أطفال ليبيا والآثار النفسية والجسدية الناجمة عن الحرب
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
من خلال تتبع الحروب من قبل خبراء ومنظمات دولية تبين بأنّ طفلاً واحداً من بين ستّة أطفال يعيش في مناطق النزاعات حول العالم، في حين أنّ جهات معنيّة عدّة كانت قد أكدت أنّ أكثر الأطفال في تلك المناطق لا يحصلون على العلاج اللازم، نتيجة استمرار النزاعات وقلة الأدوية والمستلزمات الطبية، بالإضافة إلى العدد المتزايد للذين يحتاجون إلى الرعاية.
ليبيا من تلك المناطق، وما يحدث فيها وما سبق أن حدث، لا سيّما معاناة الأطفال الليبيين ويلات الصراع المسلح فيها، يستدعي تحرّك منظمات ومؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات وهيئات الدولة والمسؤولين وإدراجه على قائمة اهتماماتهم.
والنزاعات المسلحة تخلّق آثاراً سلبيّة مدمّرة بين الأفراد وفي المجتمع من كل النواحي، الاقتصادية والاجتماعية والصحية، إلى جانب أنّها تستنزف مقدّرات الدولة ككل، على خلفية ما تحدثه من دمار يطاول البيئة والبنى التحتية والاقتصاد. في حال توفّر المال، من الممكن ترميم ما دُمّر وإعادة البناء، حتى ولو احتاج الأمر إلى مدّة طويلة. أمّا الآثار التي تطاول الأفراد نفسياً أو جسدياً، فهي تلازم المتضررين، وفي بعض الأحيان طوال سنيّ حياتهم. ولعلّ الأكثر تضرراً هم الأطفال الذين يدفعون ثمن الحروب والصراعات أكثر من سواهم. هؤلاء، وإن لم يعانوا من أيّ إصابات جسدية إلا أنّ التداعيات النفسية التي قد تخلّفها النزاعات المسلحة فيهم قد تكون أكثر إيلاماً وقسوة وتلازمهم مدى الحياة، إذ إنّه لا يمكن التخلص منها أو علاجها بسهولة.
تتعدد أشكال العنف التي تستهدف الأطفال في مثل ظروف النزاعات المسلحة. إلى جانب الرصاص والقذائف والتهجير والإعاقة وبترالاطراف والموت وما إلى ذلك، في الإمكان الحديث عن الخطف وغيره من التجاوزات والتمادي في إلحاق الأذى. وهذا أمر لمسناه بالفعل في خلال السنوات الأخيرة في بلداننا الحبيبة ليبيا ، في ظل انفلات أمني غير مسبوق فاصبحت حياة الأطفال اليومية أشبه بجحيم لا يطاق. وإلى جانب العنف المادي بأشكاله، يأتي العنف المعنوي أو النفسي ليؤثر عليهم في العمق، فترافقهم تبعاته وتمتدّ إلى ما بعد نهاية الصراعات وعودة الحياة في محيطهم إلى طبيعتها. كثيرة هي المشاهد والحوادث والصور المرعبة التي سوف تبقى ماثلة أمامهم وعالقة في أذهانهم، بصمت في كثير من الأحيان، إلى حين تتمّ استثارتها، فتُترجَم إمّا أحلاماً وكوابيس مزعجة وإمّا انفعالات نفسية وإمّا اضطرابات سلوكية أخرى.
وتكثر الصدمات وتختلف طبيعتها، ليعاني الأطفال المعنيون قلقاً حاداً وخوفاً من المجهول وتوتراً مستمراً وشعوراً بعدم الأمان، فيشعرون بأنّ الخطر محدق بهم من كل الجهات وبأنّ ذويهم غير قادرين على حمايتهم. وقد يصل الأمر بالأطفال إلى حدّ الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة الذي يحدث غالباً بعد فقدان أحد الوالدَين أو كليهما أو شخص عزيز، وبعد تدمير بيت أو مدرسة، وبعد التعرّض إلى إعاقة أو فقدان عضو من أعضاء الجسم. يُذكر أنّ الأطفال يصيرون عدوانيين ويتعاملون مع الآخرين بقسوة وينفعلون سريعاً ويغضبون كثيراً، في حين يقضمون أظافرهم أو يتبوّلون لاإرادياً وغير ذلك.
