أثمان جرائم إسرائيل باهظة على الغرب
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
رغم إشادة الكثير من دول العالم بأوامر محكمة العدل الدولية في لاهاي التي صدرت مساء الجمعة ضد إسرائيل إلا أنها بقيت دون التوقعات القانونية والشعبية؛ لأن المحكمة لم تطلب من إسرائيل الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة رغم أنها طلبت ذلك من روسيا في مارس 2022 حيث أمرت المحكمة «بضرورة أن تعلق روسيا العمليات العسكرية في أوكرانيا على الفور».
ورفضت محكمة العدل الدولية إسقاط تهمة «الإبادة الجماعية» التي اتهمت بها جنوب أفريقيا إسرائيل، ما يعني أن المحكمة مقتنعة بالتحقيق في القضية التي يتوقع أن تأخذ مدة زمنية طويلة نسبيا.
وبعيدا عن القراءة التي ترى في إجراءات المحكمة الدولية تطورا تاريخيا لا يمكن تجاهل إحجامها عن الأمر المباشر بوقف القتال فورا في وقت ترتكب فيه إسرائيل عشرات المجازر المروعة يوميا. كان الأمر المباشر من شأنه أن يحرج الداعمين الأساسيين لإسرائيل مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا ويجعلهم يمارسون بعض الضغط على إسرائيل للامتثال لقرار المحكمة.. إلا أن تجاوز مثل هذا الأمر جعل دولة مثل بريطانيا تبدي انزعاجها من قرارات المحكمة. وعبرت الخارجية البريطانية أمس عن «قلق بالغ إزاء القضية التي لا تساعد على إرساء وقف دائم لإطلاق النار» وكأن الخارجية البريطانية لا تعلم أن عدد ضحايا الحرب حتى الآن تجاوز 26 ألف شهيد ثلاثة أرباعهم من الأطفال والنساء. وقالت بريطانيا التي علقت أمس أيضا التمويل المستقبلي لوكالة الغوث واللاجئين (الأونروا) «لا يمكن وصف تصرفات إسرائيل في غزة بأنها إبادة جماعية، ولذلك نعتقد أن قرار جنوب أفريقيا بإحالة القضية إلى المحكمة كان خاطئا واستفزازيا»!
ورغم ما اعتبره البعض انحيازا من المحكمة لصالح إسرائيل سخر وزير الأمن القومي الإسرائيلي ايتمار بن غفير بالمحكمة حين وصفها بـ«لاهاي شماغ» مشبها المحكمة بالمتحدث العسكري باسم حماس «أبو عبيدة» الذي يرتدي شماغا أحمر يغطي به وجهه.
والواضح أن إسرائيل لن تلتزم بأي من الإجراءات الفورية التي دعت لها المحكمة وستواصل جرائمها وفق ما عبر رئيس وزرائها نتانياهو الذي قال: «التزامنا لا يتزعزع بالقانون الدولي.. لكن، أيضا، التزامنا المقدس لا يتزعزع بنفس القدر بمواصلة الدفاع عن بلدنا والدفاع عن شعبنا». ما يعني أن إجراءات المحكمة لن تأخذ أكثر من بعد رمزي وستواصل إسرائيل المدعومة بالمطلق من الغرب ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني.
لكن على الغرب الداعم لإسرائيل تحمل الأثمان الباهظة وفقدان المصداقية العالمية والمشاركة في تحمل نتائج كل هذه الجرائم على المديين المتوسط والطويل.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
رايتس ووتش: ما تقوم به إسرائيل في غزة جرائم حرب بمشاركة غربية
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، إن الاحتلال الإسرائيلي أقدم على إجبار الفلسطينيين على النزوح الجماعي وبصورة متعمدة، منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وهو مسؤول عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأشارت إلى أن التقرير ينشر، بينما تتواصل الحملة العسكرية على شمال غزة، حيث تسببت على الأرجح بموجة نزوح قسري جديدة لمئات الآلاف من الفلسطينيين.
وأوضح التقرير أن سلوك الاحتلال أدى إلى نزوح أكثر من 90 بالمئة من سكان غزة، وتدمير واسع النطاق على مدار عام كامل، وهدم متعمد للمنازل والبنية التحتية ومناطق تسمى عازلة وممرات أمنية تعني أنه يتم تهجير الفلسطينيين منها بشكل دائم، خلافا لادعاءات المسؤولين الإسرائيليين وعدم امتثالهم لقوانين الحرب.
