لمحات من التاريخ البحري العماني في «تقويم» المتحف الوطني
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
التاريخ البحري العُماني ليس قصصًا تُسرَد، ولا خَيالا يُطلقه البَحَّارة والنواخذة مع الريح، وهم يتذكرون مغامراتهم مع الإبحار بالسُّفن، بل حياة عاشها الإنسان العُماني منذ فجر التاريخ ولا يزال، والساحل العُماني الممتد جغرافيًّا من أقاصي مسندم في الشمال الأشَم، إلى آخر موجة تلقي التحية على ساحل ظفار، وقبل ذلك إلى آخر مدينة في الساحل الشرقي الأفريقي، وبينهما تمخر السفن العُمانية عباب البحر العميق، قاطعة دروب الماء إلى موانئ الشرق والغرب، ولعل ذاكرة البحر تُفضي بأبعد من هذا التصوُّر.
ومهما تحدَّث الباحثون عن التاريخ البحري العماني، فما أسرفوا ولا بالغوا في الوصف؛ لأن ما يُكتب عنه أقل مما كان وما عليه الآن، وككل الأشياء في هذه الحياة، هناك لفتات في هذا التاريخ، ضاعت من دون توثيق، ونواخذة وبحَّارة ذابوا في ظلمات البحار، وحياة في سطح الماء ممتدة إلى أبعد موجة.
هذه المقدمة تفضي بي لتقديم «التقويم السنوي» لهذا العام، الصادر عن «المتحف الوطني» بمسقط، فقد لمست فيه إيجازًا بديعًا لتاريخنا البحري، وورقات لخَّصَتْ لمحات جميلة، كتابة وصُوَرًا، ومعلومات من التاريخ البحري الطويل، يزرع في النفس الزَّهو بماضي عُمان، الذائب في أعماق البحار والمحيطات، والذي ما إن تنطلق السفينة من مرساها حتى تبحر بعيدًا، تداعبها أمواج تارة، وتصطدم بها تيارات غاضبة تارة أخرى.
بدأ التقويم بجملة: (يا حَافظ الأرْوَاح في الألواح، ومُسيِّر الفلكَ من غير جَنَاح)، المحفورة في سفينة «فتح الخير»، بتاريخ: 21 رمضان 1370هـ، دُعاءٌ اختصر حديثًا طويلًا في حفظ الأرواح من شر عوادي البحر الغاضب، البحر الذي قد يقلب معادلة الأمان رأسًا على عقب، إذا ما هبَّت الأعاصير، فتجري رياحه على ما لا تشتهي السفن، لكن الله خير حافظ، فيما تلوح سفينة الفتح كظل ذائب بين الأمواج، مضيئة في البال تاريخًا حافلًا قطعته هذه السفينة.
وبعد هذه «التعويذة» الرائعة نقرأ كلمة لسعادة جمال بن حسن الموسوي، الأمين العام للمتحف الوطني، اختصرت ما يمكن أن يقال عن أمجاد التاريخ البحري العماني، مذكرًا أن ارتحال العمانيين عبر البحار والمحيطات بدأ منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد، وأن (العمانيين ساهموا خلال القرون الأربعة الأخيرة، في تأسيس إمبراطوريتين بحريتين، ربطتا عمان بالخليج العربي، وساحل مكران، وشرق أفريقيا)، مشيرا في كلمته إلى نبوغ العمانيين في ارتياد البحار، ولذلك كتبوا أفضل الأدبيات في علم الملاحة البحرية، وصنعوا أنواعًا من المراكب، وما تزال الأساطيل العمانية العصرية، والموانئ المزدهرة، تمثل امتدادًا للموروث البحري القديم.
أقلب صفحة التقويم، لتتبادى صفحة تعريفية بكتاب «مجموع في علم البحار»، وهو مجموع يضم مخطوطات «الفوائد في علم البحر والقواعد»، و«حاوية الاختصار في أصول علم البحار»، و«الأراجيز»، لأحمد بن ماجد السَّعدي (ت: 906هـ/1500م)، يختصر التعريف بابن ماجد، (الذي كان ربانًا بحريًّا مرموقًا، ومن أشهر الملاحين في المحيط الهندي، ومن علماء فن الملاحة وتاريخه عند العرب، إذ اخترع الإبرة المغناطيسية «البوصلة» المستعملة في تحديد اتجاهات الرحلات البحرية، وترك آثارًا علمية عديدة في علوم البحار، جاوزت 40 كتابًا، وقد طَبَعَ المُتحَف كتاب «المَجمُوع» في طباعة فاخرة.
