كيفية قضاء الصيام عن الميت وهل يجوز إخراج فدية .. دار الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
ما كيفية قضاء الصيام عن الميت؟ حكم قضاء الصيام عن الميت، خاصة ممن ترك الصيام لعذر من سفر أو مرض يرجى برؤه -شفاؤه-، لزمه قضاؤه، فإن مات دون أن يقضيه، مع تمكنه من القضاء، بقي الصيام في ذمته، واستحب لأوليائه أن يصوموا عنه، لحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» رواه البخاري (1952) ومسلم (1147).
وأما عن قضاء الصيام عن الميت فإن مات قبل أن يتمكن من القضاء، كمن استمر به المرض حتى مات ، فلا شيء عليه، ولا يقضي أولياؤه عنه شيئًا، ومن ترك الصيام تفريطًا وإهمالًا، ولم يكن له عذر، فهذا لا يلزمه القضاء ولا يصح منه، لفوات وقته.
قضاء الصيام عن الميت
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إنه إذا أفطر الصائم بعذرٍ واستمر العذر إلى الموت فقد اتّفق الفقهاء على أنّه لا يصام عنه ولا فدية عليه؛ لعدم تقصيره، ولا يلحقه إثم؛ لأنّه فرض لم يتمكّن من فعله إلى الموت فسقط حكمه، كالحجّ.
وأضاف مفتى الجمهورية، أنه أمّا إذا زال العذر وتمكّن من القضاء ولكنه لم يقض حتّى مات فللفقهاء فيه قولان: فالجمهور من الحنفية والمالكية والجديد من مذهب الشافعية وهو المذهب عند الحنابلة يرون أنه لا يُصام عنه بعد مماته بل يُطعَم عنه عن كل يوم مدٌّ؛ لأنّ الصوم لا تدخله النّيابة في الحياة، فكذلك بعد الوفاة، كالصّلاة.
وتابع: “وذهب أصحاب الحديث وجماعة من السلف كطاوس والحسن البصري والزهري وقتادة وأبوثور، والإمام الشّافعيّ في القديم،- وهو معتمَد المذهب الشافعي والمختار عند الإمام النّوويّ، وقول أبي الخطّاب من الحنابلة-: إلى أنّه يجوز لوليّه أن يصوم عنه، زاد الشّافعيّة: ويجزئه ذلك عن الإطعام، وتبرأ به ذمّة الميّت، ولا يلزم الوليَّ الصّومُ بل هو إلى اختياره وإن كان أَولَى من الإطعام”.
وواصل: "ولِمَا رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها عن النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ»، ورويا أيضًا من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ فَقَالَ: «لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟»، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى».
وأكمل: “أما الإمام أحمد والليث وإسحاق وأبوعبيد فقالوا: لا يُصام عن الميت إلا النذر فقط؛ حملًا للعموم في حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها على خصوص حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي بينت رواياتُه أنه صوم نذر، والمراد بالولي الذي له أن يصوم عن الميت: القريب مطلَقًا، ويجوز للأجنبي عن الميت أن يصوم عنه بإذن وَلِيِّه”.
هل يجوز الصيام عن زوجي لأنه مريض ولم يصم رمضان ولم يخرج الكفارة؟.. سؤال أجاب عنه الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، وذلك خلال لقائه بفتوى مسجلة له، عبر صفحة الإفتاء المصرية على موقع “يوتيوب”.
ورد الشيخ أحمد ممدوح، على السؤال قائلًا إنه لا يجوز لأحد أن يصوم بالنيابة عن أحد آخر وهو حى، إنما إذا كان زوجك مريض بمرض مزمن لا يستطيع ان يصوم أبدًا فحينئذ يجب عليه أن يخرج فدية إطعام مسكين عن كل يوم.
وأضاف: “أما إذا كان يمكنه الصيام وقتًا إلى وقت فإنه فى هذه الحالة إذا عجز عن الصيام الآن فلو عاد أن يقضيه عن وقت آخر عند القدرة عليه”.
