من خلال تتبع الحروب من قبل خبراء ومنظمات دولية تبين بأنّ طفلاً واحداً من بين ستّة أطفال يعيش في مناطق النزاعات حول العالم، في حين أنّ جهات معنيّة عدّة كانت قد أكدت أنّ أكثر الأطفال في تلك المناطق لا يحصلون على العلاج اللازم، نتيجة استمرار النزاعات وقلة الأدوية والمستلزمات الطبية، بالإضافة إلى العدد المتزايد للذين يحتاجون إلى الرعاية.

ليبيا من تلك المناطق، وما يحدث فيها وما سبق أن حدث، لا سيّما معاناة الأطفال الليبيين ويلات الصراع المسلح فيها، يستدعي تحرّك منظمات ومؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات وهيئات الدولة والمسؤولين وإدراجه على قائمة اهتماماتهم.

والنزاعات المسلحة تخلّق آثاراً سلبيّة مدمّرة بين الأفراد وفي المجتمع من كل النواحي، الاقتصادية والاجتماعية والصحية، إلى جانب أنّها تستنزف مقدّرات الدولة ككل، على خلفية ما تحدثه من دمار يطاول البيئة والبنى التحتية والاقتصاد. في حال توفّر المال، من الممكن ترميم ما دُمّر وإعادة البناء، حتى ولو احتاج الأمر إلى مدّة طويلة. أمّا الآثار التي تطاول الأفراد نفسياً أو جسدياً، فهي تلازم المتضررين، وفي بعض الأحيان طوال سنيّ حياتهم. ولعلّ الأكثر تضرراً هم الأطفال الذين يدفعون ثمن الحروب والصراعات أكثر من سواهم. هؤلاء، وإن لم يعانوا من أيّ إصابات جسدية إلا أنّ التداعيات النفسية التي قد تخلّفها النزاعات المسلحة فيهم قد تكون أكثر إيلاماً وقسوة وتلازمهم مدى الحياة، إذ إنّه لا يمكن التخلص منها أو علاجها بسهولة.

تتعدد أشكال العنف التي تستهدف الأطفال في مثل ظروف النزاعات المسلحة. إلى جانب الرصاص والقذائف والتهجير والإعاقة وبترالاطراف والموت وما إلى ذلك، في الإمكان الحديث عن الخطف وغيره من التجاوزات والتمادي في إلحاق الأذى. وهذا أمر لمسناه بالفعل في خلال السنوات الأخيرة في بلداننا الحبيبة ليبيا ، في ظل انفلات أمني غير مسبوق فاصبحت  حياة الأطفال اليومية أشبه بجحيم لا يطاق. وإلى جانب العنف المادي بأشكاله، يأتي العنف المعنوي أو النفسي ليؤثر عليهم في العمق، فترافقهم تبعاته وتمتدّ إلى ما بعد نهاية الصراعات وعودة الحياة في محيطهم إلى طبيعتها. كثيرة هي المشاهد والحوادث والصور المرعبة التي سوف تبقى ماثلة أمامهم وعالقة في أذهانهم، بصمت في كثير من الأحيان، إلى حين تتمّ استثارتها، فتُترجَم إمّا أحلاماً وكوابيس مزعجة وإمّا انفعالات نفسية وإمّا اضطرابات سلوكية أخرى.

وتكثر الصدمات وتختلف طبيعتها، ليعاني الأطفال المعنيون قلقاً حاداً وخوفاً من المجهول وتوتراً مستمراً وشعوراً بعدم الأمان، فيشعرون بأنّ الخطر محدق بهم من كل الجهات وبأنّ ذويهم غير قادرين على حمايتهم. وقد يصل الأمر بالأطفال إلى حدّ الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة الذي يحدث غالباً بعد فقدان أحد الوالدَين أو كليهما أو شخص عزيز، وبعد تدمير بيت أو مدرسة، وبعد التعرّض إلى إعاقة أو فقدان عضو من أعضاء الجسم. يُذكر أنّ الأطفال يصيرون عدوانيين ويتعاملون مع الآخرين بقسوة وينفعلون سريعاً ويغضبون كثيراً، في حين يقضمون أظافرهم أو يتبوّلون لاإرادياً وغير ذلك.

يقول الطبيب المتخصص في الأمراض النفسية والعقلية، الدكتور حازم البوعيشي، “لقد حاولنا بالتعاون مع يونيسف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة) إنجاز دراسات لتحديد معاناة الطفل الليبي، لكنّ توالي الاشتباكات المسلّحة وهجرة بعض الأطباء حالا دون ذلك”.

