سواليف:
2024-11-17@02:56:20 GMT

الحكم الشرعي في التطبيع

تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT

#الحكم_الشرعي في #التطبيع
بقلم : د. #هاشم_غرايبه
التطبيع مصطلح حديث، لم يكن موجودا في زمن السلف الصالح، لذلك لا يوجد له حكم شرعي منقول، ولما كان أمرا خطيرا له تأثير بالغ على الأمة، فمن الضروري تبين حكمه في ميزان الشرع.
لعل السبب الرئيس في تهرب الفقهاء والعلماء الشرعيين من بحث هذا الأمر، هو أن أغلب الجهات المخولة بذلك هي جهات رسمية تعتبر جزءا من نظام الحكم، وليست مستقلة القرار، بل موالية للحاكم أكثر من الدين والشرع، ، فلا تفتي إلا بناء على طلبه وفيما يوافقه، وتتجنب إصدار الحكم الشرعي الذي يتعارض مع رغباته.


من هذا الباب سنجد أن مفتي السلاطين هؤلاء يتحملون المسؤولية عن فساد السلطة وانحرافها عن منهج الله، وبالتالي فهم أشد إضرارا بالدين من المنافقين ذاتهم، فلا جرم أن ينالوا العذاب الأعظم يوم القيامة، مثلهم مثل من خدموهم وأضلوا الناس عن علم وسبق نية، مقابل ثمن بخس، لأنهم بذلك استبدلوا رضى الحاكم برضى الله، فباعوا آخرتهم بدنياهم ..فما أخسر تجارتهم!.
لذا يجب على كل من نال علما وفقها عليه أن يتبرأ منهم، ولا يسكت عن قول الحق، ولا يخشى السلطان الجائر، وهذا السبيل الوحيد لكي ينجو من غضب الله.
ولعل استغراق هؤلاء في منهج السلفية الاستنساخية، التي تقول بأن ما لم يقل به السلف الصالح ابتداع فسوق، مرده الى رغبتهم في التملص من واجب الافتاء فيما يستجد من أحكام لم توجد في زمن الأولين، فسكتوا عن مخالفة الحاكم الحكم الشرعي الأصيل، وبعضهم أجازه بحجة أقبح وهي ذريعة طاعة الحاكم، مما أوقع هؤلاء في وهدة النفاق.
قبل البحث عن الحكم الشرعي للتطبيع، علينا أن نحدد مفهومه ومراده، فمتفق عليه أنه يعني إزالة حالة العداء مع العدو الغاصب للأرض، والقبول باحتلاله، والتنازل عن استعادتها، والتعامل مع دولته التي أقامها بطريق غير شرعي على أرض المسلمين، وكأنها دولة حقيقية مالكة شرعية للأرض، ثم تطوير العلاقات للتعاون معها في كافة الميادين.
ولذلك فحكمه حرام، وذلك للأسباب التالية:
1 – التسليم للعدو الغازي لديار الإسلام ومسالمته قبل أن يخرج منها مخالف لأمر الله: “اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ” [البقرة:191]، كما يتناقض مع الواجب الشرعي، وهو الجهاد حتى إخراجه مما احتله.
2 – الدفاع عن ديار المسلمين له تأصيل شرعي، وهو فرض عين على المسلم، ومسماه جهاد الدفع، والتخلف عنه من الكبائر الموبقة في النار.
3 – مسالمة المعتدي المحتل للديار، الواردة في قوله تعالى: “وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا” [الأنفال:61] لا يجوز إلا في حالة واحدة، وهي خروجه وإعادة ما احتله، فيمكن بعدها التطبيع معه، أما أن يكون عن رضوخ واستكانة بذريعة عدم التكافؤ في القوة، فذلك غير جائز، لأن الله لا يقبل الذلة والصغار للمؤمنين، وهي نكوص عن فريضة الجهاد، لأن الله لم يفرض الجهاد في حالة تفوق المسلمين فقط، فقد تعهد بنصرتهم بغض النظر عن اختلال موازين القوى، ولم يشترط عليهم إلا بذل الجهد في الإعداد والتجهز.
4 – معاهدة العدو المستمر في عدوانه على الأمة تعني التخلي عن واجب نصرتها، وهذا مخالف لأمر الله.
4 – المهادنة المؤقتة في حالات الضرورة أمر مقبول إن كان لحين الإعداد والتجهز، ومختلف تماما عن التطبيع الذي يعني إنهاء حالة العداء والتخلي عن الأرض نهائيا، لأنه يسقط الحق في استرجاعها.
5 – الاحتجاج بصلح الحديبية لا تستقيم مع الحالة الراهنة في الصراع مع الكيان اللقيط، فالمشركون لم يحتلوا ديار المسلمين، كما أن المسلمين حين خرجوا لم يكونوا بقصد فتح مكة أصلا، بل أرادوا زيارة البيت الحرام مثلهم مثل باقي قبائل العرب، وعندما صالحوا المشركين كانت البنود لصالحهم، فقد اعترفوا لأول مرة بحقهم في زيارة البيت الحرام ولو أنها أجلت الى العام القادم، ولم تكن المعاهدة فيها اقرار لحق المشركين في السيطرة على الحرم، بل كانت خطوة أولى للفتح.
بناء على ما سبق نتوصل الى الاستدلال على حرمة التطبيع الراهن حرمة قطعية، وكل من شارك فيه أو أيده آثم، ولا تقبل له توبة إلا بالعودة عنه وإصلاح ما أفسد.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الحكم الشرعي التطبيع الحکم الشرعی