في صفحة أخرى لوحة تشكيلية، لمشهد من بندر «لنْجَة» إبَّان الحُكم العُماني، للرسام تشارلز جولدنج كونستابل، رسمها عام: 1853م، وتظهر في اللوحة مدينة لنجة من البحر، تشبه مدينة مطرح إلى حد بعيد؛ حيث السفن الشراعية تطفو كالدُّمى فوق سطح الماء.
وفي صفحة أخرى نشاهد منظرًا لمدينة مسقط مع السفن الشراعية، مأخوذًا من 16 مشهدًا، بين عامي (1809 - 1810م)، للملازم ريتشارد تمبل، وتظهر بعض الأبراج فوق الجبال أشبه بنقط بيضاء في إهاب أسمر، ولمسقط إطلالة بحرية ساحرة للنظر، تشكّل لوحة بانورامية، تظهر فيها المدينة من بعيد، رؤوس الجبال وكأنها فنارات ثابتة، والسفن تتهادى في الشاطئ، كما يتهادى البَجَعُ الراقص.
في صفحة أخرى من التقويم، نرى صورة للسفينة سلطانة، الأكثر شهرة بين المراكب العمانية، وهي سفينة حربية سريعة، صُنعت في بومباي عام (1249هـ/ 1833م)، وتتكوَّن من ثلاث صوارٍ، استخدمت للبعثات الدبلوماسية، حيث أرسل السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي مبعوثه أحمد بن النعمان الكعبي، في زيارة تجارية ودبلوماسية للولايات المتحدة الأمريكية عام (1255هـ/ 1840م).
وفي صفحة أخرى من التقويم، نقرأ خبرًا نشرته صحيفة «أخبار لندن» المصورة عام 1842م، عن السفينة «سلطانة» أيضا، حين أبحرت من زنجبار إلى لندن في عام (1258هـ/ 1842م)، حاملة على متنها والي ممباسا علي بن ناصر الهنائي، سفيرًا من قبل السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي، سلطان عمان وزنجبار، إلى «فيكتوريا» ملكة المملكة المتحدة البريطانية العظمى وإيرلندا، تتويجًا لعلاقات الصداقة التاريخية بين البلدين، وكانت الصحيفة قد نشرت مقالا عن وصول السفينة إلى لندن، ويتضمن واحدة من اثنتين فقط من الرسومات المعروفة للسفينة، وهي ترسو في رصيف «سانت كاترين».
وتتواصل صفحات التقويم بتقديم معلومات عن أهم أنواع السفن، كسفينة «البَغْلة»، وهي من أكثر السفن العربية زخرفة، وكانت بها صاريتان أو ثلاث: (امتازت البغلة المسلحة من أسطول السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي، بطولها البالغ حوالي 40 مترًا، وارتفاعها 45 مترًا، وبمدافع ذات ماسورات ثقيلة).
وتزين صفحات التقويم صورة للسفينة التاريخية «مَجَان»، المصنوعة عام 2013م، من حزم القصب، وخشب السدر، والحبال من شجر النخيل، طليت السفينة من الأسفل بالقار، وهي اليوم أحد معروضات المتحف الوطني، تذكرنا الصورة بتجربة انطلاقة السفينة في البحر، محاكاة للسفن المبحرة في فجر التاريخ، وكانت تجربة مهمة جديرة بالتوثيق.
كما قدم التقويم نبذة عن مخطوط: «معدن الأسرار في علوم البحار»، أول مخطوط عماني أدرجته منظمة «اليونسكو»، ضمن السجل الدولي لذاكرة العالم عام 2017م، وهو بمثابة دليل إرشادي للبحّارة والمهتمين في العلوم البحرية، تناول المؤلف في كتابه: (قواعد العلوم البحرية، وقيادة السفن باستخدام الآلات البحرية وحساباتها الدقيقة، ووصف البوصلة وأجزائها، واستخراج مسار السفينة، وخطوط الطول والعرض، وذكر مطالع النجوم، ورسم أشكال بعض الموانئ التي زارها).
وفي صفحات التقويم رسومات ولوحات مهمة، منها رسم تخطيطي من كتاب مطبوع، يتضمن رسومات بتقنية الطباعة الحجرية (1841م)، بعنوان: «مقالات عن الشعوب وبناء السفن غير الأوروبية»، أو مجموعة من السفن، والزوارق التي بناها سكان آسيا، وماليزيا، والمحيط الكبير، وأمريكا، لمؤلفه فرانسوا إدموند باريس، نشرته مكتبة آرتوس برتران.
