هل ستنجح الصين في إقناع إيران بوقف هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر؟
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
ذكرت أربعة مصادر إيرانية ودبلوماسي بأن مسؤولين صينيين طلبوا من نظرائهم الإيرانيين المساعدة في وقف هجمات الحوثيون على سفن في البحر الأحمر، وقالوا إن ضررا قد يلحق بالعلاقات التجارية مع بكين في حال عدم الاستجابة لهذه المطالب.
وذكرت المصادر الإيرانية المطلعة بأن المباحثات بشأن هجمات الحوثيين والتجارة بين الصين وإيران تمت خلال عدة اجتماعات عقدت مؤخرا في بكين وطهران.
في السياق، قال مسؤول إيراني مطلع على المحادثات: "بشكل أساسي، تقول الصين ’إذا تضررت مصالحنا بأي شكل من الأشكال، فسيؤثر ذلك على أعمالنا مع طهران. لذلك اطلبوا من الحوثيين ضبط النفس’".
وأدت الهجمات، التي يقول الحوثيون في اليمن إنها تهدف لدعم الفلسطينيين في غزة، إلى ارتفاع تكلفة الشحن والتأمين نتيجة لما تسببت فيه من اضطراب لمسار تجاري رئيسي بين آسيا وأوروبا تستخدمه السفن التي تبحر من الصين على نطاق واسع.
وأشارت المصادر الأربعة إلى أن المسؤولين الصينيين لم يدلوا بأية تعليقات أو يوجهوا تهديدات محددة بشأن كيف يمكن أن تتأثر العلاقات التجارية مع طهران إذا تضررت مصالح بكين نتيجة هجمات الحوثيين.
ورغم أن الصين كانت أكبر شريك تجاري لإيران على مدى العقد الماضي، فإن علاقاتهما التجارية غير متوازنة. فمثلا، اشترت شركات تكرير النفط الصينية أكثر من 90 بالمئة من صادرات النفط الخام الإيرانية العام الماضي، وفقا لبيانات تتبع الناقلات من شركة التحليلات التجارية كبلر، في وقت يبتعد العملاء الآخرون عن النفط الإيراني نتيجة للعقوبات الأمريكية، وفيما استفادت الشركات الصينية من الخصومات الكبيرة.
مع ذلك، فإن النفط الإيراني لا يشكل سوى 10 بالمئة من واردات الصين من النفط الخام، ولدى بكين مجموعة من الموردين الذين يمكنهم سد أي نقص.
وقالت المصادر الإيرانية إن بكين أوضحت أنها ستشعر بخيبة أمل كبيرة تجاه طهران إذا تعرضت أي سفن مرتبطة بالصين لهجوم أو تأثرت مصالح البلاد بأي شكل. ولفت أحد تلك المصادر إلى أنه رغم أن الصين مهمة لإيران، فإن لدى طهران حلفاء في غزة ولبنان وسوريا والعراق، إلى جانب الحوثيين في اليمن، وأن تحالفاتها وأولوياتها الإقليمية تلعب دورا رئيسيا في صنع قرارها.
ردا على طلب للتعليق على الاجتماعات مع إيران لمناقشة هجمات البحر الأحمر، قالت وزارة الخارجية الصينية إن "الصين صديق مخلص لدول الشرق الأوسط وملتزمة بتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين والسعي لتحقيق التنمية والازدهار المشتركين". وتابعت لرويترز: "ندعم بقوة دول الشرق الأوسط في تعزيز استقلالها الاستراتيجي وتوحيد الصف والتعاون لحل قضايا الأمن الإقليمي". ولم يتسن الاتصال بوزارة الخارجية الإيرانية للحصول على تعليق.
وفشل قصف القوات الأمريكية والبريطانية أهدافا للحوثيين في اليمن هذا الشهر في وقف هجمات الجماعة على السفن. ويسيطر الحوثيون الشيعة المدعومون من إيران على جزء كبير من اليمن بما في ذلك العاصمة صنعاء وقطاع كبير من ساحل البلاد على البحر الأحمر عند مضيق باب المندب.
وظهرت الجماعة لأول مرة في الثمانينيات كمجموعة مسلحة تعارض النفوذ الديني السني للسعودية في اليمن، وهي تتلقى تسليحا وتمويلا وتدريبا من إيران وهي جزء من "محور المقاومة" المناهض للغرب وإسرائيل.
وفي 14 يناير/كانون الثاني، دعا وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى وقف الهجمات على السفن المدنية في البحر الأحمر والحفاظ على سلاسل الإمداد والنظام التجاري الدولي، دون أن يأتي على ذكر الحوثيين أو إيران.
وقال فيكتور قاو الأستاذ بجامعة سوتشو الصينية إن بكين، باعتبارها أكبر قوة تجارية في العالم، تأثرت بشكل كبير من اضطراب الشحن وإن استعادة الاستقرار في البحر الأحمر تمثل أولوية بالنسبة لها. لكن قاو، وهو دبلوماسي صيني سابق ومستشار لشركة النفط السعودية العملاقة أرامكو، استطرد قائلا إن بكين ستعتبر طريقة معاملة إسرائيل للفلسطينيين السبب الجذري لأزمة البحر الأحمر ولن ترغب في توجيه اللوم علنا إلى الحوثيين.
وأحجم متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية عن التعليق عندما سُئل عن المناقشات بين إيران والصين حول الأمر. وذكر دبلوماسي مطلع أن الصين تتحدث مع إيران حول المسألة ولكن من غير الواضح مدى جدية طهران في الأخذ بنصيحة بكين.
وقال مسؤولان في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وهي خصم للحوثيين، إنهما على علم بسعي عدة دول منها الصين للتأثير على إيران لكبح الحوثيين.
وقال المحللان غريغوري برو من مجموعة أوراسيا وعلي فايز من مجموعة الأزمات الدولية إنه قد يكون لبكين نفوذ على إيران بسبب مشترياتها من النفط ولأن طهران تأمل في جذب المزيد من الاستثمارات الصينية المباشرة في المستقبل. إلا أنهما أشارا إلى أن الصين مترددة حتى الآن في استخدام نفوذها، وذلك لعدة أسباب. وقال فايز: "تفضل الصين الاستفادة مجانا من حماية الولايات المتحدة لحرية الملاحة في البحر الأحمر" من خلال توجيه بعض الضربات للحوثيين، مضيفا أن بكين تدرك أيضا أن طهران لا تسيطر سيطرة كاملة على حلفائها اليمنيين.
وقال المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام الخميس إن إيران لم تنقل حتى الآن أي رسالة من الصين بشأن الهجمات. وأضاف: "حتى الآن لم يصلنا أي تعليق من الإيرانيين... وأعتقد أنهم لن يبلغونا بمثل هذا الطلب، لا سيما أن إيران موقفها المعلن هو مساندة اليمن".
وقالت المصادر الإيرانية الأربعة إنه لم يتضح ما إذا كانت طهران ستتخذ أي إجراء عقب المناقشات مع بكين. وبالنسبة لإيران، فهناك الكثير على المحك إذ تعد الصين من القوى القليلة القادرة على توفير الاستثمارات التي تقدر بمليارات الدولارات والتي تحتاجها طهران للحفاظ على قدرة قطاعها النفطي وإبقاء الاقتصاد صامدا.
وظهر نفوذ الصين جليا في 2023 عندما سهلت التوصل إلى اتفاق بين إيران ومنافستها الإقليمية السعودية لوضع حد لسنوات من العداء. مع ذلك، قال أحد المصادر الإيرانية المطلعة إنه بالرغم من وجود علاقات اقتصادية قوية بين الصين وإيران، فإن تأثير بكين على القرارات الجيوسياسية لطهران ليس مطلقا.
