أكد الكاتب الصحفي كرم جبر، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أن قرار محكمة العدل الدولية الخاص بالوضع في غزة، لو تم توثيقه يرضي الجميع ولكن لا يرضي إسرائيل، فهو يرضي الجميع لأنه منح للعرب والفلسطينيين عدة أشياء مثل التدابير التي تؤدي إلى منع الإبادة الجماعية وإجراءات توفير وإيصال الاحتياجات الإنسانية ومنع التحريض على الإبادة ومعاقبة من يشجع على ذلك، مضيفًا أن هذه الأشياء بالنسبة لنا مطمئنة.

 

وأضاف جبر خلال لقائه ببرنامج "مانشيت"، عبر قناة "CBC"، مع الإعلامي جابر القرموطي أن سقف الطموح كان إصدار قرار بوقف إطلاق النار ولكن هذا لم يحدث، أو على الأقل يصدر قرار بهدنة طويلة أو قصيرة يسمح فيها بإدخال المعونات، مشيرًا إلى أن إسرائيل راضية تمامًا بعدم صدور قرار بوقف إطلاق النار ولا التهدئة وإنما نص على الإفراج على الرهائن دون قيد أو شرط، وراضية على التوصيف لما حدث يوم 7 أكتوبر، وكأن القرار تفهم منه إسرائيل أن هذه المبررات كانت السبب في الحرب ضد غزة وبالتالي فكرة الدفاع عن النفس.

وأشار إلى أن أحكام المحاكم الأسباب والمنطوق، فالأسباب هي من تؤدي إلى المنطوق، ولكن سرد القاضية للأسباب وصفت الجرائم الإسرائيلية وصفًا دقيقًا وتناولت الأوضاع المأساوية في غزة وأنها لم تعد صالحة للحياة، كما تناولت شهادات سكرتير عام الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، مضيفًا أن كل ذلك كان يجب أن يؤدي إلى صدور قرار حده الأدنى إدخال المساعدات بعد هدنه، متسائلًا حول قرار وقف الإبادة الجماعية، قائلًا كيف يتم ذلك إذا لم يكن هناك وقف لإطلاق النار أو هدنة طويلة.

وقال إن المحكمة تعرضت لضغوط وقبل الحكم بساعات وزير الخارجية البريطاني نصح بعدم إصدار قرار بوقف إطلاق النار لأنه لن يكون في صالح القضية، وتصريحات مماثلة من الولايات المتحدة وألمانيا، مضيفًا أن قرار المحكمة لم يخرج عن قرارات مجلس الأمن، وعند النقطة الفاصلة وهي وقف إطلاق النار أو هدنة طويلة لم ينجح مجلس الأمن وكذلك محكمة العدل الدولية، ولو نظرنا إلى تصريحات الرئيس بايدن نجدها مطابقة لقرار المحكمة لذلك أنت تعود بالقضية إلى نقطة الصفر وتعود للرؤى والأطروحات التي تتبناها بعض الدول وخصوصًا مصر، مثل وقف إطلاق النار وحل الدولتين، مضيفًا أن الحل القضائي أو عن طريق مجلس الأمن لن يؤدي إلى كثير، فالمحكمة أمهلت إسرائيل شهرًا لعرض الإجراءات لمنع الإبادة الجماعية رغم أنها حدثت بالفعل، والعالم كله يعلم أن وقف الإبادة الجماعية يكون عن طريق وقف إطلاق النار.

وأكد رئيس الأعلى لتنظيم الإعلام، أن الرئيس طرح قضية هامة متعلقة بفقه الأولويات، وكان السؤال المطروح هل كان الرأي العام المصري يتحمل الأزمات الكبيرة في 2010 و2011 و2012 و2013، مضيفًا أنه إذا لم تقم الدولة بالإنجازات الكبيرة التي حدثت هل كان الرأي العام يتحمل الأزمات.

وقال إننا نلاحظ أنه إذا انقطعت الكهرباء الآن لمدة ساعتين يتذمر المواطنين وهم لهم الحق في ذلك، ولكن يجب أن يفهموا الأسباب التي أدت إلى ذلك، كذلك إذا حدثت أي أزمة في أي مادة تموينية يشعر المواطنون بالغضب، مشيرًا إلى أن حزمة الأزمات التي كانت موجودة في الفترة التي أعقبت 2011 مثل الأمن بعد اقتحام السجون وانطلاق السجناء في المدن وارتكابهم الجرائم، بجانب جرائم الجماعة الإرهابية من تفجير مديرية أمن القاهرة والدقهلية والهجوم على أقسام الشرطة ورجال الأمن، وهو ما جعل المواطنين يشعرون بالخوف، لأنه في ذلك الوقت مصر لم تكن آمنة بالمرة، كذلك مظاهرات الجمعة التي تأتي من مناطق بعينها إلى ميدان التحرير ورمسيس وكانوا يحملون الأسلحة ويطلقون النيران، فهل كان المصريون قادرين على تحمّل الوضع، إذن كان لابد من استعادة الأمن والاستقرار، لذلك الفاتورة كانت باهظة.

وأشار إلى أن إعادة بناء الأقسام ومديريات الأمن أنفق عليه الكثير من الأموال، مضيفًا أن المواقع الاستراتيجية الهامة في القاهرة والمحافظات كان يتم بناء سواتر حماية حولها وهو ما كان ينفق عليه الكثير، كذلك تكلفة إعادة بناء الشرطة وتسليحها بعد السيارات التي تم حرقها والأسلحة التي تم نهبها، الرقم كان مليار جنيه كل شهر تكلفه استعاده الأمن.

وأوضح أن المصريين لم يكن ليستطيعوا تحمل هذه الحالة الأمنية الهشة والعمليات في سيناء، لأنه مستحيل أن تعيش البلد في حالة الخوف، مضيفًا أن كل ذلك كان الفاتورة الباهظة والمكلفة التي تدفع تبعاتها حتى الآن، كذلك الأزمات مثل الطوابير أمام حنفيات الشرب في بعض المناطق الريفية، وكانت بعض القنوات الفضائية الخارجية تقوم بتصور ذلك الأمر، والكهرباء التي كانت تنقطع عن المرضى في غرف العمليات والأطفال في الحضانات والاسنسيرات التي كانت تعلق بالمواطنين.

وأشار إلى أن المواطنين ينسون ما حدث، مضيفًا أن دور الإعلام تنبيه المواطنين أين كنا وكيف أصبحنا وإلى أين سنصل في النهاية، مضيفًا أنه عندما سقطت الصخرة في المقطم على المواطنين وكانت العشش تبنى على عشش الثعابين، وحينما حاولت نقلهم رفضوا في البداية بسبب وجود عملية تحريض ولكن من تم نقلهم وشاهدوا الحياة الآدمية.

وأشار إلى ما تم من تطوير في مثلث ماسبيرو، وتم عودة السكان إلى أماكنهم بعد تطويرها، ففي الماضي لم تكن أي سيارة شرطة أو إسعاف تستطيع الدخول إلى هناك وكان هذا المكان بؤرة للجرائم والمخدرات، وغيرها من الأماكن مثل غيط العنب في الإسكندرية، والأماكن الأخرى التي كانت آيلة للسقوط، مضيفًا أن الدولة أنفقت الكثير على المدن الجديدة وطورت وحدّثت، لذلك الفاتورة كانت باهظة.

وأوضح أنه لم يجرؤ أي نظام حكم في الفترات السابقة أن يقتحم هذا الملف، وشاهدنا جميعًا الأفلام والبرامج التي كانت تسخر من الأمر في الماضي، مضيفًا أنك استطعت القضاء على هذه الأماكن وكل المناطق الخطرة تم القضاء عليها بنسبة 100 % وتحاول تحسين بعض الأماكن الأخرى، وأشار إلى ما حدث من إنجاز في شبكة الاتصالات، قائلًا إنه قديمًا من كان يتقدم للحصول على خط تليفون كان ينتظر الكثير من الوقت.


وقال إن الفاتورة كانت كبيرة وباهظة وتدفع حتى الآن جزء منها، مضيفًا أنه قدر هذا الجيل أن يتحمل أعباء الفاتورة القديمة باهظة التكاليف، مشيرًا إلى البعض يتحدث عن الأوضاع الغذائية وزيادة الأسعار، ففعلًا من حق المواطنين أن يكون هناك هدوء في الأسعار لأن بعض الفئات أصبح ليس لديها قدرة على الشراء، ولكن علينا أن نتذكر أنه في فترة من الفترات لم يكن يمر يوم إلا وهناك سلعة مختفية، فحاليًا الإتاحة موجودة ولكن الأسعار كبيرة.

وأشار إلى شبكات الطرق التي سهلت الأمور في المدن المختلفة، مضيفًا أنها لم تكن نفذت لكانت تحولت القاهرة وعواصم المدن إلى مناطق مغلقة لا تستطيع أي سيارة أن تمر، مشيرًا إلى أنه حاليًا شرايين القاهرة اتفتحت، وتساءلت عواصم أخرى في بلدان أخرى عن كيف حدثت هذه الطفرة، مضيفًا أن الطرق والكباري من أهم إنجازات الدولة خلال الـ 10 سنوات السابقة.

وأوضح أن التطور في وسائل المواصلات، ونقل الوزارات إلى العاصمة الإدارية جعلت الحركة في القاهرة أفضل، مضيفًا أن البعض يقولون إن هذا سبب زيادة الديون والقروض ولكن أنت أقمت بها أصول وأعدت بناء الدولة، كذلك فتلك المشروعات قادرة على سداد أقساط وفوائد الديون، مشيرًا إلى أن زيادة أسعار تذاكر المترو جزء يذهب للصيانة وجزء للأقساط.

وأكد أن ما يحدث في البلد حاليًا هو بناء للبلد، وأي رئيس أو حاكم بعد عمر طويل لن يأخذ أي شيء معه، قائلًا إن الأمر يشبه رب الأسرة الذي يترك لأولاده ما يستطيعون أن يعيشوا به عيشة كريمة.

وأضاف أن الرئيس طرق الحديد وهو ساخن فيما يتعلق بالدولار، ويبدو أنه سيكون في الفترة القادمة مسألة حياة أو موت، مضيفًا أنه يجب التعامل مع مسألة الدولار بكل الطرق الممكنة لأن أي ارتفاع في الأسعار يكون بسبب الدولار لأن المواطنين يسعرون سلعهم على أساس الدولار حتى ولو لم يكن هناك أي مكون دولاري في السلعة.

وأشار إلى ضرورة تضافر الجهود وأن يقدم الخبراء حلولًا وبدائل للأمر، كذلك رجل الأعمال والبنوك والصناع والزراع والأكاديميين وأن يتم الاتفاق على أجندة، مضيفًا أن هناك مؤشرات تم الإعلان عن بعضها إنك ستجذب حزمة كبيرة من الاستثمارات العربية والأجنبية وستضخ أموال كثيرة، وهو ما سيساعد على تهيئة الأجواء، كذلك يجب زيادة العمل على تعظيم المكون المحلي، وكذلك زيادة الصادرات التي بها العديد من المقترحات فدولة مثل تركيا لا تعطي دعمًا على التصدير إلا للشعلة التي تكون بفاتورة.

وأوضح أنك لا يمكن أن تجبر المصريين في الخارج على التعامل مع البنوك إلا لو كان السعر متوازنًا مع الخارج، مشيرًا إلى وجود بعض السماسرة في بعض العواصم العربية يقومون بالحصول على الأموال من المصريين وتحويلها إلى داخل مصر بعيدًا عن الجهاز المصرفي، ولو حدث هذا التوازن سيلجأ المواطن للطرق الرسمية، وأوضح أن التعامل مع الدولار خلال الفترة المقبلة سيؤدي إلى انفراج كل الأزمات، خاصة وأنك تصدر بالجنيه وتستورد بالدولار.

وقال إن الأزمات على الحدود تؤثر على مصر، فهناك عجز حاليًا يصل إلى 42 % في إيرادات قناة السويس بسبب ما يحدث في البحر الأحمر من الحوثيين من الهجوم على السفن، وهو ما استغلته الولايات المتحدة لتوسيع نطاق الحرب، ومصر حذرت من البداية من ضرب الحوثيين لأنه كان يمكن التعامل معهم بالطرق الودية، مضيفًا الوضع في غزة.

وأكد أن الاقتراب من محور فيلادلفيا هو خط أحمر، مضيفًا أن إسرائيل سوف تدرك أنها ستدفع فاتورة فاضحة في الفترة المقبلة وبدأ العجز والبطالة والهجرة العكسية، فهي تقوم على الهجرة وتقوم بتخريب غزة لتكون أرضًا بلا سكان وتحل محلهم بسكان آخرين، ويمكن محكمة العدل الدولية لأول مرة تسلط الأضواء على اعتداءات إسرائيل وتدينها بهذا الشكل، وأصبحت إسرائيل بعد أن كانت ضحية وتتباكى على ما حدث لها من هولوكوست أصبحت جاني وفي نظر الكثير من شعوب العالم دولة معتدية وتقوم بإبادة جماعية لشعب مسالم.


وقال إن القضية الفلسطينية وما يحدث في غزة مرشحة للاستمرار، فهناك أحاديث في إسرائيل أن الحرب ستستمر لمدة عام أو عامين، كذلك الوضع في البحر الأحمر مرشح للاستمرار، كذلك فالسودان لا يوجد اتفاق وداخلين على تقسيم، وليبيا كذلك ربنا يحميهم ولا يتم تقسيمها وتفتيت ثروتها، مضيفًا أنه هذه الدروس التي يجب أن تكون أمام أعيننا بعد 25 يناير.

وأضاف أن هناك بعض اللقطات التي حدثت بعد 25 يناير، حيث استاء الجميع من منظر ضباط الشرطة الملتحين، الذين كانوا يشجعون على اقتحام مديريات الأمن ووزارة الداخلية، مضيفًا أن المصريين اعتادوا أن يروا ضابط الشرطة يرتدي ملابس نضيفه ومهندم الشكل، ولكن الجماعة الإرهابية حاولت تحويل الأمر إلى مليشيات إرهابية، مشيرًا إلى ما وقع من حادث لرئيسة المعهد القومي للبحوث والتي كان زوجها أكبر أستاذ لأمراض العيون في طب قصر العيني ونجلها طبيب عيون وكانوا في طريق عودتهم من أحد الأفراح الساعة 12 ليلًا وقابلهم اللصوص حتى وسقطت السيارة من فوق الكوبري وتوفى الابن وزوجته وولد، كذلك الطبيب المسئول عن قسم الرعاية الحرجة في القصر العيني والذي كان قد أجرى جراحة زرع كلى، وحينما أوقفه اللصوص طالبهم بأخذ السيارة وتركه لكنهم أخذوه معهم وهو ما تسبب في وفاته ليلقوه على جانب الطريق، كذلك ما حدث أمام قصر الاتحادية، قائلًا هذه هي الحالة الأمنية التي كنا نعيشها.

وأوضح أن الجماعة الإرهابية حاولت إرهاب المواطنين، وهدم الثقة في أجهزة الدولة وأنها لا تستطيع حمايتكم، والعمل على إيجاد سلطة بديلة مثل ميليشيات خيرت الشاطر والتي كانوا يحاولون استبدال الجيش بجيشهم وكذلك الشرطة والقضاء، وأخونة الدولة، مضيفًا أنه لا يمكن أن يتم أخونة الدولة لأنها الأقدم في التاريخ.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: محکمة العدل الدولیة الإبادة الجماعیة وقف إطلاق النار مشیر ا إلى أن التعامل مع مضیف ا أنه التی کانت وأشار إلى وأوضح أن وقال إن قائل ا ما حدث وهو ما لم یکن فی غزة

إقرأ أيضاً:

كر مان في مؤتمر دولي تدعو الى دعم محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية لإدانة إسرائيل وإصدار مذكرات اعتقال بحق مرتكبي المجازر بغزة

  

دعت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام تو كل كر مان الحكومة التايلاندية إلى دعم محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية لإدانة إسرائيل وإصدار مذكرات اعتقال بحق مرتكبي المجازر في غزة.

وقالت تو كل كر مان في كلمة لها أمام المؤتمر الدولي للسلام والتنمية وبناء الأمة بتايلاند، إنه لا يمكن تجاهل الحرب المستعرة في غزة.

وأضافت كر مان: ينبغي أن لا ننسى أن حرب إبادة جماعية وتطهير عرقي تتعرض لهما غزة، ولم يشهد العالم لها مثيلاً منذ الحرب العالمية الثانية، مشيرة إلى أن هذا الوضع يجري مناقشته الآن في محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية لإدانة إسرائيل وإصدار مذكرات اعتقال بحق مرتكبي هذه المجازر.

وتابعت كر مان: وإنني أدعو تايلاند إلى دعم هاتين المحكمتين وأطالب بوقف فوري لإطلاق النار، وإنهاء الاحتلال، وإعادة الإعمار، وتوفير كافة الاحتياجات الإنسانية. 

وأردفت كرمان قائلة: كما أدعو الى ضرورة محاكمة مرتكبي هذه المجازر أمام محكمة العدل، وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته الحرة المستقلة.

من جهة أخرى، أكدت تو كل كر مان أنه من أجل تحقيق السلام المستدام، يجب ضمان حماية حقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير والتجمع والصحافة، بالإضافة إلى ذلك، يشكل تعزيز الحكم الشامل والتشاركي، فضلاً عن إنشاء مؤسسات ديمقراطية قوية، حجر الأساس للمجتمعات المسالمة.

 

وفيما يلي نص الكلمة:

السيدات والسادة، الضيوف الكرام، والزملاء المحترمين،

إنه ليشرفني أيما تشريف أن أقف أمامكم اليوم هنا في هذا المؤتمر الدولي حول السلام والتنمية وبناء الأمة في هذا البلد الجميل تايلاند. يأتي انعقاد لقاءنا هذا الذي يحمل عنوان "السلام في عالم يسوده التفاوت" في لحظة مفصلية من مشوارنا العالمي. إننا، ونحن نبحر في عصر يشهد تقدمًا تكنولوجيًا متسارعًا، نواجه في الوقت ذاته احتدامًا لحدة التوترات الناجمة عن غياب المساواة، وعن الانقسامات العرقية، والطغيان السياسي، والصراع على الموارد. ولا تقف هذه التوترات عند الصراعات الداخلية، فهناك الحرب الروسية على أوكرانيا، وهناك الاحتلال الإسرائيلي والتدمير الممنهج لفلسطين، فضلاً عن الحروب في السودان وسوريا والكونغو واليمن. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الحروب التي يشنها الطغاة ضد شعوبهم تنشر الظلم وتؤجج الصراعات. وينجم عن هذه الصراعات موجات صدامية تتجاوز حدود الدولة الواحدة أو الدولتين، الأمر الذي ينعكس سلباً على السلام والأمن العالميين وعلى الكثير من الدول في أنحاء العالم.

 

فهم التفاوتات 

حتى نفهم السلام في عالم يسوده التفاوت، يتعين علينا أولاً استكشاف طبيعة هذه التفاوتات، وهي على مستويات مختلفة، فعلى المستوى الاجتماعي-الاقتصادي تتجلى على شكل فجوات في الثروة، وعلى شكل غياب للمساواة ولتكافؤ فرص الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية والعمل؛ وعلى المستوى العرقي، فتتجلى في التمييز الممنهج، وفي التحيز في ممارسات إنفاذ القانون، وفي تدني تمثيل المجتمعات في مختلف مجالات الحياة؛ أما على المستوى البيئي، فتأتي كانعكاس للتوزيع غير العادل للموارد الطبيعية وما يحدثه التدهور البيئي من تأثير غير نسبي على المجتمعات المحلية المستضعفة؛ فيما على المستوى الثقافي فغالباً ما ينجم عن عدم فهم وتقدير التنوع، مما يؤدي إلى التشرذم الاجتماعي.

وهذه التفاوتات ليس معزولة عن بعضها، بل متشابكة وتفاقم بعضها البعض. على سبيل المثال، غالبا ما تنجم المظالم البيئية عن الفوارق الاجتماعية-الاقتصادية، حيث تتحمل المجتمعات الأكثر فقراً وطأة التلوث وتغير المناخ. وعلى نحو مماثل، فإن انعدام المساواة الاقتصادية تأتي نتيجة للتباينات العرقية، مما يخلق حلقة مفرغة يصعب كسرها.

 

التأثيرات على السلام

إن العلاقة بين أشكال التفاوت والصراعات أمر لا يمكن إنكاره، فعدم المساواة يولّد الاستياء والإحباط، والذي بدوره يمكن أن يتحول ببساطة الى عنف. كما أن غياب تكافؤ الفرص والموارد يعزز الشعور بالظلم والتهميش. وحينما يشعر الناس بأنهم مستثنون من منافع التنمية والتقدم، فهم على الأرجح يلجؤون إلى تدابير متطرفة للتعبير عن مظالمهم، ويتجلى هذا في أجزاء كثيرة من العالم من خلال الاحتجاجات والانتفاضات التي اندلعت نتيجة لمزيج من الضيق الاقتصادي، والتمييز العنصري، والحرمان السياسي.

