قال الدكتور الشريف محمد بن على الحسني، المفكر والمؤرخ ورئيس الاتحاد العربى لحماية حقوق الملكية الفكرية، إن شخصية سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام - شغلت الكثير من الباحثين المرتبطين بالدراسات التوراتية والإنجيلية وتاريخ الشرق القديم.

ورد الحسني، في تصريح له، اليوم السبت، على ما حاول به المؤرخ الفرنسي كرستيان روبان، الافتراء على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم بقوله "يبدو أن نبي الإسلام لم يكن اسمه محمد عندما ولد، وإنما اتخذ هذا الاسم لأنه كان يدعو إلى عبادة الله الواحد.

. والله الواحد كان اسمه في اليمن محمد، فتسمى به"، قائلا: "الفرنسي روبن كان معتمد في ذلك على وجود نقش حاكم مملكة حِمير اليهودي يوسف أسأر، الموجود بمنطقة بئر حِمى في نجران، برمز Ja 1028، ومؤرخ بعام 633 بالتقويم الحميري الموافق 523 ميلادي، يختتم النص ببركة ر ب هـ د / ب م ح م د، رب اليهود بمحمد".

وكشف المفكر والمؤرخ ورئيس الاتحاد العربى لحماية حقوق الملكية الفكرية، أن تفسير الجملة الأخيرة بحسب الباحث اليمني المتخصص في نقوش المسند علي ناصر صوال:

وتف/وسطر/وقدم/على/سم/رحمنن: وضِع وكُتبَ ونُفِّذ باسم الرحمن.

• وتف: وضِع - دُوِّن - سُجل وقد يختلف المعنى بإختلاف السياق فقد يأتي بمعنى (منحة أرض - وثيقة تنازل).

• و سطر: أي وسُطر - وكُتب.

• وقدم: أي وقُدم - ونُفِّذ

- وتف/تممم/ذ حضيت: دَوّن تمام ذو حضية

• وتف: دَوّن قَيّد.

• تممم: تمام، وهو الذي قام بتدوين النقش.

• ذ حضيت: ذو حضية، والذو هنا يشير إلى اسم الأسرة مثلما (ذو يزن - ذو جدن - ذو كلاع) لكن ما يثير التساؤل أن اسم أسرة هذا الشخص جاء هنا (ذو حضية) وفي النقش Ry 507 جاء (تممم/بن/معدن/ذ قسملت/سبأين) أي تمام بن معدان ذي قسملة السبئي وهذا النقش هو نسخة مماثلة لهذا النقش الذي نحن بصدده، والإجابة على ذلك ربما (ذو حضية وذ قسملة) جاء على غِرار انتساب أبناء شرحبيل يكمل إلى (ذو يزن وذ جدن) وهذا الانتساب ما هو إلا نتيجة تحالف قبلي بين (ذو يزن و ذو جدن)، وهنا فقد اكتفى هذا الشخص باسم أسرة (ذو حضية) وفي النقش الآخر وضع أسرة (ذو قسملة).

- رب هد/بمحمد: هذه العبارة فيها نوع من الغموض من حيث توظيف الكلمات وصياغة التعبير الأمر الذي يجعل المعنى شائك الفهم لكن من خلال العبارة المماثلة التي جاءت في النقش Ry 515 بصيغة (رب هود/ برحمنن) باختلاف الكلمة الأخيرة (برحمنن = بالرحمن أو برحمن) وهذا اللفظ هو أحد صفات الله، هذا يعني أن الكلمة (بمحمد) هي كذلك صفة مثل الرحمن، وبذلك يمكننا القول أن العبارة (رب هد/بمحمد) في هذا النص الذي نحن بصدده تصف (رب اليهود بالمحمود).

• هد: المقصود به يهودا أي اليهود، والإسم (هد) هنا من الجذر الثلاثي اليعربي (هود) لكن حسب القواعد الخطية لقلم المسند يتم إسقاط الحرف الساكن لكنه يثبت نطقاً هود، وعندما ينتقل الإسم من العربية إلى اللغة العبرية أو الآرمية يتغير لفظ الإسم بما يتوافق مع النطق اللساني في تلك اللغات بحيث ينطق (يهودا) لأن صياغة الأسماء في المسند تدوّن على أصلها.

وأكد المؤرخ الدكتور الحسني، أن ممن فتن بالفرنسي كرستيان روبن، المترجم اليمني عطبوش، والذي يترجم دراسات روبان وكتب على صفحته في التواصل ما يلي "حكاية الأسماء الإسلامية مع اليمن مثيرة، بل حتى مريبة.. يزعم المسلمون أن النبي محمد هو أول من حمل هذا الاسم، في حين تخبرنا النقوش عن كثيرين تسموا به في كل مكان، بل والأغرب: أن الحِميريين لقّبوا معبودهم بلقب محمد! قد تكون مصادفة، لكن الأمر يصبح مريباً حينما نجد أن الحِميريين في نفس الفترة أيضاً لقبوا معبودهم باسم إسلامي آخر: علي!…الخ".

