عربي21:
2024-07-03@22:05:20 GMT

في معنى الحديث الأمريكي عن الدولة الفلسطينية

تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT

لو كانت عملية "طوفان الأقصى" قد انتهت بمقتل العشرات من الإسرائيليين، لكان الرد العسكري الإسرائيلي أقل قوة من الحرب الحالية بكثير، ولكان الموقف الأمريكي محصورا بمعاقبة حركة "حماس" فقط، دون الإشارة من قريب أو بعيد إلى مسألة قيام الدولة الفلسطينية.

غير أن مقتل نحو 1200 إسرائيلي خلال يومين أرعب العقل السياسي الأمريكي، ثم كان لصمود المقاومة في قطاع غزة والخسائر البشرية التي ألحقتها في قوات الاحتلال على مدار أكثر من مئة يوم، أن دفعت الإدارة الأمريكية إلى إدراك أن مجاراة إسرائيل في نسيان إقامة الدولة الفلسطينية مسألة خطيرة من شأنها أن تهدد "الدولة" الإسرائيلية ذاتها.



مرحلة جديدة

على مدار العقد والنصف الأخيرين، ترسخت قناعة إسرائيلية بدأت من الليكود ولقيت صدى لدى الإدارات الأمريكية، مفادها أن القوة والتعنت الإسرائيليين سيدفعان الفلسطينيين والعرب هم بأنفسهم إلى تقديم تنازلات مجانية، لإدراكهم أن موازين القوة في صالح إسرائيل أولا، وبسبب حالة الضعف العربية عقب ثورات "الربيع العربي" ثانيا، وبسبب الانسحاب الأمريكي الجزئي من ملفات المنطقة ثالثا.

وقد جاء الانفتاح الإماراتي غير المفهوم تجاه إسرائيل تجسيدا عمليا لهذه القناعة، ثم تبعها اعتراف بحريني وتراخي سعودي كان مقدر له أن ينتهي كما انتهى الأمر بالبحرين والإمارات، وقبلهم بدا التراخي المصري تجاه إسرائيل حادا منذ وصول السيسي إلى السلطة عام 2013.

إلا أن عملية "طوفان الأقصى" غيرت من آلية التفكير الأمريكية، ولهذا تحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن أخيرا عن إمكانية إقامة دولة فلسطينية بعد سنوات طويلة من صمت أمريكي نتيجة الضعف والهوان العربيين.

ووفقا لشبكة "سي أن أن" الأمريكية، فإن مسؤولي إدارة بايدن ناقشوا إمكانية قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح في المستقبل، كما تمت مناقشة هذا الأمر بين بايدن ونتنياهو.

لا يهمنا في هذه المقالة طبيعة الدولة الفلسطينية المرجوة، فهذه مسألة معقدة للغاية، فضلا عن أن إقامة هذه الدولة في ظل عقود من الاستيطان تبدو عملية مستحيلة وفق الصيغ العربية للحل السياسي.

على المستوى العربي، لا تكفي مواقف التنديد ولا وقف التطبيع مع إسرائيل كما حدث في الحالة السعودية، لأن مسار التطبيع قد يعود بعد أشهر أو سنوات، بما يفقد الأثر الاستراتيجي الذي حققته عملية "طوفان الأقصى".لكن ما يهمنا هنا هو أن تغير الخطاب الأمريكي، أو عودة الخطاب الأمريكي إلى سابق عهده فيما يتعلق بهذه المسألة، لم ينجم عن انعطافة أيديولوجية أو سياسية تجاه الفلسطينيين، ولا عن وعي أخلاقي وحقوقي أمريكي مفاجئ، بل نجم عن حقيقة ساطعة مفادها أن الفلسطينيين قادرين على تهديد إسرائيل وتوجيه ضربات قوية لها، وإن استمرار السلوك الإسرائيلي سيوتر الوضع في الشرق الأوسط إلى درجة قد تنفلت الأمور عن السيطرة.

ربما يكون هذا هو الدرس الأهم أو الرسالة التي أوصلتها عملية "طوفان الأقصى": القوة العسكرية والسياسية تجاه إسرائيل هي الحل الوحيد لإجبارها على تقديم تنازلات سياسية حقيقية.

لم يحدثنا التاريخ عن احتلالات انتهت نتيجة قناعات سياسية أو أيديولوجية أو أخلاقية، بل انتهت نتيجة القوة المضادة للشعوب المحتلة.

