بوابة الوفد:
2024-12-26@13:09:51 GMT

صغارنا ليسوا مخلوقات أسطورية يحتاجون لدعم نفسى

تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT

 

 

الأطفال يصرخون بصوت واحد «بدنا ناكل»

النازح لا يملك سوى ما يرتديه رغم البرد الشديد

الخيام لا تعمر سوى دقائق وتنهار من شدة الرياح

نواجه أزمة الوقود بإشعال الحطب والأثاث

القطاع أصبح زنزانة ولا تستطيع الصحافة نقل الصور والأخبار

النازحون يعانون من الأمراض والجوع

المساعدات قليلة مع حجم الاحتياج الكبير

ﺻﻐﺎرﻧﺎ ﻟﻴﺴﻮا ﻣﺨﻠﻮﻗﺎت أﺳﻄﻮرﻳﺔ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن ﻟﺪﻋﻢ ﻧﻔﺴﻰ

 

«نعانى من مجاعة داخل مركز الإيواء، الدواب أصبحت وسائل نقل للمرضى والمصابين، أطفالنا رغم صمودهم ليسوا كائنات إسطورية وهم مثل باقى الأطفال فى العالم، القطاع تحول لزنزانة مغلقة على الفلسطنيين، لم تدخل الملابس الشتوية القطاع منذ بداية الحرب» جزء من حديث مريم حجى الطبيبة والنازحة الفلسطينية على الحدود المصرية، كشفت فى حوار خاص لجريدة الوفد، عن معاناة الفلسطنيين فى ظل الحصار الإسرائيلي، وتحدثت عن جميع مشاكل النازحين التى لا يعلم عنها العالم، وروت لنا كيف تحولت غزة إلى سجن مغلق، لا يعلم عنهم أحد بسبب انقطاع الكهرباء والإنترنت أغلب الأوقات، وإلى نص الحوار:

- تتفاقم أزمة النازحين عند سماع قدوم منخفض جوى على الأراضى الفلسطينية، حيث بدأت الحرب فى شهر أكتوبر أحد أشهر الخريف وخرج معظم النازحين من غزة ممن حالفهم الحظ بحمل ملابس خفيفة معهم، وآخرون كثر قصفت بيوتهم دون أخذ أى شىء، وآخرون منعهم الاحتلال من المرور بمقتنياتهم أثناء النزوح إلى الجنوب، وبالتالى فإن النازح منهم لا يملك سوى ما يرتديه، بالإضافة لولادة 20 ألف طفل فلسطينى خلال الحرب جعل الأمهات عاجزات عن توفير ملابس لمواليدهن، واضطر الكثير من شراء ملابس قديمة مستعملة أو تبرعات من البيوت والمساجد، أو إعادة تدوير ملابسهن بما يتناسب مع أطفالهن، حيث لا توجد بضائع فى المحلات ولم تدخل الملابس الشتوية القطاع منذ بداية الحرب .

أما عن ساكنى الخيام فإنهم الأشد معاناة بداية من الرياح والعواصف حتى سقوط المطر بغزارة مما يتسبب بانهيار الخيمة البسيطة المكونة من خشب ونايلون (بلاستيك) والتى لا تصمد سوى بضع دقائق حتى تنهار من شدة الرياح أو تغرق من شدة المطر فيسارع صاحب الخيمة بصيانتها وإصلاحها أثناء العواصف.

- فى ظل التكدس والازدحام وانعدام النظافة وعدم نقل النفايات إلى أماكنها واختلاط المياه الصالحة بالشرب بالمياه العادمة بسبب قصف الاحتلال للبنية التحتية، توقف شركات تحلية المياه بسبب نقص الوقود، الأمر الذى جعل الوباء حاضرًا بقوة، وعانى الآلاف من نزلات معوية حادة واشتباه بحالات كوليرا فى بعض المراكز الصحية كما ظهرت حالات كثيرة من كبد الوبائى Aفى مراكز النزوح.

وكل هذه الأمراض يصرف لها دواء واحد (فلاجين) وهو مطهر معوى بكمية قليلة جدا لمدة يوم أو يومين التى بالعادة كان يصرف العلاج لمدة 10 أيام.

كما ظهرت أمراض جلدية وانتشار حشرة القمل بين النازحين بسبب قلة النظافة الشخصية والاستحمام حيث لا يتوفر ماء ولا مكان ولا ملابس ولا حتى مستحضرات كالشامبو والصابون..

ويعانى أصحاب الأمراض المزمنة من عدم توفر الأدوية بشكل مستمر وحرمان الآلاف من مرضى الكلى والسرطان من أخذ جلسات العلاج وتوقف تحويلات العلاج بالخارج مما أدى إلى وفاة الكثير منهم.

 

- الحديث عن المساعدات شق ووصولها شق آخر، فالجميع يعلم منع الاحتلال من إدخال المساعدات بشكل كاف والذى أدى إلى نشوب حالة من الفوضى والاستغلال والاحتكار وارتفاع جنونى فى الأسعار، وحاجة بعض النازحين للمال لشراء مستلزمات أخرى دفعهم إلى بيع المساعدات الغذائية فى الأسواق.

