يمانيون- متابعات
نشرت المقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله، اليوم الجمعة، مشاهد استطلاعٍ جوي التقطتها مُسيّراتها لنقطة تموضع منصات الإطلاق الصاروخي الصهيونية “القبة الحديدية”، والتي استهدفتها أمس الخميس في مستوطنة “كفر بلوم” داخل فلسطين المحتلة.

وفي وقتٍ سابق اليوم، استهدفت المقاومة الإسلامية في لبنان، ثكنة “معاليه غولان” في عمق الحدود الفلسطينية المحتلة، مرتين منفصلتين.

وقالت المقاومة، في بياناتٍ مقتضبة منفصلة نشرتها: إنّ مجاهديها استهدفوا عند الساعة 4:10 من بعد ظهر اليوم ‏تجمّعات وانتشار جنود العدو في ثكنة “معاليه غولان” ومحيطها برشقةٍ كبيرة من صواريخ “‏الكاتيوشا”.

وأشار البيان إلى أنّ الاستهدافات جاءت داعماً للشعب الفلسطيني الصامد ومقاومته الباسلة.

أما الاستهداف الأول للثكنة الصهيونية، فقد وقع عند الساعة 1:00 ظهراً، إذ أعلن حزب الله أنّ الاستهداف تمّ باستخدام صواريخ من طراز “فلق 1”.. محققاً إصاباتٍ مُباشرة.‏

وصباح اليوم، أعلنت المقاومة الإسلامية في لبنان عن استهدافها تجمعاً ‏لجنود “جيش” العدو الصهيوني، في محيط قلعة هونين عند الحدود مع فلسطين المحتلّة.. مشيرةً إلى أنّ الاستهداف جرى بالأسلحة المناسبة.

من جهتها، ذكرت وسائل إعلام العدو الصهيوني أن ثمانية صواريخ أطلقت من لبنان باتجاه مزارع شبعا المحتلة ومواقع عسكرية صهيونية.. مشيرة إلى سقوط صواريخ في منطقة المالكية من دون تفعيل صفارات الإنذار.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

“الثورة نت” ينشر نص كلمة قائد الثورة حول آخر التطورات في غزة والمستجدات الإقليمية والدولية

الثورة نت/

نص كلمة قائد الثورة حول آخر التطورات في غزة والمستجدات الإقليمية والدولية..الخميس 2 رجب 1446هـ/ 2 يناير 2025م

أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ

بِـسْــــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَــنِ الرَّحِـيْـمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

في بداية الكلمة، أتوجه إلى شعبنا اليمني المسلم العزيز، بالتهاني والتبريكات بمناسبة قدوم جمعة رجب، الجمعة الأولى من شهر رجب، التي هي من المناسبات المباركة لشعبنا اليمني المسلم العزيز، وهي محطةٌ تاريخية من المحطات التاريخية الخالدة لشعبنا العزيز، وهي أيضاً صفحةٌ مشرقةٌ وضاءةٌ من تاريخه المجيد.

ونتحدث فيما استجد فيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي، الإجرامي، الوحشي، على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وما يرتبط بذلك من أحداث.

العدو الإسرائيلي يواصل إبادته الجماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، على مدى خمسة عشر شهراً، وللأسبوع الخامس والستين، وهو مستمرٌ في مجازره اليومية، التي قد بلغت إلى الآن أكثر من (أربعة آلاف مجزرة)، في هذا الأسبوع ارتكب العدو الإسرائيلي أكثر من (عشرين مجزرة)، واستشهد وجرح فيها أكثر من (تسعمائة فلسطيني)، أغلبهم من الأطفال والنساء.

من أبرز جرائم العدو في هذا الأسبوع: جريمة إحراقه وتدميره لمستشفى كمال عدوان، وإنهاؤه الخدمة الطبية فيه بشكلٍ كامل، حيث قام العدو بالاقتحام للمستشفى على من فيه من المرضى، والجرحى، والكوادر الصحية، والاعتداء عليهم بكل أشكال الاعتداء: من قتلٍ، وضربٍ… وغير ذلك، ثم قام باقتيادهم إلى أماكن مجهولة، بعد أن جردهم من الملابس، واعتدى حتى على الممرضات بما يسيء إلى كرامتهن، وقام بالتهجم عليهن، والضرب لهن.

العدو الإسرائيلي قام بإحراق المستشفى بكل جرأةٍ ووقاحة، في جريمة مكشوفة، ثم أنهى الخدمة الطبية فيه بشكلٍ نهائي، سبق ذلك- وعلى مدى أسابيع- الاستهداف المستمر من العدو الإسرائيلي للمستشفى بالحصار، ومنع المستلزمات الطبية والدواء عن المستشفى، وبالقصف المتكرر بأنواع متعددة من السلاح، بما فيها الطائرات المسيَّرة، والتدمير لمحيطه بالروبوتات المفخخة، وارتكب جرائم فظيعة في كل تلك المراحل، وفي أثناء اقتحامه للمستشفى.

وهكذا يرتكب العدو الإسرائيلي مثل هذه الجرائم على مرأى ومسمعٍ من العالم، الأهداف الأساسية لعدوانه وتدميره هي المستشفيات، وأيضاً الشعب الفلسطيني في خيم النزوح، في المباني السكنية، في المدن… في كل مكان.

يستمر أيضاً بالقتل لأبناء الشعب الفلسطيني في خيم النزوح، وفي المباني السكنية، وفي الشوارع والطرقات، وفي المدارس… في كل مكان، يواصل القتل الجماعي، والقتل بالمتفرق، ويواصل التجويع؛ للإبادة بالتجويع كوسيلة من وسائل الإبادة، فيسعى لمنع الطعام عن الشعب الفلسطيني، ولا يدخل منه إلا كمياتٌ ضئيلةٌ جداً، والكثير من تلك الكميات ليس من المواد الغذائية الأساسية، التي يحتاجها الناس للحياة، بل يكون جزءٌ منها من المعلبات التي هي في نطاق الكماليات، والبعض منها منتهيةٌ صلاحيته، وفاسد، ثم ما بعد وصولها، هناك الاستهداف لأبناء الشعب الفلسطيني أثناء التجمع عليها، هناك أيضاً دفعٌ بالعصابات الإجرامية من العملاء والخونة لمحاولة النهب للبعض منها، فالمشاكل التي يواجهها الأهالي في قطاع غزة على القليل القليل من المساعدات التي تدخل بشكلٍ نادر هي كثيرة.

وتعاظمت أيضاً معاناة النازحين مع شدة البرد، ومع الأمطار في خيم النزوح المهترئة، والتي كثيرٌ منها في مناطق مَصَبَّات السيول، أو تجمعاتها، حيث يتعمد العدو الإسرائيلي أن يعلنها مناطق آمنة، ويعرضهم فيها لأضرار السيول من جهة، والبعض للأضرار أيضاً بالقرب من البحر، وهكذا أدَّت حالة البرد القارس والمعاناة الشديدة مع انعدام وسائل التدفئة، وكذلك الحالة التي يعاني منها النازحون، من الشح الشديد في توفر الملابس، والوسائل اللازمة للتدفئة، أدَّت إلى وفيات العديد من الأطفال؛ من شدة البرد، ومنهم الأطفال المواليد، البعض ممن توفوا نتيجةً لذلك من الأطفال المواليد، الذين ولدوا ليعانوا من لحظة ولادتهم بكل أشكال المعاناة.

هناك أيضاً معاناة الأسرى والمختطفين، وهي معاناة كبيرة جداً من التعذيب، والإهمال الطبي، والمضايقات… وكل أشكال الظلم، وأعلنت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني في هذا الأسبوع عن استشهاد خمسة أسرى من قطاع غزة، وهذا الرقم يضاف إلى ما سبقه من أرقام في المراحل الماضية.

هذا فيما يتعلق بقطاع غزة، مع بقية ما يعمله العدو هناك، وهو يستمر في نسف ما تبقى في شمال قطاع غزة من المباني السكنية، ويسعى باستمرار للتهجير القسري، ويريد أن يفرغ الشمال قطاع غزة ممن فيه من الأهالي.

فيما يتعلق بالاقتحامات للمسجد الأقصى، وتدنيس باحاته: يستمر الأعداء اليهود الصهاينة في ذلك، ويكاد يكون بشكلٍ أسبوعي، ويشارك بعضٌ من كبار مجرميهم في تلك الاقتحامات، التي يدنسون بها باحات المسجد الأقصى، ويمارسون طقوسهم الخرافية، والمسيئة، من الرقص، والأهازيج، التي هي مليئةٌ بالكفر والإساءة، ويطلقون من هناك أيضاً التهديدات لأبناء الأمة الإسلامية، وللشعب الفلسطيني.

أمَّا في الضفة الغربية: فالعدو الإسرائيلي يواصل كل اعتداءاته هناك: الاعتداءات بالقتل، والاعتداءات بالاختطاف، والاعتداءات بالتخريب، والاعتداءات بالتجريف.

ومع كل ذلك– وللأسف الشديد- تستمر الحملة التي تسمى بالأمنية، وهي حملة خوف وظلم، التي تُنَفِّذها السلطة الفلسطينية، والتي قد تجاوزت أسبوعين، وشملت القتل والحصار، والشيء المؤسف جداً أن تتورط السلطة الفلسطينية في سفك الدم الفلسطيني، وفي تحويل المعركة في الضفة فيما بين أبناء الشعب الفلسطيني، هذه مأساة تعاني منها أمتنا بشكلٍ عام، عندما يتَّجه البعض من أبناء هذه الأمة ليكونوا مقاتلين في صف العدو الإسرائيلي، ولخدمة العدو الإسرائيلي.

