تتزايد مقاطع الفيديو التي توثق انتهاكات جيش الاحتلال الإسرائيلي وجنوده ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة منذ بداية المعارك في السابع من أكتوبر الماضي. 

وقد تم تداول مشهد مؤثر على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر لحظة استشهاد سيدة فلسطينية وهي تمسك بيد حفيدها، وسط تجمع من المدنيين الذين كانوا يحملون الرايات البيضاء أثناء نزوحهم من حي الرمال في مدينة غزة للفرار من المعارك والقصف الإسرائيلي في منطقتهم.

ووفقا لتحقيق صحفي أجرته شبكة "سي إن إن"، فقد قضت عائلة خريس أسابيع في التفكير في ما إذا كانت ستتخذ قرار النزوح أم لا، خاصة مع تقدم القوات الإسرائيلية إلى حي الرمال في مدينة غزة. 

لحظة مقتل جدة فلسطينية ترفع راية بيضاء في #غزة.. شاهد ما كشفه تحقيق CNNhttps://t.co/005fdeZ1jC

— CNN بالعربية (@cnnarabic) January 26, 2024

وأشار التقرير، إلى أن العائلة، بعد ليلتين من القصف العنيف الذي قد يدمر منزلهم، اتخذت العائلة قرار الرحيل لضمان سلامتهم.

سارة خريس، التي لم تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها، شاركت في الوصف قائلة: "لقد استيقظنا في 12 نوفمبر، وكان ذلك الصباح فوضويا، حيث قامت والدتي هالة بإعداد وجبة إفطار سريعة وتعبئة الحقائب. وخصصت وقتا للصلاة قبل أن تسمع صوت الجيران يصرخون بأن طريق الإخلاء جاهز وعلى الجميع الخروج".

وأكملت: "انضممنا إلى آخرين رفعوا الرايات البيضاء خلال النزوح. كانت هالة تسير مع حفيدها تيم البالغ من العمر 4 سنوات، ممسكين بأيدي بعضهما بعضا، في شارع مليء بالحطام. ثم انطلقت رصاصة قناص فسقطت هالة على الأرض وتوفيت".

المصدر: البوابة

إقرأ أيضاً:

مع تكرار قصفها.. كيف يعيد نازحو غزة بناء خيامهم؟

غزة- يعزو عزات سلطان نجاته وأبناءه وأحفاده، بأعجوبة من موت محقق إلى العناية الإلهية، بخروجهم سالمين من لهيب النيران التي التهمت خيامهم داخل مخيم يؤوي نازحين غربي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.

في إحدى ليالي شهر رمضان الماضي، استيقظ سلطان (75 عاما) والنازحون على دوي انفجار ضخم جراء غارة جوية إسرائيلية، استهدفت إحدى الخيام فأدت إلى اشتعال النيران في عدد كبير من الخيام المتهالكة المصنوعة من الأخشاب والبلاستيك.

مرّت به وأسرته كثيرٌ من الأحداث المؤلمة منذ اندلاع الحرب على غزة عقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 "لكن هذه المرة كان الموت أقرب لنا من أي وقت مضى، كان المشهد مرعبا، انتفضنا فزعين من النوم وقد انهارت الخيام فوق رؤوسنا واشتعلت بها النيران"، كما يقول للجزيرة نت.

أطفال نازحون يلهون داخل خيمة من القماش المهترئ في غرب مدينة خان يونس (الجزيرة) صمود في خيمة

قضى سلطان وعائلته (19 فردا) تلك الليلة في العراء، على أنقاض خيامهم، وشغله تفكيره وقلقه، ماذا سيفعل وقد خسر كل شيء، ولسعات البرد تتسلل بقسوة إلى جسده النحيل الذي لا يوحي أنه كان يوما مدرسا للتربية الرياضية، وبات اليوم يخطو متثاقلا متكئا على عكاز، يقول إنه اضطر إليه خلال الحرب، وكان قبلها يتمتع بصحة جيدة.

عمل سلطان لـ27 عاما مدرسا في السعودية، وعاد في العام 1999 ليستقر في مسقط رأسه بمدينة رفح والتحق بالعمل في مدرسة حكومية وتقاضى راتبا تقاعديا، يقول، إنه كان بالكاد يكفيه في تدبير شؤون أسرته قبل اندلاع الحرب.

"كنت طوال الليل أفكر من أين نوفر خياما بديلة من المدمرة والمحترقة، وأسعارها خيالية في الأسواق وارتفعت أضعافا بعد إغلاق المعابر". ويشير سلطان بذلك إلى أثر إغلاق الاحتلال المعابر منذ 2 مارس/آذار الماضي، ومنعه إدخال المساعدات الإنسانية بما فيها الخيام.

إعلان

وشهدت أسعار الخيام القليلة في الأسواق ارتفاعا هائلا في ظل زيادة الطلب عليها، إثر أوامر وإنذارات النزوح الإسرائيلية التي شهدت كثافة كبيرة، منذ استئناف الاحتلال الحرب على القطاع في 18 مارس/آذار الماضي.

انتشار خيام متهالكة وعشوائية في الشوارع لنازحين لم يجدوا مكانا يؤويهم (الجزيرة)

انتصف نهار ذلك اليوم وسلطان وعائلته يجلسون صياما بلا مأوى ولا خيارات، حتى تبرعت لهم هيئة خيرية بخيام أصر على إقامتها في المخيم ذاته، بدافع عدم بث الخوف في قلوب النازحين إن غادره وعائلته، ولأنه "لا مكان آمن في قطاع غزة، والعثور على مساحة لإقامة 3 خيام متجاورة ليس أمرا سهلا".

ترسم قسمات سلطان رحلة طويلة قادته إلى كثير من دول العالم، قبل أن يقرر العودة ليقضي بقية حياته في مدينة رفح، التي تتعرض لإبادة شاملة تطال الشجر والحجر، وقد أجبر الاحتلال نحو 300 ألف من سكانها على النزوح وإخلائها كليا، وخسر فيها منزله المكون من 4 طوابق، ويدلل على عظيم خسارته بالقول "وضعت في هذا المنزل تحويشة العمر وشقاء السنين".

نال تدمير المنزل من صحته النفسية والجسدية، وهو يتحدر من عائلة لاجئة من قرية بربرة إبان نكبة 1948، غير أن قناعاته ظلت ثابتة ولم تهتز، وبإصرار يؤكد هذا الأب الذي فقد ابنه ياسر شهيدا في العام 2004 "لن يفلحوا في تهجيرنا وتكرار نكبتنا مهما قتلوا ودمروا".

في مايو/أيار الماضي، كانت تجربة النزوح الأولى لسلطان على وقع اجتياح رفح، ومنذ ذلك الحين تنقل وعائلته بخيامهم 5 مرات، بعد إنذارات إسرائيلية وخشية مخاطر التوغل. ويقول "تمزقت خيامنا من كثرة النزوح ولم تتمزق إرادتنا وقدرتنا على الحياة، وعودتنا قريبة إلى رفح وليست بعيدة إلى بربرة".

أبو دان ضرب خيمة من الأغطية والقماش البالي ليقيم فيها وأسرته غرب خان يونس (الجزيرة) نزوح متكرر

أمام خيمة مهترئة تعبث بها الريح، جلس النازح رائد أبو دان وإلى جانبه طفله المصاب بإعاقة ذهنية، واضعا يده على وجهه، وقد أثقلته الهموم من النزوح المتكرر وضيق الحالة الاقتصادية.

إعلان

للمرة السادسة منذ اندلاع الحرب اضطر أبو دان (46 عاما) إلى النزوح بأسرته (7 أفراد) من منطقة "قيزان النجار"، على وقع تهديدات إسرائيلية وتوغل عسكري كبير في هذه المنطقة ومناطق أخرى على خط التماس بين مدينتي رفح وخان يونس المتجاورتين، ويفصلهما منذ نحو 3 أسابيع "محور موراغ" (ممر صوفا).

لا يمتلك هذا الرجل العاطل عن عمله في مطعم اضطر صاحبه إلى إغلاقه بعد اندلاع الحرب، مبلغ ألف شيكل (الدولار يعادل 3.7 شواكل) أجرة سيارة نقل تقله وأسرته وأمتعته، وقد اضطروا إلى الخروج خفافا بالملابس التي يرتدونها والقليل من الأغطية حملوها على الأكتاف.

أوامر النزوح الإسرائيلية المتكررة تفرض على الغزيين ظروف حياة قاسية (الجزيرة)

ويقول للجزيرة نت، "لم نعلم أين سنذهب وليس معنا خيمة، ووجدت هذا المكان لصناعة خيمة من لا شيء، باستخدام القليل من الأخشاب وشادر قديم حصلت عليه من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)".

لو أتيحت لك فرصة السفر والهجرة، هل تقبل؟ لم يطل تفكيره وكانت إجابته حاضرة وكأنه يتوقع السؤال، ولم يكتف بقول لا، واستخدم تعبيرا شعبيا "والله لو يقطعوا راسي ما بهاجر"، وهو تعبير يستخدمه الغزي ليؤكد تمسكه بموقف يعتبره أثمن من حياته نفسها.

ويرجح أبو دان أن يكون منزله مدمرا، ولا يمتلك دخلا ثابتا يعتاش منه وأسرته، ويضيف "أعيش في خيمة أو كوخ، وبكرى نعمر البلد من جديد، وما بتركها لأغراب يستوطنونها".

حصار ونزوح

يُعتبر عدم توفر الخيام للنازحين واحدة من أكثر الأزمات تعقيدا، وقد بات الاحتلال يستخدم التشريد وإجبار الغزيين على النزوح وهجر منازلهم ومناطق سكنهم، وهي سياسة ممنهجة لزيادة الضغط عليهم.

وكان يُفترض أن تدخل 200 ألف خيمة و60 ألف بيت متنقل خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي امتد من 19 مارس/آذار الماضي وحتى انهياره بخرق إسرائيل له وتشديد الحصار واستئناف الحرب.

إعلان

وتشير بيانات رسمية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إلى أن الاحتلال لم يُدخل أي بيت متنقل في تلك المرحلة، وأدخل فقط زهاء 10% فقط من مجموع الخيام المطلوبة.

الاحتلال تنصل من التزاماته للسماح بإدخال الخيام بموجب اتفاق وقف إطلاق النار المنهار (الجزيرة)

وفي بيان نشرته على منصاتها، تقول أونروا، إن الحصار الحالي "يُعد أطول بثلاث مرات من الحصار الذي فُرض في أكتوبر/تشرين الأول 2023 عند اندلاع الحرب".

وتقدر الوكالة الأممية أن نحو 69% من مساحة القطاع الإجمالية (360 كيلومترا مربعا) باتت خاضعة لأوامر نزوح نشطة أو ضمن "المنطقة المحظورة" أو كليهما، مع إصدار ما لا يقل عن 20 أمرَ نزوح من الجيش الإسرائيلي في الفترة بين 18 مارس/آذار الماضي و14 أبريل/نيسان الجاري.

ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، فإن نحو 420 ألف شخص نزحوا مرة أخرى منذ انهيار وقف إطلاق النار. وتقول أونروا إن "استئناف القصف واستمرار منع دخول المساعدات الإنسانية يؤثران كثيرا على قدرة الجهات الإنسانية على تلبية احتياجات السكان من الغذاء والمياه والصرف الصحي والمأوى وغيرها من الضروريات".

مقالات مشابهة

  • استشهاد عائلة فلسطينية في قصف العدو خيمتهم في مواصي خان يونس
  • في مشهد صادم .. طفل يطير من مبنى إلى آخر جراء غارة صهيونية على مدينة غزة .. فيديو
  • عمر محمد رياض: مكنتش راضي عن أول دور قدمته ووفاة جدي كانت صدمة.. فيديو
  • استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للعدو الصهيوني على مدينة غزة
  • حريق مأساوي في مخيم نازحين بأبين
  • وسائل إعلام أمريكية تعيد نشر فيديو اغتيال السادات.. ما السبب؟
  • من الرمال إلى السيليكون.. رحلة عُمان نحو مستقبل ذكي ومستدام
  • تعز.. ضابط وأفراده يعتدون بعنف على تاجر في مدينة التربة (فيديو)
  • مع تكرار قصفها.. كيف يعيد نازحو غزة بناء خيامهم؟
  • تقرير: الحرب أظهرت مهن جديدة .. في حياة النزوح بغزة