خبراء يدرسون المسارات المتوقعة للقضية الفلسطينية في ضوء طوفان الأقصى
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
عقد مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات يوم الأربعاء 24/1/2024 ندوة بعنوان "المسارات المتوقعة لقضية فلسطين في سنة 2024 في ضوء معركة طوفان الأقصى"، بمشاركة عشرات الخبراء والمتخصصين في الشأن الفلسطيني.
وقد قُدّمت في هذه الندوة، التي أدارها أ. د. محسن محمد صالح، ثمانِ أوراق عمل، ناقشت المسارات المستقبلية المتوقَّعة خلال سنة 2024؛ وكانت أولاها لساري عرابي حول الوضع الداخلي الفلسطيني، أما الثانية فكانت لمعين الطاهر حول أداء المقاومة الفلسطينية، وقدّم الورقة الثالثة زياد ابحيص حول الأوضاع في القدس، بينما قدّم د.
وشارك مجموعة من الخبراء والمتخصصين في مناقشة أوراق العمل، قبل أن يقوم مقدمو الأوراق في نهاية الندوة بتقديم ردودهم وتوضيحاتهم.
وجاءت هذه الندوة في ضوء استمرار معركة طوفان الأقصى، التي تُعدّ حدثاً مفصلياً في التاريخ الفلسطيني الحديث، وفي ضوء العدوان الوحشي الإسرائيلي على قطاع غزة، وسلوكه الإجرامي داخل فلسطين وخارجها، وبالنظر إلى الأداء البطولي للمقاومة، والصمود التاريخي للحاضنة الشعبية.
مسارات حرجة تنتظر "إسرائيل" سنة 2024
توقَّع خبير الشؤون الإسرائيلية د. مهند مصطفى تَشكُّل "إسرائيل الثالثة" إثر معركة طوفان الأقصى في 7/10/2023 والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. ورأى أنّ السؤال الأساسي في "إسرائيل الثالثة" سيكون سؤال الدولة، وإعادة الثقة بنفسها وقدرتها على الاستقرار والاستمرار؛ وسيتركّز الهمّ في البحث عن "رجال دولة" ذوي نزعة عسكرية، قادرين على أداء المهمة. وقد أوضح د. مصطفى أنّ المقصود بـ"إسرائيل الأولى" تلك التي نشأت سنة 1948، و"إسرائيل الثانية" هي التي تلت حرب 1973.
فعلى المستوى السياسي الإسرائيلي الداخلي توقّع د. مصطفى أن تتفكك حكومة الطوارئ بخروج حزب المعسكر الرسمي منها، وأن تجري انتخابات جديدة بعد حركة احتجاج متصاعدة ضدّ الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو، وأن تفوز المعارضة في الانتخابات، وأن يتم تشكيل حكومة برئاسة بني جانتس.
وقال د. مصطفى أنّ فوز المعارضة سيدفع نتنياهو للاستقالة من الليكود وخروجه من المشهد السياسي، وسيتجمد مشروع التغييرات الدستورية التي بدأت في عهد حكومة نتنياهو الحالية، وقد نرى صعود قيادات يمينية جديدة تسعى للسلطة، مثل يوسي كوهين ورون ديرمر.
وأضاف د. مهند مصطفى في توقّعاته على المستوى الاجتماعي ـ الاقتصادي الإسرائيلي، أن تتعمق حالة الانقسام في المجتمع الإسرائيلي حول الأفق السياسي لقطاع غزة وحلّ الدولتين، وستتزايد النزعة العسكرية في المجتمع الإسرائيلي وستكون مصحوبة بتوجهات عنصرية، وسيتفاقم التصدع الديني العلماني جراء التخفيف من امتيازات المتدينين.
وقال د. مصطفى أنّ الأزمة الاقتصادية الداخلية الإسرائيلية ستتفاقم نتيجة تداعيات الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي، وسينخفض مستوى المعيشة وسيتزايد الغلاء جراء الأزمة الاقتصادية وتقلص قطاع الهايتك وتعميق أزمته. وفي المقابل، سيتزايد الإنفاق الحكومي على المؤسسة العسكرية وعلى أجهزة الاستخبارات المختلفة، كما سيتم تشكيل لجنة تحقيق رسمية في إخفاق 7/10/2023، وهي بدورها ستشكل وقوداً لتعميق الانقسام في المشهد الإسرائيلي.
أما على المستوى الجيو سياسي-استراتيجي، فقد توقّع د. مهند مصطفى استمرار حالة الحرب رسمياً على قطاع غزة، حتى وإن توقفت العمليات العسكرية، لأنّ "إسرائيل" لن تتمكن من تحقيق أهدافها. كما توقّع تصاعد الصراع العلني والسري بين إيران و"إسرائيل" على جبهات مختلفة، خصوصاً في سوريا، وسيتم وضع اليمن ضمن أولوية المنظومة الأمنية الإسرائيلية في المرحلة القادمة، بعد الدور اللافت الذي قامت به في البحر الأحمر، والتعامل مع هذه الجبهة على غرار الصراع مع إيران، كما سيستمر التوتر والتأزم على الجبهة الشمالية ولكن دون الوصول إلى حالة حرب شاملة، أو الإعلان عن حالة الحرب.
وعلى مستوى السياسة الخارجية الإسرائيلية، توقّع د. مصطفى السعي لفتح مسار التطبيع من جديد مع دول عربية برعاية أمريكية، في حالة تغيير الحكومة الإسرائيلية الحالية. كما توقّع تراجع مكانة "إسرائيل" على المستوى الدولي بسبب عدوانها على غزة، بما في ذلك تراجع العلاقات بين "إسرائيل" وبين روسيا والصين في المرحلة القادمة.
وأخيراً توقّع د. مصطفى أن يرتبط مسار العلاقات مع مصر والأردن وتركيا بمآلات الحرب على غزة، كما استبعد نجاح المسعى الأمريكي لترسيم الحدود البرية بين "إسرائيل" ولبنان.
المشهد الفلسطيني الدولي 2024.. فرصة واعدة وتحدياته كبيرة
توقَّع خبير الشؤون الدولية أ. د. وليد عبد الحي أنّ احتمال التصويت لصالح فلسطين في قضية الإبادة الجماعية في المحكمة الدولية لن يقل عن 9 إلى 10 أصوات، دون استبعاد ممارسة الولايات المتحدة أقصى درجات الضغط. وقال إنّ الجانب الفلسطيني سيتعرض بعد وقف القتال لابتزاز حول الأموال المطلوبة لإعادة إعمار ما دمرته "إسرائيل" في قطاع غزة، وأنّ الابتزاز السياسي سيكون هو سمة هذه القضية، حيث إنّ 82% من المساعدات المالية لفلسطين تأتي من دول لا تساند الموقف السياسي للمقاومة الفلسطينية المسلحة، ولهذا ستحاول هذه الدول الربط بين المساعدات وبين شروط سياسية ضاغطة على مواقف المقاومة.
وأكّد عبد الحي أنّ عملية طوفان الأقصى تركت أثراً عميقاً على حقيقة الصورة الإسرائيلية في الرأي العام الدولي، ورأى أن هذا التحول الإيجابي سيتواصل، وأنّ العلاقات الإفريقية الإسرائيلية مرشَّحة لمزيد من التوتر، حيث إنّه لم يصوّت من دول إفريقيا غير العربية ضدّ القرار الأخير في الجمعية العامة في كانون الأول/ ديسمبر 2023 إلا دولة واحدة هي ليبيريا فقط.
وأضاف أ. د. وليد عبد الحي أن السياسة الأمريكية خلال سنة 2024 ستشهد قدراً من الاضطراب الداخلي، سيفرزه تواصل التراجع السنوي لدخل الفرد الأمريكي منذ تولي بايدن الرئاسة، واستمرار تزايد الفروق الطبقية، وزيادة 121 مليار في الإنفاق العسكري بين 2020 و2024، وارتفاع مرتبة الولايات المتحدة الأمريكية إلى المرتبة 134 سنة 2024 بعد أن كانت في المرتبة 83 عام 2008/2009 في مؤشر السلام العالمي (العنف الداخلي والعنف الخارجي)، وهو يدل على زيادة في سوء الأوضاع، بالإضافة إلى المنافسات الانتخابية التي ستنحصر غالباً بين ترامب وبايدن، والتي ستؤول إلى فوز بايدن (إذا طبّقنا نموذج ليكتمان للتوقعات المستقبلية)، غير أنّ ذلك لا يمنع من احتمالات تزايد الانقسامات داخل جمهور ونخب الحزب الديموقراطي.
وقال عبد الحي: إنّ كلّ هذا سينعكس على أعباء دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي يتخوف منه الكثير من القادة الإسرائيليين. ورأى أنّ الضغط الأمريكي باتجاه التطبيع العربي الإسرائيلي هو لتخفيف الانغماس الأمريكي في دورات العنف في الشرق الأوسط، وهو ما سيدفع أمريكا لمزيد من الضغط على العرب باتجاه التطبيع لتحقيق بعض النقاط التي تخفف من آثار الجوانب السلبية التي ذكرها.
وأكّد أ. د. وليد عبد الحي أنّ تزايد تبني المجتمع الدولي لحل الدولتين سيُوقع "إسرائيل" في قدر من الارتباك، فإذا قبلت حلّ الدولتين قد تحدث اضطرابات عنف يؤججها المستوطنون في الضفة ومعهم اليمين الديني، وإذا رفضت ستجد مأزقاً في التعامل مع المجتمع الدولي من هذه الناحية، لذا من المحتمل برأيه أن تقبل الإطار العام للحل، ثم تحاول إفراغه من محتواه، بالطريقة التي تعاطت فيها سابقاً مع اتفاق أوسلو، ثم تعيد سيرة التعاطي مع أوسلو.
توقعات باستمرار المقاومة وقوة فعاليتها وانتهاء الحرب قبل نهاية العام
توقَّع الخبير الاستراتيجي والعسكري الفلسطيني أ. معين الطاهر استمرار المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة في أدائها القوي الفعّال في مواجهة العدوان الإسرائيلي ولأشهر عديدة. وقال إنّ المقاومة التي نفّذت عملية طوفان الأقصى نفّذت "معجزة عسكرية بالمعنى العلمي للكلمة"، وأنّها قادرة على الاحتفاظ بمنظومة قيادة وسيطرة متماسكة في الفترة القادمة، وأنها تستخدم بكفاءة عالية أسلحتها وذخائرها، وبوجود رجال مقاومة مؤمنين نوعيين مدربين على هذا النوع من المواجهات.
وقال إنّه ليس من المرجح أن تستمر الحرب طوال سنة 2024 لأسباب عديدة. وأنّه على فرض أن العدو تمكّن من احتلال القطاع، وهو أمر مستبعد، فإن المقاومة قادرة على الاستمرار وإحداث خسائر جسيمة به وإن اختلفت تكتيكاتها. ونوّه الطاهر إلى احتمالات تصاعد المقاومة في الضفة الغربية في الفترة القادمة؛ خصوصاً مع تصاعد اعتداءات الجيش الإسرائيلي ومستوطنيه على الفلسطينيين وأراضيهم.
وأوضح الطاهر أنّ ما سيُحدد مسارات المدى الزمني للحرب هو أداء المقاومة على الأرض، وتطورات الوضع السياسي، وحالة الشارع العربي والغربي، وموقف الإدارة الأمريكية والمجتمع الأوروبي.
وأضاف الطاهر أنّ من التحديات التي قد تُحيط بالمقاومة المعاناة المدنية والإنسانية في القطاع، ولفت النظر إلى ضرورة القيام بكل ما بوسعنا لتخفيفها.
وأكّد الطاهر أنّ مستقبل المقاومة الفلسطينية يجب أن لا يُرهن فقط بقطاع غزة، وأنّ المرحلة القادمة ستمتاز بأنّ المقاومة ستكون مقاومة شاملة، بما في ذلك المقاومة العسكرية المتصاعدة بأشكال مختلفة، والمقاومة الشعبية، ومقاومة التطبيع، والمقاومة القانونية، والمقاومة على المستوى العربي والغربي لعزل "إسرائيل"، وغيرها.
وأضاف الطاهر أنّ من المسائل المشجِّعة لاستمرار هذه المقاومة استعادة التيار الوطني في الساحة الفلسطينية (بما في ذلك من لم ينغمس في التنسيق الأمني في منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح) دوره ليكون مشاركاً ورديفاً وحامياً للنموذج الذي حصل في عملية طوفان الأقصى.
تصاعد العدوان على الأقصى وازدياد برامج التهويد
توقَّع الخبير في شؤون القدس أ. زياد ابحيص أن يتجلى السلوك "الثأري" الإسرائيلي لما حدث في 7/10/2023 في السياسات والممارسات الصهيونية في الأقصى والقدس؛ وأنّه مع بداية رمضان القادم في 11/3/2024 ستحدث مواجهات شعبية عنوانها الصلاة وشدّ الرحال إلى المسجد الأقصى من أحياء القدس والضفة الغربية والأرض المحتلة سنة 1948، وهو ما يفتح الباب لمواصلة نسق المواجهة السابق بتسارعٍ أكبر. كما توقَّع أن تعود إلى الواجهة محاولة التهجير النهائي لحي الشيخ جراح ولأحياء سلوان السبعة المهددة، ويضاف إليها كذلك وادي الجوز شمال البلدة القديمة، حيث يدخل مشروع "وادي السليكون الجديد" حيز التطبيق.
وعلى مستوى الاستيطان، قال أ. زياد ابحيص أنّ "إسرائيل" تحاول حسم هوية القدس بإيجاد عمق استيطاني في مركز المدينة، إضافة إلى حسم مصير حدودها الشرقية، وهذا ما يجعل التوسع الاستيطاني مرشحاً للتركز في ثلاثة اتجاهات: اختراق البلدة القديمة من بوابة الأملاك المسيحية، ومحاولة السيطرة على الكتل العقارية الكبرى المتبقية، وتشكل بيت حنينا وشعفاط مسرح هذه المحاولات، وأمام الأزمة التي تعصف بمدرسة اليتيم العربي وعجز إدارتها في عمّان عن الاستجابة للتحدي، فإنها مرشحة لأن تكون عنوان الأزمة التالية، ومحاولة حسم مصير برية القدس باتجاه معاليه أدوميم مرشحة للتجدد بمحاولة تهجير الخان الأحمر.
وتوقَّع ابحيص أنّ طوفان الأقصى مرشَّح للتأثير على التركيبة السكانية للكيان الصهيوني؛ بدفع الصهاينة العلمانيين من سكان السهل الساحلي إلى الهجرة مع تشبث المستوطنين بالبقاء، بشكلٍ يجعل تركيبة الكيان الصهيوني تقترب من تركيبة القدس الحالية بتمثيل أعلى للمتدينين ولتيار الصهيونية الدينية، ما يرشح لتعميم معضلة القدس باعتبارها أكثر هجوماً، لكنها أقل إنتاجاً وقدرة من الناحية الاقتصادية، وأكثر اعتمادية على غيرها.
فرص أفضل لتوافق وطني ولنتائج الحرب دور حاسم
توقَّع الخبير في الشأن الفلسطيني أ. ساري عرابي أربعة سيناريوهات للوضع الفلسطيني الداخلي؛ الأول استمرار الوضع القائم من حيث الافتراق بين حركتَي حماس وفتح على ما هو عليه، وهذا الاحتمال وإن أضعفته الحرب؛ فإنّه يبقى قائماً، والثاني حصول اتفاق وطني على إدارة مرحلة ما بعد الحرب، بغرض إنهاء الانقسام، ورفع الحصار وإعادة الإعمار، والتهيئة لانتخابات شاملة، وهذا غالباً متعلق بالشكل الذي ستنتهي إليه الحرب. وهذان السيناريوهان هما الأرجح بحسب عرابي.
وأضاف أ. ساري عرابي سيناريوهين آخرين هما أقل رجحاناً؛ الأول أن تنتهي الحرب بانتصار واضح للمقاومة، وفي طليعتها حركة حماس، وهو ما سيوفّر موقعاً أفضل لحماس وفرصة أكبر لفرض شروطها على المستويات كلّها، بما في ذلك الوضع الداخلي الفلسطيني؛ والثاني أن يتمكن الاحتلال من السيطرة على قطاع غزة، وتحقيق ولو جزء من أهدافه في ضرب أو إضعاف العمل المقاوم، مما يفتح المستقبل الفلسطيني برمّته على واقع مختلف تماماً؛ وكلا السيناريوهين مستبعدان وفق المعطيات المتوفرة.
وقال عرابي إن ثمة فرصاً قوية أن تعزز قوى المقاومة وقوى العمل الوطني حضورها الشعبي والسياسي والمؤسسي، بما يمنع محاولات عزل المقاومة وتهميشها، وبما يقطع الطريق على النخبة المتنفذة في السلطة للاستجابة لمزيد من الضغوط والطلبات الإسرائيلية. وأضاف أن هذه الحرب بشكل عام تتيح فرصاً أفضل لمسارات العمل الوطني الجادة.
من جهة أخرى، أكّد الخبير في الشؤون السياسية الفلسطينية أ. هاني المصري، أنّ مسارات التسوية السلمية خلال سنة 2024 ترتبط بشكل جوهري بنتائج الحرب على قطاع غزة. وقد طرح ثلاثة سيناريوهات محتملة، حيث رجّح سيناريو "لا غالب ولا مغلوب"، وهو أن كل طرف يقول أنه هو المنتصر، وبناء عليه سيكون هناك حراك سياسي لتجاوز المرحلة، ولرسم شرق أوسط جديد، وستتم محاولة امتصاص وتفريغ مكتسبات المقاومة من محتواها من خلال توسيع صلاحيات السلطة وأماكن نفوذها، فتتحول إلى سلطة مصلحة وتصبح طيِّعة للطرف الإسرائيلي أكثر.
أما السيناريو الثاني فهو سيناريو سيطرة العدو على قطاع غزة، وهو أقل احتمالاً؛ ولكن إن حدث سيستمر المسار السياسي الإسرائيلي والمتسارع في مشروع التهويد والتهجير والضم، وستنضوي قيادة السلطة تحت هذا المسار بشكل أكثر استجابة للإملاءات الإسرائيلية. ومن المرجح حينها أن يكون هناك انقسام في داخل السلطة وحركة فتح، حيث سترفض قطاعات من فتح هذه الإملاءات، بينما قد تبقى مجموعة متنفذة في السلطة تتحول إلى عملاء لدى "إسرائيل" وتنفذ كامل طلباتهم، وفي هذه الحالة تكون "إسرائيل" قد حققت نجاحات كبيرة.
أما السيناريو الأفضل كما يرى المصري ولكنه الأقل احتمالاً، فهو توحيد القوى الفلسطينية، خصوصاً قوى المقاومة، على أساس رؤى وبرامج هدفها إنهاء الاحتلال، وقال إن لم يتم ذلك في المدى القريب فإنّه سيأتي من يملؤ هذا الفراغ.
وقال هاني المصري أنّ معركة طوفان الأقصى أعادت الاهتمام العالمي إلى القضية الفلسطينية بعد أن تراجعت مكانتها، ونتيجة المعركة سوف تنعكس على مسار التسوية في المرحلة القادمة. وذكر أنّ هدف طرح حلّ الدولتين في هذه الفترة بقوة يعود إلى الشعور العالمي بخطورة الأوضاع، وأنّ التجاهل للقضية الفلسطينية سيتسبب بمزيد من الانفجارات في المنطقة، وأنه لا يمكن تجاوز الشعب الفلسطيني ومعاناته. كما أنّ طرح حلّ الدولتين هو من الناحية الأمريكية يهدف لامتصاص الاحتقان، ومحاولة نفخ الروح في مسار التسوية، كما يهدف إلى استدراج السعودية للتطبيع مع الكيان، والقول أن هناك إنجازاً قد تحقّق. غير أنّ الفلسطينيين لا ينبغي أن يسيروا باتجاه حلّ الدولتين قبل أن يوحِّدوا بنيتهم الوطنية، ويتفقوا على برنامجهم السياسي لإدارة هذه المرحلة.
المسارات العربية والإسلامية تجاه قضية فلسطين
توقَّع د. سعيد الحاج إنّ تركيا يمكن أن تلعب أدواراً في إعادة الإعمار وأعمال الإغاثة بعد الحرب، وهي ما زالت تقترح أن تكون إحدى الدول الضامنة في غزة بعد وقف العدوان، أما خلال الحرب فلا يتوقع حدوث تطور في موقفها السياسي المتضامن مع الشعب الفلسطيني، ولكن دون تصعيد أي أدوات ضغط على "إسرائيل" مع الاستمرار في علاقاتها السياسية والاقتصادية معها.