غير عمليات السطو والنهب وتوقيف القافلات أثناء مرورها أصبحت ظاهرة معروفة رغم محاولات تأمينها من قبل الأمن الذين يضطرون فى بعض الأحيان لإطلاق النار فى الهواء للتفريق ، وبالتالى فإن معادلة توزيع المساعدات القليلة مع حجم الاحتياج الكبير معادلة صعبة ومعقدة وتحتاج إلى إدارة وتنظيم ورقابة صارمة مدربة على إدارة الأزمات ولكن كل هذا لم يكن فى الحسبان. 

- أزمة الوقود وانقطاع الكهرباء هى أزمة قديمة يعانى منها سكان قطاع غزة منذ سنوات، ولكن ليس بحجم ما حدث فى الحرب، فمنذ اليوم الأول انقطعت الكهرباء فى المنازل بشكل كامل ونفد الوقود فى المحطات، واضطر المواطنون إلى استخدام وسائل بديلة كإشعال الحطب إما أشجارا أو أعمدة الكهرباء أو أثاث المدارس والمقرات التى نزحوا إليها وجمع كل ما هو قابل للاشتعال كالبلاستيك والأحذية والملابس المهترئة من المنازل المقصوفة.

كما تمت إعادة إحياء وسيلة النقل القديمة (العربة والحمار) كبديل للسيارات والتى لم تسلم من ارتفاع الأسعار بحجة ارتفاع سعر غذاء الدابة. 

وانقطاع الاتصالات والإنترنت لا يقل أهمية عن انقطاع المياه، وتعد من أكبر الأزمات التى مر بها المواطنون أثناء الحرب حيث أصبح القطاع فى زنزانة منفردة، لا تستطيع الصحافة نقل الصور والأخبار للعالم ويصعب على الأهل الذى تشتت شملهم الاطمئنان على أبنائهم فى الداخل والمغتربين فى الخارج وانقطاع الإنترنت أوجد أزمة إضافية، وهى عدم وصول الحوالات المالية التى أصبحت مصدر الدخل الوحيد للنازحين سواء من الأهل والأقارب فى الخارج أو تبرعات المؤسسات كحل بديل عن عدم وصول المساعدات العينية. 

- النازح فقد كل شيء لذلك يحتاج إلى كل شيء حتى الإبرة والخيط، فالأزمة التى نشهدها هى أزمة متراكمة على قطاع غزة، الذى كان يعانى من الحصار وإدخال البضائع بشكل شحيح منذ سنوات طويلة، وبالتالى نفد كل ما يمكن الاستفادة منه فى مواصلة الحياة، الماء والطعام والدواء والملابس والخيام والأغطية والأدوات المنزلية، ومستحضرات العناية الشخصية ومواد التنظيف، كل شيء كما لو كان يولد من جديد فى العراء.

كان من الممكن أن تكون الأزمة أقل حدة فى حال إدخال البضائع ولكن مع غلق الاحتلال المتعمد لمعبر كرم أبو سالم، وهو المعبر الوحيد لإدخال البضائع جعل رؤية البضائع على أرفف المحلات حلمًا بعيدًا. 

- قام معظم الناس بعمل الخيمة بأنفسهم من خشب ونايلون حتى أصبحت تكلفة الخيمة 1500 شيكل وسعر إنشاء مرحاض خاص 600 شيكل فى ظل ارتفاع الأسعار، أما عن الخيم الجاهزة والتى تأتى مساعدات فى الأساس حيث تفاوت سعرها حسب الدولة المقدمة، الخيمة السعودية 2000 شيكل، الخيمة القطرية والاماراتية 3000 شيكل، ويزداد سعرها كلما جاء منخفض جوى.

- بدأت أزمة الخبز مع بداية نفاد الدقيق الأبيض والوقود وقصف المخابز منذ بداية الحرب، وظهرت بدائل كدقيق القمح الكامل والذرة الصفراء وتناول الأرز أو المكرونة والعدس والحمص بدلا عن الخبز، أو بشكل متناوب للحفاظ على ما تبقى من دقيق فى المنازل خلال الشهر الأول من الحرب، حتى نفد جميع ما سبق واشتدت أزمة الجوع حتى تحولت لمجاعة، فأصبحنا لا نرى سوى الخضراوات التى يصعب الحصول عليها، وتباع بأسعار فلكية وكانت لوحدها لا تسد معدة جائعة، ثم ظهر الدقيق مرة أخرى بسعر تعجيزى حتى وصل سعر 25 كيلو ب 200 دولار الذى اضطر الناس لشرائه والاستكفاء برغيف واحد فى اليوم بحجم كفة اليد، حتى تحسنت الأوضاع مؤخرا وانخفض سعره بعد دخول المساعدات المحملة بالدقيق والذى يزيد سعره تارة وينخفض تارة أخرى حسب ما يتداول فى الأخبار عن نزوح جديد أو هدنة.