وشكك البعض داخل المؤسسة الحاكمة في إيران في أهمية الشراكة مع بكين، مشيرين إلى انخفاض نسبي في حجم التجارة والاستثمارات غير النفطية منذ وقع البلدان اتفاقية تعاون مدتها 25 عاما في 2021.
وتقول وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية إن الشركات الصينية استثمرت 185 مليون دولار فقط منذ ذلك الحين. كما أفادت وسائل الإعلام الرسمية العام الماضي بأن صادرات إيران غير النفطية إلى الصين انخفضت 68 بالمئة في الأشهر الخمسة الأولى من 2023 بينما ارتفعت وارداتها من الصين 40 بالمئة. في المقابل، التزمت الشركات الصينية العام الماضي باستثمار المليارات في السعودية بعد أن وقعت الدولتان شراكة استراتيجية شاملة في ديسمبر/كانون الأول 2022.
وقال اثنان من المصادر الإيرانية إنه بينما لا يمكن تجاهل الصين، فإن لدى طهران أولويات أخرى يجب أخذها في الاعتبار وتتشكل قراراتها من خلال تداخل معقد بين العوامل. وذكر أحدهما "التحالفات والأولويات الإقليمية وكذلك الاعتبارات الأيديولوجية تسهم بشكل كبير في قرارات طهران".
وقال الآخر إن على حكام إيران تبني استراتيجية دقيقة عندما يتعلق الأمر بحرب غزة وكذلك هجمات الحوثيين، مضيفا أنها لن تتخلى عن حلفائها. وأفادت المصادر الإيرانية بأن دور إيران كزعيم "لمحور المقاومة" الذي يضم الحوثيين وجماعة حزب الله اللبنانية وحماس وفصائل مسلحة في العراق وسوريا يجب أن يكون متوازنا مع تجنب الانجرار إلى حرب إقليمية بسبب غزة.
وذكر أحد المصادر أن رسائل طهران إلى الحوثيين وعنهم تتطلب قدرا من الإنكار فيما يتعلق بمدى سيطرتها عليهم، ولكنها تستلزم أيضا القدرة على نسب بعض الفضل لنفسها في أفعالهم المناهضة لإسرائيل.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن الصين الحوثي أمريكا البحر الأحمر المصادر الإیرانیة فی البحر الأحمر هجمات الحوثیین فی الیمن أن الصین
إقرأ أيضاً:
لمتابعة اتفاق بكين.. تفاصيل اجتماع اللجنة السعودية الصينية الإيرانية
انعقد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية الصينية الإيرانية المشتركة لمتابعة اتفاق بكين في الرياض اليوم 19 نوفمبر، 2024 برئاسة نائب وزير خارجية المملكة العربية السعودية وليد بن عبدالكريم الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير خارجية جمهورية الصين الشعبية دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية جمهورية إيران الإسلامية للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي.
وأكد الجانبان السعودي والإيراني التزامهما بتنفيذ اتفاق بكين بكافة بنوده، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.
أخبار متعلقة "السديس": الترتيبات التنظيمية للرئاسة ترفع كفاءة الخدمات الدينية بالحرمينترقية 1604 أفراد من منسوبي الجوازات .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية الصينية الإيرانية المشتركة لمتابعة اتفاق بكين - واساتفاق بكينكما رحبت المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ اتفاق بكين.
وأكدت جمهورية الصين الشعبية استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيرانية الإسلامية نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية الصينية الإيرانية المشتركة لمتابعة اتفاق بكين - واسالعلاقات السعودية الإيرانيةورحبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على كافة المستويات والقطاعات، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خاصةً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة والذي يهدد أمن المنطقة والعالم.
كما رحب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، والتي مكنت أكثر من 87.000 حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52.000 إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2024م. ورحبوا بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.توسيع التعاونكما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات بما في ذلك الاقتصادية والسياسية وتدعو الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه لسيادة وسلامة أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
كما تدعو إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من ان استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم بالإضافة إلى الأمن البحري.
وتؤكد الدول الثلاث من جديد دعمها للحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.