مع توالي فصول الحرب في أوكرانيا وغزة، بات من المؤكد أن الشرق الأوسط وأوروبا هما أكثر المتأثرين من التطورات العالمية الآن، لا سيما بعد أن راجت تحليلات حول دور تلك التطورات في نشوء نظام عالمي بديل.

لذلك، يرى تحليل نشره مركز "كارنيجي" الدولي أن الأحداث الحالية تفرض على أوروبا أن تنظر إلى الشرق الأوسط بشكل استراتيجي، وأن يبدأ الجانبان التفكير بطريقة جديدة ومحاولة صياغة رؤية مشتركة للمنطقة تطال مجالات الأمن والسلام والطاقة والتكنولوجيا والاستثمار.

وقد أعادت روسيا الحرب إلى الأراضي الأوروبية، ما أسفر عن تداعيات ألقت بظلالها على حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي.

اقرأ أيضاً

الشرق الأوسط الجديد

في غضون ذلك، يرفع وكلاء إيران سقف تهديداتهم وهجماتهم في منطقة الشرق الأوسط. وتعمل كوريا الشمالية على تعزيز ترسانتها العسكرية.

وفي موازاة ذلك، تسعى بلدانٌ أخرى، مثل الصين وتركيا، إلى الاضطلاع بدورٍ أكبر على الساحة الدولية.

ويشهد العالم أيضا تحالفات جديدة قائمة على المصالح الاقتصادية تطرح تحدّيًا متناميًا على النظام العالمي القائم، مثل توسيع نطاق مجموعة "بريكس" مؤخرًا من خلال انضمام دول جديدة إلى عضويتها.

4 متغيرات من منظور أوروبا

ويرصد التحليل 4 متغيرات حول الوضع الراهن من منظور أوروبا..

أولًا: ألقى الغزو الروسي لأوكرانيا تداعيات واسعة النطاق على عاتق دول الشرق الأوسط وأوروبا، فقد فرض ضرورة إعادة تنظيم إمدادات الغاز والنفط إلى أوروبا بسبب العقوبات المفروضة على روسيا، فيما ستضع السياسات البيئية "الخضراء" تدريجيًا قيودًا هيكلية جديدة على الاقتصاد الأوروبي.

ومن غير المعروف بعد ما إذا ستتمكّن الدول المصدّرة للنفط والغاز في منطقة الخليج أو خارجها مثل الولايات المتحدة والنرويج، من تحقيق المكاسب على المدى الطويل، أم أنها ستتكبّد الخسائر نتيجة هذا التغيّر في أنماط التجارة.

اقرأ أيضاً

الجارديان: ضربات الغرب ضد الحوثيين ستعيد تشكيل الصراع بالشرق الأوسط

ثانيًا: أسفرت الحرب الدائرة في غزة منذ تنفيذ "حماس" هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن تجميد مسار "اتفاقات أبراهام" وانحسار زخمها السياسي.

وبموازاة ذلك، أدّى دور إيران واليمن في الحرب إلى زعزعة استقرار المنطقة بأسرها.

وعلى الرغم من الإدانة الواسعة النطاق لهجمات الحوثيين في مجلس الأمن وفي بيانات أربع عشرة دولة، أعلنت قيادة الجماعة أنها ستستمرّ في استهداف السفن.

وقد أفرز ذلك تأثيرات غير مباشرة، مثل تغيير مسارات سفن الشحن وإعادة تنظيم الملاحة البحرية من آسيا والخليج العربي إلى أوروبا، وأثّر على الاقتصاد المصري، إذ سجّلت عائدات عبور قناة السويس انخفاضا حادًّا.

ثالثًا: أقامت تركيا اتفاق شراكة جديد مع روسيا، شمل دفعات مسبقة في إطار مشروع محطة أكويو النووية التي تملكها وتشغّلها روسيا من أجل توليد الطاقة الكهربائية، وتأجيل جزء من مدفوعات أنقرة مقابل واردات الغاز الروسي (بعملة الروبل الروسية لا بالدولار الأمريكي)، وشراء روسيا حصصًا في مصافي النفط التركية حيث يتم تحويل الخام الروسي إلى منتجات نهائية تركية، ما يسمح لموسكو بالالتفاف على العقوبات الغربية.

وفي العام 2023، الذي كان عامًا انتخابيًا في تركيا، حصلت أنقرة على فوائد مالية ضخمة لقاء تعزيز نفوذ موسكو في قطاع الطاقة التركي.

في غضون ذلك، تواصل تركيا تبنّي سياسة خارجية متمحورة حول الأمن في الشرق الأوسط، وتحديدًا في سوريا والعراق وليبيا وشرق المتوسط، ما يؤدي إلى حالة من الغموض بشأن ما يحمله المستقبل.

اقرأ أيضاً

أوروبا تبحث إرسال قوة لحماية السفن في البحر الأحمر من الحوثيين

رابعًا: لا يزال الانتشار العسكري الغربي في الشرق الأوسط واسعًا، على عكس الاعتقاد السائد.

وبطبيعة الحال، تحتلّ الولايات المتحدة مركز الصدارة في هذا الصدد، إذ نشرت عددًا كبيرًا من قواتها في جميع أنحاء المنطقة الأوسع، أي في البحرين وجيبوتي والعراق والأردن والكويت وعُمان وقطر وتركيا والإمارات.

وتحتفظ فرنسا أيضًا بقواعد عسكرية دائمة في جيبوتي والإمارات، وتجري عمليات في البحر الأحمر والمحيط الهندي والعراق.