وأوضح أن عطبوش لم يقدم على زعمه الذي جاء في سياق التخادم مع اطروحات روبان وأستاذه النمساوي ألويس شبرنجر (Aloys Sprenger)، فهو يكرر أكاذيبهم التي تخالف نقوش المسند الذي يستدلون به من خلال تحريفهم للقراءة الحقيقة للمسند وكما رأينا أن كما زعموا انه أسم معبود في اليمن مجرد أكاذيب معتمدين على تحريفهم لقراءة النقش في نقش حاكم مملكة حِمير اليهودي يوسف أسأر، موجود في منطقة "بئر حِمى" في نجران، "ر ب هـ د / ب م ح م د" (رب اليهود بمحمد) وهو ما تم الإشارة أعلاه للقراءة الصحيحة وثبت كذب المستشرقين وتجنيهم على النص بالتحريف.

وتابع: "نحن المسلمين نعتقد بنص القرآن الكريم أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا يعرفون أن النبي الذي سيبعث من جزيرة العرب اسمه محمد وأحمد، وهما اسمان مشتقان من جذر واحد، وسمي بهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منذ مولده، المقصود به في نقش يوسف أسار في حمى نجران هو النبي صلى الله عليه وسلم - رب اهد بمحمد- و هو كما نعلم من الاستفتاح ورد في كتاب الله العظيم في قوله (وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ)".

وأشار الدكتور الحسني، إلى أن الأخبار في ذلك متواترة من اليمن في قصص تبع الملك الأسعد وكسوة البيت ودخوله يثرب، إلى آخره، كما ورد كذلك في خبر سيف ذي يزن مع جد الرسول عبد المطلب، وكذلك في انتصار العرب على عدوهم بمحمد قبل ولادته في حربهم مع الفرس "هذا أول يوم انتصف العرب من العجم، وبي نصروا"/ عن ابن عباس: أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله ﷺ قبل مبعثه، وهم يعلمون أنه رسول الله ﷺ، يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة: (فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به﴾.

واستطرد الدكتور محمد بن على الحسني قائلا: لو كان محمد من أسماء الله تعالى في لغة العرب المعاصرين للبعثة المحمدية، لورد ذلك في نصوص القرآن الكريم أو السنة النبوية التي نصت على كل الأسماء الحسنى التي يسمى بها المعبود الواحد سبحانه، ولكن من صفات الله تعالى (المحمود) وقد قال حسان بن ثابت الخزرجي الأنصاري شاعر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، في مدحه له:

وشقَّ له من اسمه ليجلّهُ

فذو العرش محمودٌ وهذا محمدُ

ولفت المفكر والمؤرخ ورئيس الاتحاد العربى لحماية حقوق الملكية الفكرية، إلى أن مشعل غراد، عثر على نقش بنجران يكشف زيف ما ذهب إليه المستشرقين النمساوي والفرنسي والمترجم عطبون، من نقش ثمودي ورد فيه اسم محمد والنص: ي ث ع ت ص ر ج ر ن م ح م د.

المعنى: يثع تصر جرن محمد.والراجح هو (يثع تصرط. محمد). أي ليضع يثع محمد على (الصراط)، أي الطريق المستقيم. وهو كما ترى دعاء للإله يثع من قبل شخص اسمه محمد، عبر ياء نداء، أو هاء نداء، مقدّرة في أول الكلام. والإله «يثع» إله وثني معروف في شمال وجنوب الجزيرة العربية قبل مبعث سيدنا محمد صلوات الله عليه وآله.

وتابع: "يثبت هذا النقش أن محمد هنا اسم علم وليس إله، ويعضد هذا ويدحض شبهات المستعربين النمساوي والفرنسي والمستغرب عطبوش نقش آخر من منطقة حائل اكتشفه في 2021 مشاري النشمي وجاء فيه: أيها الإله رضو احفظ، أو احمِ، محمد بن زبعة".

واختتم: "بهذا ثبت كذب ما نقلتَه يا عطبوش، عن بعض المستشرقين الذين أوردوا هذه الدعوى الداحضة التي لا رائحة فيها للعلم ولا للمنهجية العلمية، بل تفوح منها روائح الحقد الصليبي الاستعماري الذي جعلوا من الاستشراق غطاء له".

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: النقوش القديمة صلى الله علیه

إقرأ أيضاً:

العثور على جعبة السنوار والمقعد الذي جلس عليه مصابا قبل استشهاده (شاهد)

عثر فلسطينيون على مقتنيات خاصة برئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس يحيى السنوار، الذي قتله الجيش الإسرائيلي خلال اشتباكات في حي تل السلطان، غربي مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة.

وفي 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، نشر الجيش الإسرائيلي مقطع فيديو قال إنه للحظات الأخيرة للسنوار، حيث ظهر وهو جالس داخل أحد المنازل برفح على مقعد (إسفنجي) مصابا في يده اليمنى، وملثما بالكوفية، فيما كان يحمل عصا رماها على طائرة إسرائيلية مسيرة كانت تصوره.

