لجريدة عمان:
2025-02-05@16:54:04 GMT

نوافذ :نكذب على أنفسنا

تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT

من أشد المواقف إيلامًا أن يكذب أحدنا على نفسه، والمصيبة أننا نصبر على عذابات النفس عند كل كذبة عليها، فأنفسنا تحاسبنا في اللحظة والحين، ولا تهادننا، ولذلك في لحظات كثيرة عندما ننهي مشروع الكذب على أنفسنا نعيش في حالة من الضياع، وحالة من اليأس، وحالة من التأنيب، ونخاتل أنفسنا من جديد، ونقول: «كان الظرف قاسيًا»، و«كان الموقف صادمًا» و«كان الأمر صعبًا» و«كان الزمن محرجًا» وتمضي اللحظات تلو الأخرى، وفي كل مرة نبرر، ونسوغ، مشروعات للكذب، إلى حد إحراج أنفسنا أمام أطفالنا الذين لم يدركوا بعد هذه المنازلات بيننا وبين أنفسنا، ولذلك هم سرعان ما يصدقون ما نقوله لهم، ويؤمنون؛ مع قرارة أنفسهم؛ أننا صادقون، حتى تتناسل الـ «كذبات» واحدة تلو الأخرى، عندها يعون أننا نكذب على أنفسنا، فلا يحترمون كبرنا، ولا مواعيدنا، ولا أوامرنا، ولا تعهداتنا، فيدركون بفطرهم التي لم تتلوث بعد أننا غير صادقين مع أنفسنا، فكيف لنا أن نصدق معهم، وعندما تأتي مواقف الترميم فيما بعد، كم تكون الصورة مشوهة، وغارقة في «الخربشات».

نتحدث كثيرا عن المفارقة الموضوعية بين الوهم والحقيقة، ونتفق مع ذواتنا أن الحقيقة هي الغاية، وأننا نستخدم الأوهام كوسيلة مؤقتة لإضفاء شرعية ممارساتنا، ولذلك؛ وخروجا عن الاتهام بممارسة الوهم؛ لأنه «معيبة» خلقية، فإننا سرعان ما نذهب إلى الكذب لنسوغ إنجاز مشروعاتنا بأقل الضرر، مع أن الكذب هو الضرر الأكبر على النفس، حيث فقدان الثقة، بيننا وبينها، وأي حقيقة هذه تبنى على وهم، وأي حقيقة هذه منشؤها كذب، ولذا فلا قيمة للتصالح في ظل هذه الصورة المشوهة، ومما يؤسف له أكثر؛ أنه؛ ومع التجربة الطويلة لنا كأناس، إلا أن ذلك لم يجد نفعا في الانعتاق والخروج من مأزق الكذب، على الرغم من النصوص الدينية، والمواعظ والأمثال؛ إلا أن كل هذا موضوع على أرفف النسيان، والانتظار تلو الانتظار إلى حين تحقق القناعة بأنه لا جدوى من الاستمرار في الكذب على النفس، وتأتي المرايا لتعرينا أمام أنفسنا أكثر، فنتوارى خجلا مما نحن فيه من الحرج.

مشروعات الكذب لا تعد ولا تحصى، وهي مشروعات مسوغة بحكم التفاعل البشري فيما بينهم، وبحكم الضعف البشري؛ وامتحانه مع ذاته «نفسه» فـ «النفس لوامة» والشيطان الرجيم عندما أراد أن يخلص نفسه من تبعية بني آدم له ولدسائسه، وإغواءاته المستمرة، قال بنص القرآن الكريم: «فلا تلوموني؛ ولوموا أنفسكم» وبكثرة أوجه مسوغات الكذب، إلا أنه؛ في المقابل؛ يبقى للصدق وجه واحد، والصدق نعمة، فلا يجب أن نألفها إلى حد النسيان من أنها نعمة «لا تألف فتجحد» بل يجب بحكم الأمانة وبكل مقتضياتها الدينية والدنيوية أن نعلي من سقف الصدق، لنتجاوز أرضية الكذب، في مشروعاته الكثيرة.

قد يظن البعض أن الكذب هو نوع من الفلسفة، ومن استطاع أن ينجز كمّا من الكذب مع نفسه، فإنه بذلك، تعامل مع من حوله بمنظور فلسفي يرى للحياة أكثر من وجه، فبدلا من الالتحام مع الصدق؛ والصدق؛ كما جاء أعلاه له وجه واحد؛ فإنه يستمرئ الكذب؛ مع أن «الصدق منجاة» ولو كان في ظاهر الأمر مهلكة، والكذب «ملهاة» ولو كان في ظاهر الأمر منجاة، هي معادلة شديدة الحساسية، يدركها أكثر من يحسب للنهايات خواتيمها المبهمة.

ويبقى السؤال المهم: من يستطيع أن يسحب نفسه من ركام الكذب، ويعلو بها إلى سموات الصدق والنقاء والطهر؟ ذلك هو الرهان الأصوب.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

سائق يتبع (GPS) فيجد نفسه في قاع واد

انتهى الأمر بسائق سيارة في قاع قناة بورغوندي في ديجون بفرنسا. بعد أن أوضح أنه اتبع إشارة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) الخاص به.

وحسبما ورد في مقال في صحيفة Le Bien Public. فقد أصيب شارديل. وهو طالب يبلغ من العمر 30 عامًا من مدينة بيزانسون، والذي جاء لزيارة صديق في ديجون، بالذعر. عندما وجد نفسه على مسار للدراجات، بعد اتباع “إشارة سيئة من تطبيق GPS”.

وقال “أخبرني أن أنعطف يمينًا بعد 100 متر. ولكن عندما انعطفت، رأيت علامة مسار الدراجات. لذلك أردت العودة من حيث أتيت، لكن المناورة كانت معقدة”، كما أوضح.

اندفاعة سريعة للخروج من الموقف تقوده أخيرًا إلى الواد مباشرة، ولحسن الحظ ليس عميقا جدًا.

وتمكن السائق من الخروج من المركبة وهي لا تزال عائمة على السطح، والوصول إلى اليابسة.

وبعد أن وصلت الشرطة ووفرت له ملابس جافة، تمكنت شاحنة سحب أرسلتها شركة التأمين إلى مكان الحادث من إخراج السيارة من المياه أخيرًا. آلة مجهزة برافعة تستخدم عادة للمركبات الثقيلة.

وأضاف الضحية “الآن سأتوخى الحذر الشديد عند استخدام هذا النوع من التطبيقات. حتى الشرطة نصحتني بعدم استخدامها. حتى لو كانت هناك تحديثات يمكن إجراؤها، يجب أن تكون حذرًا للغاية إذا لم تكن تستخدمها.”

وتابع بالقول “لا أعرف كيف أستخدمه. لقد وجدته معقدًا”.

بعد الحادث الذي تعرض له، انضم شارديل إلى قائمة طويلة من الأشخاص الذين انتهى بهم الأمر في قاع المياه. في بحيرة أو ميناء، أو حتى في وسط مقبرة.

مقالات مشابهة

  • مهتز نفسيا يهدد بقتل نفسه أمام محكمة زينهم
  • بعد أن وصف نفسه باللاعب الأفضل.. مدرب ميسي يرد على تصريح رونالدو
  • وزير الخارجية الفنزويلي لنظيره الأمريكي: مهووس ومثير للشفقة.. ونحن لن نبيع أنفسنا
  • انتحار شاب داخل منزله رميا بالرصاص في نجع حمادي بمحافظة قنا
  • رامي جمال يسخر من نفسه في الجيم
  • سائق يتبع (GPS) فيجد نفسه في قاع واد
  • الكذب ونظرية الحصان الميت!؟ (Dead Horse Theory)
  • السليمانية وكركوك.. قاتل امرأة يسلم نفسه في والعثور على جثة شاب
  • التحليق في عالم متجدد
  • كلنا نعيش بستر الله