عادل حمودة يكتب: عواصف النار تهب على مصر «٣»
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
٢٠٢٣ سنة صعبة تنفرج بعدها الأزمةالمجموعة الاقتصادية سبب المشكلة فلا يمكن أن تكون سبب الحلنطالب بوجوه جديدة تعيد الثقة فى الاقتصاد المصرى استراتيجية التنمية بها أحلام وأمنيات لكنها لا تحدد وسائل تحقيقها نحن والحكومة شركاء فى التعامل مع الأزمة إما نعبرها أو نزيد من تأثيرهاالحرب على غزة أثرت على مواردنا من العملات الصعبة وزادت من الفجوة بين سعر الدولار فى البنوك وسعره فى السوق الخفية
لا يأتى أصحاب الخبرة من العدم.
لا يأتون من المصادفة.
المصادفة تحدث على طاولة القمار ولكنها لا تحدث فى خلق موهبة مبدعة.
والموهبة المبدعة لا تتقيد بالنوتة الموسيقية التقليدية وإنما تضبط حناجرها حسب الظروف الحياتية.
والخطر الكبير الذى يهددها هو العشوائية والمجانية وقطع جذورها نهائيا بالتغيرات والتطورات التى تحدث فى الدنيا وإلا أصبحت وحيدة منبوذة فى ملجأ أيتام.
والقاعدة الذهبية التى ترفضها الموهبة المبدعة هى التمسك بالخطأ بعد اكتشافه والإصرار على الوصول إلى النجاح بتكرار الطريقة ذاتها التى تنتهى بالفشل.
القاعدة الذهبية التى تؤمن بها وتصر عليها ولا تحيد عنها هى «من كان جزءًا من المشكلة لا يمكن أن يكون جزءًا من الحل».
لا مفر من الإيمان بهذه القاعدة.
لا مفر من أن ننشرها فى كل مكان تقع عليه عيوننا حتى فى المرآة التى ننظر إليها وإلا سنظل عالقين بين السماء والأرض.
لا مفر من إعلان العمل بها خاصة فى مواجهة الأزمة الاقتصادية المؤلمة التى نمر بها ونعانى منها ونحلم بانتهائها.
ويضاعف من ذلك أن الأزمة ستصل إلى ذروتها فى العام الجارى (٢٠٢٤) لتبدأ فى التخفيف من أوجاعها تدريجيا فى العام التالى حتى تختفى تماما.
جاء العام الحالى بأكبر التزامات فى ملف الديون علينا سدادها ربما تزيد عن العشرين مليار دولار إلى جانب تكاليف استيراد ما نحتاج من سلع أساسية ومستلزمات إنتاج للصناعة الوطنية مما يمثل مزيدا من الضغط على موارد العملة الصعبة.
فى الوقت نفسه أثرت عواصف النار التى هبت علينا من الحرب الإسرائيلية الفلسطينية على ما اعتدنا على جمعه من العملة الصعبة.
يكفى أن نضع خطا تحت عائدات قناة السويس التى تراجعت بسبب الحرب الأمريكية على جماعة الحوثيين فى اليمن بعد تحكمها فى باب المندب ومهاجمتها للسفن الإسرائيلية والسفن المتجهة إلى موانئ إسرائيلية حتى يتوقف العدوان على غزة.
اضطرت أكبر شركات الشحن العالمية الابتعاد عن البحر الأحمر وغيرت مسار سفنها إلى رأس الرجاء الصالح مما خفض من نسبة العبور فى القناة بنحو أربعين فى المائة.
كانت القناة تحقق دخلا يصل إلى ثمانية مليارات فإذا بالصواريخ البالستية والمسيرات المنطلقة عن بعد تحرمنا مما يقرب من النصف وربما أكثر.
وفى العام الماضى حققت السياحة ١٤ مليار دولار لكن بعد وقوع سيناء فى محيط الحرب ألغى ٦٠٠ ألف سائح حجوزات الربع الأول من العام الحالى مما يهدد بفقد ٦٠٠ مليون دولار.
منذ عام ٢٠١٩ تزايدت الفجوة بين مواردنا ومصروفاتنا من العملة الصعبة بسبب سياسة النقود الساخنة إلى جانب كارثة كورونا والحروب التى لحقت بها.
كانت إيرادات مصر الشهرية من العملة الصعبة ٤.٨ مليار دولار ومصروفاتنا ٥.٢ مليار دولار فلم يزد العجز عن ٤٠٠ مليون دولار.
