الجزيرة:
2025-04-05@05:10:22 GMT

زيارة رئيسي لتركيا.. التوقيت والسياقات

تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT

زيارة رئيسي لتركيا.. التوقيت والسياقات

أجرى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في 24 يناير/ كانون الثاني زيارة إلى أنقرة كانت مُنتظرة منذ فترة طويلة. ولا يرجع الاهتمام الواسع الذي حظيت به إلى كونها مُجرد أول زيارة لرئيسي إلى تركيا منذ تولّيه منصبه قبل عامين ونصف العام فحسب، بل أيضًا لأنها جاءت في لحظة اضطراب شرق أوسطي غير مسبوقة أحدثت هزة كبيرة في الجغرافيا السياسية الإقليمية.

وعلى الرغم من أن هذا الاضطراب يفرض نفسه على قائمة أجندات السياسات الإقليمية وحتى العالمية في الوقت الحالي، فإن بعض الديناميكيات الأساسية المُحركة للعلاقات التركية – الإيرانية ترتكز على سياقات كانت قائمة منذ سنوات طويلة، وإن كان بعضها يتأثر الآن بالاضطرابات الناجمة عن الحرب الإسرائيليّة على غزة.

لذلك، يُمكن حصر أهمية الزيارة في إطارَين: الأول يتعلق بعملية إدارة المنافسة الإقليمية بين أنقرة وطهران في ضوء التحوّلات الأخيرة التي طرأت على بعض القضايا التي ينشط فيها البلدان بقوّة، مثل: سوريا، والعراق، وجنوب القوقاز. والثاني يتعلق بالفرص والتحديات التي تجلبها اضطرابات الشرق الأوسط على تركيا وإيران، ودورهما الإقليمي.

على الرغم من أن البلدين يُجمعان على رفض النشاط الانفصالي الكردي المسلح في الدول المجاورة لهما، فإنّ التعاون بينهما في هذا الملف يكاد يكون محدودًا

قبل كل شيء، فإن العلاقات التركية – الإيرانية تُشكل نموذجًا فريدًا في العلاقات الإقليمية. فعلى الرغم من أن البلدين وقفا لسنوات طويلة على طرفَي نقيض في معظم الصراعات الإقليمية المحيطة بهما- إن في الشرق الأوسط أو في جنوب القوقاز – فإنهما استطاعا إدارة خلافاتهما على مبدأ التعاون التنافسي.

وعلاوة على العوامل التاريخية والجغرافية التي تفرض على البلدين إدارة منافستهما، فإن التعاون التنافسي استند إلى حقيقة أن الصراعات المحيطة بهما فرضت عليهما تحديات مشتركة. في سوريا، والعراق على سبيل المثال، تمثلت هذه التحديات بالدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في كلا البلدين، وبصعود الحركات الانفصالية الكردية المسلحة.

وفي جنوب القوقاز، فإنه بقدر ما خلقت المنافسة بين أنقرة وطهران عوامل ضغط إضافية على العلاقات الثنائية، فإنها أوجدت في المقابل فرصًا لكلتيهما لتوظيف الجغرافيا السياسية الجديدة الناشئة في المنطقة لمواءمة مصالحهما بشكل أكثر فاعليّة.

وعلى صعيد السياسات الشرق أوسطية، فإن أنقرة وطهران تتبنيان رؤية مشتركة لجهة الحاجة إلى التعاون بين القوى الفاعلة في المنطقة لتحقيق الاستقرار الإقليمي. وفي ظل هذه البيئة الأمنية المضطربة وفراغ السلطة الذي يُحدثه تراجع الدور الأميركي في الشرق الأوسط، فإن مبدأ التعاون بين القوى الفاعلة في المنطقة يترسخ في المقاربتين: التركية والإيرانية.

مع ذلك، فإن البلدين لا يزالان يجدان صعوبة في مواءمة مصالحهما بشكل أوضح في قضايا سوريا، والعراق لاعتبارات مختلفة. وعلى رأس هذه الاعتبارات المنافسة الثنائية التي تُقوض من قدرة البلدين على التعاون في مجال الأمن الأكثر أهمية لكليهما. وعلى الرغم من أن البلدين يُجمعان على رفض النشاط الانفصالي الكردي المسلح في الدول المجاورة لهما، فإنّ التعاون بينهما في هذا الملف يكاد يكون محدودًا.

