موقع النيلين:
2024-07-10@04:46:42 GMT

سلاحكم.. يُفسد للوطن قضايا

تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT


هل تبقى للبرلمانات مصداقيّة، وللديمقراطيّات قيمة، إذا دخلت فصائلُ مسلحة، تنافس فيها، وتخصص لها حصة مِن الوزارات؟ نعيد السُّؤال بوجهٍ آخر، في مثل هذه الأنظمة، هل للانتخابات معنى، إذا كانت السّياسة حامية لمحاصصة الفصائل؟ فيصبح البرنامج برنامج السّلاح الانتخابي؟! نعم، تجري انتخابات، وتمارس ديمقراطيّة، لكنَّ شريطةَ ألا تمس فاسداً وقاتلاً، له فصيل مسلح، محمياً مِن خارج الحدود، لهذا توهم الواهمون بالدّيمقراطيّة الزّاهيّة، كلما تكررت دورات الانتخابات.

لم يفهموا أنهم يتحدثون عن كوكبٍ آخر، لا عن بلادٍ صار فيها الفاسدون والقاتلون أسياداً، وأنَّ المشاركة في كلّ انتخابات، بوجود الفصائل المسلحة بالاعتقاد والبارود تضفي الشّرعيّة عليهم، وتحقق مقالة مَن قال: «ما ننطيها»! تكلم عمّا شئت ببلدان تديرها، في الحقيقة، فصائل بشعارات المقاومات والممانعات، إلا الأولياء، فالحديث عنهم، بغير تمجيد، الاغتيال والاختطاف ينتظرك، وينتظر القاضي الذي يحكم لك، والمحامي الذي يدافع عنك، فعن أي ديمقراطيّة تتحدثون، وفي أي وهم تعيشون.

أشهد أنّ الفضلَ في هذا المقال، لأحد رؤساء الفصائل، المسؤول عن اختطاف واغتيال، سمعته، وكان وديعاً، يتحدث كأنه إمامٌ صوفي، مِن أتراب: معروف الكرخي أو الجنيد البغداديّ، أو شيخ مِن شيوخ «المندائيين المسالمين»، الذين لا يرون القتل حتّى دفاعٌ عن النَّفس، ويعتذرون للحيوان والطَّير المذبوح بترتيلة معروفة.سمعتُ صاحبنا يستشهد بالمقولة الذَّائعة السّائرة: «الاختلاف في الرّأي لا يفسد للود قضية». قالها صادقاً لا مدعياً، وأقول لا مدعياً، لأنه يعتبر نفسه على حقٍّ، وهل سمعتم مجنوناً اعترف بجنونه؟! فمال الدولة عنده مجهول المالك، بهذا يتصور الفساد فضيلة لا رذيلة، والمقتول بيده قصاصاً، لأنّ القتيل عميلٌ كافرٌ، لذا أنَّ كلَّ قتيلٍ بسلاح فصيل ديني، نُفذ بفتوى. لذا تجده يستغرب ممن يتهمه بالعمالة، وهو يرفع علم غير بلاده، فتلك راية مقدسة تعبر عن بيعةٍ في عنقهِ.
دعونا نبحث قليلاً، بمقولة أو حكمة: «الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية»، لا يُعرف ناحَتها على وجه الدّقة، فقد نُسبت إلى أكثر مِن أديب وسياسي وشاعرٍ، ولستُ مصدقاً أحداً، لكنّ الثَّابت وردت ضمن ممارسات وأشعار قديمة، في التُّراث العربيّ. روى الجاحظ(ت: 255هجرية) عن أحوال الخطباء والشُّعراء: «ولم ير النَّاس أعجبُ حالاً مِن الكُميت والطِّرماح. وكان الكُميت عدنانيا عصبياً، وكان الطّرماح قحطانياً عصبياً، وكان الكُميت شيعياً مِن الغاليَّة، وكان الطِّرماح خارجيا من الصِّفريَّة، وكان الكُميت يتعصب لأهل الكوفة، وكان الطّرماح يتعصب لأهل الشَّام، وبينهما مع ذلك من الخاصة والمخالطة ما لم يكن بين نفسين قطٌ»(البيان والتَّبيين).

كذلك روى الجاحظ: «كانت الحال بين خالد بن صفوان وشبيب بن شيبة، الحال التي تدعو إلى المفارقة، بعد المنافسة والمُحاسدة، للذي اجتمع فيهما من إتفاق الصِّناعة والقرابة والمجاورة، فكان يقال: لولا أنهما أحكم تميمٍ لتباينا تباين الأسد والنّمر»(نفسه).بيد أنَّ المقولةَ جاءت مطابقة لبيت عمرو بن امرؤ القيس(380ميلادية) وقيل لقيس بن خطيم(ت: 2 هجريّة)، ونُسب لآخرين، نَحنُ بِما عِندِنا وَأَنتَ بِما/عِندَكَ راضٍ وَالرَأيُ مُختَلِفُ«(سيبويه، الكتاب، والمَرْزُباني، معجم الشّعراء). مِن قصيدة مطلعها:«يا مالُ وَالسَيِّدُ المُعَمَّمُ قَد/ يُبطِرُهُ بَعضُ رَأيِهِ السَرِفُ». ذكرها الجاحظ في حديثه عن العمائم وأصحابها. على كلّ حال، صارت تلك المقولة الرّائعة، والخياليّة في الوقت نفسه، في متناول الصّادقين والمُدعين، تمثل بها الأخيار والأشرار، مَن يجادل بالكلام والسَّلام، ومَن يجادل ويده على السّلاح، كصاحبنا، وقضيته هلاك البلاد وإخضاع العباد، ووجدتُ متشددين تكفيريين تمثلوا بها عن قناعة. أقول: سفكتم وخطفتم وأفسدتم، لكنّ رحمة بعقولنا، لا تكثروا علينا، فنحن أمام قضية وطنٍ، سلامته لا تقبل سلاحكم رأيَّاً يفسد قضايا.

