انطلاق «ضيّ دبي» الفني بعروض ساحرة
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
دبي (الاتحاد)
أطلقت مدينة إكسبو دبي، أمس الجمعة، فعاليات مهرجان «ضيّ دبي» الفني، أول مهرجان للفنون الضوئية بأعمال فنية إماراتية، الذي يقدّم على مدى 10 أيام مجموعة متنوعة من الأنشطة الفنية والثقافية والترفيهية وورش العمل وحلقات النقاش الفنية.
يحتفل المهرجان بالنسيج الفنّي الغني للمواهب الإماراتية من خلال سلسلة من العروض الضوئية المذهلة والأعمال الفنية التفاعلية والحوارات الفنية القيّمة وورش العمل الإبداعية، مستقبِلاً كل الزوار مجاناً طيلة أيام الحدث.
7 فنانين إماراتيين
وحضر حفل الإطلاق الدكتور سعيد مبارك بن خرباش، المدير التنفيذي لقطاع الفنون والآداب في دبي للثقافة، والقائمون على المهرجان آمنة أبو الهول، المخرج الإبداعي التنفيذي للفعاليات والترفيه في مدينة إكسبو دبي، وأنتوني باستيك الرئيس التنفيذي والمدير الإبداعي التنفيذي في (AGB Creative)، إضافة إلى جمع من وسائل الإعلام المحلية والدولية.
وقد جال الحضور في أنحاء الفعالية في أجواء ساحرة من الأضواء والموسيقى، حيث توقفوا عند كل قطعة فنية ضوئية من الأعمال المذهلة التي أبدعها سبعة فنانين ومصممين إماراتيين مشهورين.
ومن الفنانين، الذين أضاءوا حفل الافتتاح، مطر بن لاحج، المعروف بتصميم واجهة الخطوط لمتحف المستقبل، والفنانة الرائدة الدكتورة نجاة مكي الحاصلة على وسام الفارس الفرنسي للفنون والآداب، والمؤسس المشارك لجمعية الإمارات للفنون الجميلة الدكتور محمد يوسف، والمصمم عبدالله الملا الذي شارك في بينالي لندن للتصميم وأسبوع دبي للتصميم العام الماضي، والفنانة متعددة التخصصات ميثاء حمدان، والمصمم خالد الشعفار المعروف بتعاونه مع (LASVIT)، ومتحف اللوفر أبوظبي، والفنانة التشكيلية ريم الغيث.
«أخوات الصحراء»
تتحول قبة ساحة الوصل الشهيرة، البالغ عرضها 130 متراً وارتفاعها 67.5 متراً بسطح عرض 360 درجة، إلى لوحة رسم عملاقة من خلال سلسلة من العروض الخاصة بعنوان «أخوات الصحراء»، وهذا العرض مستوحى من الأعمال الفنية الاستثنائية للفنانة الإماراتية الراحلة ظبية جمعة لملح، التي جسدت في أعمالها روح وعزيمة دبي، حيث تحدّت ظبية عدم قدرتها على استخدام يدها اليمنى والتواصل من خلال الكلام، بالتعبير عن نفسها من خلال أكثر من 200 عمل فني مميز.
يعكس العرض روح التعاون متعدد الثقافات في دبي، كما يضم العرض أيضاً أعمالاً فنية لضيفتين مميزتين، هما الفنانة الأسترالية رينيه كوليتجا والفنانة الجنوب أفريقية الدكتورة إستر ماهلانجو، اللتان نسجتا معاً قصة العزيمة والتواصل بين الثقافات باستخدام الفن، الذي يمثل جسراً لتقصير المسافات الشاسعة بين الأفراد.
إنساني وخيري
استلهاماً من جهود دبي على صعيد العمل الإنساني والخيري، يتعاون مهرجان «ضي دبي» مع مبادرة «ليتر أوف لايت» العالمية، الحائزة عدة جوائز عالمية ومنحة من برنامج إكسبو لايف، والتي تقوم على استخدام مواد يسهل الوصول إليها وذات تكلفة معقولة، من أجل توفير إضاءة تعمل بالطاقة الشمسية عالية الجودة للمجتمعات التي تفتقر إلى الكهرباء. كما يدعم المهرجان، في دورته الحالية، توزيع المصابيح الشمسية على القرى العائمة في منطقة «أجوسان مارش» في الفلبين، وتتاح للزوار فرصة التعهد بالمساهمة المالية لدعم مهمة المبادرة في مجتمعات أخرى داخل الفلبين وكينيا والكاميرون والهند.
