في مقال له في صحيفة "وول ستريت جورنال" يعتقد الباحث المختص بدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا في "مجلس العلاقات الخارجية" في نيويورك ستيفن كوك أن المشكلة في المنطقة تكمن في قطر وتركيا وإيران، وليس في الاحتلال والجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة.

ويزعم كوك أن عدم تعاون دول المنطقة مع خطط واشنطن "لليوم التالي" بعد الحرب في غزة، مرده قطر وتركيا اللتان تريدان إبقاء العلاقات مع حماس، وكذلك محور المقاومة.



لذا يقترح كوك على واشنطن إسقاط تركيا وقطر من حساباتها فيما يتعلق بالأزمة في غزة، كما يقترح توجيه ضربة حاسمة للحوثيين في اليمن، هي من وجهة نظره ستكون رسالة قاسية لإيران.

ويتجاهل كوك في مقاله الاحتلال الإسرائيلي الذي يعد جذر المشكلة في المنطقة، كما يتجاهل كل الجرائم والفظائع التي ارتكبها جيش الاحتلال في قطاع غزة ضد الشعب الفلسطيني منذ ما يزيد عن 112 يوما.

وفيما يلي نص المقال الذي ترجمته "عربي21":
قبل وقت قصير من وصول وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى العاصمة التركية في أوائل كانون الثاني/ يناير لمناقشة الحرب في غزة، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يختلف عن هتلر، ويحصل على كل أنواع الدعم من الولايات المتحدة.

يتمتع الزعيم التركي بتاريخ طويل من الخطابات المروعة التي تربط الإسرائيليين بالنازيين، وقد دعم حماس منذ فترة طويلة قولا وفعلا. ومع ذلك، بعد اجتماعاته في تركيا، قال بلينكن للصحفيين إنه "من الواضح أن تركيا مستعدة للعب دور إيجابي ومثمر في العمل الذي يجب أن يحدث في اليوم التالي لانتهاء الصراع.


ولم يكن أداء وزير الخارجية جيدا خلال بقية رحلته، حيث عاد إلى وطنه ولم يكن لديه سوى القليل جدا كثمرة لجهوده. في الواقع، إذا كشفت جولة بلينكن الأخيرة في الشرق الأوسط عن أي شيء، فهو أن شركاء أمريكا الإقليميين مترددون بشدة في المساعدة في الدفع الدبلوماسي للرئيس جو بايدن من أجل "إعادة تنشيط" السلطة الفلسطينية، وتوسيع نطاق حكمها ليشمل قطاع غزة ودفع الإسرائيليين والفلسطينيين إلى استئناف المفاوضات المتوقفة منذ فترة طويلة لإنهاء الصراع بينهما. وحتى خطة إنهاء الحرب التي أعلنتها الدول العربية في نهاية الأسبوع الماضي ليست أكثر من مجرد مبادرة سلام ساخنة ظلت تتردد منذ عام 2002. ومع ذلك، على الرغم من أنه من المغري شطب شركاء أمريكا الإقليميين باعتبارهم خجولين، وضعفاء، ومتعصبين. ومن المؤكد أن معظم المشكلة تقع على عاتق واشنطن.

سيكون لدى إدارة بايدن فرصة أفضل للحصول على المساعدة من الأصدقاء في المنطقة إذا لم تكن سلبية للغاية. ليس الأمر أن قادة مصر والأردن والسعودية والإمارات والبحرين يعارضون جهود بايدن لإحياء السلطة الفلسطينية وحل الدولتين. ولكن لن يمد أحد يد المساعدة للولايات المتحدة ما لم تتخذ واشنطن إجراءات حاسمة لإصلاح السلطة الفلسطينية، ومواجهة "محور المقاومة" الإيراني، وعزل مثيري الحرائق في المنطقة، وأبرزهم قطر وتركيا.

إن اللاعبين الرئيسيين في المنطقة محاصرون بين الدعم السياسي الداخلي للفلسطينيين وعلاقاتهم الاستراتيجية مع الولايات المتحدة. ولم يفعل الأردنيون، الذين تربطهم علاقات طويلة وعميقة مع الولايات المتحدة، أي شيء سوى إصدار إدانات حادة بشكل متزايد لـ"إسرائيل" من وزير الخارجية أيمن الصفدي والملكة رانيا. لا شك أن هذا نتيجة للضغط السياسي في بلد غالبية مواطنيه، بما في ذلك الملكة، من أصل فلسطيني.

وفي مصر، يدرك الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتأكيد أن أي عدد من الجماعات التي شاركت في التحريض على انتفاضة عام 2011 ضد الرئيس حسني مبارك، نشأت في لجان التضامن الفلسطينية التي ظهرت خلال الانتفاضة الثانية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ولذلك كان حذرا بشأن العمل مع إدارة بايدن، التي يتهمها العديد من النشطاء المصريين بتسهيل "الإبادة الجماعية" في غزة. ومع ذلك، كانت مصر أكثر نشاطا من الأردن. لقد ساعدت القاهرة في إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين وهي الشريان الوحيد لأي مساعدة تصل إلى شعب غزة.