في سوريا، وعلى الرغم من أن الحوار الذي دخلته أنقرة مع دمشق قبل عام برعاية روسية وإيرانية، وتقاطع مصالح أنقرة وطهران ودمشق وموسكو في تقويض الوجود العسكري الأميركي في هذا البلد، ساعدا في خلق أرضية مشتركة بين تركيا وإيران للعمل المشترك في الملف السوري، إلا أن المعضلة المتمثلة بانسداد أفق التسوية السياسية لإنهاء الصراع السوري لا تزال تُشكل عقبة أساسية أمام كل من تركيا، وإيران، وروسيا لتطوير شراكتها في سوريا إلى مستوى العمل على إنهاء الصراع والتعاون في مواجهة الطموحات الانفصالية لوحدات حماية الشعب الكردية.

وفي العراق، فإن التنافس الطويل بين تركيا وإيران على النفوذ في إقليم كردستان العراق، وتعزيز طهران لعلاقاتها مع حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" المنافس الرئيسي لحزب "الاتحاد الديمقراطي الكردستاني" الذي تربطه علاقة جيدة بتركيا، فضلًا عن تقاطع مصالح حلفاء إيران في العراق مع حزب "العمال الكردستاني" في مقاطعة سنجار، علاوة على تزويد حزب "الحياة الحرة الكردستاني" الإيراني لحزب "العمال الكردستاني" بالمقاتلين، كلّها عوامل حالت دون تعاون تركي- إيراني مشترك ضد الأحزاب الانفصالية.

لذلك، لم يكن مفاجئًا أن يتصدر ملف الأحزاب الانفصالية قائمة محادثات رئيسي وأردوغان في أنقرة. وفي الواقع، فإن التفاعلات التركية – الإيرانية الجديدة فيما يتعلق بالموقف من الحالة الكردية الانفصالية في المنطقة تكتسب زخمًا إقليميًا أوسع.

يُمكن النظر إلى الزيارة الأخيرة لرئيس جهاز المخابرات التركية إبراهيم كالين إلى العراق، والمسار التفاوضي التركي – الروسي – الإيراني – السوري، والزيارة المرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تركيا في فبراير/ شباط المقبل، على أنها تندرج في إطار جهد خماسي مشترك للتعاون الجماعي في سوريا، والعراق.

وبالنسبة للحرب على غزة، فإنّ المعارضة التركية والإيرانية المشتركة للحرب، شكّلت أرضية مشتركة للبلدين في مقاربة الحرب. مع ذلك، فإنه في الجوهر، يتبنى البلدان سياسات غير منسجمة تمامًا، وتلتقي فقط في الموقف السياسي المعارض للحرب.

فبينما انخرطت طهران في الحرب عبر شبكة وكلائها في المنطقة، وطالبت دول المنطقة بقطع علاقاتها وروابطها الاقتصادية مع إسرائيل، فإن تركيا لا تزال تتمسك بعلاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل على غرار دول المنطقة الأخرى. كما أنها- وعلى الرغم من الموقف المندد بشدة بإسرائيل، والإشادة بحركة حماس كمنظمة تحرر وطني – تنشط بفاعليّة في دبلوماسية القنوات الخلفية لوقف الحرب.

كما عرضت استعدادها للانخراط في الهيكل الأمني المحتمل لغزة ما بعد الحرب. إن الهاجس الرئيسي المشترك لكل من تركيا وإيران بخصوص اضطرابات الشرق الأوسط الراهنة، يتمثل بالقلق من مساعي الولايات المتحدة لإعادة تعزيز حضورها العسكري في المنطقة. وهذا الهاجس يُشكل حافزًا مهمًا للبلدين للتعاون في السياسات الإقليمية لتقويض الدور الأميركيّ في سوريا والعراق.

وعلى مستوى جنوب القوقاز، اكتسبت زيارة رئيسي لتركيا أهمية في ضوء التحولات التي طرأت مؤخرًا على منطقة جنوب القوقاز بعد نجاح أذربيجان في استعادة السيطرة الكاملة على إقليم قره باغ.

تحولت قضية قره باغ منذ عام 2020 إلى أكبر تحدٍّ يواجه العلاقات التركية- الإيرانية. لذلك، فإن زيارة رئيسي لتركيا والزيارة المرتقبة لبوتين إلى تركيا أيضًا ستختبران مدى قدرة الدول الثلاث على تطوير تفاعلاتها في جنوب القوقاز للانخراط في جهد مشترك لتحقيق السلام بين أذربيجان وأرمينيا، وتنفيذ مشاريع خطوط النقل الجديدة في المنطقة.

وبالنظر إلى النفوذ الذي تمتلكه تركيا على أذربيجان والنفوذ الذي تمتلكه كل من إيران وروسيا على أرمينيا، فإن التعاون المشترك بين الدول الثلاث يُمكن أن يخلق عصرًا جديدًا في جنوب القوقاز.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی جنوب القوقاز الشرق الأوسط ترکیا وإیران التعاون بین فی المنطقة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

فيدان في باريس.. محطة جديدة في مسار العلاقات التركية الفرنسية المتوترة

أنقرة- وصل وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الأربعاء، إلى العاصمة الفرنسية باريس في زيارة رسمية يُنظر إليها كمحطة جديدة في مسار العلاقات التركية الفرنسية التي شهدت توترات خلال السنوات الماضية.

وتأتي الزيارة في سياق مساعٍ متبادلة لتهدئة الخلافات وإعادة الزخم للتواصل الدبلوماسي بين أنقرة وباريس، بعد سلسلة من الخطوات التي عكست رغبة الجانبين في تحسين العلاقات مؤخرا.

والتقى فيدان بنظيره الفرنسي وزير الدولة لشؤون أوروبا والخارجية جان نويل بارو، مع توقعات مسبقة بأن تشمل محادثاتهما تعزيز العلاقات الثنائية ومناقشة تطورات إقليمية ودولية ملحة.

ونقلت وكالة الأناضول عن مصادر بوزارة الخارجية التركية، في وقت سابق، أن المحادثات ستشمل:

ملفات العلاقات التركية الفرنسية. وآفاق انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي والعلاقات مع التكتل الأوروبي. إضافة إلى قضايا الأمن الأوروبي. وتطورات الحرب في أوكرانيا والأوضاع في غزة. وكذلك عملية الانتقال السياسي في سوريا.

ورغم أن مصادر تركية دبلوماسية قالت للأناضول إن اللقاء جاء في إطار زيارة رسمية يجريها فيدان إلى فرنسا، إلا أن المصادر لم تذكر تفاصيل أخرى عن فحوى الزيارة.

إعلان

لكن مصادر تركية استبقت الزيارة بالتأكيد على أن المحادثات تتناول سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين أنقرة وباريس، لا سيما في مجالات التجارة والاستثمار والطاقة والسياحة، بعدما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 22.5 مليار دولار عام 2024.

وزير الخارجية هاكان فيدان يبحث مع الفرنسيين تعزيز العلاقات الثنائية وتطورات إقليمية ودولية ملحة (الأناضول) ملفات إقليمية

وبحسب الخارجية التركية، يتصدر الملف السوري جدول مباحثات فيدان في باريس، في ظل تباين واضح في أولويات أنقرة وباريس بشأن مستقبل سوريا بعد سقوط نظام الأسد؛ فبينما تؤكد تركيا دعمها للقيادة السورية الجديدة، تُشدد على ضرورة تفكيك وحدات حماية الشعب الكردية شمال البلاد ودمج المعارضة في مؤسسات الدولة، إلى جانب رفع العقوبات المفروضة على دمشق الجديدة.

في المقابل، ترحب فرنسا بالتغيير السياسي في سوريا، لكنها تبقي على تحفظاتها بشأن مقاربة أنقرة للأمن في الشمال، وتصر على تشكيل حكومة شاملة تضمن تمثيل كافة الأطياف السورية.

ويأتي هذا في أعقاب تصعيد دبلوماسي محدود بين الجانبين، بعدما استبعد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، مطلع العام الجاري، أي دور للقوات الفرنسية في سوريا، واعتبر أن الولايات المتحدة هي المحاور الوحيد لبلاده هناك. كما اتهم باريس بتجاهل المخاوف الأمنية التركية، ودعاها إلى استعادة مقاتليها المسجونين في سوريا ومحاكمتهم في فرنسا.

وفي الشأن الأوكراني، توقعت المصادر أن يجدد الوزير التركي تأكيد بلاده على "الاستعداد للمساهمة في إقامة سلام دائم وعادل بين روسيا وأوكرانيا"، مشددا على "ضرورة تعاون جميع الحلفاء من كثب في العملية المؤدية إلى السلام" على حد تصريحاته السابقة بهذا الشأن.

أما في غزة، فتطرح الزيارة ملفا لا يقل أهمية، حيث تقود أنقرة جهودا سياسية وإنسانية منذ بداية الحرب، وتتهم إسرائيل بارتكاب جرائم ضد المدنيين. في حين تدعو فرنسا إلى وقف إطلاق نار دائم وإيصال المساعدات، مع تحذيرها من أي خرق للقانون الدولي، دون التوجه إلى فرض عقوبات.

قضايا شائكة

وبعيدا عن الملفات الإقليمية، تحضر القضايا الثنائية العالقة بقوة على طاولة زيارة فيدان، وفي مقدمتها ملف التعليم، الذي شكل في السنوات الماضية نقطة توتر مزمنة في علاقات أنقرة وباريس.

إذ لا تزال الخلافات قائمة بشأن وضع المدارس الفرنسية في تركيا، وكانت أنقرة قد طالبت في السنوات الماضية بتنظيم وضع المدارس الفرنسية مثل مدرستي "شارل ديغول" في أنقرة و"بيير لوتي" في إسطنبول، عبر اتفاقيات ثنائية تمنحها وضعا قانونيا داخل تركيا، حيث أثار الجانب التركي مسألة التحاق طلاب أتراك بهذه المدارس من دون إشراف وزارة التعليم التركية.

إعلان

في المقابل، تسعى تركيا منذ سنوات للحصول على موافقة رسمية تسمح لها بفتح مدارس تركية أو على الأقل تقديم تعليم منهجي للجالية التركية في فرنسا، إلا أن هذه المطالب قوبلت بتحفظ فرنسي، لا سيما في ظل الحساسيات المرتبطة بملف الاندماج والسيادة الثقافية داخل فرنسا.

وقد شهد هذا الملف تطورا لافتا في أغسطس/آب الماضي، حين توصل الطرفان إلى تفاهم أولي قضى بتعليق مؤقت لقبول طلاب أتراك جدد في المدارس الفرنسية داخل تركيا، بانتظار التوصل إلى اتفاق قانوني شامل، مع الإبقاء على الطلاب الحاليين تحت إشراف مشترك من معلمين أتراك، ويتوقع أن يعاد طرحها بقوة خلال زيارة فيدان، في محاولة لكسر الجمود والوصول إلى صيغة تُرضي الطرفين.

وبحسب المصادر التركية، تبرز العلاقات الدفاعية كملف حساس بين أنقرة وباريس. فخلال ذروة التوتر بين البلدين، فرضت فرنسا قيودا على صادرات التقنيات والمعدات الدفاعية إلى تركيا ضمن موقف أوروبي جماعي إثر عمليات أنقرة العسكرية في سوريا عام 2019. وتسعى تركيا الآن إلى تعزيز التعاون في الصناعات الدفاعية مع فرنسا وإزالة تلك القيود المفروضة على تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية إليها.

ومن المتوقع أن يكون فيدان قد ركز في مباحثاته على ضرورة رفع هذه القيود الدفاعية وتشجيع مشاريع مشتركة في مجال الصناعات العسكرية، لا سيما أن البلدين عضوان في حلف الناتو ويشتركان في تحالفات أمنية إقليمية.

إلى جانب ذلك، يجدد الجانب التركي مطالبته بتحرك أكثر حزما ضد المنظمات التي تصنفها أنقرة إرهابية وتنشط في فرنسا، خصوصا فيما يتعلق بـحزب العمال الكردستاني الذي تتهم تركيا باريس بغض الطرف عن أنشطته تحت غطاء دعم مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الحرب على تنظيم الدولة.

تجدر الإشارة إلى أن زيارة فيدان إلى باريس تتوج سلسلة اتصالات وتقارب جرت خلال الأشهر الماضية بين القيادتين التركية والفرنسية بعد فترة من الجفاء. كان أهمها لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون وجها لوجه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على هامش قمة المجموعة السياسية الأوروبية التي عقدت في العاصمة المجرية بودابست.

