أول مقهى وملتقى ثقافي في تركيا.. «أمل الجبوري» امرأة هزمت كل التحديات بـ مكتبة «دار السلام»
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
قلة من المهجرين من يستطيع العمل على مشاريع خدمية وتعليمية في زحمة الانشغال والسعي الدائم وراء لقمة العيش، لما في اللجوء والتهجير من صعوبة ومشقة، سيما فيما يعانيه العالم من أزمات اقتصادية يدفع اللاجئون والمهجرون الثمن الأكبر فيها.
إلا أن السيدة “أمل الجبوري” تجاوزت كل التحديات التي يعيشها المهجرون في بلدان اللجوء، وأثبتت أن المرأة قادرة حتى على تحقيق ما يعجز عنه كثير من الرجال في بعض الأحيان، وذلك من خلال فكرة نموذجية أنشأتها في العاصمة التركية أنقرة، تقوم على مقهى وملتقى ثقافي في آن واحد، تساهم من خلالها في تنمية المواهب الفكرية والثقافية لدى المهجرين.
وعن بزوغ الفكرة وبدايتها تقول (أمل الجبوري) وهي لاجئة عراقية في تركيا لموقع هيومن نيوز: “ولدت الفكرة لدي انطلاقاً من شغفي وحبي الكبير للقراءة واهتمامي بالشعر والأدب والرسم والفنون، والتي كانت نتيجة عدم تمكني من إكمال الدراسة في العراق بسبب ظروف وعادات قبلية وعشائرية، فأصبح حلم عمل شيء يملأ هذا الفراغ يراودني دائماً، وقد صحبني حتى في بلد اللجوء تركيا الذي استقريت فيه منذ الحرب العراقية”.
وتضيف (أمل): “في تركيا كان من الصعب إيجاد كتب عربية وإن وجدت فكانت أسعارها كبيرة جدا، فقررت بناء على ذلك أن يكون لدي مشروع يتعلق في تأمين الكتب وتسهيل وصولها لمن يرغب من القراء بيعاً أو تأجيراً، وكانت البداية من بسطة كتب صغيرة ومتواضعة اسميتها مكتبة (دار السلام)، وكان لأولادي الدور الكبير والأساسي في تشجيعي والوقوف إلى جانبي في بداية انطلاق المشروع”.
ولكن أمل الطموحة لم تقف عند حدود المكتبة الصغيرة والمتواضعة، وعندما صارت تملك الأدوات المناسبة ولدت لديها فكرة إنشاء منتدى ثقافي يهدف إلى تحقيق تفاعل واتصال وتواصل بين المهتمين بالأدب والقراءة، وكان الجمهور المستهدف في البداية اللاجئون العراقيون بحكم أنهم مجتمع أمل وصلة تواصلها الأولى سيما في بلاد الغربة، وبالفعل أصبح المنتدى مكان التقاء مجموعة من المثقفين العراقيين وبات يحقق حضوراً لا بأس فيه بالأوساط العراقية ومن ثم العربية فيما بعد.
وتقول (أمل): “حاولت بعد ذلك أن أوسع من انتشار الفكرة واستعنت بوسائل التواصل الاجتماعي وهو ما حقق لي تفاعلاً أكبر وسبيلاً لوصول المشروع والفكرة إلى شريحة أوسع، وعندها نقلت المكتبة إلى مركز العاصمة التركية أنقرة وتحول المشروع إلى ملتقى لجميع الجاليات العربية وصارت النشاطات أكثر عدداً وتنظيماً وحضورًا وأهمية”.
وعن أقسام المكتبة والمنتدى تقول أمل إنها تنوعت اليوم وتعددت وضمت إلى الآن عدة أقسام أبرزها، قسم الشعر وقسم خاص بمشاركات أعضاء المنتدى وقسم الموسيقا والغناء والقسم الترفيهي وقسم التبادل الثقافي، فضلاً عن قاعة خاصة بالقراء ومعارض للرسم والفنون والأعمال اليدوية.
ونظراً لأن مثل هذه المشاريع وفي ظل ظروف اللجوء والنزوح لا بد أن تواجه بكثير من الصعوبات والمعوقات تحدثنا (أمل): “كوني أجنبية في تركيا فهذه كانت المعضلة الأولى التي واجهتني فلم أتمكن بدايةً من ترخيص المشروع باسمي ما اضطرني إلى الاستعانة بأحد الأصدقاء الأتراك، ثم تلاها بعد ذلك الانتقادات والنصائح السلبية التي قدمها كثير من الأشخاص وفحواها أن هذا المشروع مصيره الفشل المحتم، كما زادت جائحة كورونا من صعوبة الأمر، وهو ما حملني كثير من الأعباء حتى استطعت اكمال المشروع والحفاظ عليه”.