يقول الطبيب المتخصص في الأمراض النفسية والعقلية، الدكتور حازم البوعيشي، “لقد حاولنا بالتعاون مع يونيسف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة) إنجاز دراسات لتحديد معاناة الطفل الليبي، لكنّ توالي الاشتباكات المسلّحة وهجرة بعض الأطباء حالا دون ذلك”.
يمكننا أن نصنّف مواليد السنوات الثمانية الماضية كأطفال حرب، مع الإشارة إلى أنّ عدداً كبيراً منهم يعاني اضطرابات ويبدو عنيفاً مع ميل إلى التخريب أو الوحدة …وهنا نشير إلى تقرير امنية تاكد تفشّي المخدّرات بين الأطفال، تؤكد هذه التقرير أنّ تلك المواد ضُبطت في حقائب مدرسية تعود إلى أطفال في المرحلة الابتدائية، وذلك في أكثر من مكان في العاصمة الليبية طرابلس وفي مدينة بنغازي وعدد من المدن الأخرى.
كما سببت الحرب في مآسي واثار نفسية جسيمة للأطفال الذين إمّا هُجّروا وإمّا فقدوا أسرهم أو أقاربهم، ومن شأن ذلك توليد شعور بالغضب ورغبة في الانتقام. ويصيرون بالتالي مرغوبين من قبل المليشيات والتنظيمات الإرهابية التي تستفيد منهم نتيجة ما يحملونه من كره وحقد تجاه المجتمع. بالنسبة إليهم، فإنّ هذا المجتمع هو الذي تسبب في مأساتهم وما يزيد من صعوبة الأمور وخطورتها في ليبيا هو انسحاب كلّ المنظمات العاملة في المجال النفسي بل وقلة الخبرات الوطنية وايضا نتيجة صعوبة العمل في مثل الظروف القائمة وعدم وجود بيئة مناسبة. وكثيرة هي المؤسسات المدنيّة العاجزة عن تقديم أيّ مساعدة الأطفال أكبر ضحايا الإفلاس الإنساني في ليبيا.
اليوم وأيضا لاستفحال الانفلات الأمني وعدم الاستقرار السياسي ووجود أكثر من حكومة نهيك على تولي أمور الدولة بالمحاصصة والجهوية والحزبية.
في السياق، ترك أطفال كثيرون في سنّ المراهقة مقاعد الدراسة والتحقوا بالمليشيات المختلفة، نتيجة الإغراءات المالية التي تقدّم إليهم. والظروف المعيشية الصعبة التي تعرفها الأسر جعلتها تغضّ الطرف عن ذلك، خصوصاً عند رؤية الأموال التي تغدق على الملتحقين بالمليشيات والمقاتلين تحت لوائها. يُذكر أنّ وسائل إعلام محلية ودولية تناقلت صوراً مرعبة لأطفال يقودون دبابات ويتعاملون مع مدافع وأسلحة ثقيلة، في حين من المفترض أن يكونوا على مقاعد الدراسة.
وتُعَدّ مساعدة هؤلاء الأطفال في الظروف القائمة واجباً وطنياً يجب أن يتكاتف فيه الجميع، من مؤسسات حكومية وأهلية وتطوعية، مع اللجوء إلى الوسائل العلمية التي تدعمهم وتخفف عنهم معاناتهم. وذلك من خلال محاولة تهدئتهم وجعلهم يشعرون بالأمان والسلام في داخل الأسرة، والتخفيف من حدّة الأمور التي تحدث من حولهم، ومساعدتهم في تعلم هوايات جديدة بهدف إبعادهم عمّا يحدث حولهم ولو بصورة مؤقتة. تُضاف إلى ذلك ضرورة الإنصات الجيّد إليهم وهم يتحدثون عن مخاوفهم وقلقهم، إذ إنّ عدم تجاهل تلك المخاوف والاستهانة بها أمر أساسي.
