النوي قحدون تمثل جولة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الى قطر ومنها الى الصين لبنة أخرى في طريق التوسع الاقتصادي للصين التي تسعى الى بسط سيطرتها ونفوذها الاقتصادي على العالم وفي خضم ذلك تمثل القوة المالية لقطر وتسيدها المشهد العالمي في سوق الطاقة والمال والرياضة وزنا آخر يضاف الى رصيدها كقوة سياسية ناعمة في الشرق الأوسط بينما تسعى الجزائر من جهتها بفضل موقعها الاستراتيجي وسلاحها الطاقوي مع فرص الاستثمار المتاحة تسعى الى ان تكون قطبا إقليميا بامتياز .

من هذا المنطلق وكعنوان رئيس فإن العواصم الثلاث تجد نفسها امام فرصة سانحة لتحقيق اهداف كل دولة وتمثل عناصر التقارب السياسي والاقتصادي دفعا هائلا لتحقيق هذه الأهداف فالصين العازمة على إكمال حلمها التاريخي في طريق الحرير والذي اصبح سالكا على محور الدوحة والجزائر وبذلك تكون قد قطعت آلاف الاميال مختصرة في تجارة بينية وتوسعية الى اقصى الحدود فلقد كانت عين الصين دائما على سوق افريقيا الواعد ورغم دخولها المحتشم منذ سنوات الى هذا السوق فإن موانئ الجزائر القابلة للتوسيع ستكون حتما بوابة دائمة للاستثمارات الصينية التي لا تخشى راس المال الجبان وتتمتع بمرونة كبيرة في التعامل وفي التعاون على أساس الربح المشترك كما انها لا تترفع على نقل التكنولوجيات الحديثة الى الدول النامية ومنها الجزائر التي خبرت صدق التعامل مع الصين كشريك استراتيجي والمنشآت التي شيدت بتكنولوجيا صينية بالجزائر تشهد على تاريخ حافل ومثالي لهذا التعاون وقد كانت اوبرا الجزائر آخر هذه اللبنات وهي هدية من الصين الى بلد الشهداء تمثل حافزا إضافيا لتطلعات تعاون راسخ ومثالي بعيدا عن جشع التنافس العالمي الذي أصبحت احدى مميزاته الاقتتال الاقتصادي بدل التنافس  كما أصبح مصطلح العدو شائعا في مناهج الاقتصاد السياسي وهي حالة تنذر بتوترات تمثل مقدمات حروب قد تكون عواقبها وخيمة على البشرية وبدل الرفاه المنتظر قد نشهد فناء على وقع هذه الحروب . تمثل الدوحة أيضا مقطعا أساسيا من هذا الطريق بين الصين وبوابة افريقيا فعلى صغر مساحتها تبسط قطر سيطرتها على أسواق الطاقة وصناعة الغاز المسال ويمثل ذلك للصين حافزا مهما لاستثماراتها الداخلية والخارجية كما انها تمثل جانبا مهما من سوق المال العالمي فلم تترك الدوحة حتى النوادي الرياضية للاستثمار وهي بذلك تساير عصر السرعة في الانتقال من الاقتصاد التقليدي الى الاقتصاد الذكي وحتما سيكون من المهم للجزائر دعم قطر المالي في جلب استثمارات اجنبية لبيئة مهيئة وخالية من الفساد والبيروقراطية الإدارية والتي كانت تقف دائما حجر عثرة امام هذه التدفقات الاستثمارية ويبدو عزم القيادة الجزائرية هذه المرة على غير ما سبق ومن المهم ان نشير الى ان العوامل السياسية تلعب دورا مهما في بناء الثقة وإرساء التعاون البناء إذ ان الدوحة على مدار سنوات خلت لعبت دورا استثنائيا كبيرا في تغيير الخارطة السياسية للشرق الأوسط بمحاسنها ومساوئها لكن العلاقة مع الجزائر والصين ظلت تميزها حالة من التفاهم والود وفي كثير من الأحيان التغاضي عن بعض المعوقات الظرفية فلم تشارك الجزائر في حصار قطر ولم تكن من الداعمين لدول الحصار ورغم تمادي الدوحة في الضرر بدول شقيقة مثل سوريا ظلت الجزائر الناصح الأمين لها لتكتشف قطر ان الجزائر لا تخون وانها تمييز بين مبادئها الراسخة في السياسة ومصالحها الاقتصادية التي تضررت عدة مرات بحسن او سوء نية من دول الخليج كافة ومنها قطر. بين توترات في الشرق وأخرى في الغرب تحاول الجزائر ان تتحسس طريقها الى الصين لتقترب كثيرا من البريكس وهو هدف لا تخفي الجزائر حاجتها لتحقيقه رغم كل العراقيل فبعد زيارة روسيا اصبح من اللازم زيارة الصين وقد تكون العاصمة المقبلة نيودلهي لتكمل الجزائر مساعيها نحو الدخول ضمن هذه التكتلات الاقتصادية بكل ثقلها وفي ظل خلوها من المديونية وحرية قرارها السياسي والاقتصادي تبدو الجزائر واثقة من خطواتها نحو قفزة نوعية من بوابة التنين. كاتب جزائري

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

الحصانات الدبلوماسية الشخصية – مشاكلها

بقلم: هيثم السحماوي

القاهرة (زمان التركية)ــ أوضحت في المقال السابق المقصود بهذه الحصانات، والأساس القانوني لها، وأسبابها، وانتهينا إلى أن هذه الحصانات تُعطى للمبعوث الدبلوماسي أو طاقم البعثة الدبلوماسية  في الدولة التي يعمل بها بغرض تسهيل مهام عمله وحمايته.

ولكن لما كانت هذه الحصانة لا تُعطى لملائكة وإنما تُعطى لبشر، تنطبق عليهم القاعدة البشرية العامة وهي وجود الصالح والطالح، فترتب على وجود هذه الحصانات استغلالها من قبل بعض الدبلوماسيين  والانحراف بها عن غايتها وسببها التي وجدت لأجله. والسؤال كيف يمكن أن يتم ذلك؟ وكيف يكون التصرف حينذاك؟ اسمحوا لي أن أوضح المقال بأمثلة ووقائع حدثت بالفعل !

الواقعة الأولى: هي قضية قتل سفير بورما في سريلانكا لزوجته.

وتتلخص وقائع القضية في أنه وصل لعلم السفير أن زوجته لها علاقات غير مشروعة خارج نطاق الزوجية، وأثناء عودتها من أحد الملاهي الليلية في سريلانكا، قام زوجها بإطلاق النار عليها أمام المنزل وقتلها، ولأنه كانت ديانتهم البوذية، فقام السفير باستدعاء بعض من رجال الدين البوذي وقامو بحرق جثتها.

ولأن إطلاق النار علي الزوجة تم أمام الجيران، فقد تداول الأمر بين الناس، ووصل الأمر لعلم سلطات الأمن في سريلانكا، وحينذاك طلبوا من السفير أن يعطيهم (رماد الجثة) كي يكشفوا عن سبب الوفاة، و يسمح لهم بدخول السفارة للتفتيش وإجراء التحقيق فرفض السفير ذلك، فقامت قوات الأمن السريلانكية بالقبض عليه ووضعه في السجن، وبعد أن أرسلت دولة السفير وفدا للتفاوض مع حكومة سيرلانكا، قامت الأخيرة بإطلاق سراحه عملًا باتفاقية فيينا.

الواقعة الثانية: قضية قتل سفير دولة زائير في فرنسا لفتاة فرنسية.

وتتلخص القضية في أن سفير دولة زائير في فرنسا، أثناء قيادته لسيارته بسرعة، قام بدهس بنت فرنسية، توفيت أثر هذا الحادث. وهنا طلبت الحكومة الفرنسية من حكومة دولة زائير سحب الحصانة من هذا السفير كي تتمكن من محاكمته، وهو بالفعل ما تم، حيث سحبت حكومة زائير الحصانة من هذا السفير، وتم تقديمه للمحاكمة أمام السلطات الفرنسية.

فهنا كما الملاحظ أنه في حالة ارتكاب أحد الأفراد الدبلوماسيين في الدولة التي يعملون بها أي من الجرائم –هو أو أسرته حيث أن عائلته أيضًا الذين معه يتمتعون أيضا بحصانات وامتيازات- فكل ما تملكه الدولة إما إعلان بأنه شخص غير مرغوب فيه وبالتالي إبعاده من الدولة، أو الطلب من دولته سحبه أو أن تطلب من دولته رفع الحصانة عنه والسماح بإخضاعة للمحاكمة في الدولة التي يعمل بها .هذا فيما يتعلق بالشق الجنائي.

وهذا كله فيما يتعلق بالحصانة الدبلوماسية المتعلقة بشخص الدبلوماسي، ولكن الحصانة الدبلوماسية ليست هذه وفقط ولكن توجد أيضًا الحصانة الخاصة بالحقيبة الدبلوماسية، والحصانة الخاصة بمبنى السفارة ومنزل السفير، والتوضيح بشأنهما والمشاكل أيضًا التي تترتب عليهما، أوضحها في المقالين القادمين إن شاء الله.

يسعدني التواصل وإبداء الرأي.

Tags: الحصانة الدبلوماسية

مقالات مشابهة

  • الحصانات الدبلوماسية الشخصية – مشاكلها
  • «حماة الوطن»: 30 يونيو ثورة تصحيح المسار وإعلاء قيمة الوطن
  • المحافظ إدريس يدشن أعمال صيانة وسفلتة طريق البيضاء – مأرب
  • محافظ البيضاء يدشن أعمال صيانة وسفلتة طريق البيضاء – مأرب
  • الإمارات: استمرار العنف يؤكد أن الأطراف المتحاربة لا تمثل الشعب السوداني
  • الجيش الأميركي: المسيرات ومحطة التحكم الأرضية التي تم تدميرها كانت تمثل تهديدا وشيكا
  • كابولوف: العالم بدأ يدرك أن "طالبان" هي السلطة الحقيقية في أفغانستان
  • استخباراتي إسرائيلي يتحدث عن خطوة لحماس ستمكّنها من إبقاء قبضتها قوية في غزة لـ6 أشهر على الأقل
  • هذا البرنامج اليومي لسير القطارات “الجزائر – وهران – الجزائر”
  • هذا البرنامج اليومي لمواقيت سير القطارات على خط “الجزائر – وهران – الجزائر”