يدعو المهرجان زواره ليس فقط للاندماج في الفن فحسب، بل إلى التفاعل معه أيضاً من خلال عدد من الفعاليات الفنية الرائعة، حيث يتحول التزلج على الألواح إلى عمل فني في حديقة «سرعة الضوء» أو «سبيد أوف لايت»، التي يتم تنظيمها بالتعاون مع (XDubai)، وهي تجربة ترفيهية وفنية رائعة تضم الرسوم المضيئة للفنانة الإماراتية البارزة عائشة الحمراني على جدران أسطح التزلج.
تجربة ثرية
وقال الدكتور سعيد مبارك خرباش المري، المدير التنفيذي لقطاع الفنون والآداب في هيئة دبي للثقافة والفنون «يُعد مهرجان (ضيّ دبي)، وهو الأول من نوعه للفنون الضوئية بأعمال فنية إماراتية، إضافة قيّمة للاقتصاد الإبداعي المتنامي في دبي، ونحن نشجع الزوار على استشفاف رؤية الفنانين المشاركين لمدينة دبي وطبيعتها وقيمها الجوهرية، ويأتي دعمنا لهذه التجربة الثقافية الثرية والمميزة من منطلق حرص دبي للثقافة على دعم جهود المبدعين لعكس الهوية الإبداعية للإمارة وقيمها وتراثها».
نبض الحياة
من جهتها، قالت آمنة أبو الهول «اليوم، مع انطلاقة مهرجان (ضيّ دبي) الفني، نضيف نوراً ساطعاً آخر إلى مدينتنا النابضة بالحياة، حيث تم تصميم (ضي دبي) وتنظيمه، ليكون بمثابة تكريم للنسيج الثقافي الغني للمدينة ودولة الإمارات، ونود الإعراب عن امتناننا للفنانين الإماراتيين السبعة الذين أضافوا قيمة كبيرة للدورة الأولى للمهرجان من خلال مشاركتهم، لأنه من خلال أعمالهم الفنية والبرامج المصاحبة للمهرجان، سنتمكن من تسليط الضوء على روح الإبداع والتنوع والتسامح التي تتمتع بها دولة الإمارات العربية المتحدة أمام العالم، وهو ما يمهد الطريق للعديد من الدورات المستقبلية من المهرجان بقيادة مجموعة المواهب الفنية الرائعة في الدولة».
وأضافت أبو الهول «نهدف من تنظيم مهرجان ضيّ دبي إلى تعزيز مكانة الإمارة كوجهة رئيسة للمهرجانات الفنية الراقية في أوساط قطاع الفن العالمي. وبذلك، نبني جسراً للفنانين المحليين لوضع بصمتهم على الساحة العالمية».
تراث ثقافي وإبداعي
وعلّق أنتوني باستيك بالقول «يمثل مهرجان (ضي دبي) فرصة رائعة للتعمق في قصص أولئك الذين يعتبرون دولة الإمارات الرائعة وطنهم، وسوف يعمل هؤلاء الفنانون والمصممون معاً على تسليط الضوء على جوانب مختلفة من الثقافة الإماراتية والعربية، معبرين عن عمق التراث الثقافي والإبداعي الغني في المنطقة من خلال واحدة من أكثر الوسائط الإبداعية المعاصرة إثارة». أخبار ذات صلة انطلاق «كاستم شو الإمارات» بـ«إكسبو دبي» أول مارس «موسم دبي الفني 2024».. فعاليات إبداعية نوعية
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: مهرجان ضي دبي دبي الثقافية مدينة إكسبو دبي من خلال
إقرأ أيضاً:
مهرجان ليالي مسقط 2024
إن المهرجانات السياحية أحد أشكال التواصل الاجتماعي، التي تنطلق من أهداف اجتماعية وسياحية؛ إذ تعتمد على إمكانات نقل القيم الاجتماعية والثقافية ضمن مفاهيم تلك الأنماط التي تقدمها، فالمهرجانات وسيط فاعل لتعليم الأجيال الناشئة والشابة، وتقديم التراث الحضاري والممارسات الحديثة في صور وأشكال جديدة، قادرة على إحداث تفاعلات خارج أنماط الممارسات المعهودة، فهو فرصة لتقديم أنماط التراث الثقافي والثقافة الوطنية، مما يُسهم في الحفاظ على الهُوية الثقافية للمجتمع ويُعزِّز آفاق الانتماء، والمواطنة الفاعلة بين أفراد المجتمع، إضافة إلى دوره في تعزيز الوعي بهذه الهُوية ونشر المعارف المرتبطة بها.
إذ تقدِّم هذه المهرجانات شكلا من أشكال العلاقات القائمة على المشاركة المجتمعية، وتعزيز تبادل الموارد وفتح فرص الأعمال، إضافة إلى دورها في تقديم مجالات الإبداع والابتكار؛ حيث تنهض بأنماط الثقافة بشتى أنواعها خاصة على مستوى الفنون البصرية (الإنشاد، والغناء، والمسرح، وغيرها)، وإبراز العادات والتقاليد وأنماط التراث المتنوعة؛ حيث توفِّر تلك المهرجانات تجارب ابتكارية وإبداعية قائمة على الاستفادة من الثورة التقنية سواء على مستوى التسويق والترويج أو على مستوى الفعاليات والبرامج التي تقدمها، مما يفتح آفاقا جديدة للشباب للتفاعل والمشاركة والإفادة من التجارب المختلفة.
ولعل ما يقدمه مهرجان (ليالي مسقط 2024) خلال هذه الأيام منذ افتتاحه في الثالث والعشرين من ديسمبر الحالي، من أشكال التواصل والتفاعل المجتمعي، وما يعكسه من تأثيرات تنموية على الفرد والمجتمع، يأتي ضمن تلك العوائد الاجتماعية والاقتصادية والسياحية التي تظهر في توافد الزوار وتفاعلهم مع هذا الحدث الاجتماعي المهم؛ حيث يقدِّم حالة ثقافية مجتمعية ذات قيمة مضافة، تحفِّز منصاته على التواصل المجتمعي بين الأفراد، وتدعم القضايا المجتمعية والتوعية بأهمية التكافل وتحقيق أهداف المسؤولية الاجتماعية.
إن ليالي مسقط تكشف الدور الرائد للمهرجانات السياحية والثقافية من خلال ما يقدمه من فعاليات وبرامج من ناحية، واتساع الرقعة الجغرافية التي تتوزَّع فيها تلك الفعاليات؛ حيث يقدِّم المهرجان فعالياته في العديد من المواقع التي تخاطب شرائح مختلفة من المجتمع، سواء تلك التي تُقدم في الحدائق العامة والمتنزهات، أو في الجمعية العمانية للسيارات، أو في مركز عمان للمؤتمرات والمعارض، أو الشواطئ والأماكن المفتوحة، أو تلك التي تقدَّم في المراكز الثقافية والمجمعات وغيرها، الأمر الذي يُسهم في تسويق تلك الفعاليات ويعزِّز قدرتها على التفاعل مع زوارها.
بالإضافة إلى ذلك فإن المشاركات الخارجية التي تقدمها الفرق والمؤسسات من دول العالم، تقدِّم لوحات ثقافية ذات أبعاد حضارية، تُسهم في تعزيز التعارف بين الشعوب، وتبرز الدور الذي تقوم به الثقافة في التلاقح الحضاري، والتفاعل فيما بينها، مما يقدِّم أنماط التعايش الثقافي والتنويع والتبادل القائم على التفاهم والتسامح، والمشاركة الإيجابية؛ وهذا ما يراه الزائر واضحا من خلال فعاليات (القرية العالمية)، التي تستعرض التراث الثقافي للدول، المتمثِّل في العادات والتقاليد والفنون وغير ذلك، وما تقدمه الفرق المختلفة من مشاركات في كافة الفعاليات والمواقع.
إن مهرجان (ليالي مسقط 2024) يمثِّل بيئة استثمارية وسياحية مهمة، سواء أكانت ثقافية فنية، أو رياضية، أو تجارية أو غير ذلك، فهو رافد تنموي يعزِّز التنمية المجتمعية، ويدفع العوائد الاقتصادية من ناحية، ويُسهم في تطوير البنية التحتية الخاصة بمناطق إقامة فعالياته ومناشطه، وبالتالي فإنه فعل تنموي مستدام الأثر، يدعم توجهات المجتمع نحو التطوير والتنمية؛ فقد تم الإعلان عن مشاركة ما يزيد على (700) مؤسسة صغيرة ومتوسطة في تنفيذ تلك الفعاليات، الأمر الذي يكشف الحرص على التشارك المجتمعي الداعم لتلك المؤسسات.
فالمهرجان يقدِّم فرصا مختلفة للمشاركين من كافة الفئات لتحقيق دخل مباشر؛ إذ يحفِّز أصحاب الأعمال للاستثمار في مجالاته ومناشطه، ويدفعهم إلى تسويق خدماتهم خاصة في المجالات الثقافية والسياحية والاقتصادية، وتقديم منتجاتهم، مما يدعم فرص زيادة دخلهم وتطوير تلك الخدمات بما يتوافق مع متطلبات رواد المهرجان من ناحية، وأهدافه من ناحية أخرى، إضافة إلى ذلك فإن المهرجان يمثِّل منطقة جذب سياحي مهمة، الأمر الذي ينعكس على تمكين تلك المؤسسات من تسويق منتجاتها وخدماتها بما يعزِّز دورها المجتمعي، ويحفِّزها على التطوير، ويمكِّنها من الاستدامة.