ويقدم التقويم تعريفًا بالسفينة «جوهرة مسقط»، التي صُنِعَتْ في قرية «قنتب» الساحلية بمسقط، بلا مسامير أو قطع حديدية، وإنما بألواح مشدودة بالحبال فقط، أبحر على متنها القبطان صالح بن سعيد الجابري وطاقمه، قاطعين مسافة 6 آلاف كم، باتجاه سنغافورة عام 2010م، مستعيدة أمجاد العمانيين في الإبحار البعيد. كما يتضمن التقويم مشهدًا لخليج مسقط، من كتاب «مشاهد في الهند»، لمؤلفه ويليام دانيل وهوبارت كاوتير، تظهر فيه قلعتا «الجلالي» و«الميراني»، والأسوار العالية للمدينة، والسفن الشراعية الكبيرة، طبع الكتاب عام 1836م، مزين برسومات بتقنية الحفر.
ويتضمن التقويم مجسَّمًا لسفينة «الغنجة»، مصنوعة من الفضة والذهب والنحاس والدهان الملون، مهداة للسلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه، وتنتهي صفحات التقويم بنبذة تعريفية، لكرسي فاخر بذراعين يتكئان على دلفينين، من أثاث «اليخت السلطاني آل سعيد» المستخدم في قاعة الطعام، مزين بزخارف نباتية مذهّبة، ويظهر على مسند الظهر شعار اليخت السلطاني آل سعيد الأول.
كما يعكس التقويم الجهد المبذول في إخراج صفحاته وتحرير مادته، وانتقاء الصور الضوئية، واللوحات الفنية المستخرجة من مظانِّها، تتجاوز بقارئه حدود معرفة الأيام والشهور، إلى قراءة صفحات من سِفْر الحضارة العُمانية، مثيرًا في النفس الإعجاب، فشكرا للمتحف الوطني على هذه اللمحات الشيقة من تاريخ عمان البحري.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: من التقویم الع مانی
إقرأ أيضاً:
مقتنيات هذا المتحف لا تُقدّر بثمن.. واللمس مسموح فيه
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لا يكتفي أحد أكبر متاحف الفنون والتصميم في العالم بتقديم لمحة نادرة عما يدور في كواليسه، بل يمنح الزائر فرصة لاستكشاف الأعمال التاريخية والثقافية المهمة عن قرب.. وحتى لمسها.
و"مستودع V&A إيست" هو مرفق جديد في لندن لحفظ المقتنيات بمعايير المتاحف، تم تحويله إلى مساحة للعرض والبحث، وهو مشروع استغرق أكثر من عشر سنوات في الإعداد، ويهدف إلى إعادة تصور تجربة المتحف التقليدية.
يمتد "مستودع V&A إيست" على أربع طبقات شاسعة، ثلاث منها فقط متاحة للزوار. ويضم هذا الفضاء الهائل أكثر من 250,000 قطعة، تتنوّع بين جداريات رومانية ولوحة نادرة من أوائل القرن الرابع عشر للفنان الإيطالي سيموني مارتيني، وصولاً إلى أزياء طليعية وتصاميم راقية تحمل توقيع مصممين مثل شياباريللي، Comme des Garçons، وفيفيان ويستوود.
ما يميّز هذا المكان الفريد مبدأ الوصول المفتوح؛ حيث يستطيع الزوار الاقتراب من المقتنيات ومشاهدتها عن قرب، في كسر واضح للتقاليد المتحفية المعهودة التي تفرض الحواجز والحراسة، وتُبقي الأعمال الفنية في دائرة الإعجاب عن بُعد فقط.
وقالت جورجينا هاسلدين، كبيرة أمناء مستودع "فيكتوريا وألبرت" الشرقي، فيما تقف أمام صفوف طويلة من القطع الأثرية الثمينة، من لوحات الرسامة الإنجليزية مارغريت سارة كاربنتر، إلى سيوف صيد من القرن الثامن عشر، قبل افتتاحه للجمهور: "هذا عمل متحفي بامتياز".
وأضافت هاسلدين: "نريد أن يتعرّف الزوار على ماهية المجموعة، وكيفية حفظها..وكيف يعمل زملاؤنا في جميع أنحاء المتحف، من أمناء الحفظ إلى فريق الخدمات الفنية".
وصمّم هذا المتحف استوديو التصميم الأمريكي متعدد الاختصاصات "Diller Scofidio + Renfro"، ويضم قاعة مركزية ترتفع نحو 20 مترًا. ومن مختلف الاتجاهات تمتد صفوف من الرفوف المعدنية التي تضم أثاثًا، وأعمالًا فنية، وتماثيل عرض وغيرها. وهنا، يمكن للزوار النظر إلى الأعلى أو الأسفل من الطبقات العليا. ومع هذا الكم الهائل من المعروضات، من السهل الشعور بالانبهار.
وقالت إليزابيث ديلر، الشريكة المؤسسة لاستوديو "Diller Scofidio + Renfro"، خلال افتتاح المستودع: "في المتوسط، لا يُعرض سوى 3% من مجموعة المتحف في أي وقت من الأوقات".
