لماذا نشعر في رغبة بالنوم أكثر خلال فصل الشتاء؟
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هل يلقي موسم الشتاء البارد بثقله عليك خلال النهار، وأنّ قسط النوم الذي يكفيك خلال فترات أخرى من السنة لم يعدك؟
وبالاستناد إلى بحث بينّ أنّ ما لا يقل عن ثلث البالغين الأمريكيين أفادوا بأنهم ينامون أكثر في الشتاء، قال الدكتور راج داسغوبتا، الأستاذ المساعد بالطب السريري في مستشفى هنتنغتون بكاليفورنيا: "إذا كنت ترغب بالنوم أكثر في الشتاء، فأنت لست وحدك".
وأوضح داسغوبتا أنّ "احتياجات النوم تتراوح لدى معظم البالغين بين 7 و 9 ساعات في الليلة، وهذا ثابت بغض النظر عن مدى البرودة أو الظلام في الخارج".
ومع ذلك، من الشائع أن تشعر وكأنك تنام أكثر خلال فصل الشتاء بسبب حقيقة أنّنا نفقد ساعة من ضوء النهار عندما ندخل في التوقيت الشتوي، وهو ما يرتبط ببداية حلول الظلام مبكرًا، وفق داسغوبتا.
وكان يُعتقد أنّ التأثيرات الموسمية على نوم الإنسان لا تكاد تذكر حتى وقت قريب، عندما وجدت دراسة نُشرت في فبراير/ شباط عام 2023، خلاف ذلك. فقد خضع 188 مشاركًا لدراسات النوم بمستشفى سانت هيدويغ في برلين، حيث نام المشاركون حوالي ساعة أطول في الشتاء مقارنة بمدة نومهم في الصيف، وهو ما قال المؤلفون إنه لم يكن ذات دلالة إحصائية.
لكنّ المشاركين حصلوا على 30 دقيقة إضافية من إحدى مراحل النوم، وهي مرحلة حركة العين السريعة، خلال فصل الشتاء.
وتتميّز مرحلة حركة العين السريعة من النوم بمزيد من الأحلام، وبمعدّل ضربات القلب والتنفس بشكل أسرع من المراحل الأخرى.
وأوضح داسغوبتا أنها "مرحلة أساسية من النوم تساعد على تحسين الذاكرة، والتركيز، وتنظيم المزاج، ووظيفة المناعة".
وقد يكون للرغبة بالحصول على مزيد من النوم خلال فصل الشتاء علاقة بكيفية تقلّب الضوء على مدار العام، أو بالتغيرات السلوكية والصحة النفسية التي يمكن أن تصيب كل منا.
إليك ما يعتقد الخبراء أنّ عليك معرفته وما إذا كان يجب عليك إجراء أي تعديلات.كيف يؤثر الضوء على النوم؟أوضح داسغوبتا أن أجسادنا تتلقى إشارات من الشمس عندما يتعلق الأمر بإيقاع الساعة البيولوجية لدينا، وهذا يعني أنه عندما يكون الجو مشرقا في الخارج فإننا نميل إلى النشاط، وعند غروب الشمس، قد نميل إلى الشعور بالتعب".
ولفت إلى أن انخفاض ضوء الشمس يسبب زيادة في الميلاتونين، الهرمون الذي يفرزه الجسم وينظم دورات النوم والاستيقاظ.
وقالت الدكتورة كارليرا فايس، الأستاذة المساعدة بمركز أبحاث التمريض في جامعة بوفالو، إنه مع إنتاج الميلاتونين في وقت مبكر خلال فصل الشتاء، "سيكون من الطبيعي الافتراض أن الشخص السليم سيحتاج أيضًا إلى مزيد من النوم خلال فصل الشتاء".
ولا يؤثر الضوء على كمية النوم فحسب، بل على جودته أيضًا.
يقول الدكتور جوشوا تال، عالم النفس السريري المقيم في مدينة نيويورك والمتخصص في مشاكل النوم: "يتأثر نوم حركة العين السريعة بشكل كبير بالضوء والظلام، لذلك عندما يكون لدينا ضوء أقل خلال أشهر الشتاء، فإن الجسم سوف يعوض بشكل مفرط من طريق إعطاء المزيد من نوم حركة العين السريعة".
وأوضح الخبراء أن الحاجة إلى مزيد من النوم خلال فصل الشتاء مردّه أيضًا إلى ما يعرف باسم "اضطراب الرحلات الجوية الطويلة الاجتماعية"، ما يعني أن السهرات المتأخرة التي قضيتها طوال الصيف قد تكون السبب وراء مواجهتك صعوبة في النوم خلال الشتاء، أو الشعور بجسدك يعوّض المزيد من النوم.
وأوضح داسغوبتا أن الأسباب السلوكية الأخرى تشمل "الإجهاد أثناء العطلة، وتناول مجموعة واسعة من الأطعمة والحلويات، واستهلاك المشروبات الكحولية، وعدم ممارسة التمارين الرياضية".
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: دراسات نصائح خلال فصل الشتاء النوم خلال من النوم
إقرأ أيضاً:
صحافة «الوجبات السريعة»!!
تناولنا في المقالين السابقين التحول الرقمي في الصحافة العالمية بشكل عام، ومتطلبات تحقيقه في الصحافة العمانية على وجه الخصوص، حتى تستطيع البقاء في السوق لأطول فترة ممكنة، وذلك عبر تسخير القفزات الرقمية التكنولوجية لخدمة صناعة الصحافة، والاستفادة منها، وعدم استنفاذ الوقت المتاح في مقاومة هذا التحول.
نختم اليوم هذه السلسلة من المقالات بتقديم تجربة إحدى أهم الصحف العالمية البارزة التي استطاعت مواكبة التكنولوجيا الرقمية وتحويلها من نقمة، كانت تهدد استمرارها، إلى نعمة أدت إلى بقائها في سوق عالي التنافسية الإعلامية، مثل السوق الأمريكي.
الصحيفة التي نتحدث هي صحيفة «يو إس آيه توداى» أو «الولايات المتحدة الأمريكية اليوم» التي أطلق عليها حين ولادتها في عام 1982 لقب ساخر هو «صحيفة ماك» تشبيها لها بمطعم الوجبات السريعة المعروف «ماكدونالدز»، نتيجة ما تميزت به وقتها من استخدام واسع للألوان الزاهية، والرسوم البيانية، والقصص الإخبارية السريعة والقصيرة، والعناوين التلغرافية اللافتة، مما جعلها تبدو مختلفة عن الصحف التقليدية التي كانت تعتمد على نشر النصوص الإخبارية الطويلة والتفاصيل الدقيقة، كما جعلها عرضة للنقد الشديد من الصحفيين التقليديين الذين اعتبروها صحيفة سطحية تخاطب العامة، ووصفوها بوجبة «ماك» الشهيرة.
الصحيفة التي ظهرت قبل سنوات قليلة من ظهور شبكة الويب وتحويلها إلى وسيلة اتصال جماهيرية ومنصة لنشر الأخبار والصحف الإلكترونية، أصدرتها شركة «جانيت» المتخصصة في إصدار الصحف منذ 42 عاما تقريبا، لتكون صحيفة قومية توزع في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، ولكي تنافس التلفزيون في تقديم الأخبار بطريقة سريعة وسهلة القراءة.
وعلى الرغم من الانتقادات الواسعة لأسلوبها في تقديم الأخبار، فقد نجحت «يو اس ايه توداي» خلال سنوات قليلة في جذب جمهور واسع من القراء الذين كانوا يريدون خدمة صحفية سريعة ومختصرة، وأصبحت واحدة من أكبر الصحف من حيث التوزيع في الولايات المتحدة، وهو ما أكد أن هناك طلبًا جماهيريًا على هذا النوع من الصحافة. وما تزال هذه الصحيفة واحدة من الصحف الرائدة في الولايات المتحدة، تقدم تغطية شاملة للأخبار الوطنية والمحلية، بالإضافة إلى الرياضة، والترفيه، والمال، والتكنولوجيا. ورغم التحديات التي تواجهها صناعة الصحافة الورقية، منذ ظهور منصات النشر الرقمية، تمكنت الصحيفة من الحفاظ على مكانتها بفضل مواكبتها المستمرة لتقنيات التحول الرقمي، وحرصها على تقديم محتوى متنوع وجذاب عبر منصاتها الإلكترونية.
واقع الأمر أن نموذج «يو إس آيه توداى» يمكن أن يحتذى في صحفنا الورقية التي ما زالت تناضل للبقاء على قيد الحياة. الصحيفة التي كانت الأولى في التوزيع على مستوى الولايات المتحدة تراجعت إلى المركز الخامس في السنوات الأخيرة، وبعد أن كانت توزع أكثر من مليوني نسخة يوميًا انخفض توزيعها الورقي إلى نحو 113 ألف نسخة فقط، وخسرت بذلك أعدادًا هائلة من قرائها الذين تحولوا مع التحول الرقمي، الذي شمل جميع مجالات الحياة، إلى منصات الأخبار الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي. ومن هنا اتجهت الصحيفة إلى سوق الصحافة الإلكترونية لجذب جمهور جديد عبر منصاتها الرقمية، وتواصل العمل على تحسين هذه المنصات وتقديم محتوى متنوع لجذب القراء الجدد والحفاظ على مكانتها في السوق.
وبشهادة من عاصروا التحول الرقمي للصحيفة يمكن القول إن إعادة تشكيل الصحيفة كانت عملية رقمية ناجحة نسبيا، على الأقل من وجهة نظر القراء. فقد اجتذب الموقع الإلكتروني للصحيفة نحو 64.1 مليون زائر متفرد في مايو الماضي، وهو ما يضعها بين المؤسسات الإخبارية الرائدة في العالم وليس في الولايات المتحدة فقط. صحيح أن عدد المشتركين الرقميين الذين يدفعون للحصول على خدمات الموقع، قليل نسبيا بالمقارنة بمواقع صحف أخرى مثل «نيويورك تايمز: و«واشنطن بوست» و«وول ستريت جورنال»، ولا يتخطى حاجز الـ 150 ألف مشترك، ولكن عدد الزوار الكبير يمنحها فرصًا أكبر في جذب الإعلانات التي تحقق دخلًا جيدًا.
السؤال المهم الذي يطرح نفسه الآن هو: هل نجحت صحيفة «يو إس آيه توداى» في مواجهة تحديات التحول الرقمي؟ وكيف تستفيد صحفنا العربية والعُمانية من هذه التجربة الثرية؟
يمكن القول بدرجة ثقة كبيرة: إن الصحيفة الأمريكية نجحت بمعايير السوق الصحفية في البقاء على قيد الحياة، بينما تعثرت وتوقفت صحفا ومجلات أخرى كثيرة لم تستطع إدارة هذا التحول. وأعتقد أن البقاء والاستمرار في السوق معيار مهم من معايير الحكم على نجاح التحول الرقمي خاصة في أسواق الصحافة التنافسية التي لا تدعم فيها الحكومات الصحف ووسائل الإعلام. ومع ذلك لم تكتف «يو إس آيه توداى» بالبقاء في السوق فقط، ودعمت مكانتها من خلال العمل على تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على مصدر واحد، لتشمل إلى جانب البيع الورقي، الاشتراكات الرقمية، والإعلانات الرقمية. إن الدرس المستفاد هنا هو أن تنوع صحافتنا منصات النشر ومن ثم يأتي تنويع مصادر الدخل. ويمثل هذا التنويع المزدوج أحد أهم الحلول التي يجب على صحافتنا بحثها وتبنيها، حتى لا تبقى رهينة الدعم الحكومي.
الدرس الثاني الذي يمكن تعلمه من تجربة الصحيفة الأمريكية هو سرعة التكيف مع التغيرات التي تشهدها صناعة الصحافة على مستوى التكنولوجيا، وعلى مستوى جمهور القراء الجدد الذي لم يعد قانعا بالأساليب التقليدية في تقديم الأخبار ويحتاج إلى أساليب جديدة تقوم على تقديم الأخبار السريعة والقصيرة والملخصات الموجزة وليس التقارير الطويلة والمفصلة. لقد نجحت «يو إس آيه توداى» في العصر الورقي ثم في العصر الرقمي لأنها آمنت بحق القراء الجدد في الحصول على ما يريدون من الصحيفة، وهو أن تقدم الأخبار لهم في وجبة صحفية سريعة مثلما تفعل مطاعم الوجبات السريعة.
في تقديري أن مستقبل صحافتنا الحالية لا يرتبط فقط بقدرتها على تحقيق الجانب التقني من التحول الرقمي، فما أكثر التقنيات التي لدينا، وإنما أيضا بمواكبة هذا التحول على مستوى تحرير وتقديم وتوزيع الأخبار والتحول إلى صحافة «وجبات سريعة» عبر جميع منصاتها الرقمية.
لقد أثبت نموذج «يو إس آيه توداى» أن القراء مهما اختلفت أجيالهم وأماكن وجودهم وأعمارهم مستعدون لدفع تكلفة محتوى صحفي جيد يتوافق مع احتياجاتهم ويلبي متطلباتهم في الحصول على صحافة سريعة وخاطفة، تقدم لهم الأخبار في وجبات سريعة مثل «سندويشات الهامبرجر»، بشرط أن تكون، على عكس هذه الوجبات، آمنة وصادقة ومغذية!
لقد كانت صحيفة «ي واس ايه توداى» كما يقول مؤرخو الصحافة «واحدة من أكثر الإبداعات الإعلامية تأثيرًا في الخمسين عاما الماضية، وكان ما قدمته من أساليب تحريرية للأخبار النموذج الذي تم استخدامه في صحافة الويب والصحف الرقمية بعد ذلك. ولذلك تستحق قصتها في التحول الرقمي أن تروى، عسى أن تستفيد منها صحافتنا الجادة لضمان البقاء في السوق الإعلامية.