الجزيرة:
2025-11-13@06:39:36 GMT

حرفي تركي يعيد آلة الإسطرلاب القديمة إلى الحياة

تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT

حرفي تركي يعيد آلة الإسطرلاب القديمة إلى الحياة

يعمل الحرفي التركي جبرائيل جقرقايا، من ولاية بورصة التركية (غرب)، على صنع نسخ طبق الأصل من آلة الإسطرلاب التي استخدمها علماء الفلك المسلمون في العصور القديمة، وخاصة في العصور الوسطى، لقياس ارتفاع الأجرام السماوية وحساب التوقيت المحلي وأوقات الصلاة.

الحرفي جقرقايا في ورشته ومساحتها 10 أمتار مربعة والموجودة في أحد الخانات التاريخية (الأناضول)

ويقضي جقرقايا، وهو موظف حكومي (37 عاما)، معظم أوقات فراغه في إعادة صناعة آلة الإسطرلاب في ورشته التي تبلغ مساحتها 10 أمتار مربعة والموجودة في أحد الخانات التاريخي.

ويعمل جقرقايا في ورشته على إنتاج نسخ طبق الأصل من آلة الإسطرلاب الدائري المستخدم في القياسات الفلكية في العصور القديمة، مع حرصه على الالتزام بأدق التفاصيل ليكون المنتج نسخة طبق الأصل من آلة الإسطرلاب.

الحرفي التركي يعمل على صنع نسخ طبق الأصل من آلة الإسطرلاب (الأناضول)

ومنذ نحو 10 سنوات، يعمل جقرقايا على إنتاج مجموعة من الأعمال الفنية التي تتطلب صناعتها مهارات يدوية عالية، بناءً على طلبات خاصة من المتاحف وجامعي الأعمال الفنية.

وقبل البدء بإنتاج الإسطرلاب، أجرى جقرقايا مجموعة من الأبحاث في الصور والمعلومات الواردة في المصادر القديمة، ليقضي بعدها أشهرا في العمل لإنتاج أول نسخة طبق الأصل من آلة الإسطرلاب، وذلك من خلال النظر إلى الصور وتتبع المعلومات الواردة في المصادر القديمة.

بالنظر إلى الصور والمعلومات الواردة في المصادر القديمة، يعمل جبرائيل على صنع نسخ طبق الأصل (الأناضول) إنتاج بتقنيات قديمة

وقال جقرقايا للأناضول، إن اهتمامه بالصناعات اليدوية بدأ منذ نعومة أظفاره، كما عمل لسنوات في نحت الخشب وصناعة مجموعة من المنحوتات الخشبية.

وأضاف أنه تعلم العديد من مهارات فن النحت ومعالجة النحاس على يد أحد الحرفيين المشهورين في مدينة شانلي أورفا التركية (جنوب)، حيث عمل قبل انتقاله إلى بورصة.

آلة الإسطرلاب استخدمها علماء الفلك المسلمون في العصور القديمة (الأناضول)

وأضاف: أثناء بحثي في تاريخ العلوم، تعرفت على الإسطرلاب، وكيفية عمله، والغرض من استخدامه. يمكنني استخدام منشار الرقصة بشكل جيد جدا، وكذلك العمل في مجال النحت، واعتقدت أنني أستطيع نحت الخطوط على النحاس، وهو ما يلزم لإنتاج الإسطرلاب.

ولفت جقرقايا إلى أن "الإسطرلاب عادة ما يكون مصنوعا من مادة النحاس، نظرا لمتانة هذا النوع من المعادن وسهولة استخدامه، فضلا عن سهولة قراءة الخطوط المكتوبة الموجودة على هذا المعدن".

جقرقايا يعيد بناء الآلة بنفس التقنيات القديمة التي تم استخدامها قبل ألف عام (الأناضول)

وتابع: "يتم نقش ونحت الخطوط والكتابات على آلة الإسطرلاب. بعد ذلك نقوم بالعمل على الأجزاء التي نسميها العنكبوت، كما يتم أيضا إفراغ بعض الأجزاء بمنشار قص. أفعل كل ذلك في هذه الورشة، بتقنيات قديمة".

وزاد: "أقوم بإعادة بناء الآلة بنفس التقنيات القديمة التي تم استخدامها قبل ألف عام".

الإسطرلاب استخدم لقياس ارتفاع الأجرام السماوية وحساب التوقيت المحلي وأوقات الصلاة (الأناضول)

ولفت جقرقايا إلى أن "عدد الأشخاص الذين يقومون بهذا العمل وباستخدام وسائل تقليدية نادر جدا"، مشيرا إلى أنه يدرس في هذه الأثناء 8 أنواع مختلفة من الإسطرلابات.