حكم صيام المرأة عن زوجها المتوفى
قال الشيخ محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن ترك الصيام لعذر من سفر أو مرض يرجى برؤه، لزمه قضاؤه، فإن مات دون أن يقضيه، مع تمكنه من القضاء، بقي الصيام في ذمته، واستحب لأوليائه أن يصوموا عنه؛ لحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ".
وأضاف عبد السميع، فى إجابته عن سؤال "حكم قضاء الصيام عن المتوفى الذي لم يصم لعذر أو لغير عذر؟"، أنه يجوز للمرأة أن تصوم عن زوجها الأيام التى لم يصمها فى رمضان، فلا مانع أن تصوم وتنوي فى صيامها أن هذا الصيام عن زوجها.
وأشار إلى أن من بين الأعمال التي يصل ثوابها للميت: "الصدقة وتلاوة القرآن والحج والعمرة والصوم، أما الصلاة فلا يجوز أن يقضيها عنه لأن الصلاة عبادة وصلة بين العبد وربه لا يستطيع أحد أن يؤديها عن غيره".
حكم صيام وصلاة المرأة عن زوجها المتوفى
حكم قضاء الصوم والصلاة عن الميت، سؤال أجاب عنه الشيخ على فخر، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية.
وأوضح فخر، قائلًا: “الصيام الذى فات منه وهو على قيد الحياة لا نصوم عنه بل نخرج عن كل يوم إطعام مسكين، أما الصلاة فإذا كان غير قادر على أدائها وكان مريضًا فى أخر أيامه وذهب عقله ولا يستطيع أن يميز بين الأمور فهو بذلك غير مكلف، فإذا توفى وهو على هذا الحال فحتى الصلاة التى لم يصليها هو غير مطالب وغير مكلف بأدائها فلا شئ عليه فى ذلك”.
فضل الصيام
خصَّ الله عز وجل عبادة الصيام من بين العبادات بفضائل وخصائص عديدة، منها:
أولًا: أن الصوم لله عز وجل وهو يجزي به، كما ثبت في البخاري (1894)، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».
ثانيًا: إن للصائم فرحتين يفرحهما، كما ثبت في البخاري ( 1904 ) ، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ».
ثالثًا: إن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، كما ثبت في البخاري (1894) ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله عز وجل يوم القيامة من ريح المسك».
رابعًا: إن الله أعد لأهل الصيام بابا في الجنة لا يدخل منه سواهم، كما ثبت في البخاري (1896)، ومسلم (1152) من حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ».
خامسًا: إن من صام يومًا واحدًا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عامًا، كما ثبت في البخاري (2840)؛ ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ عبدٍ يصومُ يوْمًا في سبِيلِ اللَّهِ إلاَّ بَاعَدَ اللَّه بِذلكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خريفًا»
سادسًا: إن الصوم جُنة «أي وقاية» من النار، ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام جُنة»، وروى أحمد (4/22) ، والنسائي (2231) من حديث عثمان بن أبي العاص قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الصيام جُنة من النار، كجُنة أحدكم من القتال».
سابعًا: إن الصوم يكفر الخطايا، كما جاء في حديث حذيفة عند البخاري (525)، ومسلم ( 144 ) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
ثامنًا: إن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، كما روى الإمام أحمد (6589) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ».
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الصيام الميت صلى الله علیه وسلم الإفتاء المصریة من القضاء رضی الله عن زوجها ی الله ع ى الله ع الله عن ن یصوم
إقرأ أيضاً:
ما حكم سداد ورثة الكفيل الدَّين المؤجل على الميت؟.. «الإفتاء» توضح
أوضحت دار الإفتاء المصرية، عبر موقعها الرسمي، حكم سداد ورثة الكفيل الدَّين المؤجل على الميت بالكفالة بمجرد وفاته.
وقالت دار الإفتاء، إن كفالة الدَّين لا تنقضي بموت الكفيل، بل ينتقل التزامه بأداء الدَّين المكفول إلى تركته، وتنتقل مطالَبَةُ الدائن به إلى ورثة الكفيل في موعد السداد لا قَبْل ذلك.