مما تم سرده يتضح ان من اهم الاثار النفسية والجسدية للحرب على الطفولة الاتي
الآثار النفسية أحلام وكوابيس مزعجة انفعالات واضطربات نفسية وسلوكيات غير سوية الخوف من المجهول توتر مستمر وشعور بعدم الأمان سرعة الانفعال ورد الفعل العنيف حب الانتقام والقسوة المبالغ فيها التبول اللاإرادي قضم الأظافر الآثار الجسدية بتر الأطراف فقد أحد العينين أو فقد البصر الصم فقد السمع التاتاة وصعوبة النطق التشوهات الجسدية نتيجة الحروق كما أنه لوحظ من خلال المتابعة الأمنية في ظل الانفلات الأمني والعمليات الحربية: تفشي الحبوب المهلوسة والمخدرات بين الأطفال انضام العديد من الأطفال إلى المليشيات والعصابات المنظمة واستغلالهم في الحرب القائمة وفي قطع الطرق وترويع الآمنينالآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: أطفال فی
إقرأ أيضاً:
270 طفلاً بسجون الاحتلال يواجهون مرحلة أكثر دموية بظل الحرب
رام الله - صفا
قال نادي الأسير الفلسطيني وهيئة شؤون الأسرى والمحررين، "إن الأطفال الفلسطينيين يواجهون مرحلة هي الأكثر دموية بحقهم في تاريخ قضيتنا، مع استمرار حرب الإبادة وعمليات المحو الممنهجة، اللتين أدتا إلى استشهاد الآلاف منهم، إلى جانب آلاف الجرحى، والآلاف ممن فقدوا أفرادا من عائلاتهم أو عائلاتهم بشكل كامل".
وأضافت النادي والهيئة في بيان مشترك، صدر لمناسبة اليوم العالمي للطفل، الذي يوافق العشرين من تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام "أن مستوى التوحش الذي يمارسه الاحتلال بحق أطفالنا، يشكل أحد أبرز أهداف حرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من 411 يوما، لتكون هذه المرحلة من التوحش امتداداً لسياسة استهداف الأطفال التي يمارسها الاحتلال منذ عقود طويلة، إلا أن المتغير اليوم، هو مستوى الجرائم الراهنة وكثافتها".
وأشارا إلى أن قضية الأطفال المعتقلين شهدت تحولات هائلة منذ بدء حرب الإبادة، فقد تصاعدت حملات الاعتقال بحقهم، سواء في الضفة التي سُجل فيها ما لا يقل عن (770) حالة اعتقال بين صفوف الأطفال، إضافة إلى أطفال من غزة لم تتمكن المؤسسات من معرفة أعدادهم، في ضوء استمرار جريمة الإخفاء القسري، ويواصل الاحتلال اليوم اعتقال ما لا يقل عن (270) طفلا يقبعون بشكل أساسي في سجني (عوفر، ومجدو)، إلى جانب المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال، ومنها معسكرات استحدثها بعد الحرب، مع تصاعد عمليات الاعتقال التي طالت آلاف المواطنين.
واستعرضا جملة من المعطيات والحقائق عن واقع عمليات الاعتقال للأطفال، وظروف احتجازهم:
وبينا أنه ومنذ بدء حرب الإبادة، تعرض ما لا يقل عن 770 طفلاً من الضفة تقل أعمارهم عن 18 عاما، للاعتقال على يد قوات الاحتلال، ولا يشمل ذلك من أبقى الاحتلال على اعتقاله، ومن أفرج عنه لاحقاً.
ولا يزال ما لا يقل عن 270 طفلاً معتقلين في سجون الاحتلال وتتراوح أغلبية أعمارهم بين (14-17) عاماً، مع الإشارة إلى أنه لا معطى واضح عن أعداد الأطفال الذين تعرضوا للاعتقال من غزة، في ضوء استمرار جريمة الإخفاء القسري بحقهم داخل المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال.