بسبب الفشل في حرب غزة.. مسؤولون إسرائيليون سابقون يطالبون بإقالة نتنياهو
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
دعا مسؤولون أمنيون ومدنيون إسرائيليون سابقون، إلى عزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بسبب "الفشل" في الحرب على غزة.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الجمعة: "نشرت في إسرائيل هذا الصباح رسالة مفتوحة تدعو إلى عزل نتنياهو بسبب فشل الحرب، وسيتم نشرها في نهاية الأسبوع في الولايات المتحدة".
وأضافت: "وقع عليها 26 من كبار المسؤولين السابقين في مؤسسة الدفاع و17 من كبار المسؤولين في القطاع المدني، من بينهم 3 حائزين على جائزة نوبل".
وتابعت: "أبدى معظم الموقعين رأيهم الثابت بشأن نتنياهو حتى قبل 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي، بعضهم من على المنصة، في مظاهرات في كابلان" وسط تل أبيب بسبب قوانين التعديلات القضائية.
وأشارت إلى أنه تم توجيه الرسالة إلى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ورئيس الكنيست أمير أوحانا.
وذكرت أن قائمة الموقعين تضم رئيسي أركان سابقين للجيش الإسرائيلي هما موشيه يعلون، ودان حالوتس، ورئيسي جهاز "الموساد" سابقين هما تامير باردو وداني ياتوم، ورئيسي جهاز الأمن العام "الشاباك" سابقين هما نداف أرغمان ويعقوب بيري، والمفتش العام السابق للشرطة أساف حيفتس.
اقرأ أيضاً
وزيران بمجلس الحرب في إسرائيل يشاركان في مظاهرة تطالب بإقالة نتنياهو
كما وقع على المذكرة 3 حائزين على جائزة نوبل في الكيمياء (لم تذكرهم)، وفق الصحيفة.
ونشرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، مقتطفات من الرسالة وترجمها "الخليج الجديد"، قالت إن نتنياهو "غير مؤهل ماديا ومعنويا لقيادة إسرائيل في الحرب، وهو يشكل تهديدا مباشرا ووجوديا لدولة إسرائيل".
وقالت: "تحذر الرسالة التي تدعو إلى استبداله (نتنياهو) من الضرر الذي يلحقه بالعلاقات مع الولايات المتحدة".
وحمّل الموقعون على الرسالة نتنياهو "المسؤولية الأساسية عن خلق الظروف التي أدت إلى هجوم السابع من أكتوبر"، معتبرين أن "قادة إيران و(حزب الله) و(حماس) أشادوا علانيةً بتراجع استقرار إسرائيل، بقيادة نتنياهو، واغتنموا الفرصة لإلحاق الضرر بأمننا".
واتهم الموقعون على الرسالة نتنياهو بقضاء سنوات في "دعم حركة حماس بقطاع غزة على حساب السلطة الفلسطينية، التي شددت الولايات المتحدة على ضرورة تنشيطها لتحكم الضفة الغربية وقطاع غزة معاً".
واتهمت الرسالة رئيس الوزراء الإسرائيلي برفض تحمل المسؤولية عن هجمات 7 أكتوبر، وقيامه بدلاً من ذلك بـ"إلقاء اللوم على الآخرين، والتحريض ضد أولئك الذين ناضلوا لإنقاذ الديمقراطية الإسرائيلية من أفعاله وخططه المدمرة".
وتراجعت شعبية نتنياهو بشكل كبير منذ أن بدأ ولايته السادسة كرئيس للوزراء، قبل ما يزيد قليلاً عن العام، إذ يتم انتقاد جهوده للإصلاح القضائي التي هددت بإثارة أزمة دستورية وتقسيم البلاد بعد أشهر من المظاهرات الحاشدة.
اقرأ أيضاً
فشل في غزة.. كيف ينقذ نتنياهو نفسه؟ وإلى أين يستدرج بايدن؟
وكان استطلاع للرأي، نشرته القناة 13 الإسرائيلية، خلال الأسبوع الجاري، أشار إلى أن حزب نتنياهو "الليكود" سيأتي في المرتبة الثانية بفارق كبير في حال أُجريت الانتخابات اليوم.
ولفت الاستطلاع إلى أن المرشح الأوفر حظاً هو حزب "الوحدة الوطنية" بقيادة وزير الدفاع السابق بيني جانتس، وهو حالياً عضو بحكومة الحرب التي يقودها نتنياهو.
ومن غير المقرر إجراء الانتخابات المقبلة قبل أواخر عام 2026، وذلك على الرغم من وجود احتجاجات ودعوات لإجراء انتخابات مبكرة، بما في ذلك زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد.
وقال حاييم تومر، وهو ضابط متقاعد من "الموساد" وأحد الموقعين على الرسالة، إن "الجميع يدرك أن نتنياهو غير كفؤ لقيادة إسرائيل".
وتابع: "أعتقد أن الناس بدأوا ينظرون من الخارج نحو إسرائيل، ويسألون أنفسهم ماذا حدث لهذا البلد الذي بات يقوده الآن بعض الأغبياء".
وبعد أكثر من 112 يوما من الحرب على غزة، تتعرض إسرائيل لخسائر بشرية واقتصادية ومعنوية، خاصة في ظل الفشل في تحقيق أهداف الحرب، التي يتصاعد شبح توسعها سواء في لبنان أو البحر الأحمر.
اقرأ أيضاً
باراك: حماس تحتفظ بقدراتها العسكرية ونتنياهو فشل في إدارة الحرب
ويبدو واضحاً اليوم أن لا مؤشر إلى نهاية قريبة للمأساة، في ظل تمسك إسرائيل بهدف "تدمير حماس" وإسقاط حكمها، في إطار الرد على "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتعد هذه الجولة من الحرب، هي الأطول والأكثر دموية بين إسرائيل والفلسطينيين منذ عام 1948، ولا تظهر أي علامات على قرب الانتهاء، فلا تزال "حماس" مشاركة في القتال إلى حد كبير، ولا يزال الاسرى الإسرائيليين داخل القطاع، وسط توقعات بأن الحرب قد تستمر طوال عام 2024.
ورغم أن الحرب لم تنتهِ بعد، وبالتالي سيكون من المبكر الحكم على نتائجها واستخلاص دروس منها، فإن الواضح أن تداعياتها أعادت رسم المشهد الفلسطيني الداخلي، وكذلك الإسرائيلي، وحرّكت جبهات، من جنوب لبنان (حزب الله وإسرائيل)، إلى سوريا والعراق (هجمات جماعات مسلحة ضد الأمريكيين وقوات التحالف)، وصولاً إلى البحر الأحمر (هجمات الحوثيين على السفن التجارية).
بدأت الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول، والذي لم يكن يوما عاديا على الجيش الإسرائيلي، فقد بدأ بسيطرة كتائب "القسام" الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، على قرابة الـ600 كيلومتر مربع، ما يعرف بـ"غلاف غزة"، بعد هجوم كاسح ومباغت أسفر عن مقتل نحو 1200 إسرائيليا، من بينهم 319 جنديا، وإصابة أكثر من ألفين وأسر أكثر من 250 شخصا، من بينهم 130 جنديا وضابطا من جيش الاحتلال.
ويعتبر سقوط "فرقة غزة"، وهي التي تتكون من 3 ألوية ووحدتي "نخبة"، من أهم خسائر الجيش الإسرائيلي في ذلك اليوم، كما يعد هذا السقوط، بنظر مراقبين وخبراء، بمثابة خسارة جيش الاحتلال لـ"ذاكرته" و"عيونه" وكل ما يتعلق بقطاع غزة خلال الهجوم الذي استمر لساعات.
اقرأ أيضاً
للمرة الأولى منذ حرب غزة.. زعيم المعارضة الإسرائيلية يدعو لإقالة نتنياهو
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: حرب غزة نتنياهو إقالة نتنياهو إسرائيل فشل اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
ما علاقة الفلسطينيين بعداء إسرائيل لهذه الدولة الأوروبية؟
"حقيقة أن حماس هي من بدأ الحرب في السابع أكتوبر/تشرين الأول معروفة لا يجادل فيها معظم الناس، ولكن هناك بلدا واحدا ينفي هذه الحقيقة وهو النرويج"، إنه تصريح للسفير الإسرائيلي في أوسلو نير فيلدكلين يعكس حالة الاستياء الشديد التي تنتاب إسرائيل جراء المواقف النرويجية.
وفي أغسطس/آب الماضي، طردت حكومة الاحتلال 8 دبلوماسيين نرويجيين، معلنة أن سياسة الحكومة النرويجية منذ بدء عملية طوفان الأقصى تجاه فلسطين متطرفة ومنحازة ومعادية لإسرائيل.
وجاء في بيان للحكومة الإسرائيلية أن النرويج فقدت ثقتهم بعد أن اختارت دعم دعوى ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية، واعترفت بدولة فلسطينية، وترفض بعد حوالي عام من أكبر هجوم يتعرض له اليهود منذ الهولوكوست تصنيف حركة حماس كمنظمة إرهابية، حسب البيان الإسرائيلي.
تسلط هذه التصريحات الضوء على مواقف دولة النرويج تجاه القضية الفلسطينية، وقد يأخذنا ذلك للعودة إلى الوراء للوقوف على محطاتها قبل وبعد طوفان الأقصى والتي أغضبت الاحتلال الإسرائيلي.
محطات في مواقف النرويج قبل طوفان الأقصى في عام 1993 احتضنت النرويج المفاوضات بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية والتي توجت اتفاقيات أوسلو. في مارس/آذار 2007، اعترفت الحكومة النرويجية بحكومة الوحدة الفلسطينية بقيادة حماس. في 2009، وبعد شن إسرائيل هجوم "الرصاص المصبوب" على غزة، أعلن محامون نرويجيون رفع دعوى قضائية ضد مسؤولين إسرائيليين من ضمنهم رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، بتهمة ارتكاب "جرائم حرب" وطالبت النرويج بسحب جائزة نوبل للسلام من الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز. في 2010، اعتبرت النرويج الوجود الإسرائيلي في القدس الشرقية انتهاكا للقانون الدولي. في يونيو/حزيران 2010، بعد اعتداء الجيش الإسرائيلي على سفينة مرمرة التركية المتجهة إلى غزة، طالبت النرويج بإجراء تحقيق دولي في العدوان الإسرائيلي. في سبتمبر/أيلول 2010 منعت النرويج غواصتين إسرائيليتين من دخول مياهها الإقليمية. في 2011، تلقى السفير الإسرائيلي في أوسلو إخطارا من الحكومة النرويجية بضرورة نقل السفارة الإسرائيلية إلى ضواحي المدينة بعد انزعاج السكان من وجودها بجانبهم. في مارس/آذار 2011 أصدر أساتذة نرويجيون عريضة تدعو إلى مقاطعة إسرائيل ومنعت النرويج المحامي الأميركي المشهور والباحث القانوني في جامعة هارفارد ديرشوفيتز من إلقاء محاضرات في جامعتي أوسلو وتروندهايم، وأبلغته أنه غير مرحب به في النرويج، بسبب موقفه المؤيد لإسرائيل. في سبتمبر/أيلول 2023، زارت وزيرة الخارجية النرويجية أنيكين هويتفيلدت فلسطين، ورأت أنه من المأساوي أن الدولة الفلسطينية لم تنشأ بعد، مضيفة أن الإحباط الفلسطيني يتزايد مع استمرار الاحتلال والاستيطان وسياسات الحكومات الإسرائيلية المتشددة. هويتفيلدت: الإحباط الفلسطيني يتزايد مع استمرار الاحتلال والاستيطان (غيتي) طوفان الأقصىمنذ بدء الحرب الإسرائيلية الحالية على قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تميزت دولة النرويج عن نظيراتها الأوروبية بمواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية، وأطلق المسؤولون النرويجيون تصريحات حادة منتقدة لما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من إبادات جماعية وجرائم ضد الإنسانية.
وقد وصف وزير خارجية النرويج إسبن بارث إيدي ما يحدث في غزة بأنه "جحيم على الأرض"، وقارن بين إسرائيل وروسيا، معتبرا أن "أوروبا تفتقر إلى المصداقية عندما لا تدين إسرائيل لارتكابها نفس الأفعال والممارسات التي ترتكبها روسيا ويتلقاها الغرب بالإدانة والشجب".
وطلبت حكومة النرويج من ملك البلاد هارلد الخامس العدول عن إصدار رسالة تعزية كان ينوي إرسالها لإسرائيل بعد هجوم طوفان الأقصى، وهو ما أثار خنقها واعتبرته مؤشرا آخر على المعاداة المتنامية لليهود في النرويج.
