الخليج الجديد:
2024-09-19@03:28:04 GMT

اليمن في غزة: ثورة ضد الحدود!

تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT

اليمن في غزة: ثورة ضد الحدود!

اليمن في غزة: ثورة ضد الحدود

هذه الثورة ضد الانعزالية القُطرية كانت ترياقاً فعّالاً لسموم الانقسامات التي أنتجت الحرب الأهلية.

الربط بين الوطني والقومي هو الأقدر على معالجة الانقسامات الداخلية. إهمال شرعية فلسطين والأمن القومي العربي ليس طريقاً للازدهار.

الأنظمة العربية تستبدل الأمن الوطني (أمن النظام) بالأمن القومي العربي، وتشدّد على هوية قُطريَّة، تتمحور غالباً حول تاريخ منقرض يعيش في المتاحف.

لم يقف ضرر الوطنية الانعزالية عند الإضرار بفلسطين والأمن القومي العربي وتكريس الهيمنة الغربية بالمنطقة بل امتدّ الضرر ليشمل الدولة العربية نفسها.

فاقم التخلّي عن شرعية فلسطين من أزمة شرعية الدولة الوطنية، وتبيّن أن الهويات القُطرية ليست سوى قشرة تغطي سيادة الهويات الفرعية، الطائفية منها والعشائرية

أثبت النموذج اليمني في نصرة غزة أن تحطيم الحدود القُطرية وكسر الحالة الانعزالية طوق نجاة للدولة العربية من أزمة شرعيتها، وطريق أساسي لتحقيق وزن نوعي إقليمي.

* * *

كانت قضية فلسطين، بفعل موقع فلسطين الجغرافي، والاستعمار الإحلالي فيها، عنواناً أساسياً للهوية العربية الجامعة، ومفهوم الأمن القومي العربي.

التخلّي عن هذه القضية بشكل رسمي من قبل بعض الأنظمة العربية، للانضواء ضمن شبكة المصالح الغربية، أو تعزيز موقعها فيها، جاء مصحوباً بنزعة وطنية انعزالية، تستبدل الأمن الوطني (أمن النظام) بالأمن القومي العربي.

وتشدّد على هوية قُطريَّة، تتمحور غالباً حول تاريخ منقرض يعيش في المتاحف، وعبادة الزعيم الفرد، والتناقض مع «الآخر» العربي والتمايز عنه، باعتباره مجرد حاقد على التاريخ العظيم، أو واقع الرفاه وخطط المستقبل المذهلة.

لم يقف ضرر الوطنية الانعزالية عند الإضرار بفلسطين، والأمن القومي العربي، بتكريس الهيمنة الغربية في المنطقة، وإنما امتدّ الضرر ليشمل الدولة الوطنية نفسها، فقد فاقم التخلّي عن شرعية فلسطين من أزمة شرعية الدولة.

وتبيّن أن الهوية القُطرية ليست سوى قشرة تغطي سيادة الهويات الفرعية، الطائفية منها والعشائرية، وتسبّبت الإخفاقات على أنواعها في تغذية الانقسامات الداخلية، ولم يحقق النموذج الانعزالي وعوده بالازدهار، وقاد كل هذا إلى مزيد من الهشاشة الداخلية، وضعف التأثير إقليمياً.

بعد السابع من أكتوبر، قدّم اليمن نموذجاً معاكساً. في سياق استمرار التخلي العربي الرسمي عن فلسطين، أو التواطؤ ضدها، تحركت حكومة صنعاء لتكسر قيود الانعزال في إطار الحدود القُطرية، وجمعت بشكل فريد بين نزعة ثورية ضد الحدود والاستعمار المتجسد في إسرائيل وداعميها، وخطاب دولة تقوم بمسؤوليتها في تفعيل مفهوم الأمن القومي العربي.

الخطاب المعبّر عن الفعل الميداني اليمني المؤثر في معركة غزة كان بدوره مؤثراً ومهماً، إذ جمع هذا الخطاب بين رفع شعار الانتصار لمظلومية أهل غزة، والاستجابة لنداءات أحرار اليمن والأمة. تمكّن هذا الخطاب من الصعود بالهوية الوطنية إلى معنى عربي جامع، وتعامل مع اليمنيين كجزء من أمّة تتعرض للعدوان، وتؤدي واجبها في التصدي له.

هذه الثورة ضد الانعزالية القُطرية كانت ترياقاً فعالاً لسموم الانقسامات التي أنتجت الحرب الأهلية في اليمن، فتوحّدُ المتخاصمين حول الفعل اليمني المساند لغزة، والدعم من غالبية الأطراف والنخب السياسية اليمنية لتحرّك حكومة صنعاء، قدّمَ فرصةً تاريخية لمخرجٍ من الحرب الأهلية.

قامت حركة «أنصار الله» بالدعوة إلى التوحّد على المستوى العربي، فقال مسؤولوها صراحةً إن الخسارة في الحروب الأهلية العربية أكبر من أي خسارة في مواجهة العدو الصهيوني، ودعوا إلى تجاوز الخلافات وعقد المصالحات والالتفات إلى المعركة الكبرى مع الصهاينة وداعميهم. أعطت هذه الدعوة صدقية عالية لخطابهم في الداخل اليمني، وتقديراً عالياً لهم على المستوى العربي.

في هذا النموذج اليمني، يبرز عمل الجمهور اليمني بوصفه العمل الشعبي العربي المؤثر في المعركة، فلم تكن الأزمات الاقتصادية والمعيشية، أو التهديد الأميركي ثم العدوان، عائقاً يمنع هذا الجمهور من الخروج والتظاهر دعماً لتحرك حكومة صنعاء.

عزلَ الجمهورُ اليمني، بالتفافه حول خيار إسناد غزة عسكرياً، الأطرافَ السياسية اليمنية التي اختارت الانحياز للغرب الاستعماري والعدوان على اليمن. ولم يتعامل هذا الجمهور، كما حكومة صنعاء، مع أهل غزة كـ«آخر» يستحقّ التعاطف، وإنما «أنفسنا» التي ندافع عنها.

هذا التجسيد العملي للعروبة، ولمجابهة الاحتلال الصهيوني بوصفه خطراً على الأمّة كلها، يفسّر احتفاء أهل غزة والجمهور الفلسطيني والعربي بالدور اليمني في المعركة. حين يقول مسؤولون يمنيون إنهم مستعدون للذهاب حتى النهاية نصرةً لغزة، ولو لم يبقَ منهم أحد، أو أن نفوسهم ترتاح وينزاح خجلهم حين يُقصفون كما يُقصف أهل غزة، فإن لهذا وقعاً كبيراً في نفوس أهل غزة وعامة الجمهور العربي، وخاصة أنه خطاب مصحوب بفعل ميداني كبير، له تأثيره على الصهاينة ومن يدعمهم.

أثبت النموذج اليمني في نصرة غزة أن تحطيم الحدود القُطرية، وكسر الحالة الانعزالية، طوق نجاة للدولة العربية من أزمة شرعيتها، وطريق أساسي للحصول على وزن نوعي إقليمياً، كما أن الربط بين الوطني والقومي هو الأقدر على معالجة الانقسامات الداخلية. إهمال شرعية فلسطين والأمن القومي العربي ليس طريقاً للازدهار.

*بدر الإبراهيم كاتب عربي

المصدر | الأخبار

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: اليمن غزة فلسطين النموذج اليمني نصرة غزة شرعية فلسطين الأمن الوطني الأمن القومي العربي الدولة العربية الأمن القومی العربی شرعیة فلسطین حکومة صنعاء أهل غزة من أزمة

إقرأ أيضاً:

شذى حسام لاعبة المشروع القومي تحصد ذهبية البطولة العربية لألعاب القوى بالسعودية «صور»

شاركت المصرية شذى حسام أحمد، لاعبة المشروع القومي للموهبة والبطل الأولمبي، مع المنتخب الوطني لألعاب القوى، في البطولة العربية العاشرة للناشئين والناشئات والتي أقيمت باستاد الملك فهد بمدينة الطائف في السعودية خلال الفترة 12 إلى 15 سبتمبر.

ونجحت شذى حسام في تحقيق المركز الأول والميدالية الذهبية في سباق 100جري بزمن قدره (12.14)، كما فازت اللاعبة بالمركز الثاني والميدالية الفضية فى سباق 200 م بزمن قدره ( 25.23)، بالإضافة إلى حصد المركز الثالث والميدالية البرونزية في سباق التتابع المتنوع.

ورافق اللاعبة الدكتور وسام سيد أحمد المدير الفني للمنتخب الوطني والمدير الفني للمشروع القومي للموهبة والبطل الأولمبي.

يأتى ذلك فى ظل الدعم الذي تقدمه وزارة الشباب والرياضة بقيادة الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة لدعم الأبطال الرياضيين ضمن منظومة متكاملة لإعداد وصناعة البطل الأولمبي.

ويعد المشروع القومي للموهبة والبطل الأولمبي أحد المشروعات الواعدة للرياضة المصرية في مختلف الألعاب الرياضية، كما يعد واحدًا من الأهداف الاستراتيجية لوزارة الشباب والرياضة في مجال اكتشاف ورعاية المواهب الرياضية ضمن توجيهات القيادة السياسية بتكثيف العمل في هذا الشأن.

مقالات مشابهة

  • الاتصالات: السماح لشركة استرلينك العمل في اليمن تهديد للامن القومي
  • الكرخ العراقي يحقق فوزاً كبيراً على القطن اليمني في البطولة العربية لكرة اليد
  • شاهد - الصاروخ اليمني فلسطين (2) الذي ضرب قلب يافا
  • شذى حسام لاعبة المشروع القومي تحصد ذهبية البطولة العربية لألعاب القوى
  • شذى حسام لاعبة المشروع القومي تحصد ذهبية البطولة العربية لألعاب القوى بالسعودية «صور»
  • «القومي لثقافة الطفل» يحتفل بيوم الصداقة العالمي بمشاركة دولة فلسطين
  • “فلسطين 2” ومشهديةُ التحوُّل الاستراتيجي اليمني
  • رئيس البرلمان العربي: سيادة الصومال جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي
  • شباب القطن اليمني يخوض غمار البطولة العربية الـ39 لكرة اليد
  • اليمن تشارك في المنتدى العربي السادس للمياه في أبو ظبي