بعد قبول القضية.. تعرف على تفاصيل محاكمة إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتزايد أعداد القتلى المدنيين، كانت هناك ضغوط دولية متزايدة على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب، لكنه رفض تلك الدعوات وتعهد بتدمير حركة حماس.
وفي الـ11 من يناير/كانون الثاني، تقدمت حكومة جنوب أفريقيا بدعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية، الهيئة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة، للحكم على تصرفات إسرائيل في غزة بأنها إبادة جماعية، وإصدار أمر يجبرها على سحب قواتها.
وفي حكم مؤقت صدر اليوم الجمعة 26 يناير/كانون الثاني 2024، طلبت محكمة العدل الدولية من إسرائيل اتخاذ إجراءات لمنع الإبادة الجماعية في غزة والتحريض المباشر عليها، كما ردت الطلب الإسرائيلي برفض الدعوى. لكنها في المقابل رفضت طلب جنوب أفريقيا بوقف إطلاق النار.
وقالت المحكمة في النص الذي تلاه القضاة إن على إسرائيل أن تتخذ "كل الإجراءات التي في وسعها لمنع ارتكاب جميع الأفعال ضمن نطاق المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية".
فما هي الاتهامات الموجهة لإسرائيل؟ وكيف يرد عليها فريق الدفاع الإسرائيلي؟ وما هي صلاحيات المحكمة؟ وإمكانية إصدار حكم بإدانة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؟
ماذا قالت جنوب أفريقيا عن تصرفات إسرائيل في غزة؟قالت جنوب أفريقيا إن إسرائيل انتهكت التزاماتها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية، وإن تصرفات جيش الاحتلال الإسرائيلي "ذات طابع إبادة جماعية" لأنها تهدف إلى تدمير الفلسطينيين في غزة.
ودعت إلى وقف القتال وقالت إنه ينبغي محاكمة المسؤولين عن الحرب الإسرائيلية.
ويرتبط حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم في جنوب أفريقيا بعلاقات تاريخية وتعاطف مع القضية الفلسطينية، قائلا إن القضية تعكس كفاحه ضد حكم الفصل العنصري.
كيف ردت إسرائيل على ذلك؟نفت الحكومة الإسرائيلية هذه المزاعم، قائلة إن الحرب هي دفاع عن أراضيها، وإنها عملت على منع سقوط ضحايا من المدنيين في حربها ضد حماس.
وبعد الحكم المؤقت لمحكمة العدل الدولية، رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو برفض المحكمة لقرار جنوب أفريقيا طلب وقف إطلاق النار.
وقال نتنياهو إن الادعاء بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين كاذب وبغيض، وإن استعداد المحكمة حتى لمناقشة هذا الأمر هو وصمة عار لن تمحى لأجيال".
ما هو التعريف الرسمي للإبادة الجماعية؟في اتفاقية الإبادة الجماعية الصادرة عام 1948، تم تعريفها أنها الأفعال المحددة التي تهدف إلى تدمير مجموعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، كليًا أو جزئيًا.
والأفعال المذكورة في الاتفاقية هي القتل أو إلحاق أذى عقلي أو جسدي خطير بأفراد المجموعة، وإخضاعهم لظروف تهدف إلى إحداث التدمير الجسدي للجماعة كليًا أو جزئيًا، وفرض تدابير لمنع الولادات أو إبعاد الأطفال قسرا.
ولا يتم استهداف ضحايا الإبادة الجماعية لأسباب فردية، بل بسبب عضويتهم في إحدى المجموعات الـ4 المحددة. ويمكن احتساب الأفعال المرتكبة ضد جزء من المجموعة إذا كان يمثل حصة "كبيرة".
من أين أتت فكرة الإبادة الجماعية؟صاغ هذا المصطلح رافائيل ليمكين، وهو يهودي بولندي فر من بلاده بعد الغزو الألماني عام 1939. وهي كلمة مركبة من الكلمة اليونانية "genos" أو العرق، وكلمة "-cide" التي تعني القتل.
ووفقًا لموسوعة الهولوكوست، فقد قدم ليمكين الكلمة أثناء عمله في وزارة الحرب الأميركية خلال مشاركته في الاستعدادات الأميركية لمحاكمات جرائم الحرب في نورمبيرغ، وتمكن من إدراج كلمة الإبادة الجماعية في لائحة الاتهام ضد القيادة النازية.
ما هو أصل اتفاقية الإبادة الجماعية؟تم إقرار اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في عام 1948 كرد فعل على محاولة ألمانيا قتل جميع اليهود في المحرقة، وإسرائيل وجنوب أفريقيا من بين 153 دولة صدقت على المعاهدة.
وتجعل المعاهدة الإبادة الجماعية جريمة بموجب القانون الدولي، ويجب على الدول الموقعة العمل على منع الإبادة الجماعية وإدراجها كجريمة في قوانينها الوطنية.
وتعتبر محكمة العدل الدولية أن الإبادة الجماعية محظورة في أي مكان، بما في ذلك الدول التي لم توقع على الاتفاقية.
ما هي محكمة العدل الدولية وما هي صلاحياتها؟تنظر محكمة العدل الدولية، ومقرها لاهاي، والتي يطلق عليها أحيانًا اسم "المحكمة العالمية"، فقط في القضايا بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بشأن تعارض القانون الدولي العام، ويمكن لأجهزة الأمم المتحدة أيضًا أن تطلب من قضاتها إصدار آراء استشارية، ولا يمكن للأفراد رفع قضايا أمامها.
وتصدر محكمة العدل الدولية أحكامها ولكنها لا تستطيع تنفيذها بنفسها، وهي تعتمد عادة على امتثال الأطراف المعنية وعلى الجهات الفاعلة الدولية الأخرى للضغط عليها للقيام بذلك.
ما الفرق بين محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية؟يحق لمحكمة العدل الدولية أن تعلن أن دولة ما تنتهك قواعد الحرب أو اتفاقية الإبادة الجماعية، ولكن لا يمكنها محاكمة أو معاقبة أي شخص، فقد أسند القانون الدولي هذه المهمة إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي لديها مدع عام يمكنه التحقيق وتوجيه الاتهامات للأفراد بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.
ولم تصدق إسرائيل على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ولا تعترف باختصاصها. ومع ذلك، فإن "دولة فلسطين" أصبحت عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية في عام 2015.
وفي عام 2021، بدأت المحكمة التحقيق في جرائم الاحتلال بقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
وقال مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، في نوفمبر/تشرين الثاني، إن التحقيق "يمتد إلى تصعيد الأعمال العدائية والعنف منذ الهجمات التي وقعت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023".
ماذا سيحدث لإسرائيل بعد أن فازت جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية؟أحكام محكمة العدل الدولية ملزمة، وغير قابلة للاستئناف، وينص ميثاق الأمم المتحدة على كل طرف "تعهده بالامتثال للقرار"، وهذا يعني أن إسرائيل ستكون ملزمة قانونًا بالامتثال.
ومع ذلك، ليس لدى محكمة العدل الدولية آلية خاصة بها لتنفيذ مثل هذا الأمر، وهذا يعود إلى الحكومات الوطنية، ومن المرجح أن يتطلب الأمر قرارا من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يسمح باستخدام القوة.
وسيتطلب الحكم في تهمة الإبادة الجماعية مداولات مطولة من قبل المحكمة، وقد يستغرق الأمر سنوات قبل صدور حكم نهائي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: اتفاقیة الإبادة الجماعیة محکمة العدل الدولیة الجنائیة الدولیة الأمم المتحدة جنوب أفریقیا فی غزة
إقرأ أيضاً:
مخلفات الإبادة الإسرائيلية.. قنابل موقوتة تهدد حياة الفلسطينيين
في قطاع غزة الذي ارتكب فيه الجيش الإسرائيلي إبادة جماعية، ما تزال المخلفات الحربية والقذائف غير المنفجرة تشكل خطرا داهما على حياة الفلسطينيين، وتهدد بحصاد مزيد من الأرواح و إحداث إعاقات دائمة، وسط غياب أي معدات أو إمكانات للتعامل معها.
ورغم توقف العمليات العسكرية نسبيا، إلا أن آلاف الأطنان من القنابل والمتفجرات التي أسقطت على المدنيين خلال أكثر من خمسة عشر شهراً تحولت إلى قنابل موقوتة مدفونة بين الركام، ما يزيد من معاناة الناس الذين اضطروا لنصب خيامهم بين أنقاض منازلهم المدمرة.
منذ بدء وقف إطلاق النار في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، شهد قطاع غزة العديد من حوادث انفجار مخلفات الحرب، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في عدة مناطق، وفق تقارير طبية.
من بين المصابين، كان الضابط بلال المبحوح (37 عامًا)، أحد أفراد إدارة هندسة المتفجرات بشرطة غزة، الذي فقد بصره نتيجة انفجار جسم متفجر أثناء مهمة عمل في جباليا شمال القطاع.
يرقد المبحوح في المستشفى المعمداني بمدينة غزة بعد أن أصيب بشظايا في وجهه وعينيه وجسده، تاركا إياه فاقدا للبصر تماما.
** إشارات يومية
المبحوح قال للأناضول إن إدارته تتلقى يوميا عشرات البلاغات حول وجود قذائف وأجسام غير منفجرة في الشوارع والمنازل والمنشآت التي تعرضت للقصف.
وأضاف أنه في 5 مارس/آذار الجاري، خرج على رأس فريق من هندسة المتفجرات لمعاينة مكان انفجار سابق في شارع "مزايا" شرق جباليا، تسبب في إصابة ثلاثة أطفال.
وأردف المبحوح: "بينما كنا نستمع لشهادات المواطنين ونعاين الموقع، وقع انفجار جديد باغتني وألقى بي على الأرض مضرجا بدمائي".
وأشار إلى أن قوات الاحتلال استخدمت أنواعا مختلفة من الذخائر الإسرائيلية والأمريكية، بعضها لم يكن مألوفا لدى خبراء المتفجرات في غزة، مضيفا: "لم يتوقف عملنا طوال شهور الحرب، رغم القصف والاستهداف المتكرر".
وأوضح أنهم عملوا على تجميع تلك المخلفات في مخزن خاص شمال غزة، إلا أنه تعرض للهدم والتجريف من الجيش الإسرائيلي خلال العملية البرية في جباليا.
وأردف بالقول: "تم تدمير مقار عملنا جميعها، والمكان الذي كنا نجمع فيه بقايا ومخلفات الصواريخ غير المنفجرة، بما يحتويه من معدات بسيطة كنا نستعين بها في عملنا".
** غياب معدات السلامة
وأكد الخبير الفلسطيني أن عناصر هندسة المتفجرات يعملون بصدور عارية مع انعدام معدات السلامة، حيث تمنع إسرائيل إدخال أي تجهيزات أو معدات متخصصة.
وقال بصوت خافت: "نغادر منازلنا للعمل مدركين أننا قد لا نعود، لكننا نتحمل مسؤوليتنا لحماية المدنيين".
وعن طبيعة حالته الصحية، لفت المبحوح إلى أنه فقد بصره بشكل كامل، ويأمل في السفر للعلاج خارج قطاع غزة.
** 30 ألف قنبلة موقوتة
من جانبه، كشف العقيد محمد الزرقة، المتحدث باسم الشرطة بغزة، أن هناك تقديرات بوجود أكثر من 30 ألف جسم متفجر من مخلفات الحرب منتشرة في القطاع، تشكل خطرًا كارثيًا على حياة المدنيين.
وقال الزرقة في حديث للأناضول إن تلك الأجسام تشكل قنابل موقوتة تهدد حياة المواطنين، وتحتاج إلى إمكانيات كبيرة لإزالتها وتحييد خطرها.
وأضاف أن طواقم هندسة المتفجرات بالشرطة يعملون بإمكانات بسيطة للغاية، ومع انعدام تام لإجراءات ومعدات السلامة، وحتى للمركبات لنقل الأجسام الخطرة من أماكنها.
وأوضح أنه "مع هذا الواقع الصعب، يضطر عناصر الهندسة إلى التعامل جزئياً مع تلك المخلفات عبر نزع الصواعق ونقل الأجسام إلى مكان بعيد عن تواجد السكان"، مضيفاً أنها بحاجة للفحص ثم الإتلاف إلا أن ذلك متعذر حالياً لنقص الإمكانات.
وتابع: "يتم إزالة الأجسام صغيرة الحجم، أما القنابل ذات الأوزان الثقيلة فيتم الاكتفاء بتأمين محيطها ومنع اقتراب المدنيين منها، لحين توفر إمكانية إخلائها من المكان".
** صعوبة التعامل
ولفت الزرقة إلى أن آلاف الأطنان من الذخيرة والقنابل الملقاة على غزة خلال شهور الحرب تتطلب إمكانات هائلة في التعامل معها، من خلال عمليات المسح الهندسي لجميع المناطق في قطاع غزة.
وبين أن "هذا الأمر متعذر في ظل الظروف الحالية، فإمكاناتنا المتواضعة لا تسمح بذلك، كما أننا بحاجة إلى أعداد كبيرة من الطواقم العاملة المدربة لهذه المهام، ناهيك عن الاحتياج إلى إزالة الركام قبل بدء العمل".
وطالب متحدث الشرطة المجتمع الدولي والمؤسسات ذات العلاقة إلى التدخل العاجل من أجل إمداد قطاع غزة بالمعدات الخاصة لعمل هندسة المتفجرات؛ لتحييد خطر الأجسام والمخلفات غير المنفجرة على حياة السكان.
وأشار إلى أن "الضابط المصاب (المبحوح) ليس الضحية الأولى لانفجار مخلفات الحرب، ولن يكون الأخير في ظل استمرار منع الاحتلال إدخال الآليات الثقيلة لإزالة الركام، والمعدات اللازمة لعمل هندسة المتفجرات".
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.