بوابة الوفد:
2025-02-04@02:39:01 GMT

صغارنا ليسوا مخلوقات أسطورية يحتاجون لدعم نفسى

تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT

 

 

الأطفال يصرخون بصوت واحد «بدنا ناكل»

النازح لا يملك سوى ما يرتديه رغم البرد الشديد

الخيام لا تعمر سوى دقائق وتنهار من شدة الرياح

نواجه أزمة الوقود بإشعال الحطب والأثاث

القطاع أصبح زنزانة ولا تستطيع الصحافة نقل الصور والأخبار

النازحون يعانون من الأمراض والجوع

المساعدات قليلة مع حجم الاحتياج الكبير

ﺻﻐﺎرﻧﺎ ﻟﻴﺴﻮا ﻣﺨﻠﻮﻗﺎت أﺳﻄﻮرﻳﺔ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن ﻟﺪﻋﻢ ﻧﻔﺴﻰ

 

«نعانى من مجاعة داخل مركز الإيواء، الدواب أصبحت وسائل نقل للمرضى والمصابين، أطفالنا رغم صمودهم ليسوا كائنات إسطورية وهم مثل باقى الأطفال فى العالم، القطاع تحول لزنزانة مغلقة على الفلسطنيين، لم تدخل الملابس الشتوية القطاع منذ بداية الحرب» جزء من حديث مريم حجى الطبيبة والنازحة الفلسطينية على الحدود المصرية، كشفت فى حوار خاص لجريدة الوفد، عن معاناة الفلسطنيين فى ظل الحصار الإسرائيلي، وتحدثت عن جميع مشاكل النازحين التى لا يعلم عنها العالم، وروت لنا كيف تحولت غزة إلى سجن مغلق، لا يعلم عنهم أحد بسبب انقطاع الكهرباء والإنترنت أغلب الأوقات، وإلى نص الحوار:

- تتفاقم أزمة النازحين عند سماع قدوم منخفض جوى على الأراضى الفلسطينية، حيث بدأت الحرب فى شهر أكتوبر أحد أشهر الخريف وخرج معظم النازحين من غزة ممن حالفهم الحظ بحمل ملابس خفيفة معهم، وآخرون كثر قصفت بيوتهم دون أخذ أى شىء، وآخرون منعهم الاحتلال من المرور بمقتنياتهم أثناء النزوح إلى الجنوب، وبالتالى فإن النازح منهم لا يملك سوى ما يرتديه، بالإضافة لولادة 20 ألف طفل فلسطينى خلال الحرب جعل الأمهات عاجزات عن توفير ملابس لمواليدهن، واضطر الكثير من شراء ملابس قديمة مستعملة أو تبرعات من البيوت والمساجد، أو إعادة تدوير ملابسهن بما يتناسب مع أطفالهن، حيث لا توجد بضائع فى المحلات ولم تدخل الملابس الشتوية القطاع منذ بداية الحرب .

أما عن ساكنى الخيام فإنهم الأشد معاناة بداية من الرياح والعواصف حتى سقوط المطر بغزارة مما يتسبب بانهيار الخيمة البسيطة المكونة من خشب ونايلون (بلاستيك) والتى لا تصمد سوى بضع دقائق حتى تنهار من شدة الرياح أو تغرق من شدة المطر فيسارع صاحب الخيمة بصيانتها وإصلاحها أثناء العواصف.

- فى ظل التكدس والازدحام وانعدام النظافة وعدم نقل النفايات إلى أماكنها واختلاط المياه الصالحة بالشرب بالمياه العادمة بسبب قصف الاحتلال للبنية التحتية، توقف شركات تحلية المياه بسبب نقص الوقود، الأمر الذى جعل الوباء حاضرًا بقوة، وعانى الآلاف من نزلات معوية حادة واشتباه بحالات كوليرا فى بعض المراكز الصحية كما ظهرت حالات كثيرة من كبد الوبائى Aفى مراكز النزوح.

وكل هذه الأمراض يصرف لها دواء واحد (فلاجين) وهو مطهر معوى بكمية قليلة جدا لمدة يوم أو يومين التى بالعادة كان يصرف العلاج لمدة 10 أيام.

كما ظهرت أمراض جلدية وانتشار حشرة القمل بين النازحين بسبب قلة النظافة الشخصية والاستحمام حيث لا يتوفر ماء ولا مكان ولا ملابس ولا حتى مستحضرات كالشامبو والصابون..