وبهذا المعنى، فإن عملية "طوفان الأقصى" قد كشفت الواقع الزائف الذي يعيشه الفلسطينيون والعرب، من حيث أن الفلسطينيين والعرب لديهم القدرة على الفعل والتأثير، بما يؤدي إلى تثوير الوعي الفلسطيني والعربي معا، والعمل معا على وضع استراتيجية موحدة ومتكاملة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي باعتباره نظام فصل عنصري في العالم.

الانقسام الفلسطيني العربي

تتطلب أي استراتيجية وطنية أولا تجاوز الانقسام الوطني الفلسطيني من أجل وضع استراتيجية موحدة أو متكاملة للنضال، على الرغم من أن هذه المسألة في غاية الصعوبة بسبب تخاذل السلطة الفلسطينية لا ضعفها، وإذا كانت السنوات السابقة قد كشفت ضعف السلطة، فإن موقفها وسلوكها عقب عملية "طوفان الأقصى" قد كشف تخاذلها وخيانتها، وبالتالي فإن الحل لتجاوز هذا التخاذل لن يكون بقرار سياسي من السلطة وإنما بخطوات شعبية بالضفة الغربية تجبر السلطة على تغيير سلوكها السياسي.

الفارق الرئيس بين السلطة الفلسطينية وحركة "حماس" هو أن الأولى رضيت بالواقع القائم في الضفة الغربية ولم تعد تفكر بمستقبل الضفة، في حين أن "حماس" والمقاومة الفلسطينية في غزة يفكرون دائما في مستقبل القضية الفلسطينية بمجملها، وهذا فارق كبير واستراتيجي، يؤدي في الحالة الأولى إلى الاستسلام وفي الحالة الثانية إلى القتال من أجل حقوق الشعب الفلسطيني، بغض النظر عن مدى تحقيق هذا القتال لأهدافه السياسية.

إن عملية "طوفان الأقصى" هي الدرس الأبلغ الثاني الذي شهدته المنطقة العربية بعد ثورات "الربيع العربي" منذ عام 2011، وفي الحالتين أثبت الشعب العربي أنه ما زال قادرا على الفعل،على المستوى العربي، لا تكفي مواقف التنديد ولا وقف التطبيع مع إسرائيل كما حدث في الحالة السعودية، لأن مسار التطبيع قد يعود بعد أشهر أو سنوات، بما يفقد الأثر الاستراتيجي الذي حققته عملية "طوفان الأقصى".

إن عملية "طوفان الأقصى" هي الدرس الأبلغ الثاني الذي شهدته المنطقة العربية بعد ثورات "الربيع العربي" منذ عام 2011، وفي الحالتين أثبت الشعب العربي أنه ما زال قادرا على الفعل، لكن المفارقة أن العواصم الغربية أدركت قوة هذا الشعب وخشيتها منه، وعند هذه النقطة التقت مصالح إسرائيل والولايات المتحدة مع مصالح الأنظمة الاستبدادية العربية في ضرورة قتل أي قدرة أو فعل لدى الشعب العربي للحيلولة دون حصول أي تغيير في الواقع السياسي القائم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية الاحتلال امريكا احتلال فلسطين رأي دور مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدولة الفلسطینیة طوفان الأقصى فی الحالة

إقرأ أيضاً:

السلطة الفلسطينية ترفض استقدام قوات أجنبية لغزة

أعربت الرئاسة الفلسطينية، مساء الأحد، عن رفضها تكريس الاحتلال عبر استقدام قوات أجنبية لتحل محل المحتل الإسرائيلي في قطاع غزة.

وأكدت الرئاسة أن الشعب الفلسطيني مَن سيحكم القطاع ويدير شؤونه.

وفي وقت سابق الأحد، نقلت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية) عن مسؤول أمني لم تسمه إن الجيش الإسرائيلي "سيبقى في قطاع غزة حتى يتم العثور على قوة دولية لتحل محله، وقد يستغرق هذا عدة أشهر".

وقال متحدث الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة: "لا شرعية لأي وجود أجنبي على الأراضي الفلسطينية"، و"الشعب الفلسطيني وحده مَن يقرر من يحكمه ويدير شؤونه"، وفق وكالة الأنباء الرسمية (وفا).


على ذات الصعيد قال مصدران مصريان، الأحد، إن القاهرة ترفض دخول أي قوات مصرية إلى قطاع غزة، وتؤكد أن ترتيب أوضاعه بعد الحرب الإسرائيلية هو شأن فلسطيني، مع نفي أي موافقة على نقل معبر رفح أو بناء منفذ جديد.

وأضاف المصدر أن "مصر ترفض دخول أي قوات مصرية إلى داخل قطاع غزة"، وتؤكد أن "ترتيب الأوضاع داخل القطاع بعد العملية العسكرية الجارية هو شأن فلسطيني".

وفي 25 حزيران/ يونيو الماضي، أعلن مستشار مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي أن بديلا لحكم حركة حماس في غزة ستظهر سياسته للنور خلال أيام، في ظل عدم إمكانية القضاء على الحركة كفكرة.

وتابع هنغبي أن "إسرائيل تناقش مع الولايات المتحدة كيف يمكن للأمم المتحدة والدول الأوروبية والدول العربية المعتدلة إيجاد بديل لحكم حماس في غزة"، وفق تعبيره.


وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حربا مدمرة على غزة أسفرت عن نحو 125 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود.

وقال أبو ردينة: "حكومة الاحتلال ورئيسها (بنيامين نتنياهو) سيكونون واهمين إذا اعتقدوا أنهم قادرون على تقرير مصير الشعب الفلسطيني وتكريس الاحتلال عبر استقدام قوات أجنبية تحل محل المحتل في قطاع غزة".

وأردف: "لن نقبل أو نسمح بوجود أجنبي على أرضنا، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني".

وشدد على أن المنظمة هي "صاحبة الولاية القانونية على كامل أراضي دولة فلسطين في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس".

التوسع الاستيطاني
أبو ردينة، انتقد كذلك "التوسع الاستيطاني الذي يقوده المتطرف (وزير المالية الإسرائيلي) بتسلئيل سموتريتش، في أراضي الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة"، وفق الوكالة.

وقال إن هذا التوسع "غير شرعي وجزء من الحرب الشاملة على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته".

وتؤكد الأمم المتحدة عدم قانونية الاستيطان في الأراضي المحتلة، وتدعو "إسرائيل" منذ عقود دون جدوى إلى وقفه، وتحذر من أنه يقوض فرص معالجة الصراع وفق مبدأ حل الدولتين.

وزاد أبو ردينة بأن "مؤامرة تهجير شعبنا رفضناها بالمطلق، ولن نسمح بحدوثها مهما كان الثمن، وشعبنا الفلسطيني ضرب أروع الأمثال بتمسّكه بأرضه ومقدساته وصموده على ثوابته الوطنية التي لن نحيد عنها".


وشدد أن "السلام لن يمر إلا من خلال فلسطين والقدس وقيادة منظمة التحرير"، و"قضية فلسطين قضية أرض ودولة وليست مسألة إغاثة إنسانية، وهي قضية مقدسة وقضية العرب المركزية".

والجمعة، قالت هيئة البث إن مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت) صادق الخميس على خطة سموتريتش، من أجل التصدي لاعترافات دول رسميا بدولة فلسطينية والإجراءات المتخذة ضد "إسرائيل" بالمحاكم الدولية".

ووفق خطة سموتريتش، سيتم اتخاذ إجراءات ضد السلطة الفلسطينية، وتقنين خمس بؤر استيطانية في الضفة الغربية، ونشر عطاءات (قرارات) لبناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات، حسب الهيئة.

والبؤر الاستيطانية مستوطنات صغيرة أقامها مستوطنون على أراض فلسطينية خاصة دون موافقة الحكومة الإسرائيلية.

وبالتزامن مع حربه على غزة، صعَّد الجيش ومستوطنون اعتداءاتهم في الضفة، بما فيها القدس المحتلة؛ ما أدى إلى مقتل 554 فلسطينيا وإصابة نحو 5 آلاف و300 واعتقال حوالي 9 آلاف و450، وفق جهات فلسطينية رسمية.

وتواصل "إسرائيل" هذه الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح (جنوب)، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.

مقالات مشابهة

  • تطورات اليوم الـ272 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • الموقف العربي والإسرائيلي من الدولة الفلسطينية
  • بالأرقام.. خسائر مذهلة ألحقها طوفان الأقصى بالجيش الإسرائيلي
  • أبرز تطورات عملية طوفان الأقصى
  • تطورات اليوم الـ271 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • يوم جديد من عملية طوفان الأقصى.. أبرز التطورات
  • تطورات اليوم الـ270 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • تفاصيل خطة إسرائيلية لإدارة قطاع غزة
  • السلطة الفلسطينية ترفض استقدام قوات أجنبية إلى غزة
  • السلطة الفلسطينية ترفض استقدام قوات أجنبية لغزة