قدمت الفصائل الفلسطينية مخطط عملية «طوفان الأقصى» على طبق من ذهب لإسرائيل، إذ أنتجت عملاً درامياً عُرض خلال شهر رمضان الماضى، باسم «قبضة الأحرار»، جسدت فيه نموذجاً مصغراً لعملية «طوفان الأقصى» التى شنتها ضد كيان الاحتلال فى السابع من أكتوبر المنصرم، وكأن لسان حالها يقول: هذا ما سنفعله بكم بعد عدة أشهر، فهل ستنتبهون؟! ومن قبل ذلك تمكن مسئولون إسرائيليون من العثور على وثيقة تعرف باسم «جدار أريحا» ذكرت صحيفة «التايمز» أنها احتوت على مخطط الهجوم بالكامل، ولكن المسئولين تجاهلوها.

وتعليقاً على المسلسل، يرى العديد من المتابعين والخبراء، أن هجوم حماس يوم السابع من أكتوبر كان متشابهاً بشكل كبير مع أحداث المسلسل، وأن ذلك ربما يكون إشارة خفية تعمدت المقاومة إرسالها، وقد يكون ضمن خطة التضليل التى اتبعتها المقاومة الفلسطينية لإنجاح مخططها.

وإذا حللنا أحداث العمل الدرامى هذا، وجدنا أن اختراق الحدود، واجتياح السياج الفاصل، ثم السيطرة على مواقع عسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلى، واقتياد جنوده إلى غزة، هى أحداث شاهدها المتابعون فى المسلسل تمثيلياً، وقرأ عنها العالم وشاهد لقطات مصورة منها حقيقياً عقب بدء عملية طوفان الأقصى.

وقد بدأ سيناريو المسلسل المكون من 30 حلقة يدور فى فلك مجموعة من المناوشات بين المقاومة وإسرائيل، التى تنتهى دائماً بهزيمة مخزية ومذلة للاحتلال وجيشه، ومع هذه المناوشات تدبر المقاومةُ خطة محكمة لتنفذ عمليتها الموعودة «قبضة الأحرار»، وفى خِضَمّ ذلك يكتشف جهاز المخابرات الداخلى الإسرائيلى «الشاباك» خيطاً من ذلك المخطط، ويحاول إفشاله بشتى الطرق، فيرسل قوات خاصة، ويجند المستعربين والعملاء المقربين من عناصر المقاومة للإيقاع بهم فى يد الاحتلال، ولكن كل محاولاتهم تبوء فى نهاية المطاف بفشل ذريع، على الرغم مما يمتلكونه من تكنولوجيا خارقة، وتغطيات جوية وفضائية تمكنهم من رؤية كل صغيرة وكبيرة تدب فى أرض قطاع غزة المحاصر، مقابل المقومات القليلة، والإمكانات البدائية التى تمتلكها حماس.

وتمر آخر حلقات المسلسل وقد بدأ المقاومون تنفيذ خطتهم بالفعل، فيقتحمون الحدود، ويعطلون عمل جهاز المخابرات بالكامل، بعد أن استطاعوا اختراق أقماره الصناعية، والتشويش على مسيراته الجوية لمدة وجيزة من الزمن لا تتعدى الدقائق، من المفترض أن ينهوا فيها تنفيذ الخطة بالكامل.. وبالفعل يتمكنون خلالها من نسخ قاعدة البيانات الإسرائيلية، ويقتادون الجنود الإسرائيليين أمامهم أسرى أذلاء، بعد أن قتلوا منهم عدداً لا بأس به.

ومن اللافت للنظر أن يحيى السنوار وهو المطلوب الأول لإسرائيل، والذى يوصف بأنه الرأس المدبر لعملية «طوفان الأقصى» كان قد كرّم صناع «قبضة الأحرار» قائلاً: «إن العمل الفنى لا ينفصل أبداً عن إعداد كتائب القسام واستخباراتها ومجالات عملها المختلفة».. أليست هذه أيضاً إشارة قوية لإسرائيل لم ينتبهوا إليها؟!

أما عن وثيقة «جدار أريحا» فقد وقعت فى أيدى الإسرائيليين، وكانت بمثابة برهان قاطع تنبأ بما حدث فى السابع من أكتوبر، لكن عنجهية مسئولى الكيان المحتل منعتهم من أن يأخذوها على محمل الجد: فكيف لمجموعة من المقاومين الذين يستخدمون أسلحة بدائية أن يقوموا بمثل هذه العملية الكبيرة تجاه ذلك «الجيش الذى لا يُقهر»؟!

وتقول صحيفة «نيويورك تايمز» إن هذه الوثيقة حصل عليها كبار مسئولى إسرائيل منذ أكثر من سنة، وإنها كانت تحتوى على مخطط المقاومة الذى نفذته خلال أكتوبر الماضى بكل تفاصيله خطوة بخطوة، لكنهم أعرضوا عنها قائلين إن حماس ليس لديها المقدرة على تنفيذ مثل هذا المخطط، ولن يجرؤوا على تنفيذه من الأساس، ولذا تجاهلوا الأمر برمته.

أما أسطورة «الجيش الذى لا يقهر» فما أدل على زيفها مما فعلته المقاومة فى عمليتها يوم السابع من أكتوبر، والتى دلت دلالة قاطعة على مدى هشاشة وضعف هذه الدويلة المزعومة، هى وجيشها ومخابراتها، ويدل على ذلك أيضاً ما أوقعته عناصر المقاومة من خسائر جمة فى صفوف جنود الاحتلال وما زالت.

وقد أكد مسلسل «قبضة الأحرار» على هذه الحقيقة، عن طريق مجموعة من المعارك التى دارت فى إطار درامى، لكنها مستمدة من مناوشات ومعارك حقيقية حدثت بالفعل، أو ستحدث، لتنتهى فى كل مرة بهزيمة منكرة، تُلحق العار بالاحتلال وجيشه الذى هو عبارة عن فقاعة كبيرة تنفجر بمجرد النفخ فيها.

وتأكيداً على هذه الحقيقة أيضاً فإنى أختتم مقالى بما ذكره الصحفى الإسرائيلى «جدعون ليفى» فى مقال له بصحيفة «هآرتس»، حيث يصف ذلك الوهم والغطرسة التى تملأ أنوف كيانه الصهيونى المحتل، قائلاً: «رأت إسرائيل صوراً لم تتوقعها فى حياتها بسبب غطرستها.. اخترق بضع مئات من المسلحين الفلسطينيين السياج وغزوا إسرائيل بشكل لم يتخيله أى إسرائيلى.. لقد أثبت بضع مئات من المقاتلين الفلسطينيين أنه من المستحيل سجن مليونى إنسان إلى الأبد، دون دفع ثمن باهظ. وكما هدمت الجرافةُ الفلسطينية القديمة بالأمس الجدار الأكثر تطوراً بين كل الجدران والأسوار، فإنها مزقت أيضاً عباءة الغطرسة واللامبالاة الإسرائيلية».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الفصائل الفلسطينية طوفان الأقصى جدار أريحا انتهاكات إسرائيل السابع من أکتوبر طوفان الأقصى قبضة الأحرار

إقرأ أيضاً:

معارك ذات الكبارى وآخر اليد

الرأى اليوم 

 معارك ذات الكبارى وآخر اليد

✍️صلاح جلال

(١)

???? لقد بلغ المجهود الحربى خلال العام ونصف ذروته فى إزهاق الأرواح التى تجاوزت ال ١٠٠ ألف قتيل وتدمير المعمار الذى يُقدر ب ١٦٠ مليار دولار وشهدت الحرب العبثية عملية إنعاش بتاريخ ٢٦ سبتمبر الماضى بهجوم مباغت شنته القوات المسلحة والحركات المتحالفة معها والمستنفرين وكتائب الكيزان منطلقة من أمدرمان نحو الخرطوم وبحرى وهجوم متزامن على محور الفاو وآخر على محور الجيلى وهجوم واسع على عدد من المواقع فى أقصى شمال دارفور بحوالي ٥٠٠ عربة مسلحة والهجوم بالأمس الخميس ٣ إكتوبر على سلسلة جبال موية من محورين ربك وسنار

كانت نتيجة هذا الهجمات سفك مزيد من دماء أبناء السودان المستعدين للتضحية الذين تمت تعبئتهم تحت شعارات الوطنية والدفاع عن الأعراض والممتلكات من الطرفين مازالت جثثهم على الأرض بجانب الكبارى وفى الصحراء وحول الجبال لم يتم دفنها وشاهدنا تدمير المركبات والمعدات العسكرية وأرتال من الجنود يكبرون الله ويبشرون بالنصر المبين

*هذا النصر الذى ما زال فى الثريا والمتطلعين له فى الأرض يمنون النفس الأمانى*

 

(٢)

???? نصر يتعطش لمزيد من الدماء والموارد ، والجالسون فى غرف التخطيط المكيفة من كبار الجنرالات مازالت شهوتهم مفتوحة لمزيد من الحرب وهم يتحلقون حول أطيب الطعام إستهلكوا كل مفردات اللغة ذات الحواف الحادة وتحولوا للتمثيل الإيحائي بإشارات الجسد، ومازال الساسة الحالمون لقطف ثمار السلطة بالعنف والقوة يتشبثون بأحلامهم التى كشفت فقرها حرب العام ونصف وفضحت ضحالة حِسهم الوطنى والإنسانى وهم يشاهدون المواطن بين نازح ولا جئ وواقف على صف التكايا فى إنتظار وجبة البليلة ، ومريض تتعلق حياته بجرعة دواء لضمان الحياة وجيل كامل خارج التعليم يبشر بضياع المستقبل وهم يعاقرون أوهامهم بأن الحرب هى الحل والخيار هو إستمرارها الذى أصبح هو طلب العنقاء والخل الوفى ، ما يجرى فى البلاد حالة من الجنون وفقدان الرُشد تلبست الكبار فى أروقة السلطة وتعلقت أحلام قياداتها بالسراب الذى تراه ولا تصل إليه وحتى لا نسأل كيف ومتى تنتهى هذه الحرب!! قال لنا كبير الجنرالات سنحارب حتى تفنوا جميعكم المنطق الذى ينطلق من نفس شحيحة ومنطق أعوج .

 

(٣)

???? المشهد منذ معركة ذات الكبارى صوره لنا الإعلام الطبال بأنه ال D-Day الذى أسكت مدافع تافيرونا وأنهى الحرب العالمية الثانية وزفته إحتفالات تملق معاناة وأحلام العالقين بالعودة فى النزوح والمنافى والهجوم على الجيلى لإستعادة المصفاة المدمرة بالكامل بسلاح الطيران!! كما تمت بلا طائل إستعادة مبانى الإذاعة والتلفزيون التى ما زالت صامته بعد إحتفالات صاخبة كشاهد على مسرح العبث والملاهاة ، ومعارك فى محور الفاو وجبل موية ومعارك فى شمال دارفور *كلف الإعداد لهذا المشهد الدرامى تحضير على مدى ستة أشهر مضت* من القوات المسلحة والمستنفرين و من الحركات والكيزان فقد تم رصد أقصى درجة مادية تملكها القوات المسلحة للتحضير لهذه المعارك النتيجة البادية للعيان تكاد تكون كل المعارك أخفقت فى تحقيق أهدافها المرسومة لها ، عدا بعض المظاهر الفقيرة أن يعبر القائد العام كوبرى الحلفايا إلى بضعة كيلومترات فى مدينة بحرى مما عرضنا للمسخرة من محطات التلفزة فى الدول الشقيقة وخلفه الجوغة المصنوعة وبعض أجهزة التلفزة وهرطقة واسعة على الميديا من الأكاذيب أقرب لحلقة الزار بيانات وعواجل وإنتصارات وهمية وتحرير فى الخيال !!!! .

 

(٤)

???? *السؤال ماذا مابعد كل ذلك ؟؟؟؟* هل هذا كل ما يرجوه الشعب السودانى ليعود لحياته الطبيعية التى دخلت ساحة المزايدة والدغدغة بالإحتفالات الكذوبة ، هل يجب علينا أن ننتظر ستة أشهر أخرى حتى يتم إعداد موجة أخرى من المتحركات مطابقة للفاشلة الآن لنعلق عليها آمال النصر أو *إفتراع طريق جاد جديد مختلف للإنتصار بالسلام ووقف القتال بالتفاوض* ، لقد شاهدنا مبادرة القوات المسلحة وحلفائها وطلعت بيضة ديك لا تنتج كتاكيت ولا نصر ولايحزنون ، لم نشهد إستسلام قوات الدعم السريع التى ستبدأ هجومها الصيفى هى الأخرى بنهاية شهر إكتوبر مع الوعد بمزيد من القنابل والرصاص على رؤوس الشعب المغلوب.

(٥)

???? على قيادة القوات المسلحة وعلى رأسها الفريق عبدالفتاح البرهان الذى يتحمل مسئولية كل هذا العبث والدمار ، قراءة حقائق الواقع العسكرى بمهنية بعيداً عن السياسيين الحالمين وقيادات الحركات المغامرة والكتائب الداعشية المتطرفة والإعلام المضلل الرداح ، لكى ندفع فى إتجاه أن تَقبِل القوات المسلحة وتسرع لوقف إطلاق النار لإستباق السيناريوهات الدولية التى تضغط من أجلها مأساة المدنيين لقد نفد صبر الإقليم والعالم على إستمرار حرب السودان العبثية على قيادة القوات المسلحة أن تدفع لوقف الحرب فوراً من أى منبر ممكن جدة- جنيف – الإتحاد الأفريقى وإلا ستدفع الثمن وتزيد الخسائر و الضغوط والتدهور المحتمل لوضع الجيش الميداني خلال الأسابيع القليلة القادمة لإستنزاف خططه ومورادة فى الهجوم الراهن .

 

(٦)

???? رسالة للمعوقين للحلول السلمية المتعلقين بأوهام تحقيق النصر العسكرى وتجار وسماسرة الحروب لهم هذه القصة لعل وعسى نحن صغار كنا نلعب البِلى عندما تتم هزيمتك (تنخرت) تطلب من خصمك واحد من الإثنين يدينك على الضراب أو يمنحك ما يعرف بيننا [آخر يدك] يعنى بليه واحدة عطية تبدأ بها حظك لمرة أخرى ، *آخر يدكم البداية الصحيحة للخروج من عنق الزجاجة ومواجهة مأزق الحرب الراهنة هو ترجيح الحلول التفاوضية فوراً دون لكن أو لو* والإقبال نحوها بحسن نية وواقعية هذه الحرب يجب أن تقف فوراً.

 

(٧)

????????ختامة

هذه حرب خاسره

(نقارة دنقست) لايجب تشجيع إستمرارها بدعوى تحقيق إنتصارات لتغيير إحداثيات التفاوض فهى متدحرجة لأسفل من يوم لآخر وبكلفه باهظة

*نقول لقيادة القوات المسلحة* كما تحتاج الحرب لشجاعة الفرسان يحتاج السلام لشجاعة الحكماء عليكم بالإقبال على التفاوض فوراً *وسندعم موقفكم بأن تنتهى الحرب لسلام شامل يحقق عودة كاملة للحكم المدنى* *وإعادة تأسيس قوات مسلحة موحدة ومهنية ودمج كل المليشيات فيها وفق ترتيبات أمنية وبرنامج دمج وتسريح DDR واضح وملزم* *بآجال زمنية مشهودة وبضمانات محلية ودولية* اللهم قد بلغت فأشهد .

 

# لاللحرب

#لازم_تقيف

٤ إكتوبر ٢٠٢٤م

الوسومالكباري المجهود الحربي صلاح جلال معارك

مقالات مشابهة

  • النائب علاء عابد يكتب: إسرائيل.. كيان سايكوباثي
  • معارك ذات الكبارى وآخر اليد
  • عصابة فوق القانون!
  • «رأفت الهجان» أسطورة لن تتكرر
  • غزة عام الحرب والمقاومة
  • الشاطر حسن
  • حرب أكتوبر.. وصناعة التاريخ
  • «نصر أكتوبر» معجزة التاريخ
  • موسم رمضان 2025 ملىء بالنجوم
  • الأسعار تتحدي الحكومة