ويعانى أصحاب الأمراض المزمنة من عدم توفر الأدوية بشكل مستمر وحرمان الآلاف من مرضى الكلى والسرطان من أخذ جلسات العلاج وتوقف تحويلات العلاج بالخارج مما أدى إلى وفاة الكثير منهم.

 

- الحديث عن المساعدات شق ووصولها شق آخر، فالجميع يعلم منع الاحتلال من إدخال المساعدات بشكل كاف والذى أدى إلى نشوب حالة من الفوضى والاستغلال والاحتكار وارتفاع جنونى فى الأسعار، وحاجة بعض النازحين للمال لشراء مستلزمات أخرى دفعهم إلى بيع المساعدات الغذائية فى الأسواق.

غير عمليات السطو والنهب وتوقيف القافلات أثناء مرورها أصبحت ظاهرة معروفة رغم محاولات تأمينها من قبل الأمن الذين يضطرون فى بعض الأحيان لإطلاق النار فى الهواء للتفريق ، وبالتالى فإن معادلة توزيع المساعدات القليلة مع حجم الاحتياج الكبير معادلة صعبة ومعقدة وتحتاج إلى إدارة وتنظيم ورقابة صارمة مدربة على إدارة الأزمات ولكن كل هذا لم يكن فى الحسبان. 

- أزمة الوقود وانقطاع الكهرباء هى أزمة قديمة يعانى منها سكان قطاع غزة منذ سنوات، ولكن ليس بحجم ما حدث فى الحرب، فمنذ اليوم الأول انقطعت الكهرباء فى المنازل بشكل كامل ونفد الوقود فى المحطات، واضطر المواطنون إلى استخدام وسائل بديلة كإشعال الحطب إما أشجارا أو أعمدة الكهرباء أو أثاث المدارس والمقرات التى نزحوا إليها وجمع كل ما هو قابل للاشتعال كالبلاستيك والأحذية والملابس المهترئة من المنازل المقصوفة.

كما تمت إعادة إحياء وسيلة النقل القديمة (العربة والحمار) كبديل للسيارات والتى لم تسلم من ارتفاع الأسعار بحجة ارتفاع سعر غذاء الدابة. 

وانقطاع الاتصالات والإنترنت لا يقل أهمية عن انقطاع المياه، وتعد من أكبر الأزمات التى مر بها المواطنون أثناء الحرب حيث أصبح القطاع فى زنزانة منفردة، لا تستطيع الصحافة نقل الصور والأخبار للعالم ويصعب على الأهل الذى تشتت شملهم الاطمئنان على أبنائهم فى الداخل والمغتربين فى الخارج وانقطاع الإنترنت أوجد أزمة إضافية، وهى عدم وصول الحوالات المالية التى أصبحت مصدر الدخل الوحيد للنازحين سواء من الأهل والأقارب فى الخارج أو تبرعات المؤسسات كحل بديل عن عدم وصول المساعدات العينية. 

- النازح فقد كل شيء لذلك يحتاج إلى كل شيء حتى الإبرة والخيط، فالأزمة التى نشهدها هى أزمة متراكمة على قطاع غزة، الذى كان يعانى من الحصار وإدخال البضائع بشكل شحيح منذ سنوات طويلة، وبالتالى نفد كل ما يمكن الاستفادة منه فى مواصلة الحياة، الماء والطعام والدواء والملابس والخيام والأغطية والأدوات المنزلية، ومستحضرات العناية الشخصية ومواد التنظيف، كل شيء كما لو كان يولد من جديد فى العراء.

كان من الممكن أن تكون الأزمة أقل حدة فى حال إدخال البضائع ولكن مع غلق الاحتلال المتعمد لمعبر كرم أبو سالم، وهو المعبر الوحيد لإدخال البضائع جعل رؤية البضائع على أرفف المحلات حلمًا بعيدًا. 

- قام معظم الناس بعمل الخيمة بأنفسهم من خشب ونايلون حتى أصبحت تكلفة الخيمة 1500 شيكل وسعر إنشاء مرحاض خاص 600 شيكل فى ظل ارتفاع الأسعار، أما عن الخيم الجاهزة والتى تأتى مساعدات فى الأساس حيث تفاوت سعرها حسب الدولة المقدمة، الخيمة السعودية 2000 شيكل، الخيمة القطرية والاماراتية 3000 شيكل، ويزداد سعرها كلما جاء منخفض جوى.