وحول توقّعاته عن مصر، قال إنّه ليس من المتوقع أن يتطور الموقف المصري من الحرب في سنة 2024، بينما سيكون لمصر دور بارز في مرحلة ما بعد الحرب، وخصوصاً في ملف إعادة الإعمار. وتوقّع الحاج أن تستمر مصر في السياسة التقليدية في المحافظة على العلاقة مع "إسرائيل"، مع عدم فتح معبر رفح إلا ضمن توافقات مسبقة مع الإسرائيليين والأمريكان، مع استمرار "احتكارها" ملف المصالحة الفلسطينية.
وتوقَّع د. سعيد الحاج أن تستمر قطر في لعب دور الوسيط في صفقات تبادل الأسرى، وإيقاف الحرب، وتقديم الدعم المادي والإغاثي المتقدم لقطاع غزة، ومتابعة الدور الإعلامي النشط الذي تلعبه الجزيرة والذي يتعاطف مع المقاومة ونبض الشارع العربي، والإبقاء على العلاقات القوية مع الولايات المتحدة، وتقديم نفسها كوسيط فعَّال موثوق، والاستمرار في استضافة قيادات حماس، واستثمار ذلك في لعب دور نشط في السياسة الإقليمية.
وعن السعودية، توقَّع الحاج إبطاء مسار التسوية السلمية مع الكيان الإسرائيلي، وعدم الدخول في أي استحقاقات قبل اتضاح النتائج النهائية للعدوان على القطاع، ومتابعة السياسات التقليدية التي يتبناها محمد بن سلمان، وتغليب العناصر البراجماتية في التعامل مع الملف الفلسطيني.
وفيما يتعلّق بالأردن، توقّع الحاج متابعة السياسة التقليدية مع "إسرائيل" والولايات المتحدة، مع رفع السقف السياسي أحياناً بما يتناسب مع الضغوط الشعبية، ومحاولة استيعابها وامتصاصها. وقال إنّه من غير المرجح انفتاح الأردن على حماس وقوى المقاومة إلا اذ نجحت المقاومة في صدّ العدوان على القطاع، وخرجت كقوة أكثر فاعلية في الواقع الفلسطيني.
من جهة أخرى، توقَّع أ. د. طلال عتريسي تطوير عمل محور المقاومة ضمن إطار استراتيجية تحرير فلسطين، وأضاف أنّه في حال انتصرت حركة حماس في معركة طوفان الأقصى فإنّ محور المقاومة بأسره يُعدُّ منتصراً. وقال إنّ وحدة الجبهات كانت في السابق مجرد تهديد، ولكن بعد معركة طوفان الأقصى هذا التهديد تحوّل إلى تهديد جدّي وحقيقي، وهو تغيّر مهم في الصراع مع العدو لم يحصل منذ سنة 1973.
وأضاف عتريسي أنّ معركة طوفان الأقصى كشفت حجم التدخل الأمريكي والغربي وتقديم الدعم للكيان الإسرائيلي، ولذلك يجب على محور المقاومة أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار من أجل رفع نسق التعاون والتنسيق في ما بينها. وقال إنّ دور جبهة اليمن برز بشكل لافت للنظر من خلال العمل المهم التي تقدمه في دعم المقاومة الفلسطينية خلال معركة طوفان الأقصى، وعلى المقاومة أن تضع ذلك في اعتبارها في بناء رؤيتها الاستراتيجية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير ندوة فلسطين المستقبلية فلسطين ندوة مستقبل طوفان الاقصي تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة الفلسطینیة معرکة طوفان الأقصى الولایات المتحدة المرحلة القادمة على قطاع غزة على المستوى بما فی ذلک مصطفى أن وقال إن وأضاف أ د مصطفى توق ع د التی ت فی ضوء سنة 2024
إقرأ أيضاً:
مؤامرة التهجير تتحطم على صخرة الصمود الفلسطيني.. المقترح الأمريكي الإسرائيلي يعيد للأذهان ذكريات "النكبة".. والقاهرة حجر عثرة أمام حلم "إسرائيل الكبرى"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أثارت محاولات الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب إقناع مصر والأردن باستقبال أهالي قطاع غزة ردود فعل عربية وعالمية واسعة النطاق، مع رفض القاهرة وعمان المقترح الأمريكي الذي جاء برغبة إسرائيلية جامحة لطرد الفلسطينيين من أراضيهم التاريخية، لتوسيع رقعة دولة الاحتلال على حساب الشعب الفلسطيني.
إذ تكشف وقائع التاريخ أن مخطط تهجير الفلسطينيين ليس وليد اللحظة أو الصدفة أو مخطط خلقته أوضاع الحرب بعد السابع من أكتوبر، بل كان المخطط الوحيد الذي نجح في مراحل سابقة منذ النكبة الفلسطينية، وهو ما يجعله مخططًا مرغوبًا من الجانب الأمريكي والإسرائيلي لتصفية القضية الفلسطينية بأسرع وقت ممكن.
