خبراء: قطر ترى في الوساطة وحل النزاعات حاجة مُلحة وليست ترفا سياسيا
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
بسمعة دولية مرموقة وخبرات متراكمة في حل النزاعات عبر دبلوماسية يصفها مراقبون بالمتزنة والموثوقة، تبرز قطر كدولة فاعلة عالميا في تهدئة الصراعات وإيجاد حلول لكثير من الأزمات الإقليمية والدولية عبر إدارة المفاوضات بحرفية كبيرة.
وتمتلك قطر رصيدا كبيرا من النجاحات المهمة في الوساطات ذات الملفات المعقدة، الأمر الذي أكسبها بعدا دبلوماسيا في القضايا والتحديات الأكثر أهمية في العالم، فمن دارفور وتشاد إلى لبنان، مرورا بواشنطن وإيران، وروسيا وأوكرانيا، وصولا لغزة عبر وساطات طويلة المدى وأخرى مرحلية.
وعلى الرغم من الحياد والموثوقية في أداء دبلوماسيتها، ودبلوماسييها في تنفيذ وساطاتها، لم تسلم قطر من هجوم بعض اليمينيين المتطرفين في حكومات بعض الدول وشن حملة تشويه ممنهجة ضدها، ولكن الدوحة وبحسب خبراء مارست الصبر الإستراتيجي ولم تنجر للدعاية، وحافظت على أهدافها الدبلوماسية المتمثلة في تحقيق الاستقرار وتعزيز مفهوم السلام الشامل.
نستنكر بشدة التصريحات المنسوبة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي في تقارير إعلامية مختلفة حول الوساطة القطرية. في حال أثبتت صحة التصريحات، فهي غير مسؤولة ومعرقلة للجهود المبذولة لإنقاذ أرواح الأبرياء، ولكنها ليست مفاجئة.
منذ شهور، وبعد وساطة ناجحة في العام الماضي أدت إلى إطلاق سراح…
— د. ماجد محمد الأنصاري Dr. Majed Al Ansari (@majedalansari) January 24, 2024
دبلوماسية احترافيةيقول أستاذ الشؤون الدولية والأمن والدفاع في جامعة قطر علي باكير إن للدوحة باعا طويلا في الوساطة والمساعي الحميدة وفض النزاعات، وبسبب الوقائع الجغرافية والجيوسياسية المحيطة بقطر، تعتبر الدبلوماسية الاحترافية محور السياسة الخارجية القطرية وركيزة أساسية من ركائز الأمن الوطني للدولة.
وأكد باكر في حديث للجزيرة نت أنه خلال العقود الماضية تحولّت الوساطة إلى علامة فارقة في العمل الدبلوماسي القطري، وقد وضع ذلك قطر تحت دائرة الأضواء الدولية، وجعل اللجوء إليها حاجة ملحّة في ظل النزاعات الملتهبة إقليميا ودوليا، كما أمّن لها ذلك مكانة مميزة، وولّد للدوحة قوة ناعمة على المستوى العالمي.
ويرى الدكتور علي باكير أن هناك عدّة عوامل تقف خلف قدرة الدبلوماسية القطرية على ممارسة دور الوساطة بكفاءة عالية وهي:
نزاهة وموثوقية جهودها. قدرتها على التواصل مع الأطراف المختلفة والمتخاصمة في الوقت نفسه. قدرتها على تحقيق نتائج إيجابية تضمن تخفيف حدّة النزاعات واحتواءها وفضّها. الحرص على تحقيق الأمن والاستقرار. خبرتها الطويلة في مجال الوساطات وحل النزاعات. قدرة دبلوماسييها على التعامل مع الحالات المختلفة. ثقة اللاعبين الكبار بدورها وبقدرتها على تحقيق النتائج المرجوة.????????????????| #مجلس_الشورى يُرحب بنجاح جهود الوساطة القطرية بين حماس وإسرائيل لإدخال أدوية وشحنة مساعدات إنسانية للمدنيين في قطاع #غزة
ويُشيد بموقف البلاد الثابت بقيادة سموّ الأمير المُفدى حفظهُ الله تجاه القضية الفلسطينية وجهودها في سبيل نصرة الأشقاء في #فلسطين#نديب_قطر | #قطر ???????? pic.twitter.com/AjffBDj1uh
— نديب قطر (@NadeebQa) January 22, 2024
وأوضح المتحدث ذاته أن مصلحة دولة قطر تقتضي ضرورة تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، واكتساب ثقة اللاعبين الكبار على المستوى الدولي، وإيمانهم بقدرتها على تحقيق النتائج الإيجابية التي تصب في مجال خفض التوتر وفض النزاعات، لاسيما في ظل حالة عدم الاستقرار والنزاعات المتفجرة في أكثر من مكان في العالم.
وفي هذا السياق، يشير أستاذ الشؤون الدولية والأمن والدفاع في جامعة قطر إلى أنه عندما اندلعت الحرب الإسرائيلية على غزّة، لم تجد الأطراف المنخرطة في هذا النزاع، فضلا عن تلك الداعمة لها، من بد إلا باللجوء إلى دولة قطر للقيام بدور الوساطة.