- بدأت أزمة الخبز مع بداية نفاد الدقيق الأبيض والوقود وقصف المخابز منذ بداية الحرب، وظهرت بدائل كدقيق القمح الكامل والذرة الصفراء وتناول الأرز أو المكرونة والعدس والحمص بدلا عن الخبز، أو بشكل متناوب للحفاظ على ما تبقى من دقيق فى المنازل خلال الشهر الأول من الحرب، حتى نفد جميع ما سبق واشتدت أزمة الجوع حتى تحولت لمجاعة، فأصبحنا لا نرى سوى الخضراوات التى يصعب الحصول عليها، وتباع بأسعار فلكية وكانت لوحدها لا تسد معدة جائعة، ثم ظهر الدقيق مرة أخرى بسعر تعجيزى حتى وصل سعر 25 كيلو ب 200 دولار الذى اضطر الناس لشرائه والاستكفاء برغيف واحد فى اليوم بحجم كفة اليد، حتى تحسنت الأوضاع مؤخرا وانخفض سعره بعد دخول المساعدات المحملة بالدقيق والذى يزيد سعره تارة وينخفض تارة أخرى حسب ما يتداول فى الأخبار عن نزوح جديد أو هدنة.

- تتم مراعاتهم من قبل الأهل والأقارب والمعارف أو من تبقى منهم، خاصة أن الاحتلال كان يقصف المنازل على ساكنيها ولم يتبق منها إلا شخص أو اثنان أو تمحى العائلة من السجل .

لا يوجد كفلاء أو جمعيات أو مؤسسات داعمة بشكل خاص للأيتام الجدد وكل ما يتلقونه من رعاية هى مقتصرة على من اصطحبه معه أثناء النزوح وضمهم إلى أبنائه، والعلاج النفسى أمر لابد منه عند انتهاء الحرب حتى ولو تجاهل الكثير هذا الجانب، حتى وإن كان أطفالنا أقوياء وصامدين كما يتصورهم العالم، فهم ليسوا مخلوقات أسطورية هم أطفال كأطفال العالم حرموا من طفولتهم وعانوا الجوع والتشرد، ورأوا أهوال القصف والخوف وتعرضوا لأصوات الانفجارات ورأوا الدماء والجثث فى الطرقات، وشعروا بالحزن لفقدهم ملابسهم وألعابهم المفضلة، عانوا الجوع وحرموا من كل طيبات الطعام والشراب والمسليات، حرموا من التعليم وقفوا فى طوابير حمل المياه.

أذكر عندما جاء مجموعة من الشباب لتقديم دعم نفسى فى مدرسة النزوح معهم ألوان للرسم على الوجه، فاجتمع عليهم الأطفال بصوت واحد «بدنا ناكل».

حاجة الأطفال للدعم النفسى هو دعم لمدى الحياة، وما نقش فى ذاكرة الطفل لا يمحوها أى دعم نفسى وستلازمهم وآثارها ستلازمهم مدى الحياة.

- لا أعلم إن كان هذا صمودا أم تجاوزا لاستمرار العيش ولكن الطفل الفلسطينى يعانى منذ نعومة أظافره ومر بأكثر من حرب خلال سنوات قليلة ماضية، فالكثير منهم وخاصة ما دون سن الرابعة لا يفهم ما نمر فيه ولكنه شعر بكل ما سبق وكيف تغيرت حياته من الرفاهية إلى التشرد، أذكر أن ابنة أخى البالغة من العمر 4 سنوات، جاءت إلى لتحدثنى عن صورة فى الموبايل التقطتها فى حديقة فى غزة خلال أحد الأعياد وهى ترتدى ملابس جميلة وبيدها شوكولاته وما لذ وطاب من الطعام، وقالت: (بدى نروح هناك) أى لتلك الحياة الجميلة التى كانت تعيشها، أما الأطفال ممن دخل سن المدرسة وأصبح على وعى ضئيل بما نمر فيه كان للأهل دور كبير فى مساندة أبنائهم وتخفيف عنهم وطأة الحرب وتقديم الدعم النفسى بالإمكانيات المتاحة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الوفد الحدود المصرية الأراضى الفلسطينية حياة النازحين معبر رفح

إقرأ أيضاً:

أزمة الكونغو الديمقراطية.. حروب أهلية متجددة وصراعات عابرة للحدود

شهدت الكونغو الديمقراطية حروبا أهلية وصراعات عرقية متجددة، معظمها في المنطقة الشرقية المحاذية لحدود رواندا، وتعود جذروها الأولى إلى ما قبل حقبة الاستعمار البلجيكي.