وكان الوزير النرويجي بارث إيدي -الوزير الغربي الوحيد الذي شارك في اجتماع اللجنة الدولية لمساعدة سكان قطاع غزة التي التأمت في القاهرة بعد أسبوعين من اندلاع الحرب- أدان حينها بقوة العدوان الإسرائيلي، وعبر عن اعتزازه بأن بلاده لا تبيع أسلحة لإسرائيل، داعيا الدول التي تقوم بذلك إلى التوقف عنه، لأن تلك الدول قد تصبح متورطة بشكل غير مباشر في إبادة جماعية محتملة.
وفي نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2023، قال رئيس وزراء النرويج يوناس غار ستور إن إسرائيل تجاوزت قواعد القانون الدولي الإنساني في حربها على قطاع غزة عبر ردها "غير المتكافئ" على هجوم حركة حماس.
وبسبب المخاوف من احتمال مساهمتها في تسهيل انتهاك حقوق الإنسان في الضفة الغربية وقطاع غزة، سحب أكبر صندوق تقاعد خاص في النرويج استثماراته في شركة صناعة المعدات الثقيلة الأميركية كاتربيلر، في يونيو/حزيران 2024.
حماس والأونروافي موقف يشكل استثناء في مواقف الدول الأوروبية، رفضت النرويج تصنيف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منظمة إرهابية، بل إنها حافظت على تواصل مع الحركة، وأوضح رئيس وزرائها ستور أن بلاده مستعدة للتحدث دائما مع حماس للتوصل إلى حل لإنهاء الحرب.
وكان المسؤولون النرويجيون قد تواصلوا في عدة مناسبات مع الحركة، وقبل ما يقرب من 15 عاما، زار وفد -يقوده وزير نرويجي- قطاع غزة لتهنئة قادة حماس بعد انتخابهم.
وفي الوقت الذي تشن فيه إسرائيل حملة ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) متهمة بعض موظفيها بالانتماء لحماس والمشاركة في أحداث السابع من أكتوبر وتطالب العالم بإيقاف تمويلها وتساندها في ذلك أميركا وعدد من الدول الأوروبية، أعلنت النرويج رفضها لهذا الموقف الإسرائيلي بل قررت زيادة تمويلها للوكالة.
وصرحت وزيرة التنمية النرويجية آن بيث كريستيانسن بأن "بعد 9 أشهر من الحرب أصبح الوضع كارثيا بالنسبة لسكان غزة، إنهم يفتقرون إلى كل شيء، الكثيرون يتضورون جوعا، والأونروا هي العمود الفقري لجميع الجهود الإنسانية في غزة، ولهذا السبب قررت النرويج تقديم دعم إضافي للوكالة بما يقارب 9.5 ملايين دولار لتصل مساهمة النرويج في تمويل الأونروا هذا العام إلى حوالي 47 مليون دولار".
مستعدة لاعتقال نتنياهوفي المقابل، كانت النرويج أول دولة أوروبية ترحب بتحريك المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية دعوى ضد إسرائيل على ما تقوم به من جرائم حرب وإبادة في حق الشعب الفلسطيني.
كما رحبت أوسلو بإصدار المحكمة مذكرات اعتقال لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، وأعلن وزير خارجية النرويج أن بلاده مستعدة لاعتقال الرجلين إذا وطأت أقدامهما البلاد.
وجاء ذلك بعد أن انضمت النرويج في يوليو/تموز إلى جنوب أفريقيا في قضيتها أمام المحكمة الجنائية الدولية التي تتهمها فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إنسانية في قطاع غزة، وقد قدمت أوسلو مذكرة إلى المحكمة لتعزيز تلك الدعوى.
لماذا اعترفنا بدولة فلسطين؟في مقال لرئيس وزراء النرويج تحت عنوان: لماذا اعترفنا بدولة فلسطين؟ -نشره موقع بوليتيكو في مايو/أيار الماضي- اعتبر أن لدى الفلسطينيين الحق المطلق في تقرير مصيرهم، ولدى الإسرائيليين والفلسطينيين معا الحق في العيش في سلام.
ويرى ستور أن حل الدولتين هو وحده القادر على توفير الأمن والازدهار والأمل للشعبين، ولا يمكن أن يكون هذا بدون دولة فلسطينية، وبعبارة أخرى فإن الدولة الفلسطينية شرط أساسي لتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط.
وعدد ستور مبررات النرويج للاعتراف بفلسطين، فذكر منها أن الحرب المستمرة في غزة تبرهن على أن تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة يعتمد على حل القضية الفلسطينية.
ستور: الدولة الفلسطينية شرط أساسي لتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط (رويترز)ويقول إن الحرب الحالية هي نتاج وتطور سلبي لهذا الصراع المطول بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وها هي هذه الحرب تشعل الاضطرابات في الضفة الغربية، وتزيد التوترات بين بلدان المنطقة.
ويضيف ستور أن الاعتراف بدولة فلسطينية يشكل دعما لخطة السلام العربية التي كان كبار اللاعبين في المنطقة يعملون عليها، فإنشاء الدولة وتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل يشكلان محورين جوهريين من هذه الخطة، وتتعاون النرويج الآن بشكل وثيق مع المملكة العربية السعودية لحشد الدعم الدولي لهذه الخطة، على حد قوله.
وختم ستور مقاله بالقول "إذا كنا بعيدين عمليا اليوم عن حل الدولتين، فإن الدعم السياسي لهذا الخيار يزداد، وحينما تضع الحرب الحالية أوزارها يجب أن يتمتع الفلسطينيون بحقهم في قيام دولتهم المستقلة، واعتراف النرويج المسبق مساهمة في هذا".
إسرائيل: النرويج أشد الأوروبيين عداوة لناأثارت المواقف النرويجية هذه غضب تل أبيب، وجعلتها تصنف البلد باعتبارها الدولة الأوروبية الأشد عداوة لليهود، إذ قالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن أيرلندا كانت لفترة طويلة، تعد الدولة الأكثر عداء لإسرائيل في أوروبا، ولكن النرويج تفوقت عليها، وهي تواجه حاليا أزمة دبلوماسية حادة مع إسرائيل، يقع في قلبها وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي.
وبالتوازي مع ذلك، شن الإعلام الإسرائيلي حملة شنعاء ضد النرويج، ففي صحيفة "جيروزاليم بوست" كتب شون ساكس في أغسطس/آب الماضي مقالا بعنوان "فخ حياد النرويج" اعتبر فيه أن قشرة حياد النرويج تحطمت بسبب سياسات الحكومة النرويجية الحالية التي وصفها بأنها تمول التطرف، وتعمل بوضوح على تقويض أمن إسرائيل وسيادتها.
وقال الكاتب إن النرويج تمول العديد من المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية التي تتجاهل الفظائع التي وقعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وتصور بدلا من ذلك إرهاب حماس على أنه مقاومة، مضيفا أن أوسلو تستخدم تقارير تلك المنظمات في سياستها الخارجية لزيادة عزلة إسرائيل.
ساكس: استمرار النرويج في زيادة تمويلها لوكالة الأمم المتحدة لدعم الفلسطينيين يقوض أمن إسرائيل (الأوروبية)ورأى ساكس أن استمرار النرويج في زيادة تمويلها لوكالة الأمم المتحدة لدعم الفلسطينيين يقوض أمن إسرائيل، ويعيق الجهود الحقيقية الرامية لتحقيق السلام.
أما يديعوت أحرونوت، فأكدت في تقرير نشرته في فبراير/شباط 2024 أن النرويج باتت أكثر دولة أوروبية عداء لإسرائيل، متفوقة على أيرلندا التي كانت تحتل تلك المرتبة لفترة طويلة.
وقالت الصحيفة إن وزير الخارجية النرويجي إيدي اصطحب معه زوجة ولي العهد النرويجي إلى القاهرة، وجمعها بمنظمات الإغاثة العاملة في غزة لتسمع منها قصصا مفجعة عما يحدث في القطاع، ووقف الوزير أمام الكاميرات مع زوجة وريث العرش وهي تذرف الدموع، تعبيرا عن تعاطفها مع الفلسطينيين.
وأوردت الصحيفة بأن "الرواية الكاذبة بأن إسرائيل هي التي بدأت الحرب على حماس" قد ظهرت في وسائل الإعلام النرويجية، متهمة النرويج بأنها تسعى دائما إلى شيطنة إسرائيل، مما جعل العداء لها منتشرا في النرويج، حيث تم تصوير ناشط سلام نرويجي وهو يبصق على صور المحتجزين قرب مدخل السفارة الإسرائيلية في أوسلو.
وفي دراسة بعنوان "النرويج: من وسيط إلى مضطهد لإسرائيل" -نشرها معهد العلاقات الخارجية الأميركي- اعتبر الباحث الأميركي المقرب من إسرائيل إليوت أبرامز أن النرويج تخلت عن حيادها التاريخي وعن جهود الوساطة بين إسرائيل والفلسطينيين، وتحولت بدلا من ذلك إلى أشد منتقدي إسرائيل.
وقال الباحث إن النرويج استخدمت في الماضي حيادها وثرواتها النفطية والغازية الهائلة للمساعدة في التوسط في النزاعات، وعملت بالخصوص على تحقيق السلام في الشرق الأوسط.
لكن أبرامز -الذي شغل من قبل منصب نائب مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس جورج دبليو بوش- اتهم النرويج بالتحيز للفلسطينيين منذ تولي الأحزاب اليسارية السلطة في البلاد، واعتبر أنه منذ أن أصبح إسبن بارث إيدي وزيرا للخارجية في أكتوبر/تشرين الأول 2023، تحولت علاقة بلاده مع إسرائيل إلى عداء محض.
النرويج شجعت الاستعمار اليهوديوفي وجهة نظر مختلفة، جاء في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" في يوليو/تموز 2023 وكتبه أستاذ السياسة العربية الحديثة والتاريخ الفكري في جامعة كولومبيا بنيويورك جوزيف مسعد أن النرويج ظلت فاعلا نشطا في قمع الفلسطينيين وساهمت في الاستعمار اليهودي لبلادهم منذ عام 1947.
واعتبر الباحث أن النرويجيين رحبوا بقوة وبمختلف مشاربهم السياسية بإنشاء إسرائيل، وفي عام 1949 أطلق حزب العمال النرويجي حملة لجمع التبرعات مكنت من إنشاء "مستوطنة نرويجية" في إسرائيل عرفت فيما بعد باسم موشاف يانوف.
كما ساعدت المنظمات النرويجية الصهاينة في نقل اليهود التونسيين إلى إسرائيل -بحسب مسعد- وفي عام 1959 زود النرويجيون إسرائيل بأكثر من 20 طنا من الماء الثقيل لبرنامجها النووي في مفاعل ديمونة الذي بني بمساعدة فرنسا.
ويؤكد جوزيف مسعد أن الدعم النرويجي لإسرائيل استمر أثناء وبعد حربي 1967 و1973، وانخرطت البلد الأوروبي في قوة حفظ السلام في لبنان (يونيفيل) منذ أواخر السبعينيات، وهو ما مكنها من إقامة اتصالات مع منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت.
ويورد الكاتب أن النرويج لعبت في الثمانينيات دور الوسيط بين الولايات المتحدة ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، الأمر الذي أدى إلى استسلام عرفات للإملاءات الأميركية من خلال الكفاح المسلح وإلغاء ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية.
ويضيف مسعد أن دور النرويج تطور في عامي 1992 و1993 عندما رتبت لقاءات سرية بين قادة من منظمة التحرير الفلسطينية ومسؤولين إسرائيليين، واشترطت على الطرفين حظر نقاش "مظالم الماضي".
ويؤكد مسعد أن وزير خارجية النرويج آنذاك يوهان هولست المشرف على المفاوضات كان يعمل مستشارا ومخبرا للإسرائيليين يزودهم بمعلومات بالغة الأهمية حول المجالات التي قد يكون الفلسطينيون على استعداد للتنازل عنها.
وخلص الكاتب إلى أن محاولات النرويج لتصوير نفسها كوسيط إنساني محب للسلام لا تقنع أحدا من الفلسطينيين باستثناء السلطة الفلسطينية التي تمولها النرويج من أجل قمع المقاومة الفلسطينية المناهضة للاحتلال وحماية المحتل الإسرائيلي.
في النهاية، يبقى أنه لا مراء في أن النرويج -على المستويين الرسمي والشعبي- اتخذت مواقف متقدمة مقارنة مع نظيراتها الغربية تجاه القضية الفلسطينية وبالخصوص إزاء العدوان الإسرائيلي الراهن.
وقد يكفي للدلالة على ذلك أن السفير الإسرائيلي الحالي في النرويج نير فيلدكلين قال إنه "سيتعين على إسرائيل بعد الحرب أن تقرر من هم شركاؤها، وليس من المؤكد أن النرويج ستكون منهم لأن العلاقات بين البلدين في أزمة، بسبب مواقف النرويج من الحرب في غزة".