يمكننا أن نصنّف مواليد السنوات الثمانية الماضية كأطفال حرب، مع الإشارة إلى أنّ عدداً كبيراً منهم يعاني اضطرابات ويبدو عنيفاً مع ميل إلى التخريب أو الوحدة …وهنا نشير إلى تقرير امنية تاكد تفشّي المخدّرات بين الأطفال، تؤكد هذه التقرير أنّ تلك المواد ضُبطت في حقائب مدرسية تعود إلى أطفال في المرحلة الابتدائية، وذلك في أكثر من مكان في العاصمة الليبية طرابلس وفي مدينة بنغازي وعدد من المدن الأخرى.

كما سببت الحرب في مآسي واثار نفسية جسيمة للأطفال الذين إمّا هُجّروا وإمّا فقدوا أسرهم أو أقاربهم، ومن شأن ذلك توليد شعور بالغضب ورغبة في الانتقام. ويصيرون بالتالي مرغوبين من قبل المليشيات والتنظيمات الإرهابية التي تستفيد منهم نتيجة ما يحملونه من كره وحقد تجاه المجتمع. بالنسبة إليهم، فإنّ هذا المجتمع هو الذي تسبب في مأساتهم وما يزيد من صعوبة الأمور وخطورتها في ليبيا هو انسحاب كلّ المنظمات العاملة في المجال النفسي بل وقلة الخبرات الوطنية وايضا  نتيجة صعوبة العمل في مثل الظروف القائمة وعدم وجود بيئة مناسبة. وكثيرة هي المؤسسات المدنيّة العاجزة عن تقديم أيّ مساعدة الأطفال أكبر ضحايا الإفلاس الإنساني في ليبيا.

اليوم وأيضا لاستفحال الانفلات الأمني وعدم الاستقرار السياسي ووجود أكثر من حكومة نهيك على تولي أمور الدولة بالمحاصصة والجهوية والحزبية.

في السياق، ترك أطفال كثيرون في سنّ المراهقة مقاعد الدراسة والتحقوا بالمليشيات المختلفة، نتيجة الإغراءات المالية التي تقدّم إليهم. والظروف المعيشية الصعبة التي تعرفها الأسر جعلتها تغضّ الطرف عن ذلك، خصوصاً عند رؤية الأموال التي تغدق على الملتحقين بالمليشيات والمقاتلين تحت لوائها. يُذكر أنّ وسائل إعلام محلية ودولية تناقلت صوراً مرعبة لأطفال يقودون دبابات ويتعاملون مع مدافع وأسلحة ثقيلة، في حين من المفترض أن يكونوا على مقاعد الدراسة.

وتُعَدّ مساعدة هؤلاء الأطفال في الظروف القائمة واجباً وطنياً يجب أن يتكاتف فيه الجميع، من مؤسسات حكومية وأهلية وتطوعية، مع اللجوء إلى الوسائل العلمية التي تدعمهم وتخفف عنهم معاناتهم. وذلك من خلال محاولة تهدئتهم وجعلهم يشعرون بالأمان والسلام في داخل الأسرة، والتخفيف من حدّة الأمور التي تحدث من حولهم، ومساعدتهم في تعلم هوايات جديدة بهدف إبعادهم عمّا يحدث حولهم ولو بصورة مؤقتة. تُضاف إلى ذلك ضرورة الإنصات الجيّد إليهم وهم يتحدثون عن مخاوفهم وقلقهم، إذ إنّ عدم تجاهل تلك المخاوف والاستهانة بها أمر أساسي.

مما تم سرده يتضح ان من اهم الاثار النفسية والجسدية للحرب على الطفولة الاتي

الآثار النفسية أحلام وكوابيس مزعجة انفعالات واضطربات نفسية وسلوكيات غير سوية الخوف من المجهول توتر مستمر وشعور بعدم الأمان سرعة الانفعال ورد الفعل العنيف حب الانتقام والقسوة المبالغ  فيها التبول اللاإرادي قضم الأظافر الآثار الجسدية بتر الأطراف فقد أحد العينين أو فقد البصر الصم فقد السمع التاتاة وصعوبة النطق التشوهات الجسدية نتيجة الحروق كما أنه لوحظ من خلال المتابعة الأمنية في ظل الانفلات الأمني والعمليات الحربية: تفشي الحبوب المهلوسة والمخدرات بين الأطفال انضام العديد من الأطفال إلى المليشيات والعصابات المنظمة واستغلالهم في الحرب القائمة وفي قطع الطرق وترويع الآمنين

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: أطفال فی

إقرأ أيضاً:

مؤسسة إغاثية: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم

حذرت مؤسسة لايف للإغاثة والتنمية من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان، واصفةً إياها بأنها أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم، مع وصول أعداد النازحين إلى 25 مليون شخص، نصفهم من الأطفال، وسط أوضاع مأساوية تتفاقم بسبب الحرب ونقص الغذاء والمياه وانتشار الأوبئة.

