في لقاء بعنوان «مصر.. .فجر الحضارة»، استهلت القاعة الرئيسية، ندواتها في اليوم الثانى لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، باستضافة وجهين هما الأبرز في علوم الحضارة و المصريات علي الساحة الدولية وهما النائبة الدكتورة جيهان زكى الرئيس السابق للأكاديمية المصرية للفنون بروما، وأستاذ علوم المصريات بالمركز القومى للبحوث العلمية بجامعة السوربون الفرنسية، والدكتورة فايزة هيكل، أستاذ علوم المصريات وعميد الأثريين المصريين والرئيس الأسبق لجمعية الأثريين الدولية.

جاءت مداخلة الدكتورة چيهان زكي قوية، في الندوة، واضحة و مرتكزة على الأسانيد العلمية للتأكيد على أن ما أنتجته الحضارة المصرية من تجليات في مختلف مجالات الفنون و العلوم هو بمثابة حلقة تأسيسية في تاريخ تطور البشرية وأن كل ما تشهده الساحة الدولية من حين لآخر من مزايدات على الدور الريادي لمصر أو من تشكيك في أحد صفحات تاريخها هي أقوال واهية لا تستقيم.

وأكدت زكي، أن مصر دولة أعلت لواء القيم والأنسانيات منذ فجر التاريخ، مشددة على أن الأدب المصري القديم والذي عُرِف بأدب النصيحة جاء ليبرهن على ذلك.

وتابعت زكي: «قد كتبت هذه التعاليم علي ثماني أوراق من البردي سميت بأسماء الحكماء الذين كتبوها، وهي حسب التسلسل التاريخي وصايا وأمثال «بتاح حتب»، وتعاليم «كاجمني»، وهما من الدولة القديمة، وفيما بعد تعاليم «مريكارع»، ووصايا أمنمحات لابنه «سنوسرت»، من الدولة الوسطى، و حِكَم «آني» و «أمنموبي» من الدولة الحديثة».

وأضافت: «قد شملت هذه المتون الثمينة علي ريبرتوار يعتبر بلغتنا الحديثة دليل مُرشد للممارسات التي يجب اتباعها في مختلف جوانب الحياة من المعاملات الشخصية للحب و الزواج وتعليم وآداب المائدة وغيرها، والتي تم تجميعها وتقديمها على هيئة حكم ونصائح من خلاصة تجارب الحياة، لتظهر كيف كان المصريين القدماء يعرفون طريق السعادة، وكيف وضعوا قواعد المثل العليا للاقتداء بها في الدنيا، كما أوضحت هذه المتون أنهم استطاعوا تنظيم العلاقات الاجتماعية بين الناس وقدموا روشتة، لإقامة علاقة طيبة مع الأب والأم على الصعيد الأسري كما سعت إلى إرشاد المرء إلى دراسة الحياة والتعامل الصحيح في نواحيها المختلفة، وكيف يمكن له أن يتحدث مع غيره، ويجيب عما يسأل عنه بإجابات صحيحة مما يمهد له طريق النجاح والتقدم في الحياة».

وأكملت جيهان زكي، أن «الحضارة» بمفهومها الشامل تعني كل ما يميز أمة عن الأخرى من واقع إنجازاتها في المجالات المختلفة كالفنون والآداب والعلوم و كذلك كل ما يميز هذه الامة من سلوكيات و التي تترجم مجتمعيا عبر العادات والتقاليد وأسلوب المعيشة و طريقة الملبس و العيش بجانب حرص هذه الامة علي صون قوامها المعنوي و لغتها والتمسك بالقيم الدينية والأخلاقية وأيضا مَقدِرة الإنسان في بوتقة هذة الام علي قبول الآخر رغم اختلافه وشغفه للتعرف على حضارات الشعوب الأخرى.

وفي نفس السياق، تحدثت الدكتورة فايزة هيكل، عن عمق «التراث المصري القديم» والمقصود به، وكذلك استمرار الشعب المصري في ممارسة حياته اليومية بشكل يتشابه إلى حد كبير مع حياة القدماء المصريين حتى دون إدراك ذلك بحق قدره.