ثم هناك السعوديون، الذين يريدون أن يصبحوا القوة الأكثر نفوذا في المنطقة، لكنهم لم يبذلوا جهدا لمساعدة واشنطن. وبدلا من ذلك، طوال فترة الصراع، كان الشاغل الأساسي لولي العهد الأمير محمد بن سلمان هو التأكد من عدم قيامه بأي شيء من شأنه استفزاز الإيرانيين وخفض التصعيد الذي وافقت عليه الرياض وطهران تحت رعاية الصين في آذار/ مارس2023. ومما لا شك فيه أن نشر الفوضى في جميع أنحاء المنطقة منذ هجوم حماس على "إسرائيل" قد ترك انطباعا لدى السعوديين. ونتيجة لذلك، اختاروا البقاء على الهامش، وأصدروا عبارات مجاملة بشأن وقف إطلاق النار والحاجة إلى حل القضية الفلسطينية، على الرغم من أن الجمع بين الموارد المالية السعودية والنفوذ في القدس سيكون مفيدا.

ومن جانبهم، يريد الإماراتيون – أقرب شريك لإسرائيل في العالم العربي – المساعدة ولكنهم يظلون متشككين في الجهود الأمريكية. وذلك لأنهم وجدوا أن الإسرائيليين غير متأثرين بالنصيحة، ويشككون في أن إدارة بايدن مستعدة للضغط على الإسرائيليين للتفاوض مع الفلسطينيين. وبدون حل للصراع، فإن القيادة الإماراتية، التي ليس لها علاقات مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ترفض أيضا أن تعامل على أنها "ماكينة الصراف الآلي لإعادة إعمار غزة"، كما قال أحد المسؤولين الإماراتيين ساخرا. ويخشى المسؤولون في أبوظبي من خسارة أي استثمار في قطاع غزة في الجولة المقبلة من الصراع بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس. وينظر قادة البحرين إلى الوضع على نحو مماثل، رغم أن قدرتهم على التحرك ضئيلة في غياب جيرانهم الأكبر حجما والأكثر ثراء.

ثم هناك القطريون، الذين دعموا حماس منذ فترة طويلة، إلى جانب الأتراك. صحيح أن الأمير تميم بن حمد آل ثاني استخدم مساعيه الحميدة لتأمين إطلاق سراح 110 رهائن في تشرين الثاني/ نوفمبر، وقام مؤخرا بالتوصل إلى اتفاق لتزويد الباقين بالأدوية. ولكن على مدى العقد الماضي، قامت حماس ببناء قدراتها العسكرية تحت أنظار دبلوماسي قطري كبير يعمل في غزة ومكلف بتوزيع المساعدات وأموال إعادة الإعمار.


وتتوقف الخطط الأميركية "لليوم التالي" على تدمير حماس، ولكن ليس هناك ما يشير من الدوحة إلى أنها مستعدة للتخلي عن تلك العلاقة. ويصدق نفس القول على تركيا، التي أعلن قادتها أن حماس حركة تحرير وطني.

وفي ظل هذه الظروف، ليس من المستغرب أن زيارات بلينكن الدورية للشرق الأوسط لم تسفر عن أي شيء. ومع ذلك، لو كانت إدارة بايدن أكثر مبادرة، فقد يكون لديها فرصة لكسر المقاومة الإقليمية لنهجها.

بداية، يمكن للمسؤولين الأميركيين استبعاد الأتراك والقطريين من هذه العملية. وتسعى كل من الدولتين إلى تعزيز مكانتها في العالم العربي والإسلامي من خلال اللعب على جانبي السياج، ولا تتحمل أي منهما المسؤولية عن توجهها المتعمد في التعامل مع حماس. يجب على بلينكن أن يتخلى عن الخيال القائل بأن الدوحة أو أنقرة مستعدتان لأن تكونا بناءتين في خطط نهاية اللعبة لإدارة بايدن فيما يتعلق بغزة والصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

ويجب على بايدن أيضا أن يكون أكثر صرامة مع عباس. وبدلا من الخطط الغامضة حول إعادة تنشيط السلطة الفلسطينية - والتي قد تستغرق سنوات - تحتاج واشنطن إلى ممارسة الضغط على الزعيم المسن والفاسد وغير الفعال إما للمغادرة الآن أو التنازل عن السلطة لرئيس وزراء يمكنه التصرف بشكل مستقل عنه وبناء التحالفات السياسية اللازمة. لتشغيل غزة.