- تتم مراعاتهم من قبل الأهل والأقارب والمعارف أو من تبقى منهم، خاصة أن الاحتلال كان يقصف المنازل على ساكنيها ولم يتبق منها إلا شخص أو اثنان أو تمحى العائلة من السجل .

لا يوجد كفلاء أو جمعيات أو مؤسسات داعمة بشكل خاص للأيتام الجدد وكل ما يتلقونه من رعاية هى مقتصرة على من اصطحبه معه أثناء النزوح وضمهم إلى أبنائه، والعلاج النفسى أمر لابد منه عند انتهاء الحرب حتى ولو تجاهل الكثير هذا الجانب، حتى وإن كان أطفالنا أقوياء وصامدين كما يتصورهم العالم، فهم ليسوا مخلوقات أسطورية هم أطفال كأطفال العالم حرموا من طفولتهم وعانوا الجوع والتشرد، ورأوا أهوال القصف والخوف وتعرضوا لأصوات الانفجارات ورأوا الدماء والجثث فى الطرقات، وشعروا بالحزن لفقدهم ملابسهم وألعابهم المفضلة، عانوا الجوع وحرموا من كل طيبات الطعام والشراب والمسليات، حرموا من التعليم وقفوا فى طوابير حمل المياه.

أذكر عندما جاء مجموعة من الشباب لتقديم دعم نفسى فى مدرسة النزوح معهم ألوان للرسم على الوجه، فاجتمع عليهم الأطفال بصوت واحد «بدنا ناكل».

حاجة الأطفال للدعم النفسى هو دعم لمدى الحياة، وما نقش فى ذاكرة الطفل لا يمحوها أى دعم نفسى وستلازمهم وآثارها ستلازمهم مدى الحياة.

- لا أعلم إن كان هذا صمودا أم تجاوزا لاستمرار العيش ولكن الطفل الفلسطينى يعانى منذ نعومة أظافره ومر بأكثر من حرب خلال سنوات قليلة ماضية، فالكثير منهم وخاصة ما دون سن الرابعة لا يفهم ما نمر فيه ولكنه شعر بكل ما سبق وكيف تغيرت حياته من الرفاهية إلى التشرد، أذكر أن ابنة أخى البالغة من العمر 4 سنوات، جاءت إلى لتحدثنى عن صورة فى الموبايل التقطتها فى حديقة فى غزة خلال أحد الأعياد وهى ترتدى ملابس جميلة وبيدها شوكولاته وما لذ وطاب من الطعام، وقالت: (بدى نروح هناك) أى لتلك الحياة الجميلة التى كانت تعيشها، أما الأطفال ممن دخل سن المدرسة وأصبح على وعى ضئيل بما نمر فيه كان للأهل دور كبير فى مساندة أبنائهم وتخفيف عنهم وطأة الحرب وتقديم الدعم النفسى بالإمكانيات المتاحة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الوفد الحدود المصرية الأراضى الفلسطينية حياة النازحين معبر رفح

إقرأ أيضاً:

صحيفة عبرية: “الحوثيون” ليسوا “دولة داخل الدولة” 

الجديد برس|

 

سلطت صحيفة عبرية، الضوء، على التركيبة البنيوية، لجماعة “انصار الله”.

وقالت صحيفة “جيروزاليم بوست” إن جماعة “الحوثيين” تختلف عن بقية الفصائل في المنطقة، وبأنهم ليسوا منظمة داخل الدولة، ولا حزباً داخل الحكومة.

 

وتابعت الصحيفة العبرية، أن “الحوثيون هم الدولة” وهم يتحدثون نيابة عن “الشعب اليمني” ويطلقون على جيشهم اسم “القوات المسلحة اليمنية”،  ويسنون القوانين، ويفرضون حكمهم  في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

 

مقالات مشابهة

  • شتاء ثانٍ تحت الحصار الإسرائيلي.. الجوع والبرد يفاقمان أزمة فلسطين مع استمرار الحرب
  • دبابات البابا
  • فخ العسل والموت .. فى بلاط صاحبة الجلالة
  • "فخ العسل والموت".. حكايات نسائية فى بلاط صاحبة الجلالة
  • صحيفة عبرية: “الحوثيون” ليسوا “دولة داخل الدولة” 
  • خبير سياسي: إسرائيل تستفيد بشكل عام من استمرار الحرب على غزة
  • يونيسيف: 15 ألف فلسطيني بينهم 1500 طفل يحتاجون للعلاج خارج غزة
  • تحقيق للوموند: أزمة عميقة تضرب النظام الدولي بسبب حرب غزة
  • اتحاد الغرف السياحية يشيد بجهود الحكومة لدعم القطاع
  • ليسوا أرقاما بل حياة.. الأونروا: طفل يُقتل كل ساعة في غزة