حرفي تركي يعيد آلة الإسطرلاب القديمة إلى الحياة
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
يعمل الحرفي التركي جبرائيل جقرقايا، من ولاية بورصة التركية (غرب)، على صنع نسخ طبق الأصل من آلة الإسطرلاب التي استخدمها علماء الفلك المسلمون في العصور القديمة، وخاصة في العصور الوسطى، لقياس ارتفاع الأجرام السماوية وحساب التوقيت المحلي وأوقات الصلاة.
الحرفي جقرقايا في ورشته ومساحتها 10 أمتار مربعة والموجودة في أحد الخانات التاريخية (الأناضول)ويقضي جقرقايا، وهو موظف حكومي (37 عاما)، معظم أوقات فراغه في إعادة صناعة آلة الإسطرلاب في ورشته التي تبلغ مساحتها 10 أمتار مربعة والموجودة في أحد الخانات التاريخي.
ويعمل جقرقايا في ورشته على إنتاج نسخ طبق الأصل من آلة الإسطرلاب الدائري المستخدم في القياسات الفلكية في العصور القديمة، مع حرصه على الالتزام بأدق التفاصيل ليكون المنتج نسخة طبق الأصل من آلة الإسطرلاب.
الحرفي التركي يعمل على صنع نسخ طبق الأصل من آلة الإسطرلاب (الأناضول)ومنذ نحو 10 سنوات، يعمل جقرقايا على إنتاج مجموعة من الأعمال الفنية التي تتطلب صناعتها مهارات يدوية عالية، بناءً على طلبات خاصة من المتاحف وجامعي الأعمال الفنية.
وقبل البدء بإنتاج الإسطرلاب، أجرى جقرقايا مجموعة من الأبحاث في الصور والمعلومات الواردة في المصادر القديمة، ليقضي بعدها أشهرا في العمل لإنتاج أول نسخة طبق الأصل من آلة الإسطرلاب، وذلك من خلال النظر إلى الصور وتتبع المعلومات الواردة في المصادر القديمة.
بالنظر إلى الصور والمعلومات الواردة في المصادر القديمة، يعمل جبرائيل على صنع نسخ طبق الأصل (الأناضول) إنتاج بتقنيات قديمةوقال جقرقايا للأناضول، إن اهتمامه بالصناعات اليدوية بدأ منذ نعومة أظفاره، كما عمل لسنوات في نحت الخشب وصناعة مجموعة من المنحوتات الخشبية.
وأضاف أنه تعلم العديد من مهارات فن النحت ومعالجة النحاس على يد أحد الحرفيين المشهورين في مدينة شانلي أورفا التركية (جنوب)، حيث عمل قبل انتقاله إلى بورصة.
آلة الإسطرلاب استخدمها علماء الفلك المسلمون في العصور القديمة (الأناضول)وأضاف: أثناء بحثي في تاريخ العلوم، تعرفت على الإسطرلاب، وكيفية عمله، والغرض من استخدامه. يمكنني استخدام منشار الرقصة بشكل جيد جدا، وكذلك العمل في مجال النحت، واعتقدت أنني أستطيع نحت الخطوط على النحاس، وهو ما يلزم لإنتاج الإسطرلاب.
ولفت جقرقايا إلى أن "الإسطرلاب عادة ما يكون مصنوعا من مادة النحاس، نظرا لمتانة هذا النوع من المعادن وسهولة استخدامه، فضلا عن سهولة قراءة الخطوط المكتوبة الموجودة على هذا المعدن".
جقرقايا يعيد بناء الآلة بنفس التقنيات القديمة التي تم استخدامها قبل ألف عام (الأناضول)وتابع: "يتم نقش ونحت الخطوط والكتابات على آلة الإسطرلاب. بعد ذلك نقوم بالعمل على الأجزاء التي نسميها العنكبوت، كما يتم أيضا إفراغ بعض الأجزاء بمنشار قص. أفعل كل ذلك في هذه الورشة، بتقنيات قديمة".
وزاد: "أقوم بإعادة بناء الآلة بنفس التقنيات القديمة التي تم استخدامها قبل ألف عام".
الإسطرلاب استخدم لقياس ارتفاع الأجرام السماوية وحساب التوقيت المحلي وأوقات الصلاة (الأناضول)ولفت جقرقايا إلى أن "عدد الأشخاص الذين يقومون بهذا العمل وباستخدام وسائل تقليدية نادر جدا"، مشيرا إلى أنه يدرس في هذه الأثناء 8 أنواع مختلفة من الإسطرلابات.
