بلومبيرغ: البضائع المحلية في الشرق الأوسط تستفيد من حركة المقاطعة
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرا قال فيه إن حملة مقاطعة العلامات التجارية الأمريكية مثل ستاربكس وكوكا كولا، عززت من المنافسين المحليين لها في الشرق الأوسط. فمنذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، توقفت نيّرة أحمد، 19 طالبة علوم الاتصال في القاهرة عن الذهاب إلى مقهى ستاربكس القريب منها، لأن اسم المقهى ظهر على قائمة العلامات ومحلات الوجبات السريعة التي وزعت على منصات التواصل في مصر لمقاطعتها.
وقالت "اعتدت أنا وصديقاتي على الذهاب على ستاربكس في كل وقت، والآن، أصبح الشراء منه يمثل عارا، هذا أقل ما يمكنني أن أفعله، لماذا علي الشراء من العلامات الأجنبية؟".
واندفع الكثيرون في العالم العربي والعالم الإسلامي مثل باكستان، بغضب ضد الولايات المتحدة وأوروبا لعدم الضغط على إسرائيل ووقف الحرب على غزة، حيث توقفوا عن شراء العلامات الأجنبية بشكل خفض من مبيعات بعضها وخلق صداع علاقات عامة للأخرى.
وقالت شركة تصنيع مشروبات غازية محلية في مصر إن مبيعاتها تضاعفت ثلاثة أضعاف لأن المستهلكين رغبوا عن شراء الكوكا كولا وبيبسي. وحذر في الأسابيع الماضية، المدير التنفيذي لمجموعة ماكدونالدز، كريس كيمبنجنسكي بأن شركته "لاحظت ردة فعل تجارة حقيقية" في الشرق الأوسط نظرا لحملات التضليل الإعلامي التي نشرت عنها.
وفي الوقت نفسه، تراجعت حصة سلسلة مطاعم أمريكانا الدولية، وهي الشركة المسؤولة عن دجاج كنتاكي، وبيتزا هات وكريسبي كريم، وهارديز في الشرق الأوسط، بنسبة 27% في سوق البورصة السعودية وفي الفترة التي أعقبت الحرب، حيث توقع محللون أن مبيعاتها ستتأثر بسبب الحرب. وهي ردة فعل تعكس عصرا جديدا في كيفية إدارة الأزمات في عالم الماركات الاستهلاكية الكبرى حيث يخلط المشترون الغاضبون بين التجارة وسياسات الحكومات.
وأصدرت عدة شركات بيانات أكدت فيها حياديتها السياسية، إلا أن حركة المقاطعة تزايدت منذ اندلاع الحرب وعلامات عن انتشارها الواسع.
وقال فواز جرجس، أستاذ سياسات الشرق الأوسط في مدرسة لندن للاقتصاد إن عمليات المقاطعة مثيرة لأنها كثيفة وعابرة للدول ويقودها السكان الشباب و "حتى الآن، سواء ماكدونالدز أو ستاربكس، فقد تضررتا"، مضيفا أن الشبان هم من الذين ينفقون بشكل واسع وواعون بما يجري وناشطون جدا.
وفكرة أن الولايات المتحدة تحابي إسرائيل "تؤثر في الحقيقة على هذه الشركات لأن أمريكا متواطئة ومدراء الشركات هم جزء من الإمبراطورية الأمريكية التجارية والمالية والقوة الناعمة".
وفي ظل الاضطرابات الجيوسياسية المتصاعدة، تواجه الماركات العالمية مشكلة التعامل مع سيناريوهات استقطابية تسهم في تكبيرها منصات التواصل الاجتماعي. وسحبت شركات ماكدونالدز وكوكا كولا عملياتها من روسيا خلال العامين الماضيين بسبب النقد الدولي لغزو الرئيس فلاديمير بوتين لأوكرانيا.
ويمنح الشرق الأوسط الماركات عشرات الملايين من المستهلكين الشباب ودفع النمو، في وقت تعاني الأسواق المتطورة من حالة إشباع. لكن المنطقة تضع وبالتحديد صعوبات عملياتية وسياسية.
وفي الأردن، لا تزال محلات ستاربكس وماكدونالدز فارغة بشكل عام، مع أن المقاطعة بدأت في تشرين الأول/أكتوبر.
ويرى المارة عادة كراسي فارغة وأكشاك يشغلها العمال والباعة وهم في حالة استرخاء.
وفي المتاجر بالأردن تم وضع علامة على العلامات الأجنبية تصفها بـ"سلع مقاطعة".
وفي الكويت، فمقاهي ستاربكس الحافلة بالزبائن لا يدخلها إلا أعداد قليلة منذ بداية الحرب. ودعمت المقاطعة مبيعات المقاهي المحلية.
وفي رد على سؤال لبلومبيرغ أحالت ستاربكس إلى بيان لها قالت فيه "ليست لدينا أجندة سياسية ولا نستخدم أرباحنا لتمويل أي حكومة أو عمليات جيش في كل مكان ولم يحدث أبدا" وليس لديها محلات في إسرائيل.
وقال مارك كالينوسكي، مدير إيكويتي ريسريتش إن تأثر المبيعات، قد يحد من شهية الماركات المعروفة للتوسع في الشرق الأوسط، مع أن التنوع الجيوسياسي لماركات مثل ماكدونالدز قد يترك أثره على النتائج الإجمالية.
كن أصحاب شركات محلية قالوا إن المقاطعة للعلامات الأجنبية ترك أثرا إيجابيا على مبيعاتهم.
وقال معاذ فاعوري، صاحب سلسلة مقاهي إسطرلاب إنه يحاول التقليل من المنتجات الأمريكية والفرنسية قدر الإمكان والاستعاضة عنها بمواد محلية.
وقال إن تجارته ازدهرت بأماكن في عمان بعد المقاطعة بنسبة 30%.
وفي مصر زادت مبيعات مشروبات "سبيرو سباتس" التي تعود إلى 100 عام والتي كانت تعاني من مشاكل بسبب عدم الإقبال عليها.
وقال مديرها التجاري يوسف عطوان "فجأة، تلقينا طلبات متزايدة من المتاجر والمطاعم التي تحاول التعامل مع الطلب" و "يذهب العملاء إلى المطاعم إما للسؤال عن ماركتنا أو يرفضون تناول الماركات على قائمة المقاطعة".
ويبلغ عدد سكان مصر 105 مليون نسبة 60% منهم تحت سن الثلاثين. وتواجه الماركات حماس المستهلكين، فقد توقفت سارة المصري عن شراء قطع التنظيف الخاصة بجلاية الصحون، حيث كانت تستخدم ماركة "فيري" التي تصنعها شركة بروتيكتر أند غامل كو والتي وضعت على قائمة المقاطعة. وقامت باختراع مادة التنظيف بنفسها كبديل عن المادة السابقة.
وفي تركيا، دفع المسؤولون لمقاطعة كوكا كولا، مع أنه متوفر في المطاعم والمتاجر. وطالب البرلمان التركي في تشرين الثاني/نوفمبر بإزالة كوكا كولا من كافيتريات البرلمان.
وسنعرف أثر المقاطعة عندما تعلن شركات الصودا الأمريكية عن أرباحها في شباط/فبراير. إلا أن التوزيع انخفض في تركيا بنسبة 22% مما أثار القلق.
وظهرت آثار المقاطعة في كل من مصر والأردن والكويت. وفي الإمارات لم يحدث أي أثر دراماتيكي. وقامت بعض المحلات باتخاذ موقف، حيث استبدل مطعم بيت مريم في دبي كل المشروبات الغازية بمشروبات غازية محلية الصنع في تشرين الأول/أكتوبر.
وقال متحدث باسم الشركة أن الزبائن يدعمون الخطوة.
وفي السعودية، أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، من الصعب تقييم أثر المقاطعة. وكانت هناك دعوات قليلة على منصات التواصل للمقاطعة في المملكة، إلا أن عددا من السلاسل للماركات الأمريكية التي زارتها بلومبيرغ كانت فارغة نوعا ما.
وانتشرت مشكلة الماركات وبخاصة الأمريكية أبعد من الشرق الأوسط، حيث وزعت في باكستان قوائم لماركات معظمها أمريكية وأنها منتجات إسرائيلية. وظهرت علامات أخرى أوروبية مثل كارفور الفرنسية التي دخلت إسرائيل العام الماضي عبر شريك محلي على قوائم المقاطعة الفلسطينية لإسرائيل والتي تطالب بالمقاطعة التجارية والثقافية لإسرائيل والمستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية مقاطعة ماكدونالدز امريكا احتلال مقاطعة ماكدونالدز طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
ما خسرته إيران ربحه العرب
آخر تحديث: 22 يناير 2025 - 9:42 صبقلم: فاروق يوسف إذا كانت لديك مشكلة في لبنان فعليك الذهاب إلى إيران التي لها رأي لا يستهان به في مستقبل سوريا. أما حركة حماس فإنها لا تخطو خطوة واحدة إلا بعد أن تعرضها على الولي الفقيه. ذلك كله صار من الماضي. لقد تم فك الأنشوطة الإيرانية التي لُفّت حول رقبة الشرق الأوسط. أما العراق فإنه وإن كان يبدو كما لو أنه حكاية أخرى فإن مستقبله الإيراني على وشك الأفول. إيران اليوم تفكر في مستقبلها لا في مستقبل العراق. لم يعد العراق جزءا من أوراقها التي تمارس من خلالها الضغط على الولايات المتحدة التي لم تعد من جهتها مالكة لقرار التمسك به أو التخلي عنه. لقد دخلت إسرائيل على الخط بعد أن صار استهدافها من العراق عملا تحريضيا إيرانيا. وهكذا لم يعد التفكير في صورة الشرق الأوسط الجديد بنسخته الأميركية ملزما بقدر ما صارت ضرورات الأمن الإسرائيلي هي التي ترسم الخرائط السياسية لمنطقة آن لها أن تستريح من الصداع الإيراني الذي هو عبارة عن متاهة، كل دروبها مغلقة. بين السابع من أكتوبر عام 2023 والسابع من ديسمبر عام 2024 امتد خط الزلزال الذي اعتقدت إيران أن نتائجه ستكون لصالحها. فعلت ما كانت تراه مناسبا لمستقبلها في المنطقة وكانت تعرف أنها لن تخسر شيئا على مستوى وجودها السياسي داخل أراضيها. غامرت إيران بالآخرين الذين أبدوا استعدادا للانتحار من أجلها. غير مرة نفت إيران صلتها بما حدث في غزة كما أن حسن نصرالله زعيم حزب الله السابق كان قد أكد مرارا أن إيران لم تأمره بشن حرب على إسرائيل. وقد لا تكون إيران قد أخبرت بشار الأسد بأن موعد رحيله عن السلطة بات قريبا بعد أن تم استبعادها من الصفقة الأميركية – الروسية التي قامت تركيا بتنفيذ بنودها على الأرض السورية. نكون سذجا إذا ما اعتقدنا أن علي خامنئي كان مهتما بمصير بشار الأسد. لقد تم استهلاك الفصل السوري من الحكاية سريعا بعد أن فقد الإيرانيون وبشكل نهائي درة تاجهم في المنطقة وهو حزب الله الذي بات نسيا منسيا بالنسبة إلى صناعة القرار في لبنان. هل يعني ذلك أن إيران في طريقها إلى المسافة صفر من مشروعها التوسعي الذي ظن البعض أنه صار واحدة من الحقائق الراسخة في منطقة الشرق الأوسط؟ بالنسبة إلى صناع القرار السياسي والعسكري ومنفّذيه لم تكن هناك إمكانية لإعادة رسم الخرائط السياسية في المنطقة إلا إذا كانت تلك العملية تُجرى لصالح تكريس النفوذ والهيمنة الإيرانية إلى زمن ليس بالقريب. كان الحديث عن إمبراطورية فارس التي عادت إلى الوجود وهي تطل على بحرين وتتحكم بخط سير جزء مهم من التجارة العالمية هو واقع حال لا يقبل جدلا بحيث صار أنصار إيران ينتظرون الساعة التي يعترف فيها العالم بها قوة إقليمية عظمى تستأذنها القوى الكبرى في ما يتعلق بالشرق الأوسط. ربما كان السلوك الروسي بما انطوى عليه من نفاق سياسي قد وهبها مكانة لا تستحقها حين كانت جزءا من مباحثات كانت تُجرى لتصريف الشأن السوري. وربما لعبت الولايات المتحدة دورا في تكريس ذلك الوهم حين ظلت تغض النظر عن الأبواب العراقية المفتوحة على إيران لإنقاذ اقتصادها. لقد ظن الكثيرون أن مستقبل الشرق الأوسط سيكون موزعا بين ثلاث قوى، إيران وإسرائيل وتركيا. تلك قراءة تلغي بشكل تام تأثير العامل العربي، وعلى أساسها لن يكون العرب سوى كتلة بشرية لن يكون لها دور في التأثير على مستقبل الشرق الأوسط الجديد الذي ليست فكرة التبشير بولادته جديدة، بل تعود إلى عقود ماضية. تلك قراءة أثبتت أنها لا تتمتع بالعمق والدراية والتمعن في المستجدات التي يمكن أن تقع بطريقة صادمة كما حدث حين سمح المجتمع الدولي لإسرائيل بأن تفعل ما تراه مناسبا لأمنها وبالطريقة التي تناسبها بل والأنكى من ذلك أن جزءا مهما من العالم فتح لإسرائيل مخازن أسلحته ليعينها في مشروعها. إذا كان موقف الولايات المتحدة وأوروبا محسوما لصالح إسرائيل فماذا عن موقفي الصين وروسيا؟ ما صار واضحا أن هناك قرارا دوليا يقضي بإعادة إيران إلى حدودها وإنهاء أسطورتها التي لم تكن سوى ورقة خاسرة في لعبة هي أكبر منها بل وحتى أكبر من تركيا أما إسرائيل وهي دولة صغيرة، قليلة السكان فإن ما يهمها سوى أن يكون لها مكان آمن في ذلك الشرق التي تعرف أنها لن تقوى على حكمه. وما لا يمكن إنكاره أن الجهد العربي في إفشال المشروع الإيراني سيعيدهم إلى الخارطة السياسية بطريقة تتناسب مع رغبتهم المؤكدة في صنع مستقبل حيوي للمنطقة بعيدا عن الشعارات الجوفاء.