لجريدة عمان:
2024-07-01@17:43:48 GMT

اللعبة الأولى وتطلعات المجتمع

تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT

الحيز الواسع من النقاش العام في المجتمع (في حيزه الواقعي والافتراضي) خلال الأيام الماضية تمحور حول المستوى المتدني والخروج المبكر للمنتخب العُماني لكرة القدم من بطولة كأس آسيا لكرة القدم 2024، ذلك نظير شعبية كرة القدم والحيز المعنوي الذي تمثلهُ مشاركات المنتخب الأول لكرة القدم في مختلف المحافل، والأمر الآخر نتيجة أن البطولة تقام في دولة مجاورة؛ وبالتالي تنطبع منافساتها وأجواءها برمزيات ثقافية قريبة من الجو العام في السياق العُماني.

عوضًا عن كثافة وتعددية أشكال التغطية الإعلامية المقتربة من كل فئات المجتمع. وهو ما شكل حدثًا معنويًا مترقبًا من فئات موسعة من أفراد المجتمع في مختلف الفئات العمرية.

لا ترنو هذه المقالة إلى مناقشة السياق الرياضي (الفني) لخروج المنتخب، ولكنها تحاول الإجابة على سؤال: لماذا يجب أن نهتم بالمنتخب الأول لكرة القدم تحديدًا؟ وهنا أتحدث عن المنتخب الأول لكرة القدم بوصفه واجهة لللعبة الشعبية الأولى، وربما يكون العنصر الأهم في هيكل الرياضة في علاقتها بالمجتمع، والذي ظل يحوز اهتمام طيف واسع من الفئات المجتمعية، ويؤدي دوره بوصفه وسيلة من وسائل تعزيز الهوية والانتماء المجتمعي. تعود الذاكرة (القصيرة) للجماهير العُمانية في علاقتها بالمنتخب الأول لكرة القدم إلى معيارية ما يسميه العُمانيون (الجيل الذهبي). والذي شهد ألقه في بطولات كأس الخليج وتحديدًا (خليجي 16 – 17 – 18 – 19) وتوج الأخيره على أرض مسقط بأول ألقابه في هذه البطولة. هذا لا يعني تقليلًا من الأجيال السابقة للمنتخبات الوطنية، ولكننا نتحدث عن الأمد المعاصر؛ وكيف تحول منتخب كرة القدم إلى (ظاهرة اجتماعية) في عُمان. كانت البطولات سابقة الذكر تشهد تصاعدًا في اهتمام المجتمع بالمنتخب الأول؛ من خلال المتابعة الدقيقة للبطولات التي يخوضها، وتكوين المجالس الاجتماعية المصغرة المتمحورة حول تلك المنافسات، والتمام الأسر الصغيرة منها والممتدة حول الأحداث التي يخوضها، تجسد أشكالا رمزية من الولاء والانتماء في مظاهره المختلفة نتيجة الفخر بالمستويات، أو الالتفاف المعنوي حول (ظاهرة المنتخب الأول). أصبحت تجمعات الأقران، أو الأسر لمتابعة هذه الظاهرة معروفة، وامتدت المعرفة ببعض جزئيات التحليل الرياضي إلى المجالس الاجتماعية الرياضية، وأصبح نجوم تلك المرحلة أيقونات مجتمعية، امتد تأثيرها إلى الشواطئ والملاعب الأهلية وإلى ملاعب المدارس وإلى منظومة التنشئة العامة. وهنا يمكن القول أن رياضة كرة القدم في تلك المرحلة أدت الدور الاجتماعي المنوط بها. هذا الدور الذي يتحدث عنه علماء الاجتماع بوصفه يتمثل في 3 عناصر:

1-خلق الشعور بالهوية الجمعية والانتماء.

2-تعزيز الرمزيات الاجتماعية وتكوين الالتفاف المجتمعي حولها.

3-التكامل والاندماج وتحييد عدم المساواة الاجتماعية.

كيف استطاع ذلك الجيل خلق هذه الصورة؟ هنا تتكامل عدة عوامل؛ منها ما يتعلق باللاعبين أنفسهم من حيث توافر الدافعية، والطموح، والحافز بواسطة الأقران والمجموعة القريبة. ومنها ما يتعلق بعوامل مرتبطة بتسيير وإدارة منظومة كرة القدم، ومنها عوامل فنية ترتبط بالتكوين والتأهيل الفني ووجود رؤية متسقة لإدارة المنتخب الأول لكرة القدم. تضافر هذه العوامل فيما بينها أنتج هذا المشهد. والذي لم يقتصر فقط على التنافس الرياضي وحده؛ بل امتد لخلق الظاهرة الاجتماعية التي نكتب حيالها.

