بسبب انهيار القطاع الصحي.. جريح ينتقل بين ثلاث مستشفيات في غزة أملا في العلاج
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
مع تواصل انهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة بفعل ضراوة العدوان الإسرائيلي، يكافح الجرحى ظروفا بالغة التعقيد للنجاة من الموت الذي يحدق بهم، بفعل غياب الرعاية اللازمة، والنقص الحاد في الأدوية والكوادر الطبية المتخصصة.
عمدت قوات الاحتلال إلى تدمير المرافق الصحية بالتزامن مع بدء العدوان البري الذي شنته على القطاع في السابع والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، في محاولة لدفع الفلسطينيين نحو النزوح، وقتل الحياة في قطاع غزة، ومن أجل ذلك استهدف العديد من المستشفيات في شمال قطاع غزة، بينها مجمع الشفاء الطبي، الأكبر في القطاع، ومستشفى بيت حانون، والإندونيسي، العودة، وكمال عدوان، والمعمداني، والقدس، وغيرها من المراكز الصحية.
عزير سالم شاب فلسطيني من جباليا شمال قطاع غزة أصيب بجراح في الخامس عشر من الشهر الجاري، إثر قصف للاحتلال طال منطقة سوق مخيم جباليا، ما استدعى نقله إلى أقرب مركز رعاية أولية في جباليا، والذي قرر إحالته على الفور إلى مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، لحاجته الماسة إلى إجراء ثلاث عمليات عاجلة لإنقاذ حياته.
يعاني "عزيز" من جرح قطعي في أعلى محجر العين، ومن تمزق في أمعائه، ومن كسر وتمزق نسيجي في قدمه اليسرى، بفعل شظايا الصاروخ التي أصابته، ما جعله بحاجة ماسة وعاجلة لتدخل جراحي ينقذ حياته.
رحلة البحث عن وسيلة نقل
يقول والد الشاب عزيز لـ"عربي21"، إن أول تحد واجهه في رحلة البحث عن علاج لابنه، طريقة نقله من مخيم جباليا نحو مستشفى الشفاء، والذي يبعد مسافة لا تقل عن 7 كيلومترات، إذ لا يوجد سيارات إسعاف بفعل نقص الوقود ومنع الاحتلال إدخاله، الأمر الذي اضطره إلى الاستعانة بعربة يجرها حمار، أملا في إنقاذ ابنه الذي ينزف ويهدد الموت حياته.
وصل "عزيز" أخيرا إلى مستشفى الشفاء أملا في تلقى العلاج، لكن بعد المعاينة الأولى لطبيب الاستقبال، تبين أنه بحاجة إلى إجراء ثلاث عمليات عاجلة لإنقاذ حياته، الأولى في عينه التي تنزف، والثانية في بطنه لانتشال الشظايا، والأخيرة في قدمه بهدف تثبيت العظام، لكن غياب التجهيزات والكوادر الطبية اللازمة، على إثر تدمير الاحتلال البنى التحتية للمستشفى قبل نحو شهرين، وتهجير الطواقم الطبية منه نحو الجنوب، حال دون إجراء أي من العمليات الثلاث.
البحث عن طبيب متخصص
بدأ والد عزيز في رحلة البحث عن طبيب متخصص ومستشفى أو مركز طبي آخر لإجراء العمليات الملحة لابنه، وبعد بحث وانتظار طويل انتقل عزيز ووالده إلى مركز "رعاية المريض" الطبي القريب من الشفاء، وهناك أجريت لابنه عملية جراحية لانتشال الشظايا من بطنه على يد أحد الأطباء في المركز، رغم صعوبة الظروف الفنية والنقص الحاد في أبسط المستلزمات المهمة لإجراء العمليات.
يقول والد عزيز إن الطبيب اضطر إلى إحداث جرح قطعي في البطن بطول نحو 30 سم، بسبب تعطل جهاز المنظار الذي كان سيسهل مهمة إجراء العملية ويقلص وقتها ويرفع مستوى جودتها بشكل كبير.
يضيف: "في هذه المرحلة توقف جرح عزيز عن النزف، بعد السيطرة على الجروح في بطنه، لكن بقى تحدي العثور على طبيبي عظام وعيون لاستكمال عمليات إنقاذ الحياة".
يؤكد والد عزيز أنه واصل البحث عن أطباء متخصصين آخرين لإجراء العمليتين المتبقيتين، في هذه الأثناء تكفل أحد الأطباء لإجراء تدخل جراحي عاجل ومبدئي في عين "عزيز" إلى حين العثور على طبيب متخصص في وقت لاحق، لكن إيجاد طبيب متخصص في العظام ظل ملحا.
المستشفى الثالث
لم يستسلم والد عزيز للظروف الصعبة التي يعيشها القطاع الصحي، بل ظل يبحث عن بصيص أمل لاستكمال ابنه العلاج، وهنا وجد ضالته أخيرا في مستشفى ثالث قريب، "مستشفى الحلو"، وهو مركز طبي خاص استأجرته وزارة الصحة بعد تدمير العديد من مرافقها الصحية، وهناك جرى نقل "عزيز" لاستمكال علاجه حيث أجرى له طبيب عملية جراحية ثالثة لتثبيت عظام القدم، وبعدها بأيام قليلة اضطر إلى مغادرة المستشفى الصغير، ليفسح المجال أمام مئات من الجرحى الآخرين الذين ينتظرون العلاج.
يتعافى "عزيز" الآن من جروح بطنه وقدمه في أحد مراكز الإيواء في جباليا في مكان قريب من موقع القصف الذي أصابه، على أمل الحصول على فرصة قريبة لإجراء عملية في عينه التي تحتاج إلى انتشال شظية صغيرة استقرت فيها.
ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع، يشن الجيش "حملة ممنهجة وشرسة" ضد مستشفيات القطاع خاصة في المناطق الشمالية، ما أدى إلى انهيارها بالكامل، قبل أن يعاد تشغيلها بشكل جزئي.
هذه الحملة تدرجت بين الاستهداف الجوي والمدفعي والمحاصرة والاقتحام والاعتقال والقصف، الأمر الذي هدد حياة آلاف المرضى والجرحى في مناطق عمل هذه المستشفيات، فضلا عن استشهاد العشرت من الأطباء والكوادر الطبية، وتهجير مئات آخرين نحو جنوب القطاع.
وقال متحدث منظمة الصحة العالمية، كريستيان ليندماير، الجمعة، إن الوضع في قطاع غزة "كارثي"، وإن النظام الصحي يشهد انهيارا بفعل استمرار الحرب.
وأضاف أن 7 مستشفيات في شمال وجنوب القطاع تواصل العمل "بشكل جزئي"، وهذا يعني أن 14 مستشفى فقط تعمل بالقطاع.
وأشار إلى أن عدد المستشفيات في غزة يبلغ 36 مستشفى، وأن 22 منها لا تستطيع تقديم الخدمات.
وأوضح أن مستشفيات غزة امتلأت بنسبة تزيد عن 300 بالمئة من طاقتها، والناس ملقون على الأرض يتألمون وينزفون، والعمليات الجراحية تجرى في الممرات.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة الفلسطينيين فلسطين غزة جريح المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مستشفیات فی قطاع غزة البحث عن
إقرأ أيضاً:
متحدث الصحة بغزة: الوضع الصحي والإنساني صعب للغاية لاستمرار إغلاق الاحتلال للمعابر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة الدكتور خليل الدقران، أن الوضع الصحي والإنساني في قطاع غزة صعب للغاية مع استمرار إغلاق الاحتلال الإسرائيلي للمعابر، ومنع دخول المساعدات الطبية والإغاثية.
وقال متحدث الصحة بغزة - في مداخلة لقناة القاهرة الإخبارية اليوم /الأربعاء/- "إن غلق الاحتلال للمعابر يزيد ويفاقم من تدهور الوضع الصحي في القطاع ويعد حكما بالموت على آلاف المرضى والمصابين والأطفال لعدم توفر الرعاية الصحية وحكما بالإعدام على المنظومة الصحية التي بالأساس هي منهارة نتيجة لتخريب وتدمير الاحتلال المتعمد لها خلال الحرب على القطاع".
وأضاف أنه منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار والاحتلال لا يزال يتلكأ في تنفيذ البروتوكول الإنساني الوارد في اتفاق وقف إطلاق النار مما زاد من تفاقم الوضع الإنساني في القطاع، وخاصة فيما يتعلق بخروج المرضى والمصابين; لتلقي العلاج بالخارج حيث من خرجوا للعلاج خارج غزة لم تتجاوز نسبتهم 25% من النسبة المفترض خروجها.
وشدد على ضرورة الضغط على الاحتلال لتنفيذ الشق الإنساني من اتفاق وقف إطلاق النار حيث أن عدد كبير من المرضى فارق الحياة بسبب عدم الخروج للعلاج خارج غزة، مشيرا إلى أن استخدام الاحتلال لسياسة التقطير في المساعدات يزيد الوضع كارثية من الناحية الإنسانية والصحية.
يشار إلى أن تداعيات إغلاق الاحتلال الإسرائيلي للمعابر في قطاع غزة على جهود منظمات الإغاثة في أرض الواقع سيئة جدا، حيث أن هناك كميات كافية من الإمدادات لتوزيعها في غزة وتحاول المنظمات الإنسانية توزيع المخزون المتضائلة على الفئات الأضعف من سكان القطاع.
وحذرت منظمة اليونيسيف من أن نتائج تجميد المساعدات ستكون كارثية، فيما شددت منظمة الإنقاذ الدولية على ضرورة استئناف وصول المساعدات لغزة فورا، وقال المجلس النرويجي للاجئين إن أطفال غزة يموتون بسبب البرد ونقص المعدات الطبية ومساعدات المرحلة الأولى من الاتفاق لم تكف لتلبية الحاجات