يرى ديفيد كاي، أستاذ كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا في إيرفين، والحاصل على كرسي فولبرايت المتميز في القانون الدولي العام بجامعة لوموند السويدية، أن حكم محكمة العدل الدولية الأخير يعطي لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن فرصة ذهبية للضغط على إسرائيل لكبح جماح حربها في غزة، ويضع واشنطن أمام اختبار مهم لإثبات نجاعة ما تطالب به من "نظام دولي قائم على القواعد".

ويقول كاي، في تحليل نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، إن محكمة العدل ألقت بـ"طوق نجاة" لبايدن لانتهاج سياسة جديدة تجاه الصراع المتجذر في المعايير الدولية.

الحكم كأداة دبلوماسية

ويطالب الكاتب البيت الأبيض بتبني حكم المحكمة ونشره كأداة دبلوماسية جديدة لإنهاء العملية العسكرية لإسرائيل، وبالتالي دفع "حماس" لإطلاق الأسرى في غزة.

اقرأ أيضاً

اجتماع طارئ لمجلس الأمن للنظر بقرار محكمة العدل.. وجوتيريش: التدابير ملزمة

وبناء على ما سبق، يعتبر الكاتب أن كيفية استجابة الولايات المتحدة وأوروبا لحكم المحكمة أكثر أهمية من الحكم نفسه.

ويمضي محذرا بالقول إنه إذا كانت واشنطن والسلطات الغربية الأخرى مصممة على الطواف حول العلم الإسرائيلي ، فإنهم يخاطرون بإلحاق مزيد من الأضرار بالقانون الدولي وما يسمى بالنظام الدولي القائم على القواعد الذي تبنته في قضايا محكمة العدل الدولية السابقة، مثل مطالبة أوكرانيا لعام 2022 ضد عدوان روسيا و مطالبة الإبادة الجماعية لعام 2019 في غامبيا ضد ميانمار لعلاجها من الروهينجا.

كما أنهم يخاطرون بزيادة تنفير عدد كبير من الحكومات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الكثير من دول الجنوب العالمي، التي دعمت قضية جنوب أفريقيا أمام المحكمة ضد إسرائيل.

ويرى أن الهجوم الخطابي على حكم المحكمة سيكون له عواقب سياسية محلية على الرئيس الأمريكي جو بايدن حيث يبدأ في حملة انتخابية صعبة، بالنظر إلى خيبة الأمل على نطاق واسع التي تشعر بها الجاليات العربية والمسلمون في أمريكا، والناتجة عن احتضان الإدارة غير المشروط لممارسات إسرائيل.

اقرأ أيضاً

لهذه الأسباب.. حكم العدل الدولية يدمر سمعة إسرائيل دوليا ويضر أمريكا ويقسم أوروبا

باب رجعة

ويرى الكاتب أن عدم وصول المحكمة في حكمها لمسألة إلزام إسرائيل بإنهاء عدوانها في غزة يعطي بابا للإدارة الأمريكية لتدخل منه نحو الضغط على تل أبيب بشكل أكثر أريحية.

وفي الواقع، يسمح قرار المحكمة لجنوب أفريقيا بالمضي قدما في الادعاء بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، وهو ما يمكن أن تفعله بريتوريا، في حالة عدم امتثال تل أبيب للإجراءات المؤقتة التي أمرت بها المحكمة، وهو ما يشكل ضغطا إضافيا قد تستغله الإدارة الأمريكية، بحسب الكاتب.

ويخلص الكاتب إلى أن قرار المحكمة منح الولايات المتحدة وأوروبا أداة جديدة لمطالبة إسرائيل بتغيير نهجها في غزة. ويتيح الحكم لإدارة بايدن فرصة للتأكيد على استيائها الشديد، المدعوم بالقانون الدولي، من الخطاب اللاإنساني الذي صدر عن أعضاء الحكومة اليمينية في إسرائيل.

اقرأ أيضاً

العدل الدولية تفرض تدابير مؤقتة على إسرائيل دون الدعوة لوقف إطلاق النار

كما أنها توفر لواشنطن فرصة للضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للقيام بأكثر من مجرد إعادة التأكيد على أهداف إسرائيل المتمثلة في "القضاء على حماس"، ومحاسبة أولئك الذين يستخدمون لغة تدمير غزة وسكانها الفلسطينيين.

وحتى في حين أنها تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، فإن الولايات المتحدة قادرة على دعم مطالب المحكمة باتخاذ خطوات إسرائيلية ملموسة لمنع ومعاقبة العنف ضد المدنيين في غزة والتدمير المتفشي للبنية التحتية التي تجعل غزة صالحة للعيش.