وقال "بالرغم من كم المصاعب والتحديات التي واجهت الدبلوماسية والدبلوماسيين القطريين، استطاعت الدوحة تحقيق عدّة نجاحات، ولم تثنها رغبة البعض في عرقلة دورها وزيادة الضغط السياسي عليها وتشويه سمعتها إعلاميا، عن بذل الجهود المضاعفة في سبيل محاولة تحقيق وقف دائم لإطلاق النار وتبادل الأسرى والسجناء والتوصل إلى صفقة شاملة".
قطر تعلن عن نجاح عملية لم شمل الأطفال الأوكرانيين بعائلاتهم في أوكرانيا#الخارجية_القطرية pic.twitter.com/Yy6Exlgsrn
— الخارجية القطرية (@MofaQatar_AR) October 16, 2023
وساطة بدون أجندةمن جهته، قال أستاذ القانون الدولي بجامعة لوسيل علي الكبيسي إن المجتمع الدولي بات يدرك جليا أهمية دولة قطر كلاعب أساسي كوسيط في حل النزاعات الدولية أو الإقليمية من خلال الدبلوماسية.
وبين الكبيسي في حديثه للجزيرة نت أن إستراتيجية قطر في تسوية النزاعات الدولية تستند لعدة ركائز أساسية، ولعل أهمها اتخاذ قطر سياسية الحياد بين الأطراف المتنازعة أيا كانت، من أجل تحقيق الأهداف النهائية للدبلوماسية وهي الوصول إلى أنجع الحلول، ودون أن يكون لدولة قطر أي أجندات، ودون التدخل في أي شأن داخلي.
وأشار الكبيسي إلى سعي قطر الدائم إلى تعزيز مفهوم السلام الشامل والدائم من أجل تحقيق الأمن والسلم الدوليين، وهذا واضح من خلال الوساطات التي قامت بها خلال الفترات السابقة التي ناهزت ما يقارب 10 ملفات من القضايا المعقدة سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، وخير شاهد على ذلك الاتفاق الأميركي-الأفغاني في فبراير/شباط 2020.
ولفت أستاذ القانون الدولي بجامعة لوسيل أنه لا يخفى على أحد الدور الدبلوماسي القطري والوساطة الحثيثة في وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، فمنذ بداية النزاع المسلح دعت دولة قطر جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتحكيم العقل لتجنب النتائج الكارثية ليس فقط على قطاع غزة، بل على كافة المنطقة والأسرة الدولية.
ويضيف أن قطر سعت من خلال جهود دبلوماسية على أعلى المستويات لوقف الاعتداء الإسرائيلي على غزة، وكانت أولى النجاحات التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" بالإفراج عن بعض الرهائن والأسرى، إضافة إلى دورها الفعال في إدخال أدوية ومساعدات إنسانية إلى المدنيين.
#قنا_فيديو |
المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية يؤكد أن جهود #الوساطة_القطرية لإيقاف الحرب على قطاع #غزة لا تزال جارية بالتواصل مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية#قنا #قطر #فلسطين pic.twitter.com/0tfqJxcfR4
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) January 23, 2024
سمعة دوليةومن جهته، يقول الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أحمد قاسم حسين إن دولة قطر تعد إحدى أهم الدول الفاعلة في النظام الدولي في توظيف الدبلوماسية الوقائية والوساطة والمساعي الحميدة كأداة في تسوية المنازعات الإقليمية والدولية، وقد راكمت الدوحة خبرة كبيرة في المجال.
وبذلت الدوحة بحسب حديث أحمد قاسم للجزيرة نت جهودا كبيرة في التخفيف من الآثار السياسية والاقتصادية والإنسانية لكثير من الأزمات المتفاقمة دوليا وإقليما، والأمثلة على ذلك كثيرة (فلسطين، أفغانستان، السودان، لبنان..) وأخيرا تكللت الجهود القطرية في نجاح الوساطة في صفقة تبادل السجناء بين الولايات المتحدة وإيران، إضافة إلى دور الوساطة بين أوكرانيا وروسيا التي أسفرت عن إعادة مجموعة من الأطفال إلى ذويهم.
وأضاف قاسم لقد حققت الدوحة سمعة دولية مرموقة في مجال الوساطة وتسوية المنازعات، وهو ما يعكس التطور الكبير في مؤسسات الدولة القطرية للتعامل مع جهود الوساطة، ويعكس في الوقت ذاته الخبرة الكبيرة التي تملكها كوادر الدبلوماسية في إدارة هذه المفاوضات والوساطة باحترافية وفاعلية.
وأكد الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أنه ورغم تعرض دولة قطر لحملة تشويه ممنهجة بشأن دورها في الوساطة بين قوى المقاومة وإسرائيل، فإن الدوحة مارست نوعا من الصبر الإستراتيجي، ولم تنجر لتلك الدعاية التي مارسها سياسيون إسرائيليون في الحكومة الحالية، وقد وضعت هدفا رئيسيا ممثلا بضرورة العمل على وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى، والتخفيف عن معاناة الفلسطينيين في غزة.
