نحو ثقافة لمواجهة كوارث الحاضر
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
نحو ثقافة لمواجهة كوارث الحاضر
صرح مسؤولون أمريكيون وصهاينة أنهم سمعوا من مسؤولين عرب موافقتهم على استمرار الحرب الإجرامية في غزة، حتى القضاء على المقاومة الفلسطينية.
ما يواجه الوطن العربي والعالم يحتاج لتنمية وامتلاك ثقافة من نوع جديد، واتساع كبير وعميقة التأثير لا تقدمها وسائل التثقيف الجماهيرية الموجودة حالياً.
المستقبل مليء بالتحديات الكبرى، لكنه أيضاً مليء بالإمكانيات الهائلة التي تنتظر جيل المستقبل. نقول ذلك رغم أصوات التشاؤم المتصاعدة التي تملأ الأرض حالياً.
هل تبرر كراهية الأنظمة الحاكمة للمقاومة الإسلامية موقفها الغريب وغير المعقول من إبادة أطفال ونساء فلسطين الممنهج والمتصاعد واليومي بيد الجيش الصهيوني؟
ألا تشعر الكتلة العربية، بأخطار هائلة يواجهها السودان، التي تهب على مجتمعه كعواصف مدمرة جراء الصراع الدموي بين جيش السودان وميليشيات الدعم السريع؟
ميليشيات الدعم السريع تجيّشها وتمولها وتسلحها قوى داخلية وخارجية تريد الاستيلاء على ثروات السودان وخيراته من خلال النهب والتجزئة وإثارة المشاعر العنصرية والقبلية؟
* * *
مهما كبرت حملات التوعية الفكرية والسلوكية لشباب وشابات الأمة العربية بشأن ما يواجهه وطنهم العربي من جهة، وما تواجهه البشرية من جهة أخرى، فإنها تظل تلهث وراء تطورات هذا العصر الهائلة في ساحات الاثنين.
دعنا نأخذ المستوى الأول العربي القومي، ولنتعامل مع مستجدين اثنين يستحقان أن يعي بعضاً من وجوههما شباب الأمة:
المستجد الأول هو مشهد ما بعد 7 أكتوبر الماضي الفلسطيني، فمن حق المواطن العربي أن يطرح السؤال التالي: هل إن خلافات بعض أنظمة الحكم العربية مع بعض فصائل الإسلام السياسي، تبرر مشهد الوقوف الغريب وغير المعقول من قتل أطفال ونساء فلسطين الممنهج والمستمر والمتصاعد واليومي، من قبل الجيش الصهيوني؟
وإلا هل يعقل أن كل ما تستطيع الكتلة العربية ـ الإسلامية فعله عبر أكثر من ثلاثة شهور، هو عقد اجتماعات يتيمة بين الحين والآخر، لإصدار بيانات احتجاجية متواضعة، وإرسال وفود إلى هذه الجهة أو تلك، لتستجدي ولتعود خالية اليدين وغير مسموعة الكلمة؟
بل يتساءل البعض، هل إن بعض ما صرح به عدد من المسؤولين الأمريكيين والصهاينة من أنهم سمعوا في الغرف المغلقة من بعض المسؤولين العرب موافقتهم على استمرار الحرب الإجرامية في غزة، إلى أن يهزم الفصيل الفلسطيني المقاوم، وحتى لا يبقى له وجود سياسي بعد اكتمال هذه الإبادة الصهيونية الدموية، يتساءلون هل أن تلك التصريحات صحيحة، خصوصاً أن المواطنين العرب لا يسمعون ولا يقرأون تكذيباً لمثل هذه الأقاويل، أو احتجاجاً لدى وزارات خارجية البلدان التي ينتمي المصرّحون إليها؟
لا يستطيع أحد أن يقنعنا بأن الكتلة العربية ـ الإسلامية، التي يزيد عدد أعضائها عن الخمسين دولة والتي لديها إمكانيات سياسية واقتصادية وإستراتيجية هائلة، لا تستطيع أن تفعل أكثر من ذلك لمنع إذلال وحرق وقتل شعب فلسطين في غزة، بل في سائر أنحاء فلسطين المحتلة… هذا الشعب الذي يواجه هولوكوست وجحيما همجيا لم يعرف العالم له مثيلاً طيلة عصرنا الحديث.
لسنا فقط أمام بعبع خارجي يمنع القوم من فعل أكثر من ذلك، ومن ممارسة سلوك أنبل من ذلك، وأنما نحن أمام مصيبة فضائحية سياسية وقيمية، وأمام كارثة التزامية مشتركة، لم يعرف مثلهما تاريخ العرب الطويل، لا التاريخ القديم ولا التاريخ الحديث على حدّ سواء.
ويزداد المشهد قتامة وهولاً، عندما يضاف إلى ذلك السؤال السابق السؤال الثاني التالي:
ألا تشعر الكتلة العربية المشتركة، وعلى الأخص الجامعة العربية، بالأخطار الهائلة التي يواجهها الشعب العربي الشقيق السوداني، التي تهب على مجتمعه السوداني كعواصف مدمرة من جراء الصراع الدموي بين جيش السودان، ومجموعة من الميليشيات التي تجيّشها وتمولها وتسلحها قوى داخلية وخارجية تسعى إلى الاستيلاء على ثروات السودان وخيراته من خلال النهب والتجزئة وإثارة المشاعر العنصرية والقبلية؟
إن عدم مساعدة شعب السودان الشقيق من قبل سنده العربي، الممثل حالياَ بالكتلة العربية – الإسلامية سيقود إلى تجزأته، بل حتى إلى تدمير هويته العروبية من خلال هجرة كبيرة إليه من الملايين من غير العرب، الذين ينتظرون على حدوده الآن، فهل يريد العرب إضاعة السودان مثلما أضاعوا فلسطين؟
ولا يحتاج الإنسان للتذكير بأن هناك مشاريع متعددة جاهزة لتجزئة العديد من الأقطار العربية باسم شتى المبررات، وشتى الشعارات الكاذبة التي يطرحها الغرب الاستعماري والكيان الصهيوني لإبقاء هذه الأمة، كل هذه الأمة، في الفوضى التي تعيش جحيمها حالياً.
أهمية إبراز جوانب مثل هذه المواضيع الكارثية لا تكتمل، إلا إذا كانت جزءاً من التوعية السياسية الوحدوية العروبية، التي يجب أن تترسخ في وجدان شابات وشباب الأمة، ليدركوا أن عدم قيام وحدة عربية تضامنية جادة وغير مظهرية سيبقى مثل تلك المشاهد السابقة مشهداً يتكرر عبر مستقبل وطن العرب وعبر كل أقطاره.
وبالطبع هناك عشرات المواضيع المماثلة الأخرى التي تنطبق عليها تلك العلاقة التي وصفنا، بين الأحداث التي يرونها أمامهم يومياً، والمبادئ والسلوكيات القومية العروبية المطلوبة لإخراج هذه الأمة من محنها وتخلفها.
تلك أمثلة مما يجري في الوطن العربي، أما بالنسبة لما تواجهه البشرية حالياً فإن القائمة أطول وأخطر وأعقد، لكن ما يجب أن يدركه شباب وشابات الأمة، هو أن لكل ما تواجهه البشرية من إشكالات مادية ومعنوية، ويتحدث عنها كبار مفكري الغرب وفلاسفته ومراكز بحوثه، ارتباطا شديدا بكل ما يواجهه الوطن العربي.
من هنا الأهمية القصوى ليكون وعيهم الفكري والثقافي والسلوكي وعياً شمولياً أفقياً، وإلا فانهم لن يتمكنوا من قيادة الحراكات السياسية الجماهيرية العربية الكبرى مستقبلاً. وسنحاول أن نبرز بعضاً من قضايا العصر المترابطة في كتابات مستقبلية.
لكننا نؤكد لشباب هذه الأمة، بأن فهم ما يواجهه وطنهم العربي، وما يواجهه العالم سيحتاج إلى تنمية وامتلاك ثقافة من نوع جديد، واتساع كبير وعميقة التأثير لا تقدمها لهم مع الأسف أغلبية وسائل التثقيف الجماهيرية الموجودة حالياً ولا تتعامل معها بشكل جيد حتى البرامج الأكاديمية الجامعية التي يدرسونها، ولذلك فإنها ستحتاج إلى جهود شخصية كبيرة إضافية، وإلى مؤسسات توعوية من نوع جديد.
المستقبل مليء بالتحديات الكبرى، ولكنه أيضاً مليء بالإمكانيات الهائلة التي تنتظر جيل المستقبل. نقول ذلك رغم أصوات التشاؤم المتصاعدة التي تملأ الأرض حالياً.
*د. علي محمد فخرو سياسي بحريني وكاتب قومي عربي
المصدر | الشروقالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الثقافة السودان فلسطين المقاومة غزة مواجهة الكوارث ميليشيات الدعم السريع الحرب الإجرامية في غزة الإبادة الصهيونية الکتلة العربیة ما یواجهه هذه الأمة
إقرأ أيضاً:
وزير الإسكان يتجه إلى جمهورية الجزائر الشقيقة للمشاركة في فعاليات مجلس وزراء الإسكان العرب ومؤتمر الإسكان العربي الثامن
غادر المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، اليوم، القاهرة متجهًا إلى جمهورية الجزائر الشقيقة، على رأس وفد من مسئولي وزارة الإسكان، لتمثيل جمهورية مصر العربية في فعاليات الدورة الـ41 لمجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب، وكذا المشاركة بمؤتمر الاسكان العربي الثامن للإسكان والتنمية الحضرية المستدامة تحت شعار "العمران والبناء المستدام: تحديات وآمال واعدة " باستضافة كريمة من الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، والمقام على هامش دورة المجلس خلال الفترة 17 - 19 ديسمبر الجاري، وسط دعوات حضور واسعة.
ويضُم الوفد المصري المهندسة نفيسة محمود هاشم، مستشار الوزير - المشرف على قطاع الإسكان والمرافق، والدكتور عبدالخالق إبراهيم، مساعد وزير الإسكان للشئون الفنية، والمهندس مصطفي النجار، رئيس قطاع الإسكان والمرافق، والمهندسة جهاد هشام، والسيدة/ هبة الله جمال، منسقي الاتصال بين وزارة الإسكان والأمانة الفنية للمجلس.
ومن المقرر أن يلقي المهندس شريف الشربيني، كلمةً افتتاحية في اجتماع الدورة الـ41 لمجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب يشير فيها إلى النهضة العمرانية الشاملة التي شهدتها مصر في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وسبل تبادل الخبرات والتعاون، وجهود مجلس وزراء الإسكان العرب خلال دوراته السابقة في مجالات تعزيز آليات التعاون العربي المشترك، وتوحيد الرؤى المشتركة تجاه القضايا والتحديات التي تتعلق بالإسكان والتنمية العمرانية، وكذا الجهود التي تبذلها الدولة المصرية ممثلة في وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، في سبيل توفير السكن الملائم، وتطوير السياسات والنظم والتشريعات، ووضع خُطط طموحة ترتكز على استراتيجيات علمية وعملية من خلال رؤى واضحة لتلبية احتياجات المواطنين في الحصول على المسكن الملائم والخدمات الجيدة.
كما أنه من المقرر أن يُشارك الوفد في فعاليات المؤتمر، والذي ستعقد جلساته الافتتاحية صباح غدٍ الثلاثاء ضمن الفعاليات، تحت رعاية السيد/ نذير العرباوي، الوزير الأول - رئيس الحكومة الجزائرية، والسيد/ محمد طارق بلعريبي - وزير السكن والعمران والمدينة بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وبمشاركة لفيف من وزراء الإسكان العرب وكبار مسئولي الإسكان في الدول العربية والمختصين والأكاديميين.
وقد حرص مسئولو وزارة الإسكان بمصر، أن يكون للوزارة تواجد قوي وفعال ضمن المعرض المصاحب للمؤتمر، والذي سيتم افتتاحه بحضور وزراء الإسكان من الدول العربية ومسئولي وقيادات الإسكان من الجهات والمنظمات ذات الصلة، وسوف يستعرض الجناح المصري عددًا من المشروعات القومية في مجال الإسكان والتنمية العمرانية والتى تنفذها الوزارة في سبيل النهضة بالعمران المصري.
وفي إطار أعمال المجلس، سيتسلم المهندس شريف الشربيني، الجائزة الممنوحة لجمهورية مصر العربية عن مشروع "روضة السيدة" ضمن جائزة المشروع السكني المنفذ، واستكمالا لأعمال المجلس من المقرر عرض فيلم وثائقي عن أحد مشروعات الوزارة الرائدة في مجال الإسكان، علاوةً على استعراض الدراسة التي تعدها مصر بالتعاون مع الدول العربية بعنوان " تجارب السكن الاجتماعي في الدول العربية".
وسوف يشارك الوفد المصري في جلسات ومحاور المؤتمر بتقديم أوراق وطنية حيث تقدم المهندسة/نفيسة هاشم - ورقة بعنوان " الحوكمة... الاستدامة بالتشريعات والقوانين المنظمة للبناء بجمهورية مصر العربية"، والدكتور عبدالخالق إبراهيم، ورقة بعنوان "الاستراتيجية الوطنية للعمران والبناء الأخضر في مصر: الإجراءات التنفيذية وبعض الدروس المستفادة".
ومن المقرر بنهاية المؤتمر أن يتم إعلان أهم النتائج والتوصيات التي أسفرت عنها الجلسات والنقاشات العلمية من خلال جلسات المؤتمر ومحاوره.