كان الأولى بالسلطة الفلسطينية، أن تُحرِّك جهازها الأمني لحماية أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة، ولو من هجمات قطعان المغتصبين، الذين يطلق عليهم [المستوطنون]، مع جرائمهم الكثيرة، واعتداءاتهم الكثيرة، وما الذي يفيدها، السلطة الفلسطينية ما الذي يفيدها بتلك العمليات التي هي خدمة للعدو الإسرائيلي، وليس لها أي إيجابية لصالح الشعب الفلسطيني إطلاقاً؟ هل السلطة الفلسطينية تعوِّل على أن مثل هذه الاعتداءات، وإثارة هذه المشاكل الداخلية في داخل المجتمع الفلسطيني والشعب الفلسطيني، سيكون لها أثر لخدمة القضية الفلسطينية، في المسار الوهمي، الذي كل آمالهم فيه سراب، في الوصول إلى السلام عبر المفاوضات، وعن طريق المفاوضات والصفقات السياسية؟ هذا وهمٌ كبير، والمفترض بالسلطة الفلسطينية، مع كل ما قد مضى، ومع ما هو حاصل، أن تكون قد استوعبت الدرس جيداً، وفهمت العدو الإسرائيلي بشكلٍ صحيح، فالعدو الإسرائيلي واضحٌ تماماً في أنه لن يسمح بقيام دولة فلسطينية، كرر هذا بوضوح في الكنيست، يتحدث كبار المجرمين في الكيان الصهيوني عن ذلك مراراً وتكراراً، ويؤكدون على ذلك، ثم خطواتهم العملية تشهد على حقيقة توجهاتهم، ومنها: الاستمرار في توسيع دائرة الاغتصاب والمصادرة للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، تحت العنوان المعروف: عنوان (الاستيطان والمستوطنات)، فهم يقضمون المزيد والمزيد من الأراضي في الضفة الغربية؛ لإقامة البور الاستيطانية، التي يغتصبون لها الكثير من الأراضي في الضفة الغربية، ويوسعون هذا النشاط، بحيث يأخذون نسبة واسعة من الضفة الغربية مع كل نشاط، مع كل بؤرة استيطان.

وإذا جئنا إلى السياق الزمني لأخذ العبرة والدرس، فالعدو الإسرائيلي لأكثر من سبعة عقودٍ من الزمن، يعني: سبعة عقود وستة أعوام منذ إعلان النبتة الشيطانية اليهودية الصهيونية، المحتلة لأرض فلسطين العربية، الغدة السرطانية المسمَّاة [إسرائيل]، والجرائم ترتكب بشتى أنواعها، منذ البداية، منذ بداية العدوان الصهيوني والاحتلال الإسرائيلي: القتل الوحشي والإبادة الجماعية، التهجير القسري لملايين الناس، لأبناء الشعب الفلسطيني، أصحاب الأرض، وأصحاب الحق، الاحتلال واغتصاب الأرض، الخطف والاعتقال والتعذيب بأسوأ أنواعه، التجويع، التدمير للقرى، والنسف للمنازل، وما قبله الاحتلال البريطاني؛ لـذلك فلأكثر من قرن من الزمان والشعب الفلسطيني يعاني من الاحتلال لأرضه، والمصادرة لحريته واستقلاله، ومن كل الممارسات الظالمة والإجرامية من قبل البريطانيين، ثم من خلفائهم المجرمون، الذين هم الصهاينة اليهود.

كل أنواع الإجرام استُخدم بحق الشعب الفلسطيني المظلوم، الذي يتم حرمانه من أبسط حقوقه الإنسانية والآدمية، التي تكفلها كل المواثيق والقوانين، فخلال كل هذه المراحل الزمنية، هل كان هناك خيار مجدٍ للمفاوضات، أو للمسار السياسي؟ أو هل أشفق أحدٌ من المؤسسات والمنظمات الدولية على الشعب الفلسطيني، واتَّجه اتِّجاهاً جاداً وفعلياً، يحقق النتيجة لصالح الشعب الفلسطيني واستعادة حقوقه؟ لا شيء من ذلك.

إذا كان الرهان على مجلس الأمن، فمجلس الأمن كم قد عقد من اجتماعات، مئات الاجتماعات في تاريخ القضية الفلسطينية دون أي ثمرة ولا جدوى، خلال العدوان على غزة أكثر من خمسين اجتماعاً دون أي نتيجة.

الأمريكي، الذي له الدور الأساس في إفشال أي قرار، وإلغاء أي قرار، وإسقاط أي قرار، يكون ولو حتى في صيغته، ولو حتى لم يخرج إلى الواقع التنفيذي، لكن أن يصبح قراراً معتمداً في مجلس الأمن، الأمريكي يتدخل ويستخدم الفيتو كما يسمونه، استخدمه خلال هذه الفترة في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لأربع مرَّات، ضد قرار إيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومرَّة ضد منح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة.

مجلس الأمن لم ينصف العرب والفلسطينيين في الصراع مع العدو الإسرائيلي، في كل هذه المرحلة التاريخية التي قد مضت، صدر أكثر من تسعين قراراً من الأمم المتحدة، كل تلك القرارات لم تجدِ شيئاً، ولم تنفع القضية الفلسطينية بشيء أبداً، وهي قضية واضحة، عادلة، مُحِقَّة، لشعبٍ معتدىً عليه ومستباح منذ قرنٍ من الزمان، لم تُعِد للفلسطينيين أيٌّ من حقوقهم الإنسانية والشرعية لهم في أرضهم، ولم تحفظ تلك القرارات دماءهم، الأمريكي وقف عقبةً كؤوداً، وعمل لتعطيل وتجيير أي دور للأمم المتحدة لصالح القضية الفلسطينية، واستخدم حق النقض لما يقارب ثمانية وأربعين مرَّة ضد قرارات تدين العدو الاسرائيلي.

في العام ثلاثة وسبعين من القرن الماضي، عرقل الأمريكي أول قرار، يشجب بقوة استمرار احتلال العدو الإسرائيلي للأراضي العربية التي احتلها في العام سبعة وستين، والأمريكي مستمرٌ في هذا السلوك، وهذا الأسلوب، في عرقلة أي قرار يقضي بوقف إطلاق النار، وتسهيل الوصول الفوري للخدمات الأساسية، والمساعدات الإنسانية في غزة.

فعلى ماذا يراهن البعض في السلطة الفلسطينية، عندما يقومون بموقفهم السلبي جداً والعدائي، ضد أي عمل مقاوم ومجاهد يتصدى للعدو الإسرائيلي؟ هل ينتظرون [ترامب]؟ [ترامب] ما الذي يريده [ترامب]؟ [ترامب] يعوِّل الإسرائيليون عليه لأن يضم لهم الضفة، أو أكثر الضفة بشكلٍ نهائي، ويتحدثون عن ذلك، [ترامب] الذي يستصغر الرقعة الجغرافية التي قد احتلها العدو الإسرائيلي، ويعلن منذ البداية أنه يريد توسيعها، يعني: يريد توسيع الاحتلال الإسرائيلي، والمصادرة للأراضي الفلسطينية والعربية، هذا ما هو حاصل، ليس هناك أي أفق لمسار سياسي، أو لمسار بعنوان السلام، في إطار الدوري الأمريكي، وفي إطار الأمم المتحدة، أو مجلس الأمن، أي أفق بعيداً عن المقاومة فهو لا يتضح أنه واقعي أبداً، الأطماع الإسرائيلية كبيرة، تمتد إلى البلدان العربية الأخرى.

هذا فيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي على فلسطين؛ ولـذلك ينبغي أن يكون هناك مساعٍ جاد، لوقف اعتداءات السلطة الفلسطينية على أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، والزجر لها عن هذا الانحراف، في المساندة للعدو الإسرائيلي، وفي القتال معه، والتذكير لها بكل ما قد قدمته من تنازلات كبيرة جداً فيما قد مضى، دون الوصول إلى نتيجة، الذي يبقى فعلاً، وله أفقه، وله ثمرته، وهو حقٌّ مشروع، هو: الجهاد في سبيل الله، والتصدي للعدو الإسرائيلي، والمقاومة للعدو الإسرائيلي، وهو حقٌّ مشروع، كيف يقال عنهم، من يتصدى العدو الإسرائيلي يقال عنه: بأنه خارج عن القانون؟!

فيما يتعلق بلبنان: لا يزال العدو الإسرائيلي مستمراً في خروقاته واعتداءاته، بما يشهد على ضرورة المقاومة؛ لأن العدو الإسرائيلي يتقدم إلى قرى لم يتمكن من التقدم إليها أثناء المواجهة، دون اكتراث بالجيش اللبناني، ولا بالاتفاق، ولا باللجنة المشرفة على تنفيذ الاتفاق؛ ولـذلك هو فيما يقوم به من تصرفات عدوانية، من تدمير ونسف للقرى والمساكن، وتجريف للمزارع، وتجريف للطرقات بطريقة دنيئة، تُبَيِّن مستوى الحقد والدناءة لدى العدو الإسرائيلي، الذي لا يقاتل بشرف، يتصرف تصرفات عدوانية دنيئة، ويستمر في عربدته وطغيانه.

في سوريا: يواصل العدو الإسرائيلي اعتداءاته، سواءً في غاراته الجوية، وبدأ يستهدف بها المواطنين السوريين (الأهالي)، كما حصل في بعض الغارات التي استهدف بها المواطنين، المراحل الماضية كانت مركَّزةً على كل القدرات العسكرية لسوريا، والآن ما بعد القدرات العسكرية التي دمَّرها ونسفها بالكامل، بدأ يتَّجه بالغارات حتى لاستهداف الشعب السوري.

يستمر أيضاً بالقضم للأراضي، بجرائم القتل للأهالي، بطرد أي موظفين حكوميين، ممن كانوا يتواجدون في بعض المدن وبعض المناطق، ويحاول أن يعزز من سيطرته وقبضته على ما قد احتله وسيطر عليه من الأراضي، يعامل أبناء الشعب السوري في تلك المناطق التي قد سيطر عليها بامتهان، ومن ذلك أنه يفتش حتى المخابز، مخابز الخبز يوقفها عن العمل، ويقوم بتفتيشها بحجة البحث عن السلاح، يحاول أن يُجَرِّد أبناء الشعب السوري حتى من السلاح الشخصي، ألَّا يمتلكوا أي سلاح أبداً، ويستمر في شتى معاملته السيئة لهم، والإذلال، وفرض القيود على حركتهم من منازلهم ومن قراهم… وغير ذلك من الممارسات.