وتطور الصراع بين الحكومة والقبائل والإثنيات إلى حرب أهلية في 1996 بدعم من بعض دول الجوار، في مقدمتها رواندا، وبعد الإطاحة بنظام موبوتو سيسي سيكو سرعان ما تجددت الحرب الأهلية عام 1998 وتزايد عدد المليشيا المسلحة ذات الطابع الإثني.

وعلى الرغم من توقيع اتفاقات للسلام بين الحكومة والمتمردين في 2003 و2009 وغيرها فإنها ظلت تنهار بشكل سريع، في حين ظل الطابع العرقي والامتداد الخارجي قاسما مشتركا في كل محطات الصراع المتجدد.

الأسباب

تعود أزمة شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى عدة أسباب يتقدمها تجذر الصراع العرقي العابر للحدود في المنطقة التي تعيش فيها قوميات عديدة، وعلى رأسها التوتسي والهوتو.

وزاد من حدة الصراع أن البلاد شهدت موجات تدفق من دول الجوار، وتحديدا رواندا وبوروندي، وبين النازحين متهمون بالمشاركة في أعمال إبادة جماعية، وأصبحت البلاد ساحة لتصدير النزاع وتصفية الحسابات بين الفارين من الحروب في تلك الدول.

كما أن من بين الأسباب تدخّل بلجيكا أثناء المرحلة الاستعمارية لتعزيز النفوذ السياسي لقبائل التوتسي على حساب مجموعات أخرى، وفي عام 1981 سن سيسي سيكو قانونا يجعل الانتماء إلى إحدى المجموعات الإثنية التي كانت موجودة داخل الكونغو في 1885 شرطا للحصول على الجنسية، فزاد بذلك الشرخ الاجتماعي القائم.

إعلان

وإضافة إلى ذلك، فإن الواقع الاقتصادي للبلاد واستشراء الفساد ونمط نظام الحكم وترهل المؤسسة العسكرية كل ذلك أسهم في اندلاع واستمرار التمرد.

مدنيون فارون من غوما عقب اشتباكات بين الجيش الكونغولي وحركة "إم 23" في يناير/كانون الثاني 2025 (رويترز) البدايات الأولى

بعيد الإطاحة برئيس الوزراء باتريس لومومبا ثم إعدامه في 17 يناير/كانون الأول 1961 بدأ لوران كابيلا -الذي ينتمي إلى قبيلة اللوبا- حراكا مسلحا ضد موبوتو، واستعان في ذلك بقبائل التوتسي الناقمة عليه.

قاد كابيلا حملة نحو كينشاسا، لكن بمساعدة الولايات المتحدة وبلجيكا استطاع موبوتو التصدي للتمرد، وفر كابيلا خارج البلاد وأسس في عام 1967 حزب الشعب الثوري الذي يضم جناحا مسلحا، وتمركز في إقليم كيفو شرقي البلاد.

وفي السبعينيات من القرن الـ20 فشلت محاولات عدة قادها كابيلا لإسقاط موبوتو، قبل أن يستقر في أوغندا حيث عمل في التجارة، ووصف بأنه عاش هناك حياة مترفة.

الحرب الأهلية الأولى

في 31 أغسطس/آب 1996 اندلع ما عرف بتمرد البانيامولينغ تحت قيادة تحالف القوى الديمقراطية لتحرير الكونغو للإطاحة بالرئيس موبوتو بدعم من رواندا وأوغندا وأنغولا وبوروندي.

وتقول رواندا أن الهوتو الفارين إلى شرق الكونغو مارسوا إبادة جديدة بحق التوتسي الكونغوليين ذوي الأصول الرواندية، كما يتخذون من إقليم كيفو منطلقا لشن هجمات ضدها بدعم من نظام موبوتو.

وبقوة عاد كابيلا إلى الواجهة متصدرا قيادة المتمردين الجدد ضد حكم موبوتو الذي أصبح يعاني جراء تراجع الدعم الغربي ووضعية الجيش المثقل بالفساد والمحسوبية، مما أثّر على ضعف قدراته القتالية.