إلا أن المشكلة الأكبر التي دائماً ما تلقي بعاتقها على أمل وتحاول أن تعيق من تقدمها، أنها امرأة في مجتمع ذكوري لم يكن من السهل عليه تقبل مثل هكذا مشروع تقوم عليه سيدة، فضلاً عن انشغال الناس بظروف العمل وعزوف الكثير منهم عن القراءة والأدب والفن، لكن أمل استطاعت بإصرارها وعزيمتها تخطي كل الصعوبات ووصلت بمشروعها إلى مرحلة متقدمة.
استطاعت "أمل" بعد جهد وعناء أن تصنع مشروعها المتميز وأن تحافظ عليه أمام كل التحديات والظروف والعوائق، لكن ما زالت تسعى لما هو أفضل من ذلك، حيث تقول: “تطلعاتي المستقبلية والتي أعمل بجد أكبر من أجلها أن يتوسع هذا الصرح الثقافي ليشمل كل الولايات التركية، بل ويصبح له فروع في دول أخرى”.
وترى "أمل" أنه لا بد من إعادة المواطن العربي إلى ساحة الأدب والفن والثقافة، وإثبات أننا أولو حضارة عريقة وأننا قادرون على تحقيق ذلك رغم كل الظروف الصعبة التي نعانيها وتعانيها بلادنا.
يشار إلى أن "أمل الجبوري" تنحدر من مدينة بغداد العراقية وهي من مواليد 1978، أم لأربع بنات وولد، اضطرت للهجرة من بلدها بعد الحرب العراقية، واستقرت في تركيا وكان عليها أن تعمل لإعالة عائلتها نتيجة إصابة زوجها في الحرب.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الحرب العراقية العراق مدينة بغداد مكتبة دار السلام فی ترکیا
إقرأ أيضاً:
خالد الجندي: معرض الكتاب عرس ثقافي يعكس قيم العلم والإيمان
أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن المعرض الدولي للكتاب في مصر يمثل "عرسًا ثقافيًا" يعكس الهوية الثقافية والحضارية للأمة، مشيدًا بما يقدمه المعرض من فرصة كبيرة لجميع فئات المجتمع لاقتناء الكتب والاطلاع على أحدث إصدارات الثقافة والعلم.
وأشار عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc"، اليوم الثلاثاء، إلى أن العد التنازلي قد بدأ حيث يُختتم المعرض يوم غد الأربعاء داعيًا جميع من لم يحظَ بفرصة المشاركة إلى زيارة هذا الحدث العظيم.
وأوضح أن هذا المعرض شكل له شخصيًا أيامًا مميزة، حيث اصطحب أولاده وأفراد أسرته للاستمتاع بأجواء المعرض، معتبراً أن هذه الزيارة كانت فرصة رائعة لتعميق العلاقة بين الأجيال وحب العلم.
وتابع الجندي: "ما رأيته في المعرض كان مذهلاً، كان هناك مشهد رائع للمثقفين الحقيقيين، حيث أظهر الجميع شغفًا بالقراءة والاطلاع، فضلاً عن حرصهم على أداء الصلاة في مواعيدها جماعة، شعرت أنني في محراب العلم، الأدب، والثقافة، وهو مشهد مبهر يبعث على الفخ"ر.
كما شدد الشيخ خالد الجندي على أهمية الثقافة في حياة الفرد، مؤكدًا أن القراءة والاطلاع هي الحاجز الأقوى ضد الانحرافات الفكرية كالإلحاد، وأوضح أن الثقافة هي أيضًا الوسيلة الفعالة للتربية الأخلاقية.
وقال: "إذا وجدت شخصًا يشكك في عقائده الدينية، فعليك أن تشك في مستوى ثقافته، العلم يدعو دائمًا إلى الإيمان، وهذا ما شاهدناه في المعرض من خلال المشاركين الذين أظهروا شغفًا حقيقيًا بالمعرفة".
كما عبر الجندي عن إعجابه بتنظيم المعرض، وأثنى على الهيئة المنظمة قائلاً: "أشكر هيئة المعارض على التنظيم الدقيق، والنظافة، والخدمات الممتازة التي تقدمها لكافة الزوار، المعرض يعكس صورة حضارية عظيمة، حيث يقدم كل الدعم للمشاركين من خلال ابتسامات، وحوارات هادئة، وأجواء مريحة".