وقال موضحا: "قمت بدراسة 8 أنواع مختلفة من الإسطرلابات، ترجع لفترة السلطان بايزيد الثاني ما بين 1505 و1506، والدولة الرسولية في اليمن (1229 – 1454)، والمزولة الشمسية المحمولة لنور الدين زنكي".

جقرقايا: عدد الأشخاص الذين يقومون بهذا العمل وباستخدام وسائل تقليدية نادر جدا (الأناضول)

والمزولة الشمسية هي أول ساعة اخترعها الإنسان، وكان العرب المسلمون يستخدمونها لتحديد أوقات الصلاة، فهي تعتمد على الشمس وزاوية انحرافها عن الأفق، أي أن مبدأها يعتمد على الزوايا عوضا عن الساعة والدقائق والثواني.

وأشار جقرقايا إلى أن "أول إسطرلاب فني في التاريخ، صنع عام 975 م، من قبل عالم الرياضيات والفلكي أبو محمود حميد بن الخضر الخجندي، الذي عاش في أواخر القرن العاشر للميلاد".

جقرقايا: أول إسطرلاب فني في التاريخ، صُنع عام 975 م (الأناضول) تسليط الضوء على الإسطرلاب

جقرقايا قال إنه يعمل منذ عام على صناعة إسطرلاب فضي، مشيرا إلى أنه لم يجد في المصادر التاريخية إسطرلابا مصنوعا من الفضة، لذلك قرر أن يصنع أول إسطرلاب فضي.

جبرائيل جقرقايا يعمل منذ عام على صناعة أول إسطرلاب فضي في التاريخ (الأناضول)

ولفت جقرقايا إلى أن إنتاج الإسطرلاب ليس عملا تجاريا له سوق، بل يقوم بإنتاج أعداد من هذه الآلة القديمة والتقليدية بناءً على طلبات يتلقاها من أشخاص ومؤسسات، وخاصة المتاحف وجامعي الأعمال الفنية.

كما ذكر أنه يعمل أيضا على "تسليط الضوء مجددا على هذه الآلة القديمة (الإسطرلاب)، وإظهار أهميتها في تطوير العلوم، وخاصة الفلك، وأهمية المساهمة التي قدمها العلماء المسلمون في الحضارة الإنسانية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی المصادر فی العصور

إقرأ أيضاً:

الأسواق القديمة... ذاكرة التجارة العُمانية

 

 

 

محمد بن علي البادي

كانت الأسواق العُمانية القديمة أكثر من مجرد دكاكين وأروقة يعلوها الغبار؛ كانت ملامح وطن تروى في وجوه تجاره، ونبضا يتردد في صدى الخطوات على حجارتها العتيقة. هناك، ولدت الأمانة في الموازين، وتربت الكرامة على الأرفف الخشبية، وتبادلت الأيادي عمرها بصدق لا يقاس بالنقود.

لم تكن تلك الأسواق تبيع السلع فحسب؛ بل كانت تبيع الحكايات، وتشتري العزة بثمن الكد والعرق. وكانت – بما فيها من ثقة متبادلة بين الناس – بمثابة بنوك شعبية فطرية؛ يودع فيها الأهالي أموالهم لدى التجار، ويقترض منها المحتاجون دون أوراق أو ضمانات؛ بل بكلمة شرف تغني عن كل توقيع.

اليوم، حين نلتفت إلى أطلال تلك الأسواق، لا نرى جدرانا مهدمة فحسب؛ بل نرى تاريخا يصادر بصمت، وهوية تنتزع من بين أنامل أبنائها الذين شيدوا بها مجد التجارة العُمانية منذ قرون.

كانت الأسواق العُمانية القديمة نبض الحياة في القرى والمدن، ومصدر فخر لكل عُماني يبيع ويشتري بشرف وكرامة. هناك، كان العُماني التاجر والسيد والحارس على رزقه، يعرف زبائنه بالاسم، ويقيس الربح بالرضا لا بالمال. لكن تلك المشاهد التي كانت تروي حكاية الكد والاجتهاد بدأت تتلاشى مع مرور السنين، حتى غدت الأطلال مكانا للذكرى، والأسواق القديمة أثرا بعد عين. لقد أغلقت الأبواب التي كانت تفتح للعُمانيين رزقهم، وهدمت المحال التي حملت أسماءهم، ثم أعيد بناء الأسواق بثوب جديد، لكن روحها القديمة غابت، لأنها لم تعد تدار بأياد عُمانية؛ بل سلمت إلى أجانب جعلوا من الاقتصاد المحلي ميدانا لمصالحهم الخاصة، فغاب التاجر العُماني عن المشهد الذي كان يومًا عنوان حضوره.