إقرأ أيضاً:

لسنا متمردون – نحن نمارس حق الدفاع الشرعي

في حرب السودان الآخذة في تطورات خطيرة كشفت عن حقيقة تحولها لحرب جهوية صارخة، جعلت الكثيرين يصطفون خلف مجتمعاتهم، نود أن نؤكد على أن قوات الدعم السريع والمجتمعات المحسوبة عليها، لم تقم يوماً بالتمرد على السلطة، وقد لعبت هذه الكيانات الاجتماعية الدور المحوري في إنجاح الثورة المهدية، التي حررت السودان من جبروت الحكم التركي، ولهذه الجماعات قصب السبق في التحولات الوطنية الكبرى، ومهما حاول الإعلام المضلل لفلول النظام البائد تزييف الحقيقة، والكذب والتدليس الساعي لاصطناع إدانة خيالية لا أساس لها من الصحة، تظل الحقيقة بيضاء ناصعة وكاشفة تحت ضوء نهار شمس الظهيرة، وهي أن القوات التي كانت داعمة للقوات المسلحة، والسريعة في هبّة ونهضة جندها الأشاوس، هوجمت بتدبير خطة محكمة من كتائب الاخوان المسلمين، فجر يوم الخامس عشر من ابريل من العام المعلوم، ومازالت أرض معسكرات جبل سركاب والمدينة الرياضية وطيبة، شاهدة على أثر العدوان الأثيم الذي شنّه طيران الجيش الرهين لأجندة الإرهابيين والمتطرفين والأجانب، وجريمة معسكر جبل سركاب ما تزال هي الأبشع منذ انطلاقة شرارة الحرب، هذه الحقائق وثقتها الاقمار الصناعية التي ليس لفلول النظام البائد يد في مسح وإزالة محتويات تسجيلاتها المحفوظة، لذلك نرى أمراء الحرب من جيش الاخوان يرتجفون رعباً من أي طرح يشير إلى إيفاد محققين دوليين، ومحاولات أجهزة النظام البائد الإعلامية المأجورة طمس معالم هذا الجرم مصيرها الفشل، وتاريخ بلادنا في مقبل السنوات لن يكتبه سلاطين باشا، ولا نعوم شقير، ولا أصحاب الطبقات المختزلين للوطن في مخيلتهم الجهوية المريضة.
لا يوجد صاحب حق مشروع في هذه الحرب سوى جنود وضباط وضباط صف قوات الدعم السريع، يليهم المواطنون المحكوم عليهم بالإعدام، لا لجريمة ارتكبوها ولكن فقط (بسبّة) أنهم ينحدرون من “المجلد” و”بابنوسة” و”الضعين” و”الكومة”، وقد كفلت جميع الشرائع السماوية حق الدفاع عن النفس لكل من يتعرض للعدوان، والأشاوس قد فعلوا الصواب، فلم يركنوا أو يستسلموا للعدوان الغادر والمباغت، ولن يركعوا لمن أراد بهم ذلاً وانكسارا، فقاتلوا بكل جسارة وما زالوا يقتحمون حصون الفاسدين والعملاء والمرتزقة، وقد يأتيك أحدهم مستنكراً وطارحاً عليك هذا السؤال: طيب، ما دام قد دحروا عدوهم في عقر داره الخرطوم لماذا يهاجمون مدني والجيلي؟، أقول لهؤلاء السذج أن الشر الذي عبأ الطائرات المصرية بالبراميل المتفجرة بمطار مروي، ووضعها على أهبة الاستعداد للانقضاض على قوات الدعم السريع، لن ينجو من هذا الشر أحد لو اكتفى الأشاوس بالارتكاز في مواقعهم، هذا العدو اللئيم الوالغ في دماء السودانيين، إن هادنته ضمر لك الشر وغدر بك وقتلك وانت رافع للراية البيضاء بيمينك وممسك بحمامة السلام بيسارك، هذا الشر المستطير لابد أن يلاحق في كل شبر من أرض السودان، ولقد فعل الأشاوس خيراً بتمديد ألسنة لهب مدافعهم للجزيرة والفاو والأحجار الكريمة، فالموت بعزة في مواجهة هذا العدوان الذي استباح وسفك دماء أهلنا في نيالا والكومة والمالحة، لا يجب التوصل معه إلى هدنة، لأنه ينتهز وقف اطلاق النار في تجييش المرتزقة العابرين للحدود، ليستعيد مشروعه العدواني المتجذر، لذا لا مفر من وضع الخطط الطويلة الأمد، لاستئصاله وبذات الطريقة التي يتعامل بها مع مجتمعاتنا المستقبلة لحمم براكين القصف الجوي، فأسلم الطرق لدحره التعامل بالمثل والخروج من جلباب الفضيلة لأن هذا العدو لا فضيلة له.
