سرايا - المعطيات والمعلومات التي يتم تجميعها من هنا وهناك بعنوان مبادرة أوروبية لمعالجة تطورات الملف الفلسطيني تشير في عمان والقاهرة والدوحة على الأقل لملامح شبه توافق مع مركز الإتحاد الاوروبي وتحديدا مع المفوض الشؤون الخارجية جوزيف بوريل على مشروع خطة ما لاتزال غامضة في ملامحها الأساسية لكنها تتبلور.




ويبدو هنا ان إتصالات خاصة بين بويل وثلاثة وزراء خارجية عرب هم القطري والاردني والمصري هي التي انتهت بعقد لقاء بروكسل التشاوري فيما ارسل الرئيس الامريكي جو بايدن بالتزامن احد كبار مستشاري الى عواصم المنطقة للتباحث فيما وصف بانه مسار مستقبل القضية الفلسطينية.


وإستنادا الى مصادر مقربة من وزير الخارجية الاردني أيمن الصفدي والمصري سامح شكري توافقت المجموعة العربية بالتعاون مع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان”إنضم بضغط قطري للحفلة” على كلمة موحدة تعرض بعد الان بشان مستجدات الملف الفلسطيني على الفاعلين بالمجتمع الدولي ومجمل الاتصالات التشاورية جرت مع جوزيف بوريل في بروكسل فيما تحضر السلطة الفلسطينية خلفية هذه المشاورات دون تحضير حقيقي بالرغم من حضور وزير الخارجية الفلسطيني لجزء منها.

ويأمل كل من شكري والصفدي على الاقل بتطوير وبلورة خطة تتميز بالشمولية وتبدأ بوقف العدوان العسكري في قطاع غزة وإدخال مساعدات ضخمة ورعاية صفقة تبادل للأسرى.


ثم تنتهي باطار شرعي وقانوني دولي يتمسك بحل الدولتين لا بل يحصل على تفويض من مجلس الامن ببدء إجراءات حل الدولتين الامر الذي يفسر ما وثفه وزير خارجية الأردني ايمن الصفدي علنا مؤخرا عدة مرات بمعالجة جذرية وعميقة تعيد الربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة وتنتهي بدولة فلسطينية.


وصف وزير البلاط الاردني الاسبق الدكتور مروان المعشر ما يجري بانها ترتيبات “غامضة” ثم حذر المعشر في ندوة عامة في عمان من ان يسخر الجميع من العرب مجددا ويتعرضون للتضليل.


وإعتبر خبير المفاوضات الدكتور جواد العناني في تصريحات علنية له بان الغموض الذي يحيط بالترتيبات والمشاورات في ظل التعنت "الاسرائيلي" يثير القلق.


ثم حذر العناني من ان خطوات عميقة اجرائيا ومهمة جدا ينبغي ان تتخذ قبل الوصول الي اي صيغة يمكن تمريرها بمبادرات اوروبية وعربية هدفها النهائي انقاذ سمعة "اسرائيل" فقط.


وما تبلور في بروكسل على الأرجح هو مسودة مشروع تتوافق فيه خمسة دول عربية مع الاتحاد الاوروبي على ان الحل الوحيد للصراع هو حل الدولتين لكن لم يعرف بعد ماذا كانت المشاورات والاجتماعات اخذت بالاعتبار الجوانب الاجرائية او الزمنية ويتصور الاردن تحديدا بان الذهاب الى مجلس الأمن لإقرار حل الدولتين بنصوص واضحة وملزمة اصبح ممرا محتملا لتدشين خطة شاملة لإنهاء التوتر والصراع العسكري.

وثمة حديث عن ترتيب شمولي وصفقة أفقية تنتهي بتطبيع عربي كامل مع "إسرائيل" لتحفيز الاسرائيليين على التقدم نحو مسار يطيل أمد الاستقرار في المنطقة والاقليم.

النقص الوحيد في المشاورات حتى الان تمثل في النص على دعم خيار حل الدولتين دون الحصول على موافقة "اسرائيل" مسبقا.

والأهم دون تعريف الدولة الفلسطينية التي تفترضها الخطط الجديدة حيث يعتقد بان الاتحاد الاوروبي لا يعرض دولة فلسطينية مستقلة بالكامل ويتحدث عن تسويات وتبادل أراضي في ملف المستوطنات فيما جميع الأطراف متفقة تماما على ان عودة المفاوضات على الوضع النهائي بين "الاسرائيليين" والفلسطينيين مباشرة لم يعد خيارا منطقيا الان .


