منذ ذلك الحين تسعى بريطانيا - عبثا - الى العودة الى احتلال اليمن عبر جنوبه، والسيطرة على المنافذ البحرية والسواحل اليمنية في تلك المحافظات من جنوب الوطن اليمني.

وعلى امتداد التاريخ اليمني الحديث والمعاصر لم تفتأ المملكة المتحدة على تدبير المؤامرات المتعددة التي كشفتها وثائق وتقارير دولية عديدة، فتارة تأتي تلك المؤامرات على شكل دعم الانفصال وتارة أخرى على شكل دعم حروب مناطقية وطائفية وتنظيمات إرهابية ودعم المعارضين الذين اتخذ بعضهم من لندن مقرا لانطلاق معارضته التي يصفها سياسيون ب" التخريبية ".

ومنذ مطلع العقد الأخير من الألفية السابقة وحتى السنوات الأخيرة - وبحسب تقارير دولية - دخلت أمريكا على امتداد خط المؤامرات ضد اليمن وبشكل واضح من خلال زرع الجماعات المسلحة وتغذية التنظيمات الإرهابية ودعم إثارة الفتن داخل اليمن، خاصة بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في ال22 مايو عام 1990م والذي شكل - بحسب ديبلوماسيين - صخرة حطمت الكثير من المؤامرات الخارجية وبالتحديد المؤامرات (الأنجلو - أمريكية) التي تزايدت مع إعادة تحقيق الوحدة اليمنية فذهبت وبأيادي خليجية إلى دعم حرب 1994م التي كان المراد منها تشطير اليمن، وفشلت تلك المؤامرة، إلا أن عدم معالجة أضرار تلك الحرب التي تسببت باجتياح الجنوب أتاح ومن جديد مجالا لولوج المؤامرات ضد اليمن بدعم حركة الانفصال ومن ثم زرع القلاقل والفتن هنا وهناك والأمر الذي ساعد على ذلك - بحسب سياسيين - هو تفشي الفساد وزيادة المظالم بعهد علي عبدالله صالح عفاش الذي أتاح مناخا ملائما لتدهور الاقتصاد الوطني وإبقاء اليمن تحت وصاية الخليج وبالأخص وصاية جارة السوء "السعودية" التي لطالما تآمرت على اليمن بالأصالة عن نفسها أو بالوكالة عن البريطانيين أو الأمريكان، ومن المعروف ان السفير السعودي بصنعاء كان يتدخل في كثير من الأمور السيادية في البلاد حتى في تعيينات الوزراء والقيادات المختلفة التي كانت تأتي بتوصيات سعودية واملاءات خارجية جعلت من اليمن مسلوب القرار والمصير.

 وحتى مع اندلاع ثورة فبراير الشبابية في العام 2011م، كانت دول الخليج وبالأخص "السعودية" ومن ورائها بريطانيا وأمريكا هي من أفشلت تلك الثورة وحولتها الى نار التهم الثورة السلمية وجعلها ثورة مهترئة وأبعدها عن مسارها بما يسمى آنذاك بالمبادرة الخليجية التي ضمنت بنودها الحماية للرئيس الأسبق علي عبدالله صالح عفاش وتمخضت عن مولود مشوه لم يعش طويلا في كنف الجنرال العجوز علي محسن الأحمر الذي كان هو الرئيس الخفي الذي تديره السعودية والخارج فيما الرئيس الأسبق عبدربه منصور هادي كان مجرد "أرجوز" تملى عليه التعليمات، وبذلك استطاعت السعودية ودول الخليج وسادتهم "بريطانيا" و "أمريكا" أن تبقي اليمن كما هي تحت الوصاية الخارجية حتى يتم تنفيذ أجندات الخارج كما يشاء.

