عن نهاية باتت قريبة...!
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
مع الاعتذار للكاتب السوري حنا مينا والتلاعب بعنوان روايته، فحرب الإبادة وأحداثها أوسع من مواكبة ما يجري كتابةً وتحليلاً، فالواقع يفرض تسارعاً بحجم الدم المعجون بتراب غزة الذي يكفي لتلطيخ وجه الكرة الأرضية بالعار، كيف يقف كل من لديه قدرة على فعل شيء ويبقى صامتاً، كيف تُترك إسرائيل وهي ترتكب كل هذه الفظائع بلا قدرة على إيقافها، ليس فقط الإعدام الجماعي بل التجويع حد الموت.
اليوم ستقرر محكمة العدل الدولية بشأن ارتكاب إسرائيل للإبادة الجماعية، وهناك أكثر من رأي بشأن إذا ما كانت المحكمة ستتخذ رأياً قانونياً مجرداً، فهناك ما يكفي من الأدلة الجنائية بالصوت والصورة لوضع إسرائيل في قفص الاتهام، كما يقول المحامي الأميركي فرانسيس بويل الذي أمضى سنوات في تلك المحكمة، وهناك احتمال كبير أن تكسب جنوب أفريقيا الدعوى، أما إذا مارست الولايات المتحدة ضغوطها السياسية كعادتها في مخالفة القيم الإنسانية والقانونية فقد لا يحظى القرار بالإجماع.
قد تحث مفاجآت على سبيل عدم تصويت روسيا التي ربما تخشى قراراً مماثلاً حول أوكرانيا، وإذا ما أسفرت الضغوط ومصالح الدول المرتبطة بالولايات المتحدة عن نتيجة، لكن احتمال إدانة إسرائيل أمام ثبوت الأدلة لا تقبل الشك لتتعرض بعدها إسرائيل إلى عقوبات صارمة ستتدخل الولايات المتحدة لاستخدام "الفيتو" في مجلس الأمن لتجنب فرض عقوبات على حليفتها أو شريكتها في الإبادة.
وبكل الظروف لسنا أمام وقف للحرب، فإسرائيل وخلفها الولايات المتحدة اللتان أدارتا ظهرهما للعالم مازالتا بعيدتين عن الموافقة أو قبول وقف إطلاق النار، فالبيت الأبيض يشكل غطاءً مانعاً ضد أي دولة أو مؤسسة دولية تقترح وقفها، وإسرائيل المصابة في روحها وعقلها تعتبر أن وقف الحرب في هذه المرحلة تعني الهزيمة، بل تذهب بلوثتها أبعد من ذلك باحثةً عن انتصار ساحق يعيد ثقتها بمشروعها. كان التعبير الأكثر وضوحاً على لسان وزير الدفاع يوآف غالانت ممثل الجيش والدولة العميقة بقوله "إذا لم نفكك قدرات " حماس " بالكامل فلن نتمكن من العيش في اسرائيل".
وفي إطار حرب الإبادة على غزة وحرب إسرائيل على محكمة العدل الدولية وحربها على كل من يرفع صوته ضد جرائمها تدور حرب أخرى، يبدو أنه جرى اتخاذ قرار حسمها مبكراً ضد بنيامين نتنياهو ، فقد كانت إشارة الكاتب الاميركي توماس فريدمان القريب من الرئيس الأميركي في "النيويورك تايمز" مقالاً بعنوان "نتنياهو ينقلب على بايدن" بعد محاولة وزير الخارجية الأميركي بحث ما بعد الحرب على غزة ورفض نتنياهو، ما يجعل مقاله صافرة إنذار تصفية رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي أصبح ككيس ملاكمة يضعه الجيش أمام استحقاق ما يتهرب منه، ويكفي لإسقاطه وتفكيك حكومته المتطرفة حين يطلب من توضيحاً بشأن اليوم التالي وما هو نظام الحكم في غزة.
