الاسرة /زهور عبدالله
ما لم يستوعبه الأمريكي ومن يدور في فلكه من قوى الاستكبار العالمي حتى اللحظة، إن الموقف اليمني المناصر للقضية الفلسطينية ولمظلومية الأشقاء في غزة ليس خاضعا للمساومة والمقايضة وليس سلعة رخيصة في سوق المقايضات والتداولات والمتاجرة الدولية بالمواقف والتوجهات السياسية.
-والسبب في هذا الجهل الأمريكي بحسب كثير من المحللين السياسيين والمتابعين حول العالم هو افتقار الإدارة الأمريكية للمبادئ والقيم والمنطلقات التي تحكم مواقف وتوجهات وسياسات دول مثل اليمن وهي التي تعتمد في ذلك على ركائز عميقة أساسها الإيمان المطلق بعدالة القضية الفلسطينية وبالواجبات والمسئوليات التي تفرضها تعاليم الدين الإسلامي والضمير الإنساني في نجدة المظلوم وإغاثة الملهوف والتصدي للجبروت والطغيان.


لقد اجتهدت واشنطن كثيرا وجربت كل وسائل الضغط وسياسات الترهيب والترغيب لثني اليمن عن موقفه المناهض والفاعل في مقارعة العدوان الصهيوني الغاشم على الشعب الفلسطيني في غزة والذي تجاهل كل ذلك ومضى في موقفه المتصاعد منذ اللحظات الأولى للعدوان الإسرائيلي حتى وصل إلى مرحلة الفعل المؤثر ما جعل كيان الاحتلال وداعميه يصرخون وجعا وما كان من الصهيوني بايدن وأدارته الماسونية تتخذ ربما أغبى قرار في تاريخها الملطخ بالدماء والعار وشن عدوانها الهمجي بمعية توأمها في الشر بريطانيا ليتوجا سلسلة من الضغوط والأكاذيب الرامية إلى إرغام اليمن على تغيير موقفه وقراره الشجاع والمحق في ردع الظلم والغطرسة الصهيونية.
إن العديد من السياسيين في العالم استغربوا الغباء الأمريكي وقراره الأحمق بالعدوان على اليمن لتحقيق هدف هو أكثر غباء وحمقا من القرار نفسه، فمن يأمل أن تقدم دولة مثل الجمهورية اليمنية على تغيير قرارها أو مواقفها الإيمانية والوطنية والإنسانية -يقول المتابعون- فهو لا يعرف اليمن ولا شعب اليمن ولا قيادة اليمن ولا تاريخ اليمن ولا يفقه شيئا عن بأس وشجاعة وعنفوان وكبرياء الإنسان اليمني.
والكيان الصهيوني لم ولن يكون في مأمن من عمليات اليمن ولن تحميه بوارج أمريكا ولا فرقاطات بريطانيا من الاكتواء بنيران الغضب اليمني وسيدفع ثمنا باهظا لجرائمه بحق الشعب الفلسطيني وعبثه بمقدسات الأمة، فموقف اليمن لا يتغير ولا يتراجع قيد أنملة وسيبقى ثابتا راسخا مثل رسوخ جباله الشامخة الشماء.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

تسريبات عبد الناصر وتساؤلات الهوية والقضية

منذ أيام ولا تتوقف برامج "توك شو" عن مناقشة وتحليل تسريبات الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر مع الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، حول إظهار عبد الناصر حالة الإحباط التي يشعر بها تجاه مواقف الرؤساء والملوك العرب، بعد هزيمة 1967، ورغبتهم في خوض مصر الحرب، دون أن يقدموا الدعم اللازم لذلك، في مقابل خطابات "شعبوية" على حد تعبير عبد الناصر، لا طائل منها.

هذا الحوار كان بمناسبة نية عبد الناصر قبول مبادرة وزير الخارجية الأمريكي السابق روجرز، والتي تهدف إلى وقف إطلاق النار بين مصر والاحتلال الإسرائيلي.

لعل الصادم في كلام عبد الناصر، رائد القومية العربية وزعيمها، هو حديثه عن أن على الفلسطينيين أن يقوموا بقضيتهم، وأن قضيته هي تحرير الأراضي المصرية التي احتُلت بعد هزيمة 1967، وإن كان الكلام اجتزئ من سياقه، إذ إن الرجل وللأمانة كان يعبر عن حالة إحباط لا استسلام، حتى ولو أن نيته كانت تحميل الفلسطينيين مسؤولية ما يخصهم من القضية العربية- الإسرائيلية، إلا أن ذلك لم يتم على أرض الواقع، ولا يدري أحد؛ لأن المنية كانت أسبق من أن ينفذ معتقده، أم أن كلامه في التسريبات كان من قبيل الغضب والكبت والإحباط، لا سيما وأن الهزيمة أوقعت رمزا كبيرا في مخيال الأمة العربية.

ويأتي الجدل حول التسريبات بسبب توقيت خروج هذه التسريبات، إذ إن الفلسطينيين ولا سيما المقاومة في غزة والضفة يعيشون أزمة كبيرة، جوهرها الخذلان؛ لا العدو والخسائر التي خلفها من عدوانه سواء على غزة أو الضفة، في وقت تطالبهم القوى العربية الكبرى؛ بأن يلقوا سلاحهم، ويتركوا مساحة لوقف العدوان من خلال مفاوضات إرضاء العدو، وهو ما أحدث هذا الجدل، سواء على مستوى الحاضر في دعوة العرب للمقاومة إلقاء سلاحها، أو على مستوى استشهاد من يرى ذلك بما تم تسريبه من لقاء عبد الناصر والقذافي، إذ يرى هؤلاء أن ذلك عين العقل، حيث يوفر قرار إلقاء السلاح وقف نزيف الدم والأرواح للمدنيين في غزة والضفة.

دارت السجالات بين من رأى أن عبد الناصر كان واعيا ومقدرا للموقف أكثر من كل حكام العرب، في حينها، وهو الخط الذي سار عليه السادات من بعده، ولحقه كل العرب فيما بعد، ما يؤكد رجاحة عقله وثبت زعامته، وأن القومية لا تعني العنترية أو سحب البلاد إلى مغامرات غير محسوبة، وبين من يرى أن مغامرات عبد الناصر أودت بالعرب إلى ما هم عليه الآن، وأنه سبب الهزيمة في 1967 وما قبلها، وأنه هو من أدخل العنترية واللامنطقية إلى ساحات السياسة، وأن إسقاط موقف عبد الناصر و"حكمته" على الحالة الفلسطينية اليوم لا يمت للعقل ولا مقتضى المنطق. كما أن بحث كل قُطر عن مصالحه والانكفاء على حل مشاكله، ليس واجب الوقت كما يدعي أصحاب الرأي الأول.

وبين هؤلاء وهؤلاء يبرز تساؤل كبير حول الهوية والقضية، وما إذا كانت القضية الفلسطينية هي قضية العرب كلهم، كما يرى القوميون والعروبيون، أم هي قضية الفلسطينيين، كما يرى أنصار تيار التغريب والليبرالية و99 في المئة من خيوط القضية في يد أمريكا، أم هي قضية دين وعقيدة، كما يرى الإسلاميون، أم هي مسألة صراع سياسي كما كل الصراعات، كما يرى دعاة الحياد والأكاديمية.

لقد كانت القضية الفلسطينية بنت العروبية والإسلاموية، تتنازعاها، فالأول يرى أن أرض فلسطين هي أرض عربية اغتصبها شذاذ الآفاق وعلى القومية العربية أن تثبت هوية عروبتها، وهم في ذلك باحثون عن قضية جامعة رافعة لأيديولوجيتهم، التي جاءت على أنقاض الخلافة العثمانية "الإسلامية". فالقضية سابقة على ميلاد فكرهم بمئات السنين، وربما بما يقارب الألف عام، حين فتح عمر بن الخطاب القدس، لذا فإن الإسلاميين يرون أنها قضية إسلامية بدأت مع نزول الوحي وإسراء الله سبحانه بنبيه إلى المسجد الأقصى، وبالتالي هم أولى بالقضية من غيرهم. وعلى مستوى القضية الفلسطينية في العصر الحديث، فإن أول طلائع المقاومة على المستوى الشعبي، كانت مدفوعة بالعقيدة والتاريخ، وحتى على المستوى الرسمي، كما يقول البعض، كانت مدفوعة برغبة الملك فاروق في استعادة زعامة العالم الإسلامي بقيادة الجيش المصري للجيوش التي سافرت إلى فلسطين للذود عن حياض الأقصى وفلسطين.

القضية ليست يا سادة في تسريبات عبد الناصر، ولا من موقفه، ولا من الدفاع عنه أو إدانته، القضية بل الأزمة الحقيقية أننا كأمة أصبحنا لا نعرف من نحن، وماذا نريد. لقد مرت الأمة بقرن من أصعب القرون مرت عليها، وأصبح حالنا حال من يتخبطه الشيطان من المس، لا نعرف إن كنا عروبيين، أم إسلاميين، أم كما بعضنا انحاز إلى حضارة كانت على أرضه ولم يبق منها إلا بعض الحجارة والأساطير، فهذا فرعوني، وذاك آرامي، وهؤلاء سومريون، حتى أصبحنا أمة تبحث عن ذاتها، بل صار السؤال الكبير هو: هل نحن بالفعل أمة؟

هو السؤال الذي سنجيب عنه في سلسلة من المقالات إن شاء الله في الأسابيع القادمة..

مقالات مشابهة

  • الحوثي: إعلان بريطانيا عن عملية في اليمن محاولة لرفع معنويات الأمريكيين بعد فشلهم أمام الصمود اليمني
  • تعز.. قبائل ماوية تعلن النفير العام لمواجهة العدو الأمريكي الصهيوني
  • قبائل ماوية تعلن النفير في مواجهة العدو الأمريكي الصهيوني
  • نكف قبلي في إب تأكيدا على ثبات الموقف لمواجهة العدوان الأمريكي
  • تسريبات عبد الناصر وتساؤلات الهوية والقضية
  • وقفة مسلحة في كشر استنفارا لمواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني
  • مجلس التعاون يُجدد موقفه الداعم لوحدة اليمن وجهود الحل السياسي
  • هكذا تداول الإعلام الأمريكي والدولي خبر إسقاط طائرة “إف 18” في اشتباك مع الجيش اليمني
  • العدو الصهيوني يواصل عدوانه على طولكرم ومخيميها لليوم الـ93 على التوالي
  • مصدر سياسي:مقتدى كل دقيقة له “موقف”يختلف عن الدقيقة التي قبلها وسيشارك في الانتخابات المقبلة