وبرهنت فايزة هيكل، على هذا التواصل المصري بين الأمس واليوم بأمثلة كثيرة منها استخدام «أسماء المدن» من وحي اللغة المصرية القديمة مثل دمنهور والتي تعني مدينة الإله حورس، والفيوم وتعنى البحيرة، وغيرها.

اقرأ أيضاًمناقشة «قصص الإنبوكس» ضمن فعاليات فكر وإبداع بمعرض الكتاب

«أطفالنا سفراء التنمية المستدامة» و«حكايات سيناوية».. أبرز فعاليات الطفل بمعرض الكتاب في يومه الثالث

معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024.. سعر التذكرة وخريطة المواصلات

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الحضارة المصرية تاريخ تطور البشرية جيهان زكي معرض القاهرة الدولي للكتاب

إقرأ أيضاً:

روايات لوفينو تبرز جوانب خفية من الحضارة الفرعونية بصالون الأوبرا على المسرح الصغير

واصلت وزارة الثقافة المصرية إبداعها الفنى والفكري بتقديم  أنشطة ثقافية مميزة من خلال دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتورة لمياء زايد، التى تحرص ضمن نشاطها الثقافى والفكرى على إثراء الساحة المصرية بفعاليات تحمل الطابع الثقافي الراقى، وبالتعاون مع مؤسسة مصر الآن للتنمية والثقافة، نظمت صالونا ثقافيا مميزا بعنوان "مصر مسرحًا للأحداث في روايات لوفينو" على المسرح الصغير ، استضافت خلاله الكاتب الإيطالي البارز ألفريدو لوفينو،أستاذ علم المصريات بجامعة تورينو ونائب رئيس دار الحكمة بإيطاليا، و الدكتور وسيم السيسي الباحث في تاريخ مصر القديمة ، بحضور المترجم إسلام فوزي، والدكتور فوزى عيسى الأستاذ بقسم اللغة الإيطالية بكلية الألسن جامعة عين شمس،مع حضور مميز من جمهور الثقافة والفكر  وعدد كبير من الجاليات الإيطالية بالقاهرة.
افتتح الدكتور فوزى عيسى الصالون بكلمة معبرة عن سعادته بوجوده في دار الأوبرا المصرية، تلك المنارة الثقافية العريقة. وأشاد بالجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة الثقافة في تنظيم هذا الحدث الفريد. ثم بدأ بتناول محاور الصالون، متطرقًا إلى الرواية الأولى بعنوان "الشهر الثالث من الفيضان"، والتي تدور حول جريمة قتل في مصر القديمة، يتهم فيها شخص بريء ويحكم عليه ،كان فقط يسعى لإنقاذ زوجته الأميرة. تلى ذلك استعراض أحداث الرواية الثانية "انتقام الملكة"، والتي تحكي عن عالمة آثار تبحث عن والدها المختفى خلال بعثة أثرية، وتكتشف أثناء رحلتها مقبرة نفرتيتي، زوجة إخناتون. وسرد عيسى كيف أن لعنة الملكة مع اقترابهم من مقبرتها أدت إلى إغلاق المقبرة على والدها وعالم الآثار، مشيرًا إلى براعة التصميم الهندسي للمقبرة وحمايتها بواسطة باب مخفي بالرمل الناعم وصخرة ضخمة. واختتم كلمته بشكر الدكتور وسيم السيسي على حضوره الكريم.
وقد تميز اللقاء بمشاركة الباحث المرموق الدكتور وسيم السيسى، الذى أضفى على الحوار بعدًا أعمق من خلال مناقشاته الغنية عن تاريخ مصر القديمة وأهمية تناولها في الأدب العالمي ،حيث عبّر  عن تقديره الكبير للحضور، متحدثًا عن إعجابه الكبير برواية "انتقام الملكة"، ومشيدًا بقدرة لوفينو على حل لغز الجريمة ببراعة. ولفت إلى عبقرية تصميم المقبرة الفرعونية،

 

 موضحًا تفاصيل الصخرة والرمال الناعمة التي تحكم إغلاق الباب المخفى. كما أشار إلى خطأ تاريخي شائع يتمثل في الاعتقاد بتعدد الآلهة في مصر القديمة، موضحًا أن إخناتون ونفرتيتي كانا من أوائل دعاة التوحيد. واستشهد بكتابات على هرم أوناس من الأسرة الخامسة منقوشة بالهيروغليفية، التى تشير إلى عقيدة التوحيد وتعنى  "واحد أحد ليس له ثاني"، واشار أن الخلافات فى تلك الحقبة الزمنية كان سياسيا فى الأساس وليس دينيا مستعرضا عدة اقوال وكتابات خلال تلك الفترة تدلل على عظمة الإله الواحد ، واختتم حديثه بعرض تسجيلى لأقوال مفكرين وعلماء آثار تؤكد على مفهوم التوحيد في مصر القديمة.