وأوضحت «الإفتاء»، أن وَرَثة الرجل المذكور (الكفيل) لا يجب عليهم سدادُ ذلك الالتزام فَورَ وفاة أبيهم، بل يثبت للدائن حقُّ مطالبتهم به مِن تركةِ أبيهم المتوفى عند حلول أجَلِ الدَّين إذا لم يسدِّده له عمُّهم (المَدِين)، ثم يعودون على عمِّهم بما سَدَّدُوه.
تفصيل الفتوىحثت الشريعة الإسلامية على التعاون والتآزر، فقال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2]، و"البِرُّ: اسمٌ جامعٌ للطاعات وأعمالِ الخير المقرِّبة إلى الله تعالى"، كما قال الإمام فخر الدين الرَّازِي في "مفاتيح الغيب" (5/ 213، ط. دار إحياء التراث العربي).
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ.. الحديث» متفقٌ عليه.
والضمان أو الكفالة -وما يلحق بهما مِن مرادِفات كالحَمَالة، والزَّعَامة، والقَبَالة، ونحوها مما يُنبئ عن العُهدة في العُرف والعادة- وجهٌ مِن أوجُه التعاون والمعروف الذي فيه مساعدة الناس وقضاء حوائجهم، كما في "البحر الرائق" للإمام زين الدين ابْن نُجَيْم الحنفي (6/ 226، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"إرشاد السالك" للإمام شهاب الدين ابن عَسْكَرٍ المالكي (ص: 96، ط. مصطفى البابي الحلبي)، و"أسنى المطالب" لشيخ الإسلام زَكَرِيَّا الأَنْصَارِي الشافعي (2/ 235، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"الإنصاف" للإمام علاء الدين المرْدَاوِي الحنبلي (13/ 7، ط. هجر).
والمراد بالضمان: "ضَمُّ ذمَّةِ الضَّامِن إلى ذمَّةِ المضمونِ عنه في التزام الحقِّ، فيثبُت في ذمتهما جميعًا، ولصاحب الحقِّ مطالبةُ مَن شاء منهما"، كما قال الإمام ابن قُدَامَة في "المغني" (4/ 399، ط. مكتبة القاهرة).
وعقد الضمان أو الكفالة مِن عقود التبرعات الجائزة ابتداءً والملزِمَةِ شرعًا انتهاءً لمن يصحُّ منه تلك التصرفات المالية، لقول الله تعالى حكايةً لقول المنادي على إخوة سيدنا يوسف عليه السلام: ﴿وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ [يوسف: 72].
قال الإمام ابن جُزَيٍّ الغِرْنَاطِي في "التسهيل لعلوم التنزيل" (1/ 392، ط. دار الأرقم): [﴿زَعِيمٌ﴾ أي: ضامنٌ لحِمْلِ البعير لمن ردَّ الصُّوَاع، وهذا مِن كلام المُنادي] اهـ.
وعن أبي أُمَامَة البَاهِلِي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الدَّيْنُ مَقْضِيٌّ، وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ.. الحديث» أخرجه الإمامان: أبو داود والترمذي في "السنن".
و"الغارم": هو "مَن لزِمه غرامةٌ، يعني: مَن ضمن دينَ أحدٍ لزمه أداءُ ذلك الدين"، كما قال العلَّامة الحُسين المُظْهِرِي في "المفاتيح في شرح المصابيح" (3/ 489، ط. دار النوادر).
كما نقل غير واحدٍ مِن الأئمة والعلماء الإجماع على مشروعيتها، قال الإمام ابن المنذر في "الإشراف" (6/ 233، ط. مكتبة مكة الثقافية): [أجمع أهل العلم على أنَّ الرجل إذا ضمِنَ عن الرَّجلِ مالًا معلومًا بأمرِه لرجُلٍ، أن الضمان لازمٌ له، وله أن يأخذه بما ضمِن عنه] اهـ.
ومن أحكام الكفالة بالمال: أنَّها لا تنفسخ بموت الكفيل أو الضامن، بل يثبت حقُّ الكفالةِ بعد موتهِ في مال تركته إن كان له تركةٌ تفي بهذا الحق، لأنَّ ماله يصلح للوفاء بمثل هذا الالتزام.