في هذا السياق، كان هناك إعلان لأحد المجرمين، من كبار المجرمين ممن يسمون بـ [الوزراء]، يسمى بـ [وزير الاتصالات الصهيوني]، قال فيه، وهو يتحدث ويُعبِّر عن الأطماع الإسرائيلية، التي هي ضمن المشروع الصهيوني في الأساس، قال: [مستقبل أبواب القدس، التي تنير دربنا، هو أن نصل حتى أبواب دمشق]، وكلامه هذا جاد بالفعل، يعني: يُعبِّر عن أطماع، وعن توجهات، وعن مشروع صهيوني، يعمل عليه الصهاينة، ويهيئون له الظروف من جوانب متعددة، هم يعرفون كيف يعملون في الواقع العربي، كيف يفككون الشعوب، كيف يدفعون بأبناء شعوبنا وأبناء أمتنا إلى الصراعات تحت مختلف العناوين، وكيف يعملون- في نهاية المطاف- على استثمار كل النتائج.

أمام كل هذه الغطرسة والعربدة الإسرائيلية، اليهودية، الصهيونية، نجد الصمود الفلسطيني هو الموقف الذي يعبِّر عن الموقف الصحيح، والاتِّجاه الصحيح المشروع، بالاعتبار الديني، بالاعتبار الإنساني، بالاعتبار القانوني… وغير ذلك، والذي يُجسِّد الأخلاق والقيم الإنسانية والإسلامية.

يستمر الشعب الفلسطيني ومجاهدوه الأعزاء في قطاع غزة في صمودهم، وفي التصدي للعدو الإسرائيلي، ونفَّذت كتائب القسام في هذا السبوع (أربعة عشرة عملية) متنوعة:

منها: خمس عمليات استهداف لآليات العدو.
وخمس عمليات لاستهداف قواته الراجلة والمتحصنة.
وعملية قنص.
وعملية استهداف لطائرة أباتشي.
وعمليتي اقتحام لنقاط عسكرية.

عمليات قوية، وجريئة، وفدائية، وبطولية، وجهادية، في الوقت الذي يعاني فيه أبناء الشعب الفلسطيني والمجاهدون هناك من الحصار الشديد، والمعاناة الكبيرة جداً.

نفَّذت أيضاً سرايا القدس عدداً من العمليات، وكان من أبرزها: عمليات بالقصف الصاروخي:

منها: ما كان باتِّجاه يافا المحتلة.
ومناطق من المغتصبات في إطار مدينة القدس.
وأيضاً ما كان أيضاً باتِّجاه ما يسمى بغلاف غزة.

القصف الصاروخي، بعد خمسة عشر شهراً من العدوان الإسرائيلي، ومن شمال قطاع غزة المدمر بشكلٍ كامل، والذي اجتاحه وتوغل فيه العدو الإسرائيلي مراراً وتكراراً، هو رسالةٌ قويةٌ جداً ومهمة، تُعبِّر عن الصمود والثبات للشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعزاء، وشاهدٌ واضحٌ على مدى التماسك، والثبات، والصمود، للمجاهدين في قطاع غزة، وهذا فعلاً فيه شاهدٌ واضح لكل الذين لديهم رؤى أخرى، وتنظيرات أخرى، وينتقدون الشعب الفلسطيني، لم يتَّجه العرب بشكلٍ جاد إلى دعم هذا النموذج الصامد الثابت في قطاع غزة، ولو بالحد الأدنى؛ بل إن أولئك الإخوة المجاهدين في قطاع غزة مصنفون عند الكثير من الأنظمة العربية بأنهم إرهابيون، وهذا مؤسف، مؤسفٌ جداً! بدلاً من الدعم، يأتي التصنيف، فيما لا تجرؤ الأنظمة العربية أن تصنف العدو الإسرائيلي بكل ما قد فعله من إجرامٍ لا مثيل له، واستهانة كاملة بالحياة الإنسانية، لا يصنفونه بالإرهاب، والعداء الكبير منه للعرب جميعاً، للمسلمين بشكلٍ عام!

القصف الصاروخي له دلالة مهمة جداً، وشاهدٌ واضحٌ على فشل العدو الإسرائيلي، وهذه نقطة مهمة جداً، وتمثل انجازاً فعلياً وحقيقياً للإخوة المجاهدين في قطاع غزة.

هناك أيضاً عمليات أخرى فعَّالة، مؤثرة ومهمة، لبقية الفصائل المجاهدة في قطاع غزة.

على مستوى التضامن مع الشعب الفلسطيني بالتظاهرات، وهي الحد الأدنى مما يمكن أن تتحرك فيه بعض الشعوب، والبلدان، والجهات، ليكون لها صوتٌ يتضامن مع الشعب الفلسطيني ويناصره، ويتضامن مع مظلوميته ومأساته الرهيبة، وأيضاً يندد بالعدوان الإسرائيلي، وبكل ما له صلة باستمرار هذا العدوان، من دعمٍ وشراكةٍ أمريكية، وتواطؤٍ من بعض الدول والأنظمة، وكذلك تخاذلٍ في معظم العالم الإسلامي:

خرجت مظاهرة كبيرة في باكستان.
وخرجت مظاهرات وفعاليات متعددة في المغرب.
وخرجت مسيرة كبيرة في موريتانيا في عاصمتها، شارك فيها الآلاف من أبناء الشعب الموريتاني.
خرجت مظاهرة في تركيا، أمام قنصلية العدو الإسرائيلي.
وخرجت تظاهرات أردنية حاشدة، دعماً للشعبين الفلسطيني واليمني.
هناك مظاهرات أيضاً في بلدان غير إسلامية، في: بريطانيا، وفيرلندا، وإيرلندا، وأمريكا بالرغم من القمع، وبلجيكا، وفرنسا، والدنمارك، وألمانيا، وإيطاليا، والسويد، وكندا، والنرويج، وهولندا، وإسبانيا، وأستراليا.

ومع ذلك، ليس هناك حتى– في المجتمعات الغربية- ليس هناك إصغاء واحترام للصوت الإنساني، الذي يتضامن مع الشعب الفلسطيني، ويندد بالعدوان الإسرائيلي بشكلٍ مستمر، خلال كل هذه الأشهر، خلال خمسة عشر شهراً، ليس هناك من قبل الأنظمة الغربية إصغاء لهذا الصوت الإنساني.

في هذا السياق أيضاً، تأتي- في سياق الدعم للشعب الفلسطيني والمناصرة له- تأتي أيضاً ذكرى شهادة الحاج قاسم سليماني، وشهادة الحاج أبو مهدي المهندس “رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا”، والحاج قاسم سليماني كان له دورٌ مميزٌ جداً في نصرة الشعب الفلسطيني، وفي دعم المجاهدين في فلسطين، وعلى مدى فترة زمنية مهمة جداً، ومنذ تأسيس بعض الحركات الإسلامية المجاهدة في قطاع غزة وفي فلسطين، كان هناك تعاون كبير، واهتمام كبير، في إطار الدور المشرِّف للجمهورية الإسلامية في إيران في نصرة الشعب الفلسطيني، ودعم الشعب الفلسطيني، والوقوف مع الشعب الفلسطيني، وتبني هذه القضية، التي هي قضيةٌ إسلاميةٌ في الأساس، تُعنى بها كل الأمة الإسلامية، على كل المسلمين بمختلف بلدانهم- سواءً في المنطقة العربية وغيرها- مسؤوليةٌ دينيةٌ وإنسانيةٌ وأخلاقية تجاهها، هي قضية تعني الجميع.

البعض يهتم، ثم يُوجَّه إليه اللوم، ويُحَمَّل هو المسؤولية عن كل موقفٍ إيجابيٍ يقوم به، ويساء إليه، والبعض يتخاذل ويفرط، أو يتواطأ مع الأعداء، ويتبنى منطقهم، ويتبنى توجهاتهم ومواقفهم، ثم يريد أن يُقدِّم نفسه أنه هو الذي يمثل الموقف الإسلامي والموقف العربي، وهذا شيءٌ مؤسف!

الجمهورية الإسلامية، للعدو الإسرائيلي منها موقفٌ عدائيٌ شديد، لماذا؟ لأنها جزءٌ من هذه الأمة التي يعاديها الإسرائيلي، ويستهدفها العدو الإسرائيلي، ولكن مع ذلك أيضاً لإسهامها الكبير في نصرة القضية الفلسطينية، ودعم المجاهدين في فلسطين، ودعم المجاهدين في لبنان، وما تقوم به من مساندة لجبهات الإسناد، ولخدمة الشعوب العربية والإسلامية، في ظل هذا الصراع، وفي إطار هذا الموقف.

الحاج قاسم سليماني “رَحْمَةُ اللهِ تَغْشَاهُ” كان له دورٌ كبيرٌ حتى الشهادة؛ ولـذلك استهدفه الأمريكي؛ لأنه رأى فيه أنه يمثل عائقاً أمام نجاح الكثير من مؤامراته، المؤامرات التي يستهدف بها القضية الفلسطينية، ويسعى لتصفيتها بشكلٍ كامل، والمؤامرات التي تستهدف شعوب هذه المنطقة؛ ولـذلك يحسب للشهيدين العزيزين: الحاج قاسم سليماني، وأبو مهدي المهندس “رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا”، دورهما المميز والعظيم، في مواجهة المؤامرات الإسرائيلية والأمريكية، بما في ذلك المؤامرات التي تستهدف العراق، والشعب العراقي، ولا يزال هناك مسؤولية، مسؤولية على الحكومة العراقية، وعلى الشعب العراقي، في أن يكون للعراق موقفٌ قوي تجاه الجريمة الأمريكية، بالاستهداف لهما على أرض العراق، والانتهاك بذلك لسيادة العراق، وفي إطار المساعي الأمريكية لإحكام السيطرة على العراق بكل الوسائل.

فيما يتعلق بالإسناد اليمني، الذي هو إسنادٌ متكاملٌ للشعب الفلسطيني، ومجاهديه الأعزاء، في معركة (الفتح الموعود والجهاد المقدس)، وفي إطار المرحلة الخامسة من التصعيد، كان هناك عمليات كثيرة في هذا الأسبوع:

منها: القصف بصواريخ (فلسطين2) الفرط صوتية، وبصاروخ (ذو الفقار) البالِسْتِيّ، إلى: يافا المحتلة، واستهداف مطار [بن غوريون]، وعلى قاعدة [نيفاتيم] الجوية في صحراء النقب، ولمحطة كهربائية تابعة للعدو جنوب القدس المحتلة… وفي مناطق أخرى.
كان هناك أيضاً عمليات بالطائرات المسيَّرة.
وعملية أيضاً في البحار، عملية استهداف لسفينة حاويات اخترقت الحظر على العدو الإسرائيلي، وتم الاستهداف لها بعددٍ من الطائرات المُسَيَّرة شرقي البحر العربي.
كان هناك في هذا الأسبوع أيضاً عملية كبيرة ومهمة وقوية، بالاستهداف للمرة الثانية لحاملة الطائرات الأمريكية [ترومان] بـ (أحد عشر صاروخًا مُجَنَّحاً وطائرةً مُسَيَّرة)، وكان هذا بالتزامن كما في الأسبوع الماضي، يعني: كما في الأسبوع الذي قبل هذا الأسبوع، الأسبوع الماضي، كان هناك ترتيبات أمريكية، لشن عمليةٍ عدوانيةٍ واسعة على بلدنا، وتشمل عدداً من المحافظات.

كان هناك نجاح لهذه العملية:

أولاً: في إفشال ما يخطط له الأمريكي، ويرتب له من تنفيذ عملية واسعة عدوانية.
وهربت حاملة الطائرات، ومعها القطع البحرية التي كانت معها، إلى أقصى شمال البحر الأحمر.

العمليات في هذا الأسبوع نُفِّذت بـ: اثنين وعشرين صاروخاً بالِسْتِيّاً، وفرط صوتي، وَمُجَنَّحاً، وطائرة مُسَيَّرة.

كان هناك أيضاً عملية للدفاع الجوي، لإسقاط طائرة أمريكية [MQ9] في محافظة البيضاء، وأخرى في محافظة مأرب، وبذلك يبلغ عدد الطائرات المُسَيَّرة الأمريكية من هذا النوع المهم، والغالي الثمن، والذي يعتمد عليه الأمريكي كثيراً في نشاطه الاستطلاعي والعدواني، يبلغ العدد إلى (أربعة عشرة طائرة) من هذا النوع، خلال مرحلة الإسناد.

العمليات التي ينفذها بلدنا، بالصواريخ والطائرات المسيَّرة، لاستهداف العدو الإسرائيلي، ولاسيَّما خلال هذين الأسبوعين مع التصعيد القوي، في إطار الإسناد المكثف للشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعزاء في قطاع غزة، في المرحلة التي كان يحلم العدو الإسرائيلي فيها بالانفراد بالشعب الفلسطيني وقطاع غزة، لكنه فوجئ بتكثيف العمليات المساندة للشعب الفلسطيني من اليمن، عمليات لها تأثيرها الكبير، وفاعليتها الكبيرة، وهذا شيءٌ واضحٌ بالنسبة للعدو الإسرائيلي، سواءً في تصريح مجرميه، من مسؤولين، من ضباط، من قادة من كبار المجرمين، أو في وسائله الإعلامية وهي توصِّف هذه العمليات، وتتحدث عن هذه العمليات.

من ضمن ما يقولونه عن عمليات بلدنا:

يقولون: [أنها جعلت ملايين الإسرائيليين يقفزون من أسرتهم إلى الملاجئ كل ليلة].

وهذا بالنسبة لهم مشكلة حقيقية، يعني: لا ينامون بارتياح وهدوء، الملايين من الإسرائيليين يهربون في ملابس النوم، من على فراش النوم وأسِرَّة النوم إلى الملاجئ مذعورين، واستمرت هذه الحالة مع تكثيف العمليات واستمراريتها، وهم في حالة خوف شديد، يهلك البعض منهم وهم يتدافعون باتِّجاه الملاجئ.

يصفون اليمن بـ: [العدو المعقد للغاية، وبأن اليمن ليس عدواً عادياً].

وهذا شيءٌ إيجابي جداً بالنسبة لنا، يعني هذا: أن اليمن رسمياً وشعبياً بلدٌ متماسكٌ، وقوي، وثابتٌ، وصامدٌ، وجادٌّ، ونجاحه هذا كله هو باعتماده على الله، بثقته بالله، بتوكله على الله، بانتمائه الإيماني الأصيل، ويسعدنا كثيراً أن تكون هذه نظرة العدو إلينا؛ لأن نظرته إلى أكثر هذه الأمة، إلى أكثر شعوبها وأنظمتها، نظرة استهانة، نظرةً يرى فيهم أنهم بحيث يَسهُل أن يسحقهم، وأن يسيطر عليهم، وأن يتغلب عليهم، وأن يخدعهم، نظرته إليهم هي هذه النظرة.

أيضاً من التصريحات، ومما هو موجودٌ في الوسائل الإعلامية الإسرائيلية، فيما يقولونه عن اليمنيين والشعب اليمني: [أن اليمنيين يمثلون تحدياً لم نواجهه من قبل]، يعني: لم يواجهوه من قبل، [ولم نكن نعرف كيفية التعامل معهم].

فوجئوا بهذا المستوى الذي عليه شعبنا العزيز، وبلدنا رسمياً وشعبياً، من قوة الموقف، من الثبات، من الصمود، من الجرأة، من الشجاعة، وهذا كله- كما قلت- يعود إلى الانطلاقة الإيمانية لشعبنا، إلى ثقته بالله، إلى توكله على الله، إلى اعتداده بمعية الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ماذا يعني أن نكون مع الله، وأن يكون الله معنا؟ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}[الزمر:36].

يقولون أيضاً: [لا أحد في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يخدع نفسه، بأن الهجوم الجوي اليوم على اليمن سوف يردع الحوثيين، وينهي حرب الاستنزاف التي يشنونها ضدنا].

هذا في عدوانهم في الأسبوع الماضي، في يوم الخميس الماضي، يقولون: بأنه لن يجدي شيئاً، لن يمثل عامل ردع، ولا عامل ضغط، لإيقافنا عن موقفنا المساند للشعب الفلسطيني ومجاهديه.

يقولون أيضاً عن اليمنيين: [أن اليمنيين لا يتأثرون بالضربات، ولا شيء يمنعهم من مواصلة القتال ضد إسرائيل].

وهذا شيءٌ حقيقي، شيءٌ واقعي، فلا نحن نتأثر بالضربات فيما يؤثِّر على موقفنا، ولا شيء يمنعنا كذلك من مواصلة القتال ضد العدو الإسرائيلي، هو يرتكب أبشع الجرائم وأفظعها في قطاع غزة، يستهدف إخوتنا أبناء الشعب الفلسطيني، الذين نعتبرهم جزءاً منَّا كأمةٍ مسلمة، نعيش معهم الآلام، والأحزان، والأوجاع، الكثير من أبناء شعبنا اليمني يبكون، عندما يشاهدون مأساة الشعب الفلسطيني، وصراخ الأطفال، وصراخ النساء، والمعاناة الرهيبة، والمأساة التي لا مثيل لها، يتألمون جداً، ويترجمون هذا الحزن، إلى الشعور بمسؤوليتهم العملية، في أن يكون لهم موقفٌ عمليٌ فعليٌ جادٌ وصادق في نصرة الشعب الفلسطيني.

العدو الإسرائيلي يدرك أنه مهما اعتدى، مهما فعل، ومعه الأمريكي، ومعه البريطاني، ولو انضم إليهم من انضم، فذلك لن يؤثِّر على الموقف اليمني، ولن يدفع أبناء شعبنا العزيز إلى التراجع عن موقفهم الإيماني، المبدئي، الإنساني، الأخلاقي، والمهم والمشرِّف أيضاً.

يقولون أيضاً: [الحوثيون لا يُردَعُون].

يعني: هم يدركون أن مواقفهم لن تمثل، وعدوانهم على شعبنا وبلدنا لن يمثل أي عامل ردع أبداً.

يقول أيضاً خبيرٌ عسكريٌ صهيونيٌ عن المجتمع اليمني: [المجتمع اليمني مقاتلٌ، ومُسَلَّحٌ، وخطيرٌ للغاية].

وهذا التوصيف مهم، ومن المهم لشعبنا أن يكون هكذا. نحن في هذا الزمن الذي تستباح فيه الشعوب المستضعفة والمظلومة، وما الذي يدفع عنها خطر الأمريكي، أو خطر الإسرائيلي، وخطر من يدور في فلكهم؟ هل يمكن الرهان على الأمم المتحدة، أو على مجلس الأمن؟ لم يفعلوا شيئاً للشعب الفلسطيني، وهو مظلوم مظلومية واضحة تماماً، بل إن كبار المجرمين الصهاينة يسخرون من الأمم المتحدة، عندما تطلق موقفاً يتمثل بتوصيف معيَّن، توصيف فيه شيءٌ من الإنصاف للشعب الفلسطيني، فيوصِّف ما يجري على أبناء الشعب الفلسطيني بأنها جريمة ضد الإنسانية، أو جريمة إبادة جماعية، أو أياً من ذلك، أو تصدر منه شبه إدانة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يسخر منه كبار المجرمين الصهاينة اليهود، ويوبخون الأمين العام للأمم المتحدة، ويسيئون إليه، ويهددونه، ويقتلون العاملين التابعين للأمم المتحدة في قطاع غزة، دون أي مبالاة ولا اكتراث أبداً، يسخرون من المحكمة الجنائية الدولية، يستهزئون بها؛ لأنهم يدركون أن أيّاً من قراراتها لن يكون له أي مفعول عملي، في الاستجابة العملية؛ لأنه ليس موجهاً ضد أحد من العرب، كان الأمر سيكون فعالاً لو كان كذلك، ولكن ضدهم ليس له أي فعالية، وهكذا هم، ليس هناك ما يمكن أن تراهن عليه شعوب أمتنا، ولا أي شعب مستضعف في العالم، إلَّا أن يكون لديه هو القوة والمنعة، أن يتَّجه اتِّجاه الأخذ بأسباب القوة، ليكون شعباً قوياً، يدافع عن نفسه، يدافع عن حقوقه المشروعة، يتصدى لأي عدوانٍ يستهدفه، هذا الذي يفيد.

ولهذا من نعمة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” على شعبنا العزيز أن يكون هكذا: شعباً قوياً يمتلك السلاح؛ لأن الإسرائيلي يسعى لتجريد أبناء أمتنا من السلاح، وما بعد تجريدهم من السلاح ماذا يعمل؟ يبيدهم، يقتلهم، يقتل أطفالهم، ونسائهم، وكبارهم، وصغارهم، في جرائم إبادة جماعية، يريد هو أن يكون بحوزته كل أنواع السلاح، من أصغر سلاح إلى السلاح النووي، لكن أن تكون أمتنا، وأن تكون شعوب أمتنا مجردةً تماماً من أي سلاحٍ تدافع به عن نفسها، بأي مستوى من المستويات.

والشيء الملفت جداً: أن الحملات الدعائية تستهدف أي شعب مسلح، بما في ذلك شعبنا اليمني، شعبنا اليمني، كم هناك من حملات تجعل مسألة أنه يمتلك السلاح أنها سلبية كبيرة، وأنها دلالة على أنه شعبٌ غير متحضر، وغير ذلك، أنه شعب غير متحضر، وغير ذلك من الدعايات، لكن عندما ينظر الإنسان ما يجري هنا وهناك، ما يفعله الأمريكي والإسرائيلي، والواقع بالنسبة لهم، يعني مثلاً: في أمريكا، امتلاك المواطنين للسلاح هو بالنسبة لهم حقٌ مُثَبَّتٌ لهم في الدستور الأمريكي، وليس فقط في القوانين، على مستوى الدستور الأمريكي، وهم من أكثر الشعوب امتلاكاً للسلاح، أمَّا أمريكا فهي تسعى دائماً لأن تمتلك أقوى السلاح، وأن تكون متفوقة عسكرياً، والإسرائيلي أن يكون متفوقاً في منطقتنا عسكرياً، لماذا؟ لممارسة القتل، والجبروت، والظلم، والطغيان، وإبادة الشعوب، واحتلال أوطانها، ونهب ثرواتها، والاعتداء عليها، وإخضاع بقية المجتمع البشري لإذلاله، لاستعباده، للسيطرة عليه، لتطويعه وإخضاعه لما فيه المصالح الأمريكية والإسرائيلية.

فمن نعمة الله على شعبنا أن يكون هكذا: مجتمعاً مقاتلاً بالفطرة، مقاتلاً بالفطرة، حتى الذين لم تحصل لهم بعد دورات قتالية يستطيعون أن يقاتلوا، ومع ذلك من المهم أن يهتم الجميع بالدورات التدريبية على القتال والحرب.

يقولون أيضاً: [سيكون من الصعب على إسرائيل إيقاف الحوثيين].
يقولون أيضاً عن القدرات العسكرية اليمنية: [نرى أن قدراتهم تتحسن بالفعل، أنظمة الملاحة الصاروخية للحوثيين أكثر تعقيداً، وتظل في الجو لفترة أطول من ذي قبل، ونتيجةً لذلك يصعب على إسرائيل اعتراضها].

ولديهم الكثير جداً من التصريحات، والتي نترك المهمة في إيرادها كشواهد واعترافات، على فاعلية السلاح اليمني والدور اليمني، للوسائل الإعلامية.

فيما يتعلق بالعدوان الاسرائيلي عصر يوم الخميس على بلدنا، يوم الخميس الماضي: اثنين وعشرين غارةً جوية، استهدف بها العدو الإسرائيلي عدداً من المنشآت المدنية، منها: مطار صنعاء، ومحطة كهرباء حزيز، كذلك موانئ الحديدة، وخزانات وقود محطة العرج في الحديدة أيضاً، ونتج عن ذلك العدوان الإسرائيلي: ارتقاء (سبعة شهداء)، وإصابة (سبعة وثلاثين مصاباً).

نحن في واقع الحال في حرب مفتوحة بيننا وبين العدو الإسرائيلي، ونحن- كما قلت في الكلمة الماضية- نستهدف العدو الإسرائيلي، ونضربه، واستهدفناه بالعدد الكبير جداً من الصواريخ والطائرات المسيَّرة، وعملياتنا مستمرةٌ وبشكلٍ مكثف لاستهدافه؛ إسناداً للشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعزاء، نحن نقوم بذلك من منطلق المسؤولية الدينية، والإيمانية، والإنسانية، والأخلاقية، بحكم انتمائنا الإيماني الأصيل، وشرفنا الإنساني، وأخلاقنا، وقيمنا، لا يمكن أبداً أن نتفرج على ما يحدث في قطاع غزة، ما يرتكبه العدو الإسرائيلي من جرائم إبادة جماعية وفظيعة جداً في قطاع غزة، إذا استساغ البعض أن يسكتوا؛ فذلك نقصٌ في إيمانهم، في إنسانيتهم، ونقصٌ كبيرٌ جداً حتى في شجاعتهم، في إدراكهم للعواقب الخطيرة لسكوتهم؛ أمَّا نحن فنحن في استمرارٍ لأداء هذا الدور، الذي هو من منطلقٍ إيماني، في الإسناد للشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعزاء، ولن يؤثِّر علينا العدوان الإسرائيلي، لن نتراجع أبداً عن موقفنا المبدئي، الإيماني، الإنساني، الأخلاقي، ولن يؤثِّر حتى على مستوى هذا الموقف، نحن نتجه في هذا الموقف بأعلى مستوى، ونسعى لما هو أكبر، كما كررت هذا كثيراً، لسنا كالبعض من الشعوب والبلدان، التي تنتظر حتى يضربها العدو الإسرائيلي، ثم لا تجرؤ أن ترد عليه بأي رد، ولا حتى بكلمة قوية، أو موقف قوي، أو فعل حقيقي؛ توجهنا نحن هو توجُّه عملي، نعرف كيف نتعامل على أساسٍ من وعينا، وبصيرتنا، وانتمائنا الإيماني، وفهمنا لهذا العدو.

في جانبٍ آخر، وفي بداية شهر رجب، اكتمل عامٌ كامل على العدوان الأمريكي البريطاني على بلدنا، وبلغت عمليات القصف الجوي والبحري على بلدنا: (تسعمائة وواحدٍ وثلاثين غارةً وقصفاً بحرياً)، وعدد الشهداء: (مائة وستة شهيداً)، والمصابين: (ثلاثة مائة وأربعة عشر مصاباً).

الأمريكي كذلك، في عدوانه الذي أسند به العدو الإسرائيلي ضد بلدنا، منذ إعلان موقفنا، وثباتنا على هذا الموقف المساند للشعب الفلسطيني، اتَّجه الأمريكي من هناك؛ لأنه شريكٌ للعدو الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة، وأعلن عدوانه على بلدنا، وشارك معه البريطاني، حاول توريط الآخرين، لكنَّ الكثير من البلدان كانوا أكثر فطنةً وكياسةً وانتباهاً من التورط مع الأمريكي في عدوانه، وكان هذا لمصلحتهم أنهم لم يتورطوا؛ لأنه أصلاً ليس هناك ما يبرر الموقف الأمريكي، الهدف الأمريكي الوحيد من عدوانه على بلدنا، هو: الاسناد للعدو الإسرائيلي؛ لأنه يريد أن ينفرد العدو الإسرائيلي بالشعب الفلسطيني وبقطاع غزة، ويعمل على إبادتهم، دون أن يكون هناك أي موقف مساند لقطاع غزة؛ ولـذلك اتَّجه الأمريكي، لكنه فشل فشلاً تاماً، فشل في التأثير على عملياتنا فيما يتعلق بالبحر، ومنع الملاحة الإسرائيلية من البحر الأحمر، وباب المندب، والبحر العربي، فشل الأمريكي فشلاً تاماً في ذلك، ولم يستطع أبداً أن يؤثِّر على عملياتنا، ولا أن يوفر الحماية للسفن الإسرائيلية، ولا السفن المرتبطة بالإسرائيلي، التي تحمل له البضائع.

وعندما فشل في ذلك، فشل أيضاً في أن يمنعنا من عمليات الإسناد بالقصف للعدو الإسرائيلي، إلى عمق فلسطين المحتلة، الأمريكي بعدوانه، وكل غاراته، وكل قصفه البحري، فشل فشلاً تاماً في التأثير على موقفنا، لم يتمكن من منعنا، ولا من ردعنا، ولا من التأثير على مستوى موقفنا، ليس فقط في مساره العسكري العدواني، بل أيضاً والضغط الاقتصادي، والضغط على الملف الإنساني، والضغط السياسي، والحرب الإعلامية الشرسة التي يشنها، ومع ذلك فشل فشلاً تاماً، وفشله- بكل ما تعنيه الكلمة- هو انتصارٌ عظيمٌ لشعبنا العزيز، وهذا من آيات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، عندما اتَّجه شعبنا العزيز، عندما اتَّجهنا في هذا البلد (رسمياً، وشعبياً) لنتحرك ونقف الموقف الصحيح، والموقف المتكامل: عسكرياً، والأنشطة الشعبية، والجهاد في سبيل الله بالنفس والمال، والتحرك في كل ما نستطيع، الموقف الذي ينبغي أن يقفه كل المسلمين، كل البلدان الإسلامية، عندما اتَّجهنا لنتخذ هذا الموقف، مرضاةً لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، واستجابةً له، من منطلق انتمائنا الإيماني، لمسنا بشكلٍ واضح معونة الله تعالى، وتأييده الكبير، وتيسيره العظيم، ورعايته الواسعة، وهذا شيءٌ واضحٌ في فشل الأعداء، فشل الأعداء هو نجاحٌ لنا، ولمسنا رعاية الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” وتوفيقه حتى في مسألة تطوير القدرات العسكرية.

عندما بدأ الأمريكي عدوانه على بلدنا، قلت في كلمة متلفزة ومعلنة، قلت: أنَّ الأمريكي سيسهم بعدوانه علينا في تطوير قدراتنا، وهو لا يريد ذلك بالتأكيد، هذه مشكلةٌ عليه، وفعلاً هو عندما اعتدى على بلدنا، ودخل في المعركة، ووظَّف قدراته وتقنياته المتطورة في العدوان، والاعتراض، ومحاولة الدفاع عن الإسرائيلي، هو ساهم في ذلك بشكلٍ كبيرٍ جداً في تطوير قدراتنا العسكرية؛ لأننا في معركة بهذا المستوى بيننا وبين الأمريكي، بقدراته، بإمكاناته، بتقنياته، بيننا وبين الإسرائيلي وما يمتلكه، وما بحوزته، وما يدعمه به الأمريكي، ومن معهم، معركة بهذا المستوى، من هذا النوع، هي تدفعنا ضرورةً للسعي لتطوير قدراتنا العسكرية، وهذا ما تمَّ بعون الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، قد تكون حالة نادرة جداً، أو لا توجد إلَّا للقليل من بلدان أمتنا، أن يمتلك بلدٌ مثل هذا المستوى من القدرات العسكرية فيما يتعلَّق بالصواريخ: الصواريخ الفرط صوتية، الصواريخ البالِسْتِيّة والمجنحة، الطائرات المسيَّرة، قدرات وصلت إلى هذا المستوى من التقدم الذي يواجه الأمريكي بكل إمكاناته، وتقنياته المتطوِّرة، والإسرائيلي بكل ما بحوزته، صعوبةً كبيرةً جداً في إعاقتها، أو التصدي لها، وفي كثيرٍ من الحالات يحالفهم الفشل في ذلك، يفشلون بشكلٍ واضح، وهذه مسألة مهمة جداً، فالأمريكي فاشلٌ تماماً.

الأمريكي بدأ عدوانه علينا قبل عام، يعني: في بداية العدوان، وكان في أول شهر رجب، وكان أول شهر رجب الذي بدأ الأمريكي العدوان على بلدنا فيه، كان يوم جمعة، وكانت جمعة رجب، جمعة رجب هي مناسبة مباركة ومهمة لشعبنا العزيز، هي من المحطات التاريخية الخالدة، التي التحق فيها أبناء شعبنا العزيز بشكلٍ واسع بالإسلام، اعتنقوا الإسلام، ودخلوا في الإسلام طوعاً، وقناعةً، ورغبةً، وعشقاً، انطلقوا فيه انطلاقةً مميزة، الانطلاقة التي عبَّر عنها الرسول “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” بقوله: ((الإِيْمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ)).

والأمريكي يبرهن باختياره لذلك التوقيت؛ لأنه في العادة بالنسبة للأمريكيين والإسرائيليين يختارون التوقيت اختياراً؛ ليكون له دلالات معينة، هو يدلل على طبيعة المعركة التي يخوضها ضد بلدنا، أنَّه يعادي بلدنا، ويعادي شعبنا العزيز؛ لانتمائه الإيماني، لمواقفه الإيمانية، لمنطلقه الإيماني، لتوجهه الإيماني بالشكل الصحيح.

الإيمان الذي عُرف به اليمانيون من صدر الإسلام، عندما تحرَّكوا في الإسلام، دخلوا في الإسلام، ودخل الإسلام فيهم، دخل الإيمان إلى قلوبهم، ترجموه في مواقفهم، في التزامهم المميز والأصيل، إلى درجة أن يُعبَّر بهذا التعبير في الحديث النبوي الشريف: ((الإِيْمَانُ يَمَانٍ))، تعبيرٌ بليغٌ وعميقٌ جداً، وله دلالة مهمة للغاية.

ميزة موقفنا كشعبٍ يمني، هو: أنَّ منطلقنا إيماني بكل ما تعنيه الكلمة، ليس من أجل أحدٍ هنا أو هناك، يقولون: [ذراع لإيران]! ما يجمعنا بالجمهورية الإسلامية في إيران هو توجهها الإيماني، موقفها الإيماني المناصر للشعب الفلسطيني، وهذا موقفٌ يفترض به أن يجمع كل الأمة، من واجب المسلمين جميعاً أن يجتمعوا على موقفٍ كهذا، وتوجهٍ كهذا، لدعم قضيةٍ عادلة، تعنيهم جميعاً، هي: القضية الفلسطينية؛ ولـذلك منطلقنا هو منطلقٌ إيماني، ونحن أيضاً نعتبر العدو الإسرائيلي عدوٌ لنا جميعاً، لكل أمتنا، وهذه مسألة واضحة، وضَّحها الله لنا في القرآن الكريم عن اليهود، وهي واضحةٌ أيضاً يثبتها الواقع، على مدى كل هذه العقود من الزمن، وما يجري حالياً، وما يفعله العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وضد لبنان، وضد سوريا، وما فعله سابقاً ضد بلدان عربية متعددة.

ميزة الموقف الإيماني، هو: أنَّ الانطلاقة فيه انطلاقة جادة جداً بكل ما تعنيه الكلمة، من ضمن الالتزامات الدينية، ليس مجرد موقف تكتيكي؛ ولهذا عجز الأعداء عن إجبارنا على التراجع عن هذا الموقف، استخدموا الضغوط السياسية؛ ولم ينجحوا، استخدموا ضغوطاً اقتصادية؛ ولم ينجحوا، كل ما استخدموه من وسائل لإقناعنا، أو محاولة الإغراء لنا للتأثير على موقفنا، فشلوا في ذلك تماماً؛ لأن المنطلق بعيد عن حسابات أخرى: حسابات مصالح سياسية، أو مصالح معينة، موقفنا موقفٌ ثابتٌ، لا يمكن التراجع عنه أبداً.

ومن ميزته: أنَّه قوي، لماذا؟ لأن الموقف الإيماني انطلقنا فيه بالثقة بالله تعالى، بثقتنا بالله، بتوكلنا على الله، بإيماننا بوعوده بالنصر، فهذا المنطلق الذي جعلنا نتَّجه كل هذا التوجه بجرأة كبيرة جداً، مع استعدادنا التام للتضحية في سبيل الله تعالى؛ لأن موقفنا ارتبط بالاستجابة لله، والتوكل على الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والوعي- في نفس الوقت- بأهمية الموقف، نحن ندرك أهمية هذا الموقف، سواءً على المستوى العام، يعني: في واقعنا نحن كشعب يمني، في هذه المنطقة التي تشهد هذه الأحداث، وهذه التحديات، وتواجه هذا المستوى من العدوان والاستهداف الكبير الأمريكي الإسرائيلي، أو فيما يتعلَّق أيضاً بالشعب الفلسطيني ومناصرته.

إذا وصل واقع أمتنا على هذا المستوى من التفرق، والتفرج، كلما استُهدف بلدٌ؛ تفرَّجت عليه بقية البلدان، هذه الحالة حالة خطيرة على أمتنا، حالةٌ سلبيةٌ جداً، كما قلت: لا يتعامل بها بقية الناس، لا تعتمد هذه الطريقة بقية الأمم، لو كان هذا الموقف في أوروبا، كيف سيكون الناس هناك؟! عدوٌ يستهدف شعباً وبلداً من بلدانهم، أو في أي مكان في الدنيا، هذا المستوى من التخاذل الكبير خطيرٌ جداً على أمتنا الإسلامية، ومعيب، وعار بكل ما تعنيه الكلمة، ويمثل إشكالية كبيرة في واقعها، إشكالية في إنسانيتها، في انتمائها الديني، في أخلاقها، في قيمها، في وعيها بمصالحها، في أمنها القومي… بكل الاعتبارات، إشكالية حقيقية.

الموقف له أهمية في أن نكون شعباً يَحسِب الأعداء له ألف حساب؛ لأنهم يقيِّمون واقع هذه الأمة، سكوت بقية البلدان ليس فيه السَّلامة لها، هو مطمعٌ لعدوٍ طامعٍ لا مثيل لأطماعه وجشعه، هل هناك ما يماثل الطمع والجشع الأمريكي والإسرائيلي؟! كلاهما وجهان لعملة واحدة، وإذا رأوا ما عليه بقية البلدان من الخنوع، والضعة، والاستسلام، والذل، والهوان، هل ذلك يدفعهم لاحترامها، أو لشطب مؤامراتهم عليها؟ لأن المؤامرات موجودة، والمخطط موجود، والمشروع قائمٌ بالفعل، وهم يتحرَّكون على أساسه، فهل تخاذل البلدان، وسكوتها، وخنوعها، يفرض لها الاحترام، والهيبة، والمنعة، والحماية، أو يجرئ أولئك الطامعين عليها، ويزيدهم طمعًا، وجرأةً، وأملاً في نجاح مخططاتهم العدوانية والطامعة؟

فأهمية هذا الموقف لنا أن نبني أنفسنا في إطاره، وفعلاً نحن لسنا في حالة استنزاف وتراجع ونقص، نحن في مسارنا في إطار هذا الموقف في مسار تصاعدي، وما قبله؛ لأن العدوان الأمريكي على بلدنا كان في إطار مرحلتين:

المرحلة الأولى: وهي لا تزال مستمرة، في إطار التحالف، الذي شاركت فيه أنظمة إقليمية، وقوى أخرى معها.
وعدوان آخر: في سياق الإسناد للعدو الإسرائيلي، اتَّجه فيه هو البريطاني.

في المسارين معاً، يعني: في التصدي لعدوانه علينا، في إطار التحالف الذي أشرف عليه، وفي إطار عدوانه علينا، في إسناده للعدو الإسرائيلي، كُنَّا دائماً في مسار تصاعدي، ليس مسار هبوط، الهبوط لدى الآخرين؛ أمَّا في واقعنا فالمسار مسار تصاعدي، سواءً:

على مستوى التعبئة الإيمانية، والحالة المعنوية، التي تترسَّخ وتتجذَّر في شعبنا العزيز، والذي توارثها عبر الأجيال، وهي في هذا الجيل حاضرة بمستوى عالٍ جداً، يتفوَّق فيه على كثيرٍ من أجياله الماضية عبر مراحل طويلة من التاريخ، وهذا شيءٌ واضح، بإمكان أي شخص أن يستطلع التاريخ؛ ليرى في هذه المرحلة أنَّ شعبنا متألق، متقدِّم- فعلاً- بشكلٍ كبير على مراحل تاريخية كبيرة، في تجذير هذه القيم الإيمانية، هذه المبادئ الإيمانية، هذا التوجه الإيماني، وهذه نعمةٌ كبيرةٌ جداً.
وفي تطوير القدرات العسكرية، في: التدريب، والتأهيل، والتجنيد، والحالة الشعبية الفعَّالة جداً، وهذه نعمة كبيرة جداً.

نحن في واقع الحال– وليسمع كل الناس– تلقينا في البداية، ما قبل العدوان الأمريكي، وفي بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، رسائل تهديد ووعيد من قِبَلِ الأمريكي، وجَّه مثل هذه الرسائل إلى بقية البلدان في المنطقة، الكثير خافوا، والتزموا بألَّا يكون منهم أي موقف ضد العدو الإسرائيلي، والتزم بعضهم بأكثر من ذلك: بالتواطؤ مع العدو الإسرائيلي؛ لكنَّا قارنا نحن: ما بين الوعيد والتهديد الأمريكي، وما بين الوعيد في القرآن الكريم من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، فكان أمامنا تهديد ووعيد أمريكي، إِنْ نحن وقفنا مع الشعب الفلسطيني وقطاع غزة، وأمامنا وعيد من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم، إِنْ نحن تخاذلنا عن نصرة الشعب الفلسطيني كشعبٍ مسلم، هو جزءٌ من أمتنا، في مرحلة يعتبر الجهاد في سبيل الله تعالى في مواجهة عدوٍ كالعدو الإسرائيلي، من أهمِّ المراحل التاريخية للجهاد في سبيل الله تعالى، في مواجهة مجرمين، وطغاة، وظالمين، ومفسدين في الأرض، وأشرار يتَّصفون بكل الصفات السيئة جداً، الإجرامية والعدوانية، ويشكِّلون خطراً على المجتمع البشري، حيث تتوفر أهم الشروط لهذه الفريضة المقدَّسة، وهي: الجهاد في سبيل الله تعالى؛ لأن الجهاد في سبيل الله لمواجهة مثل أولئك الأشرار المجرمين، ومن يدور في فلكهم، فكنَّا في مقارنة:

ما بين الوعيد الإلهي في القرآن الكريم، حينما تتخاذل الأمة عن واجبها الديني المقدِّس في الجهاد في سبيل الله تعالى.
وما بين أن نخنع للتهديد الأمريكي.

فأيُّهما أكبر خطورةً علينا: عذاب الله تعالى، أو ما يأتينا من الأمريكي والإسرائيلي؟! والذي يأتي منهما ونحن في إطار الموقف لا يشكِّل خطورةً علينا، مثل الذي يأتي ونحن في إطار خنوع واستسلام.

ولــذلك عندما جئنا للمقارنة في القرآن الكريم، وسمعنا نداء الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” يقول: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[آل عمران:175].

وسمعنا قول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم وهو يقول: {أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[التوبة:13].

وسمعنا وعيد الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” يقول في القرآن الكريم: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[التوبة:39]، وكم في القرآن الكريم من الوعيد للمتخاذلين، والمفرِّطين في أداء هذه المسؤولية المقدَّسة، من عقوبات عاجلة في الدنيا، منها: تسليط الأعداء عليهم، ومن عقوبات في الآخرة.

وسمعنا مع ذلك الوعد من الله حينما نستجيب له بالنصر: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}[الروم:47]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد:7]، وهي وعود حقيقية من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ لـذلك بمنطلقنا الإيماني وثقنا بالله، ورأينا أنَّه الأحق والأولى بأن نخشاه، وأن نرجوه أيضاً في ما وعد به، وأن نثق به، وأن نتوكل عليه، وهو القائل: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}[آل عمران:122].

ولذلك نحن نتَّجه في إطار موقفنا الجهادي في سبيل الله تعالى، استجابةً لله، وثقةً بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وندرك بشكلٍ تام أنَّ الخطر كلَّ الخطر، والخزي كلَّ الخزي، هو في التخاذل، التخاذل والتفريط عن أداء المسؤولية، وربما البعض يتصوَّرون أنهم أذكياء، وأنهم سياسيون وعباقرة، وسيدركون العواقب السيئة لخياراتهم الخاطئة، وقراراتهم التي لم يعتمدوا فيها على معيار القرآن الكريم، معيار الحق والعدالة، معيار الأخلاق والقيم، وحتى المعيار الإنساني، فالمسألة بالنسبة لنا مسألةٌ مهمةٌ جداً، نحن نثق بالله، ونحن نشعر بمعيَّة الله، أننا مع الله، وأنَّ الله معنا، ونشعر كم نحن أقوياء بذلك، نحن لا نتحرك من مشاعر غرور وعجب، لا غرور بإمكاناتنا، ولا بكثرتنا، ولكننا نعتزُّ بعزة الإيمان، ونحمل أيضاً قوة الإيمان، والشعور بمعيَّة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، أنه ومعنا ونحن نتحرك استجابةً له، وابتغاء مرضاته، وفعلاً بحمد الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، نحن نحمد الله ونشكره، ونؤكِّد- فعلاً- على أننا نلمس رعايته العظيمة، وتأييده الكبير.

ثم إنه يهمنا النجاح في هذا الامتحان والاختبار، الذي تمر فيه أمتنا، اختبار كبير جداً، {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}[الأنفال:37].

ثمَّ علينا أن ندرك معاً أنَّ الأطماع الأمريكية والإسرائيلية كبيرة وحقيقية، وقد زادت أكثر من ذي قبل، يعني: ما يريدونه في هذه المرحلة وما بعدها من المراحل هو الأكثر، هو الأكثر، وواقع الأمة يشجِّعهم على ذلك، الأمريكي بجشعه وطمعه، وآتٍ [ترامب] أيضاً في إطار هذا التوجه الأمريكي الذي عليه السياسة الأمريكية، وهو يتحدث الآن بكل وقاحة عن طمعه في السيطرة على قناة [بنما]، يتحدَّث بكل وقاحة، وبكل استخفاف ورعونة، عن طمعه ورغبته في ضم [كندا] لتكون الولاية الواحد والخمسين في أمريكا، يتحدَّث عن رغبته في ضمِّ جزء من النرويج… هكذا، لبلدان هناك، ما بالك بأمتنا، بأوطاننا، التي هي مطمع كبير جداً للأمريكي والإسرائيلي، وتوجههم للسيطرة عليها جزءٌ من مشروعهم الصهيوني، والاستراتيجية التي يعتمدون عليها في سياساتهم، وفي توجهاتهم.

في هذا الأسبوع كان هناك مناسبات وأنشطة متعددة:

منها– كما قلنا- جمعة رجب، وهي محطة تاريخية وعظيمة ومهمة جداً، وفيها الكثير من الدروس والعبر، ولنا فيما سبق كلمات مخصصة عن هذه المناسبة، وكذلك نستحضر في هذه المناسبة الثناء الكبير من رسول الله “صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” على أهل اليمن، والذي هو ثناء مرتبط بدورهم المتميز، الذي ينطلقون فيه من منطلق أصالتهم الإيمانية، وعندما نأتي إلى هذا الدور في صدر الإسلام، والامتداد الذي ينبغي أن يكون عليه شعبنا العزيز في كل تاريخه حتى قيام الساعة؛ نجد المسألة مهمة جداً، ومشرِّفة، مشرِّفة بشكلٍ عظيمٍ جداً.

في صدر الإسلام، عندما كان رسول الله “صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” يعرض على القبائل العربية مَن منها مستعد أن يحمل راية الإسلام، وأن يكون حاضنةً للمشروع الإلهي، الذي مستقبله مستقبلٌ عظيم، {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}[التوبة:33]، كانت الكثير من القبائل العربية تتردد، وتقدِّم في المقابل اشتراطات معينة، لديها حسابات مثلما هي الحسابات الغالبة في هذه المرحلة، التي تعتمدها الكثير من الأنظمة والبلدان: حسابات المخاوف والمصالح، فالبعض نتيجةً للمخاوف، كانوا يبدون من البداية رفضهم التام، والبعض كانوا يربطون المسألة باشتراطات تعود إلى مصالح ومكاسب سياسية ومادية، والرسول “صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” يقدِّم لهم مشروعاً إلهياً عظيماً ومقدَّساً، فيه أكبر شرف، وفيه الخير بكله في الدنيا والآخرة، ولكنهم في الأخير كانوا يرفضون، عَرَض على كثيرٍ من القبائل هذا العرض، ولكن بين كل الذين عُرِضَ عليهم هذا المشروع الإلهي العظيم، عُرِضَ على الأوس والخزرج، وهم من اليمن؛ فبادروا، واستجابوا، وانطلقوا، وهكذا انطلق الشعب اليمني فيما بعد ذلك أيضاً في إطار هذه الانطلاقة، التي هي تدرك عظمة المشروع الإلهي، والانطلاقة الإيمانية، وما يترتب عليها من عزة، وكرامة، وخير، وشرف في الدنيا والآخرة، انطلقوا انطلاقةً مميزة، بحمل راية الإسلام، اعتنقوا الإسلام والتزموه إيمانياً ودينياً، وفي نفس الوقت حملوا رايته جهاداً في سبيل الله تعالى؛ ولـذلك سمَّى الله الأوس والخزرج الذين انطلقوا منهم سمَّاهم بالأنصار، وفيما بعد أتى وسام الشرف الكبير لأهل اليمن، ((الإِيْمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ))، هذا الدور المميز العظيم، والذي فيه شرفٌ كبير، هو أيضاً مسؤولية، مسؤولية علينا، لنواصل، ولنستمر في إطار هذا الدور الذي فيه الخير الكبير، والشرف العظيم في الدنيا والآخرة.

كانت الميزة في المنطلق الإيماني، هي: التحرر من تلك الحسابات، حسابات المخاوف: {إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا}[القصص:57]، هكذا قال أهل مكة، وخسروا هذا الشرف، والآخرون كذلك: ماذا سيكون لنا في المقابل من مصالح مادية؟ كيف سنفعل أمام كل هذا المحيط المعادي؟ ولكن تحرر الذين تحرروا من الآباء والأجداد من هذه الحسابات، واتَّجهوا بحسابات أكبر، وأسمى، وأعظم: خير الدنيا والآخرة، عندما قالوا: ماذا سيكون لنا مقابل كل ذلك؟ وقال لهم رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ”: ((الجَنَّة))، عرض عليهم رضوان الله والجنة، قالوا: ((رَبِحَ البَيع، فَلَا نُقِيلُ وَلَا نَستَقِيل))، شرف كبير بأهداف سامية، وفعلاً نهض الإسلام، وعمَّ الأرجاء، وصارت تلك الأمة التي بدأت بنواة صغيرة الأمة الأقوى، والأقدر، والأكبر، والتي هي حاضرة في الساحة العالمية بأكثر من غيرها، وبرسالة عظيمة مميزة، ثم أتى الانحدار فيما بعد نتيجة تراجعات في المبادئ، في القيم، بمثل ما عليه أمتنا في هذا العصر من الحسابات، والأطماع، والأهواء… وغير ذلك.

كان من الأنشطة المميزة في هذا في هذا الأسبوع: الاجتماع العلمائي للعلماء والخطباء في صنعاء، وتضمَّن هذا الاجتماع الكثير من الكلمات المفيدة، وخرج ببيانٍ مهم، وله علاقة أيضاً بشهر رجب، وترسيخ الهوية الإيمانية؛ لأن هذا- كما قلت- مسؤولية نتوارثها عبر الأجيال، وهناك دور متميز لعلماء اليمن، عندما نقارن في دور علماء الدين في اليمن، وفي بقية البلدان؛ نجد هذا الدور فعلاً في نفس هذا الاتِّجاه العظيم لشعبنا العزيز بشكلٍ متميز، فتميز موقف شعبنا بعلمائه، بنخبه، بجماهيره، وكذلك بقبائله.

كان هناك في هذا الأسبوع وقفات قبلية، لكثيرٍ من القبائل اليمنية التي خرجت بسلاحها، وأعلنت موقفها الصريح، والواضح، والقوي، والثابت، والقبائل اليمنية لها الرصيد العظيم على مدى التاريخ في ثباتها، في شجاعتها، في نخوتها، في شهامتها، في إبائها، في تصديها للغزاة والطامعين، في بسالتها وشجاعتها، فالوقفات القبلية كانت وقفات عظيمة، ودور القبيلة اليمنية في الجهاد في سبيل الله دورٌ مشرِّف أيضاً.

كان هناك أيضاً حضورٌ كبيرٌ جداً في المظاهرات، في الأسبوع الماضي والذي قبله، للتحدي للعدو الإسرائيلي؛ لأن المعركة الآن متصاعدة فيما بيننا وبين العدو الإسرائيلي؛ ولـذلك تتطلب المزيد من الجهد، من الحضور، من التفاعل المعبِّر عن الثبات والصمود.

الأعداء يقيسون بعد كل حملاتهم العسكرية والإعلامية، وضغوطهم السياسية والاقتصادية، وحملاتهم الدعائية المعادية والإعلامية، من أبواق الصهيونية، يقيسون: [ما هو الموقف؟ هل هذا الشعب لا يزال ثابتاً، صامداً، قوياً في موقفه، أم هو متراجعٌ عن موقفه؟]، فإذا لمسوا ثبات هذا الشعب؛ كان هذا مؤثراً عليهم، والحضور مشرِّفٌ بفضل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في الأسبوع الماضي في سبعمائة وواحد وثلاثين ساحة، بدءاً من ميدان السبعين في صنعاء.

هناك أيضاً استمرارية عظيمة ومشرِّفة، وهي شرفٌ كبير، وفي نفس الوقت ثبات ومرابطة، هذا الذي يأمرنا الله به في جهادنا؛ لأن الوقفات، والمظاهرات، والمسيرات، هي جزءٌ من موقفٍ متكامل، كله جهاد في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وأنا أرى في مشاهد المظاهرات البعض من الآباء، من الشيبان، من الطاعنين في السن، من يستمرون في الحضور أسبوعياً، ولا يكاد يخلو منهم أسبوع، أرى الجرحى، حتى الذين جراحاتهم بليغة يحضرون، وأرى البعض أيضاً من المكفوفين حتى، ممن كان ذلك نتيجةً لجراحتهم وهم يجاهدون في سبيل الله، وهم يحضرون أيضاً، يحضر الكبار، يحضر الصغار، هذا الحضور العظيم والواسع الذي يعبِّر عن هذا الثبات، يقدِّم رسالةً قويةً لهذا الشعب العزيز؛ ولـذلك هذا الاستمرار مهمٌ جداً.

غداً هو يوم الجمعة الأولى من شهر رجب، (جمعة رجب) المحطة التاريخية العظيمة والمهمة؛ ولـذلك أدعو شعبنا العزيز إلى الخروج يوم الغد في جمعة رجب، بعد عامٍ كامل من العدوان الأمريكي المساند للعدو الإسرائيلي، وفي هذه المرحلة التي تتصاعد فيها المعركة بيننا وبين العدو الإسرائيلي، أدعو شعبنا العزيز إلى الخروج يوم الغد خروجاً مليونياً، حاشداً، وعظيماً، وقوياً، ومشرِّفاً؛ لتجديد الميثاق والعهد مع رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، في مواصلة المسير، والثبات على الموقف، في إطار التوجه الإيماني الصادق، وأننا شعبٌ لن نترك الراية، ولن نخلي الساحات، ولن نتراجع عن مواقفنا الإيمانية، التي انطلقنا فيها من منطلقٍ إيمانيٍ من أجل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وأننا شعبٌ نثق بالله تعالى، وبوعده بالنصر، ومستعدون لمواجهة التحديات، وتقديم التضحيات في سبيل الله تعالى؛ لأن العاقبة للمتقين كما وعد الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ونحن نجد ثمرة هذا الموقف فيما نحن فيه من عزةٍ إيمانية، وهي نعمةٌ كبيرة، نرى الآخرين في حالةٍ شنيعةٍ وفظيعةٍ من الذلة والهوان، ونرى ثمرة موقفنا عزةً إيمانيةً، ونصراً إلهياً، وقوةً في مواجهة التحديات مهما كانت باعتمادنا على الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

الخروج يوم الغد هو مهمٌ جداً، يقدِّم فيه هذه الرسالة: رسالة الوفاء لرسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، رسالة الثبات وفق أمر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والاستمرار في حمل الراية، التي حملها الآباء والأجداد مع رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، في نصرة الإسلام والحق، والثبات والاستمرار في الاتجاه الإيماني، إن شاء الله يكون الخروج حاشداً في كل الساحات، في المحافظات والمديريات، وحسب الترتيبات المعتمدة.

أَسْأَلُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصرِه، إنَّه سَمِيعُ الدُّعَاء، وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصْرِ لِلشَّعبِ الفِلَسْطِينِيّ المَظْلُوم، وَمُجَاهِدِيه الأَعِزَّاء.

الخروج يوم الغد نتحدى فيه الإسرائيلي، ونتحدى فيه الأمريكي، ونتحدى فيه كل من يريد أن يتورَّط مع الأمريكي والإسرائيلي.

وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

مقالات مشابهة

  • “الثورة نت” ينشر نص كلمة قائد الثورة حول آخر التطورات في غزة والمستجدات الإقليمية والدولية
  • الجيش الإسرائيلي يدمر منصات صواريخ تابعة لحزب الله
  • وزير سوري: وجهنا بتصحيح معلومات مغلوطة اعتمدها “الأسد” بمادة التربية الإسلامية
  • حزب الله يهدد بالرد في الوقت المناسب والمعارضة تطالبه بتسليم منشآته العسكرية للجيش
  • “التحديات الثمانية” أمام المقاومة ما بعد الحرب
  • مقدمات نشرات الأخبار المسائية
  • كتلة الوفاء: في اليوم الـ61 بعد الهدنة سنكون في موقع نذيق فيه العدو صهيوني بأسنا
  • شهر لم تنم فيه “إسرائيل”.. 27 عملية عسكرية يمنية تطال عمق كيان العدو
  • كتلة الوفاء: في اليوم الـ61 بعد الهدنة سنكون في موقع نذيق فيه العدو بأسنا
  • الحوثيون يعلنون استهداف “هاري ترومان” بالتزامن مع استهداف إسرائيل بصاروخين / فيديو