وقالت نادية هاردمان، باحثة في قسم حقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش: "لا يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تدعي أنها تحافظ على أمن الفلسطينيين عندما تقتلهم على طول طرق الهروب، وتقصف ما تسميه بمناطق آمنة، وتقطع عنهم الطعام والمياه والصرف الصحي، حيث انتهكت إسرائيل بشكل صارخ التزامها بضمان عودة الفلسطينيين إلى ديارهم، حيث هدمت كل شيء تقريبا في مناطق واسعة".
لا تجيز قوانين النزاع المسلح التي تنطبق على الأراضي المحتلة تهجير المدنيين إلا بشكل استثنائي، لأسباب عسكرية قاهرة أو لأمن السكان، وتتطلب ضمانات وأماكن إقامة مناسبة لاستقبال المدنيين النازحين. ويزعم مسؤولو الاحتلال أنه نظرا لأن الجماعات الفلسطينية تقاتل من بين السكان المدنيين، فإن الجيش الإسرائيلي قد قام بإجلاء المدنيين بشكل قانوني لكن المنطمة قالت إن أبحاثا أثبتت عكس هذا الكلام.
وأضافت: "ليس هناك سبب عسكري قهري معقول لتبرير التهجير الجماعي الذي قامت به إسرائيل لجميع سكان غزة تقريبا، وغالبا ما تم ذلك عدة مرات، وألحق نظام الإجلاء الإسرائيلي ضررا بالغا بالسكان، وغالبا ما كان هدفه بث الخوف والقلق فقط، بدلا من ضمان الأمن للمدنيين النازحين، ضربت القوات الإسرائيلية مرارا وتكرارا طرق الإجلاء والمناطق الآمنة المحددة".
وكانت أوامر الإخلاء غير متسقة وغير دقيقة وفي كثير من الأحيان لم يتم إبلاغ المدنيين بها قبل وقت كاف للسماح بعمليات الإخلاء أو لم يتم إبلاغهم بها على الإطلاق. لم تراع الأوامر احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة وغيرهم ممن لا يستطيعون المغادرة دون مساعدة.
بصفتها سلطة الاحتلال، تعتبر إسرائيل ملزمة بضمان توفير التسهيلات الكافية لإيواء المدنيين النازحين، لكن السلطات منعت وصول جميع المساعدات الإنسانية الضرورية والمياه والكهرباء والوقود إلى المدنيين المحتاجين في غزة، وألحقت الهجمات الإسرائيلية أضرارا ودمرت الموارد التي يحتاجها الناس للبقاء على قيد الحياة، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والبنية التحتية للمياه والطاقة والمخابز والأراضي الزراعية.
إسرائيل ملزمة أيضا بضمان عودة النازحين إلى منازلهم بمجرد توقف القتال، لكنها بدلا من ذلك جعلت مساحات شاسعة من غزة غير صالحة للسكن. وهدم الجيش الإسرائيلي عمدا البنية التحتية المدنية أو ألحق بها أضرارا جسيمة، بما في ذلك عمليات هدم المنازل بشكل ممنهج، بهدف مفترض هو إنشاء منطقة عازلة ممتدة على طول حدود غزة مع الاحتلال وممر يقسم غزة. هذا التدمير الهائل يشير إلى نية تهجير العديد من السكان بشكل دائم.
وجدت هيومن رايتس ووتش أن التهجير القسري كان واسع النطاق، وتظهر الأدلة أنه كان منهجيا وجزءا من سياسة الدولة. تشكل هذه الأعمال أيضا جريمة ضد الإنسانية.
وقالت: "من المرجح أن يكون التهجير المنظم والعنيف الذي تقوم به إسرائيل في غزة، وهم مجموعة عرقية مختلفة، مخططا له بأن يكون دائما في المناطق العازلة والممرات الأمنية. ترقى هذه الأعمال التي تقوم بها السلطات الإسرائيلية إلى التطهير العرقي".
ورأت أنه ينبغي لحكومات العالم أن تتبنى عقوبات محددة الأهداف وغيرها من التدابير، بما في ذلك مراجعة اتفاقياتها الثنائية مع إسرائيل، للضغط على الحكومة الإسرائيلية للامتثال لالتزاماتها الدولية بحماية المدنيين.
وقالت هاردمان: "لا يمكن لأحد أن ينكر الجرائم الفظيعة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في غزة. نقل المزيد من الأسلحة والمساعدات إلى إسرائيل من قبل الولايات المتحدة وألمانيا وغيرهما هو بمثابة تفويض مطلق بارتكاب المزيد من الفظائع، ويعرضهم بشكل متزايد لخطر التواطؤ في ارتكابها".