«محفوظ بعيون نرويجية».. هانه أورستافيك توضح نقاط تلاقي روايتها «حب» و«بين القصرين»
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
نظم معرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته الـ55، اليوم السبت، ندوة بعنوان: «محفوظ بعيون نرويجية» - محاضرة قصيرة للكاتبة النرويجية هانه أورستافيك تحدثت فيها عن مسيرتها في الأدب والتأليف، تبعها حوار مع نورا ناجي عن أعمال الأديب العالمي الراحل، نجيب محفوظ.
تحدثت الكاتبة النرويجية عن روايتها «حب»، وهي قصة عائلية أبطالها الرئيسيين الأم والابن، ومن خلالها استعرضت تجربة إنسانية أبرزت من خلالها المشاعر الإنسانية والاحتياج لمشاعر الحب العميقة والعائلة، موضحة أنها كتبتها عام 1997، ورغم ذلك لا تزال تترجم للعديد من اللغات ومن بينها اللغة العربية وحققت نجاحات كبيرة في بلدان عديدة.
تقول «أورستافيك»: «هناك تشابه بين رواية حب، ورائعة نجيب محفوظ بين القصرين، في افتقاد العائلة للحب وبحث الشخصيات عنه طوال الوقت»، مبرزة أهمية تلك المشاعر الإنسانية للنمو النفسي والوجداني.
وأضافت، في حوار أدارته معها الدكتورة شيرين عبدالوهاب، منسق عام دولة النرويج، عن روايتها: «تناولت فيها الكثير من المشاعر عبر إلقاء الضوء على العلاقات بين أبطال الرواية، وكتبت عن المشاعر بين الأم وطفلها، وأنا أتيت من أقصى شمال النرويج وهو مجتمع صغير وسط الجليد».
السر وراء نجاح الروايةوترى أن السر وراء نجاح الرواية، هو قدرتها على استعراض مشاعر الحب بصورة لا تزال تلمس قلوبنا إلى اليوم، قائلة: «الرواية ستخبرك عما تشعر به وتشعرك بمساحة النقاش بينك وبين ذاتك، وتتحدث عن الحب وهو شعور أساسي وبالتالي فهي سهلة الوصول والفهم وتعتمد على اللغة الوصفية وهناك الكثير من النقاط المضيئة التي يمكن للقارىء استكشافها داخله»
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: معرض الكتاب المشاعر الحب
إقرأ أيضاً:
الحب في زمن التوباكو (1)
مُزنة المسافر
صوتي يصدح، يصرخ، يسرح في أكبر مسرح عرفه شارعنا، وبلدتنا، علم الجميع أنني أغني، وغنائي هذا تصحبه خطوات سريعة في الرقص، أغني كل أغاني الماضي والحاضر الجميل، وأغني لأفراح الآخرين مع عمتي ماتيلدا، لنا طرق كثيرة في الرقص، والغناء. إنه الفرح والسرح، الرقص المتواصل الذي لا يتوقف، لكن إن سألتموني كيف نبدأ بالفرح سأخبركم، إنني لا أتذكر جيدًا إلا ما نحضره قبل كل حفلة.
غرفة تبديل الملابس التي تخص مسرح الشارع المنير للغاية، تناولني عمتي بضع ملابس.
ماتيلدا: غيِّري يا فتاة، رائحتك كروائح رجال المنجم.
جوليتا: بل هو رائحة التبغ الذي تدخنينه يا عمة.
ماتيلدا: لستِ نجمة بعد، حتى تكوني سليطة اللسان.
اذهبي وغيِّري!
لها دومًا أمور غريبة في إقناعي، أن أكون نجمة، رُبما الإهانة أكثر شيء يجعل من الإنسان يرغب في أن يسطع ويلمع، ويرفع نفسه الظمآنة للغنى بدل الفقر المُدقع.
إنه يُقرِف يُقزِّز الآخرين، فَقرُنا الذي نغني بعيدًا عنه، في أحياء أرقى في البلدة العريضة.. هكذا تقول عمتي أن الشهرة ليست صعبة في هذا المكان.
أحمر الشفاة، وصوت جميل، وشعر مستعار يناسب عمتي ووجهها المُجعَّد، وقلبها المرهق من الحياة، لكنها تخبرننا أن قلبها شاب وأنها جاهزة للوقوع في الغرام إن وجدت رجلًا أفضل لأن الحياة تأتي بالأفضل كل يوم، والأمس ليس مثل اليوم.
وهكذا خرجت أنا وشعري منسدل، وقلبي يخفق، وأنا اقترب من الميكرفون، وأردد كلماتٍ حلوة للسامعين، المخمورين الذين أشعرهم اللحن بالخدر، ووقعوا في غرامات متعددة لعالمنا الحي، الحي بالشعور الحقيقي، إنهم مُزيَّفون، بأغلفة عديدة تُغلِّف جُبنهم، وتُخفي وجدهم للعيش، بينما نحن نكون نحن، ولا ندّعي، ولا نرتوي إلّا من هذا اللحن.
الذي نغني به، ونشعر به، تقول عمتي.
ماتيلدا: فليحيا التوباكو، ومن اخترعه، بعد النبيذ طبعًا.
إن هذا التوباكو هو الإلهام بعينه.
تُردِّد عمتي هذا بعد أن ينتهي المساء، ويبدأ ليل الجرد والعد، فتعُد المبالغ التي جاءت في جيوب زوار المسرح الصغير.
جوليتا: كم يا عمتي؟
ماتيلدا: انتظري. ما زلت أعُد.
إنها تعُد ألف مرة، تخشى من الفئران أن تدخل فستانها وتتسلق إلى فمها وهي تُقبِّل الدولارات، والعملة المحلية، وتُقبِّل يديها وتشعر بالبركة لأول مرة.
جوليتا: ما هي البركة يا عمة؟
ماتيلدا: إنك البركة وصوتك يا ابنة أخي.
إنك تتمايلين، وتُحدثين العجب.
والشغب في قلوب الرجال.
تمايلي يا ابنة أخي، لنجني المال.
جوليتا: حقًا يا عمتي، ولماذا هنالك مغنيات أفضل مني؟
ماتيلدا: إنك نجمة يا جوليتا.
نجمة حقيقية دون غبار كَوْني حولك يا صغيرتي.
انظري للغُنج الذي تعيشينه كشابة.
انظري لهذا الشباب الذي يختبأ داخل جذعك.
جوليتا: يأتي النهار، ونسمع أمورًا كثيرة ليس لها علاقة بنا، هنالك شخص انتقل لمنطقتنا، هنالك شخص خرج من دائرة العائلة، وهناك من سافر هاجر وتركنا، كلها أخبار مُتناقَلة، مُتبادَلة بين الأفواه والشفاه الحلوة الرطبة الراغبة في تقبيل الحياة من جديد، والرقص والغناء.
كنت أفكر صباح اليوم هل سأكون نجمة مشهورة؟ أم سأكون إنسانة مغمورة داخل منجم آيل للسقوط، أو سأخرج كقطعة ذهب تود أن تلمع جيدًا، جيدًا أمام الجمهور الذي يرغب أن يدفع لفَنِنا، ويغرقنا بالنقود أنا وعمتي، ويصنع لنا غمامة من المال تغشي على أحلامنا القديمة، وستكون لنا أحلامٌ جديدة تناسب مسرحًا أكبر، وقطع ملابس أجمل، وقلوب راغبة في أن تنبض نبضًا حقيقيًا ليس إلّا.