يعد الصراع الروسي-الأوكراني بمثابة تذكير صارخ بأن الدكتاتورية، والفوارق الجيوسياسية، والمظالم التاريخية، يمكن أن تؤدي إلى حروب طويلة ومدمرة. علينا أن نعترف بأن الديكتاتوريات تمثل أحد أعظم المخاطر التي تهدد السلام على المستويين العالمي والداخلي، والدكتاتوريات غالباً ما تعمل على إدامة القمع وانتهاكات حقوق الإنسان والصراعات على نحو ممنهج، فهي تقوض سيادة القانون، وتخنق المعارضة، وتخلق بيئات من الخوف والقمع.

ولأجل تحقيق السلام المستدام، يجب ضمان حماية حقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير والتجمع والصحافة. بالإضافة إلى ذلك، يشكل تعزيز الحكم الشامل والتشاركي، فضلاً عن إنشاء مؤسسات ديمقراطية قوية، حجر الأساس للمجتمعات المسالمة.

إن المجتمعات الجامعة تقوم على الاعتراف بأن التنوع يمثل قوة، فعندما يجتمع الأفراد من مشارب شتى فإنهم يقدمون وجهات نظر وحلول فريدة للتحديات المشتركة. على صناع السياسات الانخراط في حوار حقيقي يشمل كافة قطاعات المجتمع، على أن ينطوي ذلك على إنشاء آليات شفافة للمشاركة السياسية، وضمان سيادة القانون، ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان.

 

حقوق الطبيعة

إن الاعتراف بحقوق الطبيعة لنهج ناجع لمعالجة التفاوتات وخلق مجتمع أكثر إنصافا، وهو ما يعني إيجاد سياسات تحمي النظم البيئية الطبيعية وتعزز التنمية المستدامة، وهذا سيساعد على سد الفجوة بين الفوارق البيئية والاجتماعية. 

ولضمان أن تنعم كافة المجتمعات في هذا العالم، بصرف النظر عن وضعها الاجتماعي-الاقتصادي أو خلفيتها العرقية، ببيئة صحية، علينا أن نعمل من أجل تحقيق العدالة البيئية؛ ويشمل ذلك الهواء والماء النظيفين، والسكن الآمن، والمساحات الخضراء. كما يتعين علينا وضع حد لذلك الاستغلال اللا مسؤول لموارد الأرض، ووقف انبعاث الوقود الأحفوري، وحماية التنوع البيولوجي والنظم البيئية لأمنا الأرض.

 

الحرب في غزة ودعم أهلها

أخيراً، وبينما نجتمع اليوم لمناقشة السلام وأشكال التفاوت، لا يمكننا تجاهل الحرب المستعرة في غزة. ينبغي أن لا ننسى أن حرب إبادة جماعية وتطهير عرقي تتعرض لهما غزة، ولم يشهد العالم لها مثيلاً منذ الحرب العالمية الثانية. وهذا الوضع يجري مناقشته الآن في محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية لإدانة إسرائيل وإصدار مذكرات اعتقال بحق مرتكبي هذه المجازر.

وإنني أدعو تايلاند إلى دعم هاتين المحكمتين وأطالب بوقف فوري لإطلاق النار، وإنهاء الاحتلال، وإعادة الإعمار، وتوفير كافة الاحتياجات الإنسانية. كما أدعو الى ضرورة محاكمة مرتكبي هذه المجازر أمام محكمة العدل، وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته الحرة المستقلة.

  

مقالات مشابهة

  • محكمة العدل الدولية: إسبانيا قدمت طلباً للانضمام إلى دعوى جنوب إفريقيا ضد “إسرائيل”
  • دولتان تنضمان لجنوب إفريقيا في دعواها ضد إسرائيل
  • بمشاركة قضاة وخبراء قانون سوريين وعرب… محكمة عدل شعبية لأجل غزة بدمشق
  • تشيلي تنضم لدعوى جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد الاحتلال
  • كر مان في مؤتمر دولي تدعو الى دعم محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية لإدانة إسرائيل وإصدار مذكرات اعتقال بحق مرتكبي المجازر بغزة
  • إسبانيا تنضم رسميا لمواجهي الاحتلال في محكمة العدل الدولية
  • إسبانيا تنضم لدعوى جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية
  • اسبانيا تطلب رسميا الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل
  • إسبانيا تطلب رسميا الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيل
  • إسبانيا تطلب الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية