رغم أنها لم تلزمها بوقف إطلاق النار في غزة، إلا أن الباحث الإيراني السويدي تريتا بارسي، المؤسس المشارك ونائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي لفن الحكم المسؤول، يرى أن محكمة العدل الدولية وجهت ضربة كبيرة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، بحكمها، الجمعة، قبول دعوى الإبادة الجماعية ضد تل أبيب، سيكون لها تداعياتها على الولايات المتحدة وأوروبا.

ويؤكد بارسي، في تحليل نشره موقع "ريسبونسبل ستيت كرافت"، أن أولى نتائج الحكم المحتومة هي زيادة الضغط الدولي على الاحتلال الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة.

تداعيات سياسية

يقول الكاتب إن الحكم وجه ضربة كبيرة ومؤرة لمكانة إسرائيل عالميا، حيث كانت تل أبيب قد عملت بشراسة على مدى العقدين الماضيين لهزيمة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، ليس لأنها سيكون لها تأثير اقتصادي كبير على إسرائيل، ولكن بسبب الكيفية التي يمكن بها نزع شرعية إسرائيل دوليا.

ومع ذلك، فإن حكم محكمة العدل الدولية بأن إسرائيل "متورطة بشكل معقول" في الإبادة الجماعية هو أكثر تدميراً لشرعية إسرائيل من أي شيء كان من الممكن أن تحققه حركة المقاطعة.

اقرأ أيضاً

الاتحاد الأوروبي: نتوقع من إسرائيل وحماس الامتثال التام لقرار محكمة العدل

ويمضي الكاتب بالقول: وبقدر ما كان النظام السياسي الإسرائيلي مرتبطاً بشكل متزايد - وعلنياً - بالفصل العنصري في السنوات القليلة الماضية، فإن إسرائيل سوف ترتبط الآن بالمثل بتهمة الإبادة الجماعية.

ونتيجة لذلك، فإن تلك الدول التي دعمت إسرائيل وحملتها العسكرية في غزة، مثل الولايات المتحدة في عهد الرئيس بايدن، سيتم ربطها بهذه التهمة أيضًا.

تداعيات للولايات المتحدة

ويؤكد بارسي أن تداعيات حكم المحكمة بالنسبة للولايات المتحدة ستكون كبيرة أيضا، أولا لأن المحكمة ليس لديها القدرة على تنفيذ حكمها.

وبدلا من ذلك، سينتقل الأمر إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث ستواجه إدارة بايدن مرة أخرى خيار حماية إسرائيل سياسيا من خلال استخدام حق النقض، وبالتالي زيادة عزلة الولايات المتحدة، أو السماح لمجلس الأمن بالتصرف و دفع تكلفة سياسية محلية مقابل "عدم الوقوف إلى جانب إسرائيل".

اقرأ أيضاً

جنوب أفريقيا مرحبة بقرار العدل الدولية: لا يمكن تنفيذها إلا بوقف إطلاق النار

وحتى الآن، رفضت إدارة بايدن الإفصاح عما إذا كانت ستحترم قرار محكمة العدل الدولية.

وبطبيعة الحال، في القضايا السابقة أمام محكمة العدل الدولية، مثل ميانمار وأوكرانيا وسوريا، أكدت الولايات المتحدة والدول الغربية أن التدابير المؤقتة لمحكمة العدل الدولية ملزمة ويجب تنفيذها بالكامل.

ومن هنا، يقول الكاتب إن المعايير المزدوجة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة سوف تصل إلى مستوى مخزي جديد إذا لم يكتف بايدن، في هذه الحالة، بمجادلة ضد محكمة العدل الدولية فحسب، بل عمل بنشاط على منع وعرقلة تنفيذ حكمها.

ويتابع: ربما ليس من المستغرب أن يتوقف كبار المسؤولين في إدارة بايدن إلى حد كبير عن استخدام مصطلح "النظام القائم على القواعد" منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.

كما أن الحكم يثير تساؤلات حول كيفية مساهمتة سياسة بايدن المتمثلة في احتضان إسرائيل في سلوك الأخيرة، بحسب الكاتب.

ويضيف: كان بإمكان بايدن تقديم دعم أكثر قياسًا والرد بقوة على التجاوزات الإسرائيلية – وبهذا يمنع إسرائيل من الانخراط في أعمال يمكن أن تندرج تحت فئة الإبادة الجماعية. لكنه لم يفعل، وبدلاً من ذلك، قدم بايدن دعمًا غير مشروط مصحوبًا بانتقاد علني صفر لسلوك إسرائيل ولم يتلق سوى رد محدود من وراء الكواليس.

ويردف: كان من الممكن أن يشكل النهج الأمريكي المختلف جهود الحرب الإسرائيلية على نحو لا يمكن القول إن محكمة العدل الدولية حكمت عليه بشكل مبدئي باعتباره يفي بمعايير الإبادة الجماعية بشكل معقول.

وعلى هذا النحو، ربما يكون دعم بايدن غير المشروط قد قوض إسرائيل في النهاية دوليا، على حد قول بارسي.

اقرأ أيضاً

كارت أصفر ومعادي للسامية.. ارتياح إسرائيلي مشوب بغضب من حكم العدل الدولية

تعاطي أوروبا قد يكون مختلفا

ويقول الكاتب إن تعاطي أوروبا مع حكم محكمة العدل الدولية قد يكون مختلفا نوعا ما عن الولايات المتحدة.

فواشنطن معتادة إلى حد ما على وضع القانون الدولي جانباً وتجاهل المؤسسات الدولية، كما تشعر بالارتياح، لكن أوروبا ليست كذلك.

ويلعب القانون الدولي والمؤسسات الدولية دوراً أكثر مركزية في الفكر الأمني الأوروبي.

وعلى هذا الأساس، يتوقع الكاتب أن يسهم القرار في تقسيم أوروبا.

ويفسر الأمر بالقول إن الرفض المتوقع للحكم من بعض الدول الرئيسية في الاتحاد الأوروبي سوف يقوض النموذج الأمني الأوسع في أوروبا.

اقرأ أيضاً

العدل الدولية تفرض تدابير مؤقتة على إسرائيل دون الدعوة لوقف إطلاق النار

وفي نهاية التحليل، يرى الكاتب بشكل عام أن الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا قد خففت، نوعا ما، من سلوك إسرائيل الحربي في غزة وجمدت أي خطط للتطهير العرقي في غزة وإرسال سكانها إلى دول ثالثة.

ويتابع: إذا كان الأمر كذلك، فإنه يدل على أن المحكمة، في عصر حيث يتم التشكيك بشكل متزايد في قوة القانون الدولي، كان لها تأثير أكبر من أي شيء فعلته إدارة بايدن من حيث ردع الأعمال الإسرائيلية غير القانونية.

المصدر | تريتا بارسي / ريسبونسبل ستيت كرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: محكمة العدل الدولية جنوب افريقيا الابادة الجماعية غزة اسرائيل الولايات المتحدة أوروبا محکمة العدل الدولیة الإبادة الجماعیة الولایات المتحدة إطلاق النار إدارة بایدن اقرأ أیضا فی غزة

إقرأ أيضاً:

لافروف: أمريكا تريد علاقات طبيعية مع روسيا و أوروبا تريد التصعيد

أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف على أن الولايات المتحدة أعربت خلال مفاوضات الرياض عن رغبتها في إقامة علاقات طبيعية مع روسيا، وفق ما ذكرت وسائل إعلام متفرقة.

ترامب أم نتنياهو؟.. نصف الإسرائيليين يحسمون الجدل حول مصير الرهائن | استطلاع صادمنشرة أخبار العالم | ترامب يوافق على استقبال زيلينسكي.. وواشنطن تنهي تجميد المساعدات لأوكرانيا.. واغتيال سفير سوري منشق في درعا.. والولايات المتحدة ترحّب باتفاق سوريا وقسدترامب: مستعد لاستقبال زيلينسكي في البيت الأبيضبعد موافقة أوكرانيا على اقتراح وقف إطلاق النار.. واشنطن تنهي تجميد المساعدات العسكريةالولايات المتحدة تكشف موقفها من الاتفاق بين سوريا و«قسد»

وهاجم لافروف الادعاءات التي تقول بأن روسيا تبتعد عن منطقة الشرق والصين والهند وإفريقيا وقال : هي مجرد أوهام.


وذكر لافروف أن موسكو منفتحة على مقترح ترامب بعقد لقاء روسي أمريكي صيني لمناقشة الأمن النووي إذا كانت بكين مهتمة.


وحول أوكرانيا، ووفق ما ذكرت وكالة تاس نقلا عن لافروف، فقد قال إن ترامب لا يريد تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا بقيادة زيلنسكي، و روسيا لن تقبل وجود قوات للناتو في أوكرانيا تحت أي شروط، وذلك لأن قوات حفظ السلام التابعة للناتو ستتولى حماية النظام النازي في بقايا أوكرانيا.


وأوضح لافروف أن روسيا تعرف كيف تتجنب أي تسوية بشأن أوكرانيا من شأنها تعريض حياة الناس للخطر، ذاكرا أن دولا أوروبية تريد التصعيد بشأن أوكرانيا وتستعد لفعل شيء قد يدفع ترامب لاتخاذ إجراءات عدوانية ضد روسيا.

وحول الصين، ذكر لافروف أن روسيا لن تنتهك أبدا الالتزامات القانونية والسياسية التي تربطها بالصين.
كما أن روسيا ناقشت وضع الاتفاق النووي الإيراني مع أمريكا وتواصل الاتصالات بشأن هذه القضية مع أوروبا. 

مقالات مشابهة

  • المقريف يلتقي مسؤولين بالسفارة الفرنسية لبحث تطوير التعليم اللغوي
  • نوفا: لهذه الأسباب.. مؤسسة النفط بالعاصمة طرابلس تطرح نموذج تعاقدي جديد
  • في أبريل..العدل الدولية تنظر في منع إسرائيل المساعدات عن غزة
  • لافروف: أمريكا تريد علاقات طبيعية مع روسيا و أوروبا تريد التصعيد
  • أداء باهت وأحداث مفككة.. لهذه الأسباب يخيب "العتاولة 2" آمال جمهوره
  • محكمة مغربية تقضي بحبس رضوان القسطيط عامين في تهم إهانة مسئولين
  • مفتي الجمهورية: الزعم بأن الإنسان مجبر على المعصية باطل لهذه الأسباب
  • أوروبا قلقة من قدرة أمريكا منع إقلاع طائرات إف-35
  • تقرير تحليلي: لهذه الأسباب.. توسع النفوذ العسكري التركي في إفريقيا وليبيا
  • المايكروبلاستيك يدمر النظم البيئية ويضر بصحة الإنسان