاح والتغيير أمانتهم ومناط إرادتهم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المستشار نبيل عبد السلام قانون المحاماة قانون المحاماة
إقرأ أيضاً:
عندما تستضيف جامعة ييل بن غفير فقل على القانون السلام
لا يختلف اثنان على أن الولايات المتحدة الأمريكية تعد القوة الاقتصادية والعسكرية الأولى في العالم، ولكنها تملك كذلك قوة لا تقل أهمية عن هذه القوى، وهي قوتها الناعمة. ومفهوم القوة الناعمة Soft Power صاغهُ جوزيف ناي - وهو أستاذ أمريكي للعلوم السياسية وعميد سابق لمدرسة جون كيندي الحكومية في جامعة هارفارد Harvard University، الذي تولى عدة مناصب رسمية منها، مساعد وزير الدفاع للشؤون الأمنية الدولية في حكومة بيل كلينتون، ورئيس مجلس الاستخبارات الوطني - لوصف القدرة على الجذب والضم دون الإكراه أو استخدام القوة كوسيلة للإقناع. وصاغ جوزيف ناي هذا المصطلح في كتابه الصادر عام ١٩٩٠م بعنوان «مُقدرة للقيادة: الطبيعة المتغيرة للقوة الأمريكية». وقام لاحقا بتطوير هذا المفهوم في كتابه الصادر عام ٢٠٠٤م بعنوان «القوة الناعمة: وسائل النجاح في السياسة الدولية». وتعني القوة الناعمة، أن يكون للدولة قوة معنوية من خلال ما تجسده من أفكار ومبادئ وأخلاق، ومن خلال كذلك الدعم في مجالات عدة، منها حقوق الإنسان والثقافة والعلوم والبحوث العلمية والفنون، وكذلك البنية التحتية، ما يؤدي بالآخرين إلى الإعجاب والتأثر بهذه العناصر في هذه الدولة والانجذاب لها. ومن أهم عناصر القوة الناعمة الأمريكية التي تفوقت بها على دول العالم الأخرى هي مؤسسات التعليم العالي. حيث تعد الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية واحدة من أهم عناصر القوة الاستراتيجية الناعمة لأمريكا، فمن بين أفضل ١٠٠ جامعة في العالم تستحوذ الولايات المتحدة على أكثر من ٧٠٪ منها. ومن هذه الجامعات، جامعة هارفارد، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT، وجامعة ييل، وجامعة كولومبيا، وجامعة ستانفورد، وغيرها من الجامعات. وكما هو معروف يعد مجال القانون من أعرق التخصصات الأكاديمية في الولايات المتحدة والعالم. وتعد جامعة ييل Yale University التي تأسست عام ١٧٠١م، وتحديدا كلية القانون في الجامعة، والتي تأسست عام ١٨٢٤م من أكثر كليات القانون نخبوية وصعوبة في القبول في الولايات المتحدة والعالم. حيث تبوأت -حسب بعض مؤسسات التقييم في مرحلة من المراحل- المركز الأول في دراسة القانون على مستوى كل الجامعات الأمريكية. وأخرجت هذه الكلية للعالم عدد كبير من أساتذة القانون الدستوري والقانون الدولي والقضاء، وكذلك عدد كبير من كبار الساسة في العالم، كرؤساء دول -كالرئيس جيرالد فورد والرئيس جورج بوش الأب والرئيس بيل كلينتون- ورؤساء حكومات ووزراء ورؤساء جامعات وغيرهم. حتى أصبح يشار لخريجي كلية القانون من جامعة ييل بالبنان. لكن، عندما استضافت هذه الجامعة العريقة بتاريخ ٢٣ إبريل الحالي شخصية مجرمة عنصرية منبوذة دوليا، كإيتمار بن غفير، الذي يشغل منصب وزير الأمن القومي في الكيان الصهيوني الفاشي منذ ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٢م حتى تاريخه - تخللتها فترة إستقالة قصيرة -، وهو زعيم حزب عوتزما