إعلان إدارة الخلاف

ويقول المحلل السياسي مراد تورال، إن زيارة وزير الخارجية هاكان فيدان إلى باريس تمثل "خطوة مهمة لكسر الجمود" في العلاقات التركية الفرنسية، لكنها تأتي -بحسب تعبيره- في سياق "تبريد الأزمة أكثر من كونها تحولا إستراتيجيا".

وأوضح في حديث للجزيرة نت، أن أنقرة تدير علاقتها مع باريس حاليا بمنطق "إدارة الخلاف" وليس تصعيده، مستفيدة من الحاجة الأوروبية للتنسيق الأمني والدبلوماسي في ظل التحديات الإقليمية والدولية، لكنه شدد على أن "غياب الثقة المتراكم لا يزول بزيارة واحدة".

ويرى تورال أن الملفات الثنائية العالقة، مثل وضع المدارس الفرنسية في تركيا والتعاون الدفاعي والتقدم في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، تمثل اختبارا حقيقيا لأي تقارب. ولفت إلى أن حلحلة ملف المدارس يشكل "مؤشرا مهما على استعداد الطرفين لتقديم تنازلات متبادلة"، في حين يبقى ملف الدفاع "الأكثر حساسية"، مؤكدا أن رفع القيود الفرنسية عن صادرات السلاح إلى تركيا سيكون "علامة ثقة إستراتيجية" في حال تحقق.

وفي ختام حديثه، دعا تورال إلى خفض سقف التوقعات من الزيارة، مؤكدا أن نجاحها لا يُقاس بالبيانات المشتركة بقدر ما يُقاس بـ"استمرار التواصل بعدها وتفعيل قنوات العمل المشترك". واعتبر أن الأجواء الحالية تتيح فرصة "لبناء الثقة خطوة بخطوة"، لكنه حذر من انتكاسة محتملة إذا لم تترجم النوايا الإيجابية إلى خطوات ملموسة.

من جهته، اعتبر الباحث في الشؤون الدولية أحمد أوزغور، أن زيارة فيدان إلى باريس تُظهر رغبة تركية في تنويع قنوات التأثير داخل أوروبا بعد أن ظلت أنقرة تركز على برلين وبروكسل في السنوات الأخيرة.

وأضاف في حديث للجزيرة نت، أن تركيا تدرك أهمية فرنسا كلاعب مستقل داخل الاتحاد الأوروبي، خصوصا بعد تصاعد الدور الأمني لباريس في شرق المتوسط وأفريقيا، مشيرا إلى أن أنقرة تسعى إلى بناء تفاهمات تكتيكية لا تحالفات طويلة الأمد.

إعلان

واعتبر أوزغور أن الملف السوري سيبقى نقطة تصادم بين البلدين، لكنه رجّح أن تستفيد تركيا من انفتاح فرنسا الحذر على القيادة السورية الجديدة، لدفع الأوروبيين نحو مراجعة العقوبات.

مقالات مشابهة

  • الضربات الإسرائيلية في سوريا: الكشف عن السبب الحقيقي وراء استهداف القواعد الجوية التركية
  • السر في "الزيارة التركية".. كواليس ضربة إسرائيل لقواعد سوريا
  • وزير خارجية تركيا: سوريا ليست ملكا لإسرائيل
  • مساعي تركيا لإنشاء قاعدة جوية في سوريا تُثير مخاوف إسرائيل
  • بالصور | زيارة رسمية.. الفريق صدام خليفة يلتقي وزير الدفاع وقائد القوات البرية التركية في أنقرة
  • الخارجية التركية تدعو “إسرائيل” إلى عدم تقويض الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار في سوريا
  • زيارة السوداني لتركيا.. خطوة استراتيجية لمواجهة التحديات الإقليمية
  • زيارة السوداني لتركيا.. خطوة استراتيجية لمواجهة التحديات الإقليمية - عاجل
  • فيدان في واشنطن: ملامح بداية جديدة للعلاقات التركية- الأميركية
  • فيدان في باريس.. محطة جديدة في مسار العلاقات التركية الفرنسية المتوترة