وبالتالي تستمر مبادرة الحوار العربي الاوروبي خلف الستائر والكواليس مع احتمالية كبيرة لوجود كمائن ومطبات واسئلة لا جواب عليها خصوصا بعد افاق توسع الصراع اقليميا التي فتحها العدوان على قطاع غزة وفي ظل ازمة مجهولة وغامضة في بنية المؤسسات الاسرائيلية .


والعنصر الجديد في المشهد هو ان خمسة دول عربية اصبحت الان في حالة حراك وتطالب بما يتعدى بعمق وقف العدوان الاسرائيلي على غزة وهي مصر والاردن وقطر والسعودية والسلطة الفلسطينية فيما يتعهد بوريل بان يبقى الاتحاد الاوربي كما أبلغ في اجتماع مغلق منشغلا بتوسيع قاعدة دعم المجتمع الدولي لسيناريو الدولتين دون التطرق بطبيعة الحال لتفاصيل هوية وملامح الدولة الفلسطينية المفترضة.


الاردن من جهته يصر على دولة مستقلة كاملة السيادة عاصمتها القدس الشرقية وعلى أراضي عام 1967 والجانب الاوروبي يقترح بان ذلك صعب المنال الان فيما يرى الاردن بان الصراع لن ينتهي وسيتجدد دوما اذا لم يتضمن مشروع الدولة الفلسطينية ضمن رؤية حل الدولتين ثلاثة عناصر اساسية ومركزية وهي عاصمة في القدس وازالة مستوطنات ومظاهر سيادة.


السباق الحقيقي لوزراء الخارجية العرب وبعض نظرائه الاوروبيين يتحرك من زاوية تلهث وراء السقف الزمني في ظل الادارة الأمريكية الحالية وقبل خوض الانتخابات الرئاسية وفرضية عودة الرئيس السابق دونالد ترامب البعبع الأكبر للعرب والأوروبيين.

رأي اليوم 
إقرأ أيضاً : بالفيديو .. صواريخ حزب الله تهطل على قاعدة عسكرية صهيونية إقرأ أيضاً : بالفيديو .. صواريخ المقاومة تُقلع من غزة نحو المستوطنات بعد 113 يوم على بدء الحربإقرأ أيضاً : قطع طرقات .. ثلوج وأمطار عنيفة بسبب العاصفة "دانييلا" في لبنان


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: عمان الرئيس بايدن المنطقة الاردني فيصل الاقل غزة مجلس الامن غزة الاردني المعشر المعشر عمان الجميع الاردن مجلس المنطقة الدولة الوضع غزة غزة مصر الدولة القدس الاردن الدولة القدس الرئيس ترامب عمان الاردن الامن المعشر مصر ترامب المنطقة الوضع لبنان مجلس الدولة الله بايدن القدس غزة الاقل الاردني فيصل الجميع الرئيس حل الدولتین

إقرأ أيضاً:

مستقبل الحرب على غزة في 2025.. احتمالات التصعيد وفرص وقف إطلاق النار

حكمت عوامل رئيسية العدوان الإسرائيلي على غزة المتواصل منذ عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأثرت هذه العوامل في المسار العسكري والتفاوضي للحرب على غزة سلبا وإيجابا وتأثرت به.

وأبرز هذه العوامل:

المعركة الميدانية. الموقف الأميركي الداعم للاحتلال الإسرائيلي. التصعيد الإقليمي الذي صاحب الحرب على غزة منذ يومها الثاني. التباينات الداخلية الإسرائيلية.

ومع دخول العام 2025 ومضي قرابة 15 شهرا على الحرب على غزة، تعرضت العوامل أعلاه للعديد من التغييرات، منها ما هو جذري وحاسم.

سيناقش هذا التقرير هذه العوامل وفقا لمستجداتها وتأثير محصلة هذه العوامل على مستقبل الحرب على غزة في العام 2025 واحتمالات التصعيد وفرص التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار.

المعركة الميدانية

يقتصر التحليل في هذا الجزء من التقرير على المعركة الميدانية من زاوية الأهداف العسكرية والسياسية التي حددها الاحتلال الإسرائيلي لخوضه الحرب بمراحلها المختلفة على قطاع غزة.

