سودانايل:
2025-03-16@20:39:43 GMT

حكاية مبارك الوحش في زمن الحرب!

تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT

قصة قصيرة

وضع مبارك الوحش ورقة خمسمائة جنيه فوق الطاولة حتى يعرف صاحب المطعم أنه سيدفع قيمة إفطاره، اصلح وضع عمامته كأنه سيقدم على أمر جلل، قبل أن يصدر أمره:
واحد فول وصلّحو!
نظر محي الدين صاحب المطعم بطرف عينه الى ورقة الخمسمائة جنيه التي أخرجها الوحش بنفس فخر من أخرج مليار جنيه، ثم قال:
قروشك دي بشوية تنازلات من جانبنا زي ما بيقولو في الاخبار، يادوب تجيب واحد فول، لكن ما بتصلّحو! أمش صلّحو براك!
خلاص كسّرو!
أمش كسّرو براك، انت الناس الفي الحلة دي كلهم كسّرتهم، غالبك تكسّر ليك شوية فول!
بعد دقائق قليلة كان الفول غير المصلح قد اختفى في بطن مبارك، بقيت قطعة خبز صغيرة.


يا محي .. يا محي!
داير شنو تاني يا مبارك، انا ما فاضي ليك براك شايف المطعم ملان بالزباين، يعني أنا اقعد اليوم كله بس اخدمك!
وين الزباين؟ ديل كلهم نازحين!
يعني النازحين ما زباين؟ بعدين هم نزلوا من السما؟ ما اهلك واهلي رجعوا لبلد ابهاتهم لظروف الحرب!
لأ انا قصدي ما زباين ثابتين زيي! بكرة الحرب تقيف ويرجعوا بلدهم!
وانت زبون ثابت؟ تدفع مرة وما تدفع مية مرة، أخير منك النازحين ألف مرة!
نحن المالين ليك مطعمك، لو ما اتعاملت كويس مع سياد البلد بكرة النازحين يرجعوا وما حيجي مطعمك غير الشحادين!
أخير الشحادين يجوك ولا ناس نأكل مما نقلع، البتدي لشحاد على الأقل حتلقاه قدام، لكن انت الواحد لا يلقاها منك قدام ولا ورا!
الحرب بتقيف وبيرجعوا واذا انت مصر تعاملهم احسن من ناس البلد حتخسر الاتنين! بعدين ديل ناس رفضوا يعيشوا هنا وهاجروا للخرطوم، دايرين محلات الهلس واللخبتة! دايرين البيرجر والكاباتشينو، البلد دي ما جابهم ليها الا الشديد القوي، واحدين منهم من سافروا قبل اكتر من تلاتين سنة، ما رجعوا الا الحرب قامت، لا جابتهم فاتحة ولا عرس، العيد الجاب الناس ما جابهم!
الناس مشغولة بمعايشها، وكتّر خيرهم البيمرض من هنا بيمشي عليهم، بيودوه الدكتور، ويشتروا ليه الدوا، وبيسكنوا الطلبة معاهم ويأكلوهم ويشربوهم، بعدين يجوك لي شنو؟ ما انت كل كم يوم ناطي ليهم، وكت جماعتك الكيزان حاكمين البلد، قوموا الحروب في كل مكان، بقى مافي محل آمن وفيه فرص عمل غير الخرتوم، داير الناس تمشي وين؟ لو كان اهتموا شوية بالاقاليم ووقفوا الحروب، كان كل واحد قعد في بيت ابوه!
لاحظ مبارك: اهلك النازحين قالوا جوا قالوا عاوزين حقهم في التمر تلاتين سنة لي ورا!!
حقهم، في وقت كانوا ما محتاجين خلوه لينا، هسع احتاجوا ليه نقول ليهم ما عندنا شيء ليكم؟
أنا اخواني قلت ليهم الفات مات، حقكم اكلناه، لو ما عاجبكم اقعوا المحاكم، ومحاكم ذاتها بقت ما شغالة!
هم مش عارفنك كوز؟ في كوز بيمرق منه حق ولا باطل!
انشغل صاحب المطعم عن مبارك قليلا بطلبات الزبائن
يا محيي يا محيي
أها داير تاني شنو؟ اريت الحرب تجينا هنا عشان تنزح انت كمان تمشي تفتش حقوقك في بلد تاني!
أنا مافي شيء بيمرقني من البلد دي، الا عزرائيل!
عزرائيل ذاته بتلاويه وما بتسلم ليه بأخوي واخوك!
أنا جاهدت زمان في الجنوب، سلاح مستعدين، أي شيء مستعدين!
جهاد شنو، طلقة واحدة قالوا جريت جري الوحوش ما وقفت الا في الخرطوم!