وأوضح قاسم أن الخبرة التي راكمها الطاقم الدبلوماسي في مؤسسات الدولة القطرية المختلفة، وعلى رأسها وزارة الخارجية، أسهمت في مواصلة العمل من أجل التوصل لاتفاق بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وإلى جانب ذلك تدرك الإدارة الأميركية ومعها مجموعة من القوى الدولية والإقليمية أهمية الوساطة القطرية لاعتبارات تتعلق بالموثوقية والمصداقية التي يتمتع بها الجانب القطري من ناحية، وقدرته على إدارة المفاوضات بكفاءة وفاعلية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الوساطة القطریة على تحقیق دولة قطر
إقرأ أيضاً:
سيطرة غائبة وفساد متصاعد..السوداني يواجه شتاءً سياسياً قاسياً
24 نوفمبر، 2024
بغداد/المسلة: تصاعدت الانتقادات الموجهة للحكومة العراقية بشأن ملفات الفساد والتجسس التي أثارت جدلاً واسعاً في أوساط الشارع والسياسة على حد سواء.
والأحداث الأخيرة، التي تتعلق بمنح مشاريع كبرى لشركات أجنبية يُقال إنها تخدم مصالح خارجية، فتحت باباً جديداً من التساؤلات حول مدى التزام الحكومة بمصالح الشعب، خاصة مع تنامي الغضب من أطراف سياسية مختلفة.
في هذا السياق، صرح عضو ائتلاف دولة القانون، إبراهيم السكيني، بأن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بحاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات حازمة لمحاربة الفساد والقبض على الفاسدين، مشيراً إلى أهمية استرداد الأموال المسروقة واستعادة المطلوبين.
وأضاف السكيني: “من الضروري أن يعزز السوداني ارتباطه بالإطار التنسيقي الذي رشحه، دون أن يميل نحو اتخاذ قرارات منفردة قد تُضعف الدعم السياسي له”. في تغريدة أثارت تفاعلاً كبيراً، ذكر السكيني أن “السيطرة على المنافذ الحدودية والأجواء العراقية باتت شبه معدومة، بعدما مُنحت لشركات يقال إنها مرتبطة بكيانات صهيونية”.
من جهته، انتقد النائب المستقل ياسر الحسيني أداء مكتب رئيس الوزراء ووصفه بأنه “نتاج للتجسس والفساد، ما يفتح المجال أمام اعتقالات تعسفية وتسريبات عقود غامضة”.
الحسيني أشار إلى أن ترشيح شخصيات ذات سمعة مشبوهة لمناصب وزارية، مثل ترشيح فرحان الفرطوسي لمنصب وزير النقل، يثير القلق حول مستقبل الحكومة في تحقيق الشفافية المطلوبة.
و في إحدى التدوينات المنتشرة على منصة فيسبوك، كتب ناشط من محافظة البصرة: “كيف نثق بحكومة لا تستطيع حماية أموال الشعب؟ مشاريعنا تتحول إلى غنائم بيد من لا يخشون الله”. هذه التدوينة جاءت ضمن موجة من المنشورات التي تناقش ضعف الرقابة على المنافذ الحدودية والمطارات، الأمر الذي يفتح المجال، وفق مراقبين، أمام التدخلات الخارجية التي تهدد السيادة الوطنية.
عضو تحالف الفتح، علي عزيز، حذر من تداعيات ضعف الإجراءات الحكومية في محاربة الفساد، معتبراً أن الاكتفاء بسحب يد الموظفين المتورطين دون محاكمتهم خطوة غير كافية.
و قال: “الشارع العراقي بحاجة إلى رؤية أفعال حقيقية، وليس الاكتفاء بوعود ومؤتمرات صحفية”.
وفي تغريدة عبر منصة “إكس”، ذكر أحد المحللين: “الفساد في العراق ليس مجرد قضية فردية، بل هو شبكة معقدة تحكمها المصالح الخارجية والداخلية. أي إصلاح حقيقي يجب أن يبدأ بإصلاح النظام القانوني أولاً”.
الأزمة تتسع لتشمل انتقادات من مواطنين عاديين، إذ تحدثت سيدة من بغداد في منشور على فيسبوك عن تأثير الفساد على الخدمات الأساسية: “نعاني من انقطاع الكهرباء والماء يومياً، بينما يتم تخصيص الأموال لمشاريع لا تعود بأي نفع علينا كمواطنين”. مثل هذه الأصوات تعكس استياءً شعبياً متزايداً يطالب الحكومة بموقف أكثر شفافية.
تحليلات سياسية تشير إلى أن استمرار هذه الأوضاع قد يؤدي إلى تصعيد احتجاجات شعبية قد تتحول إلى اعتصامات طويلة الأمد في بغداد والمحافظات الجنوبية. ووفقاً لمصادر مقربة من الأحزاب السياسية، هناك توترات داخلية بدأت تطفو على السطح بين الأطراف المكونة للإطار التنسيقي، ما يضع السوداني في موقف صعب.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts