مر أكثر من 30 عامًا على "اتفاقية أوسلو" التي أُبرمت بين منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة البطل ياسر عرفات، التي تمثل الدولة الفلسطينية، وبين ممثل الكيان الصهيوني الإسرائيلي، ويمكن القول إن الاتفاقية بُنيت على أساس قرار الأمم المتحدة 242، ووفقًا لهذا الاتفاق كان الاعتراف بسلطة فلسطينية، ومن مساوئه الاعتراف بفلسطين "كشعب" وليس كدولة تمثلها حكومة.


غير أنه بالنظر إلى عمق الحدثين، سنجد أن الكيان الصهيوني في الحالتين –في اتفاقية أسلو منذ عام 1991 وفي السابع من أكتوبر 2023- كان أهم أهدافه تثبيت فكرة أن للشعب الفلسطيني حق العيش كشعب فقط وليس كدولة.
وبعد مرور 30 عامًا، ذهبت إسرائيل متهمة أمام محكمة العدل الدولية، لترمي بخبث أن إسرائيل -الدولة- تتمنى العيش في سلام مع الشعب الفلسطيني، وأن العراقيل بسبب ما أتي من خلف استقلال حكم الفلسطينيين، وإن كنا سنذهب خلف طروحات أحاديثهم في إعلامهم، من وجود عرب - وهم ليسوا بعرب في الحقيقة حتى وإن انتموا لأصول عربية - يحملون الجنسية الإسرائيلية، ويعيشون في تناغم ويحاربون من أجل هذا الكيان.

ليرموا للعالم أجمع نظرية "البدون" من جديد، ليكن الفلسطينيون – الحقيقيون أصحاب الأرض والشرف والرسالة -  بلا جنسية، وأنهم بعض منكري السلام، ليجعلوا العالم يدافع عن نطريه التهجير، وينكرون كل المذابح التي يرتكبونها، حتى وصل عدد الشهداء إلى أكثر من 30 ألف شهيد من أطفال ونساء وشيوخ عزل.

ورمى دفاع الصهاينة، مصر، أمام العدل الدولية، باتهامات غير حقيقة لم يصدقها أحد، وشاهد العالم أجمع ما فعلته مصر حكومة وشعبًا من مواقف سياسية وسيادية وشعبية، لكنهم أرادوا تصوير مصر أمام العالم بأنها رافضة للمساعدة والتسكين، وقصدت التسكين في أن يرحل الفلسطينيون عن أرضهم إلى أرض أخرى.

وما تبحث عنه إسرائيل هو كيفية أن تظهر في صورة الدولة التي تدافع عن أرضها، لتصل إلى ما وصلت إليه بعض الدول المحتلة في العصور الحديثة، عندما قتلوا أصحاب الأراضي التي احتلوها، بزعم أنهم معادون للحداثة والتطوير، وتشهد إفريقيا، أرضًا وأمة على سفك دماء الأجداد.
غير أنها وقعت أمام دولة جنوب إفريقيا، الخصم الشريف بعيد العمق عن أحداث فلسطين، والتي فاجأت الجميع بكم المذابح التي نُزفت على الأراضي المقدسة، وكم افتخر جنود الاحتلال الإسرائيلي بقتلهم الأبرياء، ووثقوا هذا بأيديهم، لتكن أداة اتهام عليهم، لنجد بعد انتهاء أولى جلسات المحاكمة، دولًا لا توافق على ما سيحدث لإسرائيل من اتهام على جبينها بارتكاب إبادة جماعية، ليتأكد للجميع أن مذابح الهولوكوست قد تكون بدعة، أو صناعة صهيونية خالصة، فإن الاستفهام السابق هو نفسه ما قد يصل إلى أي صاحب عقل بسبب تناقض الأحداث والاتهامات والدفاع.

ومن المؤكد أن إسرائيل تستخدم الدعاية أكثر من الحقيقة، تستخدم الدعاية الكاذبة، أو غير الكاملة، مثلما فعلت الصحافة الصفراء في القرن التاسع عشر بين كبريات الدول.

إسرائيل تبحث عن تأجيج المشاعر والسياسة معًا، لتصل إلى تعاطف وتأييد الجميع.

لكن الحقيقة لن تختفي أبدًا، ولن يكبر الطفل الفلسطيني إلا في أرضه، ولن تولد مشاعر حب الوطن إلا من المقاومة، حتى وإن كانت منزوعة السلاح، وأكبر دليل على ذلك، ما فعله أبو الشهداء وائل الدحدوح، ليتمسك بمهنته – نقل الحدث – أمام العالم، حتى إن جُرح أو قُتل أبناؤه.

ومهما كثر كذب الإسرائيليين، فلن تهزم روح الكلمة، فما فعله فريق دفاع جنوب إفريقيا كان أكبر صورة تأكيدية لوقوف الشعوب مع الأمة الفلسطينية، وتشهد شوارع القاهرة بما تفعله الدولة حكومة وشعبًا من حب ومساعدة واجبة للشعب الفلسطيني.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

وكيل الأزهر: مأساة الشعب الفلسطيني‏ تحدث أمام مجتمع دولي يقف متفرجًا

أكد الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، اليوم الأحد، أن انعقاد النسخة الخامسة من ‏الأسبوع العربي للتنمية المستدامة بجامعة الدول العربية‏، تحت عنوان «حلول مستدامة من أجل مستقبل ‏أفضل: المرونة والقدرة ‏على التكيف في عالم عربي متطور» يثبت أن الدولة المصرية مواكبةٌ ‏لما يجري في ‏الساحة من ‏حراك اقتصادي واجتماعي، وأنَّها حريصة على ‏تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بقيادة الرئيس ‏‏عبد الفتاح ‏السيسي، رئيس الجمهورية، الذي يؤكد دومًا أهمية توفير حياة ‏كريمة لجميع المصريين، واهتمام ‏أجهزة الدولة بمقاومة ومكافحة الفقر وهو ما تبينه بوضوح ‏الأجندة الوطنية للتنمية المستدامة، رؤيةِ ‏‏مصر2030، التي تمثِّل إرادةً ‏حقيقيَّةً نابعةً من قراءةٍ واعيةٍ للواقع، ومن فكرٍ منظمٍ، ومن أملٍ في ‏مستقبلٍ ‏‏مختلفٍ. ‏

الجامع الأزهر: أعداؤنا يريدون شبابنا بلا هوية حتى يسهل عليهم النيل من أوطاننا التسامح في الإسلام.. ندوة لـ”خريجي الأزهر” بتشاد

وأشار خلال كلمته في المؤتمر الذي عقد بجامعة الدول العربية بالتعاون مع الشركاء من الأمم ‏المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وعدد من الهيئات المعنية في مصر والمنطقة العربية، إلى أهميَّة هذا المؤتمر ‏التي تكمن في محاولة إيجاد صيغٍ للتكامل بين: ‏‏(التنميةِ المستدامة والاقتصادِ الإسلامي بهدف مقاومةِ ‏الفقر) وتبعاته، وذلك ‏من خلال تعزيز الحوار والتفاهم والتفاعل بين الخبراء والمتخصصين في ‏مجالات ‏التنمية المستدامة والاقتصاد الإسلامي؛ لبلورة رؤية شاملة حول ‏مقاومة الفقر، ورسم السياسات الحقيقيَّة ‏لمواجهته.‏ كما يمثل المؤتمر جرس إنذار إلى كل العقلاء في العالم كي يتكاتفوا ‏ويكثفوا جهودَهم من أجل ‏انتشال الفقراء من واقعهم المؤلم، حتى لا ‏يصبحوا فريسة سهلة لجماعاتِ العنف والجريمة والإرهاب الذي ‏يصيب ‏الجميع بالألم.‏

‏وقال إن التنمية المستدامة ليست شعارا، بل هو واجب تفرضه الظروف ‏المتغيرة، ولقد أصبحت هذه ‏التنمية المستدامة هدفا ساميا لأي وطن يسعى ‏نحو التقدم والريادة، وسبيلا للمحافظة على الهوية من أي ‏اختراق أو ‏استهداف.‏ وفي ضوء ذلك واستجابةً لتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ ‏الأزهر، يعنى الأزهر الشريف بنشر ثقافة الاستدامة، والتأصيل لها، ‏والتوعية بأهميتها، وترسيخ قيمها، ‏وتحقيق أهدافها في المجتمع، وفي مقدمة ‏هذا (مقاومة الفقر)، فعقد الأزهر العديد من المؤتمرات التي تتعلق ‏بالتنمية ‏المستدامة، ومواجهة أزمات الحياة، ومنها: مؤتمر «مواجهة الأزمات ‏المعيشية وتداعياتها.. رؤية ‏شرعية قانونية» بكلية أصول الدين ‏بالمنصورة، ومؤتمر «التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر من منظور ‏‏الفقه الإسلامي والقانون الوضعي» بكلية الشريعة والقانون بتَفهنا الأشراف.‏

وأشار خلال كلمته إلى جهود الأزهر في هذا المسار، وقال إن الأزهر الشريف لم ينفصِل عبر ‏تاريخه الطويل عن قضايا الواقع ومشكلات الأمة ‏ومعضلات المجتمع؛ حيث أسهم برجاله وعلمائه وجميع ‏منسوبيه وقطاعاته ‏وأدواته المتعددة والمتنوعة، في تحقيق التكامل بين التنمية المستدامة ‏والاقتصاد ‏الإسلامي؛ من أجل مقاومة الفقر بكافة صوره وأشكاله، وفي ‏إطار هذه الجهود تم إنشاءُ (بيت الزكاة ‏والصدقات المصري) الذي قام بتنفيذ ‏العديد من البرامج التي تهدف إلى مد يد العون إلى الفقراء والمحتاجين ‏‏والغارمين والمرضى، الذين يجدون صعوبة في تحمل نفقات الحياة وتحمل ‏أعبائها.‏

ودعا وكيل الأزهر إلى تعزيز التكامل بين التنمية المستدامة والاقتصاد الإسلامي من ‏أجل القضاء على ‏‏الفقر وآثاره، فهذا لم يعد ترفًا، بل ضرورة ملحة. وأن يسير هذا جنبًا إلى جنب مع التنمية في البناء القيمي ‏‏والأخلاقي ‏والروحي للإنسان، وصيانة حياته حاضرًا ومستقبلًا. وإن هذا التكامل بين التنمية المستدامة ‏‏بمفهومها الإسلامي الأكثر ‏شمولًا وعمقًا، والاقتصاد الإسلامي بأدواته المتعددة ينبغي أن يتجاوز ‏الحلول ‏‏المؤقتة المسكِّنة، إلى حلول دائمة تعزز العدالة الاجتماعية، وتدعم ‏توزيع الثروات على نحو صحيح.‏

وأوضح وكيل الأزهر أن الاقتصاد الإسلامي يسعى إلى المحافظة على الحياة ومكوناتها ‏ومواردها وإنسانها، ‏‏‏بما فيه من أدوات متعددة تقوم على تبادل المنافع بين ‏الغني والفقير، والتي يتربح منها الأغنياء ليزدادوا ‏‏‏غنًى، وتساعد الفقراء في ‏الارتقاء بحالهم، وتحسين معيشتهم، والحد من درجة الفقر لديهم، ومنها ‏أنواع الزكاة ‏‏‏والصدقات، ومنها الحرص على التوزيع العادل للثروة، ومنها ‏تشجيع العمل والإنتاج، ومنها تطوير الموارد ‏‏‏البشرية، ومنها دعم ‏المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومنها دفع الشركات والمؤسسات إلى ‏مباشرة مسؤوليتها ‏‏‏المجتمعية وغير ذلك من أدوات.‏ فضلا عن أنواع العقود المستحدثة كشركات العِنان والمضاربة، ‏وغيرها من ‏‏‏أنواع الشركات التي أباحتها وأقرتها الشريعة الإسلامية، والتي ‏تعمل على الحد من الفقر، وتحقق التنمية ‏‏‏المستدامة للفرد والمجتمع.‏

وأردف وكيل الأزهر أن الفقر مشكلةٌ صعبة تعاني منها معظم المجتمعات، وللقضاء على هذه المشكلة ‏وآثارها لا بُدَّ من الوقوف على أسبابها.‏ فالفقر ظاهرة ذات جذور ‏متشابكة، وإن ما يدور على الساحة العالميَّة ‏اليوم، من حروب وقتل وتدمير من ‏أبرز الأسباب السياسية والاجتماعية التي تصنع الفقر، وترهق به ‏‏المجتمعات لفترات طويلة؛ لما ينتج عنها من تدهور اقتصادي وعمراني، ‏يتبعه تراجعٌ وتَدَنٍّ في مستوى ‏المعيشة، وفقدانٌ لمقومات الحياة الأساسية، ‏ناهيك بما تتركه الحروب من خلل سياسي مقصود، وكلما ‏اتسعت رقعة الفقر والجوع والتهميش ابتعد العالم عن الأمن ‏والاستقرار.‏

وذكَّر وكيل الأزهر الحاضرين في المؤتمر والضمير العالمي ‏بمأساة الشعب الفلسطيني الأَبي، وما يعانيه ‏الأبرياء الذين يتخطفهم الجوع ‏والخوف، ويتوزعون ما بين ألم التهجير والتشرد والجوع، وبين قسوة القتل ‏‏والتنكيل والترويع، من كِيانٍ محتلٍ ظالمٍ لا يَرقب فيهم إلًا ولا ذمة، فيما ‏يقف المجتمع الدُّولي متفرجًا وعاجزًا ‏عن مساعدتهم ووقف معاناتهم. ‏مشيرًا فضيلته إلى أن التكامل المنشود بين التنمية المستدامة والاقتصاد ‏الإسلامي ‏لمواجهة الفقر، يواجه تحدياتٍ كبيرة في التنفيذ والمتابعة، وهو ما يتطلب ‏تعاونًا دوليًّا وإرادة ‏سياسية قوية، وبناء منظومة شاملة تحقق الأهداف ‏المرجوة من هذا التكامل.‏

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: " المال "والسَّلطَّة !!
  • ياسر خليل: انتصار أكتوبر أهم ما يميز مؤتمر أدباء مصر.. وتلك أهم التحديات التي واجهتنا
  • على الدين سلامة يبدأ استعداداته لبطولة الملك حمد الدولية للجولف بالبحرين
  • محمد عصام يكتب: عادل حمودة.. الرجل المناسب في المكان المناسب
  • في يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني.. متى يتحول التضامن إلى تدخل حقيقي؟
  • سامح فايز يكتب: محكمة النقض ورفع 700 اسم من قوائم الإرهاب
  • عادل عصام الدين: الهلال بطل الدوري وعبد الكريم الجاسر ينتقد أخطاء اللاعبين
  • وصل للهدف الـ300.. صلاح يكتب 4 أرقام قياسية جديدة بهدفيه أمام ساوثهامبتون
  • وكيل الأزهر: مأساة الشعب الفلسطيني‏ تحدث أمام مجتمع دولي يقف متفرجًا
  • هل يعتد بالتسجيلات الهاتفية لإثبات الدين أمام القضاء؟