الوسطاء الذين يحتاجهم نتنياهو ينقلبون عليه، قطر تهاجمه في بيانها وتعتبره مخرباً لجهودها، فيرد حليفه المقرب بتسلئيل سموتريتش بمهاجمة الدوحة واتهامها بدورٍ فيما حدث في السابع من أكتوبر، ومصر التي تهينه برفض الرئيس السيسي استقبال مكالماته رغم وساطة أجهزة الدولة، فقد تجاوز الخطوط الحمراء في عناده السياسي مشكلاً حجر عثرة أمام حركة سياسية تحاول البحث عما بعد الحرب ومحاولة حكومته تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وهو المشروع الذي رفضته مصر، حيث يشكل تهديداً لأمنها القومي، وتكفلت التصريحات التي جاءت على لسان وزراء بحكومته باستفزاز القاهرة، يُضاف إليها حديث نتنياهو عن محور فيلادلفيا، كل ذلك أضاء الأضواء الحمر في القاهرة.
حملة إسقاط نتنياهو بدأت، كانت وتيرتها هادئة منذ أسابيع عندما انتقده الرئيس الأميركي علناً، لكنه كان يدرك صعوبة تغييره وقت الحرب محافظاً على وتيرة معينة، ولكن اللحظة التي بلغت ذروتها بلا رجعة حين أصدر نتنياهو بياناً يكذب فيه الرئيس الأميركي، إثر حديث هاتفي بعد قطيعة أسابيع فهم الرئيس بايدن منها أن نتنياهو لا يمانع بشكل أو بآخر دولة فلسطينية، معلناً ذلك بالنص، لكن نتنياهو لم يمهله خوفاً من شركائه، ما يعني أن المحاولة الأميركية لتطويعه كما قالت وسائل الإعلام بوضعه أمام خيارَي العصا والجزرة: إما أن يخرج من التاريخ كصانع حرب مهزوم، أو يدخل التاريخ كصانع سلام باء بالفشل، ويبدو أن الشريك بايدن أدرك أن لا أمل يُرتجى.
صحيفة "إسرائيل اليوم" تكتب نقلاً عن مصادر داخل حزب الليكود بأن عهد بنيامين نتنياهو انتهى، وأن هناك اعتقاداً متزايداً بأن أيامه على رأس الحزب أصبحت معدودة رغم محاولاته المستميتة لتشكيل جبهة تدعمه، وكشفت الصحيفة أن أعضاء الليكود في الكنيست يعملون خلف الكواليس مع خلفاء محتملين لنتنياهو، تلك هي الطريقة الوحيدة لإسقاطه، رغم أن نتنياهو أطاح مسبقاً بكل المنافسين تحسباً ليوم شبيه. لكن يظهر أن حبل المشنقة السياسية يضيق على عنقه، ويشتد الضغط أكثر مع الوجهة الأميركية التي تتواصل مع الجيش مباشرةً ومع حزب غانتس، ويبدو أنها ستنتقل للعمل مع الليكود لإزاحته. يبدو أن المسألة مسألة وقت.
لو سقط نتنياهو فهل ستتوقف الحرب؟ لا يبدو ذلك، فالحرب لا يقررها نتنياهو، هو فقط يستفيد من إطالتها، لكنها حرب الدولة والجيش كحارس للدولة وحامٍ للشعب والذي يعتبرها حرباً وجودية، وهم لن يتمكنوا كما قال غالانت من العيش في إسرائيل دون استمرارها وتدمير ما تبقى من غزة، في ظل تواطؤ أميركي وعجز دولي، فمشاريع إسرائيل بغزة قديمة، حتى قبل نتنياهو هي مشاريع الأمن القومي وذراعه الجيش سيستمر بالمحاولة، والتي لا يبدو أنه ينجح بتحقيقها رغم فداحة خسارة الفلسطينيين في غزة. المصدر : وكالة سوا
المصدر: وكالة سوا الإخبارية
كلمات دلالية: یبدو أن
إقرأ أيضاً:
واشنطن بوست: اجتماع نتنياهو وترامب يكشف ضعف إسرائيل
اعتبرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية اليوم الثلاثاء أن الاجتماع الذي جمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن أمس الاثنين يكشف في جوهره عن مخاوف إسرائيل من الرسوم الجمركية الأمريكية وأي اتفاق أمريكي محتمل مع إيران.
وذكرت الصحيفة في سياق مقال تحليلي أنه رغم حقيقة أن نتنياهو وترامب يتمتعان بعلاقة ودية، إلا أن جميع المحللين اعتبروا أن اجتماعهما في اللحظة الأخيرة سلط الضوء على مخاوف إسرائيل من الرسوم الجمركية الأمريكية وأي اتفاق أمريكي مع إيران.
وقالت (واشنطن بوست) إن زيارة نتنياهو الحالية إلى واشنطن تهدف إلى إبراز تحالف إسرائيل الوثيق لكنها تتضمن أيضًا عقد مفاوضات شائكة بشأن استمرار إسرائيل في حربها الشنيعة على قطاع غزة ومراقبة تحركات البيت الأبيض بشأن إيران ومواجهة التهديدات الاقتصادية من رسوم ترامب الجمركية.
وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو عقد بعد وصوله إلى واشنطن أمس الأول الأحد اجتماعًا مع وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك والممثل التجاري جيميسون جرير، مهندسي الرسوم الجمركية الشاملة التي أغرقت أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم.. موضحة أن ضريبة الـ 17% التي يعتزم ترامب فرضها على الواردات القادمة من إسرائيل سبؤدي إلى انهيار اقتصادي حاد خاصة في قطاع التكنولوجيا الحيوي.
وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي قد أعلن في منشور عب موقع "إكس" للتواصل الاجتماعي، أن الاجتماع مع لوتنيك وجرير كان "ودودًا ومثمرًا" فيما قال نتنياهو في بيان مصور قبل ساعات إن ترامب دعاه كأول رئيس حكومة أجنبي منذ تطبيق سياسة الرسوم الجمركية الأسبوع الماضي، مما يعكس "العلاقة الشخصية المميزة" بين الزعيمين.
وبحسب الصحيفة، قد تُلحق الرسوم الجمركية ضررًا بالغًا بالاقتصاد الإسرائيلي بما في ذلك قطاع التكنولوجيا المزدهر والذي يعتمد على الصادرات إلى الولايات المتحدة والمستثمرين الأمريكيين خاصة وأن الولايات المتحدة تُعدّ أكبر شريك تجاري لإسرائيل وتتمتع بالفعل بإعفاء ضريبي شبه كامل على وارداتها.
وفي الأسبوع الماضي، أعلن نتنياهو إلغاء النسبة المتبقية من الضرائب على السلع الأمريكية، في خطوة استباقية على ما يبدو لتخفيف وطأة قرارات ترامب والذي مضى قدمًا في إعلانه وفرضه رسومًا جمركية بنسبة 17% على السلع الإسرائيلية.
وزيارة نتنياهو للبيت الأبيض هي الثانية له منذ تولي ترامب منصبه في يناير الماضي.. وقد أُعلن عنها يوم السبت الماضي، أثناء زيارة نتنياهو للمجر حيث تجاهل رئيس الوزراء القومي المتطرف فيكتور أوربان مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو وأعلن انسحاب المجر من المحكمة.
ويوم الأحد الماضي، اتخذت طائرة نتنياهو مسارًا أطول من المعتاد لتجنب التحليق فوق الدول الأوروبية الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية.. وفقًا لوسائل إعلام إسرائيلية.
وقال دان بن ديفيد رئيس مؤسسة شوريش للأبحاث الاجتماعية والاقتصادية في تل أبيب - في تصريح خاص للصحيفة الأمريكية -: إنه يبدو أن ترامب استدعى نتنياهو إلى واشنطن للتفاوض على الرسوم الجمركية والحرب في غزة قبل زيارته المرتقبة إلى السعودية، والتي ستكون إيران على رأس جدول أعمالها.
وأضاف: حتى لو نجح نتنياهو في إقناع ترامب بخفض الرسوم الجمركية المفروضة على إسرائيل، فستظل إسرائيل على الأرجح ضعيفة للغاية اقتصاديًا إذا لم يُلغِ الرئيس الأمريكي الرسوم الجمركية المفروضة على دول أخرى.. مشيرا إلى أنه في حال حدوث ركود اقتصادي عالمي، فإن إسرائيل والدول الصغيرة الأخرى التي تعتمد بشكل كبير على الواردات والصادرات هي التي ستعاني أكثر من غيرها.
اقرأ أيضاً«من اليمن لـ غزة.. إلى النووي الإيراني» تصريحات نارية من ترامب ونتنياهو
«البيت الأبيض»: ترامب ونتنياهو سيجيبان عن أسئلة الصحفيين باجتماع المكتب البيضاوي
الخارجية الفلسطينية تستدعي السفير المجري احتجاجًا على استقبال نتنياهو