عبدالعزيز سلامة يكتب: «جدار أريحا» ثم «قبضة الأحرار».. فهل من معتبر؟
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
قدمت الفصائل الفلسطينية مخطط عملية «طوفان الأقصى» على طبق من ذهب لإسرائيل، إذ أنتجت عملاً درامياً عُرض خلال شهر رمضان الماضى، باسم «قبضة الأحرار»، جسدت فيه نموذجاً مصغراً لعملية «طوفان الأقصى» التى شنتها ضد كيان الاحتلال فى السابع من أكتوبر المنصرم، وكأن لسان حالها يقول: هذا ما سنفعله بكم بعد عدة أشهر، فهل ستنتبهون؟! ومن قبل ذلك تمكن مسئولون إسرائيليون من العثور على وثيقة تعرف باسم «جدار أريحا» ذكرت صحيفة «التايمز» أنها احتوت على مخطط الهجوم بالكامل، ولكن المسئولين تجاهلوها.
وتعليقاً على المسلسل، يرى العديد من المتابعين والخبراء، أن هجوم حماس يوم السابع من أكتوبر كان متشابهاً بشكل كبير مع أحداث المسلسل، وأن ذلك ربما يكون إشارة خفية تعمدت المقاومة إرسالها، وقد يكون ضمن خطة التضليل التى اتبعتها المقاومة الفلسطينية لإنجاح مخططها.
وإذا حللنا أحداث العمل الدرامى هذا، وجدنا أن اختراق الحدود، واجتياح السياج الفاصل، ثم السيطرة على مواقع عسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلى، واقتياد جنوده إلى غزة، هى أحداث شاهدها المتابعون فى المسلسل تمثيلياً، وقرأ عنها العالم وشاهد لقطات مصورة منها حقيقياً عقب بدء عملية طوفان الأقصى.
وقد بدأ سيناريو المسلسل المكون من 30 حلقة يدور فى فلك مجموعة من المناوشات بين المقاومة وإسرائيل، التى تنتهى دائماً بهزيمة مخزية ومذلة للاحتلال وجيشه، ومع هذه المناوشات تدبر المقاومةُ خطة محكمة لتنفذ عمليتها الموعودة «قبضة الأحرار»، وفى خِضَمّ ذلك يكتشف جهاز المخابرات الداخلى الإسرائيلى «الشاباك» خيطاً من ذلك المخطط، ويحاول إفشاله بشتى الطرق، فيرسل قوات خاصة، ويجند المستعربين والعملاء المقربين من عناصر المقاومة للإيقاع بهم فى يد الاحتلال، ولكن كل محاولاتهم تبوء فى نهاية المطاف بفشل ذريع، على الرغم مما يمتلكونه من تكنولوجيا خارقة، وتغطيات جوية وفضائية تمكنهم من رؤية كل صغيرة وكبيرة تدب فى أرض قطاع غزة المحاصر، مقابل المقومات القليلة، والإمكانات البدائية التى تمتلكها حماس.
وتمر آخر حلقات المسلسل وقد بدأ المقاومون تنفيذ خطتهم بالفعل، فيقتحمون الحدود، ويعطلون عمل جهاز المخابرات بالكامل، بعد أن استطاعوا اختراق أقماره الصناعية، والتشويش على مسيراته الجوية لمدة وجيزة من الزمن لا تتعدى الدقائق، من المفترض أن ينهوا فيها تنفيذ الخطة بالكامل.. وبالفعل يتمكنون خلالها من نسخ قاعدة البيانات الإسرائيلية، ويقتادون الجنود الإسرائيليين أمامهم أسرى أذلاء، بعد أن قتلوا منهم عدداً لا بأس به.
ومن اللافت للنظر أن يحيى السنوار وهو المطلوب الأول لإسرائيل، والذى يوصف بأنه الرأس المدبر لعملية «طوفان الأقصى» كان قد كرّم صناع «قبضة الأحرار» قائلاً: «إن العمل الفنى لا ينفصل أبداً عن إعداد كتائب القسام واستخباراتها ومجالات عملها المختلفة».. أليست هذه أيضاً إشارة قوية لإسرائيل لم ينتبهوا إليها؟!
أما عن وثيقة «جدار أريحا» فقد وقعت فى أيدى الإسرائيليين، وكانت بمثابة برهان قاطع تنبأ بما حدث فى السابع من أكتوبر، لكن عنجهية مسئولى الكيان المحتل منعتهم من أن يأخذوها على محمل الجد: فكيف لمجموعة من المقاومين الذين يستخدمون أسلحة بدائية أن يقوموا بمثل هذه العملية الكبيرة تجاه ذلك «الجيش الذى لا يُقهر»؟!
وتقول صحيفة «نيويورك تايمز» إن هذه الوثيقة حصل عليها كبار مسئولى إسرائيل منذ أكثر من سنة، وإنها كانت تحتوى على مخطط المقاومة الذى نفذته خلال أكتوبر الماضى بكل تفاصيله خطوة بخطوة، لكنهم أعرضوا عنها قائلين إن حماس ليس لديها المقدرة على تنفيذ مثل هذا المخطط، ولن يجرؤوا على تنفيذه من الأساس، ولذا تجاهلوا الأمر برمته.
أما أسطورة «الجيش الذى لا يقهر» فما أدل على زيفها مما فعلته المقاومة فى عمليتها يوم السابع من أكتوبر، والتى دلت دلالة قاطعة على مدى هشاشة وضعف هذه الدويلة المزعومة، هى وجيشها ومخابراتها، ويدل على ذلك أيضاً ما أوقعته عناصر المقاومة من خسائر جمة فى صفوف جنود الاحتلال وما زالت.
وقد أكد مسلسل «قبضة الأحرار» على هذه الحقيقة، عن طريق مجموعة من المعارك التى دارت فى إطار درامى، لكنها مستمدة من مناوشات ومعارك حقيقية حدثت بالفعل، أو ستحدث، لتنتهى فى كل مرة بهزيمة منكرة، تُلحق العار بالاحتلال وجيشه الذى هو عبارة عن فقاعة كبيرة تنفجر بمجرد النفخ فيها.
وتأكيداً على هذه الحقيقة أيضاً فإنى أختتم مقالى بما ذكره الصحفى الإسرائيلى «جدعون ليفى» فى مقال له بصحيفة «هآرتس»، حيث يصف ذلك الوهم والغطرسة التى تملأ أنوف كيانه الصهيونى المحتل، قائلاً: «رأت إسرائيل صوراً لم تتوقعها فى حياتها بسبب غطرستها.. اخترق بضع مئات من المسلحين الفلسطينيين السياج وغزوا إسرائيل بشكل لم يتخيله أى إسرائيلى.. لقد أثبت بضع مئات من المقاتلين الفلسطينيين أنه من المستحيل سجن مليونى إنسان إلى الأبد، دون دفع ثمن باهظ. وكما هدمت الجرافةُ الفلسطينية القديمة بالأمس الجدار الأكثر تطوراً بين كل الجدران والأسوار، فإنها مزقت أيضاً عباءة الغطرسة واللامبالاة الإسرائيلية».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الفصائل الفلسطينية طوفان الأقصى جدار أريحا انتهاكات إسرائيل السابع من أکتوبر طوفان الأقصى قبضة الأحرار
إقرأ أيضاً:
سحر الجعارة: ملف شباب الصحفيين أولوية.. ونسعى لبناء جيل قادر على مواجهة التحديات
قالت الكاتبة الصحفية سحر الجعارة، عضو الهيئة الوطنية للصحافة، إنّ تكليفها بعضوية الهيئة برئاسة عبدالصادق الشوربجى، يُمثل ثقة ومسئولية كبيرة، خاصة أنه تكليف حساس فى وقت تواجه فيه الصحف القومية تحديات كبيرة، كما أنه تكليف يدور حول خدمة الصحفيين والارتقاء بالمهنة وأبنائها.. وإلى نص الحوار:
كُلفتِ بالعضوية فى الهيئة الوطنية للصحافة.. كيف تنظرين إلى هذا التكليف؟
- الحقيقة، هذا التكليف يعكس ثقة كبيرة جداً لم أكن أتوقعها، كما أنه تكليف حسّاس ومحبّب إلى قلبى لأنه يدور حول خدمة الصحفيين والارتقاء بالمهنة وأبنائها، وبالنسبة لى أن أُكلف بمهمة تصب فى مصلحة الصحافة الوطنية والصحفيين هو شرف عظيم ومسئولية أحببتها منذ اللحظة الأولى، خاصة فى وقت تعيش فيه الصحافة المطبوعة أزمة تؤثر على العالم أجمع وليس مصر فقط، مع غزو المواقع الإلكترونية الذى أثر على الصحافة المطبوعة، لكن مصر ليست استثناءً.
ما الملفات التى تخططين للتركيز عليها خلال الفترة المقبلة؟
- هناك الكثير من الملفات المهمة التى أطمح إلى العمل عليها، لكن يظل أهمها ملف شباب الصحفيين، لأننا نراهن على المستقبل، وبالتالى علينا أن نبنى جيلاً من الصحفيين يمتلك القوة الفكرية والثقافية والوعى اللازم لمواجهة التحديات، ونحن أمام الكثير من التحديات فى هذا السياق، من بينها تأخر التعيينات داخل بعض المؤسسات القومية، حيث يتدرّب الكثير من الشباب لفترات طويلة دون أن يتم تعيينهم، ثانيها نقص التأهيل، إذ يفتقر بعض الشباب إلى مهارات أساسية، مثل إجادة اللغات الأجنبية واستخدام التكنولوجيا الحديثة، ولكن قد تكون لديهم الموهبة، وهنا يأتى دورنا فى العمل على سد هذه الفجوات، سواء بتوفير دورات تدريبية متخصّصة أو وضع برامج تطوير مستدامة تواكب احتياجات سوق العمل الصحفى، ومن المهم أن نمنح الشباب الصوت اللازم للتعبير عن قضاياهم وأفكارهم بشكل ناضج وبنّاء، وبالتالى رفع مستوى الصحافة بشكل عام.
ما دور الصحافة الوطنية فى التصدى لتأثير شائعات الإخوان على الشباب؟
- المشكلة مع الشباب أنهم يقضون معظم أوقاتهم على وسائل التواصل الاجتماعى، وهم فى كثير من الأحيان يفتقرون إلى الوعى الكافى الذى يمتلكه الكبار بحكم التجربة والخبرة، والشائعات تجد طريقها بسهولة إلى عقولهم، لأنهم يتلقون المعلومات دون تحقّق، وهذا ما يجعل الأمر مرعباً حقاً، لذلك لا بد أن توجد الصحافة الوطنية بقوة على السوشيال ميديا.
كيف ترين المرحلة المقبلة بالنسبة للصحافة؟ وما رؤيتك لمستقبلها؟
- فى الحقيقة، أنا متفائلة جداً بمستقبل الصحافة، رغم كل التحديات التى تواجهها، وكونى قد عاصرت أجيالاً مختلفة من الصحفيين الشباب، أرى أن هناك طاقة إنسانية كبيرة وشغفاً بالمهنة لا يزال مستمراً، لقد رأيت شباباً بدأوا العمل فى العشرين من عمرهم، والآن يتحمّلون مسئوليات كبيرة ويؤدون مهامهم بنجاح رغم الأزمات التى تحيط بالصحافة عالمياً، مثل ارتفاع تكلفة الأحبار والورق والاكتساح الإلكترونى الذى أثر على التوزيع. وأعتقد أن الصحافة ستستمر، لأنها تُمثل حلم الحرية الذى يجذب الأجيال الجديدة، كما كان يجذب جيلى والأجيال التى سبقتنى، لذا أرى أن هناك أملاً كبيراً فى المرحلة المقبلة، وأثق بأن الصحافة ستجد طريقها للاستمرار والتجدد.
ما رسالتك للصحفيين الشباب، خاصة فى ظل محاولات التشويه؟
- رسالتى لهم أن يتحلوا بالشغف والالتزام، لأن الصحافة ليست مجرد مهنة، إنها رسالة، لذلك عليهم أن يتسلحوا بالعلم والمعرفة، لأنه لا يمكننا بناء مستقبل قوى دون جيل من الصحفيين الواعين والمثقفين القادرين على مواجهة التحديات بقوة وثبات.