في ختام الصالون، تحدث الكاتب الإيطالي ألفريدو لوفينو معربًا عن امتنانه الشديد للحضور، ووجه شكره للدكتور وسيم السيسي على ملاحظاته القيمة، والدكتور فوزي عيسى على ترجمة رواياته إلى العربية،وكذا الشكر للمترجم  أسامة فوزى ،وعبر عن سعادته البالغة بتواجده في مصر برفقة ٢٥ من أصدقائه الإيطاليين، معتبرًا هذه اللحظات من أسعد الأوقات في حياته. وأعلن لوفينو عن مشروعه الجديد لنشر كتاب يتضمن دليل سياحى باللغة الإيطالية عن مصر من العصر الفرعوني وحتى العصر الحديث الحالى، ليصبح الكتاب رقم ٣٦فى مسيرته. كما أشار إلى التحديات التي واجهته في كتابة رواياته التسع، مؤكدًا أنه منذ سبعينيات القرن العشرين يدور النقاش حول وحدانية الإله في مصر القديمة.مع الإشارة إلى الفروق الجلية بين تناول الدراسات لهذه القضية وإتسامها بالجمود بلا روح ،عن فن الرواية التى تعيش شخصياتها بداخل المؤلف أو بداخلنا وأعرب عن سعادته الكبيرة بترجمة روايته إلى العربية، مختتمًا حديثه بتأكيد حبه لمصر وإيطاليا على حد سواء.
وعلى مدار الصالون، تفاعل الجمهور مع المناقشات العميقة التي تناولت التاريخ المصري القديم وأسرار الحضارة الفرعونية ، فيما  كانت الترجمة الدقيقة التى ألقاها إسلام فوزى جسراً ممتداً بين ثقافتين عريقتين،ليخرج الحضور وقد استمتعوا بليلة فكرية ثرية تعزز من روابط الثقافة بين مصر وإيطاليا.

وبهذا الصالون الثقافى أكدت وزارة الثقافة من خلال دار الأوبرا المصرية على رسالتها المستمرة في بناء جسور المعرفة بين الحضارات المختلفة، لتظل مصر دائمًا وأبدًا قبلة للفكر والفن، ومسرحًا للأحداث العالمية، سواء في الماضي أو الحاضر.

مقالات مشابهة

  • روايات لوفينو تبرز جوانب خفية من الحضارة الفرعونية بصالون الأوبرا على المسرح الصغير
  • «السياحة» تنظم زيارات إلى الهرم للمشاركين في ملتقى «أولادنا» لذوي الهمم
  • جولات سياحية بمتحف الحضارة والأهرامات لفرق "أولادنا"
  • المصري يستضيف احتفالية الجمعية المصرية للإعلام المرئي والمسموع بمناسبة ذكري انتصارات أكتوبر
  • “الكتاب روح الحضارة” جلسة حوارية في مقهى الفجيرة الثقافي
  • «المصريين الأحرار»: الدولة المصرية وقيادتها الرشيدة ملتزمة بدعم الأشقاء في أحلك الظروف
  • اتحاد العمال المصريين بإيطاليا يوقع اتفاقية مع الكونفدرالية الإيطالية لتأهيل الشباب المصري
  • جسر الحضارة يستضيف مبادرة بداية جديدة في دمياط
  • شاهد بالفيديو.. فتاة سودانية تتحدث مع سائق “تاكسي” مصري باللهجة المصرية بعد استلامها الإقامة: (خلاص ما بقتش لاجئة) والسائق يرد عليها: (انتو على دماغنا وعاشرت السودانيين أكثر من المصريين)
  • سفير الصومال : ارسال القافلة الطبية المصرية لمقديشيو يعكس الدور المصري لدعم البلاد