بعدما أعطى البرلمان التركي “الضوء الأخضر” للسويد تكون الدولة الاسكندنافية اقتربت على نحو كبير من أبواب حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وبينما باتت الأنظار موجهة إلى المرحلة الأخيرة من جانب تركيا والمتمثلة بتوقيع الرئيس، رجب طيب إردوغان على بروتوكول الانضمام تثار تساؤلات عن المقابل الذي حصلت عليه أنقرة.

ودائما ما كان المسؤولون الأتراك يربطون الموافقة على طلب الانضمام بضرورة إقدام ستوكهولم على اتخاذ إجراءات فعلية تتعلق بقضايا الإرهاب، قاصدين “حزب العمال الكردستاني” وأعضاء منظمة “غولن” التي تصنفها أنقرة كمنظمة إرهابية.

وشيئا فشيئا وعندما كانوا يشهرون باستمرار الكارت الأحمر أمام إكمال عملية الانضمام ويطالبون باتخاذ المزيد، سرعان ما اتضح من تصريحات المسؤولين على رأسهم إردوغان بأنهم يريدون من واشنطن مقابلا يرتبط بصفقة طائرات “إف 16” المعلّقة.

وكانت تركيا، قد سعت لشراء ما قيمته 20 مليار دولار من طائرات إف-16 و80 من مجموعات التحديث لطائرات حربية ضمن سلاحها الجوي.

لكن الصفقة توقفت بسبب اعتراضات من الكونغرس الأميركي على رفض أنقرة إعطاء الضوء الأخضر لتوسيع حلف شمال الأطلسي، وعلى سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان وسياستها تجاه سوريا.
“ارتياح في الغرب”

ولأكثر من مرة أثار إردوغان قضية طائرات “إف 16″، وعندما أرسل إلى البرلمان التركي طلب السويد للانضمام في أكتوبر 2023، قال علانية إن التصديق “سيتوقف على الحصول على طائرات إف-16 في النهاية”.

ولم تخرج من جانب الولايات المتحدة الأميركية تصريحات رسمية علنية تؤكد الربط بين الموافقة على طلب السويد وصفقة “إف 16″، خلال الأشهر الماضية.

ومع ذلك ألمح الرئيس الأميركي جو بايدن في إحدى المناسبات إلى وجود صلة بين الصفقة وطلب السويد.

وبينما رفض وزير خارجيته، أنتوني بلينكن التلميح في وقت سابق إلى أن الإدارة الأميركية تربط الموافقة على الطلب بقضية المقاتلات قال إن “الكونغرس سيفعل ذلك”.

ورغم أن السويد لا تزال بحاجة إلى موافقة المجر قبل أن تتمكن من الانضمام إلى التحالف العسكري (الناتو)، إلا أن الخطوة التي اتخذها البرلمان التركي اعتبرها مراقبون “تاريخية”.

وأثارت خلال الساعات الماضية ارتياحا كبيرا في الغرب، وبدا من خلال تصريحات مسؤولين كبار في الولايات المتحدة والسويد وألمانيا.

وذكر مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان عبر “إكس” أنهم يرحبون بموافقة البرلمان التركي على البروتوكول وأن ذلك يمثل “أولوية مهمة” للرئيس الأميركي، جو بايدن.

وأضاف أن السويد ستجعل الناتو “أكثر أمانا وأقوى”.

ووصفت ألمانيا الموافقة بأنها “خطوة مهمة وصحيحة”، وقال الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ إنه يتوقع نفس الخطوة من المجر.

بدوره قال وزير الخارجية السويدي، توبياس بيلستروم إن موافقة البرلمان التركي على البروتوكول تعد تطورا “جيدا بالطبع”.

وصرح رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون أيضا في منشوره على “إكس” أنهم “على بعد خطوة واحدة من عضوية الناتو بعد موافقة البرلمان التركي”.
“3 سيناريوهات تركية”

وتنقسم الآراء في الداخل التركي ما بين مؤيد لفكرة الانضمام وما بين الرافض لها.

ويرى المؤيدون كما بدا عبر تعليقاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي أن الخطوة لا تنفصل عن “مصالح الدولة”.

في المقابل أعاد معارضون التذكير بالعلاقة بـ”حزب العمال” و”غولن” ونشاط هاتين المنظمتين في ستوكهولم، من بينهم سياسيون في أحزاب المعارضة.

ويرى سنان أولغان، وهو دبلوماسي تركي سابق، أن التوصل إلى صفقة كاملة لم يتم بعد رغم موافقة البرلمان التركي على بروتوكول الانضمام.

ومن غير الواضح أيضا ما إذا كان إردوغان سيختار الآن انتظار وزارة الخارجية الأميركية لإخطار الكونغرس رسميا بإعادة تسليم طائرات “إف 16” إلى تركيا.

أولغان يشير إلى 3 سيناريوهات قد ينعكس إحداها على المشهد خلال الأيام المقبلة.

الأول بأن يوقع إردوغان مشروع القانون خلال 15 يوما، وينشره في الجريدة الرسمية، وهنا يمكن القول إن “الصفقة قد تمت بشكل كامل”.

السيناريو الثاني هو أن يقرر إردوغان انتظار الإخطار الرسمي بصفقة طائرات “إف 16” إلى الكونغرس الأميركي من قبل وزارة الخارجية.

وبعد أن يتم الإخطار بشكل رسمي “سيوقع الرئيس التركي على مشروع القانون ويكمل الصفقة بالكامل”.

السيناريو الثالث حسب الدبلوماسي التركي السابق هو أن يقرر الرئيس التركي انتظار الإخطار الرسمي من وزارة الخارجية الأميركية.

وبعد ذلك تقرر الأخيرة انتظار توقيع إردوغان على مشروع القانون.

ويوضح أولغان أنه وخلال هذه الفترة تكون مدة الـ15 يوما قد انتهت، ما يدفع إردوغان إلى إعادة مشروع القانون للبرلمان للتصويت مرة أخرى، وهو ما يشكل “عودة إلى المربع الأول”.
ما الذي تغيّر؟

ومنذ تقديم الطلب، قدمت السويد مشروع قانون لمكافحة الإرهاب يجعل العضوية في منظمة إرهابية غير قانونية.

وبالإضافة إلى ذلك، خففت إلى جانب كندا وفنلدا سياسات تصدير الأسلحة إلى تركيا.

ورغم أنه لا يعرف حتى الآن ما الذي تغير تركيا، يبدو للباحث في الوكالة السويدية لأبحاث الدفاع (FOI)، آرون لوند أن “تركيا سعيدة بكل الضمانات التي تلقتها من الولايات المتحدة فيما يتعلق ببيع طائرات إف 16 وغيرها من القضايا”.

ويبدو له كما يقول لموقع “الحرة” أن “الجزء التركي من العملية وكأنه في طريقه إلى الحل”.

لكن الباحث لا ينفي ضرورة وجود حاجة إلى بعض التنسيق، مشيرا إلى أنه “لا يزال يتعين على إردوغان التوقيع على القرار ولا يزال تصديق المجر عليه قائما”.

ويعتقد كبير الخبراء الأميركيين في “المجلس الأطلسي”، ريتش أوتزن أن أنقرة “حصلت على جزء مما أرادت”.

ويوضح لموقع “الحرة” أن “صفقة إف 16 ستحال الآن إلى الكونغرس بدعم من الرئيس (بايدن)”، بينما “غيّرت السويد قوانين مكافحة الإرهاب وأسقطت القيود على الأسلحة الخاصة بها”.

ورغم أن ما سبق “لا يعد موافقة على طائرات إف 16 ولا تنفيذا كاملا لقوانين مكافحة حزب العمال الكردستاني من قبل السويديين” يرى أوتزن أنه “يعد تقدما كافيا للمضي قدما”.

ويوضح الباحث التركي المختص بالسياسة الخارجية، عمر أوزكيزيلجيك أن “السويد اتخذت خطوات مهمة ضد الإرهاب، بل وغيرت دستورها.

لكن عندما كان ذلك غير كافيا بالنسبة لتركيا، تدخلت الولايات المتحدة ووضعت نفسها في منتصف المفاوضات، وفق أوزكيزيلجيك.

الباحث التركي يشير إلى أنه “فقط وبعد أن اقتنع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان التركي، فؤاد أوقطاي بوعود السويد والولايات المتحدة تم طرح طلب الانضمام للمناقشة في البرلمان”.

ويقول لموقع “الحرة”: “ليس لدى تركيا أي رفض جيوسياسي لطلب السويد الانضمام إلى الناتو. ولذلك، لم يكن هناك أي نقاش حول انضمامهم، ولم تكن تركيا تريد سوى رؤية التزام حقيقي من حليفها ضد الإرهاب”.
ماذا عن الكونغرس؟

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أبلغ تركيا في زيارتين أجراهما في الأشهر الثلاثة الأخيرة بأن المصادقة على طلب السويد من شأنها تليين موقف الكونغرس الذي يجمّد صفقة بيع مقاتلات “إف 16” لأنقرة.

ورغم أن أحد أقوى المعارضين في الكونغرس لإتمام الصفقة السيناتور بوب مينينديز لم يعد رئيسا للجنة العلاقات الخارجية القوية بمجلس الشيوخ لم يعبّر بديلة السيناتور بن كاردين عن موقفه بشأن البيع.

وبينما قال بعض كبار المشرعين إن تصويت السويد سيمهد الطريق أمام طائرات إف 16 أصر آخرون على أن هناك مشاكل أوسع مع تركيا، بما في ذلك “انتهاكات حقوق الإنسان والهجمات التركية المستمرة على حلفاء الولايات المتحدة الأكراد في سوريا”، وفق صحيفة “واشنطن بوست”.

ويعتبر أوتزن أن المصادقة التي حصلت من جانب البرلمان التركي الثلاثاء تعني أن “الباب مفتوحا لتحسين العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة”.

ويتعين على الولايات المتحدة الأميركية، حسب قوله أن تُظهر حسن النية فيما يتعلق بضماناتها، وهو الأمر الذي قد يكون “شائكا” مع الكونغرس.

ويضيف: “بمجرد أن يسمح الكونغرس ببيع طائرات F16 والانتقال إلى الموافقة الكاملة يمكننا عندها التحدث عن التحسن في العلاقات”.

وإذا حدث ذلك، يعتقد أوتزن أن “حلف شمال الأطلسي سيكون أقوى”، و”أننا سنشهد تعاونا ثنائيا أفضل في التجارة والشؤون الإقليمية وإدارة أو إنهاء العديد من الأزمات التي تؤثر على مصالح البلدين”.

وبعد الموافقة من جانب البرلمان التركي يشير الباحث أوزكيزيلجيك إلى أن “العلاقات التركية الأميركية ينبغي أن تتسارع”.

لكن في المقابل يضيف: “إذا لم توافق الولايات المتحدة بطريقة أو بأخرى على مبيعات طائرات إف 16 قريبا فإن الضرر في العلاقات سيكون لا يمكن إصلاحه”.

ضياء عودة – الحرة

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: موافقة البرلمان الترکی الولایات المتحدة مشروع القانون طائرات إف 16 طلب السوید الترکی على موافقة على من جانب إلى أن

إقرأ أيضاً:

مقررة أممية: إسرائيل تريد تصفية “الأونروا” باعتبارها رمزا للوجود الدولي في فلسطين

فلسطين – أكدت المقررة الأممية المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز أن إسرائيل تهدف إلى تصفية “الأونروا”، باعتبارها رمزا للوجود الدولي في فلسطين.

وأكدت ألبانيز في مقابلة صحفية أنه لا يمكن لأحد إنهاء “الأونروا” التي وجدت بموجب قرار دولي ومحمية بقواعد ومواثيق الأمم المتحدة.

وأوضحت أن “إسرائيل لا تستهدف الأونروا لإنهاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين، بل تستهدفها لأنها أكبر هيئة تابعة للأمم المتحدة في فلسطين، وبالتالي فإن التخلص منها سيسهل ويسرع التخلص من أي وجود أممي آخر يعارض سياسة تل أبيب القائمة على التطهير العرقي وإخضاع الشعب الفلسطيني”.

وقالت ألبانيز إن “الأونروا لن تختفي لأنها جزء من الأمم المتحدة، وإذا أرادت الدول الأعضاء إنهاء عملها فلا يمكنها فعل ذلك إلا من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وليس من خلال تغيير القوانين أو تجريم الوكالة كما تفعل إسرائيل، ولا عبر قطع التمويل عنها كما فعلت سويسرا وهولندا والولايات المتحدة وغيرها، أما حقوق اللاجئين الفلسطينيين فستظل محفوظة لأن هذه الحقوق منصوص عليها في القانون الدولي”.

وأضافت أن “طلب تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة أمر لا ينبغي إهماله لما قامت به إسرائيل من اعتداء على مؤسسات الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.

وتابعت: “عندما طالبت بتعليق عضوية إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ركزت على نقطة محددة ألا وهي أنه حتى لو تجاهلنا الاحتلال غير القانوني ونظام الفصل العنصري الذي هو جريمة ضد الإنسانية، وحتى لو تجاهلنا الإبادة الجماعية، فإن تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة واجب على المجتمع الدولي تنفيذه بسبب ما فعلته خلال الـ15 شهرا الماضية ضد الأمم المتحدة”.

وأردفت: “خلال 15 شهرا دمرت إسرائيل 70% من مقرات الأمم المتحدة في غزة، واستهدفت مدارس الأونروا التي كانت تؤوي اللاجئين، ورأينا أطفالا قُصفوا أثناء بحثهم عن مأوى في منشآت الأونروا، كما جرّمت إسرائيل الأونروا ووصفتها بالإرهاب، واعتبرتني أنا نفسي والأمين العام للأمم المتحدة شخصيات غير مرغوب بها، واتهمت العديد من مسؤولي الأمم المتحدة بمعاداة السامية وتمجيد الإرهاب”.

وخلصت قائلة: “إسرائيل مزقت ميثاق الأمم المتحدة أمام أعضاء الجمعية العامة، ولذلك، وبسبب عدم احترامها لقوانين الأمم المتحدة، فإنها لا تستحق أن تبقى ضمن عضوية الأمم المتحدة حتى تتراجع وتحترم قواعد وقوانين المنظمة الأممية”.

المصدر: وفا

Previous كندا تبحث عن زعيم جديد خلفا لترودو وسط تحديات أوكرانيا ومواجهة ترامب Related Posts كندا تبحث عن زعيم جديد خلفا لترودو وسط تحديات أوكرانيا ومواجهة ترامب دولي 9 مارس، 2025 واشنطن: لن نسمح لطهران بأي قدر من الإغاثة الاقتصادية أو المالية دولي 9 مارس، 2025 أحدث المقالات مقررة أممية: إسرائيل تريد تصفية “الأونروا” باعتبارها رمزا للوجود الدولي في فلسطين كندا تبحث عن زعيم جديد خلفا لترودو وسط تحديات أوكرانيا ومواجهة ترامب واشنطن: لن نسمح لطهران بأي قدر من الإغاثة الاقتصادية أو المالية ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة مع توقعات بأمطار رعدية على الجنوب الغربي مناورة عسكرية مفاجئة في إسرائيل

ليبية يومية شاملة

جميع الحقوق محفوظة 2022© الرئيسية محلي فيديو المرصد عربي الشرق الأوسط المغرب العربي الخليج العربي دولي رياضة محليات عربي دولي إقتصاد عربي دولي صحة متابعات محلية صحتك بالدنيا العالم منوعات منوعات ليبية الفن وأهله علوم وتكنولوجيا Type to search or hit ESC to close See all results

مقالات مشابهة

  • أوروبا قلقة من قدرة أمريكا منع إقلاع طائرات إف-35
  • الأمم المتحدة تدعو للمحاسبة: تقارير عن “إعدامات طائفية” من كلا الطرفين بأحداث الساحل السوري
  • “مؤسسة حيدرة” تدّشن مشروع السلة الغذائية للأسر المحتاجة في أمانة العاصمة
  • بيونغ يانغ تطلق صواريخ بالستية “غير محددة” تزامنا مع مناورات أمريكية كورية جنوبية
  • رئيس وزراء كندا المقبل يؤكد أن بلاده “ستنتصر” أمام تهديدات ترامب
  • إمام أوغلو يدشن حملته.. هل تتجه تركيا لانتخابات مبكرة؟
  • تركيا تمنع مشاركة إسرائيل في تدريبات للناتو
  • استطلاع رأي: أكثر من نصف الأوروبيين يعتبرون ترامب “ديكتاتور”
  • مقرر أممي: مخطط تهجير فلسطينيي غزة “وهم”
  • مقررة أممية: إسرائيل تريد تصفية “الأونروا” باعتبارها رمزا للوجود الدولي في فلسطين