سودانايل:
2024-12-27@06:37:55 GMT

حرب السودان وإستراتيجية المصالح

تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT

أن الصراع من أجل الموارد ليس وليد الحرب المشتعلة الآن في السودان، انما بدأ منذ التطور الصناعي و التكنولوجي الذي بدأ في أوروبا في القرن الثامن عشر، حيث بدأت الأساطيل الأوروبية تتجه نحو القارات الجديدة للسيطرة عليها، و إغتنام مواردها البكر، و حتى الدول في القارات القديمة لم تسلم من الغزو و استغلال ثرواتها من قبل المستعمر، إلي السعي من أجل السيطرة على الممرات المائية الدولية.

و ستظل مصالح الدول هي التي ترسم قواعد السياسة الدولية، و أيضا المصالح تعد سببا في إشعال الحروب في العديد من مناطق العالم. و الحرب في السودان هي نتاج لتلك المصالح في غيبة الوعي الوطني. فالحرب الدائرة في السودان تؤكد أن السودان هدف لإطماع ليست فقط دولية، و أيضا إقليمية خاصة من دول الجوار. حيث أغلبية دول الجوار هي مشاركة بدور فعال في دعم الميليشيا من خلال إرسال مرتزقة، و أيضا جعل أراضيهم طرق مرور للدعم اللوجستي و التشوين للميليشيا.
أن الحرب الدائرة في السودان ألآن قد لفتت النظر إلي أن المؤامرة على السودان كبيرة، و أن الكل طامع في ثروات البلاد. أن النظرية السياسية السابقة التي كانت سائدة عند أغلبية السودانيين؛ أن العلاقات التاريخية و اللغة الواحدة و المصير المشترك، هي عناصر أساسية لبناء العلاقات الإستراتيجية، كلها أضحت شعارات زائفة لا تخدم العلاقات بين الدول، أتضح ما قاله تشرشل رئيس وزراء بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية كان صحيحا.. أن العلاقات تؤسس و تنفرط بسبب المصالح. و يجب على السودان أن يبني علاقته مع الدول وفقا لمقتضيات مصالحه أولا و ثانيا.. و العلاقات ذات الشعارات يمكن أن تكون مفيدة في لعبة كرة القدم أو في مسرح العرائس و لكن ليس في السياسة،.
أن صراع المصالح لا يقف فقط في حدود الدول، و أيضا يذهب و ينعكس على المنظمات الدولية و الإقليمية، و الدول التي تملك المال و النفوذ قادرة على شراء مواقف دول أخرى، و تحدد لها مسارها، و يظهر ذلك في الأمم المتحدة و المنظمات الإقليمية و غيرها. السؤال هل جامعة الدول العربية ما كانت تعلم أن دولة الأمارات هي التي تدعم الميليشيا بالمال و السلاح، و ترسل أسراب من الطائرات المحملة بعتاد الحرب للميليشيا؟ لماذا لم تتحرك جامعة الدول العربية و تطلب من ألأمارات وقف دعمها للميليشيا و سكتت عن ذلك؟ هل لآن دولة الأمارات هي التي تدفع جزء كبيرا من ميزانية الجامعة العربية، و بالتالي يؤدي ذلك لتعطيل قانون الجامعة للذي يدفع؟ و أيضا الإيغاد تريد وقف الحرب و جزء من دولها مشارك في الحرب بالدعم و التشوين للميليشيا. و أيضا الاتحاد الإفريقي تسيره مصالح قيادات دول تتلقى دفوعاتها تحت التربيزة. و قد فشل الاتحاد الأفريقي في مالي و النيجر و توغو و يريد أن يجرب حظه في السودان، بأموال دولة الأمارات. هل السودان لا يعلم ماذا يجري في الصفقات التي تتم من أجل إكمال المؤامرة ضد السودان؟ بل يعلم تماما الابتسامات الزائفة و الشعارات التي اصبح لا أثر لها في علاقة الدول. مصالح السودان يجب أن تحدد مع من يتعامل مستقبلا.
أن الدول ذات النفوذ السياسي و المالي تعرف كيف تحرك أدواتها من أجل الوصول إلي تحقيق مصالحها، إذا كانت الأدوات داخل البلد المعني أو في دول الجوار. و الحرب قد بينت أن السياسة الأمنية في البلاد؛ أن كانت في عهد الإنقاذ أو قبلها أو بعدها هي سياسة سالبة تحتاج لمراجعة، و هي وراء تطويل سريان الحرب في البلاد. حيث هناك ملايين الأجانب الذين دخلوا السودان و سكنوا في كل مناطق العاصمة و غيرها، و هؤلاء أصبحوا جزء فاعلا في الحرب الدائرة الآن، حيث استطاعت الميليشيا أن تجند أغلبيتهم فقط بالمال، و هؤلاء دخلوا البلاد بطرق غير شرعية، و ربما دفعوا فيها رشاوي لكي يأمنوا بقائهم في البلاد، و غايتهم أيضا الحصول على المال. أن الحرب قد لفتت النظر؛ أن البلاد ليست فقط في حاجة لمراجعة قوانينها و مؤسساتها و عاداتها و اعرافها و قيمها، بل في إصلاح الفرد نفسه كوحدة مؤسسة للمجتمع، و أن الدول ما عادت تتدخل بجيوشها للحصول على مصالحها، و لكنها تدخل من خلال الرهيفة في النسيج الاجتماعي، من خلال أصحاب المصالح الخاصة. أن الدروس المستفادة من الحرب، أن العشوائية و ألا مبالاة التي كانت تعيشها القيادات في البلاد السياسية و العسكرية و الأمنية هي التي قد أسقطت العاصمة في يد الميليشيا عند أول طلقة تطلق في العاصمة، لتكشف أن البلاد كلها تحتاج إلي مراجعة في مبادئها و مجتمعها و مؤسساتها.
أن السودان بعد الحرب: يجب أن يكون له موقفا واضحا و قوي تجاه كل المنظمات الصورية التي هو عضوا فيها، و وقفت تلك المنظمات تتفرج عليه، و هو يخوض حربا ضروسا ضد العديد من دول الجوار، و أيضا دول خارج الإقليم مثل " الأمارات و ليبيا حفتر" و سكتت منظمة جامعة الدول العربية دون أن تنطق ببنت شفاه، مثل هذه المنظمات لا فائدة منها، و هي منظمات لم تقدم أي خدمة للسودان طوال مشاركته فيها، أن مغادرتها هي التي تجعل السودان يتعامل مع الأخرين من خلال مصالحه الذاتية بعيدا عن شعارات معلقة في الهواء عشرات السنين. أن منظمة الإيغاد لا تنفع أن تتدخل في السياسة يجب أن تكون محصورة فقط عند مشاكل التصحر و محاربة اسراب الجراد. أن التدخل الذي حصل في البلاد من العديد من مؤسسات المخابرات في البلاد بعد إبريل 2019م كان أكبر كارثة في تقويض الثورة، و أيضا تدخل القوى الخارجية في الشأن السياسي الداخلي للبلاد يجب أن لا يتكرر، و حتى حركة السفراء يجب أن تحكمها اتفاقية جنيف. أن الحرب يجب أن تكون مرحلة عودة الوعي السياسي الوطني، أن تختلف القوى السياسية فيما بينها و تتصارع و تتحاور حتى تصل إلي توافق وطني، و لكن بعيدا عن أعين بصاصي الخارج، و مؤسساتهم التي لا تسعى إلا لمصالح دولها. و نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: دول الجوار فی السودان فی البلاد هی التی من خلال یجب أن من أجل

إقرأ أيضاً:

30 مليار دولار حجم التبادل التجاري لدول حوض النيل في 2023

أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، اليوم الثلاثاء الموافق 24 ديسمبر 2024، النشرة السنوية الخاصة بالتبادل التجاري بين مصر ودول حوض النيل لعام 2023، التي تعكس حجم التجارة بين مصر وكل من السودان، إثيوبيا، أوغندا، الكونغو، كينيا، تنزانيا، رواندا، بوروندي، إريتريا، وجنوب السودان.

وبلغ إجمالي قيمة الصادرات المصرية لدول حوض النيل حوالي 1.73 مليار دولار في عام 2023، مقارنة بـ 1.70 مليار دولار في عام 2022، مما يمثل زيادة قدرها 2.1%، وقد ساهمت صادرات مصر في تحسين التبادل التجاري مع هذه الدول، مما يعكس أهمية هذه الأسواق لاقتصاد البلاد. 

وكانت السودان الوجهة الأبرز للصادرات المصرية، حيث سجلت 989 مليون دولار من إجمالي الصادرات، بزيادة قدرها 3.6% عن عام 2022، وقد شملت الصادرات الرئيسية منتجات مطاحن، سكر ومصنوعات سكرية.

واحتلت كينيا المرتبة الثانية بين الدول المستوردة من مصر، حيث بلغت قيمة الصادرات إليها 327.3 مليون دولار في عام 2023، لكن هذه القيمة شهدت انخفاضًا قدره 8.2% مقارنة بـ 356.4 مليون دولار في عام 2022، وركزت الصادرات المصرية إلى كينيا على سلع مثل السكر ومصنوعات سكرية، ورق وعجائن ورقية، بالإضافة إلى الحديد والصلب.

أما الكونغو، فقد كانت إحدى الدول المهمة في الاستيراد من مصر، حيث بلغت قيمة الصادرات إليها 267.5 مليون دولار في 2023، متراجعة بنسبة 3.1% عن العام السابق.

أما فيما يتعلق بالواردات، فقد بلغت إجمالي الواردات المصرية من دول حوض النيل حوالي 1.29 مليار دولار في 2023، مقارنة بـ 1.38 مليار دولار في 2022، مما يمثل انخفاضًا بنسبة 7.1%، وتصدرت الكونغو قائمة الدول المصدرة إلى مصر، حيث سجلت 532.1 مليون دولار في 2023، بزيادة قدرها 0.4% مقارنة بعام 2022، وقد تمثل الواردات الرئيسية من الكونغو في النحاس ومصنوعاته، خشب ومصنوعاته، والفحم الخشبي.

في المرتبة الثانية جاءت السودان، حيث بلغت قيمة الواردات منها 388.2 مليون دولار في 2023، مسجلة انخفاضًا بنسبة 23.2% عن العام السابق، وكان أهم ما تم استيراده من السودان حيوانات حية وقطن.

واستحوذت مجموعة المنتجات الحيوانية والنباتية والمشروبات والتبغ على الجزء الأكبر من الصادرات والواردات، وبلغت صادرات هذه المجموعة 697.1 مليون دولار في 2023، بزيادة ملحوظة قدرها 71.9% مقارنة بـ 405.5 مليون دولار في 2022، وفيما يخص الواردات، تراجعت القيمة لتصل إلى 623.6 مليون دولار في 2023 مقارنة بـ 675.1 مليون دولار في 2022، مما يمثل انخفاضًا بنسبة 7.6%.

يشير التقرير إلى أن حجم التبادل التجاري بين مصر ودول حوض النيل بلغ 3.0 مليار دولار في 2023، مما يعكس عمق التعاون الاقتصادي بين مصر ودول المنطقة، وهذا التعاون يعزز من مكانة مصر كلاعب رئيسي في سوق حوض النيل، ويركز على تسهيل حركة التجارة مع هذه الدول، وزيادة الاستثمارات المتبادلة، كما تمثل هذه الأسواق فرصًا كبيرة للصادرات المصرية، خاصة في المنتجات الزراعية والصناعية، بينما تعد الواردات من هذه الدول أكثر تنوعًا.

مقالات مشابهة

  • القناة 12 العبرية: القنبلة التي استهدفت هنية كانت في وسادته
  • رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!
  • كم جيل نُضحي به لنواصل (حرب الكرامة)..؟!
  • مأزق الحرب والإسلاميين
  • رمطان لعمامرة: أمد الحرب في السودان طال لما لا يقل عن عشرين شهراً
  • سوريا.. ضبابية المشهد طاغية ومخيم الهول أحد الأسباب الـ 7 التي تستدعي القلق
  • سوريا.. ضبابية المشهد طاغية ومخيم الهول أحد الأسباب الـ 7 التي تستدعي القلق - عاجل
  • الحوثيون يتوعدون باستهداف المصالح الأمريكية بلا خطوط حمر.. ويرفعون جاهزية مشافي صنعاء
  • الحوثيون يتوعدون باستهداف المصالح الأمريكي بلا خطوط حمر.. ويرفعون جاهزية مشافي صنعاء
  • 30 مليار دولار حجم التبادل التجاري لدول حوض النيل في 2023