تواصلت المستويات في السنوات اللاحقة في شكل متذبذب، تخلله فوز يتيم ثان ببطولة كأس الخليج 23 في أرض الكويت، حتى وصلنا لهذه المرحلة التي يرى النقاد أنها كشفت الكثير من المشكلات المرتبطة بمنظومة كرة القدم والمتراكمة عبر سنوات. وهنا دعوة لمراجعة جادة لهذه المنظومة تحديدًا، ليس لأننا لم نعد قادرين على المنافسة فحسب؛ بل لأننا قد نخسر (الدور الاجتماعي) المهم الذي تلعبه (ظاهرة المنتخب الأول لكرة القدم) في سبيل هويتنا الوطنية ووجود عنصر قادر على إبراز الرموز الاجتماعية. أحد أشهر الكتب التي تناولت هذه العلاقة الدقيقة بين ما تصنعه كرة القدم من ظاهرة بالمجتمع هو كتاب «عملية الحضارة The Civilizing Process»، الذي يرى مؤلفه أن الرياضة عمومًا ظلت عبر التاريخ منظمًا ومهذبًا للسلوك الإنساني. وأن أثر كرة القدم كان تاريخيًا يسهم في تحضر الفرد والمجتمع والتأثير في هيكل الأعراف الاجتماعية. وتحولت كرة القدم عبر التاريخ – بحسب المؤلف – إلى مؤسسة اجتماعية تسهم في تعديل وتقويم الطرق التي يتفاعل بها الناس مع بعضهم البعض. لن نتحدث هنا مرة أخرى عن إجراءات دقيقة لهذه المراجعة. ولكننا ندعو إلى أن تمتد ثقافة (الإدارة بالأهداف والمؤشرات) إلى المؤسسات المعنية بتنظيم وإدارة اللعبة، والأهم من ذلك أن يصاحب تلك الأهداف والمؤشرات مشاركة لها مع المجتمع؛ لنعرف اتجاه البوصلة، وليعرف المجتمع ما هو الحد الأقصى والأدنى من الطموح، وما هو الوضع الطبيعي، والوضع الذي يجب من خلاله أن تتم المساءلة. كما أن تعزيز منظومة الحوكمة الرياضية وتعزيز الرقابة على محدداتها، وتطوير هياكل مجالس الإدارات في الأندية والعملية الإدارية فيها، وترقية قدرات العاملين فيها هو في الختام يصب في مصلحة المنتخبات الوطنية.

الأهم أن لا نخسر أحد أهم الأدوات التي شكلت عبر عقود جامعًا وطنيًا. هنا نتذكر مشهد الأعلام والمسيرات الابتهاجية، مشهد النقاش العام منذ مطلع الصباح في أيام المباريات حول المنتخب وترتيب أماكن التجمع لمشاهدة المباريات، مشهد الأفواج التي تتدفق إلى الحدود والمطارات – وما زالت – خلف المنتخب. كل هذه الرمزيات وإن كانت بسيطة ويعتقد البعض أنها مؤقتة وآنية إلا أنها تصب في النسيج المجتمعي. وتعزز اللحمة الوطنية.

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية في سلطنة عمان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المنتخب الأول لکرة القدم کرة القدم

إقرأ أيضاً:

تدريبات بدنية للاعبي الزمالك في مران اليوم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

خاض لاعبو الفريق الأول لكرة القدم بنادي الزمالك تدريبات بدنية خاصة خلال مران اليوم الاثنين، الذي أقيم على ملعب النادي، استعداداً لمباراة فاركو المقبلة في مسابقة الدوري الممتاز.
وأدى اللاعبون هذه الفقرة تحت قيادة جواو ميجيل مخطط الأحمال بالفريق، وتضمنت تدريبات بدنية متنوعة بجانب فقرة بالكرة.
ويستعد الفريق الأول لكرة القدم بنادي الزمالك لخوض مباراة فاركو المقرر لها يوم الأربعاء المقبل، بإستاد برج العرب في إطار مباريات الجولة التاسعة والعشرين لمسابقة الدوري الممتاز.

مقالات مشابهة

  • لاتحاد الأوروبي يفتح تحقيقا ضد بيلينغهام بعد سلوكه أمام سلوفاكيا
  • تصعيد مهاجم شباب الزمالك لتدريبات الفريق الأول
  • تدريبات بدنية للاعبي الزمالك في مران اليوم
  • النصر يستغنى عن خدمات ماركيز
  • الاتحاد يضحي بـ 4 محترفين
  • الاتحاد الإيطالي يكشف مصير سباليتي
  • أندريش يدعو لعدم تطبيق قاعدة يورو 2024 في الدوري الألماني
  • “أسود القاعة” يواجهون المنتخب الإسباني وديا تحضيرا للمونديال
  • منتخب الشباب لكرة القدم يلتقي نظيره الألباني الأحد
  • يورو 2024.. إنجلترا بالقوة الضاربة قبل مواجهة سلوفاكيا في دور الـ16