تعد الدراما من أهم القوالب الفنية التى يمكنها تناول الظواهر الاجتماعية المختلفة فى المجتمع المصري، والدراما باعتبارها عملًا أو حركة أو حدثًا فهى محاكاة؛ لأن المحاكاة تشمل العمل والحركة والحدث. والحقيقة، إن الدراما تتضمن الفعل والمشاهدة، فهى تتألف من شقين اثنين؛ هما: عمل المؤلف، وعملية التجسيد للشخصيات والأحداث والأفعال، والأهم من ذلك كله تجسيد العلاقات.
ومن هذه العلاقات التى قد تعبر عنها الدراما، بوجه عام، ومسلسلات التليفزيون، بوجه خاص، العلاقة بين الطبقات الاجتماعية؛ إذ يتباين أعضاء كل مجتمع بناء على عدد من المتميزات الاجتماعية؛ كالمهنة والملكية والمال، إلى جانب العادات والاهتمامات والمنجزات الثقافية، كما يتباين هؤلاء أيضًا فى الأذواق والقيم والمعتقدات، وسمات أخرى تُكتسب أثناء ممارسة الحياة الاجتماعية.
وتقيم المجتمعات وزنًا لهذه الاختلافات، لتصبح فيما بعد أساسًا مهمًا تعتمد عليه الأوضاع الاجتماعية من خلال تحديد الواجبات المختلفة فى تنظيم وجوه النشاط الاجتماعى وأنماط الحياة اليومية؛ فيما يسمى بالطبقات الاجتماعية. وتتعدد التنصيفات الاجتماعية لهذه الطبقات وتتنوع، بل وتختلف باختلاف أبعاد القياس التى يقوم عليها كل تصنيف؛ إذ يتم تصنيفها من حيث البعد الاقتصادي، ومن حيث بعد القوة، ومن حيث البعد المهني، لكن حجم التداخل بين هذه الأبعاد قد تزايد بشكل ملحوظ ليأخذ منحى جديدًا يقوم على المزج بين الأبعاد الثلاثة، وبما يتفق وطبيعة الأوضاع الاجتماعية.
ومع وجود الطبقات الاجتماعية وتباينها، ظهرت نظرية الصراع الطبقي؛ والتى تنظر إلى المجتمع وتحلله فى ضوء الصراع بين المصالح المختلفة والمتعارضة أحيانًا، حيث ترى هذه النظرية الصراع بين الطبقات الاجتماعية ضروريًا ولازمًا للتطور الاجتماعي، وقد يكون هذا الصراع داخل الطبقة الواحدة، أى أنه صراع من نوع معين يظهر داخل وحدة اجتماعية معينة، وليس صراعًا على المستوى الأفقى الذى يمتد فى شرائح المجتمع المختلفة، وقد يكون هذا الصراع بين الطبقات الاجتماعية فى ضوء الغايات والأهداف التى يحددها النسق الكلى للمجتمع.
وفى إطار ما تحظى به الدراما لدى الجمهور من كثافة مشاهدة مرتفعة، فإن التوظيف الثقافى للدلالات السيميولوجية التى تقدمها دراما التليفزيون للعلاقات بين هذه الطبقات الاجتماعية بما يُشكل أبنية سيميولوجية مليئة بالمعانى والدلالات الرمزية، قد يعكس صورة متحيزة تسهم، بشكل كبير، فى تعميق الصراع بين هذه الطبقات بما يخالف الواقع؛ ومن ثم فإن البناء المحكم والتصميم الدقيق لتلك العلاقات قد يكون من أهم مقومات نجاح ما تقدمه هذه الدراما.
وفى هذا الإطار فإن استخدام الرموز فى تشكيل البناء الدلالى الذى تعكسه الدراما لا بد أن يتم فى إطار من المسئولية الاجتماعية؛ فاتساع مجال الحرية الذى تتيحه الوسيلة فى نشر المضامين المتنوعة وتداولها لا يجب إساءة توظيفه فى استخدام الرموز التى تقدم دلالات تتعارض وثقافة المجتمع، وهذا ما يوجه الأنظار إلى ضرورة الاهتمام بالتربية من أجل استخدام أفضل لوسائل الإعلام.
أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب - جامعة المنصورة
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د أحمد عثمان لدراما الصراع بین
إقرأ أيضاً:
"شكوكو".. على شاشة "الوثائقية" قريبًا
يعلن قطاع الإنتاج الوثائقي شركة المتحدة للخدمات الإعلامية إنتاج الفيلم الوثائقي "شكوكو"، وعرضه على شاشة قناة "الوثائقية" قريبًا. يوثق الفيلم تجربة الفنان المصري "محمود شكوكو"، وأبرز محطات مشواره الفني، والتحولات الكبرى الثرية في حياته، بدايةً من عمله مع والده في ورشة النجارة بحي الدرب الأحمر بالقاهرة.
مرورًا باتجاهه إلى عالم الفن والغناء، وصولًا إلى شهرته الواسعة التي اكتسبها على خشبات المسارح، وتحت أضواء السينما. ويكشف الفيلم الدور البارز الذي لعبه "شكوكو" في تطوير المونولوج الشعبي، وإحياء فن "الأراجوز"، كما يرصد دوره الوطني في كثير من المحطات التاريخية المهمة، سواء ضد الاحتلال البريطاني، أو لدعم المجهود الحربي المصري، وصولًا إلى مشهد تكريمه من الرئيس الراحل محمد أنور السادات؛ تقديرًا لعطائه الفني.
من هو محمود شكوكو:
يذكر أن سبب تسميته بـ "شكوكو" أن جده إسماعيل موسى كانت هوايته تربية الديوك وكانت تتعارك فيما بينها فا كان الأكبر حجما يصيح وكأنه يقول "ش ش كوكو" فأعجب الجد بهذا الصوت وعندما رزق بحفيده أراد ابنه أن يسميه محمود وأراد الجد تسميته "شكوكو" وإرضاءا للإثنين تم كتابته في شهادة الميلاد محمود السشهرة "شكوكو".
كان محمود شكوكو أول من ركب ماركة "بانتيللي" وحقد عليه أفراد الأسرة المليكة وبعض عائلات الطبقات الأرستقراطية وأجبروه على بيعها.
أحب "شكوكو" عائشة هانم صاحبة القصر المعروف في الزمالك وتزوجها بعد طلاقها من يوسف وهبي مما أثار غضبه وحاول لإنهاء زواجهم وحرض علية أبناء القصر ورجال الطبقات الأرستقراطية وبالفعل طلقها ولكن كان حبهم مستمر وظلت علاقة محمود شكوكو مع يوسف وهبي غير مستقرة حتي إنهما لم يشاركا في أي عمل فني.
خجل محمود شكوكو من نفسه بسبب عدم معرفته للقراءة والكتابة ولكنه علم نفسه فكان إذا وجد أي إعلان في الشارع طالب أحد بأن يقرأه له وكأنه يصوره في ذاكرته.