الخرطوم: تسنيم الريدي

وقالت المؤسسة، التي أسسها عرب في الولايات المتحدة وتعمل في القرن الإفريقي منذ 20 عامًا، إن الحرب المستمرة دمرت 80% من البنية التحتية، ما أدى إلى جعل 60% من السكان تحت وطأة الجوع، بينهم 2.6 مليون طفل مهدد بالموت جوعًا.

وأوضح عمر ممدوح، مدير المشروعات التنفيذية بالمؤسسة، أن السودان يشهد كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث يصرخ الأطفال جوعًا في الشوارع، بينما تعجز الأمهات عن إرضاع أطفالهن بسبب الجفاف وسوء التغذية. إلى جانب الحرب، أدى الجفاف والفيضانات إلى تدمير المحاصيل والمواشي، ما تسبب في انقطاع مصادر دخل الأسر.

كما تفشت أمراض خطيرة مثل الكوليرا والحصبة، في ظل انهيار القطاع الصحي، حيث توقفت 70% من المنشآت الصحية عن العمل.

وفيما يخص التعليم، أوضح التقرير أن الحرب أدت إلى تدمير أكثر من 5 آلاف مدرسة، مما هدد مستقبل 19 مليون طالب، وهو ما دفع المؤسسة إلى الدعوة لإغاثة عاجلة طويلة الأمد لإنقاذ السودان.

جهود الإغاثة: النساء والأطفال أولًا

رغم المخاطر الأمنية، أكدت المؤسسة أنها كانت حاضرة في قلب السودان منذ بداية الحرب عام 2023، حيث ركزت على دعم النازحين داخليًا، إضافة إلى اللاجئين السودانيين في مصر، مع إعطاء الأولوية للنساء والأطفال الذين تعرضوا للنهب والترهيب، واضطروا إلى العيش في العراء بعد فقدان عوائلهم.

وأشار ممدوح إلى أن المؤسسة وفرت الغذاء والماء لـ3,598 عائلة، ووزعت مساعدات غذائية شاملة، إلى جانب مستلزمات الحليب والحفاضات للأطفال. كما قدمت فرق المؤسسة رعاية طبية مجانية لنحو 200 عائلة من الحوامل وكبار السن والأطفال، في ظل النقص الحاد في الخدمات الصحية.

رمضان والأعياد: بصيص أمل وسط المعاناة

وفي إطار جهودها لدعم الأسر المتضررة، نفذت المؤسسة عدة مبادرات خلال شهر رمضان وعيد الأضحى، تضمنت توزيع وجبات وسلال غذائية رمضانية، إضافة إلى ذبح الأضاحي وتوزيع اللحوم على 4,250 أسرة.

كما شملت جهودها رعاية 130 يتيمًا، حيث نظمت لهم حفلات ترفيهية ووزعت الملابس والألعاب، في محاولة لإضفاء أجواء من الفرح وسط ظروفهم الصعبة.

تحديات مستمرة رغم الجهود الإنسانية

رغم تدخلها السريع، أكدت المؤسسة أن عدم الاستقرار الأمني وصعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة يشكلان عائقًا كبيرًا أمام تقديم المساعدات، مشيرةً إلى أنها تمكنت خلال حملتها الإغاثية الأخيرة من تقديم مساعدات طارئة لـ900 عائلة، إلا أن الحاجة لا تزال تفوق إمكانيات الجهات الإنسانية، ما يستدعي استجابة دولية عاجلة لإنقاذ الشعب السوداني.

الوسومآثار الحرب في السودان أنقذوا الأطفال الأزمة الإنسانية في السودان

مقالات مشابهة

  • أطفال القدس.. حتى أسطح منازلهم لم تعد آمنة
  • أرقام صادمة.. 31 % من أطفال بريطانيا يعيشون تحت خط الفقر
  • من حفظ سورة واحدة إلى القرآن كاملًا.. أطفال طحانوب يتألقون في مسابقة رمضانية
  • القدس المنسية: المدينة التي تُسرق في ظل دخان الحرب الإسرائيلية على غزة والضفة
  • الرئيس اللبناني: لن نسمح بتكرار الحرب التي دمرت كل شيء في بلادنا
  • مؤسسة إغاثية: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم
  • السيطرة علي حريق اندلع بمنطقة ألعاب أطفال في الإسكندرية
  • لماذا تشن إسرائيل الحرب على الأطفال الفلسطينيين
  • «التنمر وأسبابه و أشكاله والآثار النفسية والمجتمعية له».. ندوة توعوية بآداب طنطا
  • الدكتور الدبل: في ظل النقص الحاد للأدوية السرطانية، فإن آلاف المرضى ‏في سوريا عرضة لفقدان الفرصة في العلاج المناسب والفعال، ما يزيد من ‏نسبة الوفيات ويعمق معاناة الأسر التي تعاني بالفعل من الأعباء النفسية ‏والمالية الناتجة عن هذا المرض