أعلنت الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو أهدافا مركزية لحربها على قطاع غزة، وهي:

إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في القطاع. إسقاط حكم حركة حماس وإيجاد بديل عنها لإدارة القطاع. تفكيك بنية المقاومة وفي مقدمتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس في غزة. إعلان

وشن الاحتلال حربا بلا ضوابط ولا سقوف وبدعم أميركي وغربي على كل الصعد العسكرية والاستخبارية والدبلوماسية والسياسية.

وأسفرت هذه الحرب عن تدمير واسع للمدن والقرى والمخيمات في قطاع غزة، مخلفة نحو 152 ألف شهيد وجريح فلسطيني معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

في المقابل، استطاعت فصائل المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها كتائب القسام المحافظة على قدرة منظمة ومستمرة على استهداف قوات الاحتلال في المناطق التي تنفذ فيها عمليات توغل كما في محافظات الشمال في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون.

كما أن قدرة المقاومة المحافظة على قرابة 100 أسير إسرائيلي يشير إلى قيادة وسيطرة وبنية عسكرية متماسكة.

ويأتي ذلك رغم حجم الضربات التي تلقتها المقاومة في حرب مفتوحة والحصار المفروض على القطاع والضغط الكبير على الحاضنة الشعبية وفرض سياسة العقاب الجماعي والتجويع والإبادة.

الخلاصة الأساسية التي تؤثر في مسارات التصعيد والتوصل لاتفاق وقف إطلاق نار، تتمثل بعجز الاحتلال عن تحقيق أهدافه باستخلاص أسراه بالقوة العسكرية باستثناء حالات نادرة، والفشل بإيجاد بديل سياسي لإدارة قطاع غزة بعيدا عن حركة حماس وقوى المقاومة.

ويضاف إلى ذلك عدم قدرة الاحتلال لحسم المعركة العسكرية وتفكيك بنية كتائب القسام وإفقادها القدرة على السيطرة والتحكم وتنفيذ عمليات نوعية ضد قواته المتوغلة في القطاع، بل تعدى ذلك إلى قدرة المقاومة على تنفيذ عمليات صاروخية بين الحين والآخر.

والانعكاس الرئيسي لهذه الخلاصة أن المفاوضات لا تزال تسير وفقا لإطار باريس الذي انطلق منذ عام تقريبا، والذي يرعاه الوسطاء مع حركة حماس.

العامل الأميركي

شكل دعم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن المفتوح للحرب على غزة عاملا حاسما وتشجيعا غير مسبوق لقوات الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ حرب إبادة لا مثيل لها في تاريخ الصراع.

إعلان

ورغم التباينات بين حكومة نتنياهو وإدارة بايدن في العديد من الملفات الداخلية لدى الجانبين، فإن هذا العامل لم يؤثر بشكل حاسم في موقف إدارة بايدن في استمرار تغطية الحرب على غزة والحروب التي خاضها الاحتلال في لبنان والضربات التي نفذها في إيران وسوريا واليمن.

ورغم رعايتها لمفاوضات وقف إطلاق النار وصفقة التبادل منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، فإن إدارة بايدن عملت مع حكومة نتنياهو على توظيف مسار المفاوضات لخدمة المجهود الحربي الإسرائيلي، ولم تمارس عليه الضغط الكافي لوقف الحرب، بل أمنت له عبر مسار التفاوض الغطاء لاستمرار الحرب.

وفي ظل الانعكاسات السلبية التي لحقت بالولايات المتحدة عموما وبإدارة بايدن التي خسرت الانتخابات الأميركية، بقيت تلك الإدارة محافظة على إستراتيجيتها بدعم الحرب سواء كان ذلك بعجزها عن فعل ذلك أو رغبتها بأن تؤدي الحرب لتحقيق أهدافها، الأمر الذي لم يحصل بشكله الحاسم الذي رغب به الاحتلال وإدارة بايدن.

ومع فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية وحسم الجمهوريين للكونغرس الأميركي بغرفتيه مجلس الشيوخ ومجلس النواب، بات هناك واقع جديد في الولايات المتحدة، وظهر انعكاسه على العامل الأميركي حتى قبل تسلم ترامب لسلطاته في البيت الأبيض.