ولما كان الأمر كذلك جاءت ثورة ال21 من سبتمبر في العام 2014 م لتضع - بحسب خبراء سياسيين - النقاط على الحروف ولتعيد مسار الثورة الشبابية ولتنهي عهد الوصاية الخارجية ولتلحق اليمن بدول محور المقاومة مع الشعب الفلسطيني المناضل، ولتفتح عهدا جديدا من حقبة تاريخية هامة في مسار الشعب اليمني، ما كان لها أن تتحقق لولا هذه الثورة التي اقتلعت بقايا نظام "عفاش" وإلى الأبد وأرست مبادئ لنصرة المستضعفين وانهاء الهيمنة والوصاية السعودية والأنجلو أمريكية على اليمن الحر، وهو الأمر الذي لم يروق لتلك الدول التي كانت تعتبر اليمن حديقة خلفية لها في السابق، ما جعلها تدبر لمكيدة وعدوان هو الأكبر على مستوى العالم وتشن حربا ظالمة وبمشاركة ما يقارب من ثمانية عشر دولة بقيادة أمريكا وبريطانيا وبأن تكن السعودية منطلقا لذلك العدوان ودويلة الإمارات هي الأخرى أحد الأيادي الإقليمية المنفذة المأجورة ليتم قصف كل المطارات والموانئ اليمنية وتدمير قواعد الصواريخ والدفاعات الجوية والمنشئات الحيوية و... و... الخ من قصف وصف بأنه الأعنف استمر لتسع سنوات واستهدف المباني والمنشئات الحكومية والخاصة وتدمير مشاريع البنى التحتية وفرض حصار بري وبحري وجوي خانق على اليمنيين، لقد كان عدوان ومؤامرة انجلو أمريكية سعت الى إذلال وتركيع اليمنيين والاستيلاء على مقدراتهم، وحيال ذلك لم يقف "أنصار الله" مكتوفي الأيدي فعمدوا بقيادتهم الحكيمة ومعهم كل الشرفاء الأحرار باليمن على صناعة الصواريخ والمسيرات ومختلف أنواع الأسلحة التي وصلت مداها الى العمقين السعودي والإماراتي وعملوا على صد دول تحالف العدوان من مناطق شاسعة من اليمن ومنعوا تصدير النفط اليمني ونهبه الى الخارج وأقاموا دولة ترفض كل أشكال الوصاية الخارجية، بل وجعلوا لليمن قرار وصل حد مناصرة الفلسطينيين وردع السفن الواصلة الى العدو الإسرائيلي وباتوا وفق معطيات الواقع يتحكمون بالبحر الأحمر والممر الدولي لحركة التجارة العالمية في مضيق باب المندب التابع جغرافيا للجمهورية اليمنية.

أضحت العمليات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية والتي أعلنت عنها صنعاء محل اهتمام عالمي وإعجاب وتقدير عربي وإسلامي كبيرين كونها استطاعت فرض معادلة جديدة أوصلت الصواريخ والمسيرات الى قلب كيان الاحتلال الإسرائيلي وأنهت عهد الخضوع والخنوع العربي.

ووفقا لتلك المتغيرات فقد باتت المؤامرات الأنجلو أمريكية - الصهيونية أكثر شدة وأكبر خطرا على اليمن الذي واجه العالم لأجل نصرة المستضعفين ولم يتحرك العالم لنصرته ولا لإغاثة الشعب اليمني الذي عانى ويعاني العدوان الكوني والمؤامرات الدولية بقيادة امريكا وبريطانيا والعدو الإسرائيلي ورغم ذلك استطاع هذا البلد المصنف ضمن الأكثر بلدان فقرا.. استطاع ان يتصدى لكل المؤامرات وان يجعل من نفسه رقما صعبا ليس على المستوى الإقليمي فحسب وإنما بالشأن العربي والدولي أيضا وما كان لذلك ان يتحقق لولا صمود اليمنيين وتضحياتهم العظيمة التي حطمت كل المؤامرات وكشفت النقاب عن أوجه الزيف العالمي بمختلف أشكاله.

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: على الیمن

إقرأ أيضاً:

صواريخ فرط صوتية .. المستحيل ليس يمنيًّا

يمانيون – متابعات
حاطم 2 هو أول صاروخ فرط صوتي تكشف عنه هيئة التصنيع العسكري اليمني، ويعمل بالوقود الصلب، وهو نسخة محدثة ومطورة عن حاطم 1. ومن مميزات الصاروخ الذي استخدم لأول مرة في ضرب السفينة “الإسرائيلية” “إم، إس، سي سارة في” في البحر العربي وفق الإعلام الحربي امتلاكه نظام تحكم ذكي وقدرة فائقة على المناورة وسرعة فرط صوتية.

والمفاجأة امتلاك اليمن لعدة أجيال من هذه التكنولوجيا والعمل جار لزيادة مديات الصواريخ وقدرتها التدميرية لتقريب المسافات وجعل كلّ قواعد الكيان الصهيوني ومنشآته الحيوية والهامة في مرمى النيران اليمنية.

الإنجاز استراتيجي لليمن بكلّ ما للكلمة من معنى، ويفوق كلّ التوقعات؛ صواريخ جديدة بإمكانها التغلب على أكثر أنظمة الدفاعات الجوية تطوّرًا، أمريكية كانت أو صهيونية، وهي نقطة تحول في تاريخ البلد الذي يعاني ويلات الحرب والحصار مع اختلال موازين القوى مقابل قوى الاستكبار العالمي.

الكشف عن هذا الإنجاز يأتي في وقت تزايدت فيه جرائم العدوّ “الإسرائيلي” في غزّة، مع ارتفاع منسوب التهديد بالتصعيد العسكري في لبنان، ليشكّل عامل قوة إضافية للجبهات المساندة لغزّة، ومقدمة لانتقال اليمن إلى مرحلة خامسة من التصعيد لإجبار العدوّ على وقف عدوانه ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني.

لناحية الإسناد، فالصواريخ الفرط صوتية بلا شك ستكون مؤثرة، بشكل أكبر، وهي إذ تعزز عوامل صمود وثبات المجاهدين في فلسطين، وتقوي موقفهم التفاوضي، ستعمق حالة القلق الصهيوني من تعاظم القدرات والتهديدات التي يجب أن يواجهها الكيان في جبهات متعددة حوله.

على صعيد معركة البحر، بات من الضروري والأسلم لشركات الملاحة أن تحسب حساب هذا التطور، وبالتالي الالتزام بقواعد الاشتباك وعدم انتهاك قرار الحظر وشروطه لأن ذلك يعني استهداف سفنها وإغراقها وتحملها تكاليف باهظة على الصعيد الاقتصادي.

الحاملة الأمريكية التي ستحل محل “أيزنهاور” في البحر الأحمر من المؤكد أنها ستعيش في جوّ من القلق وعدم الاستقرار، فالمواجهة الأصعب التي وصفها القادة الأميركيون زادت مفاعيلها لصالح القوات المسلحة اليمنية ما يضعف الموقف الأمريكي ويقلل من خياراته الهجومية في مقابل البحث عن خطط للهروب من الميدان، وبمجرد وصولها خط النار سيجري الترحيب بها بالطريقة اليمنية.

منظومة صواريخ حاطم الفرط صوتية، أحدث ما وصلت إليه الصناعات اليمنية بأيادٍ وخبرات يمنية، وهي جزء من ترسانة الصواريخ الباليستية والمجنحة والطيران المسير والزوارق البحرية محلية الصنع، في تحدٍّ واضح لأمريكا وعدوانها وحصارها المفروض على اليمن منذ ما يزيد عن تسع سنوات.

والصواريخ الفرط صوتية وفق المعلومات المتداولة إعلاميًّا تفوق سرعتها 5 أضعاف سرعة الصوت، وتتميّز تكنولوجيا هذه الصواريخ بقدرتها على الانطلاق خارج الغلاف الجوي، ومن ثمّ تعود إليه مرة أخرى، وحينها تبدأ في المناورة والتحرك في جميع الاتّجاهات لمراوغة دفاعات العدو، وهو ما يجعل أغلب هذه الصواريخ لا يمكن تعقبه.

ما يميز اليمن عن كلّ بلدان العالم التي تنتج هذه التقنية أنها لا تصنع وتطور قدراتها لتخزينها والتفاخر بها، بل تصنعها وتفعّلها في الميدان فور جهوزيتها، والميدان خير معلم، كما يقال، ولأن العدوّ “الإسرائيلي” هو الهدف فهذه ميزة أخرى وحافز كبير يدفع نحو الإبداع واجتراح المعجزات.

بهذا الكشف يصبح اليمن الدولة العربية الأولى، والثانية بعد إيران في الشرق الأوسط، التي تمتلك هذه التقنية، ومن الدول القليلة على مستوى العالم في قائمة الدول المصنعة للصواريخ الفرط صوتية، وهو أمر أشبه بالإعجاز بفضل الله تعالى وبركة من بركات إسناد غزّة.

واليمن بهذا الإنجاز يعزز قدراته العسكرية اليمنية في خضم المواجهة البحرية المفتوحة والممتدة من المحيط الهندي إلى البحر الأبيض المتوسط، وعلى النظام السعودي والإماراتي التنبه والمسارعة للبحث عن حلول سياسية تقفل باب العدوان المستمر منذ مارس 2015م؛ فعودة المواجهات في الداخل اليمني أو تصعيد إجراءات الحصار يعني ضرب منشآت نفطهما حتّى يملأ صراخهما العالم.

وأمريكا مطالبة بمواكبة المتغيرات في المنطقة، فهي تبدو متأخرة بمسافات وعليها اللحاق بركب محور الجهاد والمقاومة إذا ما أرادت الحفاظ على مكانتها ونفوذها، ولن تستطيع، وإذا كانت تحمل هم البرنامج الصاروخي الإيراني في أروقة مجلس الأمن والمحافل الدولية فهي بلا شك ستحمل همًّا آخر من اليمن.

– موقع العهد الاخباري /إسماعيل المحاقري

مقالات مشابهة

  • الحرب على غزة وصمود المقاومة
  • طيران اليمن بين الإمامة والجمهورية.. ماذا يريد الحوثي من احتجاز الطائرات!
  • مباحثات أمريكية صينية في السعودية بشأن الأزمة اليمنية تزامنا مع انطلاق مفاوضات مسقط
  • صواريخ فرط صوتية .. المستحيل ليس يمنيًّا
  • بعد دعم أسطول اليمنية بثلاث طائرات.. يمنيون يستحضرون مواقف الكويت وتدخلاتها السخية تجاه اليمن
  • تفاصيل اعترافات خلية التجسس الصهيو أمريكية حول استهدافها للواقع الثقافي باليمن
  • تحركات أمريكية مع السعودية وسلطنة عمان بخصوص الحوثيين ومعتقلي الامم المتحدة في اليمن
  • المشاط يوجه الرزامي بمتابعة قضية الحجاج العالقين في السعودية قبيل سفره لمحادثات الأسرى في مسقط
  • مئات الحجاج اليمنيين عالقين في السعودية
  • الداخلية السعودية تضبط آلاف اليمنيين وهم مخالفين لأنظمة الإقامة والعمل