لم تكن الأسواق القديمة مجرد أماكن للبيع والشراء؛ بل كانت مدارس للحياة، ومجالس للحكمة، ومواطن لتبادل الخبرة بين التجار. في تلك الأزقة الضيقة المفعمة بروائح اللبان والبن والعطور، تشكل وجدان العُماني التجاري، وتعلم أبجديات الصدق والأمانة في التعامل. كان التاجر العُماني معروفا بدقته في الميزان، ووفائه في العهد، فلا غش ولا احتكار؛ بل تجارةٌ تقوم على البركة والرضا. ومن تلك الأسواق انطلقت قوافل التجارة إلى شرق أفريقيا والهند وفارس، تحمل اسم عُمان أينما وصلت، وتشهد أن أبناءها خلقوا للتجارة بذكاء وفطرة نقية. لقد شكلت تلك الأسواق في زمانها شريانا اقتصاديا نابضا يغذي المدن والقرى، ويمنح المواطن فرصة الكسب الشريف في أرضه دون حاجة إلى الغريب، وكانت رمزا للاكتفاء الذاتي وعنواناً للسيادة الاقتصادية العُمانية.

لم يأت التغيير فجأة؛ بل تسلل بصمت مع تحولات العمران والانفتاح الاقتصادي. حين بدأت الأسواق القديمة تهدم بحجة التطوير، لم ينتبه كثيرون أن الهدم لم يكن في الحجر فحسب؛ بل في الروح والهوية أيضا. أنشئت مراكزٌ تجاريةٌ حديثةٌ تتلألأ أضواؤها، لكنها خلت من الوجوه العُمانية التي كانت تزين السوق القديم بابتسامة الرضا ودفء التعامل. شيئا فشيئا، انسحب التاجر العُماني من الواجهة، ليحل محله الوافد الأجنبي الذي امتلك زمام الأمور، يتحكم في الأسعار، ويتلاعب بمسار السوق كيفما شاء. ومع ضعف الرقابة وغياب الدعم للتاجر المحلي، أصبحت التجارة الوطنية رهينة لجهات خارجية تمتص الأرباح وتحولها خارج البلاد، وبهذا التحول، فقدت الأسواق روحها، وفقد المواطن ثقته بقدرته على المنافسة في بلده.

لإعادة التاجر العُماني إلى قلب الأسواق، لا يكفي الأسف على الماضي؛ بل يجب وضع سياسات واضحة تنصف المواطن وتمنحه فرصا عادلة. يمكن ذلك من خلال إعفاءات ضريبية مؤقتة، وتسهيل إجراءات الترخيص والتخليص الجمركي، وتقديم الدعم الفني والتسويقي، وإتاحة المساحات التجارية في الأسواق الحديثة لأولئك الذين يمتلكون القدرة والرغبة في استثمار مهاراتهم. كما أن تشجيع التكتلات والتعاونيات العُمانية يمكن أن يخلق قوة اقتصادية حقيقية، تحمي المنتجات الوطنية وتضمن دوران العوائد داخل البلاد. ومن شأن ذلك أن يعيد روح السوق القديم، حيث كان التاجر العُماني يقف شامخا في وجه التحديات، محافظا على إرثه التجاري وكرامته المهنية.

إن حماية الاقتصاد الوطني لا تكون بالكلام فحسب؛ بل بالخطوات العملية التي تمنح المواطن الأولوية، وتعيد إليه الثقة بقدرته على المنافسة. فعُماننا غاليةٌ، وأهلها أغلى، ونجاح التاجر العُماني هو نجاحٌ للوطن بأسره.

 

مقالات مشابهة

  • منتج يعمل على تحسين الذاكرة والأوعية الدموية في الدماغ
  • الأسواق القديمة... ذاكرة التجارة العُمانية
  • جني الأرباح يعيد الذهب إلى المنطقة الحمراء
  • الحياكة والشتاء.. شغف نسائي يعيد إحياء فن فلكلوري عراقي (صور)
  • ضبط مديرة كيان تعليمي يعمل بدون ترخيص
  • مفوضية الانتخابات تنفي السماح لحاملي البطاقات القديمة بالتصويت
  • يعلن تركي محمد سراقبي عن فقدان سجل تجاري
  • اللي عايز ينضم لمراكز التعهيد عشان يلاقي شغل يعمل إيه؟ وزير الاتصالات يجيب
  • انهيار منزل مهجور من 3 طوابق فى مصر القديمة
  • فيلمنج: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يعمل على إزالة الأنقاض بغزة