وقد عبر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في أكثر من موضع عن رغبته في أن تنتهي الحرب في غزة عاجلا وليس آجلا. ففي أكثر من مكالمة هاتفية مباشرة قبل الانتخابات وبعدها، طلب الرئيس المنتخب من بنيامين نتنياهو إنهاء العمليات العسكرية الكبرى في غزة قبل يوم التنصيب.

ويدلل على هذه المساعي التصريحات التي أدلى بها عضو مجلس الشيوخ الأميركي الجمهوري ليندسي غراهام، المُقرب من ترامب، التي أكدت أن الأخير يرغب في رؤية صفقة لتحرير الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة قبل توليه منصبه في 20 يناير/كانون الثاني 2025.

إعلان

وشدد في الوقت ذاته على أن بعض الشخصيات في حكومة نتنياهو، مثل بتسلئيل سموتريتش، يقترحون "خيارات متطرفة" مثل إعادة احتلال غزة، وهو أمر لا يوافق عليه ترامب.

في المقابل، أدلى ترامب بتصريحات تشدد على ضرورة الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، مهددا "بفتح أبواب جهنم" في حال لم يتم ذلك قبل وصوله إلى البيت الأبيض في 20 من الشهر الجاري.

ورغم التهديدات التي يطلقها ترامب بشأن الإفراج عن الأسرى، فإنه عبر سلوكه السياسي يستبق لحظة تنصيبه لتحقيق صفقة يمكن أن تخفف من التزاماته وأعبائه السياسية، لا سيما أن لديه أولويات داخلية وخارجية أكثر أهمية من الصراع في الشرق الأوسط بصورة عامة.

تجعل هذه السياقات مجيء ترامب العامل الأكثر تأثيرا في حسابات الاحتلال الإسرائيلي بشأن مستقبل الحرب على غزة، وذلك لأن لديه إرادة سياسية لإيجاد حل عملي وسريع لقضية الأسرى، وهذا الأمر يُحتم على الاحتلال التعاطي بصورة مختلفة عن السابق مع الملف.

انخراط في المفاوضات

انعكس ذلك بصورة جلية بانخراط فريق ترامب، حتى قبل وصولهم إلى البيت الأبيض، في مفاوضات وقف إطلاق النار المنعقدة في الدوحة، فقد كشف مصدر للجزيرة نت أن ستيف ويتكوف المبعوث الجديد للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط سافر إلى قطر وإسرائيل أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

والتقى ويتكوف خلال جولته في المنطقة رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في الدوحة، كما التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، وحمل رسالة للطرفين بشأن ضرورة بدء الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المحتجزين قبل تولي ترامب منصبه يوم 20 يناير/كانون الثاني المقبل.

ولم يكتفِ مساعدو ترامب بتوضيح رغبتهم في إنهاء أزمة الأسرى، بل أكدوا جهود الدوحة في التواصل مع قادة حركة حماس، معتبرين جهود الوساطة القطرية حاسمة للنجاح.

إعلان

وكان مستشار ترامب لشؤون الشرق الأوسط مسعد بولس قد صرح في وقت سابق مطلع الشهر الماضي لصحيفة لوبوان الفرنسية أن قطر تلعب دورا مهما جدا في الوساطة بين إسرائيل وحماس، وكانت واضحة جدا أنها مستعدة لمواصلة القيام بهذا الدور وكذلك مصر.

وأشار بولس إلى أنه تم تحديد الخطوط الرئيسة لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ولم يبق سوى تفاصيل صغيرة جدا تتعين تسويتها، وتتعلق ببعض الأسماء وعدد المفرج عنهم على الجانب الفلسطيني، والمدة التي يجب أن تتم خلالها عمليات التبادل. وأكد أنه تم وضع خريطة طريق للتنفيذ خلال شهر أو اثنين في إطار وقف إطلاق النار بغزة.

في حين نقل موقع أكسيوس عن أحد مستشاري ترامب أن الرئيس المنتخب يدعم الاتفاق إذا كان مقبولا لإسرائيل، ويعد الاتفاق أمرا عاجلا، لأن حياة المحتجزين في خطر.

وأشار المصدر ذاته إلى أن ترامب يريد تنفيذ صفقة وقف إطلاق النار بغزة في أقرب وقت ممكن ومن دون تأخير.

