ساويرس يرد على كويتي: مصر لن تسقط لأن شعبها جبار وحضارته قديمة
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
كتب- محمد عبدالناصر:
رد المهندس نجيب ساويرس، رجل الأعمال، على مواطن كويتي، اعتبر أن مصر سقطت وخرج منها أفضل أبنائها، في إشارة إلى حصول المصريين على جنسيات أخرى.
وقال المواطن الكويتي، في تغريدة له على موقع "X": بما أن مصر قد سقطت ومركبها قد غرقت، وباتت الدول تأخذ أفضل وأبرع أبنائها، فإني أقترح أن تأخذ الكويت الطبيب الجراح الساحر الدكتور هاني عبد الجواد ليفتح عيادته عندنا، ونستفيد من علمه وإبداعه الكثير.
ورد المهندس نجيب ساويرس على المواطن الكويتي، قائلًا: مصر لم ولن تسقط، فشعبها جبار وحضارته قديمة.
وتابع: إن أخطأت إدارتها فشعبها جبار وحضارته قديمة وعظيمة ولن يأخذ أحد أبناؤها لا بجواز سفر أو بأموال.. فمصريتهم عميقة في جذورها وأن قبلوا بتكريم أو احتفال لا يتخلون عنها.
وأكد نجيب ساويرس: شعبها برئ من الأزمة الإقتصادية التى نواجهها! أما طبيبنا فهو فخر لنا وهو حر في قراره.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: كأس الأمم الإفريقية معرض القاهرة الدولي للكتاب أسعار الذهب الطقس مخالفات البناء سعر الدولار انقطاع الكهرباء فانتازي الحرب في السودان طوفان الأقصى سعر الفائدة رمضان 2024 مسلسلات رمضان 2024 ساويرس المهندس نجيب ساويرس الأزمة الإقتصادية طوفان الأقصى المزيد
إقرأ أيضاً:
خسارات
لم تكن الخسارة في يوم ما تنتسب إلى حقول الهزيمة ولا إلى أودية الانكسارات، ولا إلى روائح الفشل، ولا إلى مسامير الخيبات، فالخسارات النبيلة تعني النزول من التلال الرخوة، وأبراج الوهم، نخسر لا لنكسب شيئا ما، أو لكي نتشبث في قطارات الربح الهشة، فالخسارات تعني أن الطريق لم تعد تتسع لمعنى الرحلة، أو أن الشجرة سقطت في يد الحطّاب فأصبحت فأسا ضد الغابة، أو قضبانًا في جدار السجّان. أو أن الطفل خرج من حديقة طفولته فخذله خياله، والهزائم تركض وتتمدد في حلبة الصراعات الضيّقة والواسعة. نخسر لنعيد تشكيل المعنى الغائب، نخسر لنحدد معنى الهزيمة، ما تراه أنت أيها الأعمى خسارةً، ربما تكون معركة رابحة لأعمى عابر.
تخسر الكثير من الأوهام لتمسك بلحظة صادقة وجارحة واحدة ووحيدة، تخسر حلمك بأن تصبح حارس الحديقة في طفولتك، لتعود وترسم كل حدائق العالم في جدران بيتكم المهجور. تخسر في معركتك مع الشعر، لكن تمسك برماد الشعراء وعظامهم وسهم الدهشة المكسور. يكبر الطفل ويتلوّث بلعبة الواقع المخاتلة، ويخسر لعبة الخيال. الخيال خسارة رابحة في مخيلة السارد، تخسر نصوصك وشخوصك لتربح دهشة هشة. تخسر تبرعم الحروف الأولى في فمك ليزهر الصمت الطفولي في روحك.
تخسر زمنك الراكض إلى حتفه، وتتشبث بلحظات صفاء نادرة، تخسر كل سمفونيات العالم لتستريح في موسيقى الماء عند فلج الطفولة أو عند ينبوع جبليّ تركه الرعاة لريح الجفاف، الخسارة لعبة الزمن الخاسرة / الرابحة، فالزمن يلعب على حبال لا يدرك المرء ماهيتها، يسقط الزمن في ذاكرتنا وأحلامنا، ويصحو ليشرب قهوته معنا. يركض الزمن مع الكلمات ونجهل سطوته على الحروف، يتأمل الفيلسوف قافلة الزمن، تحدق القافلة في عينيّ الفيلسوف، فيرتعب من التحديقة الأخيرة. عندما تسقط شجرة لا يعني أن الغابة التهمتها حرائق الخسارات، بل أن جسرا خشبيا سيكبر فوق النهر، سيشاغب النهرُ الجاري الجسرَ النائم، وعندما ننسى الطريق إلى البيت لا يعني أن الرحلة انتهت، بل أن الرحلة ستكبر في محطات الخسارة والدهشة. نخسر الكلام لنغتسل بالصمت، نخسر الضوء لننصت لينابيع العزلة الأولى. نخسر أفخاخ الجهل لنربح سلالم المعرفة.