ولا تزال المملكة المتحدة تملك قاعدتَين عسكريتَين في قبرص وتجري أيضًا عمليات في البحر الأحمر والعراق.

وعمومًا، فإن الوضع الأمني في المنطقة غير مستقرٍّ إلى حدٍّ كبير، في ظل ارتفاع مخاطر التصعيد، بحسب التحليل.

ويقول التحليل إن القادة السياسيون في الشرق الأوسط وأوروبا قد يخوضون نقاشًا حول الحاجة إلى نظام عالمي بديل، وقد يبدي قادة الشرق الأوسط خيبتهم من عجز الأوروبيين عن حلّ نزاعات دولية رئيسة.

اقرأ أيضاً

أمن الشرق الأوسط 2024.. حرب غزة تهدد بإشعال 3 ساحات إقليمية

لكنّ النمط الراهن من الاضطرابات وأعمال العنف والحروب المحدودة لا يبشّر بحقبة مشرقة.

ولضمان هذا المستقبل الواعد، لا بدّ من اتّباع مسار الحوار والدبلوماسية.

ماذا يجب أن يحدث؟

ويرى التحليل أنه بعد تجاوز التبعات التي خلّفها هجوم السابع من أكتوبر، يجب على القادة الأوروبيين النظر إلى الشرق الأوسط من ناحية استراتيجية، وعلى دول الخليج أيضا عرض رؤيتها حول إرساء السلام والأمن في المنطقة.

وفي هذا الإطار، شكّلت المشاورات التي عُقدت يوم 22 يناير/كانون الثاني الجاري خطوة أولى على هذا المسار، إذ تناولت الوضع في غزة وعملية السلام في الشرق الأوسط، وجمعت وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ونظراءهم من مصر وإسرائيل والأردن والسعودية وممثّلين عن السلطة الفلسطينية وعن جامعة الدول العربية.

لكن من الضروري بذل الكثير من الجهود كي يصبح هذا الحوار استراتيجيًا بحقّ.

المصدر | مالكوم كير كارنيجي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الشرق الاوسط اوروبا حرب غزة حرب أوكرانيا فی الشرق الأوسط اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

محادثات روسيا وأوكرانيا تبقي أسعار النفط مستقرة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استقرت أسعار النفط الاثنين 23 مارس 2025، بينما يقيّم المستثمرون مستقبل محادثات وقف إطلاق النار الهادفة إلى إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والتي قد تؤدي إلى زيادة تدفق النفط الروسي إلى الأسواق العالمية.

وبحسب رويترز تراجعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 8 سنتات، أو 0.1%، لتصل إلى 72.08 دولارًا للبرميل بحلول الساعة 00:46 بتوقيت جرينتش.

العقود الأجلية

كما انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 5 سنتات، أو 0.1%، لتسجل 68.23 دولارًا للبرميل.

وكان الخامان القياسيان قد أنهيا تعاملات الجمعة على ارتفاع، محققين مكاسب للأسبوع الثاني على التوالي، وذلك بعد أن عززت العقوبات الأمريكية على إيران، إلى جانب خطة جديدة لتحالف أوبك+ لخفض الإنتاج، التوقعات بانخفاض الإمدادات.

محادثات ثنائية


من المقرر أن يسعى وفد أمريكي إلى تحقيق تقدم في جهود وقف إطلاق النار في البحر الأسود وإنهاء الحرب في أوكرانيا، خلال اجتماعه مع مسؤولين روس اليوم الاثنين في السعودية، وذلك بعد إجراء محادثات مع دبلوماسيين أوكرانيين يوم أمس.

وقال المحلل في شركة "فوجيتومي" للأوراق المالية، توشيتاكا تازاوا: "التوقعات بإحراز تقدم في مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا، إلى جانب احتمال تخفيف العقوبات الأمريكية على النفط الروسي، أدت إلى انخفاض الأسعار".

وأضاف: "لكن المستثمرين لا يزالون متحفظين بشأن القيام باستثمارات كبيرة، في ظل تقييمهم لاتجاهات إنتاج أوبك+ المستقبلية بعد أبريل".

مستويات الإنتاج

وكان تحالف أوبك+ قد أصدر الخميس خطة زمنية جديدة لخفض إضافي في إنتاج 7 من أعضائه، لتعويض التجاوزات السابقة في مستويات الإنتاج المتفق عليها. وتنص الخطة على تخفيضات شهرية تتراوح بين 189 ألفًا و435 ألف برميل يوميًا، على أن تستمر حتى يونيو 2026.

 

مقالات مشابهة

  • ظهور تشكيلات ضوئية فوق روسيا وأوكرانيا يثير فزع السكان
  • خمس عقبات أمام اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا
  • Inforte تستحوذ على Shifra
  • محادثات روسيا وأوكرانيا تبقي أسعار النفط مستقرة
  • مايك والتز: إذا امتلكت إيران أسلحة نووية سينفجر الشرق الأوسط
  • استقرار اسعار النفط وسط ترقب محادثات روسيا وأوكرانيا
  • تقرير: توقعات بارتفاع إنتاج الغاز في الشرق الأوسط
  • واشنطن تدفع بحاملة طائرات ثانية إلى الشرق الأوسط
  • كيا الأردن تحقق إنجازًا استثنائيًا في تجربة العملاء في الشرق الأوسط
  • واشنطن تعزز وجودها العسكري في الشرق الأوسط بحاملة طائرات جديدة