ويشجع دخول فريق ترامب في خط التفاوض نتنياهو على تجاوز عقدة تقديم تنازلات لصالح الديمقراطيين، ويشجع ترامب في الوقت ذاته على الدفع نحو اتفاق يحسب له ويكون بمثابة بداية إيجابية له أمام الرأي العام. كما أن مغادرة إدارة بايدن للمشهد يخفف من الضغوط على نتنياهو ويتراجع ولو نسبيا احتمالية وجود برنامج لدى الإدارة الأميركية لإسقاط حكومته.

التصعيد الإقليمي

شكل التصعيد الإقليمي الناشئ منذ عملية طوفان الأقصى عاملا مؤثرا في مسار الحرب على غزة. وقد حمل هذا العامل اتجاهات متعددة، وشكل فرصة للضغط على الاحتلال على الصعيد العسكري والسياسي.

ورغم حجم التضحيات التي قدمها محور المقاومة في "جبهة الإسناد" التي أطلقها نصرة للمقاومة في غزة تمثلت بالضربة النوعية التي تلقاها حزب الله على صعيد قيادته السياسية والعسكرية، لم تشكل جبهة الإسناد عاملا حاسما في التأثير على المجهود الحربي الإسرائيلي في القطاع ولا على موقفه التفاوضي.

إعلان

في المقابل، وظفت حكومة نتنياهو التصعيد الإقليمي لتبرير استمرار حربها على قطاع غزة بادعائها خوض معركة على جبهات متعددة.

ومع إبرام حزب الله لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بعد الغزو البري الذي نفذه الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، انحسر تأثير التصعيد الإقليمي بشكل كبير على مجريات الحرب على غزة.

وكون أن هذا التصعيد لم يكن عاملا حاسما على مسار وقف إطلاق النار في غزة، لم يلحظ من موقف حركة حماس التفاوضي تأثرا بالاتفاق الذي جرى مع حزب الله، حيث حافظت الحركة على مواقفها التفاوضية المعتمدة بالدرجة الرئيسية على الأوضاع الميدانية والسياسية في قطاع غزة.

لا يمنع ذلك من القول إن الاحتلال الإسرائيلي قد استطاع تحقيق منجزات على المستوى الإقليمي على حساب محور المقاومة تمثل في الضربات النوعية التي وجهها لحزب الله باغتيال أمينه العام حسن نصر الله وقيادته السياسية والعسكرية. يضاف إلى ذلك ما شهدته سوريا منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد وتأثير ذلك على وجود إيران وحزب الله فيها، إلا أن تأثير ذلك على مجريات الحرب في غزة ما زال محدودا.

بل إن ذلك، رغم تأثيراته بعيدة الأمد على "محور المقاومة"، قد يسهم في سحب الذريعة من نتنياهو بضرورة استمرار الحرب على غزة ويدفع نحو التوصل لوقف إطلاق النار.

ومع الاختلاف بين جبهتي غزة ولبنان، فإن استجابة الاحتلال للجهود الأميركية في التوصل لوقف إطلاق النار في لبنان أظهرت مدى القابلية والمرونة التي يُمكن أن يبديها الاحتلال للتوصل لاتفاقات سياسية كان يُعدها تتنافى مع المنجزات العسكرية، وزعمه الحاجة لاستكمال الجهد الحربي نحو الحسم أو تحييد القدرات العسكرية للمقاومة.

وتجدر الإشارة هنا، إلى أن حسم الاحتلال الإسرائيلي للتصعيد الإقليمي لم يكن شاملا، إذ لا تزال جبهة اليمن توجه ضربات صاروخية وعبر المسيرات تصاعدت في الأسابيع الأخيرة، وباتت تشكل مصدر ضغط على الجبهة الداخلية الإسرائيلية.

إعلان

ويتكرس هذا التهديد مع صعوبة معالجة هذه الجبهة من الناحية الميدانية، نظرا لبعدها الجغرافي وعدم نجاعة الضربات الجوية التي ينفذها طيران التحالف الدولي والطيران الحربي الإسرائيلي في اليمن، وفي ظل تمسك جماعة أنصار الله الحوثية بموقفها إسناد المقاومة في غزة إلى حين التوصل لوقف إطلاق النار.

البيئة السياسية الإسرائيلية

دخل الاحتلال الإسرائيلي الحرب على غزة وسط انقسام داخلي حاد بين المعارضة الإسرائيلية والدولة العميقة من جهة وحكومة نتنياهو، وبلغت حدة الخلافات وتيرة عالية خصوصا مع استمرار التظاهرات والاعتصامات والإضرابات التي وصلت إلى حد تعطيل مرافق حكومية واستنكاف قطاعات عسكرية وجنود الاحتياط عن الخدمة.

شكل التحدي الإستراتيجي الذي فرضه نجاح عملية طوفان الأقصى بتوجيه ضربة عسكرية غير مسبوقة لجيش الاحتلال وإخراج فرقة غزة عن الخدمة، عاملا في انحسار تأثير الخلاف الإسرائيلي الداخلي. وتمثل ذلك بتشكيل مجلس الحرب بانضمام كل من بيني غانتس وغادي آيزنكوت إلى حكومة طوارئ مع ائتلاف نتنياهو الحاكم.

واستطاع نتنياهو التملص من كل الضغوط الداخلية السابقة للحرب والناشئة عنها التي قادها بعد ذلك عائلات الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، كما استطاع تعزيز ائتلافه الحاكم بضم غدعون ساعر لحكومته، كما أن مغادرة إدارة بايدن للبيت الأبيض ساعدت في تخفيف الضغوط الداخلية على نتنياهو.

قد يكون هذا المشهد قد أسهم في تعزيز مساعي نتنياهو في مواصلة الحرب، إلا أن ذلك، ونظرا لعدد من العوامل أبرزها قدوم إدارة ترامب، قد يسهم في تحسين فرص التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار.

وهنا تبرز المقاربة التي حكمت سلوك نتنياهو طيلة مراحل الحرب التي قامت على فكرة "المماطلة" وشراء الوقت، حيث كانت قوة الدفع الأساسية للانتقال بين المراحل من مسؤولية المؤسسة العسكرية والإدارة الأميركية، وليس نتنياهو الذي كان يفضل استمرارية الحرب لأجل تعميق حجم الكارثة الإنسانية في القطاع ولضمان بقائه في المشهد السياسي.

إعلان

لذلك فإن نتنياهو الذي يؤمن بـ "المماطلة" و"إطالة أمد الحرب" سيكون في مواجهة ترامب الذي يريد "الحسم" و"إنهاء الأزمة" بغض النظر عن الأثمان والحيثيات السياسية المترافقة معها، وهو الأمر الذي يظهر في حديث المقربين منه عن ضرورة التوصل لصفقة بعيدا عن ارتباط ذلك بمسألة "اليوم التالي".

ويمكن النظر إلى نموذج التوصل لاتفاق النار مع حزب الله في قياس موقف الأطراف الإسرائيلية الداخلية وتأثرها بعامل قدوم ترامب، فطبيعة ردة الفعل التي أظهرها حلفاء نتنياهو، سموتريتش وإيتمار بن غفير، تجاه الاتفاق مع حزب الله، تشير إلى أن لديهم حسابات سياسية يُمكن أن تطغى على تطلعاتهم الأيديولوجية، لا سيما أن بن غفير الذي هدد سابقا بالانسحاب من الائتلاف الحكومي في حال جرى توقيع اتفاق مع لبنان، اكتفى بالمعارضة اللفظية، عوضا عن ضعف تأثيره بسبب انضمام ساعر إلى الحكومة.

وتجدر الإشارة إلى أن أقطاب الصهيونية الدينية بات لديهم ما يخسرونه في حال تفكك الائتلاف الحكومي بالنظر للقضايا القضائية المتراكمة ضد بن غفير، واحتمالية عدم تجاوز سموتريتش الحسم في حال جرت انتخابات مبكرة، فضلا عن فرصة الاستفادة من مجيء ترامب على صعيد مشاريعهم الاستيطانية في الضفة الغربية، ورؤيتهم لتمرير التعديلات القضائية.

يأتي ذلك في ظل تأييد 56% من جمهور الائتلاف الحاكم وقف الحرب على غزة مقابل الإفراج عن الأسرى لدى المقاومة، وهو ما يشير إلى تغير في الرأي العام المحسوب على اليمين الإسرائيلي في هذا الأمر.

في حين تبرز حسابات رئيس الوزراء الإسرائيلي الشخصية باعتبارها أيضا من العوامل المؤثرة في المشهد، حيث إن نتنياهو الذي كان يعول على الحرب لاستعادة شعبيته وزيادة أصواته الانتخابية، تبين له أن هناك جمودا مُطبقا في نسبة المقاعد التي يمكنه الفوز بها رغم استمرارية الحرب طيلة الفترة الماضية، مما قد يدفعه إلى وقف الرهان على ذلك لخلق أجندة ومضامين جديدة للتأثير في الوعي الإسرائيلي، كما أن بدء جلسات محاكمته أكدت له أن عليه التعامل مع الواقع المستجد وفق مقتضياته بعيدا عن التعويل المطلق على الحرب.

إعلان

وقف الحرب أم التصعيد؟

بالنظر إلى جملة المؤشرات والتحولات التي طرأت على العوامل المؤثرة في الحرب على غزة، تظهر تزايد فرص التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة المقبلة، وسينطوي هذا على صراع إرادات حول شكل الحل السياسي الذي يتطلع له الاحتلال وسعي المقاومة لإفشال ذلك.

استنفدت الحرب من منظور عسكري أهدافها، ويطالب المستوى العسكري والأمني الإسرائيلي بسرعة التوصل إلى اتفاق مع المقاومة للخطر الكبير الذي يتعرض له الأسرى، وهذا الأمر بات واضحا لدى الإدارة الأميركية الحالية والإدارة القادمة، وقد عبر عن ذلك كل من وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، وكذلك مسعد بولس.

وإلى حين التوصل لذلك، يُسابق الاحتلال الزمن لفرض أكبر قدر ممكن من الحقائق السياسية على الأرض لتحسين شروط أي اتفاق سياسي مرتقب ولتقليل مستوى التنازلات التي سيكون مضطرا لتقديمها في أي صفقة مقبلة، يأتي ذلك عبر توسيعه لجهوده الحربية في عدة مناطق في قطاع غزة، بالتوازي مع محاولته زيادة الضغط على المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة، عبر تكثيف أوامر النزوح القسري والجماعي ومنع دخول المساعدات الإنسانية وزيادة عمليات القتل والاستهداف.

ويحاول المستوى السياسي في دولة الاحتلال مواءمة خطابه وسلوكه السياسي مع توجهات ترامب ولتتناغم بصورة أكبر مع اتجاهات الرأي العام الإسرائيلي، لذلك لا يسعه أن يُقارب الجهد الاستخباري والدبلوماسي في مفاوضات ملف الأسرى إلا من منظور إيجابي.

وهو ما تشير إليه المفاوضات الحالية الجارية في الدوحة، والتي وصفتها حركة حماس في تصريح لها بأنها جادة وأنها الأقرب لاحتمالية التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب ويدفع الاحتلال للانسحاب من قطاع غزة وعقد صفقة تبادل للأسرى بين الجانبين.

وعليه فإن قواعد اللعبة التي استطاع من خلالها نتنياهو إطالة أمد الحرب باتت تتغير تدريجيا، فلم تعد هناك من الأهداف المُعلنة للحرب لتحقيقها سوى استعادة الأسرى، والأهداف الأخرى غير المعلنة المرتبطة بالتهجير والاستيطان تتطلب مزيدا من الوقت لأشهر إن لم يكن سنوات أخرى، وهو الأمر الذي سيكون على حساب حياة الأسرى وإمكانية بقائهم على قيد الحياة.

إعلان

مقالات مشابهة

  • مستقبل الحرب على غزة في 2025.. احتمالات التصعيد وفرص وقف إطلاق النار
  • وزير الخارجية يبحث مع نظيره الفرنسي الأزمة الفلسطينية والسورية والصومالية
  • استاذ علوم سياسية: جهود مصر تجاه القضية الفلسطينية ليست جديدة
  • الخطيب: لا يمكن لطائفة أن تحمل عن كل العرب عبء القضية الفلسطينية
  • مندوب مصر بمجلس الأمن: إسرائيل تحاول تصفية القضية الفلسطينية عبر سياسة التهجير القسري
  • إب .. فعالية ثقافية بمناسبة جمعة رجب تؤكد على الهوية الإيمانية ودعم القضية الفلسطينية
  • بينيت يتحضر للعودة للمشهد الإسرائيلي وسؤال القضية الفلسطينية يلازمه
  • السيد عبدالملك الحوثي: الرهان على مجلس الأمن من أجل القضية الفلسطينية غير مثمر ولا جدوى منه
  • وزير الخارجية المصري يؤكد ضرورة التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية
  • من غزوة بدر إلى معركة الفتح الموعود.. جذور الموقف اليمني وأسبابه في نصرة القضية الفلسطينية