ثم هناك إيران و"محور المقاومة" التابع لها، الذي زرع بذور الفوضى في مختلف أنحاء المنطقة لسنوات. من الصعب ألا نستنتج أن العنف المتصاعد في الشرق الأوسط منذ هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر يشكل بداية صراع أكبر طالما أرادته إيران ووكلاؤها. ولم يفت الأوان بعد بالنسبة لواشنطن للقضاء على هذا الأمر في مهده واتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه طهران. ويرى الإيرانيون أن الطبيعة المحدودة للعمليات العسكرية الأمريكية والتصريحات المتواصلة حول عدم الرغبة في التصعيد ليست سوى ضعف أمريكي.


وبدلا من توجيه ضربات دقيقة إلى الحوثيين في اليمن، يجب على الولايات المتحدة تدمير قدرتهم على استهداف الشحن في البحر الأحمر. إن العمل العسكري الأكثر استدامة ضد الحوثيين من شأنه أن يؤمن في الوقت نفسه حرية الملاحة، التي تعد مصلحة أمريكية أساسية، ويخفف من التهديد الإيراني ويظهر لشركاء واشنطن أنها مستعدة لاتخاذ إجراءات حاسمة لضمان الاستقرار الإقليمي.

وبطبيعة الحال، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يجعل الأمور أسهل على بايدن وبلينكن من خلال رفضه الشامل لرؤيتهما لما بعد الحرب. ومع ذلك، فهذه مشكلة يمكن تخفيفها إذا قادت واشنطن التطورات في المنطقة بدلا من مجرد الاستجابة لها. إذا كانت إدارة بايدن تعارض احتلالا إسرائيليا آخر لقطاع غزة، فإن أفضل فرصة لها لتحقيق أهدافها هي إنهاء جولات استماع بلينكن لصالح تحرك أمريكي حازم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية قطر غزة تركيا امريكا تركيا غزة قطر صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السلطة الفلسطینیة الولایات المتحدة إدارة بایدن فی المنطقة قطر وترکیا قطاع غزة ومع ذلک أی شیء فی غزة

إقرأ أيضاً:

عضو خارجية النواب: موقف مصر والأردن واضح وثابت تجاه القضية الفلسطينية

أكدت النائبة الدكتورة حنان عبده عمار، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، رفضها القاطع لتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تدعو إلى تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، مشددة على أن هذا الأمر مرفوض تمامًا من قبل الشعبين المصري والأردني وقيادتيهما، إذ يمثل تهديدًا للأمن القومي المصري، الذي يعد خطًا أحمر لا يمكن المساس به.


وأوضحت عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، أن الولايات المتحدة وإسرائيل تسعيان لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم بذريعة إعادة إعمار غزة، في حين أن الهدف الحقيقي هو تصفية القضية الفلسطينية نهائيًا، مؤكدةً أن القيادة السياسية المصرية تبذل جهودًا دبلوماسية مكثفة للوصول إلى حل عادل، يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.


كما انتقدت النائبة محاولات بعض وسائل الإعلام ووكالات الأنباء الأجنبية تحريف تصريحات العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال لقائه بالرئيس الأمريكي، معتبرةً ذلك جزءًا من محاولات التشكيك في المواقف العربية الثابتة تجاه القضية الفلسطينية وزعزعة وحدة الصف العربي.


وشددت على أن موقف مصر والأردن واضح وثابت منذ البداية، حيث يرفضان أي حلول تُفرض على الفلسطينيين، خاصة تلك التي تهدف إلى تهجيرهم أو الانتقاص من حقوقهم المشروعة، مؤكدة أن التنسيق المستمر بين البلدين يعكس قوة العلاقات الثنائية والتزامهما المشترك بالدفاع عن الحقوق الفلسطينية، مشيرةً إلى أن محاولات التضليل الإعلامي ستفشل أمام وعي الشعوب العربية وإدراكها لحقيقة هذه المخططات.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يتسلم شحنة قنابل “إم كيه 84” التي أوقفتها إدارة بايدن
  • إسرائيل تتسلم شحنة القنابل التي أرسلها ترامب بعد تعليقها من بايدن
  • بمبادرة من واشنطن.. وزير الخارجية الروسي يتلقى اتصالا من نظيره الأمريكي
  • باحث سياسي: تناقض تصريحات الرئيس الأمريكي ليست أمرًا جديدًا
  • نيجيرفان بارزاني يؤكد أهمية استمرار الدعم الأمريكي لاستقرار المنطقة
  • العليمي يلتقي في ميونخ مبعوث واشنطن السابق لدى اليمن ويدعو المجتمع الدولي الالتحاق بأمريكا في قرار تصنيف الحوثيين
  • تعزيز العلاقات الثنائية: لقاء لجنة الصداقة الليبية الإيطالية بمجلس النواب مع المسؤولين الإيطاليين
  • عضو خارجية النواب: موقف مصر والأردن واضح وثابت تجاه القضية الفلسطينية
  • المخيمات الفلسطينية.. العقدة التي ظلت تؤرق الاحتلال وتحبط مخططاته
  • وزير الدفاع الأمريكي: واشنطن ملتزمة ببناء ناتو أكثر قوة