ووسط مساعٍ دولية للمفاوضات رفض رفاق كابيلا أي تسوية مع نظام موبوتو الذي كانت قواته تنهزم أمام المتمردين القادمين من أقصى شرق البلاد إلى العاصمة كينشاسا في الغرب.

وانتهت الحرب بهروب موبوتو وتولي زعيم المتمردين التوتسي لوران كابيلا حكم البلاد في 17 مايو/أيار 1997، فأعاد تسميتها من جديد لتصبح جمهورية الكونغو الديمقراطية.

إعلان الحرب الأهلية الثانية

يتهم لوران كابيلا من قبل خصومه بأنه أصبح أقرب إلى دكتاتورية موبوتو، فقد أعدم آلاف المدنيين العزل ومئات الجنود من إثنية التوتسي، وضيّق على الحريات العامة، وغرق في الفساد، وبدأ في تهيئة ابنه جوزيف لتوريثه السلطة.

وسرعان ما خرجت قبائل التوتسي من التحالف الذي أوصله إلى الحكم، وشكلت التجمع الكونغولي من أجل الديمقراطية الذي أصبح يعرف باسم "ماي ماي".

كما توترت علاقات كابيلا مع حلفائه في رواندا وأوغندا الذين أسهموا في وصوله إلى السلطة، مما أدى إلى اندلاع حرب جديدة ضده عام 1998 شاركت فيها دول عدة بقيادة رواندا ودعم الولايات المتحدة، في حين وقفت أنغولا وتشاد وناميبيا وزيمبابوي إلى جانب كابيلا.

وألحق المتمردون هزائم عديدة بالقوات الكونغولية، خصوصا في معركة بويتو أواخر عام 2000 التي تكبدت فيها خسائر فادحة، وكادت قوات التمرد أن تقضي عليها لولا أن تمكن نحو 3 آلف عسكري من الفرار إلى زامبيا المجاورة وسط موجات النازحين.

وأثناء الحرب قُتل كابيلا في 16 يناير/كانون الثاني 2001 على يد قائد حراسه، في حين تشير روايات إلى نجاح خصومه في زرع مؤيدين لهم ضمن المقربين منه، وأصبح ابنه جوزيف قائدا للبلاد، وكان ذلك حلا وسطا اتفقت عليه القيادات العسكرية المتنافسة على خلافة والده.

أعضاء من حركة "إم 23" بعد سيطرتهم على مدينة غوما الكونغولية أواخر يناير/كانون الثاني 2025 (رويترز) مسار انتقالي

وبموجب حوار سياسي دعا إليه جوزيف كابيلا انخرطت أبرز حركات التمرد ضد والده في مسار انتقالي لحكم البلاد 2003، كما أصبح زعيما أبرز فصيلين متمردين نائبين للرئيس.

لكن بؤر التمرد شرق الكونغو ظلت قائمة من خلال حركات عدة، بينها المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب الذي رفض قائده الجنرال لوران نكوندا دمج قواته في الجيش، إذ يعتبر أنها تحمي التوتسي من هجمات القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، وهي مليشيا تنتمي إلى إثنية الهوتو.

إعلان

لكن المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب شهد انقلابا داخليا، فأزيح الجنرال نكوندا، وأصبح الجنرال بوسكو نتاغاندا قائدا للمؤتمر، وأعلن في 17 يناير/كانون الثاني 2009 استعداده لإنهاء التمرد ضد الحكومة الكونغولية.

وفي 23 مارس/آذار 2009 توصلت الحكومة والمؤتمر إلى اتفاق سلام بموجبه وضع نتاغاندا مقاتليه تحت إمرة السلطات الحكومية، فأصبحوا جزءا من الجيش الكونغولي.

تمرد حركة "إم 23"

في 06 مايو/أيار 2012 انشق عسكريون من قومية التوتسي عن الجيش بعد أن انضموا إليه بموجب اتفاق 23 مارس/آذار، احتجاجا على عدم تنفيذه، وأسسوا حركة مسلحة جديدة عرفت باسم "إم 23".

وخاضت "إم 23" قتالا ضاريا ضد حكومة كينشاسا، وتمكنت من تحقيق انتصارات ميدانية على الجيش الكونغولي والمليشيا المناصرة له، لكنها سرعان ما خسرت المعركة واستسلم مئات من مقاتليها وفر آخرون إلى دول الجوار.