- ما طلقة لغم قام بالزول القدامي!
في ذمتك اللغم داير يعمل ليك شنو؟ وبعدين وينه الجهاد؟ ودوا الأولاد المساكين ماتوا وفي النهاية شيخكم قال عليهم ماتوا فطايس! وبعدين مادام انت متدرب على السلاح ومستعد، ما تمشي المستنفرين، ولا نفس الفلم القديم دايرين تغشوا أولاد الناس المساكين تدفروهم الحرب، وجماعتكم قاعدين في مصر وتركيا! قالوا ليكم اتفاوضوا، لكن الكيزان ما دايرين الحرب تقيف، دي فرصتهم ينتهوا من الثورة!
الاستنفار دة للشباب انا زول كبرت، أنا كنت رئيس لجنة شعبية، وكنت مرشح اكتر من مرة في انتخابات برلمان الولاية!
ترشيحك دة كلنا عارفنه، كنت بتمشي تشوف الدايرة النازلين فيها الكيزان الحرامية الكبار، تترشح فيها، وبعد شوية تقبض الفيها النصيب وتنسحب وتنضم للحملة الانتخابية بتاعة المرشح الدفع ليك تمن الانسحاب! زي الدبيب تخمش ليك صيدة كبيرة، وتلبد تهضمها لغاية ما تجي انتخابات جديدة!
بيزنس، نحن كنا كيزان مساكين درجة رابعة، حنعيش كيف وسط التماسيح ديل! ربنا يطرى أيام الانتخابات بالخير، من ناس تسقط بس ديل ظهروا، سقّطّوا حجرنا!
وعملتوا الجنجويد، وكت الثورة جات وبدت تقلع قروش الحرام السرقتوها، عملتو انقلاب وكت الانقلاب ما نجح ولعتو نيران الحرب، وبدل تركزوا قعدتو تجقلبو ، المرقها في تركيا والمرقها في مصر ودايرين المساكين يحاربوا عشان يرجعوا ليكم الحكم! معقول زول عاقل يمشي يحارب عشان يرجّع الحكم لي حرامي كتال كتلا، هو البيعمل المليشيات؟
يا محيي يا محيي
داير شنو ما شايفني مشغول!
أديني بس حتة كبدة أحسن بيها حتة العيشة دي!
والإحسان دة داخل في الخمسمية جنيه حقت الفول ولا حتدفع تمن الكبدة؟
وما جزاء الاحسان الا الاحسان!
قال محي لمساعده: دة ما حيطلع من رقبتنا، ودي ليه شوية كبدة!
قال المساعد: لكن لو أديناه حيجي كل يوم، وحيخلي الفول، والكبدة بقت غالية!
همس محي: ما شايفه بقى يتكلم بالدِين، معناها الجن قام عليه، والزول بدون الجن يقوم عليه نصيح يدق الحلة كلها بصباعه! أحسن ودي ليه ايى حاجة خلي يقوم يهوينا! الزباين كتار وهو ماسك ليه تربيزة وقاعد في تلاتة كراسي! بجسمه الكبير دة قفل مننا الهوا!
أحضر المساعد بعد قليل طبق بلاستيك صغير به بضع قطع من الكبدة، تطفو فوق الزيت وبسبب أنّ المساعد كان يجري تقريبا ليلاحق طلبات الزبائن، كانت قطع الكبدة تتمايل في الصحن وكأنها تريد الهروب من مصيرها المحتوم.
حين وضع المساعد صحن الكبدة امام مبارك، كان مبارك قد أكل قطعة الخبز!
يا محي .. يا محي
أها داير تاني شنو يا مبارك، داير موية اهوداك الزير!
موية اوديها وين قال ليك انا مخنوق؟ موية الواحد يشربها بعد يشبع عشان يكون ثلث لطعامه وثلث لشرابه!
انت قاعد تخلي ثلث لي شراب ولا هوا، ما قاعد تملاها ست بالأكل!
دة الصاح، ما سمعت كلام الزول الحكيم القال نملاها ست والموية تنزل بالشقوق والهوا من ربنا!
انشغل محي قليلا فناداه مبارك مرة أخرى
يا محي يا محي
داير شنو تاني انا ما عندي شغلة غيرك؟
اديني حتة عيش احسن بيها باقي الكبدة دي!
بعد قليل صرخ أحدهم خارج المطعم، قالوا الجنجويد قرّبوا علينا!
جرى الجميع جري الوحوش. جرى النازحون والمستنفرون ورجال الشرطة واللصوص، جرى القصابون والترزية ورجال الضرائب، وكان في مقدمتهم مبارك الوحش يحمل في يده زاد المجاهد: طبق الكبدة!

 

ortoot@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

"حكاية أم حسن".. تبرعت بمليون جنيه لشراء سيارة إسعاف صدقة جارية لزوجها الراحل| شاهد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تبرعت سيدة مسنه تدعى “أم حسن حسن فرحات”، من قرية الدنابيق التابعة لمركز المنصورة فى محافظة الدقهلية، بمبلغ مليون جنيه لشراء سيارة إسعاف، وذلك كصدقة جارية على روح زوجها الراحل وذلك في لافته تعكس أسمى معاني الوفاء والعطاء.

وتحدثت الحاجة أم حسن عن رحلتها مع زوجها الراحل، فى بث مباشر مع “ البوابة نيوز ” مشيرة إلى أن حياتهما كانت بسيطة، وبدأت من الصفر مع زوجها رحمة الله عليه ، حيث عملا معًا في بيع اللبن لسنوات طويلة.

وتابعت قائله: "كنا نخرج كل صباح نبيع اللبن سويًا، ومع مرور الوقت تحسنت أحوالنا بفضل الله، وكافحنا حتى استطعنا بناء حياة كريمة".

وأضافت أن زوجها كان سندًا وداعمًا لها في كل خطوة، وكان يتمتع بكرم القلب وطيبة الأخلاق، فلم يبخل عليها بأي شيء.

وتابعت: “في إحدى المرات، عرض عليَّ أن يكتب لي قطعة أرض بإسمي، لكني رفضت، لأنني كنت واثقة في حبه واهتمامه بي، ولم أكن بحاجة إلى إثبات لذلك ولكنه صمم على ذلك ” .

و أوضحت أم حسن أنها بعد وفاة زوجها شعرت بفراغ كبير وحزن عميق استمر لمدة عام، حيث لم تكن قادرة على تجاوز رحيله ومع مرور الوقت، فكرت في تقديم عمل خيري يكون صدقة جارية له، ويعود بالنفع على الناس، فقررت التبرع بمبلغ مليون جنيه لشراء سيارة إسعاف تخدم أهالي قريتها والمناطق المجاورة.

وأكدت قائلة: “جمعت أبنائى الاثنين حولى وابلغتهم برغبتى و افقو على الفور ولم اتردد لحظه واحده فى  هذه الخطوة لأنها ستساعد الكثير من أهل القرية وستكون في ميزان حسناته”.

وأعربت عن سعادتها بهذا القرار، مشيرة إلى أن هذه السيارة ستكون وسيلة لإنقاذ حياة المرضى والمصابين، وهو أعظم أجر يمكن أن تقدمه لروح زوجها الراحل مؤكده أن زوجها عقب التبرع جاء لها فى المنام سعيدا فى مكان جميل مضيفه إن ذلك دليل على أن هذا العمل وصل له .

ومن ناحية أخرى شهد تبرع الحاجة أم حسن اشادة واسعة من أهالي القرية، الذين عبروا عن امتنانهم وتقديرهم لهذا العمل الخيري، مؤكدين أن توفير سيارة إسعاف جديدة سيساهم في تحسين الخدمات الطبية بالمنطقة، وسيساعد في إنقاذ العديد من الأرواح، خاصة في الحالات الطارئة.

لينك الفيديو 

https://youtu.be/xemnbJ-ARr8

لينك البث المباشر 

https://www.facebook.com/share/v/1BHk9wHgcg/

مقالات مشابهة

  • التنسيق الحضاري يدرج اسم أحمد ماهر باشا بمشروع حكاية شارع
  • هل سافر ابن بطوطة إلى الصين؟ باحثون يروون من جديد حكاية الرحالة المغربي
  • زي المحلات.. طريقة عمل الكبدة الإسكندراني
  • قسنطينة.. جريحان في حادث اصطدام بين حافلة وشاحنة ذات مقطورة وسيارة
  • قسنطينة.. جريحان في حادث اصطدام بين حافلة وشاحنة ذات مقطورة وسبارة
  • من بريق الملاعب إلى ظلام تهجير الفيليين.. حكاية النجم الكروي علي حسين
  • عمرها 40 عامًا| حكاية أقدم مائدة رحمن بالقرنة غرب الأقصر.. صور
  • حكاية ممرض بلقاس.. حسام حبيب يكشف سر فتح ملفات طليقته شيرين
  • "المسيرة الكبرى".. حكاية ملحمية لا مثيل لها
  • "حكاية أم حسن".. تبرعت بمليون جنيه لشراء سيارة إسعاف صدقة جارية لزوجها الراحل| شاهد