هذه الحرب وجودية بالدرجة الأولى لسكان الجهات المستهدفة بالقصف الجوي، لذا وجب على هؤلاء السكان تغيير نمط حياتهم وادخار القوة لحرب قادمة هي الأكثر بشاعة والأطول أمد، وليعلموا أن العدو يتربص بهم الدوائر، فلا راحة لهم إلّا بشرط واحد هو دحر العدو واقتلاعه من أرض السودان، كما لا يجب على الوطنيين الشرفاء القبول بأنصاف الحلول في أي منبر يدعو للسلام، فكما أدى الثلاثي الوطني – المهدي، الخليفة، دقنه – دوره التاريخي كاملاً غير منقوص بتحرير البلاد شرقاً وغرباً وشمالاً، على الجنود وضباط الصف والضباط بقوات الدعم السريع، أن يضعوا نموذجي لوران كابيلا (زائير) وبول كاقامي (رواندا) في حسبانهم، وهو التحرير الكامل والتنظيف الشامل، فالطوفان القادم من الغرب يجب أن لا يتوقف إلّا عند الحدود الاثيوبية والارترية والمصرية، وأن تلحق مشروع المليون جندي فزعة كبرى تنادي الأهل في البوادي والقرى، أن هبوا لاستكمال مشروع التحرير الوطني، الهادفة لتخليص البلاد من عملاء المستعمر، الذين رفعوا سقف المواجهة لاستدعاء الجيوش الأجنبية من وراء الحدود الشمالية والشرقية، فحرب الكرامة المزعومة قد أتت بالغزو الخارجي، ومن اليوم وصاعداً يجب أن تتمايز الصفوف، بين من انحنوا وبسطوا ظهورهم ليمتطيها الغزاة، وأولئك الصامدين الحاملين للواء التغيير والتحرير، فلقد نادى المنادي للموت بشموخ وعزّة وكبرياء في مواجهة الغزاة، ومن أجل حسم العملاء والمرتزقة والجواسيس، وجب على استخبارات الدعم السريع أن تفعّل كفاءتها لتواكب مكافحة التجسس بالأراضي المحررة، ولتضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه تقديم الاحداثيات لطيران العدو، وكل من يعمل على نقل المعلومة للجهات المعادية.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com

   

مقالات مشابهة

  • "الجهاد" تعلن مقتل قياديين للحركة في غارة إسرائيلية على دمشق
  • وكالة: مقتل قياديين بـالجهاد الإسلامي إثر غارات إسرائيلية على سوريا
  • سياسي أنصار الله يدين العدوان الصهيوني على منازل سكنية لحركة الجهاد الإسلامي في دمشق
  • سياسي أنصار الله يدين العدوان الصهيوني على سوريا
  • جبهة دعم فلسطين ومناهضة التطبيع تحتج أمام قنصلية أمريكا
  • قراءة إسرائيلية في فوز ترامب ومسار التطبيع.. ابن سلمان الرابح الأكبر
  • سيضع حداً لإيران ويتيح التطبيع.. قراءة إسرائيلية لـفريق ترامب الجديد
  • الأردن والعراق ومجلس حكماء المسلمين يعزّون شيخ الأزهر فى وفاة شقيقته
  • شاهد.. إسرائيل تقصف مقر حركة الجهاد في دمشق
  • لسنا متمردون – نحن نمارس حق الدفاع الشرعي