وول ستريت جورنال: حرب غزة تدفع العلاقات المصرية الإسرائيلية نحو الانهيار
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
العلاقة بين مصر وإسرائيل، وهي من أهم العلاقات في الشرق الأوسط "تنتقل من نقطة الركود إلى نقطة الانهيار"، ومسؤولون مصريون بحثوا بشكل جدي سحب سفيرهم من إسرائيل.
هكذا كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، حين نقلت عن مسؤولين مصريين، وآخرين على دراية بطبيعة العلاقة بين البلدين، القول إن العلاقة بين القاهرة وتل أبيب "عند أدنى مستو لها منذ عقدين على الأقل، وذلك عند اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في بدايات عام 2000، التي هددت أيضا بنقل موجة من اللاجئين إلى مصر".
وتحذر مصر إسرائيل من دفع أعداد كبيرة من الفلسطينيين خارج غزة إلى شبه جزيرة سيناء أثناء حربها ضد "حماس"، كما ترفض وجودا عسكريا إسرائيليا في ممر فلادلفيا، على الحدود بين قطاع غزة ومصر، على أساس أنه انتهاك لسيادتها.
وكانت مصر أول دولة عربية تعترف بإسرائيل في عام 1979 بعد هزيمة عسكرية محرجة، ونادرا ما كانت العلاقات ودية.
ونادرا ما يلتقي المدنيون بعيدا عن منتجعات البحر الأحمر، في حين يحرص القادة المصريون في كثير من الأحيان على إظهار دعمهم لقيام دولة فلسطينية منفصلة.
وأثارت مصر احتمال تدفق الفلسطينيين عدة مرات، في حين عمل المسؤولون الإسرائيليون والمصريون على احتواء التوترات الناجمة عن هجوم "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
اقرأ أيضاً
النزاع حول محور صلاح الدين.. خطر يهدد اتفاق السلام المصري الإسرائيلي
وتتعرض العلاقة الآن لضغوط أكبر من قبل المتمردين الحوثيين في اليمن الذين يستهدفون السفن في البحر الأحمر المتجهة إلى قناة السويس، في إظهار الدعم للفلسطينيين.
وأدى ذلك إلى موجة من الهجمات المضادة من الولايات المتحدة وحلفائها. شركات الشحن العالمية تتجنب المنطقة.
وخسرت مصر نحو 40% من إيرادات عبور قناة السويس هذا العام، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بينما انخفضت حركة عبور السفن بنحو 30%، وفقًا لهيئة قناة السويس.
وإذا استمرت الأزمة، فإن الدولة المصرية المتعثرة اقتصاديا، ستخسر مليارات الدولارات.
ولم يتحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في الأسابيع الأخيرة.
ورفض السيسي عدة اتصالات من الزعيم الإسرائيلي، حسب مسؤولين مصريين.
اقرأ أيضاً
حماس تثمن موقف مصر من التهديدات الإسرائيلية بشأن محور فيلادلفيا
يقول الباحث البارز في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي أوفير وينتر، إن "ما يسمى بالسلام البارد أصبح أكثر برودة على المستويين الحكومي والمدني".
ويحذر: "يمكن أن يكون للبرودة العميقة عواقب بعيدة المدى".
وعلى الرغم من العلاقة السياسية الصعبة بين البلدين، فإن مصر شريك أمني مهم لإسرائيل.
وساعدت في التوصل إلى اتفاق في نوفمبر/تشرين الثاني، يقضي بإطلاق سراح الأسرى المحتجزين من إسرائيل، مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين ووقف إطلاق النار في الصراع.
كما تقاربت الحكومتان أيضًا في عهد السيسي، القائد العسكري السابق الذي وصل إلى السلطة بعد انقلاب عسكري عام 2013، حيث عمل الجانبان معًا ضد الأعداء المشتركين.
ووافقت إسرائيل على السماح لمصر بنقل قوات إضافية إلى شمال سيناء لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية"، في مخالفة لقواعد معاهدة السلام الموقعة في السبعينيات والتي حدت من عدد القوات المسموح بها بالقرب من الحدود.
وشكلت حرب غزة اختبارا للعلاقات على نحو لم يسبق له مثيل منذ سنوات.
اقرأ أيضاً
إعلام عبري: السيسي يرفض تلقي اتصال من نتنياهو
وأثار قرار مصر بعدم إصدار إدانة رسمية لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول غضب المسؤولين الإسرائيليين.
وبدأت علامات التحذير مبكرة، عندما أصاب القصف الإسرائيلي معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر، مما أدى إلى إصابة مسؤولين أمنيين مصريين.
كما دفعت إسرائيل مصر في الأسابيع الأخيرة إلى قبول وجود عسكري إسرائيلي على طول الحدود بين غزة ومصر والسماح لأفراد إسرائيليين بتسيير دوريات في الأراضي المصرية لقمع ما تقول إنه تهريب أسلحة لحماس.
ورفضت مصر الاقتراح باعتباره انتهاكا لسيادتها.
كما اتهمت إسرائيل مصر بالسماح لحماس بتهريب الأسلحة عبر حدود غزة مع مصر.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي كبير: "لم تقم مصر بعمل جيد في التحقق من ما يتدفق إلى غزة".
اقرأ أيضاً
مصادر مصرية تنفي الموافقة على احتلال إسرائيل لمحور فيلادلفيا الحدودي
ويرفض المسؤولون المصريون هذا الاتهام.
وأضرت الحرب بالعلاقات الاقتصادية والمدنية الهشة.
وتوقفت الرحلات الجوية المباشرة بين القاهرة وتل أبيب، وتوقفت السياحة الإسرائيلية في مصر تقريبًا.
كما تم تجميد اجتماعات منظمة الغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط، والتي كانت بمثابة حجر الزاوية في العلاقات الاقتصادية التي كانت تعمل على تحسين العلاقات الاقتصادية.
من جانبه، يقول النائب السابق في البرلمان المصري وابن شقيق الرئيس المصري الذي اغتيل بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل محمد أنور السادات: "منذ أن بدأت الحرب في غزة، لا يبدو الأمر جيداً".
ويضيف: "يبدو أن هناك انعداماً للثقة".
وتشعر مصر بحساسية خاصة تجاه الاقتراحات التي تدعو الفلسطينيين إلى البحث عن ملجأ عبر حدودها.
وخلال الأسبوع الأول من الحرب، ردت القاهرة بشكل حاد عندما شجع متحدث عسكري إسرائيلي الفلسطينيين على مغادرة غزة عبر الحدود مع مصر للاحتماء هناك.
اقرأ أيضاً
صحيفة عبرية تكشف شروطا مصرية للموافقة على عملية إسرائيلية في محور فيلادلفيا.. ما هي؟
وتقول مصر إن إسرائيل يجب أن تكون مسؤولة عن مصير السكان المدنيين في الأراضي التي تحتلها.
وتشعر مصر بالقلق أيضا من أن حماس ومسلحين آخرين قد يدخلون مع اللاجئين المدنيين مما يخلق خطرا أمنيا في بلد يشكك منذ فترة طويلة في الحركات الإسلامية.
ومع ذلك، واصل نتنياهو الضغط على مصر لقبول أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين، وفقا لمسؤولين مصريين.
وقال مسؤولون مصريون إن السيسي والجنرالات الحاكمين في مصر شعروا بالقلق من حديث سياسيين ووسائل إعلام إسرائيلية في نوفمبر/تشرين الثاني، عن ضرورة نقل سكان غزة قسراً إلى مصر.
ولم تجد المخابرات العسكرية المصرية أي دليل على وجود خطة لطرد الفلسطينيين، لكن التصريحات أقنعت الحكومة المصرية بوجود مثل هذا البرنامج الإسرائيلي السري، وفقًا لمسؤولين مصريين.