لكن فى عام ٢٠٢٢ ارتفعت المصروفات إلى سبعة مليارات وبقيت الموارد كما هى مما رفع الفجوة إلى ٢.٥ مليار دولار.
وبدأت الحكومة فى ترشيد الإنفاق حتى وصل متوسط الإنفاق الشهرى إلى ٣ مليارات دولار فى عام ٢٠٢٣.
على أن الحرب على غزة أثرت على مواردنا من العملات الصعبة وزادت من الفجوة بين سعر الدولار فى البنوك وسعره فى السوق الخفية مما أدى إلى تراجع تحويلات المصريين فى الخارج بنسبة الثلث وكانت عنصرا مؤثرا فى استقرار الصرف.
ولو كانت الفجوة تتسع يوما بعد يوم فإن الحكومة تعمل جاهدة على تقليلها بالسعى إلى تدبير مبلغ كبير من العملة الصعبة يوفر حاجة الأسواق بسهولة ويهدئ من اضطراب سعر الصرف فتكف المضاربة على الدولار الذى يرتفع متجاوزا حدوده الطبيعية.
ولكل حكومة بالقطع وسائلها الخاصة التى تحقق بها أهدافها وتحتفظ بسريتها حتى لا يفسدها عليها أحد فى وقت تختلط فيه السياسة بالاقتصاد والحرب الإقليمية بالعلاقات مع الدول الأجنبية.
والمؤكد أن رئيس الحكومة مجتهد ويعمل أكثر مما يستريح ولا يكف عن ابتكار وسائل للخروج من الأزمة ولكننا نطلب منه أن يكون «معقولا» حين يخاطبنا علنا كما نحن «معقولون» حين نستمع إليه.
نحن وهو شركاء فى مركب تبحر إلى بر أمان رغم ما يحيط بها من دوامات ومؤامرات وصراعات وتغيرات.
لذلك فإن لنا الحق فى أكثر من سؤال.
لم غاب عن المجموعة الاقتصادية وزيرا الاقتصاد والاستثمار؟
من يضع السياسة الاقتصادية؟
هل المجموعة الاقتصادية تمتلك الكفاءة لوضع استراتيجية مصر للتنمية الاقتصادية خلال الست سنوات القادمة حتى عام ٢٠٣٠؟
هل من تسبب فى المشكلة سيقدر على حلها؟
وما يلفت النظر ويثير الدهشة أن المجموعة الاقتصادية اعتبرت هذه الاستراتيجية مشروعا ينتظر حوارا مجتمعيا حوله قبل تنفيذها والعمل بها.
والحقيقة أن العادة جرت أن تقدم المجموعة الاقتصادية تصورها النهائى كاملا ثم نحاسبها عليه.
وأخطر ما فى هذه الاستراتيجية أنها تصنع أحلاما لكن لا تحدد وسائل تنفيذها وتسير فى طريق الأمنيات دون أن تبرز آليات تحقيقها.
مثلا تتحدث عن سداد الديون قصيرة الأجل (من ٣ إلى ٧ سنوات) بديون طويلة الأجل (من ٢٠ إلى ٣٠ سنة) بإصدار سندات بقيمة ١٠٠ مليار دولار.
لكنها لم تقل من سيشترى هذه السندات بهذه القيمة المرتفعة فى وقت تخرج فيه كثير من الشركات الأجنبية من البلاد بسبب صعوبة تحويل أرباحها إلى الخارج بالعملة الصعبة وبسبب تراجع الإقبال على السندات المصرية؟
وكان من الممكن توريق إيرادات العملة الصعبة لنبيع نسبة من السندات طويلة الأجل لكن هل هناك ما يضمن أن يصل البيع إلى ١٠٠ مليار دولار فى ست سنوات؟
كيف حسبت المجموعة الاقتصادية ذلك؟
وبالقطع هناك مفاجآت لم تضعها المجموعة الاقتصادية فى حسبانها منها تراجع إيرادات قناة السويس بسبب الحرب فى البحر الأحمر.
بل ربما كانت هذه الحرب مقصودة لتحجيم قناة السويس والسعى إلى خلق بدائل لها كما نسمع ونقرأ كل يوم.
إن الصين قررت استثمار ١٥ مليار دولار فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس مما أزعج الولايات المتحدة فأشعلت النار فى اليمن.
هنا لا بد أن ندرك أن لا نستطيع وضع استراتيجيات اقتصادية دون حسابات سياسية أو دون تقديرات نتائج الصراعات الإقليمية.