ثم عادت الحركة بقوة إلى الواجهة في أواخر 2021، فسيطرت على مناطق عدة بإقليم كيفو الشمالي، ثم تزايدت وتيرة نشاطها المسلح لتصبح ثاني أكبر الحركات المسلحة الكونغولية نشاطا عام 2022، واستمرت المعارك الدائرة بين الحركة والجيش الكونغولي والمليشيا المناصرة له طوال عامي 2023 و2024.

وفي مارس/آذار 2024 تعثرت مفاوضات سلام بين الطرفين كان يقودها الرئيس الأنغولي جواو لورنسو، كما ألغت أنغولا قمة سلام كان قد تقرر عقدها منتصف ديسمبر/كانون الأول بين رواندا والكونغو الديمقراطية، إذ تتهم كينشاسا كيغالي بدعم حركة "إم 23".

وفي الأيام الأخيرة من عام 2024 ارتفعت حدة المعارك في إقليم كيفو الشمالي بين الجيش الكونغولي والمليشيا الموالية له ومقاتلي "إم 23″، التي واصلت تقدمها لتسيطر على مدينة غوما الإستراتيجية شرق البلاد أواخر يناير/كانون الثاني 2025.

الخسائر البشرية

توصف حروب الكونغو بأنها واحدة من أكثر النزاعات دموية في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، فقد وصل عدد الضحايا في الفترة بين 1996 و2003 إلى نحو 6 ملايين شخص.

إعلان

ووفق تقديرات الأمم المتحدة، فقد نزح 5.7 ملايين شخص في الأقاليم الشرقية في شمال وجنوب كيفو وإيتوري بين مارس/آذار 2022 ويونيو/حزيران 2023، كما فر نحو 6.2 ملايين شخص من ديارهم في جميع أنحاء البلاد، وهو أعلى رقم مسجل للنزوح من الحرب في أفريقيا.

وبسبب الصراعات المتجددة بين القبائل والإثنيات أصبحت الكونغو في صدارة بلدان العالم التي تشهد نزاعات عرقية.

نازحون فروا بعد القتال بين عناصر حركة "إم 23" والجيش الكونغولي في يناير/كانون الثاني 2025 (رويترز) النتائج السياسية

كان من أبرز نتائج حرب الكونغو الأولى الإطاحة بنظام موبوتو الذي امتد حكمه 37 عاما، وصعود معارضه التاريخي لوران كابيلا الذي أصبح رئيسا للبلاد.

أما لوران فقد اغتيل في الحرب الكونغولية الثانية، وخلفه ابنه جوزيف، مما يشير إلى الطابع العائلي للحكم، وكاد رفضه التنحي عن السلطة عقب انتهاء مأموريته الرئاسيتين أن يجر البلاد إلى حرب أهلية في عامي 2017 و2018.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، عززت الحرب الكونغولية الأولى حضور رواندا في الشأن السياسي بالكونغو، قبل أن يدير لوران كابيلا ظهره لكيغالي، وهو ما كان أحد أسباب الحرب الكونغولية الثانية.

كما عمقت الحروب الأهلية والنزاعات التي شهدتها الكونغو -خصوصا في المناطق الشرقية من البلاد- الخلافات الدبلوماسية مع جيرانها الشرقيين، وتحديدا رواندا وأوغندا.

مقالات مشابهة

  • المستشار وليد رضوان يكتب: أزمة القوانين الاستثنائية فى العلاقة بين المالك والمستأجر
  • اشتباكات في السفارة السودانية بجوبا بسبب أزمة وثائق السفر
  • مسؤول إسرائيلي يحذر من استثمارات مصر العسكرية.. لماذا يحتاجون لها؟
  • نتنياهو: قراراتنا خلال الحرب غيرت ملامح الشرق الأوسط بشكل جذري
  • أزمة الكونغو الديمقراطية.. حروب أهلية متجددة وصراعات عابرة للحدود
  • نتنياهو: قراراتنا خلال الحرب غيرت الشرق الأوسط بشكل واضح
  • وزير شئون الأسرى الفلسطينيين الأسبق: إسرائيل لم توقف حربها على غزة بشكل كامل
  • وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين الأسبق: الاحتلال لم يوقف حربه على غزة بشكل كامل
  • وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين الأسبق: إسرائيل لم توقف حربها على غزة بشكل كامل
  • العجرمي: إسرائيل لم توقف حربها على غزة بشكل كامل