في نهر الخسارات الذي يرمي فيه المرء زمنه وأحلامه وكينونته لا يترقب أن يصطاد سمكة النصر، بل لينظر إلى قاع النهر قليلا، ويرجع إلى كوخه، أو لينصت لأحلام جلجامش وهو يمسك بعشبة الخلود الخاسرة، تخسر قطار الحكمة في أول العمر لتصل إلى محطة الحماقة في منتصف الرحلة.
تخسر لتغتسل الروح بطين اللحظة الأولى. تسقط قطرة الماء من منقار طائر عجول، لتخسر الفراخ العطشى لحظة الارتواء، لكن هناك لحظة نشوة في عين الشاعر وهو يرى القطرة تسقط في النهر، ليزرع القطرة الساقطة، وعطشى الفراخ كسمكة في دهشة النص الذي لن يقرأه أحد سوى أعمى.
ماذا لو كانت الخسارة امرأة وحيدة، لا تنتظر أحدا لتغريه، أو تدعوه إلى حديقتها الميتة، بل ترتب كل مساء أغنية للعابرين عليها، تشذب أغصان أشجارها الميتة لكيلا تخيب أحلام أطفال المدينة وطيورها. وتعود إلى سريرها لترتب ذاكرة خساراتها.
أيتها الخسارات القديمة والحديثة، المندس وراء كل محطات العمر، أو الشاهرة سيوفها، ماذا تبقى لهذا الغريب؟ نخسر ونهرب، نخسر ونكمش، نخسر وننكسر، وللخسارات حكمتها العمياء التي لا يمسكها سوى المجانين.
الخسارة لا تعني الفقد بالضرورة، والفقد لا يعني النهايات، يفقد المرء ذاكرة ليبني له ذاكرة أخرى، يخسر الجنرال أحلامه لتربح البلاد فسحة من الهدوء، يخسر المخبر عينيه لتطير أحلام الشاعر بعيدا.
أيتها الخسارات ماذا لو تتوقفي قليلا، عن الحصاد، عن حروبك اليوميّة، ماذا لو نزلتِ لتستريحي تحت ظل شجرة خسرت أوراقها؟ أو جدار بيت ثقبت الخسارات قلب الأم به؟
تخسر قلبك ونداءاته، تخسر طفولتك، أحلامك، تخسر أيامك، أيها الخاسر: هل كل الخسارات هي من فصيلة الهزائم؟ وهل الهزيمة شقيقة الخسارة؟ وهل السؤال يجرح الخسارة؟
تسقط الورقة، يحملها النهر في مجراه، الورقة لا تفكر في أمها الشجرة، تقفز الضفدعة فوق الورقة الساقطة، هل تقفز الضفدعة فوق الخسارات؟ في محطات القطارات تتساقط الأيام والساعات والأحلام، لا يفكر المسافر سوى في العودة إلى بيته، ولا يفكر البيت سوى بالظلام الذي يدثر المدينة. وفي نهاية لعبة الخسارات تخسر المدن الذاكرة والروائح.
تسقط ضحكة من فم امرأة في الصباح، فيلتقطها النادل، يتفحصها، يشذب أشواك الخيبة منها، يضعها قرب أصيص الورد، عندما تخرج من المقهى، تسمع المرأة ضحكة امرأة أخرى بين الورد، وتسأل النادل: أين سقطت خيبات العاشقة؟ قال لها: فوق جسر الصباح.
يسقط الشعراء في حقول المعنى، فتحاصرهم الصور والكلمات، فيهربون بأحلامهم إلى التخوم التي لا يصلها ضجيج الواقع، الشعراء يتقنون لعبة مخاتلة الخسارات، كل قصيدة ينثرونها في دفتر أعمارهم هي صخرة صغيرة في وادي الخيبات، يسقط الهامشيون في غابة الهامش ليمسحوا غبار الخسارات الصغيرة.
السمكة المتروكة في الحوض الزجاجيّ، تعلم جيّدًا أن التفكير في الخسارات لا يعني سوى الغرق في خيبات أعمق، تدرك أن البحر لم يعد يفكر في أبنائه، فالسمكة المحاصرة بالزجاج تقتل ضجرها بالتحديق في عيون الأطفال، يرفعون أيديهم الصغيرة، يلامسون الحاجز الزجاجي، تدور السمكة قليلا حول نفسها، وتغمض عينيها لتسقط في دائرة الخسارات الحُلميّة.
الطاولة الخشبية تدرك جيدا معنى الخسارات التي جرحت سلالاتها، لكن لحظتها الزمنية جعلتها تفكر في الخسارة القادمة عندما ترمى في عتمة المخازن، أو يحملها الخباز إلى فرنه، وبين الخسارتين الغابة والنار، ظلتْ الطاولة الخشبية تنتظر كل ليلة يد المرأة التي تبكي في العتمة لتمسح عنها أشواك الخسارات.
حمود سعود كاتب وقاص عماني