وأضافت: "أما الـ 97% المتبقية، فهي مخفية في الطبقة السفلية، أو خارج الموقع في المخزن. ومع تراكم المزيد من المجموعات في المتاحف، ستنخفض نسبة الأعمال المعروضة بمرور الوقت ما لم نقم ببناء أجنحة جديدة لاستيعاب المزيد من المعروضات".
بالنسبة لمتحف V&A، فقد بدأت آلاف القطع التي كانت مخزّنة في المستودعات المغلقة منذ سنوات طويلة ترى النور أخيرًا. بينها، سقف ألتاميرا المذهل، وهو سقف مذهب مصنوع من الخشب اللين، يعود إلى أواخر القرن الخامس عشر، وأصله من مدينة طليطلة الإسبانية، يُعرض الآن لأول مرة منذ عقود.
كذلك، وبعد مرور أكثر من عشر سنوات، تُعرض مجددًا النسخة الضخمة من لوحة "امرأتان تركضان على الشاطئ (السباق)" التي رسمها بيكاسو في العام 1922، التي أعاد رسمها الفنان الأمير ألكسندر شرفاشيدزه بارتفاع يصل إلى عشرة أمتار. هذا الستار الأمامي، الذي استُخدم في العام 1924 من قبل فرقة باليه متنقلة، يحمل توقيع بيكاسو نفسه، ما يمنحه قيمة فنية وتاريخية كبيرة.
أما النتيجة، فتشبه إلى حد كبير متجر "إيكيا" ضخم (ولا يمكن تفويت رائحة الخشب، التي يبدو أنها تنبعث من إحدى العديد من خزائن الأدراج العتيقة — أقدمها يعود إلى عام 1410). وقالت ديلر: "مجموعة متحف فيكتوريا وألبرت غريبة الأطوار في الأساس. أين يمكنك أن تجد دروع فرسان، وأقمشة مسرحية، وعلب بسكويت، وقطع من مبانٍ، ودمى، وثريات، ودراجات نارية جنباً إلى جنب"؟
وعوض اعتماد الترتيب الأبجدي أو التنظيم الزمني الصارم، قررت ديلر أن "تستسلم للجنون"، من خلال وضع عناصر متنوعة من حيث الوسيط الزمني والمكاني جنباً إلى جنب. وأوضحت: "إنه أسلوب عرض يعود إلى القرن السادس عشر"، مضيفة أنه "كان يُستخدم أكثر في المجموعات الخاصة، لكنه كان أيضاً يجمع مقتنيات جنونية معاً".
كما هو متوقع، يحظر رفع مجموعة التحف المعروضة مباشرةً من على الرف، فهذا ليس متجر "إيكيا" في الواقع، ولكن لمسها، على ما يبدو، ليس محظورًا تمامًا.
وكل ما يحتاجه الزوار الراغبون في حمل حذاء عمره قرون بين أيديهم تسجيل الدخول وحجز موعد عند مركز الأبحاث الموجود في موقع المتجر. وهناك، يتواجد المراقبون وخبراء الحفاظ على التراث لتعليم الجمهور كيفية التعامل بشكل صحيح مع الأعمال ذات الأهمية الثقافية.
وإلى الآن، أكثر القطع التي لاقت إقبالًا عليها هو فستان من توقيع كريستوبال بالانسياغا باللون الوردي الداكن من العام 1954. لكن قماش التفتا الحريري الخاص بالفستان، المعروض في مركز الأبحاث، يبدو قزحي الألوان تقريبًا عن قرب.
ورغم أن التنفّس بالقرب منه قد يبدو أمرًا غير مراعٍ، إلا أن كيت بارسونز، مديرة الحفظ ورعاية المجموعات والوصول إليها في متحف "فيكتوريا وألبرت"، أكدت وجود نظام تحكم في المناخ في جميع أنحاء المنشأة، ما يحافظ على درجة حرارة تتراوح بين 16 و25 درجة مئوية ورطوبة تتراوح بين 40 و60%، وفقًا للمعايير الدولية، إلى جانب مجموعة متنوعة من الطرق لربط أو تثبيت القطع على طاولة المشاهدة.
وتؤكد أنها لا تشعر بالقلق حيال وضع هذه القطع الثمينة بين أيدي الجمهور. وقالت ل CNN: "لقد فكرنا مليًا في متانة القطعة".
وخلصت إلى أنّ "هذه المجموعات ملك للعامة. ومن المذهل حقًا أن نتمكن من إتاحة وصولهم إليها".
بريطانيافنونلندنمتاحفنشر الجمعة، 04 يوليو / تموز 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.