المصدر | ديفيد كاي / فورين أفيرز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: محكمة العدل الدولية بايدن الإبادة الجماعية غزة جنوب افريقيا العلاقات الأمريكية الاسرائيلية العدل الدولیة محکمة العدل فی غزة

إقرأ أيضاً:

محكمة العدل الدولية تنظر في منع إسرائيل دخول المساعدات لغزة واستخدامها سلاح حرب

لاهاي "وكالات":

اتهم ممثلون للأمم المتحدة والفلسطينيين إسرائيل في محكمة العدل الدولية بانتهاك القانون الدولي برفضها السماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة في اليوم الأول من جلسات الاستماع بشأن التزام إسرائيل بتسهيل تسليم المساعدات بعد أكثر من 50 يوما على فرضها حصارا شاملا على دخول المساعدات إلى قطاع غزة الذي مزقته الحرب.

وتمنع إسرائيل منذ الثاني من مارس دخول كل الإمدادات لسكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، ونفدت تقريبا كل المواد الغذائية التي دخلت إلى القطاع خلال سريان اتفاق وقف إطلاق النار في بداية العام.

وفي مستهل جلسات الاستماع في أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، قالت إلينور هامرخولد المستشارة القانونية للأمم المتحدة إن إسرائيل عليها التزام واضح بوصفها قوة احتلال بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية وتسهيل وصولها إلى الشعب في غزة.

وأضافت "في السياق المحدد للوضع الحالي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تستوجب هذه الالتزامات السماح لجميع كيانات الأمم المتحدة ذات الصلة بتنفيذ أنشطة لمصلحة السكان المحليين".

وقال عمار حجازي ممثل الفلسطينيين إن إسرائيل تستخدم المساعدات الإنسانية "كسلاح حرب" في حين يواجه الناس في غزة مجاعة.

وقال حجازي للقضاة "أُجبرت جميع المخابز التي تدعمها الأمم المتحدة في غزة على إغلاق أبوابها".

وأضاف أن "تسعة من كل عشرة فلسطينيين لا يحصلون على مياه شرب آمنة. ومنشآت التخزين التابعة للأمم المتحدة والوكالات الدولية الأخرى فارغة".وأكد "نحن أمام عملية تجويع. تُستخدم المساعدات الإنسانية كسلاح حرب".

وقال حجازي، رئيس البعثة الفلسطينية لدى هولندا، خلال جلسة الاستماع "تتعلق هذه القضية بتدمير إسرائيل لأساسيات الحياة في فلسطين، في حين تمنع الأمم المتحدة ومقدمي المساعدات الإنسانية الآخرين من تقديم المساعدات المنقذة للحياة للسكان".

فيما قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن إسرائيل قدمت موقفها كتابيا إلى جلسات الاستماع التي وصفها متهكما بأنها مجرد "سيرك".مضيفا ان استخدام المحكمة مجددا لمحاولة إجبار إسرائيل على التعاون مع منظمة حماس".

وأضاف "ليست إسرائيل هي التي يجب أن تكون في المحكمة، بل الأمم المتحدة والأونروا"، مشيرا إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

وحث الأمين العام للأونروا فيليب لازاريني، إسرائيل "كقوة احتلال" على "توفير الخدمات أو تسهيل تقديمها - بما في ذلك من خلال الأونروا - للسكان الذين تحتلهم".

وستخاطب عشرات الدول والمنظمات هيئة المحكمة المكونة من 15 قاضيا في سلسلة جلسات ماراثونية

وقالت الأمم المتحدة في أغسطس إن تسعة من موظفي الأونروا ربما يكونوا شاركوا في الهجوم الذي قادته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في السابع من أكتوبر 2023، وإنهم فُصلوا من وظائفهم.

وفي ديسمبر ، كُلِفت محكمة العدل الدولية بإصدار رأي استشاري حول التزامات إسرائيل بتسهيل دخول المساعدات للفلسطينيين والتي ترسلها دول ومنظمات دولية منها الأمم المتحدة.

وتصر إسرائيل إنها لن تسمح بدخول السلع والإمدادات إلى غزة حتى تفرج حماس عن جميع الرهائن المتبقين. واتهمت إسرائيل حماس مرارا بالاستحواذ على المساعدات الإنسانية التي دخلت غزة. وتنفي حماس هذه الاتهامات.

ويدعو القرار المحكمة إلى توضيح ما يتعين على إسرائيل أن تفعله في ما يتصل بوجود الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية أو الدول الثالثة "لضمان وتسهيل تسليم الإمدادات العاجلة الضرورية لبقاء السكان المدنيين الفلسطينيين، بلا عوائق".

والآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية ليست ملزمة قانونا، لكن هذا الرأي الاستشاري من شأنه أن يزيد الضغط الدبلوماسي على إسرائيل.

وتتحكم إسرائيل بكل معابر القطاع وتمنع دخول السلع وكذلك المساعدات الدولية في حين أن 2,4 مليون فلسطيني في قطاع غزة بأمس الحاجة لها في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة. أغلقت إسرائيل المعابر ومنعت دخول المساعدات في 2 مارس قبل أيام فقط من انهيار وقف إطلاق نار هش بعد 15 شهرا من القتال المتواصل.

بعدها أعلنت إسرائيل وقف إمداد القطاع المدمر والمحاصر بالكهرباء.

والجمعة، أعلن برنامج الأغذية العالمي أنه "سلّم آخر مخزوناته الغذائية المتبقية إلى مطابخ الوجبات الساخنة في قطاع غزة. ويُتوقّع أن ينفد الطعام من هذه المطابخ بالكامل في الأيام المقبلة".

وأظهرت لقطات من مطبخ جماعي في مدينة غزة عشرات من الفتيان والفتيات يصطفون في محاولة يائسة لتأمين ما يستطيعون من طعام.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة إنه ضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للسماح بدخول الغذاء والدواء إلى القطاع الفلسطيني المحاصر، ودعت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا الأسبوع الماضي إسرائيل إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى غزة.

وتحظى الآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية، المعروفة أيضا باسم المحكمة العالمية، بثقل قانوني وسياسي إلا أنها غير ملزمة، ولا تتمتع المحكمة بسلطات لإنفاذها.وبعد جلسات الاستماع، من المرجح أن تستغرق محكمة العدل الدولية عدة أشهر لتكوين رأيها.

واستأنفت إسرائيل هجماتها الجوية والبرية في 18 مارس، ما أدى إلى ما وصفته الأمم المتحدة بأنه "ربما يكون أسوأ" أزمة إنسانية في القطاع منذ بداية الحرب التي اندلعت إثر هجوم حركة حماس الإسلامية الفلسطينية على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.

وتسبب الهجوم في مقتل 1218 شخصا في الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، وفق لإحصاء لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

ومنذ ذلك الحين، أسفرت العمليات الانتقامية العسكرية الإسرائيلية عن مقتل ما لا يقل عن 52,314 شخصا في غزة، معظمهم مدنيون، وفقا لأرقام وزارة الصحة في القطاع والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.وقُتل ما لا يقل عن 2,111 فلسطينيا منذ 18 مارس.

ويكرر المسؤولون الإسرائيليون أن الضغط العسكري هو السبيل الوحيد لإجبار حماس على إطلاق 58 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، بمن فيهم 34 أعلن الجيش مقتلهم.

وأكد سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور، للصحافيين بأن الفلسطينيين يبنون قضية قانونية دولية ضد إسرائيل "حجرا فوق حجر".وقال "نحن على ثقة تامة بأنه بعد هذه المأساة المروعة التي حلت بشعبنا، وخاصة في قطاع غزة، فإن قوس العدالة يتجه نحو فلسطين، نحو تحقيق أهدافنا".

مقالات مشابهة

  • مندوب مصر أمام محكمة العدل الدولية: إسرائيل قتلت أكثر من 52 ألف شخص في غزة
  • مصر تترافع أمام محكمة العدل الدولية لطلب رأي المحكمة الاستشاري بشأن التزامات إسرائيل كقوة محتلة في فلسطين
  • مصر تترافع أمام محكمة العدل الدولية لطلب رأي المحكمة الاستشاري بشأن التزامات إسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة
  • محكمة العدل الدولية تنظر في منع إسرائيل دخول المساعدات لغزة واستخدامها سلاح حرب
  • محكمة العدل الدولية.. أسبوع حاسم لمساءلة إسرائيل حول حصار غزة
  • إسرائيل لن تشارك في الإجراءات الشفوية في محكمة العدل الدولية
  • محكمة العدل الدولية تنظر في منع إسرائيل دخول المساعدات إلى قطاع غزة وساعر يعلق"لن نشارك بالسيرك"
  • تطور جديد داخل محكمة العدل الدولية بشأن إسرائيل
  • إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية
  • إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في سلسلة جلسات تنطلق اليوم