المؤكد أن توقعات التوريق انخفضت بسبب تراجع إيرادات القناة والسياحة والعاملين فى الخارج ومن ثم كان على المجموعة الاقتصادية ألا تفرط فى التفاؤل أو كان عليها أن تثبت أنها فى تفاؤلها على حق.
ولكن بعيدا عن اجتهادات المستقبل فإن الحكومة نجحت فى توريق حصيلة بيع الأراضى بنحو ٥ مليارات دولار عام ٢٠٢٣.
ولا تكف عن الابتكار فى الحصول على مزيد من المليارات.
وبالقطع لم تغير المجموعة الاقتصادية سياسة سداد الديون بالديون وكل اجتهادها هذه المرة فى مدة السداد.
وتتحدث الاستراتيجية عن نمو فى الصادرات يصل إلى ٢٠٪ سنويا فى حين تراجعت الصادرات بنفس النسبة فى عام ٢٠٢٣.
والحقيقة أن المشكلة تكمن فى استيراد غالبية مدخلات سلع التصدير من الخارج وهو ما يمثل ضغطا على العملة الصعبة ربما يزيد عما يأتى من الاستيراد نفسه خاصة كما أن كثيرا من المستوردين يحتفظون بنسبة كبيرة من العملة الصعبة فى الخارج بسبب الفجوة الكبيرة فى سعر الصرف تماما كما تفعل شركات السياحة التى لم تحول نصف إيراد العام الماضى إلى الداخل (٧ مليارات دولار).
فى الوقت نفسه زاد الاستهلاك على حساب التصدير بسبب الزيادة السكانية السنوية (مليونا نسمة) ليصل عدد المواطنين إلى ١٠٩ ملايين شخص ويضاف إليهم ٩ ملايين لاجئ.
وحتى نحقق قيمة صادرات صافية ومثمرة علينا البحث عن صناعات ترتفع فيها نسبة المكون المحلى بنسبة كبيرة جدا.
وربما من حسنات أزمة الدولار أن كثيرًا من المصانع بدأت فى البحث عن بديل مصرى تستخدمه فى إنتاجها.
ويجب أن نعرف ما الاستثمارات الإضافية التى ستأتى من بيع حصة حكومية لمستثمرين من القطاع الخاص والأجنبى.
لقد باعت الحكومة ٣٠٪ من أهم سبعة فنادق فى مصر لكنها لم تقل لنا ما الإضافات التى سيقوم بها المشترون المستثمرون حتى نطمئن إلى معقولية الصفقة.
وقبل أن نسعى إلى جذب مستثمر خارجى علينا الإبقاء على المستثمر الداخلى المحاصر بقيود بيروقراطية صعبة تجعله يفكر فى الهروب بأمواله إلى الخارج.
الحقيقة التى لا مفر منها أنه تجب إعادة النظر فى المجموعة الاقتصادية حتى يسترد العالم ثقته فى الاقتصاد المصرى.
وعندما نرى وجوها جديدة قادرة على تنفيذ ما تقول سنسترد الشعور بالأمل فى تجاوز الأزمة بل سنقلل من الشكوى منها وسنخفف من استهلاكنا فى الطاقة والمياه والطعام الذى يزيد من تداعياتها.
إن الوجوه الجديدة الموهوبة والمحترفة فى الصناعة والتجارة والاستثمار والسياسة المالية والنقدية ستعيد الطمأنينة إلينا فلا نسرف فى الاستهلاك قبل مزيد من خفض الجنيه وهو ما يؤدى إلى مزيد من الأزمة.
فى الوقت نفسه تجب محاسبة المسئول أولى بأول ولكن بعد أن نمنحه كافة الصلاحيات وهنا يجب تثبيت من يشغلون المناصب الاقتصادية الحساسة بقرارات حاسمة بعيدا عن «القائم بالأعمال».
وعلينا مكاشفة الرأى العام بحقائق ما تتحمله الدولة فى الدعم حتى يستجيبوا لدعوة ترشيد الاستهلاك من جانبهم.
إن خسائر شركات الكهرباء ٩٠ مليار جنيه سنويا وخسائر بيع السولار والبوتاجاز ١٢٥ مليار جنيه سنويا.
وتحتاج البلاد إلى ٤٠٠ مليون دولار لشراء الغاز والمازوت لتوليد الكهرباء شهريا إضافة إلى ١٢ مليار دولار من إنتاج الغاز والمازوت تذهب إلى الكهرباء.
والمقصود أن مراجعة استهلاكنا لا يوفر لنا ما ندفع فقط وإنما يوفر عملات صعبة تحصل عليها الدولة بصعوبة وتؤثر فى الأزمة التى نتحملها.
ويتكرر الأمر مع البنزين.
باختصار نحن والحكومة شركاء فى تعقيد الأزمة أو المساهمة فى حلها وعلينا أن نختار.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: المجموعة الاقتصادية الاقتصاد المصري الإعلامي عادل حمودة المجموعة الاقتصادیة من العملة الصعبة ملیار دولار لا مفر من دولار فى
إقرأ أيضاً:
21 مليار ريال عُماني حجم الاستثمار التراكمي في المناطق الاقتصادية والحرة والصناعية
◄ 4.5 مليار ريال صادرات من المناطق الاقتصادية والحرة والصناعية
◄ السنيدي: السياسات الاقتصادية أسهمت في توطين مشروعات استثمارية جديدة
◄ 7.5% نسبة مساهمة المناطق الاقتصادية والحرة والمدن الصناعية في الناتج المحلي
◄ تطوير منطقة الطاقة المتجددة بالدقم والتوسع في مشاريع البنية الأساسية بمختلف المناطق
◄ تخفيض سعر تأجير الأراضي الصناعية الثقيلة والمتوسطة حتى 250 بيسة للمتر المربع سنويًا
◄ التركيز على تطوير الخدمات الرقمية وتحسين بيئة الأعمال وتعزيز التكامل بين المناطق
◄ تعيين 3597 مواطنًا عُمانيًا في المشروعات العاملة بالمناطق
الرؤية- ريم الحامدية
تصوير/ راشد الكندي
كشفت الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة أن حجم الاستثمار التراكمي بالمناطق الاقتصادية والحرة والصناعية ارتفاع إلى نحو 21 مليار ريال عُماني، حتى نهاية العام الماضي، مُسجلًا زيادة بنسبة 10% عن مستواه في نهاية عام 2023.
وقالت الهيئة- في اللقاء الإعلامي السنوي الذي نظمته أمس- إن نتائج المسح الاقتصادي، الذي نفذته بالتنسيق مع المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في منتصف العام الماضي واستهدف المنشآت العاملة في المناطق الاقتصادية والحرة والمدن الصناعية، أظهر أن مساهمة المناطق في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 بلغت 7.5%؛ وهو ما يمثل 11.6% من مساهمة الأنشطة غير النفطية لعام 2022، فيما بلغت قيمة الصادرات من المناطق أكثر من 4.5 مليار ريال عُماني وهو ما يمثل 17.9% من إجمالي قيمة الصادرات في سلطنة عُمان ونسبة 38% من قيمة الصادرات غير النفطية لذات العام.
نمو الاستثمارات
وقال معالي الشيخ الدكتور علي بن مسعود السنيدي رئيس الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة- في كلمة ألقاها في مستهل اللقاء- إن عام 2024 شهد زيادة ملحوظة في حجم الاستثمارات المُلتزَم بها المحلية والأجنبية، كما تم التوسع في مشاريع البنية الأساسية في مختلف المناطق، فيما أطلقت الهيئة مبادرات جديدة لتعزيز الابتكار والاستدامة والتحول نحو استخدام الطاقة المتجددة، إضافة إلى ذلك ركَّزت الهيئة على تطوير الخدمات الرقمية، مما يسهم في سرعة إنجاز التراخيص وتحسين بيئة الأعمال، إلى جانب ذلك تستمر الهيئة في تعزيز التكامل بين المناطق الاقتصادية والمناطق الحرة والمدن الصناعية لدعم التنويع الاقتصادي والنمو المستدام، موضحاً أنَّ المشاريع قيد التفاوض ارتفعت خلال العام الماضي لتصل إلى 180 مشروعًا في مختلف القطاعات الاقتصادية من بينها الصناعات الطبية والدوائية والصناعات الغذائية والسمكية والصناعات المرتبطة بالطاقة المتجددة والصناعات البتروكيماوية وغيرها، مشيرا إلى أنَّ 12% من المشاريع تعمل عليها الهيئة بالشراكة مع صالة استثمر في عُمان وفريق التفاوض الوطني.
