الركود يضرب سوق العقار باربيل بعد القصف الايراني واستهداف القاعدة الامريكية
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
تبدّد حلم الاستقرار الذي ظل يوسف جميل (51 عاما) ينعم به على مدار سبع سنوات في بلدة عينكاوا ذات الغالبية المسيحية في محافظة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، عندما وصل دويّ القصف إلى منزله وأدخل عائلته في نوبة خوف وهلع.
قبل تلك السنوات السبع، انتقل جميل من العاصمة العراقية بغداد إلى عينكاوا بحثا عن الأمان، بعد تزايد التهديدات الأمنية التي تعرضت لها العائلات في العاصمة، لاسيما الأقليات الدينية، واشترى منزلا في البلدة بدلا من الذي باعه في بغداد.
وقال جميل، اشتريت هذا المنزل؛ ووجدت عملا هنا في عينكاوا. واستمرت الحياة، على الرغم من منغّصات العيش بسبب ارتفاع الأسعار؛ لكن موجة القصف الأخيرة تهددنا بالهجرة مرة أخرى.
غير أن محيط البلدة تعرّض في منتصف كانون الثاني الجاري لقصف إيراني باستخدام 11 صاروخا، استهدف منزل رجل أعمال عراقي وأدى إلى مقتله واثنين من أفراد أسرته، فضلا عن إصابة آخرين، بدعوى أنه كان مقرّا للموساد الإسرائيلي.
أثار القصف ردود فعل واسعة في بغداد، التي شكّلت لجنة حكومية للتحقيق في الحادث واتخذت موقفا هو الأكثر تشددا إزاء الهجمات الإيرانية منذ إسقاط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين في عام 2003.
بدأ الخوف والقلق يسكنان المدينة بدلا من السلام والاستقرار بحسب جميل، الذي قال إن الوضع "أصبح خطيرا، وصرنا ندخل مناوبة حراسة ليلية للتحذير في حال بدأ قصف ما قرب المطار".
دفع هذا الرجلَ إلى التفكير في بيع منزله واللجوء إلى مأوى آخر؛ لكنّه قال إن أسعار العقارات انخفضت كثيرا، حتى أن ثمن بيته أصبح لا يكفي لشراء منزل آخر في إقليم كردستان العراق.
ويشهد سوق العقارات في الإقليم ازدهارا منذ سنوات بعد الحركة العمرانية الكبيرة على جميع المستويات.
وقال لاوان خليل، وهو صاحب مكتب عقارات في أربيل، إن أسعار بيع العقارات وشرائها "تشهد تراجعا ملحوظا، انعكس أيضا على الإيجارات".
أضاف "في ظل عمليّات القصف المستمر والاعتداءات التي تطال أربيل، فإن المدينة باتت غير مفضّلة لدى العرب الذين يأتون من بغداد والمحافظات، إذ بدأوا يفضلون شراء المنازل والشقق في أماكن أخرى أكثر استقرارا في مدن بإقليم كردستان مثل السليمانية أو دهوك، أو الذهاب إلى تركيا".
وعزا خليل تراجع أسعار العقارات إلى أسباب أخرى أيضا، أبرزها "الأزمة الاقتصادية التي يشهدها الإقليم نتيجة عدم صرف رواتب الموظفين في موعدها، وعدم وجود سيولة مالية كافية".
وقال "كنّا نعتمد على سكان محافظات وسط وجنوب العراق؛ لكن مع التهديدات الأمنية، لم يعُد الطلب على العقار في أربيل قائما".
وأشارت وسائل إعلام محلية إلى انخفاض حركة سوق العقارات في أربيل بنسبة 70% خلال الشهرين الماضيين، ما تسبّب في أضرار كبيرة للمستثمرين والعاملين في القطاع العقاري؛ كما انخفضت أسعار الشقق والمنازل والأراضي بنسبة 25 بالمئة.
وأكّد هردي محمد (57 عاما)، وهو صاحب مكتب عقارات في قضاء عينكاوا، أن الأسعار شهدت تراجعا وصفه بالمخيف نتيجة عمليات القصف الأخيرة التي أدت إلى تراجع إقبال رجال الأعمال وأصحاب الأموال على شراء العقارات.
وقال "سوق العقارات منذ أكثر من عام يشهد ركودا غير مسبوق؛ ثم جاءت عمليات القصف لتعزز ذلك الركود.... الانخفاض تباين من منطقة إلى أخرى وبين مجمع سكني وآخر؛ ولكن الأسعار في مجمعات الدرجة الأولى شهدت انخفاضا في أسعار الشقق والفيلّات بمبلغ يتراوح بين 5-10 آلاف دولار".
ويصف هردي سوق العقارات بأنه أصبح "أشبه بالميت؛ فأغلب أصحاب المكاتب يأتون إلى مكاتبهم لغرض التسلية وقضاء الوقت والحركة متوقفة".
ويرى سردار عمر، المتخصص في الشأن الاقتصادي، أن بقاء الوضع على ما هو عليه "سوف يعني شللا تاما في سوق العقارات في أربيل، كون أصحاب رؤوس الأموال ومستثمري العقارات في أي مدينة يفكرون أولا في الاستقرار الأمني.
وأشار عمر إلى أن أغلب المواطنين القادمين من بغداد والمحافظات الأخرى كانوا يشترون منازل في أربيل لتسكين عائلاتهم فيها أو تركها خالية واستغلالها في أوقات العطلات والأعياد والمناسبات.
وقال عمر "في ظل الوضع الأمني المتوتّر نتيجة عمليات القصف المستمرة، فإن أغلب المواطنين العراقيين باتوا لا يضعون أربيل في أولوية وجهاتهم، سواء بشراء المنازل أو الإيجار لغرض السكن أو السياحة".
واعتبر أن وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي خلقَت "رأيا عاما عن وضع غير مستقر وحرب قادمة وصراعات مستمرة ستكون أربيل إحدى ساحاتها، إذا ما تطور الصراع بين الولايات المتحدة من جهة وإيران والفصائل المسلحة من جهة أخرى".
يشاركه الرأي ميران سعيد، المتخصص في الاقتصاد الكردي، والذي اعتبر أربيل تعيش حاليا "أوضاعا تجعل منها بيئة غير خصبة لاستثمار العقارات".
وقال "من يشترون العقارات في أربيل بعضهم يريد السكن فيها، والصنف الثاني يريدها للتجارة؛ فبعد الشراء، ينتظر لسنة أو أكثر ويقوم ببيعها بسعر أعلى، خاصة في المجمّعات الجديدة التي يتم بناؤها حديثا... نتيجة القصف المستمر والأزمة المالية، تظهر مخاوف من شراء العقارات، سواء داخل المجمعات الفخمة أو الأحياء السكنية".
واعتبر ريبين سلام، عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، الاستهداف المتكرر لأربيل من إيران والفصائل الموالية لها "يحمِل رسائل ضد الإقليم".
وقال "الكثير من الفصائل والأحزاب لا يروق لها التطور العمراني والحضاري الذي وصلت إليه أربيل من أبنية وخدمات مميزة ومجمعات سكنية متطورة؛ لذلك، فقد باتت تستهدف الإقليم بحجج واهية وذرائع مختلفة".
ويرى سلام أن "الهدف الأكبر من قضية استهداف القوات الأميركية يتمثل في محاولة إضعاف الإقليم والتأثير على التطور الذي حصل به".
وتابع "رغم الضغوط التي تعرضنا لها من قطع بالموازنة وحرب داعش، وعدم إرسال رواتب الموظفين وغيرها، فإن حكومة الإقليم استطاعت بموازنة محدودة بناء أربيل وجعلها واحدة من أهم مدن الشرق الأوسط".
ويعتقد عضو الحزب الحاكم في أربيل أن "هناك محاولة لإبعاد رجال الأعمال ورؤوس الأموال عن أربيل، من خلال تكرار استهداف المستثمرين ومحاولة خلق رأي عام حول أن المدينة غير مستقرة؛ ولكن هذا الأمر لن ينجح، لأن الجميع يعلم أن أربيل آمنة ونسبة الجرائم والاستهدافات الإرهابية فيها قليلة".
أضاف "ما يحدث هو عمليات قصف تتم من فصائل غير منضبطة وخارجة عن القانون، تستهدف أربيل من خارج الإقليم بسبب عدم سيطرة الحكومة العراقية على تلك الفصائل وعدم طردها من المناطق القريبة، خاصة مناطق سهل نينوى وكركوك (المتاخمة للإقليم)".
نقلا عن وكالة أنباء العالم العربي
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار سوق العقارات العقارات فی فی أربیل
إقرأ أيضاً:
حزب طالباني يسعى للحصول على رئاسة الإقليم أو الحكومة
آخر تحديث: 21 نونبر 2024 - 12:17 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- أكد عضو الاتحاد الوطني الكردستاني غياث السورجي، الخميس، ان الاتحاد الوطني الكردستاني يسعى للحصول على أحد المنصبين في كردستان اما رئاسة الحكومة او رئاسة الإقليم وذلك عبر التفاهم والتباحث مع الحزب الديمقراطي.وقال السورجي في تصريح صحفي، إن “الاتحاد الوطني قد حصل في الدورات البرلمانية الماضية في كردستان على منصب رئيس مجلس النواب، ولكن الاتحاد يريد اليوم ان يحصل على أحد المنصبين اما رئاسة الإقليم أو رئاسة حكومة كردستان”.واضاف ان “الاتحاد سيفاوض الطرف الآخر المتمثل بالحزب الديمقراطي حول الوزارات الاخرى وطبيعة ثقلها من حيث السيادية والوزارات الاعتيادية بعد ان يتم حسم منصبي رئيس الاقليم ورئيس الحكومة”.وبين ان “هناك الكثير من المناصب الاخرى المتعلقة بالهيئات الدوائر، وهذه كلها تحسم ويتم الاتفاق عليها في الفترة القليلة المقبلة بين اللجان المشكلة بين الحزبين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي، خصوصا ان الحزبين سيشكلان الحكومة بعد انسحاب باقي الأحزاب”.