قال الإمام زين الدين ابن نُجَيْم في "البحر الرائق" (6/ 230): [الكفيل بالمال إذا مات لا تَبطُل، لأنَّ حكمها بعد موتِه ممكنٌ] اهـ.
فإذا مات الضامن قبل حلول أجل الدين -كما هي مسألتنا- فالمختار للفتوى أن الالتزام بالضمان يبقى في تركته وينتقل إلى ورثتِهِ، لكن دون أن يَحل أجل الدَّين، بل يبقى الدَّين مؤخَّرًا إلى أجَلِه، لأنَّه كما يبقى مؤجَّلًا في حقِّ المكفول عنه فإنه يؤجَّل في حقِّ الكفيل أيضًا، والتأجيل حقٌّ من حقوق الكفيل فلا يَبطُل بموته كسائر حقوقه، ولا أثر لموته على الكفالةِ، إذ تعلَّق الضمان بمالهِ، وهو صالحٌ للوفاء، وهو ما ذهب إليه الحنابلة في المشهور، والإمام زُفَرُ مِن الحنفية، ونصَّ عليه شيخ الشافعية القاضي يوسف ابن كَجٍّ الدِّينَوَرِي.
قال الإمام برهان الدين ابن مُفْلِح الحنبلي في "المبدع في شرح المقنع" (4/ 244، ط. دار الكتب العلمية): [(وإن مات المضمونُ عنه، أو الضامنُ، فهل يَحِلُّ الدَّين؟ على روايتين) أشهَرُهُما: لا يَحِلُّ، لأن التأجيلَ حقٌّ من حقوق الميت، فلم يَبطُل بموته كسائر حقوقه بشرطه. قاله في "الوجيز"] اهـ.
وقال الإمام كمال الدين ابن الهُمَام الحنفي في "فتح القدير" (7/ 170، ط. الحلبي): [وعن زُفَرَ: لا يَحِلُّ بموت الكفيل، لأنه مؤجَّلٌ على الكفيل أيضًا] اهـ.
وقال الإمام الرَّافِعِي الشافعي في "العزيز شرح الوجيز" (5/ 172، ط. دار الكتب العلمية): [ولو مات الضامن.. نقل القاضي ابن كَجٍّ وجهًا آخَر أنَّه لا يَحِلُّ على الضَّامِن كما لا يَحِلُّ على الأصيلِ] اهـ.
وعدم انقضاء الكفالة أو عدم حلول أجَلِ الدَّين المؤجَّل المكفول بموت الكفيل قَبْلَ أجَل السداد هو المقرَّرُ قضاءً، حيث جاء في الطعن رقم (1508 لسَنَة 50 قضائية)، بجلسة: 2/3/1987م، ما نصُّه: [التزام الكفيل لا يَنقَضِي بموتِهِ، وإنما يبقى هذا الالتزام في تركتِه، وينتقل إلى ورثَتهِ] اهـ.
وهو ما قرره كذلك مِن قَبْلُ شُرَّاحُ القانون المدني المصري.
قال العلامة عبد الرَزَّاق السَّنْهُورِي في "حاشيته على الوسيط في شرح القانون المدني" (10/ 235، ط. دار إحياء التراث العربي): [أمَّا موتُ الكفيلِ فلا تنقضي به الكفالةُ، بل يبقى التزامُ الكفيل في تركته. وفي التقنينات التي يَرِثُ فيها الورثةُ دَين مورِّثهم، ينتقل التزام الكفيل إلى ورثتهِ] اهـ. فأفاد أن الالتزام ينتقل كما هو دون حلول أجَل الالتزامات المؤجَّلة.
اقرأ أيضاًدار الإفتاء توضح أجر المرأة التي تعمل لأجل الإنفاق على ذاتها أو أسرتها عند الله
هل تجب إعادة صلاة المأمومين؟.. «الإفتاء» توضح حكم الصلاة عند إمامة المحدث للناس ناسيًا
هل إزالة الشعر الزائد من الحواجب حرام؟.. الإفتاء توضح «فيديو»