وقال موضحا: "قمت بدراسة 8 أنواع مختلفة من الإسطرلابات، ترجع لفترة السلطان بايزيد الثاني ما بين 1505 و1506، والدولة الرسولية في اليمن (1229 – 1454)، والمزولة الشمسية المحمولة لنور الدين زنكي".
جقرقايا: عدد الأشخاص الذين يقومون بهذا العمل وباستخدام وسائل تقليدية نادر جدا (الأناضول)والمزولة الشمسية هي أول ساعة اخترعها الإنسان، وكان العرب المسلمون يستخدمونها لتحديد أوقات الصلاة، فهي تعتمد على الشمس وزاوية انحرافها عن الأفق، أي أن مبدأها يعتمد على الزوايا عوضا عن الساعة والدقائق والثواني.
وأشار جقرقايا إلى أن "أول إسطرلاب فني في التاريخ، صنع عام 975 م، من قبل عالم الرياضيات والفلكي أبو محمود حميد بن الخضر الخجندي، الذي عاش في أواخر القرن العاشر للميلاد".
جقرقايا: أول إسطرلاب فني في التاريخ، صُنع عام 975 م (الأناضول) تسليط الضوء على الإسطرلابجقرقايا قال إنه يعمل منذ عام على صناعة إسطرلاب فضي، مشيرا إلى أنه لم يجد في المصادر التاريخية إسطرلابا مصنوعا من الفضة، لذلك قرر أن يصنع أول إسطرلاب فضي.
جبرائيل جقرقايا يعمل منذ عام على صناعة أول إسطرلاب فضي في التاريخ (الأناضول)ولفت جقرقايا إلى أن إنتاج الإسطرلاب ليس عملا تجاريا له سوق، بل يقوم بإنتاج أعداد من هذه الآلة القديمة والتقليدية بناءً على طلبات يتلقاها من أشخاص ومؤسسات، وخاصة المتاحف وجامعي الأعمال الفنية.
كما ذكر أنه يعمل أيضا على "تسليط الضوء مجددا على هذه الآلة القديمة (الإسطرلاب)، وإظهار أهميتها في تطوير العلوم، وخاصة الفلك، وأهمية المساهمة التي قدمها العلماء المسلمون في الحضارة الإنسانية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی المصادر فی العصور
إقرأ أيضاً:
تحليل.. ذوبان القطب الشمالي يعيد رسم العلاقات الدولية
أكد الباحث المستقل أحمد إبراهيم أن القطب الشمالي لم يعد تلك المنطقة المتجمدة النائية كما كان في السابق. فمع ذوبان الجليد، تتصاعد المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية والاستراتيجية. أصبحت المنطقة الغنية بالموارد الطبيعية المحيطية مثل النفط والغاز والأسماك والمعادن الأرضية النادرة نقطة محورية لاهتمام القوى العالمية. وتستعد البلدان لمنافسة مكثفة على مواردها وطرق الشحن.
بإمكان طريق الحرير القطبي، إذا تم تشغيله، أن يقلل بشكل كبير من مسافات الشحن بين الصين وأوروبا
من شنغهاي إلى روتردامكتب إبراهيم في منصة "مودرن دبلوماسي" أن القطب الشمالي يحتوي على احتياطات هائلة غير مستغلة من الموارد الطبيعية. أصبحت غرينلاند مشهورة بمعادنها الأرضية النادرة، في حين تعد سيبيريا كنزاً كبيراً من إمدادات الطاقة. تجذب هذه الأصول الانتباه بشكل متزايد، وبخاصة من الدول ذات المصالح الخاصة بتأمين الموارد غير المستغلة وتنويع طرق التجارة.
‘The land is tearing itself apart’: life on a collapsing Arctic isle. On #Qikiqtaruk, off #Canada, researchers at the frontier of #climatechange are seeing its rich ecology slide into the sea as the melting permafrost leaves little behind https://t.co/uyDQa5MiCP pic.twitter.com/KqcoRkh6L6
— MIX (@mixdevil66) November 21, 2024بالنسبة إلى الصين، إن إمكانات طريق الحرير القطبية، كجزء من مبادرة الحزام والطريق، تحمل جاذبية اقتصادية واستراتيجية. بإمكان طريق الحرير القطبي، إذا تم تشغيله، أن يقلل بشكل كبير من مسافات الشحن بين الصين وأوروبا. إن الرحلة من شنغهاي إلى روتردام عبر طريق القطب الشمالي أقصر بنحو 6400 كيلومتر من الطرق التقليدية عبر مضيق ملقا وقناة السويس، وهذا يعني توفيراً كبيراً في الوقت والتكلفة، مما يقلل من رحلة تستغرق 48 يوماً إلى نحو 35 يوماً.
التحديات
إن الاضطرابات الأخيرة في طرق التجارة التقليدية – مثل تلك الناجمة عن هجمات المتمردين الحوثيين على السفن البحرية التجارية في البحر الأحمر – تسلط الضوء على القيمة المحتملة للشحن في القطب الشمالي. بالرغم من هذه الحوافز، لا تزال حركة المرور على طول طريق البحر الشمالي ضئيلة. في 2023، تمكن طريق البحر الشمالي الروسي من نقل 34 مليون طن من البضائع، وهو جزء ضئيل مما يزيد على مليار طن مرت عبر مضيق ملقا في السنة نفسها. لم تجرؤ سوى حفنة من السفن غير الروسية على عبور مياه القطب الشمالي، مما يسلط الضوء على التحديات اللوجستية والبيئية والسياسية في المنطقة.
Thanks to @NATO_CCASCOE for hosting us this afternoon to explore why climate change is such a critical security issue both setting our geopolitical context and our operational effectiveness - nowhere more so than in Canada’s Arctic which is warming 4x faster than average. pic.twitter.com/ZkCVWF9fer
— David Prodger (@DaveProdgerFCO) November 23, 2024لا تزال الملاحة في القطب الشمالي محفوفة بالمخاطر. بالرغم من ذوبان الجليد، تصبح ظروف الإبحار أقل قابلية للتنبؤ بسبب كتل الجليد العائمة والطقس المتطرف والظلام المطول خلال أشهر الشتاء. وتتطلب السفن هياكل معززة لتحمل الاصطدامات الجليدية، وتفتقر المنطقة إلى البنية الأساسية القوية اللازمة للشحن التجاري.
يؤكد الخبراء أن المخاطر تفوق الفوائد. قد يثبت وقوع حادث مشابه لقناة السويس في القطب الشمالي، مثل جنوح سفينة كبيرة، أنه كارثي، الأمر الذي يترك الطواقم عالقة في عزلة جليدية. بالإضافة إلى ذلك، تعمل قدرات الدوريات والإنقاذ المحدودة لروسيا على تكثيف هذه المخاطر.
تأثير حرب أوكرانيا
ليس القطب الشمالي مجرد ساحة معركة اقتصادية بل هو مسرح لمنافسة استراتيجية متنامية. في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا، قام مجلس القطب الشمالي – وهو هيئة تنسق التعاون الإقليمي بين ثماني دول في القطب الشمالي – بتهميش موسكو إلى حد كبير. وقد أدى هذا إلى إضعاف مكانة روسيا الدبلوماسية، بخاصة أن جميع أعضاء مجلس القطب الشمالي الآخرين هم دول في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
إن انضمام السويد وفنلندا الأخير إلى حلف الناتو يزيد من تغيير التوازن ضد روسيا، مما يعزز الوجود العسكري للحلف في المنطقة. لقد أظهر الناتو استعداده للقطب الشمالي من خلال تدريبات مثل "الاستجابة الشمالية" التي شارك فيها آلاف الجنود من النرويج والسويد وفنلندا. في الوقت نفسه، كان الوجود العسكري الروسي في القطب الشمالي، بالرغم من أهميته، مجهداً بسبب حربها في أوكرانيا، مع إعادة توجيه الموارد الحيوية إلى الخطوط الأمامية.
حذر روسي
حتى الصين، وهي دولة خارج القطب الشمالي من حيث الجغرافيا، أعلنت نفسها "دولة قريبة من القطب الشمالي". إن طموحات بكين، كما هو موضح في ورقتها البيضاء حول القطب الشمالي، تتلخص في شقين: تأمين الوصول إلى موارد القطب الشمالي واستغلال ممرات الشحن الناشئة. مع ذلك، تظل روسيا حذرة بشأن تجاوز الصين لهيمنتها في القطب الشمالي. وفي حين تسمح موسكو بمشاركة صينية محدودة في مشاريع الطاقة، هي تفرض ضوابط صارمة، بما في ذلك رسوم العبور ومتطلبات الإرشاد للسفن الصينية.
بالرغم من شراكتهما ضد الهيمنة الغربية، تحتضن روسيا والصين طموحات متضاربة في القطب الشمالي. يمثل القطب الشمالي جزءاً كبيراً من الناتج المحلي الإجمالي والصادرات الروسية، مما يجعله أولوية قصوى لموسكو. تمتلك روسيا حالياً أكبر أسطول من كاسحات الجليد. وبجانب كاسحات الجليد التقليدية التي تعمل بالطاقة التقليدية، تعد روسيا الدولة الوحيدة التي تشغل كاسحات جليد تعمل بالطاقة النووية.
وتعتبر كاسحات الجليد مهمة لشق الطريق، وبخاصة في فصول الشتاء عندما يمكن للجليد المتجمد أن يعيق عبور السفن التجارية. وتنظر روسيا إلى التطلعات الصينية في القطب الشمالي بعين الريبة، يتضح هذا من ترددها في منح الصين حق الوصول التفضيلي إلى موانئ القطب الشمالي أو السماح للصين بامتلاك حصص أغلبية في مشاريع الطاقة الاستراتيجية.
ومن ناحية أخرى، تتبنى الصين نهجاً طويل الأجل. فهي تستثمر بكثافة في أبحاث القطب الشمالي وتطوير تقنيات الشحن القطبي وكسر الجليد واستخراج الموارد. ومن خلال توسيع قدراتها التكنولوجية، تعمل الصين على وضع نفسها للاستفادة من إمكانات القطب الشمالي في العقود المقبلة. مع ذلك، إن خطاب بكين حول طريق الحرير القطبي هدأ خلال السنوات الأخيرة، مما يعكس التحديات اللوجستية والجيوسياسية التي يفرضها هذا الطريق.
أمريكا تحاول اللحاق
يظل القطب الشمالي أحد المناطق البحرية القليلة التي لا تهيمن عليها البحرية الأمريكية. وقد أثار هذا مخاوف بين خبراء الاستراتيجية الدفاعية الأمريكيين بشأن النفوذ المتزايد لروسيا والصين.
وتدرك الولايات المتحدة تدريجياً الأهمية الاستراتيجية للقطب الشمالي. وفي حين تتخلف قدرات كاسحات الجليد الأمريكية عن قدرات روسيا، تبقى الجهود جارية لتعزيز الجاهزية العسكرية للقطب الشمالي. كما أن نتيجة حرب أوكرانيا سوف تخلف آثاراً كبيرة على الجغرافيا السياسية للقطب الشمالي. فقد تكافح روسيا ضعيفة للحفاظ على هيمنتها في المنطقة، مما يفتح الباب أمام زيادة المنافسة بين القوى العالمية.
يظل مستقبل القطب الشمالي طريقاً غير مؤكدة للتجارة. في حين يفتح الجليد الذائب نظرياً إمكانات جديدة، إن التحديات العملية التي تتراوح بين الظروف القاسية والتوترات الجيوسياسية تحد من حيويته. ويرجح الكاتب أن تتوقف تنمية المنطقة على الاختراقات في التكنولوجيا والتحولات في توازن القوى العالمي والأطر التعاونية لاستخراج الموارد المستدامة.
المخاطر مرتفعة
بالرغم من العقبات الحالية، تظل منطقة القطب الشمالي منطقة ذات إمكانات هائلة. فبالنسبة إلى روسيا، تشكل المنطقة شريان حياة للحفاظ على الأهمية الجيوسياسية. وبالنسبة إلى الصين، تشكل المنطقة حدوداً استراتيجية لتأمين الموارد وتنويع طرق التجارة. وبالنسبة إلى الولايات المتحدة والناتو، تشكل المنطقة مسرحاً لمواجهة النفوذ الاستبدادي المتزايد. وربما لا تضاهي منطقة القطب الشمالي قناة السويس أو مضيق ملقا كشريان للتجارة العالمية، ولكن المنافسة البطيئة الصامتة تحت جليدها الذائب تعيد تشكيل ملامح العلاقات الدولية. وفي هذا المسرح من الأحلام المجمدة والطموحات المحمومة، تكون المخاطر عالية بمقدار انخفاض القمم الجليدية القطبية.