وقال الجيش إن قوة تابعة له "رصدت وقتلت 3 من عناصر حماس خلال اشتباك جنوبي قطاع غزة، وبعد استكمال عملية فحص الحمض النووي يمكن التأكيد أن السنوار قُتل"، وفق بيان نشره آنذاك.



وقال الفلسطيني أشرف أبو طه، صاحب المنزل الذي لجأ إليه السنوار، وقاتل من داخله في لحظاته الأخيرة، إنه انتشل بصعوبة كبيرة، الجعبة العسكرية التي ارتداها زعيم حماس في لحظاته الأخيرة وأجزاء من ملابسه والمقعد الإسفنجي (برتقالي اللون) الذي جلس عليه مصابا، من تحت أنقاض منزله المدمر.

وعلى مدار أول يومين من سريان اتفاق وقف إطلاق النار، قال أبو طه، إن أطلال منزله تحول إلى "مزار" حيث توافد إليه عدد كبير من الفلسطينيين لتفقد المكان الذي "شهد آخر معركة خاضها السنوار قبل استشهاده"، حيث قالت حركة حماس، آنذاك إنه تقدم صفوف القتال خلال حرب الإبادة.

وذكر أن "استشهاد السنوار، في منزله يعد مبعث فخر له، حيث كان يقاوم في لحظاته الأخيرة من هناك".

وقال أبو طه، عن السنوار، إنه "قائد ثوري" سيشهد التاريخ له.

#فيديو | "أعظم جعبة في التاريخ.. ريحتها مسك".. شاب يصل موقع استشهاد قائد حركة حماس الشهيد المشتبك يحيى السنوار ويردتي جعبته العسكرية. pic.twitter.com/gnMpbYtLQi

— وكالة شهاب للأنباء (@ShehabAgency) January 22, 2025
وبالعودة إلى تاريخ استشهاد السنوار، حينما نشر الجيش فيديو اللحظات الأخيرة، قال أبو طه، إنه تلقى اتصالا آنذاك من ابنته في الإمارات تبلغه أن السنوار استشهد داخل منزلهم.

وفي رده على ابنته، استبعد أبو طه، وجود السنوار، داخل منزله مرجعا ذلك إلى حديث "الناس أنه يتواجد تحت الأنفاق".

لكن ما أظهره الواقع من وجود السنوار داخل المنزل يقاتل حتى الرمق الأخير، أكد أنه "يحارب من فوق الأنفاق"، على حد تعبير أبو طه.

وبعد استشهاد السنوار، سوّى الجيش الإسرائيلي منزل أبو طه بالأرض بعد قصفه.

وفي 18 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، نعت حماس قائدها السنوار، وأكدت استشهاده في مواجهة مع جنود إسرائيليين، وذلك بعد يوم من نشر الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك بيانا مشتركا أعلنا فيه قتل 3 أشخاص في عملية نفذها الجيش في قطاع غزة كان من بينهم السنوار.


وتعتبر "إسرائيل" السنوار، مهندس عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها فصائل فلسطينية بغزة، بينها حماس و"الجهاد الإسلامي"، ضد مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية محاذية للقطاع في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ما تسبب في خسائر بشرية وعسكرية كبيرة لتل أبيب، وأثر سلبا على سمعة أجهزتها الأمنية والاستخباراتية على المستوى الدولي.



نتيجة لذلك، أعلنت "إسرائيل" أن القضاء عليه يعد أحد أبرز أهداف حرب الإبادة الجماعية على غزة والتي استمرت حتى 19 كانون الثاني/ يناير 2025، وخلّفت أكثر من 157 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

والأحد، بدأ سريان وقف إطلاق النار بين حماس و"إسرائيل"، ويستمر في مرحلته الأولى لمدة 42 يوما، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة.

مقالات مشابهة

  • عالم أزهري يفجر مفاجأة.. «الإسراء والمعراج» ليس حصرا على النبي محمد صلى الله عليه وسلم
  • «مصطفى بكري» يروي قصة المخبر الذي تتبع والدته حتى القبض عليه
  • "أحمد التهامي يشيد بمحمد رضوان: رمانة ميزان البيت ولمّة العيلة"
  • الإيمان بالرسل في القرآن.. تعداد الأنبياء وذكر اسم النبي محمد في الكتاب
  • علي جمعة: اسم النبي محمد ذكر في القرآن 4 مرات صراحة وباسم أحمد مرة
  • بيان معنى الأمّية في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم
  • العثور على جعبة القائد يحيى السنوار والمقعد الذي جلس عليه مصابا قبل مقتله
  • بيان مدى علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم للغيب
  • العثور على جعبة السنوار والمقعد الذي جلس عليه مصابا قبل استشهاده (شاهد)
  • «فرنسي إيطالي وبيشتغل أمن».. من هو زوج أروى جودة الذي أشهر إسلامه من أجلها