يهوديت «القوة اليهودية»، وهو حزب كاهاني عنصري متطرف معادٍ للعرب والفلسطينيين والمسلمين، ويعمل بكل تطرف على طرد الفلسطينيين من أراضيهم. وواقع وتاريخ بن غفير وحزبه المتطرف اختزلته صحيفة هاآرتس العبرية، عندما علقت على نجاحه في انتخابات الكنيست التي جرت في نوفمبر ٢٠٢٢م، بـ «اليوم الأسود في تاريخ إسرائيل». وقد اكتسب بن غفير سمعته السيئة هذه، عندما هدد في المظاهرات التي سبقت اغتيال إسحاق رابين عام ١٩٩٥م بتصفيته. وأسس بعدها مع باروخ مارزيل لجنة يمينية عنصرية، دعت لإطلاق سراح ليغآل عامير قاتل رابين. وبحلول شهر فبراير من عام ٢٠٠٩م تم توجيه ٤٦ لائحة اتهام ضد بن غفير -أُدين بـ ٨ منها-، منها: الشغب، وتخريب الممتلكات، وعرقلة عمل ضباط الشرطة، وحيازة مواد دعائية للمنظمات الإرهابية، والتحريض على العنصرية، ودعم منظمة إرهابية. وبعد ٦ سنوات تم توجيه ٧ لوائح اتهام أخرى ضده، بمجموع ٥٣ لائحة اتهام. وقبل ذلك رفض الجيش الصهيوني - الذي يعد أسوأ جيوش العالم أخلاقيا - تجنيد بن غفير عندما بلغ سن ١٨ عاما، بسبب سجله الجنائي السيئ. ويشرف بن غفير بنفسه على مسالخ التعذيب في السجون والمعتقلات الصهيونية بحق ١١ ألفا من المعتقليين الفلسطينيين في هذه السجون والمعتقلات سيئة السمعة والتي تقوم بشتى أنواع التعذيب وإنتهاك الكرامة، بحق هؤلاء الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال الفلسطينيين. ويعد حاليا بن غفير من أكثر الشخصيات السياسية في الكيان الصهيوني احتقارا للقانون، وتحديدا القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وهو دائم التحريض -وبشكل علني- على قتل الفلسطينيين المدنيين العزل في قطاع غزة وهدم ممتلكاتهم وتهجيرهم وتجويعهم حتى الموت - حيث بلغ عدد الشهداء فيه حتى الآن ما يقارب ٥٢ ألف شهيد و ١١٢ ألف جريح-، ويكيل الشتائم بشكل دائم للمحكمة الجنائية الدولية، ولكل الشخصيات السياسية والمؤسسات الحقوقية في العالم، التي تنتقد قيام الكيان الصهيوني بخرق اتفاقيات جنيف الأربع لعام ١٩٤٩م -القانون الدولي الإنساني-، والإبادة الجماعية، والجرائم التي يتعرض لها سكان غزة والتي بدأت تطال بشكل آخر سكان الضفة الغربية.
وأنا هنا أتساءل؟ كيف سيبرر كبار أساتذة القانون لطلبتهم في جامعة ييل مكانة وسيادة القانون؟ وهم يرون أن هذه الجامعة العريقة تستضيف مجرما متطرفا عنصريا خارجا عن القانون كـ بن غفير؟ الذي يُجمع حتى الداخل الإسرائيلي على تطرفه وعنصريته وإجرامه. إن مثل هذه التصرفات التي تقوم بها الإدارة الأمريكية وبعض المؤسسات التعليمية الأمريكية العريقة، من تعصب أعمى للكيان الصهيوني، واستخدام كل الوسائل لتكميم الأفواه وتجريم كل من ينتقد هذا الكيان -الذي لا يخفي إجرامه واحتقاره للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني- يعد بمثابة هدم متعمد لقوة ناعمة أمريكية عظيمة. وهي قوة إستقلالية هذه المؤسسات التعليمية ورقيها وتحضرها واحترامها لحقوق الإنسان، والذي كشفت أزمة غزة حقيقتها. وأنها مجرد شعارات ليس لها واقع على الأرض عندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني المحتل المجرم.
خالد بن عمر المرهون متخصص في القانون الدولي والشؤون السياسية.