تاريخ التهجير على يد عصابات الاحتلال
تعود أحداث تهجير الفلسطينيين تاريخيًا إلى ما يعرف بـ"ذكرى النكبة الفلسطينية" التي وقعت عام 1948 مع إعلان منظمة الأمم المتحدة قيام دولة إسرائيل بعد احتلال أجزاء من الأراضي الفلسطينية بقوة الأمر الواقع، وبدعم عصابات الهاجاناة وشيترن وغيرها من العصابات الصهيونية التي عملت على توسيع عمليات المجازر ضد الشعب الفلسطيني، وهو ما أجبر كثير من أبناء الشعب الفلسطيني على ترك أراضيهم والخروج إلى خارج بلدهم حماية لأنفسهم من بطش تلك الجماعات المسلحة، وجعل الساحة فارغة للتموضع الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية.
ورغم أن هيئة الأمم المتحدة كانت الهيئة الأولى التي تولت التوصية بحل القضية الفلسطينية من خلال تبني القرار رقم 181 الصادر في 29 نوفمبر من عام 1947، والذي يسمى "قرار تقسيم فلسطين"، والذي بموجبه يتم تقسيم فلسطين التاريخية إلى 3 مواقع أو دول وينهي الانتداب البريطاني على فلسطين، إذ قضى القرار بإعلان دول عربية على مساحة 11,000 كم2، بما يمثل 42.3% من أراضي فلسطين التاريخية، تضم كلًا من عكا، والضفة الغربية، وقطاع غزة، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر. بالإضافة إلى دولة يهودية على مساحة 15,000 كم2 تضم السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي، على أن تضم الدولة اليهودية بحيرة طبريا وإصبع الجليل، وصحراء النقب وإيلات، فيما تقع كلًا من مدينتي القدس وبيت لحم تحت الوصاية الدولية.
ورغم ذلك رفضت إسرائيل الانصياع للقرارات الدولية وأبرزها قرار التقسيم، وعملت على الإمعان في سياسة التهجير للشعب الفلسطيني، فكانت أول عمليات التهجير الموثقة بعلم المؤسسات الدولية وفي القلب منها مراكز الأبحاث التابعة للأمم المتحدة تلك التي حدث في عام 1948 بعد أن تم طرد أكثر من 700,000 مواطن فلسطيني، إذ اعتمدت عصابات الاحتلال الإسرائيلي على سياسة "الأرض المحروقة" لإجبار الفلسطينيين على ترك منازلهم وممتلكاتهم والتشدد في تشتيت المجتمع الفلسطيني لإنجاح خطة الاستيلاء على ممتلكاته، وخاصة الأراضي الشاسعة، كما تم تدمير الكثير من القرى الفلسطينية وتراوح عدد القرى المهجرة في ذلك الوقت بين 400 إلى 600 قرية فلسطينية.
خطط تهجير أفشلتها مصر
وكانت أبرز حوادث التهجير تلك التي حدثت في أربعينيات القرن الماضي والتي حملت عنوان "خطة مايو" أو "الخطة ج" وسميت أيضًا بخطة غيميل نسبة إلى توخنيت غيميل قائد عصابة الهجاناة الصهيونية، والتي حملت بندًا للانتقام من الفلسطينيين العرب وإجبارهم على النزوح من أماكنهم وقراهم.
وفي عام 1953 طرحت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ما يعرف باسم "خطة سيناء"، والتي تتحدث عن تهجير الفلسطينيين إلى منطقة سيناء المصرية المتاخمة لحدود الأراضي الفلسطينية في غزة والأراضي المحتلة في النقب، ومع معارضة مصر في فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عملت إسرائيل على تبني خط سياسي معادي للقاهرة ومن ثم كانت نكسة 67.
وفي العام نفسه طرح الجنرال العسكري الإسرائيلي إيجال ألون خطة لتهجير الشعب الفلسطيني إلى الأراضي المصرية والأردنية على اتساعها، وهي الخطة التي دعمها مجلس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، إلا أن تلك الخطة لم يتم تنفيذها أيضًا.
وفي عام 1970 ومع استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وجزء من الأراضي المصرية بعد نكسة 67 طرح الجنرال العسكري آنذاك أرئيل شارون، الذي تولى رئاسة وزراء إسرائيل فيما بعد فكرة تفريغ قطاع غزة من ساكنيه ونقل الفلسطينيين الغزويين إلى منطقة سيناء والعريش، إلا أن تلك الخطة – رغم الاحتلال الإسرائيلي – لم تنجح ولم تنفذ، ثم فوجئت إسرائيل بحرب السادس من أكتوبر عام 1973 التي أنهت الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المصرية بشكل نهائي وتحطمت معها مخططات إسرائيل سواء بالاحتلال الإسرائيلي والمستوطنات الإسرائيلية في شرم الشيخ أو حتى مخططات تهجير الفلسطينيين إلى سيناء.
ومع قدوم عام 2000 قدم كلًا من الجنرال الإسرائيلي غيورا إيلاند والسياسي الإسرائيلي يوشع بن آيه الرئيس الأسبق للجامعة العبرية بالقدس مقترحات جديدة تتضمن نفس المبدأ المتعلق بنقل الفلسطينيين إلى أراض مصرية "سيناء" مقابل امتيازات اقتصادية لمصر، وهي المخططات نفسها التي لاقت نفس مصير سابقاتها من مخططات التهجير.
وفي بين أعوام 2017 و 2020 وهي الفترة التي حكم فيها دونالد ترامب الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة أثيرت الكثير من الأحاديث حول ما يعرف باسم "صفقة القرن" والتي تضمن ما يعرف باسم "الوطن البديل" للفلسطينيين في جزء من الأردن وسيناء المصرية، وهو المخطط الذي رفضته كلًا من القاهرة وعمان، ولاقت الفكرة اعتراضات كثيرة في الأوساط العربية الرافضة لمخطط تهجير الفلسطينيين من أراضيهم.
الموقف المصري الصارم
ومؤخرًا.. ومع بروز أحداث السابع من أكتوبر من عام 2023 عاد الحديث مجددًا حول فكرة تهجير الفلسطينيين من أراضيهم إلى مواقع بديلة، إذ عملت آلة إسرائيل العسكرية على توسيع مساحة التدمير وقتل الفلسطينيين لإجبارهم على الخروج من قطاع غزة بعد أن احتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدة مواقع في الشمال والوسط والجنوب في القطاع وكذلك اقتحامها لمعبر رفح من الجانب الفلسطيني وتموضع قوات الاحتلال في محور صلاح الدين المعروف بمحور فيلادلفي الذي ترتبط إسرائيل مع مصر في اتفاق يقضي بانسحاب قوات إسرائيل منه بشكل نهائي، إذ يعد احتلال إسرائيل لتلك المنطقة خرقًا للاتفاقيات المبرمة في هذا السياق، كما برزت فكرة التهجير مرة أخرى لأهالي غزة من القطاع إلى منطقة سيناء.
وقد أثارت تلك الفكرة رفضًا مصريًا قاطعًا إذ اعتبر الرئيس عبد الفتاح السيسي أن خطة تهجير الفلسطينيين من أراضيهم تمثل خطًا أحمر في السياسة المصرية، وقال الرئيس السيسي خلال كلمته التي ألقاها في "مؤتمر تحيا مصر" الذي عقد في استاد القاهرة، في شهر نوفمبر من عام 2023 بعد شهر واحد فقط من أحداث السابع من أكتوبر، أن الفلسطينيين إذا خرجوا من أراضيهم فلن يعودوا إليها مرة أخرى.
ولم يتوقف الرفض المصري لتلك الخطة على مدار محاولات مصر لإيقاف نزيف الدماء في قطاع غزة، إذ توسطت أكثر من مرة مع دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية لوقف الصراع في غزة، وأعلنت عن رفضها لمخطط تهجير الفلسطينيين من القطاع، وشددت على موقف مصر الداعم لمبدأ "حل الدولتين"، لكن مع صعود ترامب مرة أخرى إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية برز مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء بشكل علني وصارخ، إذ أعلن الرئيس الأمريكي الجديد أنه يتواصل مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وملك الأردن بشأن نقل أهالي غزة إلى كلا الدولتين لحين تحسين الأوضاع في قطاع غزة، وهو الطلب الذي لاقى رفضًا قاطعًا من كلا الدولتين.
وأعلن أولًا وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن المملكة الأردنية الهاشمية ترفض بشكل قطاع المخطط الأمريكي الداعم لنقل أهالي غزة إلى الأردن، معتبرًا أن "الأردن للأردنيين"، وأن المملكة تحرص على أن يتم تسوية الصراع في إطار حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي مؤتمر صحفي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن أن كلًا من القاهرة وعمان ستستقبلان أهالي قطاع غزة على اعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية قدمت الكثير للبلدين، وأنهما "ستفعلان ذلك" على حد قوله، وهو ما استوجب ردًا مصريًا على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال استقباله للرئيس الكيني بالقاهرة، حيث قال السيسي: "دعوني أشير إلى أن هناك ثوابت الموقف المصري التاريخي بالنسبة للقضية الفلسطينية، وهنا لا يمكن أبدًا ، أن يتم الحياد أو التنازل، بأي شكل كان، عن تلك الثوابت، وعندما أشير للثوابت، فإنني أعني بذلك الأسس الجوهرية التي يقوم عليها الموقف والتي تشمل بالقطع، إنشاء الدولة الفلسطينية، والحفاظ على مقومات تلك الدولة، وبالأخص شعبها وإقليمها".
وأضاف السيسي، طبقًا لما جاء في كلمته التي نشرت لاحقًا على موقع مؤسسة الرئاسة المصرية: "أقول ذلك بمناسبة ما يتردد، بشأن موضوع تهجير الفلسطينيين وأود أن أطمئن الشعب المصري: "بأنه لا يمكن أبدًا التساهل، أو السماح بالمساس بالأمن القومي المصري" وأطمئنكم بأننا عازمون على العمل مع الرئيس "ترامب"، وهو يرغب في تحقيق السلام، للتوصل إلى السلام المنشود القائم على حل الدولتين ونرى أن الرئيس "ترامب"، قادر على تحقيق ذلك الغرض الذي طال انتظاره، بإحلال السلام العادل الدائم في منطقة الشرق الأوسط".
قمة عربية رافضة لمخطط التهجير
وبالتزامن مع الموقف المتشدد للرئيس السيسي حيال قضية التهجير، دعت مصر لعقد قمة على مستوى وزراء الخارجية شاركت فيه كلًا من المملكة الأردنية الهاشمية ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ودولة قطر، بجانب جمهورية مصر العربية، وبحضور أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عن دولة فلسطين وأمين عام جامعة الدول العربية، وهو الاجتماع الذي انتهى إلى الترحيب بالتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن والمحتجزين، والإشادة بالجهود التي قامت بها كل مصر ودولة قطر، والتأكيد على الدور المهم والمقدر للولايات المتحدة في انجاز هذا الاتفاق.
بحانب التطلع للعمل مع إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" لتحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، وفقاً لحل الدولتين، والعمل على إخلاء المنطقة من النزاعات، بالإضافة إلى تأكيد الدول المشاركة على دعم الجهود المبذولة من قبل الدول الثلاثة لضمان تنفيذ الاتفاق بكامل مراحله وبنوده، وصولاً للتهدئة الكاملة، والتأكيد على أهمية استدامة وقف إطلاق النار، وبما يضمن نفاذ الدعم الإنساني إلى جميع أنحاء قطاع غزة وإزالة جميع العقبات أمام دخول كافة المساعدات الإنسانية والإيوائية ومتطلبات التعافي وإعادة التأهيل، وذلك بشكل ملائم وآمن، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل والرفض التام لأي محاولات لتقسيم قطاع غزة، والعمل على تمكين السلطة الفلسطينية لتولي مهامها في قطاع غزة باعتباره جزءاً من الأرض الفلسطينية المحتلة إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، وبما يسمح للمجتمع الدولي بمعالجة الكارثة الإنسانية التي تعرض لها القطاع بسبب العدوان الإسرائيلي.
وأكد المشاركون الدور المحوري الذي لا يمكن الاستغناء عنه وغير القابل للاستبدال لوكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين "الأونروا"، والرفض القاطع لأية محاولات لتجاوزها أو تحجيم دورها، بجانب التأكيد في هذا الصدد على أهمية تضافر جهود المجتمع الدولي للتخطيط وتنفيذ عملية شاملة لإعادة الإعمار في قطاع غزة، بأسرع وقت ممكن، وبشكل يضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم، خاصةً في ضوء ما أظهره الشعب الفلسطيني من صمود وتشبث كامل بأرضه، وبما يُسهم في تحسين الحياة اليومية للفلسطينيين من سكان القطاع على أرضهم، ويعالج مشكلات النزوح الداخلي، وحتى الانتهاء من عملية إعادة الإعمار.
والجانب الأهم في البيان الختامي هو الإعراب عن استمرار الدعم الكامل لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسكه بحقوقه المشروعة وفقاً للقانون الدولي، وتأكيد رفض المساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواءً من خلال الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد وهدم المنازل، او ضم الأرض، او عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل او اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم بأي صورة من الصور أو تحت اي ظروف ومبررات، بما يهدد الاستقرار وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلىالمنطقة، ويقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها، علاو على الترحيب باعتزام جمهورية مصر العربية بالتعاون مع الأمم المتحدة، استضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار قطاع غزة، وذلك في التوقًيت الملائم.
ومناشدة المجتمع الدولي والمانحين للإسهام في هذا الجهد، ومناشدة المجتمع الدولي في هذا الصدد، لاسيما القوي الدولية والاقليمية، ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، من أجل بدء التنفيذ الفعلي لحل الدولتين، بما يضمن معالجة جذور التوتر في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال التوصل لتسوية عادلة للقضية الفلسطينية، بما في ذلك تجسيد الدولة الفلسطينية على كامل ترابها الوطني وفي سياق وحدة قطاع غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وخطوط الرابع من يونيو لعام ١٩٦٧، وفي هذا الإطار، دعم جهود التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين والمشاركة الفاعلة في المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين برئاسة المملكة العربية السعودية وفرنسا، والمُقرر عقده في يونيو 2025.
الإصرار الأمريكي على التهجير
أجرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتصاله الهاتفي الأول مع الرئيس عبد الفتاح السيسي مساء السبت الأول من فبراير، وهو الاتصال الأول بينهما بعد تولي ترامب ولايته الجديدة، إذ أكد موقع أكسيوس الأمريكي أن ترامب أكد أنه تحدث مع الرئيس عبد الفتاح السيسي حول قضية نقل أهالي غزة إلى مصر لحين الانتهاء من إعادة إعمار قطاع غزة مرة أخرى بعد الحرب الإسرائيلية المدمرة، إلا أن بيان الرئاسة المصرية أكد على عدة مرتكزات تشدد على رفض مصر لمبدأ تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء المصرية.
وشدد بيان صادر عن رئاسة الجمهورية المصرية أن الاتصال الهاتفي شهد حواراً إيجابياً بين الرئيسين، بما في ذلك حول أهمية الاستمرار في تنفيذ المرحلة الأولى والثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية قطرية وأمريكية، وضرورة تكثيف إيصال المساعدات لسكان غزة.
كما أكد البيان على أن الرئيس السيسي أكد لنظيره الأمريكي على أهمية التوصل الى سلام دائم في المنطقة، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي يعول على قدرة الرئيس ترامب على التوصل إلى اتفاق سلام دائم وتاريخي ينهي حالة الصراع القائمة بالمنطقة منذ عقود، خاصة مع انحياز الرئيس ترامب إلى السلام، وهو الأمر الذي أكد عليه الرئيس ترامب في خطاب تنصيبه بكونه رجل السلام، وشدد الرئيس على ضرورة تدشين عملية سلام تفضي إلى حل دائم في المنطقة.