وأشاد معاليه في كلمته بمساهمة جميع المناطق التي تشرف عليها الهيئة في تعزيز الاستثمار المحلي والأجنبي في سلطنة عُمان وجهودها في تحقيق مستهدفات رؤية "عُمان 2040"، مُؤكدا أن سياسات سلطنة عُمان الاقتصادية وجهودها في توفير بيئة استثمارية آمنة ومستقرة ومراجعة الحوافز الاستثمارية بشكل مستمر دفعت حجم الاستثمار الأجنبي إلى الصعود وأسهمت في توطين العديد من المشروعات في المناطق الاقتصادية والحرة والمدن الصناعية ووفرت فرص عمل جديدة للشباب العُماني.
مستهدفات مستقبلية
ونوَّه معاليه بمساهمة المناطق التي تشرف عليها الهيئة في تحقيق مستهدفات رؤية عُمان 2040، ففي أولوية القطاع الخاص والاستثمار والتعاون الدولي شهد عام 2024 نموًا في حجم الاستثمار في المناطق الاقتصادية والمناطق الحرة والمدن الصناعية بشكل عام بنسبة 10%، مقارنة بالعام 2023، موضحا أن حجم الاستثمار الملتزم به في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم ارتفع بنهاية ديسمبر الماضي إلى 6.3 مليار ريال عُماني مسجلا نموا بنسبة 5 بالمائة عن مستواه في عام 2023، وارتقع حجم الاستثمار الملتزم به في المناطق الحرة إلى 6.6 مليار ريال عُماني، وسجلت المدن الصناعية حجم استثمار ملتزم به عند نحو 7.6 مليار ريال عُماني، فيما نمت الاستثمارات في مدينة خزائن الاقتصادية بنسبة لافتة قدرت بحوالي 18.8 بالمائة لترتفع بنهاية ديسمبر الماضي إلى أكثر من نصف مليار ريال عُماني.
التنويع الاقتصادي
وفيما يتعلق بأولوية التنويع الاقتصادي والاستدامة المالية؛ قال معاليه: "تواصل الهيئة تطوير المناطق الاقتصادية والحرة والمدن الصناعية الجديدة مركزةً على التنويع الاقتصادي؛ حيث شهد عام 2024 بدء الأعمال الإنشائية للمرحلة الأولى في المنطقة الحرة بمطار مسقط الدولي، وتم إسناد أعمال مناقصة الخدمات الاستشارية لأعمال التصميم التفصيلي والإشراف على تنفيذ مرافق البنية الأساسية للمرحلة الأولى من المنطقة الاقتصادية المتكاملة بمحافظة الظاهرة، وفيما يخص المدن الصناعية القائمة فقد أثمرت الجهود المشتركة مع وزارة الإسكان والتخطيط العمراني عن توسعة مدينة ريسوت الصناعية بعد أن سجلت نسب إشغال مرتفعة، ليصل إجمالي مساحتها إلى أكثر من 9 ملايين متر مربع أي بزيادة حوالي 5 ملايين متر مربع، ومن المقرر خلال هذا العام البدء في تصميم المساحات الجديدة لتكون جاهزة لاستقبال المستثمرين".
وتطرق معالي الشيخ الدكتور على بن مسعود السنيدي إلى ما حققته الهيئة في إطار أولوية سوق العمل والتشغيل، مؤكدا أن الهيئة تولي اهتمامًا بالغًا برفع نسب التشغيل في المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة والمدن الصناعية، موضحا أنه تم خلال العام الماضي تعيين 3597 مواطنًا عُمانيًا في المشروعات العاملة في هذه المناطق ليبلغ إجمالي عدد القوى العاملة الوطنية العاملة في المناطق أكثر من 29 ألف عامل بنسبة تعمين بلغت 37%، موضحا أن إجمالي عدد العاملين في المناطق ارتفع بنهاية العام الماضي إلى نحو 78 ألف عامل شاملة مقدمي الخدمة، مقارنةً مع 75 ألف عامل بنهاية عام 2023، وقد حققت المدن الصناعية النسبة الأكبر في نسبة العاملين العُمانيين؛ حيث قُدِّرت بأكثر من 40%.
وأشار معاليه إلى دور الهيئة في أولوية البيئة والموارد الطبيعية، موضحا أن الهيئة أنجزت خلال العام الماضي الدراسة الاستشارية لمشروع تطوير منطقة الطاقة المتجددة في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، كما تبنت مدينة صور الصناعية مشروع "الحزام الأخضر" الذي يهدف إلى إنشاء مسطحات خضراء تسهم في تقليل الانبعاثات الكربونية، كما تم تنفيذ خطة الاستدامة البيئية بالمنطقة الحرة بصحار، والتي شملت مشروع شبكة رصد جودة الهواء.
توحيد مسار الخدمات
وأكد معاليه اهتمام الهيئة بأولوية حوكمة الجهاز الإداري للدولة والموارد والمشاريع، موضحا أنه تنفيذًا للتوجيهات السامية، بادرت الهيئة في تنفيذ توحيد مسار الخدمات المقدمة للمستثمرين من خلال الربط الإلكتروني مع الجهات الحكومية ذات العلاقة والذي يسهم في تسهيل الإجراءات وتحقيق المزيد من الشفافية، كما تم تخفيض سعر تأجير الأراضي الصناعية الثقيلة والمتوسطة لتتراوح بين 250 بيسة إلى 500 بيسة للمتر المربع سنويًا، كما قامت الهيئة بتنفيذ عدد من المبادرات لتحسين الخدمات المقدمة للمستثمرين منها تقليل مدة تقديم ترخيص بدء المشروع وإعادة هندسة إجراءات الاستيراد والتصدير، ومنح حوافز إضافية للمستثمرين من خلال تخفيض القيمة الإيجارية لعدة سنوات للمشاريع الجديدة في مدينة عبري الصناعية ومدينة صور الصناعية ومدينة محاس الصناعية، كما تم تخفيض القيمة الإيجارية وإعفاء للسنوات الأولى للمشاريع الجديدة لعدد من المدن الصناعية قيد الإنشاء في المضيبي والسويق ومدحا.
وفيما يتعلق بأولوية تنمية المحافظات والمدن المستدامة، قال معالي الشيخ الدكتور علي بن مسعود السنيدي إن الهيئة واصلت جهودها في تحسين نمط الحياة بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، فقد عملت على مشروعات التشجير وتوسيع الرقعة الخضراء، كما تجاوزت نسبة تطوير "حي صاي التجاري الجديد" ما نسبته 90%، مع توفير كافة الخدمات المكملة؛ ليصبح أحد أحدث الأحياء التجارية في البلاد. واستكمالًا لإجراءات تطوير وتنفيذ والإشراف على الخدمات البلدية والمرافق العامة للمخططات المرفوع عنها صفة المنفعة العامة ضمن المخطط العام للمنطقة، فقد تم إعداد التصاميم التفصيلية للمرحلة الأولى لشبكة الطرق الرئيسية والفرعية ضمن مهام الهيئة في توفير الخدمات البلدية بالمنطقة.
وطرحت الهيئة مُناقصة للخدمات الاستشارية لإعداد المخطط التفصيلي للمنطقة السياحية، بهدف تطوير مجمع ترفيهي يقدم تجارب متنوعة تلبي تطلعات الزوار والمقيمين. ومن جهة أخرى، سجلت المدارس في الدقم نموًا بنسبة 47% في عدد الطلاب المسجلين خلال الأعوام الثلاثة الماضية وهو مؤشر على انتقال المزيد من الأسر إلى الدقم.
وأكد معالي رئيس الهيئة استمرار الهيئة في جهودها الرامية إلى تحقيق رؤيتها لجعل المناطق الاقتصادية والحرة والمدن الصناعية "الوجهة الأمثل للاستثمار" وتنفيذ استراتيجيتها للتحول المؤسسي، مؤكدا أن الاهتمام الذي توليه حكومة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – لتعزيز البيئة الاستثمارية وتطوير المناطق الاقتصادية والمدن الصناعية وتمكين المحافظات اقتصاديًا، يعزز من دور هذه المناطق في المرحلة القادمة.
وشهد اللقاء الإعلامي السنوي للهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة استعراض نتائج التحول المؤسسي وأهم المؤشرات المحققة في المناطق التي تشرف عليها؛ حيث حصلت الهيئة على نسبة 86% في بند التحول الرقمي ونسبة 95% في بند الالتزام الحكومي، بالإضافة إلى ارتفاع تقييم الهيئة في منظومة الإجادة المؤسسية ليصل إلى 97.5%، وذلك عن عام 2024.
التجمعات الصناعية
من جهته، قدَّم المهندس داود بن سالم الهدابي الرئيس التنفيذي للمؤسسة العامة للمناطق الصناعية "مدائن" عرضا مرئيا حول التجمعات الصناعية، فيما قدم المهندس سالم بن سليمان الذهلي الرئيس التنفيذي لمدينة خزائن الاقتصادية عرضا عن الخدمات المساندة للمدينة.