رشيد الخيون – كاتب عراقي – جريدة الاتحاد

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

ساق واحدة تكفي «محسن» لممارسة كرة القدم وبيع الحلويات: «لعبت مع منتخب مصر»

تارة تجده واقفا أمام مشروعه الخاص لبيع الحلويات الشرقية، وتارة أخرى يركض خلف الكرة داخل الملعب، لدرجة أنّ محسن ممدوح، البالغ 30 عاما، كان يلعب ضمن الفريق الأول بمنتخب مصر للساق الواحدة؛ ليعيش الشاب حياته حائرًا بين لقمة العيش وتحقيق الطموح.

البداية كانت عام 2015، أثناء وقوف «محسن» بجانب عربة لبيع الحلويات، بمنطقة فيكتوريا التابعة لمحافظة الإسكندرية، تعرض لحادث أدرى إلى بتر قدمه.

حالة من الحزن الشديد انتابت «محسن»، ودخل في حالة شديدة من الاكتئاب دامت لمدة 6 أشهر، إذ وجد نفسه فجأة عاجزا بقدم واحدة في ساعات معدودة.

يروي «محسن»، لـ«الوطن»، أنّ الحادث الذي تعرض له غير حياته تمامًا، فبعد نصف عام من العزلة المصحوبة بالاكتئاب، قرر العمل في مهنة «الكاشير» بأحد المطاعم، وفي الوقت نفسه مارس الرياضة من خلال الذهاب لصالة الألعاب الرياضية «الجيم»، مضيفا: «في البداية كنت شغال في بيع الحلويات، بعد الحادثة صحابي ساعدوني إني أشتغل كاشير في مطعم، ووقتها قررت أرجع للرياضة عن طريق الجيم».

«محسن» بين لقمة العيش والطموح

معاناة «محسن» أنجبت الآمال والطموحات، إذ لم يكتف بـ«الجيم» بل ذهب لأحد النوادي الموجودة في الإسكندرية، وقرّر تعلم السباحة، وأثناء وجوده بإحدى الرحلات التابعة لوزارة الشباب والرياضة، اقترح عليه أحد المدربين تعلم كرة القدم، الأمر الذي جعله يدخل في حالة من الحيرة الممزوجة بالفرحة.

فرحة «محسن» بالعودة لكرة القدم

في الوقت نفسه، عاد «محسن» للعمل في الحلويات الشرقية، ودشن مشروعا جديدا بالإسكندرية، وبدأ تعلم كرة القدم بـ«الساق الواحدة»، إذ أكد خلال حديثه مع «الوطن»: «كنت مبسوط ومش عارف هعمل ايه، والكابتن بتاعي بدأ يعلمني الأساسيات، ازاي هجري وهباصي، واتعلمت في أسبوع وانضميت لنادي اسمه المستقبل في إسكندرية، وكسبت بطولة الجمهورية من حوالي 3 سنين، وبحاول أوفق بين شغلي وبين لعب كرة القدم».

انضمام «محسن» لمنتخب مصر

كان «محسن» يعشق لعب كرة القدم ويشارك كثيرا بالدورات الرمضانية قبل الحادث، ما جعل شغفه يعود مرة أخرى، وينضم لنادي المقاولون العرب وزد، وحاليا يشارك مع فريق البنك الأهلي، كما أنه لعب مع منتخب مصر للساق الواحدة بعد ظهوره بأداء جيد.

مقالات مشابهة

  • ساق واحدة تكفي «محسن» لممارسة كرة القدم وبيع الحلويات: «لعبت مع منتخب مصر»
  • كيف يحصن الإنسان نفسه من الفتن ؟
  • زعيم حزب المحافظين البريطاني ريشي سوناك: على الحزب إعادة إصلاح نفسه
  • السفير الحارث ادريس تم تعيينه باقتراح من حمدوك نفسه
  • والدي
  • تأثير ديدرو
  • محمد علي مقلد يقرأ في مداخلة فياض: هل يمكن لمن يتعامل مع لبنان كساحة أن يرسم صورة صحيحة للوطن؟
  • بريطانيا: لا فرق بين سوناك وستارمر
  • ‏رئيس الأركان : أمن واستقرار الأوطان يرتكز على بناء قوات مسلحة صلبة تتجسد فيها الوحدة الوطنية وتضم كل مكونات أبناء الشعب وولاؤها وانتماؤها للوطن
  • أمطار رعدية على هذه الولايات غدا الإثنين