ولم تستجب الحكومة الإسرائيلية لطلب التعليق.
وقالت مصر إن أي محاولة لنقل ملايين النازحين الفلسطينيين من شأنها أن "تمزق" العلاقات بين البلدين، حسبما قال المسؤولون المصريون، وهو أول تحذير من هذا النوع.
وكرر المسؤولون المصريون تحذيراتهم مع تزايد عدد الفلسطينيين بالقرب من الحدود مع مصر في أواخر العام الماضي.
اقرأ أيضاً
معاريف: حرب نتنياهو الجديدة ستكون فوق رأس السيسي بسبب رفح وفيلادلفيا
وأخبروا أيضا الولايات المتحدة أن علاقتهم مع إسرائيل سوف تتضرر إذا تم دفع الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء، وأن المخاطر الأمنية لكلا الجانبين سوف تتفاقم إذا انضم إليهم مقاتلو حماس.
وفي الأسابيع الأخيرة، دفعت إسرائيل مصر إلى قبول عملية عسكرية لتأمين السيطرة على الحدود المصرية مع غزة، حيث اتهمت القاهرة بالفشل في منع حماس من تهريب الأسلحة إلى غزة.
ودحضت مصر هذا الاتهام، وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر ضياء رشوان: "يجب التأكيد بشكل صارم على أن أي تحرك إسرائيلي في هذا الاتجاه سيؤدي إلى تهديد خطير للعلاقات المصرية الإسرائيلية".
وفي الوقت نفسه، قال الفريق القانوني الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية، حيث يدافع عن البلاد ضد تهمة الإبادة الجماعية، إن القاهرة هي المسؤولة عن الفشل في توصيل المساعدات الإنسانية إلى غزة من الجانب المصري من معبر رفح.
ودعا كبار مسؤولي المخابرات والأمن المصريين إلى عقد اجتماع في نفس اليوم، لمناقشة سحب السفير المصري من تل أبيب ردا على هذه التعليقات.
وبعد ما يقرب من خمس ساعات من المناقشات، قرروا أنه من الأفضل بدلاً من ذلك إصدار بيان ينفي هذه المزاعم، مما دفع بعض الذين هم على دراية بتفكير الجانبين إلى استنتاج أنه لا يزال هناك مجال لتهدئة العقول.
يقول دانييل كيرتزر، سفير الولايات المتحدة السابق لدى كل من مصر وإسرائيل: "أنت في منتصف الحرب والتوترات طبيعية".
ويضيف: "إنهم في عناق الدب.. وكلاهما بحاجة إلى بعضهما البعض".
اقرأ أيضاً
محلل إسرائيلي: السيسي شريك لنتنياهو في استراتيجيته الفاشلة بشأن حماس
المصدر | وول ستريت جورنال - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مصر إسرائيل أزمة دبلوماسية سحب سفير تهجير حرب غزة محور فيلادلفيا اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
كيف استقبل اليمين الإسرائيلي والمعارضة خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين؟
شكّل إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته لتهجير الفلسطينيين من غزة، "حبة النشوة" التي لم يكن اليمين الإسرائيلي يعرف أنه يحتاج إليها، والجرعة التي كان يريد أن يتناولها، وفيما ركض بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة لمدح صديقه الحقيقي في البيت الأبيض، فقد أعلن رئيس الكنيست أمير أوحانا أننا أمام "فجر يوم جديد"، أما إيتمار بن غفير وبيتسلئيل سموتريتش فسارعا لإحضار الشمبانيا والكؤوس لشرب نخب الانتصار.
وأكد دان بار-نير، المستشار السياسي السابق، والمتخصص بدراسات الشرق الأوسط، أن "ردود الفعل في صفوف المعارضة على خطة ترامب تراوحت بين التلعثم والصمت، وكتب زعيم المعارضة يائير لابيد على فيسبوك أن "هذا كان مؤتمرا صحفيا جيدا لإسرائيل"، أما وزير الحرب ورئيس الأركان الأسبق بيني غانتس فكتب أن الفكرة "ستصمد أمام اختبار الواقع".
وأضاف في مقال نشره موقع زمن إسرائيل، وترجمته "عربي21" أن "رئيس الحزب الديمقراطي يائير غولان أعلن أنه فهم من تصريحات ترامب أن "جميع المختطفين يجب أن يعودوا الآن، فيما غضبت زهافا غالئون رئيسة حزب ميرتس السابقة عندما سمعت أن معارضة الترحيل تنبع من حقيقة أنه غير عملي، وليس أنه غير أخلاقي".
وأوضح أنه "عندما ننظر للابتهاج بين الائتلاف وأنصاره مقابل التذبذب بين ممثلي المعارضة التي تدّعي خلق بديل للحكومة، فربما يكون هناك سبب وراء نشر أن 70% من الجمهور يؤيد فكرة ترامب، ودعم شبه توافقي له، صحيح أنه تم انتخاب الرئيس السابع والأربعون للولايات المتحدة بأغلبية أصوات الأمريكيين، لكنه في واقع الأمر يتمتع بشعبية أكبر بكثير بين الإسرائيليين، وفي استطلاعات مختلفة أجريت بينهم، أعرب 60-70% منهم عن تأييدهم له، مقارنة بـ53% من الأمريكيين، ويشعرون بأنه "جيد لإسرائيل".
وأوضح أن "هذا التأييد الاسرائيلي الجارف لترامب يعود للدعم الشعبي الذي يقدمه لمصلحتهم، والخط العدواني الذي يتخذه ضد إيران ووكلائها، وفي عالم يشعرون فيه بأن دولتهم معزولة في الساحة الدولية، لا يُنظر لتصريحات ترامب على أنها منارة ضوء في نهاية النفق، بل قوس قزح في يوم شتوي كئيب ممطر".
واستدرك بالقول أنه "رغم كل ذلك، فإن فكرة ترامب بتفريق الفلسطينيين في دول العالم العربي ليست فكرة سيئة من الناحية النظرية فحسب، بل فاشلة تاريخياً، لأن الملايين منهم فرّوا بالفعل لبلدان أخرى بعد حرب النكبة، خاصة سوريا ولبنان والأردن والضفة الغربية الخاضعة آنذاك لسيطرة الاحتلال".
وأكد أنه "في ظل الفقر والإهمال والشعور بالانتقام من الاحتلال، أصبحت مخيمات اللاجئين حاضنة للمقاومة، وهو عانى منه الاحتلال على مدى عقود من الزمن بسبب هجماتها المنطلقة من لبنان والأردن".
وأشار أننا "اليوم نشهد التأثير المتطرف المناهض للاحتلال القادم من مسلمي أوروبا، كما أن المظاهرات الضخمة المؤيدة لغزة وحماس، والعنف المنظم ضد الإسرائيليين، ومطاردة الجنود المسرّحين في الخارج، كلها أسباب تثير تساؤلات حول جدوى خطة تهجير ملايين الفلسطينيين في الشرق الأوسط ودول العالم، حتى قبل المناقشة الوهمية حول قضية طردهم من ديارهم دون أن يتحول ذلك لمذبحة جماعية".
وخلص الى القول أن "أي زعيم إسرائيل مهتم بتشكيل الحكومة المقبلة يجب أن يفهم أمراً واحداً، أن كل ما يتصل بمستقبل غزة بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر، لن يناقش الجمهور الإسرائيلي القضايا الأخلاقية، لأنه غير مبالٍ بالمعاناة في غزة، لأنه يبحث عن الحلّ الأمني فقط، وسيتبع من يقدّمه، بغض النظر عن مدى أخلاقيته".