كما أن المهرجان يمثِّل إضافة مهمة للباحثين عن عمل؛ إذ تم تعيين ما يزيد على (500) شخص -حسب الصحف المحلية-، وهي وإن كانت وظائف مؤقتة لكنها عتبة مهمة بالنسبة للأشخاص الذين ما زالوا ينتظرون الوظائف، وهي فرصة للخبرة والتدريب، والتعلُّم الذي قد ينتج الكثير من الأفكار الإبداعية التي تفتح أمامهم فرص ريادة الأعمال أو التعيين في المؤسسات المشاركة، الأمر الذي يمثِّل أهمية على المستوى الاجتماعي.
إن التنوُّع الثقافي والسياحي الذي يقدمه مهرجان (ليالي مسقط 2024)؛ يقدِّم تجارب جديدة من خلال مجموعة من المهرجانات التخصصية مثل (مهرجان الزهور)، الذي يحتفي بالزهور والنباتات وما يرتبط بها من جماليات الطبيعة من ناحية، وما يهدف إليه من توعية بيئية وتعليمية من ناحية أخرى، وما يفتحه من فرص للاستثمار في النباتات المزهرة من ناحية ثالثة؛ فتلك النباتات ليست جمالا وحسب بقدر ما هي إمكانات بيئية واستثمارية تشارك في عرضها مجموعة من المؤسسات المحلية والعالمية.
بالإضافة إلى (مهرجان الطعام)، الذي يمثِّل أحد أبرز مجالات الثقافة، التي تتصف بالتفرُّد والتميُّز بين دولة وأخرى؛ فلكل دولة طرائقها ونكهاتها في الإعداد، وعاداتها وتقاليدها في التقديم، ولهذا فإن المهرجان يستعرض ذلك كله في طابع تفاعلي ثقافي، وتعليمي جاذب، يجعل من الطعام تجربة فريدة لها أصالتها وقدرتها على تمثيل حضارتها وثقافتها المميَّزة، ويفتح فرصا استثمارية متعددة في مجالات الطعام والصناعات المرتبطة به.
فالمهرجان بما يعرضه من فعاليات وبرامج سواء على المستوى الثقافي أو الرياضي الذي يتفرَّد ويتوسَّع في نطاقات وأماكن عدة، أو التقني الذي يفتح مجالات متنوِّعة للوسائط الرقمية وتقنيات الواقع الافتراضي والمعزَّز، والألعاب الإلكترونية المتنوِّعة، وبما يستعرضه من برامج تفاعلية أو استعراضية، أو معارض تجارية أو غير ذلك، فإنه يجعل من تجاربه حالة استثنائية من الترفيه على المستوى العائلي و الفردي، إذ أنه لا يهدف من ذلك إلى الإمتاع وحسب، بل أيضا تحقيق أهداف ثقافية واجتماعية قائمة على التشارك والتفاعل والتعلُّم، وبالتالي فإنه ترفيه معزَّز بالتجربة.
إن إقامة المهرجانات لا يمثِّل أهمية على المستوى الثقافي والاقتصادي وحسب، بل هو بيئة لتعزيز الصحة النفسية لأفراد المجتمع؛ حيث يمثِّل متنفَّسا لتجديد الطاقات، وبناء علاقات إيجابية بين أفراد الأسرة، وبين أفراد المجتمع عامة. إنه بيئة جاذبة لتحقيق الإمتاع والتعلُّم في جو من التفاعل والتجربة والإفادة من التجارب المحلية والعالمية، فهو مهرجان ترفيهي على مستوى الإمتاع، وتعليمي سياحي على مستوى التجربة. لذا فإن مهرجان (ليالي مسقط 2024)، يقدِّم نفسه باعتباره تطوُّرا لتجارب المهرجانات في عُمان، من خلال تلك التوسعة المكانية والتنوُّع الذي يسعى إلى الوصول إلى المستفيدين، والإفادة من التطورات التقنية والرقمية، وإشراك المؤسسات المختلفة خاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى المشاركات الدولية. إن ذلك كله يفتح مجالا واسعا ومتنوعا للزوَّار للمشاركة والإثراء.
إلاَّ أن المهرجان في سعيه للتطوير والانفتاح على عوالم جديدة أكثر إبداعا وابتكارا، عليه أن لا يغفل تحسين عمليات التقييم، التي يمكن أن تشكِّل أساسا للتطوير وتقديم ما هو أفضل في النسخ المقبلة.
عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة